الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إبراهيم بن عبد الرحمن الشريدة
قال علي بن عبد الله بن محمد الشريدة يذكر أبناء عبد الرحمن بن شريدة:
والخامس إبراهيم قطاع الأبحار
…
غرب وجَرَّب بالرخا والمكيدي
يا ما علا من فوق زاهيات الأكوار
…
لما جمع من ضيم بقعا رصيدِ
قال الشيخ (إبراهيم العبيد) في حوادث سنة 1341 هـ:
كان أمير حاج أهل القصيم الهمام النبيه إبراهيم بن عبد الرحمن بن شريدة اختاره الأهالي وقدموه على من سواه، وكان موجودًا إذ ذاك زعماء من القصيم غير أنها اقتضت المصلحة تقديمه على من سواه فجاءهم لما قربوا من الحجاز مطية من الشريف حسين بن علي تحمل نجابا يحمل الأوامر وهي الأمر لأهل نجد بأن يطووا البيارق وينكسوا السلاح ولا يكبروا فمنعهم حتى من التكبير الذي هو شعار الإسلام عياذ بالله من ذلك.
وفي هذا الموضع نذكر نبذة في التعريف بآل شريدة فنقول هم أسرة يسكنون مدينة بريدة في القصيم من أشهرهم زعيم بريدة محمد بن عبد الرحمن بن شريدة، وأخوه منصور بن عبد الرحمن بن شريدة وكان رجلا من خيار عقيل الذين كانوا يسافرون إلى الشام ومصر والعراق للتجارة، وكان متمسكًا بدينه ويأمر أصحابه ومن في معيته بأداء الصلاة والمحافظة عليها علنًا.
ومنهم إبراهيم بن عبد الرحمن بن شريدة أمير حاج القصيم (1).
قال الأستاذ ناصر بن سليمان العمري:
عاد محمد بن عبد الرحمن بن شريدة وأخوه منصور وإبراهيم وعبد الرحمن بن محمد الخطاف وعبد الله بن غصن من غزوة مع أعوان وأتباع الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وفي نفود الأسياح كانوا يسيرون
(1) تذكرة أولي النهى والعرفان، ج 3، ص 34 (الطبعة الأولى).
على إبلهم وليس معهم طعام فوجدوا إبلًا لصديق لهم ترعى فاتفق إبراهيم بن شريدة وعبد الرحمن بن خطاف، وعبد الله بن غصن على ذبح ناقة من تلك الإبل، فقال إبراهيم بن شريدة: لكم علي أن أمسك بفكي أسنان الناقة فلا ترغي، وقال عبد الرحمن بن خطاف: لكم علي أن أذبح الناقة وهي واقفة، وقد قام كل منهم بما تعهد به وذبحوا الناقة بعيدا عن راعي الإبل خوفا من الدخول معه في أخذ ورد وأخذوا من لحم الناقة ووضعوه في النار حتى نضج فأكلوا وحملوا معهم وأعطوا من حولهم من رفاقهم ووصلوا إلى التنومة فطلبوا من صديق لهم أن يعطيهم تمرا ويعطوه لحما ففعل وأعطوه لحما وساروا في طريقهم إلى بريدة، وفي بريدة كلهم موسرون ولكنها ظروف الحرب المفاجئة التي لا تمكن المحارب من الاستعداد بالطعام الكافي (1).
قال علي بن عبد الله بن محمد بن شريدة في عدد من أبناء عبد الرحمن الشريدة أيضًا وهم موسى وراشد وعلي.
موسى وراشد غَرَّبَوا يم الأمصار
…
والكل منهم زار هاك الصعيد
وإلَّا (علي) حط البريِّق على النار
…
وقالوا ركبنا، قال: نَوّ الشديد
وده يسولف عند بشات الأنوار
…
الرزق عند الله ضمان أكيدِ
ومن تجار الشريدة وكبار عقيل سليمان بن الزعيم محمد بن عبد الرحمن الشريدة، كان من كبار رجالًات عقيل تجار المواشي إلى الشام وفلسطين ومصر، ومن أوسعهم تجارة بالإبل.
إذ كان يسافر إلى الشام معه رعايا من الإبل وبصحبته عدد كبير من الأعوان والعمال، وينضم إليه صغار عقيل وهم الذين لا يستطيعون أن يسيروا قوافل لهم منفردة تحتاج إلى حراسة وعناية بالمراتع والمراعي التي تصادفهم في طريقهم.
(1) ملامح عربية، ص 322.
حدثني عثمان بن عبد الله الدبيخي، قال:
ذهب سليمان بن محمد الشريدة مرة إلى الشام ومعه عدد كبير من الإبل ومعه أعوان ورجال له، وكان من عادة الأمير عبد العزيز بن مساعد أمير حائل أن يأخذ على كل بعير من الإبل المعدة للتجارة إلى الشام ريالًا واحدا، أو قال ريالين، بمثابة الضريبة على هذه الإبل التي تصدر من نجد إلى الشام، وهي سلعة وطنية، وذلك بموجب أمر من الحكومة السعودية.
