الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{يَمُوتُ} و {يَحْيى} بينهما طباق.
{إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً} و {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصّالِحاتِ} بينهما مقابلة: وهي أن يؤتى بمعينين أو أكثر، ثم يؤتى بما يقابل ذلك.
{إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى} فيه مؤكدات هي: إن، وأنت، وتعريف الخبر:{الْأَعْلى} ولفظ العلو الدال على الغلبة، وصيغة التفضيل {الْأَعْلى} .
المفردات اللغوية:
{إِمّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى} قال السحرة ذلك مراعاة للأدب، وخيروه بين أن يلقي عصاه أو يلقوا عصيهم. وأن وما بعده: منصوب بفعل مضمر، أو مرفوع بخبر محذوف، أي اختر إلقاءك أولا أو إلقاؤنا، أو الأمر إلقاؤك، أو إلقاؤنا. {قالَ: بَلْ أَلْقُوا} مقابلة أدب بأدب، وعدم مبالاة بسحرهم، وليستنفدوا أقصى وسعهم، ثم يظهر الله سلطانه، فيقذف بالحق على الباطل فيدمغه.
{فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ.} . أي فألقوا، وكلمة {فَإِذا} التحقيق أنها ظرفية متعلقة بفعل المفاجأة، والجملة ابتدائية، والمعنى: فألقوا ففاجأ موسى وقت تخيل سعي حبالهم وعصيهم من سحرهم، وذلك بأنهم لطخوها بالزئبق، فلما ضربت عليها الشمس، اضطربت، فخيل إليه أنها تتحرك. و {أَنَّها تَسْعى} بدل اشتمال، أي أنها حيات تسعى على بطونها.
{فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً} أحس بشيء من الخوف، من جهة أن سحرهم من جنس معجزته، أن يلتبس أمره على الناس، فلا يؤمنوا به.
{قُلْنا: لا تَخَفْ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى} قلنا له: لا تخف ما توهمت فإنك أنت الأعلى عليهم بالغلبة، وهذا الأخير تعليل للنهي وتقرير لغلبته، مؤكدا بالاستئناف وحرف التحقيق:«إن» وتكرير الضمير وتعريف الخبر ولفظ العلو الدال على الغلبة الظاهرة وصيغة التفضيل.
{وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ} وهي العصا، ولم يقل: عصاك، تحقيرا لها، أي لا تبال بكثرة حبالهم وعصيهم، أو تعظيما لها، أي لا تحتفل بكثرة هذه الأشياء وعظمها، فإن في يمينك ما هو أعظم منها أثرا، فألقه. {تَلْقَفْ} تبتلع بقوة وسرعة وبقدرة الله تعالى، والخطاب على إسناد الفعل إلى السبب {إِنَّما صَنَعُوا} إن الذي زوروا وافتعلوا {كَيْدُ ساحِرٍ} أي كيد سحري لا حقيقة له، أي ذي سحر، أو إضافة قصد بها البيان مثل: علم فقه. وإنما وحد الساحر؛ لأن المراد به الجنس المطلق. {وَلا يُفْلِحُ السّاحِرُ} أي هذا الجنس. {حَيْثُ أَتى} بسحره، أي أينما كان، وأينما أقبل.
{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً} خروا ساجدين لله تعالى، أي فألقى فتلقفت، فتحقق عند السحرة أنه ليس بسحر، وإنما هو من آيات الله، ومعجزة من معجزاته، فألقاهم ذلك على وجوههم سجدا لله، توبة عما صنعوا وتعظيما لما رأوا {آمَنّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى} قدم هارون لكبر سنه، أو لروي الآية، روي أنهم رأوا في سجودهم الجنة ومنازلهم فيها. {قالَ: آمَنْتُمْ لَهُ} قال فرعون: آمنتم لموسى، واللام لتضمين الفعل معنى الاتباع. {قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} أنا في الإيمان له. {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ} إن موسى لمعلمكم أو لأستاذكم الذي علمكم السحر، وأنتم تواطأتم على ما فعلتم. {مِنْ خِلافٍ} في موضع النصب على الحال أي لأقطعنها من حال مختلفة: اليد اليمنى والرجل اليسرى.
ومن: ابتدائية. {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} أي عليها، شبه تمكن المصلوب بالجذوع بتمكن المظروف بالظرف، وهو أول من صلب. {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا} يريد نفسه ورب موسى لقوله:
{آمَنْتُمْ لَهُ} . {أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى} أي أدوم عذابا. وهل نفذ فيهم تهديده؟ الآيات لم تذكر ذلك، لكن ذكر المفسرون أنه أنفذ فيهم وعيده، فقطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم، فماتوا على الإيمان، فقال ابن عباس: كانوا في أول النهار سحرة، وفي آخر النهار شهداء بررة.
{قالُوا: لَنْ نُؤْثِرَكَ} قال السحرة: لن نختارك. {عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ} على ما جاءنا موسى به من المعجزات الواضحات الدالة على صدقه. {وَالَّذِي فَطَرَنا} خلقنا وأوجدنا من العدم. وهذا عطف على ما جاءنا، أو قسم {فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ} اصنع ما أنت قاضيه، أي صانعه، أو ما قلته أو احكم. {إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا} أي إنما تصنع ما تهواه أو تحكم بما تراه في هذه الدنيا، فالنصب على الاتساع، أي فيها، ثم تجزى عليه في الآخرة، والآخرة خير وأبقى، فهو كالتعليل لما قبله، والتمهيد لما بعده.
{لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا} من الكفر والمعاصي. {وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ} تعلما وعملا في معارضة موسى والمعجزة. {وَاللهُ خَيْرٌ} منك ثوابا إذا أطيع. {وَأَبْقى} منك عذابا إذا عصي.
{إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً} إن الأمر من يأت ربه كافرا، بأن يموت على كفره وعصيانه.
{لا يَمُوتُ فِيها} فيستريح. {وَلا يَحْيى} حياة هنيئة فتنفعه. {قَدْ عَمِلَ الصّالِحاتِ} الفرائض والنوافل. {لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى} المنازل الرفيعة، جمع عليا مؤنث أعلى.
{جَنّاتُ عَدْنٍ} أي جنات أعدت للإقامة. {مِنْ تَحْتِهَا} من تحت غرفها. {جَزاءُ مَنْ تَزَكّى} تطهر من الذنوب والكفر.
قال البيضاوي: والآيات الثلاث-أي الأخيرة-يحتمل أن تكون من كلام السحرة، وأن تكون ابتداء كلام الله.