الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الرازي: أورد تعالى في آخر هذه السورة ما يدل على حصول رؤية الله في ثلاث آيات:
أولها-قوله: {أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ} .
وثانيها-قوله: {كانَتْ لَهُمْ جَنّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً} .
وثالثها-قوله: {فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ} ولا بيان أقوى من ذلك
(1)
.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات ما يأتي:
1 -
للمؤمنين بالله ورسله الذين يعملون صالح الأعمال جنات الفردوس التي هي أعلى الجنان، وهم خالدون دائمون فيها، لا يطلبون تحويلا عنها إلى غيرها.
2 -
لا يستطيع أحد على الإطلاق أن يحصر كلمات الله تعالى وعلمه وحكمته وأسراره، ولو كانت البحار والمحيطات وأمثالها دون تحديد حبرا يكتب به.
قال ابن عباس: قالت اليهود، لما قال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم:{وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً} قالوا: وكيف، وقد أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا؟ فنزلت:{قُلْ: لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً.} . الآية.
3 -
أمر الله رسوله بالتواضع، وبإعلان صفة البشرية وأنه لا امتياز له على غيره بشيء من الصفات، وأنه لا يعلم إلا ما علّمه الله تعالى، وعلم الله لا يحصى، إلا أن الله تعالى أمره بأن يبلّغ غيره بأن لا إله إلا الله.
4 -
دلت الآية: {قُلْ: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ} على مطلوبين:
(1)
تفسير الرازي: 177/ 21
الأول-أن كلمة إنما تفيد الحصر، وهي قوله:{أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ} .
والثاني-أن كون الإله تعالى إلها واحدا يمكن إثباته بالأدلة السمعية.
5 -
إن المؤمن بربه الذي يرجو رؤيته وثوابه ويخشى عقابه يجب عليه أن يعمل العمل الصالح المرضي لله، وألا يشرك بالله أحدا في عبادته.
قال ابن عباس: نزلت في جندب بن زهير العامري، قال: يا رسول الله، إني أعمل العمل لله تعالى، وأريد به وجه الله تعالى، إلا أنه إذا اطّلع عليه سرّني؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«إن الله طيّب، ولا يقبل إلا الطيّب، ولا يقبل ما شورك فيه» فنزلت الآية.
وفي رواية مسلم عن أبي هريرة: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا..» .
والآية عامة في جميع الأعمال من عبادة وجهاد وصدقة وغيرها، وموضوعها إخلاص العمل لله عز وجل. سئل الحسن البصري عن الإخلاص والرياء فقال:
من الإخلاص أن تحب أن تكتم حسناتك، ولا تحب أن تكتم سيئاتك، فإن أظهر الله عليك حسناتك تقول: هذا من فضلك وإحسانك، وليس هذا من فعلي ولا من صنيعي، وتذكّر قوله تعالى:{فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً، وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} ، وقوله سبحانه:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا} [المؤمنون 60/ 23]، يؤتون الإخلاص، وهم يخافون ألا يقبل منهم. وأما الرياء فطلب حظ النفس من عملها في الدنيا؛ قيل له: كيف يكون هذا؟ قال: من طلب بعمل بينه وبين الله تعالى سوى وجه الله والدار الآخرة، فهو رياء.