الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر الأستاذ ناصر بن حمين
(الشلاش)
في كتابه: "معجم أنساب الأساعدة" موضحًا أنهم من الأساعدة من عتيبة، إلا أنه غلط في أول مجيئهم إلى بريدة، وذلك أمر طبيعي لا يلام عليه مثله، لأنه لا توجد قيودات ولا مراجع له فكان من بين ما قاله عن الشلاش مما يتعلق بأهل بريدة:
الشلاش:
في (بريدة)، من ذرية (شلاش بن عودة بن فاضل بن ملفي بن سبيتان بن راشد الرشدان الأسعدي)، وأصلهم من (بقعا) نزح جدهم (شلاش بن عودة) في آخر القرن الثالث عشر تقريبًا إلى (خب العوشز) في القصيم، وانتقل أحفاده فيما بعد إلى (وجيعان) أحد خبوب (بريدة).
وقد أنجب (عودة بن فاضل) أبو شلاش أربعة من الأبناء هم:
- شلاش بن عودة: وذريته (الشلاش) في القصيم، ثم قال: شلاش بن عبد الله بن شلاش: وقد انتقل من (بريدة إلى (روضة المستجدة) في حائل فترة من الزمن، ثم انتقل أبناؤه إلى الرياض والقصيم وبقي بعضهم في حائل.
- عبد الرحمن بن عبد الله بن شلاش: وله ذرية، وبعضهم يسكن في مكانهم الأولى (وجيعان).
- علي بن عبد الله بن شلاش: وله ذرية (1).
أقول: قوله (وجيعان) هو خب الوجيعان بالتعريف، وهو واقع في جنوب بريدة وأولاد شلاش هذا هم الذين عرفناهم ومنهم زميلنا القديم عبد الله بن شلاش الشلاش.
أما قوله: بأن جدهم شلاش بن عودة نزح في آخر القرن الثالث عشر تقريبًا إلى
(1) من (معجم أنساب الأساعدة لناصر بن حمين)، ص 158.
(خب العوشز) في القصيم، فالصحيح هو تقديم قرن كامل أي أن جدهم شلاش جاء إلى بريدة في نهاية القرن الثاني عشر لا القرن الثالث عشر، وهو الذي عرف ب (شلاش البقعاوي) لأنه جاء إلى منطقة بريدة من بقعا قرب حايل.
والدليل على ذلك وثيقة قديمة مؤرخة في عام 1210 هـ تذكره وتذكر نزوله في خب العوشز، ولا شك في أنها لم تذكر أول نزوله، لأنها تبين أنه كان قد اختلف مع جماعة على أرض في خب العوشز.
فهذه الوثيقة توضح حالة سابقة مرت عليها سنوات، ومع أن خطها رديء فإنها مهمة وهذا نصها:
"الحمد لله وحده
شهد عندي شلاش البقعاوي بنطقه الشهادة المعتبرة بأن الأرض الكائنة في خب العوشز قام عليه نصار وسليمان وصالح النصار وعثمان الحسون وصار الجنوبي لنصار ومن شمال لابنه صالح وخو الأثل على حياة
…
صار
…
الحسون بالجادة عن سليمان شمال، كتب شهادته عن أمره عبد الله السليمان بن ناصر جرى ذلك بذي القعدة 1210 هـ وصلى الله على محمد".
ونلاحظ أن الذين ذكر شلاش البقعاوي أنهم قاموا عليه في الأرض التي في خب العوشز كلهم من آل أبو عليان من النصار والحسون وأنه اصطلح معهم على قسمة للأرض مذكورة ولكن بعض كلمات الوثيقة طمست بحيث لا تستطاع قراءتها، وأنه لم يذكر فيها شهود عدا كاتبها الذي لم نعرفه، إلَّا أن يكون من (الناصر) من أسرة آل سالم الكبيرة في بريدة، وأن (ناصر) هو اسم جده، وليس اسم أسرته، وليس ذلك متيقنًا، والله أعلم.
