الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإعراب:
{أَلاّ تَجُوعَ فِيها} الجملة في موضع نصب؛ لأنها اسم إن. {وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها} إما موضعها النصب بالعطف على {أَلاّ تَجُوعَ} أي: إن لك عدم الجوع وعدم الظمأ في الجنة، وإما موضعها الرفع بالعطف على الموضع، مثل: إن زيدا قائم، وعمرو، بالعطف على موضع إن.
ومن كسر وإنك فعلى الابتداء والاستئناف، مثل إن الأولى.
البلاغة:
{أَعْمى} و {بَصِيراً} بينهما طباق.
{فَتَشْقى} ، {تَعْرى} ، {تَضْحى} سجع حسن غير متكلف.
{أَلاّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى} فيه ما يسمى قطع النظير عن النظير، ففصل بين الظمأ والجوع، وبين الضحو والكسوة بقصد تحقيق تعداد هذه النعم، ومراعاة فواصل الآيات.
المفردات اللغوية:
{وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ} أي وصيناه وأمرناه ألا يأكل من هذه الشجرة، يقال: عهد إليه:
إذا أمره وأوصاه به، ولام {وَلَقَدْ} جواب قسم محذوف، وإنما عطف قصة آدم على قوله:
{وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ} للدلالة على أن أساس بني آدم على العصيان، وأنهم متأصلون في النسيان. {مِنْ قَبْلُ} من قبل هذا الزمان وقبل أكله من الشجرة وقبل وجود هؤلاء المخالفين.
{فَنَسِيَ} العهد وتركه ولم يعن به حتى غفل عنه. {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} ولم نعلم له تصميما على الذنب؛ لأنه أخطأ ولم يتعمده. ونجد من الوجود بمعنى العلم، له مفعولان، والعزم: التصميم على الشيء والثبات عليه.
{وَإِذْ قُلْنا} أي اذكر حاله في مثل ذلك الوقت، ليتبين لك أنه نسي ولم يكن من أولي العزيمة والثبات. {إِبْلِيسَ} هو أبو الجن، كان يصحب الملائكة، ويعبد الله معهم. {أَبى} امتنع عن السجود لآدم، قائلا: أنا خير منه، وهي جملة مستأنفة لبيان ما منعه من السجود، وهو الاستكبار.
{فَتَشْقى} تتعب بمتاعب الدنيا الكثيرة. واقتصر على نسبة الشقاء لآدم؛ لأن الرجل هو المسؤول عن كفاية زوجته، وهو الذي يسعى. {تَظْمَؤُا} تعطش. {تَضْحى} تصيبك الشمس، يقال: ضحا وضحي: إذا أصابته الشمس بحرها، والمراد: لا يحصل لك شمس الضحى لانتفاء الشمس في الجنة. والمقصود من الآية: {أَلاّ تَجُوعَ.} . بيان وتذكير لما في الجنة من أسباب الكفاية، وأساسيات الكفاية هي الشبع والري والكسوة والسكنى.
{شَجَرَةِ الْخُلْدِ} أي التي يخلد من يأكل منها، فلا يموت أصلا. {لا يَبْلى} لا يفنى ولا يضعف، وهو لازم الخلد. {فَأَكَلا مِنْها} أي آدم وحواء. {فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما} ظهرت لهما عوراتهما من القبل والدبر، وسمي كل منهما سوأة لأن انكشافه يسوء صاحبه. {وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} أي شرعا وأخذا يلزقان ورق التين على سوآتهما ليستترا به. {وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ} بالأكل من الشجرة. {فَغَوى} فضل عن الرشد حيث اغتر بقول عدوه. {ثُمَّ اجْتَباهُ} اصطفاه وقربه إليه بالتوفيق للتوبة. {فَتابَ عَلَيْهِ} فقبل توبته لما تاب. {وَهَدى} إلى الثبات على التوبة والأخذ بأسباب العصمة.
{اِهْبِطا مِنْها} أي آدم وحواء من الجنة. {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} أي بعض الذرية عدو للبعض الآخر بالظلم والتحارب والتنافس الشديد على أمر المعاش. {فَإِمّا} فيه إدغام نون (إن) الشرطية في (ما) المزيدة. {هَدى} كتاب ورسول. {هُدايَ} هدى الوحي الإلهي.
{فَلا يَضِلُّ} في الدنيا. {وَلا يَشْقى} في الآخرة.
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي} الهداية بكتبي السماوية المذكرة بي والداعية إلى عبادتي.
وأعرض: أي امتنع فلم يؤمن بالذكر. {ضَنْكاً} مصدر وهو الضيق الشديد، والمعنى هنا: ضيقة.
{وَنَحْشُرُهُ} أي المعرض عن الذكر الإلهي ومنه القرآن. {أَعْمى} أي أعمى البصر أو القلب فلم ينظر في البراهين الإلهية، ويؤيد الأول:{قالَ: رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً} أي في الدنيا وعند البعث. {قالَ} أي الأمر {كَذلِكَ} مثل ذلك فعلت، ثم فسره بقوله:{أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها} تركتها ولم تؤمن بها. {وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى} أي ومثل تركك إياها-أي الآيات-تترك اليوم في العمى والعذاب. والآيات: الأدلة والبراهين الإلهية.
{وَكَذلِكَ} أي ومثل جزائنا من أعرض عن الذكر. {نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ} نعاقب من أشرك وأسرف في الانهماك في الشهوات، والإعراض عن الآيات. {وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ} بل كذبها وخالفها. {أَشَدُّ} من عذاب الدنيا وعذاب القبر وضنك العيش والعمى. {وَأَبْقى} أدوم.
وذلك كقوله تعالى: {لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ، وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ} [الرعد 34/ 13].