الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً} منصوب بأفرغ عند البصريين لا ب {آتُونِي} لأن {أُفْرِغْ} أقرب من {آتُونِي} فكان إعماله أولى؛ لأن القرب له أثر في قوة العمل. وذهب الكوفيون إلى أن العامل فيه {آتُونِي} . {فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} بمعنى استطاعوا.
{قالَ: هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} إنما قال: هذا، ولم يقل: هذه؛ لأن تأنيث الرحمة غير حقيقي، والتأنيث غير الحقيقي يجوز فيه التذكير، ولأن الرحمة بمعنى الغفران، فذكّره حملا على المعنى، والتذكير بالحمل على المعنى كثير في كلام العرب.
البلاغة:
{مَطْلِعَ} و {مَغْرِبَ} بينهما طباق.
{حَتّى إِذا جَعَلَهُ ناراً} تشبيه بليغ، أي كالنار في الحرارة وشدة الاحمرار، حذفت أداة الشبه ووجه التشبيه.
{يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} استعارة تبعية في الفعل {يَمُوجُ} شبههم لكثرتهم وتداخل بعضهم في بعض، بموج البحر المتلاطم.
{أَمّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ} {وَأَمّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى} بينهما مقابلة.
المفردات اللغوية:
{وَيَسْئَلُونَكَ} أي اليهود أو مشركو مكة. {عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ} قيل في رأي ضعيف: هو الإسكندر بن فيلبوس اليوناني، وقيل: الرومي، ملك فارس والروم، وقيل: ملك المشرق والمغرب، لكن الإسكندر كافر، والأصح أنه رجل صالح حكم الدنيا غير الإسكندر، وهو على التحقيق الملك الفارسي الصالح «قورش» ولذلك سمي ذا القرنين، أو لأنه طاف قرني الدنيا شرقها وغربها، وقيل: كان له قرنان، أي ضفيرتان، وقيل: كان لتاجه قرنان، ويحتمل أنه لقب بذلك لشجاعته، ومع الاتفاق على إيمانه وصلاحه، لم يكن على الأصح نبيا. {سَأَتْلُوا} سأقص. {عَلَيْكُمْ مِنْهُ} من حاله. {ذِكْراً} خبرا مذكورا، وهو القرآن. قيل: ملك الدنيا. مؤمنان: سليمان وذو القرنين، وكافران: نمروذ وبختنصر.
{إِنّا مَكَّنّا لَهُ فِي الْأَرْضِ} سهلنا له السير فيها وجعلناه قادرا على التصرف فيها كيف شاء.
{مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} يحتاج إليه. {سَبَباً} طريقا يوصله إلى مراده من علم أو قدرة أو إرادة.
{فَأَتْبَعَ سَبَباً} طريقا نحو الغرب، أي فأراد بلوغ المغرب، فاتبع سببا يوصله إليه. {مَغْرِبَ الشَّمْسِ} موضع غروبها. {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} أي ذات حمأة، وهي الطين الأسود، وغروبها في
العين الحمئة هو في مجرد رأي العين، وإلا فهي أعظم من الدنيا وأكبر، كما هو معروف. {وَوَجَدَ عِنْدَها} عند تلك العين الحمئة. {قَوْماً} كافرين.
{قُلْنا: يا ذَا الْقَرْنَيْنِ} أي ألهمناه بين أن يعذبهم أو يدعوهم إلى الإيمان. {إِمّا أَنْ تُعَذِّبَ} القوم بالقتل على كفرهم. {وَإِمّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً} أي أمرا ذا حسن بالإرشاد وتعليم الشرائع، وقيل: خيّر بين القتل والأسر.
{قالَ} أي ذو القرنين مختارا الدعوة. {أَمّا مَنْ ظَلَمَ} بالشرك والإصرار على الكفر.
{فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ} نقتله. {نُكْراً} أي منكرا فظيعا، أو شديدا في النار. {فَلَهُ} في الدارين. {الْحُسْنى} أي الجنة، أو المثوبة وهو مبتدأ، خبره {فَلَهُ} وجزاء: حال أي مجزيا بها، ومن قرأ: فله جزاء الحسنى، فالإضافة للبيان أي المثوبة الحسنى. {وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً} اليسر: السهل الميسر غير الشاق، أي نأمره بما يسهل عليه. {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً} نحو المشرق.
{مَطْلِعَ الشَّمْسِ} موضع طلوعها. {تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ} هم الزنج. {مِنْ دُونِها} من دون الشمس. {سِتْراً} من اللباس أو البناء أو السقف؛ لأن أرضهم لا تتحمل الأبنية، ولهم سروب يغيبون فيها عند طلوع الشمس، ويظهرون عند ارتفاعها.
{كَذلِكَ} أي إن أمر ذي القرنين كما وصفنا من بلوغه المشرق والمغرب. {وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً} أي وقد اطلعنا علما على ما عند ذي القرنين من الآيات والجند وغيرهما، مما يتعلق بظواهره وخفاياه، والمراد أن كثرة ذلك بلغت مبلغا لا يحيط به إلا علم اللطيف الخبير. {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً} طريقا ثالثا معترضا بين المشرق والمغرب، آخذا من الجنوب إلى الشمال. {بَيْنَ السَّدَّيْنِ} بين الجبلين المبني بينهما سدة، وهما جبلا أرمينية وأذربيجان، وقيل: جبلان منيفان في أواخر الشمال في منقطع بلاد الترك، من ورائهما يأجوج ومأجوج. {مِنْ دُونِهِما} أمامهما. {يَفْقَهُونَ قَوْلاً} يفهمون قولا إلا بعد بط ء، أي لا يفهمون السامع كلامهم ولا يبينونه لتلعثمهم.
{قالُوا} أي مترجموهم. {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ} هما اسمان أعجميان لقبيلتين، فهما ممنوعان من الصرف، وهما قبيلتان من ولد يافث بن نوح. يأجوج: هم التتر، ومأجوج: هم المغول، وأصلهما من أب واحد يسمى ترك وكانوا يسكنون الجزء الشمالي من آسيا، وتمتد بلادهم من التبت والصين إلى المحيط المتجمد الشمالي، وتنتهي غربا ببلاد التركستان. {مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} أي في أرضنا بالنهب والبغي والقتل والتخريب عند خروجهم إلينا، قيل: كانوا يخرجون في الربيع، فلا يتركون أخضر إلا أكلوه، ولا يابسا إلا احتملوه. وقيل: كانوا يأكلون الناس، والأصح أن يأجوج ومأجوج قوم جبارون أشداء، يمر أوائلهم على بحيرة طبرية، يبعثهم الله في عهد نزول عيسى، كما جاء في صحيح مسلم وشرحه للنووي 68/ 18.
{فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً} جعلا من المال نتبرع به من أموالنا، وقرئ:(خراجا) والخراج: ما لزم أداؤه. {سَدًّا} حاجزا، فلا يصلون إلينا. {ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي} من المال