وهذه صورة الوثيقة:
وإذا تجاوزنا هذه الوثيقة وتاريخها الواقع في عام 1210 هـ وجدنا وثائق واضحة وصريحة بعد ذلك التاريخ بست وعشرين سنة تذكر (شلاش) وأنه صار فلاحًا له ملك يغل تمرًا وغيره ويستدين به من التجار فيثقون به ويداينونه وهي وثائق عديدة منها: هذه الوثيقة التي تثبت دينًا في ذمة (شلاش) لعمر بن سليم يحل في عام 1239 هـ. ومعنى ذلك أنها مكتوبة قبل هذا التاريخ بسنة على الأقل كما هي العادة عندهم في تأجيل الدين إلى سنة واحدة فتكون مكتوبة في عام 1238 هـ. أما إذا كان الدين مؤجلًا لأكثر من سنة كأن يكون مؤجلًا لسنتين فإنها تكون مكتوبة في عام 1237 هـ.
وهي بخط سليمان بن سيف وهو كاتب مشهور مر ذكره أكثر من مرة، وسوف يتكرر في الوثائق اللاحقة.
وأول ما يلاحظ فيها أنه كان لشلاش عند كتابتها ملك معروف وهذا لا يتسنى إذا كان وصل لتوه من بقعا، إلَّا إذا قلنا أنه أحضر معه نقودًا من هناك اشترى بها ملكًا أي نخلًا في بريدة فهذا بعيد أو شبيه بالمستحيل لما نعرفه من حالة الناس في تلك الأزمان وصعوبة المعيشة، فضلًا عن التجارة إضافة إلى أن معظم الذين كانوا يهجرون بلادهم مهاجرين إلى غيرها في غير أوقات الحروب والوقائع التي تلجيء إلى ذلك يفعلون ذلك بحثًا عن وسيلة أفضل للعيش.
ويزاد إلى ذلك بالنسبة إلى (شلاش) هذا أنه لو كان ثريًا ذا مال لما ذهب يحاول أن ينشئ ملكًا له في أرض ليس فيها ملك مُغِلٍّ من نخيل ونحوها، تبين بعد ذلك أن هناك من يدعيها مع كونها مجرد أرض، ولاشترى نخلًا جاهزًا عاش منه كما كان يصنع الأثرياء من الفلاحين، وقليل ما هم.
وتقول الوثيقة:
"مضمونه أنه حضر عندي (شلاش) وأقر واعترف بأن عنده وفي ذمته لعمر بن سليم أحد عشر ريال وعريضه إلى الموسم، وأرهنه بذلك نصف نخله المعروف جذعه وفرعه وتوابعه من أرض وصبخة شهد على ذلك حسين بن شريم، وشهد به كاتبه سليمان بن سيف، يحل ذلك الدين في سنة تسع وثلاثين بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم".
وهذه بخط سليمان بن سيف وتحتها بخط صالح بن سيف الذي هو كاتب الشيخ القاضي عبد العزيز بن سويلم وهو معروف بجودة خطه: أيضًا لحق على (شلاش) خمسة أريل ثمن القعود يحل أجلهن طلوع صفر شهد على ذلك كاتبه صالح بن سيف، وأرهنه في ذلك: القعود وبقرته السوداء العودة وأبراه من جميع عيوبه وما نقل خفه.
وهذه الإضافة فيها طرافة الأول تاريخها بصفر ولم تذكر السنة، وذلك من باب الاكتفاء بكون السنة مذكورة في الكتابة التي فوقها وهي سنة 1239 هـ بدليل قوله في أولها: أيضًا لحق.
والثاني: كون القعود وهو الفتي أي الشاب من الإبل وغالبًا ما يراد به الصغير من الجمال - جمع جمل - ثمنه خمسة ريالات فقط، مما يدل على قلة النقود عندهم وقوتها الشرائية في ذلك الزمن.
والثالث: الطرافة في أن (شلاش) أبرأ عمر بن سليم من جميع العيوب في القعود والبقرة السوداء العودة بمعنى الكبيرة في السن وما نقل خفه، وهو خف البعير الذي هو قدمه الذي يطأ عليه، بمعنى ما نقل خفه: من كل عيوب يوجد فيه لأن البعير يتنقل على خفه.
