الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي ترجمة (النغيمشي) ذكر عثمان النغيمشي من أهل الخضر الملقب شريم ولكنه متأخر عن هذا، إلَّا إذا كان المراد بقوله: الملقب شريم، أن ذلك لقب لأبيه أو آبائه فذلك جائز.
الشَّرَيْم:
على لفظ سابقه.
أسرة أخرى صغيرة من أهل بريدة.
يرجع نسبها إلى بني زيد.
جاء منهم الشاعر العامي المشهور سليمان بن ناصر بن شريم من السر إلى بريدة قبل عام هـ بمدة فسكنها حتى توفي فيها عام 1362 هـ.
وهو من أشهر شعراء عصره من العامة لما يتميز به شعره من سلاسة في اللفظ ورقة في السبك، وجودة في المعنى.
وله قصائد في عدد من أهل القصيم، ومساجلات ومراسلات شعرية مع بعضهم من أهل بريدة وعنيزة والأسياح وغيرها.
كان الشاعر سليمان بن ناصر بن شريم من جيراننا في شمال بريدة وإن لم يكن بيته ملاصقًا لبيتنا، بل يفصل بينهما بيوت قليلة، فبيتنا يقع إلى الشرق من شارع الصناعة الحالي أما البيت الذي يسكن فيه فإنه يقع إلى الغرب من الشارع بصفة مباشرة الآن، ولا أدري ما إذا كان ذلك البيت ملكًا له، أم كان استأجره، وظني أن الأخير هو الصحيح، لأنه رغم حرصه على حسن مظهره الذي يتمثل في المشلح الذي يكون جيدا، أو ليس زريًا، والعقال الأسود على رأسه يكون مناسبا.
وقد سكن في مدينة بريدة رغم عدم نفاق سوق الشعر على أهلها فهو من أهل الحارة، ولا أعرف أحدًا من جيرانه يألفه أو يكثر من الجلوس إليه، وذلك أنه كان يدخن، ومعروفا بذلك وقومنا في بريدة هم في ذلك الوقت من أشد الناس كراهية للتدخين والمدخنين، والكلام على الأكثرية منهم في هذا الأمر.
كما أنهم ليسوا ممن ينفق سوق الشعر عندهم، والكلام أيضًا على الأغلبية، حتى إن أحد باعة القهوة في السوق الشمالي من بريدة اشترى منه ابن شريم قهوة ولما وزنها له ووضعها في الكيس قال له ابن شريم:
تراي ما معي ثمنها الآن، أجيبه لك بعدين، فما كان من صاحب الدكان إلَّا أن غضب من ذلك وأخذ القهوة من ابن شريم وأعادها إلى مكانها في الدكان ممتنعًا عن السماح لابن شريم بأخذها.
وذهب ابن شريم يجر أذيال الفشل ويحس بالصداع لعدم شربه القهوة لاسيما أنه شاعر يحب بطبعه مجالس الأنس وشرب القهوة مع التدخين.
ولذلك لا نلاحظ أن ابن شريم صارت لها مواقف مع المشاهير من أهل بريدة ولا له شعر كثير فيهم كما يكون الشعراء أمثاله مثل العوني والصغير.
وإنما كان يخالط فئة قليلة من أهلها من (الزقرت) وهم غير الأثرياء، ولكنهم من الكرماء، مثل صلطان المواش، ومثل الليوث أحد أفراد أسرة السعد المعروفة، الذين يسكنون قرب سلطان المواش في غرب بريدة.
ولقد كان عجبي من كون ابن شريم يسكن في بريدة وهو على هذه الحالة، ولم يختر لسكناه مدينة عنيزة على سبيل المثال التي فيها تقدير كبير للشعراء، وفيها مجالس وسهرات على إنشاد الشعر والتغني به.
وذلك مثلما كنت عجبت من أن يسكن بريدة الشاعر الآخر عبد الله اللويحان لمدة طويلة يتزوج فيها من أهل بريدة ويتخذها دارًا له.
وظني أن ذلك سببه أن (بريدة) كانت مركزا لتجارة الإبل وملتقى للقوافل بل هدفا لأهلها، وبخاصة من المهتمين بالإبل.
