الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات اللغوية:
{الر} إشارة لتحدي العرب بإعجاز القرآن البياني، أي هذا الكتاب كلام الله المنظوم من حروف لغتكم العربية الهجائية: ألف، ولام، وميم. {تِلْكَ} إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآيات {الْكِتابِ} هو السورة، وكذا القرآن، أي هذه آيات الكتاب العظيم المتميز بالفصاحة الكاملة والبيان التام {وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} أي وقرآن واضح تام البيان، لا خلل فيه، مظهر للحق من الباطل. والكتاب والقرآن المبين: الكتاب الذي وعد الله تعالى به محمدا صلى الله عليه وسلم. وتنكير {وَقُرْآنٍ} للتفخيم، والمعنى: تلك آيات الكتاب الجامع لكونه كتابا وقرآنا، فهو كامل في كونه كتابا، وفي كونه قرآنا مفيدا للبيان.
{رُبَما} تدل على أن ما بعدها قليل الحصول، وقد تستعمل في الكثير، كما هنا، فإنه يكثر منهم تمني الإسلام، وقيل: للتقليل، فإن الأهوال تدهشهم، فلا يفيقون حتى يتمنوا ذلك إلا في أحيان قليلة. وما: كفّت دخول «رب» عن الجر، فجاز دخوله على الفعل، و «ما»: نكرة موصوفة، أي رب شيء {يَوَدُّ} يتمنى {الَّذِينَ كَفَرُوا} يوم القيامة إذا عاينوا حالهم وحال المسلمين {ذَرْهُمْ} دعهم واتركهم يا محمد {وَيَتَمَتَّعُوا} بدنياهم {وَيُلْهِهِمُ} يشغلهم {الْأَمَلُ} بطول العمر وغيره عن الإيمان {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} عاقبة أمرهم، وسوء صنيعهم إذا عاينوا جزاءه.
والغرض إقناط الرسول صلى الله عليه وسلم من ارعوائهم وإيذانه بأنهم من أهل الخذلان، وأن نصحهم يعدّ اشتغالا بما لا طائل تحته. وفيه إلزام للحجة، وتحذير عن إيثار التنعم، وما يؤدي إليه طول الأمل.
{مِنْ قَرْيَةٍ} {مِنْ} زائدة للتمكين {قَرْيَةٍ} المراد أهلها {كِتابٌ} أجل {مَعْلُومٌ} محدود لإهلاكها، أي لها أجل مقدر كتب في اللوح المحفوظ {ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ} أي ما يتقدم زمان أجلها، و {مِنْ} زائدة. {وَما يَسْتَأْخِرُونَ} يتأخرون عنه، وتذكير هذا الفعل العائد على {أُمَّةٍ} للحمل على المعنى.
التفسير والبيان:
{الر} هذه الحروف المقطعة قصد بها التنبيه وإشعار العرب بإعجاز القرآن البياني، وتحديهم بالإتيان بمثل أقصر سورة منه، لأنه نزل بلغتهم، وتكوّن من حروفها التي تتركب منها الكلمات {تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} أي تلك الآيات من هذه السورة هي آيات الكتاب الكامل في كل شيء، وآيات القرآن المبين التام الوضوح والبيان لهذه السورة وغيرها. وتنكير كلمة
{قُرْآنٍ} للتفخيم، وقد جمع بين الوصفين:{الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} للدلالة على أنه الكتاب الجامع للكمال، والغرابة في البيان، كما ذكر الزمخشري.
{رُبَما يَوَدُّ.} . أي ولكن الكفار سيندمون يوم القيامة على ما كانوا فيه من الكفر، ويتمنون لو كانوا في الدنيا مسلمين. وكلمة {رُبَما} وإن كانت للتقليل، فهي أبلغ في التهديد. ذكر ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من الصحابة: أن كفار قريش لما عرضوا على النار، تمنوا أن لو كانوا مسلمين. قال الزجاج: الكافر كلما رأى حالا من أحوال العذاب، ورأى حالا من أحوال المسلم، ودّ لو كان مسلما.
ونظير الآية قوله تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النّارِ، فَقالُوا: يا لَيْتَنا نُرَدُّ، وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا، وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام 27/ 6].
روى الطبراني عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة، قال الكفار للمسلمين: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى، قالوا: فما أغنى عنكم الإسلام، وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب، فأخذنا بها، فسمع الله ما قالوا، فأمر بمن كان في النار من أهل القبلة، فأخرجوا. فلما رأى ذلك من بقي من الكفار، قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين، فنخرج كما خرجوا» قال: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. {الر. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ. رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ} .
ثم هددهم الله وأوعدهم بتهديد شديد ووعيد أكيد، فقال:
{ذَرْهُمْ.} . أي دع يا محمد الكفار في ملاهيهم وتمتعهم بلذات دنياهم، يأكلون كما تأكل الأنعام، وتلهيهم الآمال عن التوبة والإنابة أو عن الآخرة والأجل، فسوف يعلمون عاقبة أعمالهم وأمرهم. كقوله تعالى: {قُلْ: تَمَتَّعُوا،