الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهناك معيّة عامة بالسمع والبصر والعلم، كقوله تعالى:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ، وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد 4/ 57] وقوله: {وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا} [المجادلة 7/ 58].
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات الأحكام التالية:
1 -
على من يدعو الناس إلى دين الله اتباع أحد هذه الطرق الثلاث: وهي الحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالطريق الأحسن.
وعلى الداعية أيضا أن يكون شجاعا في الحق، فلا يهن، صارما في الصدق، فلا يضعف، مخلصا متفانيا في مبدئه، فلا يبيعه بزخارف الدنيا وزينتها، ولا يتطلع إلى ما في أيدي الناس. وأن يصبر في دعوته؛ جاءت قريش إلى أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، وعرضوا عليه أن يأخذ محمد صلى الله عليه وسلم ما شاء من مال، ويترك ما يدعو إليه، فذكر أبو طالب للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك،
فبكى وقال:
2 -
لا يتعلق حصول الهداية بالداعية، فهو تعالى أعلم بالضالين، وأعلم بالمهتدين.
3 -
العقاب يكون بالمثل دون زيادة، فالمظلوم منهي عن استيفاء الزيادة من الظالم.
واختلف العلماء فيمن ظلمه رجل في أخذ مال، ثم ائتمن الظالم المظلوم على مال، هل يجوز له خيانته في القدر الذي ظلمه، فقالت فرقة: له ذلك، محتجين بهذه الآية وعموم لفظها:{وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ} .
وقال مالك وجماعة معه: لا يجوز له ذلك؛
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم-فيما رواه الدارقطني - «أدّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك» .
ووقع في مسند ابن إسحاق أن هذا الحديث إنما ورد في رجل زنى بامرأة آخر، ثم تمكّن الآخر من زوجة الثاني، بأن تركها عنده وسافر؛ فاستشار ذلك الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمر، فقال له:«أدّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك» .
4 -
دلت آية: {بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ} على جواز التماثل في القصاص، فمن قتل بحديدة قتل بها، ومن قتل بحجر قتل به، ولا يتعدى قدر الواجب.
5 -
سمّى الله تعالى الأذى في هذه الآية عقوبة، والعقوبة حقيقة إنما هي الثانية، وإنما فعل ذلك من طريق المشاكلة، ليستوي اللفظان، وتتجانس ديباجة القول، فالأول مجاز والثاني حقيقة.
هذا بعكس قوله: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ} [آل عمران 54/ 3] وقوله: {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة 15/ 2] فإن الفعل الثاني أي من الله هو المجاز هنا، والأول هو الحقيقة، كما قال ابن عطية.
6 -
التحلي بالصبر فضيلة أمر الله بها. قال ابن زيد عن آية: {وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاّ بِاللهِ} : هي منسوخة بآية القتال. ولكن جمهور الناس على أنها محكمة، أي اصبر بالعفو عن المعاقبة بمثل ما عوقبوا به من المثلة.
7 -
إن الله نصير المتقين الذين تركوا الفواحش والمعاصي ومؤيدهم ومعينهم، وهو أيضا نصير المحسنين الذين فعلوا الطاعات.
تم هذا الجزء ولله الحمد