ثم لشيء آخر وهو أننا لا نعرف رجلًا عمل في بريدة قديما إلَّا اختار السكني فيها حتى بعد تركه لمنصبه ونضرب مثلا على ذلك بالمشايخ عبد العزيز بن سويلم من أهل الدرعية، وعبد العزيز بن بشر قاضي بريدة من أهل الأفلاج الذي تزوج من أهل بريدة فعزله الملك عبد العزيز عنها ونقله إلى الأحساء فاختار البقاء في بريدة والعيش فيها على الأحساء ولكن الملك عبد العزيز لم يوافق على ذلك لكونه بلغه أن الشيخ ابن بشر كان قد قرب جماعة من الطائفة التي تتبع الشيخ ابن جاسر وهي منحرفة عن المشايخ آل سليم الذين هم أقرب المشايخ لآل سعود.
وأذكر أن ابن شريم لم يكن له من الأبناء إلَّا واحدا هو عبد العزيز الذي خاطبه في إحدى قصائده بصيغة التصغير التي تدل على الحنان والتدليل (عزِّيز).
وعبد العزيز أو (عزِّيز) كان من أسناننا ويلعب معنا ونحن صغار ويعرف الأطفال بأنه ليس لوالده رقابة عليه كما يفعل كثير من الناس.
ومرة حضر أناس من أهل شقراء الذين كنا نعرفهم بالمتاجرة ما بين بريدة وشقراء بل وما بين شقراء وبلاد العرض كالشعراء والدوادمي التي حولها أعراب كثير، وكانوا إذا وصلوا إلى بريدة يستأجرون بيتًا إذ لا مجال في بريدة آنذاك - جريا على عادة أهل الأمصار أن ينزل - رجال على صاحب بيت فيه أهله فيظلون يدخلون إليه ويخرجون منه.
والبيوت المعدة للإيجار موجودة فيها ورخيصة.
نزل أهل شقراء وعددهم خمسة أو ستة في بيت غير بعيد من بيتنا ومن بيت ابن شريم، وكانوا يتركون الباب مفتوحًا، فدخل عليهم عبد العزيز ابن الشاعر المذكور
وعمره في نحو 12 سنة فاستفظعنا نحن الأطفال ذلك، لأنه ليس من تربيتنا أن يدخل الطفل بيتًا غير بيت أهله دون أن يكون معه أحد من أهله.
ولذلك بادرنا ببراءة الأطفال إلى إخبار ابن شريم عندما عاد في آخر الضحى من السوق للغداء، والناس كانوا يتغدون في تلك السنين في نحو الساعة العاشرة في أوقات الاعتدال لأنهم يبكرون بالعمل، ولا ينامون بعد صلاة الفجر، ولا يعرفون طعام الإفطار.
فأسرعنا نخبره بأن ابنه (عزِّيز) دخل في غيابه على البيت الذي فيه الأجناب وتغدي معهم.
وكنا نظن بل كنا نتيقن أنه سوف يضربه لكي نتشفى بذلك ويكون عبرة الغيره من الأطفال، ولكن الشاعر ابن شريم خيب ظننا فانتهرنا، وقال: الله يأخذكم هذولا أهله ماهمب أجناب
وخاب ظننا الصبياني في أن ينهر ابنه أو يضربه إذ لم يقل له شيئًا.
يقال: خرج ابن شريم من سوق المجلس ببريدة إلى الجردة فرأى حصانًا يسام عليه بمبلغ 45 ريالًا ولم يزد عليه أحد، وفي الأثناء دخلت أعرابية معها حمار مقطوع الأذن فأخذه السمسار "الدلال" يحرج عليه بخمسة وتسعين ريالًا 95، وفي هذه الأثناء مر رجل يركب جملا فزاحم رجلًا من فحول الرجال من (الجاسر) فوقع على الأرض ومضى صاحب الجمل في سبيله فتعجب ابن شريم من هذا الموقف وقال:
رخص الحصان ورخصوا الطيبين
…
وغلي الحمار وما شابهه من الناس
والعفن قام يدحم بكتف متين
…
وابن الحمولة قام يمشي مع الساس