الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
170 عبد الله بن الزبعرى بن قيس
أحد شعراء قريش المعدودين. كان يهجو المسلمين ويحرّض عليهم كفار قريش. وكان من أشد الناس على الرسول صلى الله عليه وسلم بلسانه ونفسه. فقبل هجرته صلى الله عليه وسلم إلى يثرب كان يدخل الكعبة ليصلي. فلما دخل ذات يوم ليصلي كعادته قال أبو جهل: «من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته. فقام ابن الزبعري فأخذ فرثا ودما فلطخ به وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وانفتل النبي عليه السلام من صلاته وقصد إلى عمه أبي طالب، فسأله عمه: من فعل هذا بك؟ قال:
عبد الله بن الزبعرى. فقام أبو طالب ووضع سيفه على عاتقه ومشى معه حتى أتى القوم فلما رأوه قد أقبل جعلوا ينضهون. فقال أبو طالب: والله لئن قام رجل لجللته بسيفي، فقعدوا حتى دنا منهم وأخذ فرثا ودما فلطخ به وجوههم ولحاهم وانصرف وهو يغلظ لهم القول.
وبعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان ابن الزبعرى يهاجي حسان بن ثابت وكعب بن مالك شاعري النبي صلى الله عليه وسلم. ولما فتح المسلمون مكة، فرّ ابن الزبعرى إلى نجران فهجاه حسان ببيت واحد، فلما بلغه ذلك قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم واعتذر إلى الرسول عليه السلام فقبل عذره. وقد حسن إسلامه فقام بنصرة الدين والذب عنه كما شهد كل الغزوات والفتوحات حتى وفاته في خلافة عمر بن الخطاب (ض) عام 15 هـ/ 636 م. شعره في المديح والهجاء وبعض الحكمة.
من قوله بعد إسلامه [من الخفيف] :
«يا رسول الله إنّ لساني
…
راتق ما فتقت إذ أنا بور «1»
النبوية، ص 206؛ الريحاني، الموسوعة العربية، ص 743؛ ابن العماد، شذرات الذهب 1/ 12؛ فروخ، تاريخ الأدب 1/ 261- 262؛ الرافعي، عنوان النجابة، ص 108؛ الخطيب، كشف القناع، ص 246.
(1)
ارتق: مصلح. هكذا ورد في الأصول. وفي الصدر خلل عروضي فهو من بحر المديد، وباقي الأبيات على الخفيف.
إذ أجاري الشيطان في سنن الغ
…
يّ أنا في ذا خاسر مثبور «1»
إنّ ما جئتنا به حقّ وصدق
…
ساطع نوره مضيء منير
جئتنا باليقين والصدق والبرّ
…
وفي الصدق واليقين السرور
أذهب الله ضلة الجهل عنا
…
وأتانا الرخاء والميسور»
وفي قصيدة أخرى يبين ندمه وأسفه على ما بدر منه [من الكامل] :
«سرت الهموم بمنزل السهم
…
إذ كنّ بين الجلد والعظم
ندما على ما كان من زلل
…
إذ كنت في فنن من الإثم
حيران يعمه في ضلالته
…
مستوردا الشرائع الظلم
فاليوم آمن بعد قسوته
…
عظمي وآمن بعده لحمي
بمحمد وبما يجيء به
…
من سنة البرهان والحكم»
وأخذت قصائد مدحه للنبي صلى الله عليه وسلم تتوارد ليفسخ بها ما قد مضى من شعره إبان كفره [من الكامل] : ليه سمة المليك نور أغر مختوم]
«منع الرقاد بلابل وهموم
…
والليل معتلج الرواق بهيم «2»
مما أتاني أنّ أحمد لا مني
…
فيه فبتّ كأنني محموم
يا خير من حملت على أوصالها
…
عيرانة سرح اليدين غشوم «3»
إني لمعتذر إليك من الذي
…
أسديت إذ أنا في الضلال مقيم
فاليوم آمن بالنبيّ محمد
…
قلبي ومخطىء هذه محروم
مضت العداوة وانقضت أسبابها
…
وأتت أواصر بيننا وحلوم
فاغفر فدى لك والديّ كلاهما
…
وارحم فإنك راحم مرحوم
وعليك من سمة المليك علامة
…
نور أغرّ وخاتم مختوم
أعطاك بعد محبة برهانه
…
شرفا وبرهان الإله عظيم
ولقد شهدت بأنّ دينك صادق
…
حقّ وأنك في المعاد جسيم
(1) مثبور: هالك.
(2)
بلابل: وساوس. معتلج: مضطرب. بهيم: لا ضوء فيه.
(3)
عيرانة: راحلة. غشوم: لا يثنيها عن مرادها شيء.