الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم اشتغل بالتجارة حيث كان والده وعمه صالح شريكين في تجارة واسعة، كانوا (يبضعون) عقيلًا وهي أن يعطوهم نقودًا يشترون بها مواشي ويذهبون بها إلى الشام ومصر، ثم يكون لهم نصيب من الربح وللذي ذهب بها وأتجر بها نصيب.
فكان مع عقيل يتاجر لوالده وعمه ثم اشتغل بتجارة له خاصة فحصل على ثروة مكنته من البيع والشراء في داخل المملكة عندما توقفت تجارة المواشي إلى مصر وفلسطين بسبب قيام دولة اليهود، ثم بعد ذلك بسبب الازدهار الاقتصادي في بلادنا وحاجة البلاد إلى مواشيها داخلها.
أبناء محمد بن علي الشويرخ:
كان محمد الشويرخ وحيد والديه من الذكور، فليس له أخ مطلقًا، ومع ذلك تزوج بسبع نساء رزق منهن أبناء وبنين بلغ عددهم بين ذكور وإناث (54) ولكن ذلك في وقت مبكر في المملكة على العناية الصحية بالأطفال فمات منهم 33 أكثرهم أطفال، وبقي من الأولاد الأحياء (21) ما بين ذكر وأنثى، منهم 13 ابنًا و 8 بنات، وبلغ عدد أحفاده الآن 1423 هـ 120 حفيدًا ما بين ذكر وأنثى.
ويقال: إنه كان مرة مسافرا خارج المملكة، ولما عاد إلى الرياض وجد أن خمسة من أطفاله قد توفوا في يومين، وقد ذكر أحد أحفاده هذا الأمر في ترجمة له، فقال:
ابتلي رحمه الله في موت الذرية، يذكر أنه في إحدى سفراته للغربية وعند عودته من رحلته الشاقة وكان قد جلب معه بعض الهدايا لأبنائه مثل ملابس الجوخ فقابله الناس بتعزيته في ستة من أبنائه، وإحدى زوجاته ماتوا جميعًا في شهر واحد، ولد له ما يقرب من 56 ولدا وبنتا مات منهم ثلاثة وثلاثون وقابل ذلك بالصبر على أقدار الله المؤلمة حيث إن الجيل الأول من أبنائه يموتون بسبب الأمراض التي تنتشر في نجد في ذلك الوقت.
رزق بمولود وهو آخر أولاده الذين ماتوا من زوجته الأولى وأسماه سليمان تفاءلًا أنه سيسلم من الموت واقترن اسم سليمان بكنيته رحمهما الله فكان يدعى بأبي سليمان فرح به فرحا شديدًا وكان ساعده الأيمن في التجارة ومكابدة الحياة، ومع ذلك لم يعش سليمان طويلًا، فقد أصيب بمرض لم يمهله طويلًا.
ومن القصص التي تدل على شجاعته رحمه الله أنه في إحدى رحلات العقيلات في فلسطين عام 1943 هـ إبان الانتداب البريطاني قبل قيام دولة إسرائيل ضبط البريطانيون مع أحد الرعيان المصاحبين للشيخ محمد الشويرخ مسدسًا، وهي من عادات رجال العقيلات أنهم لا ينتقلون في رحلاتهم إلَّا بأسلحة لحماية تجارتهم ومن أمانة العقيلي أنه لم يجعل الراعي يتحمل تبعة أي أمر من الأمور، فقال محمد الشويرخ للبريطانيين إن السلاح لي ودعوا الراعي فتركوا الراعي وأخذوا الشيخ الشويرخ، فسجن في مدينة طول كرم مع الأشغال الشاقة، فكان يخرج كل صباح مع المساجين يقومون بقطع الصخور ورصف أحد شوارع المدينة حتى غروب الشمس ثم يقادون إلى السجن حتى صباح اليوم الثاني، ولم يرق هذا العمل للعقيلي الذي اعتاد على الحرية فطبيعة حياته التي تقوم على الترحال والضرب في الأرض ابتغاء فضل الله وبعد أسبوعين قرر الشيخ محمد الشويرخ الهروب، وأسر هذا الأمر إلى أحد السجناء العرب وعرض عليه الصحبة، وكان رجل يكبر الشيخ سنا فنصحه ذلك الرجل (يا بني العمر إذا انحصد ما ينبت تاني فاصبر حتى يفرجها ربك).
ولكن أنفة العقيلي أبت إلَّا الدخول في هذه الفعلة البطولية وطلب من ذلك السجين أن يكتم أمره.
وفي يوم من الأيام وعند انصراف السجناء قبيل الغروب بدأ الشيخ محمد يقوم بجمع عدد القطع والمعاول والعدد المتناثرة في أماكن بعيدة وقريبة من الأشجار وبدأ يبتعد شيئًا فشيئا والجند البريطانيون على خيل يراقبون حركة
السجناء، فلما غاب سواده عن الأنظار انطلق الحر الذي لا يقبل الظلم ولم يقف إلَّا داخل بستان أحد العربان الواقعة خارج البلدة وطلب منه ملابس فغير ملابسه وتزود بعنب طازج من تلك المزرعة وواصل مسيرته إلى عمان حتى وصل إلى سوق عمان، وهو المكان الذي يجتمع فيه العقيلات ويعتبر مركزهم التجاري ومنتداهم بالأردن.