وتحت هاتين الوثيقتين وثيقة ثالثة تتضمن مثلهما مداينة بين (شلاش): المستدين، وعمر بن سليم: الدائن، ولكن بمبلغ كبير وهو ثمانمائة صاع نقي حنطة ولقيمي، وأنه أرهنه بذلك جميع ما يملك من نخل وأرض وبعير وهايشه.
والهايشة: مفرد هايش، وجمعه: هوايش، وهي الحيوان كنا نسمع من الناس في أول عهدنا بالإدراك قولهم: فلان هايشة، أي حيوان لا يفهم في الأمور، يريدون أنه كالحيوان في الفهم.
وهي بخط سليمان بن سيف أيضًا.
وهذه صورة الوثائق الثلاث وكلها في ورقة واحدة:
ووثيقة أخرى تتعلق بالموضوع نفسه، ويحل الدين فيها أيضًا في عام 1239 هـ ولا يستغرب أن يكون الدين كله من عمر بن سليم وليس من غيره لأن عمر بن سليم كان قدرهن جميع ما يملك (شلاش) لذلك لا يستطيع غيره أن يداينه، وهذه قاعدة عامة معروفة عندهم في تلك العصور، ونحن نهتم هنا بالناحية التاريخية للأسر، أما الذين يهتمون بالنواحي الاجتماعية فأولئك يستطيعون أن يستفيدوا مما ذكرناه.
وتقول الوثيقة:
أيضًا أقر شلاش بأن عنده وفي ذمته لعمر بن سليم ثلاثة وثلاثين ريالًا إلى الموسم ثمن عيش وتمر، وعمر على رهنه السابق، شهد على ذلك حسين بن شريم، وشهد به كاتبه سليمان بن سيف، يحل أجلهن بالموسم من سنة تسع وثلاثين بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم".
وقد تكررت هنا وفي وثائق أخرى مر ذكرها لفظة (الموسم) التي كانت معروفة لبني قومنا واضحة في أذهانهم، وكنا نعرف مدلولها معرفة تامة، ولكن النشء الجديد من أبنائنا صار لا يعرفها، ويراد بها: موسم جداد النخل أي قطع عذوقه وأخذ تمرها.
وقد تعدت لفظة (الموسم) محيط الفلاحين فكانت معروفة للجميع كأن يقولوا: إن فلانًا قدم من البلدة الفلانية في الموسم يريدون وقت جداد النخل في الخريف وذلك في شهر أكتوبر في الأكثر.
وهناك وثيقة أخرى ذكر فيها (شلاش) ليست خاصة بالفلاحة وثمرة التمر أو العيش، وإنما هي مبايعة بين حمد آل عبد الله الضبيعي وشلاش ونصها:
"يعلم من يراه بأنه حضر عندي عمر بن سليم وحمد آل عبد الله الضبيعي واشترى حمد من شلاش قعود بثمانية أريل وهو رهن لعمر وأفضل حمد لعمر نصف الحياييل: حياييل شلاش وأطلق عمر رهن القعود لحمد، شهد على ذلك عبد الله الباحوث وعبد الله الرشودي وشهد به كاتبه سليمان بن سيف.
ولا ينقص هذه المبايعة إلا ذكر تاريخها ولكنها مكتوبة على صفحة من أوراق العمر بن سليم فيها كتابة مؤرخة في عام 1238 هـ وعمر بن سليم كثير المعاملة مما يظن أن الفراغ في دفتره لا يظل مدة طويلة، بل يكتب فيه بسرعة.
والكاتب نفسه هو سليمان بن سيف ونعتقد أن تاريخ الوثيقة هو في عام 1239 هـ.
وقد يسارع قائل يقول: إذا كانت المبايعة بين حمد الضبيعي وبين شلاش ما الذي يجعل لعمر بن سليم دخلًا فيها ولم لم يقتصر على المبائعين والشاهدين والكاتب؟
والجواب: أن ذلك لكون عمر كان قد رهن ذلك القعود وهو الفتي من الإبل على شلاش فلا يستطيع شلاش بيعه إلَّا بموافقة عمر وهو الذي يكنون عنه بقولهم (أطلق) له الرهن أي تنازل عن رهن القعود، وذلك التنازل معناه أنه يجوز لشلاش أن يبيعه، إضافة إلى شيء مهم وهو أنه إذا كان الرهن مؤجلًا مثل رهن الدين فإنه يجوز للراهن بيع العين المرهونة كالبعير والدار إذا حلَّ أجل وفائها ولم يستوف دينه الذي رهنها به.
