الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبب النزول: نزول: {وَيَقُولُ الْإِنْسانُ} :
قال الكلبي: نزلت في أبي بن خلف حين أخذ عظاما بالية، يفتّها بيده، ويقول: زعم لكم محمد أنّا نبعث بعد ما نموت.
وقال ابن عباس: نزلت في الوليد بن المغيرة وأصحابه.
المناسبة:
بعد أن أمر سبحانه بالعبادة والمصابرة عليها، ذكر أنها تنجيهم يوم الحشر الذي لا ريب فيه، فإن إعادة الإنسان أهون من بدء خلقه.
وكذلك لما كان هدف السورة إثبات قدرة الله على الإحياء والإماتة، وإثبات يوم القيامة، ذكر هنا بعض شبهات الكفار المكذبين للبعث، ورد عليها بالأدلة القاطعة.
وذكر أيضا ما يلقاه الكفار من الذل والعذاب، وأردف ذلك ببيان أن جميع البشر يردون على النار، فلا ينجو منها إلا من آمن واتقى وعمل صالحا.
التفسير والبيان:
{وَيَقُولُ الْإِنْسانُ: أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} أي ويقول الكافر المشرك منكر البعث متعجبا مستبعدا إعادته بعد موته: هل إذا مت وأصبحت ترابا، سوف أخرج حيا من القبر، وأبعث للحساب؟! وأسند الكلام لكل مشرك كافر، وإن لم يقله إلا بعضهم، لرضاهم بمقالته.
ونظير الآية: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ: أَإِذا كُنّا تُراباً، أَإِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [الرعد 5/ 13] وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ، فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ. وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً، وَنَسِيَ خَلْقَهُ، قالَ: مَنْ يُحْيِ
الْعِظامَ، وَهِيَ رَمِيمٌ. قُلْ: يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس 36/ 77 - 79].
والدليل على إمكان الإعادة:
{أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ، وَلَمْ يَكُ شَيْئاً} أي ألا يتفكر هذا الجاحد في أول خلقه، فقد خلقناه من العدم، دون أن يكون شيئا موجودا، فيستدل بالابتداء على الإعادة، والابتداء أعجب وأغرب من الإعادة.
والمعنى: أنه تعالى قد خلق الإنسان، ولم يكن شيئا قبل خلقه، بل كان معدوما بالكلية، أفلا يعيده، وقد صار شيئا، كما قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ، ثُمَّ يُعِيدُهُ، وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم 27/ 30]. وجاء في الحديث الصحيح: «يقول الله تعالى: كذّبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني، وآذاني ولم يكن له أن يؤذيني، أما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من آخره، وأما أذاه إياي فقوله: إن لي ولدا، وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن لي كفوا أحد» .
ثم هدد تعالى منكري البعث تهديدا من وجوه قائلا.
1 -
2: {فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ، ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} أي أقسم الرب تبارك وتعالى بذاته الكريمة أنه لا بد أن يحشرهم جميعا وشياطينهم الذين كانوا يعبدون من دون الله، بأن يخرجهم من قبورهم أحياء ويجمعهم إلى المحشر مع شياطينهم الذين أغووهم وأضلوهم. ثم ليحضرنهم حول جهنم بعد طول الوقوف، جاثين قاعدين على ركبهم، لما يصيبهم من هول الموقف وروعة الحساب، كما قال تعالى:{وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً} [الجاثية 28/ 45]. وهذا الإحضار يكون قبل إدخالهم جهنم، ويكون على أذل صورة لقوله:
{جِثِيًّا} .
3 -
{ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا} أي لننتزعن ونأخذن من كل فرقة دينية أو طائفة من طوائف الغي والفساد أعصاهم وأعتاهم وأكثرهم تكبرا وتجاوزا لحدود الله، وهم قادتهم ورؤساؤهم في الشر.
فهذه وجوه التهديد: أولها-الحشر مع الشياطين، وثانيها-الإحضار قعودا حول جهنم في صورة الذليل العاجز، وثالثها-تمييز البعض من البعض، فمن كان أشدهم تمردا في كفره، خص بعذاب أعظم، كما قال تعالى:{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ، زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ} [النحل 88/ 16] وقال: {وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ} [العنكبوت 13/ 29].
{ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا} أي أنه تعالى أعلم بمن يستحق من العباد أن يصلى نار جهنم، ويخلد فيها، وبمن يستحق تضعيف العذاب، كما قال سبحانه:{لِكُلٍّ ضِعْفٌ، وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف 38/ 7].
ثم أخبر الله تعالى عن ورود الناس جميعا نار جهنم، فقال:
{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها، كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا} أي ما منكم من أحد من الناس إلا سوف يرد إلى النار، والورود: هو المرور على الصراط، كان ذلك المرور أمرا محتوما، قد قضى سبحانه أنه لا بد من وقوعه لا محالة. وقيل:
الورود: الدنو من جهنم وأن يصيروا حولها، وهو موضع المحاسبة، وقيل:
الورود: الدخول،
لحديث: «الورود الدخول، لا يبقى برّ ولا فاجر، إلا دخلها، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما، كما كانت على إبراهيم» . والأصح أن الورود: المرور، للحديث التالي:
روى ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: يرد الناس جميعا الصراط، وورودهم قيامهم حول النار، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم، فمنهم من يمر مثل