وقد نزل سليمان بن شريدة ومن معه من الرجال والمرافقين من التجار ومعهم إبلهم غير بعيد من مدينة حائل.
فأرسل ابن مساعد رجلًا من رجاله كان معه عندما كان أميرًا على بريدة من أجل أن يكون رفيقا بابن شريدة، ومن معه من أهل بريدة، لأن ابن مساعد يجل أهل بريدة ويقدرهم، وأرسل معه رجلًا أخر أصغر منه قدرًا.
ولما وصل إلى ابن شريدة ذبح ابن شريدة ست ذبائح أي ستة خرفان يقصد من ذلك أن يعشي رفقاءه في السفر وأخوياه كما يسمون وعماله، وأن يكون ذلك أيضًا بمثابة الاحتفاء برجل الأمير ابن مساعد.
فلما رأى رجل ابن مساعد الذبائح الست تذبح قال لصاحبه، وبعض رجال ابن شريدة يسمعون: يا فلان، ترى ابن شريدة ذابح لنا الذبائح علشان نسامحه عن بعض البعارين ما نأخذ عليهن رسم، لكن احرص لا نخلي له شيء، نبي نأخذ على كل البعارين.
وكان بعض رجال الأمراء قبله يتسامحون في مثل هذه الأمور إذا رأوا بعيرا ضعيفًا أو حتى يتعمدون أن يتركوا عددا من الأباعر لصاحبها دون رسوم، إذا تيقنوا أن أحدًا لن يفطن لهم.
قال الدبيخي: وكان مع ابن شريدة فلان الصبيحي، وهو رجل شجاع فلما
سمع كلام رجل ابن مساعد قال له: يا فلان، ها الذبايح ما هي على شأنك، هذي من أجل مقام معزبك الأمير ابن مساعد، وإلا لو القصد أنت كان ما تستاهل من يذبح لك ولا دجاجة، وابن شريدة ما قال لك تسامح عن شيء.
قال: وتقول لي كذا، والله لأبلغ الأمير ابن مساعد! فقال: أنت تقول كذا، والله ما نعطيك أنت ولا ريال.
لكن لو بك خير ما سويت كذا، وأنت ما كبر بطنك إلَّا موائد أهل بريدة.
قال ذلك لأن رجل ابن مساعد كان يعيش في بريدة سنوات.
فذهب رجل الأمير مغضبا إليه، وأخبره بالخبر، فأرسل ابن مساعد إلى سليمان بن شريدة ومن معه فسألهم عن الأمر ولم يعنف عليهم لأنه يعرف أنهم ليس لديهم معارضة لأمره.
فأخبروه، وقال ابن شريدة: أنا ذبحت ست ذبائح تقديرا لك يوم جا رجَّالك، وهذا كلامه، فأرسل معه غيره، وانتهى الأمر.
وكانت نهاية سليمان بن محمد بن شريدة هذا نهاية محزنة، إذ قتله غلاة البادية قبيل وقعة السبلة هو والذين معه، لكونهم على زعمهم يذهبون إلى بلاد الكفار، وأنهم ليسوا على شيء من الدين.
وقد تكدر الملك عبد العزيز بن سعود لمقتل ابن شريدة فهو تاجر من رعيته، ولكن الأهم من ذلك أنه ابن لمحمد بن عبد الرحمن بن شريدة الذي يجله الملك عبد العزيز ويحترمه.
وصمم على أن يقتص من أولئك الأعراب لقاء مقتل ابن شريدة حتى أكد الأستاذ ابن مانع الذي كان مع الملك عبد العزيز آنذاك أن مقتل ابن شريدة كان من أسباب وقعة السبلة، التي أسفرت عن هزيمة أولئك الأعراب الغلاة.
قال محمد بن مانع المترجم في ديوان الملك عبد العزيز آل سعود:
وفي بداية سنة 1929 م كان من غير المستطاع السيطرة على الإخوان (1)، فحوالي ذلك الوقت أقدموا على ارتكاب جريمة شنيعة حين هاجمت قوة منهم قافلة كبيرة للتاجر المشهور ابن شريدة، الذي كان في طريقه من بريدة إلى دمشق، وقد حاول ابن شريدة وعدد من رجاله أن يقاوموا لكنهم قتلوا وأخذت قافلتهم.
وتلا تلك الحادثة ما كان أسوأ منها، ففي اليوم الثاني عشر من شهر رمضان والملك يتأهب للتوجه إلى الحجاز لأداء الحج، وردت الأنباء بأن اثنتين من أعظم قبائل الإخوان، عتيبة ومطير، اجتمعتا في شمال القصيم استعدادًا للقيام بأعظم هجوم شامل على الأراضي العراقية، فأدرك ابن سعود عدم جدوى محاولاته إقناعهم بالطرق السلمية، وأن الحركة التي أنشأها لنشر السلام والاستقرار في مملكته صارت أداة للعنف والفوضى، ولقد أصبح واضحًا كل الوضوح أنه يجب سحق الإخوان، وأن القوة يجب أن تواجه بالقوة، فبدأ جلالته يستعدَّ للحرب وقلبه مثقل بالألم (2).
