الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشمالي في سوق الشيوخ:
قلنا في أول الكلام إن أسرة الشمالي هاجرت إلى العراق وهو أن إقامتهم في العراق كانت في بلدة الخميسية وسوق الشيوخ، وقد ذكرنا في رسم الخميس أسماء عدد منهم من الذين كانوا في الخميسية.
ونذكر هنا أنه صار لبعضهم مقام ونفوذ في سوق الشيوخ يتمثل ذلك ظاهرًا فيما كتبه معن بن شناع العجلي في كتابه: (الخميسية وما حولها: حوادث وأنساب)، عن امرأة من أسرة (الشمالي) هذه، وكانت تاجرة معروفة في سوق الشيوخ، وتدعى (هيلة الشمالية) أو (بنت الشمالي)، وكانت امرأة مسنة صالحة، تتعاطى التجارة بنفسها وتعتمر العقال فوق خمارها.
وهذا ما ذكره مربوطًا بما قبله من الكلام على الشيخ عبد الله بن صالح الخميس من الخميس الذين نسبت إليهم بلدة الخميسية، قال معن العجلي:
وفي إحدى السنين انعزلت مدينة سوق الشيوخ عن البادية بسبب التُرع والمستنقعات والمياه العفنة التي خلفها الفيضان، فكان ذلك سببًا للحيلولة بين المدينة وبين القوافل القادمة إليها من البادية فتداعى بعض التجار النجديين إلى البحث عن مكان آخر موصول بالبادية لا تحول المياه بينه وبين قوافل الإبل، ولقد حدثت في الوقت نفسه نزاعات وفتن - سببها التنافس التجاري بين النجديين المهاجرين وبين الحضر، إذ كانت أكثر عشائر سوق الشيوخ مائلة إلى التعامل والبيع والشراء والقروض والاستدانة مع النجديين، وكان هذا داعيًا إلى الفرقة والتنافس بين محلة الحائر ومحلة النجادة، فوجد الشيخ عبد الله بن صالح الخميس نفسه مضطرًا إلى ارتياد مكان آخر لتخطيط مدينة أخرى على حافة المياه مربوطة بالصحراء المعالجة مشكلة التنافس التجاري والمغالبة والتزاحم في مدينة سوق الشيوخ، ولما علمت الحكومة التركية أن العشائر المحيطة بسوق الشيوخ تفضل الأخذ والعطاء التجاري وحسن المعاملة في دكاكين النجديين والاطمئنان إلى الأمانة والمعاملة الإسلامية وأن هذا الإيثار والانحياز قد أحفظ تجار السوق الآخرين وأثار المشاحنات، فلقد ارتأت الحكومة العثمانية المتسلطة يومذاك بأن تحسم هذه المنافسة وتقطع دابر
الخصام التجاري بارتياد مكان آخر خارج مدينة سوق الشيوخ ليقام فيه سوق مختص بالنجديين، ليتعاملوا مع البدو والعشائر دون منافسة فاختير الشيخ عبد الله بن صالح الخميس لهذه المهمة لما كان يتصف به من الحصافة والكياسة ورجاحة الحلم والإجماع النجديين في مدينة السوق على احترامه واعتماده والركون إليه فطلب منه القائمقام التركي أن يذهب بنفسه ويستطلع الموضع اللائق والمكان المناسب لإقامة مدينة أخرى وسوق بديل عن سوق الشيوخ التي عزلتها مياه الفيضان وحالت دون وصول البدو إليها.
فذهب ابن خميس بصلاحه واستقامة سيرته، وفي ورعه وتدينه ومعاملته الحسنة في التجارة وانطلقت معهم امرأة نجدية، وكانت تاجرة معروفة في سوق الشيوخ وتدعى هيلة الشمالية، أو بنت الشمالي، وكانت امرأة مسنة صالحة تتعاطى التجارة بنفسها وتعتمر العقال فوق خمارها ومعروفة بين أهل الخير والأجواد بإحسانها وفضلها فاختار هؤلاء الثلاثة الموقع الحالي لمدينة الخميسية، ووقف عبد الله الخميس قائلًا:
قفا هنا لنبني مدينة الخميسية وتناول قصبة فذرعها ليحدد بها مكانًا لمسجد الجامع، وكان أول عمل يعمله عبد الله الخميس بنيته السليمة، ثم أخذ يخطط معالم ويضع الصوى لتسمية محلة للنجادة وسماها محلة أهل الديرة ومحلة للبغادة ومحلة ثالثة للحضر، وكأنه يريد أن يجعل هذه المدينة مثالًا من مدينة سوق الشيوخ فلم يجعلها خاصة للنجديين وحدهم، وهكذا ولدت الخميسية عام 1299 هـ - 1881 م، وتوفي الشيخ عبد الله بن صالح الخميس في شهر رجب من عام 1327 هـ، لقد اختار عبد الله الخميس وفضل أن تقوم مدينته على حافة الهور فوق سهل منبسط متحدر تحت مرتفع من الأتربة وسلاسل من الكثبان والربوات يمتد على طول حافة الهور المسمى بهور السناف.