الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على طائفة من النعم التي أنعم الله بها على الناس وهي ما يأتي:
1 -
الآية الأولى فيها تعداد نعم الله تعالى على الناس في البيوت، فذكر بيوت المدن أولا، وهي للإقامة الطويلة، ثم ذكر بيوت البدو والأعراب والرعاة، وهي بيوت الأدم وبيوت الشعر وبيوت الصوف.
2 -
وفي الآية الأولى أيضا أذن الله سبحانه بالانتفاع بصوف الغنم ووبر الإبل وشعر المعز، وفي آية أخرى أذن في الأعظم من ذلك وهو ذبحها وأكل لحومها.
ولم يذكر القطن والكتان؛ لأنه لم يكن في بلاد العرب المخاطبين به، وإنما عدّد عليهم ما أنعم به عليهم، وخوطبوا بما عرفوا وألفوا.
والآية بعمومها دلت على جواز الانتفاع بالأصواف والأوبار والأشعار على كل حال، حتى إن المالكية والحنفية قالوا: صوف الميتة وشعرها طاهر يجوز الانتفاع به على كل حال، ويغسل مخافة أن يكون علق به وسخ. ويؤيدهم
حديث أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بجلد الميتة إذا دبغ، وصوفها وشعرها إذا غسل» .
وروى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس: «أيما إهاب دبغ فقد طهر» .
وزاد أبو حنيفة فقال: القرن والسّن والعظم مثل الشعر؛ لأن هذه الأشياء كلها لا روح فيها، فلا تنجس بموت الحيوان. وقال باقي الأئمة: إن ذلك نجس كاللحم.
وأجاز الزهري والليث بن سعد الانتفاع بجلود ميتة الأنعام، وإن لم تدبغ؛ لأن قوله تعالى:{مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ} عام في جلد الحي والميت. وخالفهما جمهور العلماء في ذلك.
والظاهر من مذهب مالك: أن الدباغ لا يطهر جلد الميتة، ولكن يبيح الانتفاع به في الأشياء اليابسة، ولا يصلّى عليه، ولا يؤكل فيه. وأكثر المدنيين وأكثر أهل الحجاز والعراق على إباحة ذلك وإجازته،
للحديث المتقدم: «أيما إهاب دبغ فقد طهر» .
وذهب الإمام أحمد إلى أنه لا يجوز الانتفاع بجلود الميتة في شيء، وإن دبغت؛ لأنها كلحم الميتة، واحتج
بحديث عبد الله بن عكيم عند أبي داود: «ألا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» . وخالفه بقية الأئمة
لحديث شاة ميمونة:
الذي رواه عنها أبو داود والنسائي «لو أخذتم إهابها؟ فقالوا: إنها ميتة، فقال:
يطهرها الماء والقرظ».
والمشهور عند المالكية أن جلد الخنزير لا يدخل في الحديث، ولا يتناوله العموم، وكذلك الكلب عند الشافعي والأوزاعي وأبي ثور: لا يطهر بالدباغ إلا جلد ما يؤكل لحمه. أما جلد الكلب وما لا يؤكل لحمه فغير معهود الانتفاع به، فلا يطهر.
3 -
دلت الآية الثانية على نعمة الظل والظلال: وهو كل ما يستظل به من البيوت والشجر، وعلى نعمة الأكنان جمع كنّ: وهو الحافظ من المطر والريح وغير ذلك، وهي المغاور والكهوف في الجبال، يأوي إليها الناس في البراري، ويتحصنون بها من الأمطار والسيول والأعاصير وغير ذلك.
ودلت أيضا على نعمة السرابيل أي القمص، والدروع التي تقي الناس في الحرب.
وفي قوله تعالى: {وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} دليل على اتخاذ العباد عدّة الجهاد، ليستعينوا بها على قتال الأعداء.
ودل آخر الآية: {كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} على إكمال نعم الله وأفضاله بإتمام نعمة الدين والدنيا والآخرة.