إلى أن قال:
وفي اليوم التالي المذكور قدم إلى مخيمنا عبد العزيز بن فيصل الدويش ممثلًا قبيلة مطير وماجد بن خثيلة ممثلًا قبيلة عتيبة، وقالا للملك: لقد أرسلنا زعماء القبيلتين، إننا نطلب العفو منك، ونرجو أن تحل خلافاتنا بالطرق السلمية، ونحن لا نريد الحرب، ولقد علم المتمردون أن الغزو على قافلة ابن شريدة قد أغضب الملك جدًّا، وإعرابا عن حسن نواياهم عرضوا عليه أن
(1) يعني غلاة الأعراب.
(2)
توحيد المملكة العربية السعودية، للأستاذ محمد المانع، ص 125 - 126.
يدفعوا ثمن الإبل التي كانوا قد استولوا عليها، وكان جواب الملك لهم: نستطيع أن نتحاكم إلى قاضي الشرع ونرى ما الذي يحكم به، وكان القاضي المعيّن من قبل الملك ينظر في الأمور طبقًا لأحكام القرآن، وكان له أن يحكم في القضايا الجنائية، وقد أراد الملك بجوابه أن يضع زعماء الإخوان أنفسهم بين يدي القضاء الشرعي ليتبين ما إذا كانت أعمالهم إجرامية في نظر الشريعة أم لا، وبما أنهم سيتهمون بعدد من أعمال القتل والسرقة فإنه لم يكن مستغربًا أن تكون الفكرة غير مستحبة لدى رسولي الإخوان، وقبل أن يغادر الرسولان بذل لهما الملك، بكرمه المعهود هدايا من المال، ثم دعا رؤساء القبائل الذين كانوا معه وسألهم عن آرائهم في استرحام المتمردين (1).
وكان هناك تقليد في الصحراء يجعل رئيس القبيلة مسؤولًا عن أية جريمة قتل يرتكبها فرد من قبيلته حتى يعثر على القاتل الحقيقي ويحكم عليه، وفي هذه الحالة لم يتقدم أي أحد من الرؤساء ويتحمل مسؤولية قتل وسلب من كانوا في قافلة ابن شريدة التي كانت في طريقها إلى دمشق.
ثم عاد رسول الملك وهو يقول: سيدي، لم أستطع الوصول إليهم، فما أن اقتربت منهم حتى بدأوا يطلقون النار عليَّ.
فصمت جلالته لحظة ثم صاح: توكلوا على الله واستعدّوا للحرب، وانحنى إلى الأرض وأخذ حفنة من التراب ورماها في اتجاه العدوّ، اقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وكان المعنى الرمزي لذلك الدعاء إلى الله بأن يشتت شمل جيش العدوّ (2).
ويشبه مقتل سليمان بن محمد الشريدة ومن معه من رفقائه وأعوانه مقتل
(1) توحيد المملكة العربية السعودية، ص 134.
(2)
توحيد المملكة العربية السعودية، ص 143.
ابن عمه محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الشريدة، الملقب الديدب لكثرة أسفاره، فهو لا يستقر أبدًا، مات والده عبد الله بحدود عام 1321 هـ - وكفله عمه الجواد المشهور محمد بن عبد الرحمن، إذ قتلته الحويطات عام 1349 هـ تقريبًا، وقد ذكر لنا عدد من العقيلات أنهم كانوا معه حينما قتل، ولأمر ما - اختارته الحويطات، فقد كمنوا ليلًا حينما رأوا العقيلات ينامون قرب الأردن متجهين إلى القصيم، وعندما أذن العقيلات لصلاة الفجر وأشعلوا النار وصلوا وأفطروا وبان النور تماما، أراد الديدب أن يركب مطيته فاصيب بطلقة أو أكثر من الرماة المختفين، فدُعر العقيلات والرعيان وهربوا يمينًا وشمالًا لأنهم لا يرون الأعداء، وقد بكاه رفاقه من العقيلات حضرا وبدوا لمروعته وشهامته ورجولته وشبابه.
وقال أحدهم:
يا ابن شريدة جفاني النوم
…
ومن الغرابيل ملتاع
يا راعي القبر با مرحوم
…
ما ترفع الراس وتراعي
وتشوف ضيم علينا كوم
…
مالك من القبر مطلاع
الجيش عقبك غدا لهموم
…
رعية مالها راعي
يا ليت من هو حضرك اليوم
…
ويفداك بالروح فزَّاع
قبلك فقدنا عقيد القوم
…
سيف رهيف وقطاع
عمّك محمد بعيد الحوم
…
ريف لربعه ومرباع
وأنا أشهد إنك ربيع دوم
…
من راس قوم لهم باع
بك للكرم عادة واعلوم
…
وفعلك كثير بالاسماع
يا معزّبي ما عليّه لوم
…
نخيت مير الندا ضاع
صرخت يمكن أشوف القوم
…
مير انت ما تسمع الداعي