الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
{فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} أي فأقمت ومكثت سنين مع أهل مدين بأرض العرب على ثماني مراحل من مصر، عانيت فيها من الفقر والغربة الشيء الكثير، حتى آجرت نفسك لشعيب لترعى غنمه مدة عشر سنين كانت مهر امرأتك.
{ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى} أي أتيت في وقت سبق في قضائي وقدري أن أكلمك وأجعلك نبيا.
8 -
{وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} أي اخترتك برسالاتي وبكلامي لإقامة حجتي، وجعلتك رسولا بيني وبين خلقي لتبليغ الدين، والهداية إلى التوحيد والشرع القويم.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
لما سأل موسى عليه السلام ربه الأمور الثمانية، أجاب سؤله، وحقق مطلوبه ومرغوبه، فضلا من الله ونعمة، ورحمة ومنة.
2 -
وبعد إجابة دعائه، ذكره الله بما أنعم عليه من النعم الثماني التي أنعم بها عليه، قبل سؤاله، وتتلخص في حفظه سبحانه له من شر الأعداء والقتل من ابتداء حياته، وحين شبابه.
3 -
كان الإيحاء من الله لأم موسى بصنع الصندوق وقذفه في البحر إلهاما أو رؤيا رأتها في المنام، فقد اتفق الأكثرون على أن أم موسى عليه السلام ما كانت من الأنبياء والرسل، فلا يجوز أن يكون المراد من هذا الوحي هو الوحي الواصل إلى الأنبياء؛ لقوله تعالى:{وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ} [الأنبياء 7/ 21].
وأيضا جاء في القرآن الوحي لا بمعنى النبوة، قال تعالى:{وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل 68/ 16] وقال سبحانه: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ} [المائدة 111/ 5].
4 -
من عجائب فعل الله وتدبيره وصنعه أن ينجي الله موسى الرضيع من قتل فرعون، وأن يتربى في بيت فرعون على مائدته، وأن يكون سببا في هلاك فرعون وإغراقه في البحر مع ملئه وقومه.
5 -
معنى محبة الله تعالى لموسى: إيصال النفع إلى عباده، بتهيئته للرسالة منذ الصغر، واستمرار ذلك حال الكبر إلى آخر عمره.
6 -
ومن تدبير الله الخفي أن موسى الرضيع لم يقبل ثدي أحد من المراضع، حتى أقبلت أخته المتجاهلة أمره، فأخذته ووضعته في حجرها وناولته ثديها، فمصه وفرح به، فقالوا لها: تقيمين عندنا؟ فقالت: إنه لا لبن لي، ولكن أدلكم على من يكفله وهم له ناصحون، قالوا: ومن هي؟ قالت: أمي، فقالوا: لها لبن؟ قالت: لبن أخي هارون، وكان هارون أكبر من موسى بسنة، وقيل:
بثلاث، وقيل: بأربع. وذلك أن فرعون رحم بني إسرائيل فرفع عنهم القتل أربع سنين، فولد هارون فيها، كما قال ابن عباس. فجاءت الأم فقبل ثديها.
7 -
ليس هناك في الدنيا بعد النبي أشد عاطفة من عاطفة الأم على ولدها، بخلق الله وتقديره بإفرازها الحنان على ولدها من خلايا خاصة بها، لذا حزنت أم موسى وقلقت على ابنها بعد إلقائه في البحر، ولكن الله الرحيم بعباده رد إليها ابنها، وأقر عينها، وأزال حزنها وغمها.
8 -
لم يكن قتل موسى قبطيا كافرا عمدا، وإنما كان خطأ، وقبل النبوة حال الصغر، قال كعب كما روى مسلم في صحيحة: وكان إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة.
9 -
آمن الله موسى من الخوف والقتل والحبس، واختبره اختبارا عسيرا شاقا في مراحل حياته أثناء الشباب، حتى صلح للرسالة.
10 -
أتم موسى عليه السلام عشر سنوات في رعي غنم شعيب الرجل الصالح مهرا لامرأته، وهو أتم الأجلين. وقال وهب: لبث موسى عند شعيب ثماني وعشرين سنة، منها عشر مهر امرأته «صفورا» ابنة شعيب، وثماني عشرة إقامة عنده حتى ولد له عنده.
11 -
بعد مرور موسى بمحن كثيرة حان وقت نبوته، فجاء في وقت مقدر سابقا في علم الله وقضائه، موافقا للنبوة والرسالة؛ لأن الأنبياء لا يبعثون إلا أبناء أربعين سنة.
فاصطفاه الله واختاره لوحيه ورسالته، وأرسله إلى فرعون وملئه. وتتمة القصة في الآيات التالية.
أخرج البخاري ومسلم في تفسير الاصطفاء عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «التقى آدم وموسى، فقال موسى: أنت الذي أشقيت الناس، وأخرجتهم من الجنة، فقال آدم: وأنت الذي اصطفاك الله برسالته، واصطفاك لنفسه، وأنزل عليك التوراة؟ قال: نعم، قال: فوجدته مكتوبا علي قبل أن يخلقني، قال: نعم، فحج آدم موسى» .