ومن الأردن رحل إلى الشام وأمضى فيها مدة طويلة تعلم فيها فن التجارة وأسلوب التعامل التجاري ومسك الدفاتر والمحاسبة، وعمل القيود الحسابية وبالتالي أصبح يصدر البضائع من الشام إلى القصيم ثم رجع إلى بريدة.
واستطاع - بتوفيق الله - أن يكون له رأسمال يصدر به مختلف المنتجات الصناعية.
وكانت آخر رحلاته التجارية التي يسمونها الغربية في أواخر الخمسينات الهجرية، عندما رجع إلى بلاده من الشام، وذلك بعدما اشترى ثلاث شاحنات من مخلفات الجيش الفرنسي بسوريا ووضع عليها بضاعته وهي مشغولات نحاسية، اتجه قاصدًا القصيم بهذه السيارات والبضاعة وفي الطريق قابله بعض العقيلات المتجهين للشام فسألوه عن هذه السيارات وزمن ومدة القدوم من الشام فاستغربوا قصر الوقت قياسًا على الإبل، وكثرة أحمال السيارات الثلاث، وأخبروه أن الأسعار في الرياض قد زادت على مثل البضاعة التي تحملها السيارات فاتجه إلى الرياض بحملته وباع بضاعته بالرياض.
وبعد ذلك قرر أن ينقل تجارته إلى مدينة الرياض فاستأجر في البداية دارا بالمعيقلية بإيجار قدره (40) ريالًا في السنة ودكانا بإيجار قدره (20) ريالًا في السنة في دكاكين ابن كليب، وبدأ بعد ذلك يوسع تجارته في الرياض باستيراد السلع والمواد.
وفي بداية الستينات الهجرية اتجه للعمل المصرفي حيث لا يوجد بنك بالرياض أو مصرف آنذاك.
تجارته:
لما عاد محمد الشويرخ من دمشق كان لديه خلفية تامة عن فن المعاملات التجارية والحسابية ومسك الدفاتر وصرف العملات هذه المعلومات والخبرة التي اكتسبها من دمشق جعلته يزاول مهنة الصرافة على أصولها وفعلًا فتح محلًا للصرافة في بداية الستينات الهجرية ويعتبر من الأوائل الذين مارسوا هذه المهنة داخل مدينة الرياض وأصبح رجلًا معروفًا بين أهل الرياض.
وبدأ الناس يتعاملون معه ويضعون أموالهم عنده كأمانات وحسابات جارية لأنه عرف عنه الأمانة والصدق، وعرف لدى المجتمع بالرياض بالصراف أو الصيرفي وأصبحت تعاملاته داخل الرياض وخارجها.
وخارج المملكة (سوريا، لبنان، مصر، العراق، الأردن) وبالتالي أصبح من رجال الأعمال والمال المميزين بالمملكة.
وفي عام 1371 هـ كانت له تعاملات مع البنك الأهلي التجاري ويسمى في ذلك الوقت مؤسسة الكعكي وسالم بن محفوظ، حيث أرسلوا شيكًا إلى مصرفه من جدة إلى الرياض، وكانت قيمة الشيك خمسة آلاف ريال وهي قيمة الراتب الشهري لموظفي بريد الرياض، وتم صرف هذا الشيك، وهذا يدل على أن مصرفه له سمعته ومكانته التجارية بين البنوك والمصارف التجارية في ذلك الوقت.
منزلته الاجتماعية:
نظرًا لمكانة محمد الشويرخ الاجتماعية وكثرة علاقاته مع الأمراء والوجهاء والأعيان قام بشراء قصر كبير من أحد أفراد الأسرة المالكة في فترة
الثمانينات الهجرية بمبلغ قدره حوالي ثلاثمائة ألف ريال (300، 000)، وقال صديقه الشيخ صالح الراجحي: هذا المبلغ كبير ورد عليه بقوله: ما فائدة المال إذا لم يظهر أثره على الإنسان وأولاده؟
وكان القصر مبنيًّا على الطراز الحديث من البلوك الخرسانة والبلاط والرخام والحمامات الفاخرة والثريات الجميلة.
ولما نزل القصر دعا الناس وكانت الدعوة عن طريق إرسال كروت لهم لإقامة (النزلة).
حرصه على مجالسة العلماء:
قال ابنه: عرف الوالد بحبه للخير وحرصه على مجالسة العلماء وتوقيرهم واحترامهم، وكان دائمًا يستشيرهم بأموره الدينية والدنيوية وخاصة بما يتعلق بالتجارة والبيع والشراء وكان يحرص على دعوتهم إلى منزله والالتقاء بهم ومن هؤلاء العلماء سماحة الشيخ العلامة عبد الله بن محمد بن حميد والشيخ صالح الخريصي رحمهم الله جميعًا.
تمسكه والتزامه بالزي السعودي:
عرف عن الوالد حبه للظهور بالمظهر اللائق وذلك من خلال التزامه بالزي السعودي ولبسه المشلح في كل الأوقات والمناسبات، حيث تجده يلبسه في مصرفه وفي الشارع وفي السيارة وفي المسجد حتى إنه سئل ذات مرة عن سر لبسه للمشلح دائمًا قال: هذا الشيء يجب التقيد به، وافتخر به لأنه يرمز للزي السعودي.
وتجد أيضًا هندامه نظيفًا ومرتبًا ورائحته عطرة، ويحرص على اقتناء أجود أنواع العطور.