الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ربك غفور ستار رحيم بالذين افتروا عليه بالتحليل والتحريم، وعملوا السوء:
وهو كل ما لا ينبغي من الكفر والمعاصي، بسبب الجهالة؛ لأن كل من عمل السوء، فإنما يفعله بالجهالة، فلا يرضى أحد بالكفر مع العلم بكونه كفرا، ولا تصدر المعصية عنه إلا إذا غلبت الشهوة على العقل والعلم.
لكن المغفرة والرحمة مرتبطان بالتوبة والإنابة، والندم على ما فعلوا، وإصلاح الأعمال على وفق مراد الله ورسوله، فمن تاب من بعد ذلك، أي من بعد تلك السيئة أو الجهلة، وأصلح عمله، فآمن بالله ورسوله وأطاع الله ورسوله، فإن الله يغفر ذنبه، ويرحمه في الآخرة والدنيا.
وقد أعاد قوله: {إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها} على سبيل التأكيد، ثم قال {لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} أي لذلك السوء الذي صدر عنهم بسبب الجهالة.
وهذا يدل على أن ارتكاب الذنب يكون غالبا بسبب غلبة الشهوة على ميزان العقل والعلم، أو بسبب جهالة الشاب وطيشه. ويدل أيضا على أن من أقدم على الكفر والمعاصي ولو دهرا طويلا، ثم تاب وآمن وعمل صالحا، فإن الله يقبل توبته، ويخلصه من العذاب.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات الأحكام التالية:
1 -
إباحة الحلال الطيب الذي لا ضرر فيه، وتحريم الخبيث الضار الذي يؤدي إلى الأذى والشر، وذلك بحق يقتضي شكر النّعمة.
2 -
المحرمات الأساسية في الشريعة أربعة: هي الميتة والدم ولحم الخنزير، والمذبوح لغير الله من الأصنام وغيرها.
3 -
يباح للضرورة التي يترتب على مخالفتها غلبة الظن بالوقوع في الهلاك تناول شيء من الأطعمة المحرمة المذكورة آنفا.
4 -
تحذير المؤمنين من التشبه بالكفار في تحليل الحرام وتحريم الحلال، دون دليل أو برهان من المشرع الحقيقي وهو الله، فذلك افتراء على الله الكذب، والمفترون لا يفلحون في الدنيا والآخرة. فمتاعهم في الدنيا متاع قليل، ونعيمها يزول عن قريب، ولهم استمتاع بمتاع قليل، ثم يردون إلى عذاب أليم.
5 -
التحليل والتحريم إنما هو لله عز وجل، وليس لأحد أن يقول أو يصرح بهذا في عين من الأعيان، إلا أن يخبر الله تعالى بذلك عنه. وما يؤدي إليه الاجتهاد في أنه حرام يقول المجتهد فيه: إني أكره كذا، وهكذا كان يفعل مالك وأحمد وغيرهما من أهل الفتوى من السلف الصالح. فإذا قوي دليل التحريم فلا بأس بالقول بأنه حرام، كتحريم الربا في غير الأصناف الستة الواردة في تحريم الربا بنوعيه: ربا الفضل وربا النسيئة.
6 -
الأنعام والحرث (الزروع والثمار) حلال لهذه الأمة، فأما اليهود فحرمت عليهم منها أشياء، وما ظلمهم الله بتحريم ما حرم عليهم، ولكن ظلموا أنفسهم، فحرم عليهم تلك الأشياء عقوبة لهم.
7 -
اقتضت رحمة الله وفضله وكرمه أن يقبل توبة عباده الذين يعملون السوء من الكفر والمعاصي، ثم يتوبون بعد فعلها، ويصلحون أعمالهم، فيغفر الله لهم.