وهنا استعمل الكاتب وهو كاتب خبير متمرس بهذه الأمور كلمة (أطلع) فقال: أطلع عمر رهن القعود، ولم يقل: أطلق، وذلك أن القعود مرهون لعمر مع أشياء أخرى تقدم ذكرها شملتها العبارة التالية وما يملك فأطلع تعني أخرجه من غيره، مما كان رهنه على شلاش فأطلق رهنه.
وتبين لنا شيء آخر وهو أن شلاش كانت له ممتلكات أخرى منها (حياييل) جمع حيالة، وهي الأرض الزراعية الخالية من النخل والشجر، تكون معدة للزراعة الحقلية مثل حقل البرسيم أو الذرة أو القمح أو الشعير، وكانت تلك الحياييل - جمع حيالة - مرهونة لحمد بن عبد الله الضبيعي قبل أن يرهن عمر كل ما لدي شلاش من غير ما هو مرهون من قبل.
هذا دلنا على قدم وجوه أسرة الضبيعي في بريدة لأننا لا نعرف ما إذا كان (حمد بن عبد الله الضبيعي) هذا هو أول من سكن بريدة منهم أم سكنها قبله أناس من أسرته، ولا يكون الضبيعي دائنًا معروفًا يعرف اسمه بلفظ (حمد العبد الله) الذي هو تعبير قصيمي قديم إلَّا إذا كان سكن بريدة قبل هذا التاريخ الذي افترضنا أنه عام 1239 هـ.
ويقال مثل ذلك عن الشاهد الأول عبد الله الباحوث الذي لم يذكر اسم والده.
أما الشاهد الثاني وهو عبد الله الرشودي فهو عبد الله بن علي الرشودي أول من جاء من أسرة الرشودي إلى بريدة وقد رجحت أن قدومه كان في عام 1234 هـ كما سبق ذلك عند ذكر أسرته.
وجاء ذكر (شلاش) مجردًا من دون ذكر اسم والده أو نسبته إلى مكان
شاهدًا في وثيقة، وذلك لأن اسمه مميز لا يشتبه بغيره.
والوثيقة مكتوبة في عام أربعين (ومائتين وألف) لأن الدين الذي فيها يحل أجل الوفاء به في عام واحد وأربعين (ومائتين وألف).
وتتضمن مداينة بين محمد بن ثويني وعمر بن سليم والثويني عدة أسر منها أسرة في وهطان وأسرة في الصباخ وثالثة في المريدسية.
والدين كثير جدا بالنسبة إلى المداينات في تلك الفترة وإلى الثروات فيها - أيضًا - فهو ألفان وأربعمائة وخمسة وسبعون وزنة تمر، وثلاثمائة صاع حنطة نقي.
ثم ذكر الرهن الذي ارتهنه ابن سليم بهذا الدين.
والشاهد على هذه الوثيقة (شلاش) وحده والكاتب سليمان بن سيف.
و (الشلاش) من أهل خب الوجيعان، وكانوا يسكنون في خب العوشز قبل الوجيعان، والوجيعان وخب العوشز متجاوران.
وهذا (شلاش) آخر متأخر في الزمن عن (شلاش البقعاوي) إلا إذا كان شلاش البقعاوي قد عمر طويلًا.
جاء ذكر (شلاش) من دون وصف أو تحلية في وثيقة مداينة بينه وبين سعيد الحمد (المنفوحي).
استهلها الكاتب بقوله: حضر عندي (شلاش) واستقر والمراد: وأقر بأن عنده السعيد الحمد مائة وخمسين صاع حب، أي قمح.
والشاهد منصور الرعيجاني وهو من آل أبو عليان.
وكتبه نصار بن عمير (وهو النويصري) ولم يذكر تاريخًا، ولكننا نعرف أن مداينات سعيد الحميد تبدأ من 1262 هـ على وجه التقريب إلى سنة 1290 هـ.