الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توفي بالمدينة المنورة عام 20 هـ/ 640 م وصلى عليه عمر بن الخطاب (ض)«1» .
24 أبو طالب
عم النبي صلى الله عليه وسلم وكافله ومربيه ومناصره. كان من أبطال بني هاشم ورؤسائهم، ومن الخطباء العقلاء الأباة. «أخرج ابن عساكر عن جلهمة بن عرفطة قال: قدمت مكة وهم في قحط، فقالت قريش: يا أبا طالب أقحط الوادي وأجدب العيال، فهلم فاستسق. فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس تجلت عنها سحابة، وحوله أغيلمة، فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة ولاذ الغلام بإصبعه وما في السماء قزعة، فأقبل السحاب من هاهنا وهاهنا، وأغدق واغدودق وانفجر له الوادي وأخصب النادي والبادي. وفي ذلك يقول أبو طالب [من الطويل] :
«وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
…
ثمال اليتامى عصمة للأرامل»
كان أبو طالب يحمي النبي صلى الله عليه وسلم من عداوة قريش، ويرد أذاها عنه.
وقد لقي في ذلك ما يطيق وما لا يطيق، حتى قال للنبي صلى الله عليه وسلم في ساعة من أشد ساعات الحرج «أبق على نفسك يا بني ولا تحملني من الألم ما لا أطيق» . فحزن النبي صلى الله عليه وسلم وحسب أنه سيخذله وقال له، وهو يهم بمفارقته:
«والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته» . فلم يبرح النبي صلى الله عليه وسلم غير قليل حتى ناداه عمه وقال له: «إذهب يا بن أخي فقل ما أحببت فو الله لا أسلمك لشيء أبدا» .
(1) ابن خلكان، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق إحسان عباس (بيروت 1977) 6/ 351- 352؛ حوى، الرسول 1/ 136؛ ابن كثير، البداية والنهاية، تحقيق أحمد أبو ملحم ورفاقه (بيروت 1988) 5/ 246- 247؛ النويري، نهاية الأرب 18/ 400- 401؛ القرطبي، الإستيعاب 4/ 83- 85؛ مصطفى محمد الرافعي، عنوان النجابة في معرفة من مات بالمدينة المنورة من الصحابة (مكان الطبع غير مدون 1373 هـ) 73- 74.
توفي أبو طالب في السنة العاشرة من النبوة عن بضع وثمانين سنة.
ينسب إليه مجموع صغير سمي «ديوان شيخ الأباطح أبي طالب» فيه من الركاكة ما يبرئه عنه. لكن المؤرخين لسيرته ينسبون إليه بعض الأشعار التي يمتدح فيها النبي صلى الله عليه وسلم [من الطويل] :
«إذا اجتمعت يوما قريش لمفخر
…
فعبد مناف سرّها وصميمها
فإن حصلت أشراف عبد منافها
…
ففي هاشم أشرافها وقديمها
وإن فخرت يوما فإنّ محمدا
…
هو المصطفى من سرّها وكريمها»
وفي إعلانه حمايته للنبي صلى الله عليه وسلم وعصمته له من قريش وبطشها، [قوله من الكامل] :
«والله لن يصلوا إليك بجمعهم
…
حتى أوسّد في التراب دفينا
فامض لأمرك ما عليك غضاضة
…
أبشر وقرّ بذاك منك عيونا
ودعوتني وعلمت أنك ناصحي
…
ولقد دعوت وكنت ثمّ أمينا
وعرضت دينا قد عرفت بأنه
…
من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذاري سبّة
…
لوجدتني سمحا بذاك مبينا»
وله قصيدة لامية تعوذ فيها بحرم مكة وبمكانه منها، وتودد فيها أشراف قومه، وهو على ذلك يخبرهم في شعره أنه لن يتخلى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولن يتركه لشيء حتى يهلك دونه، كما أنه يمتدحه فيها. مطلعها [من الطويل] :
«ولما رأيت القوم لا ودّ فيهم
…
وقد قطعوا كل العرى والوسائل»
ومنها في امتداح الرسول صلى الله عليه وسلم: ليم عادل]
«لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد
…
وإخوته دأب المحبّ المواصل
فمن مثله في الناس أيّ مؤمّل
…
إذا قاسه الحكام عند التفاضل
حليم رشيد عادل غير طائش
…
يوالي إلها ليس عنه بغافل
كريم المساعي ماجد إبن ماجد
…
له إرث مجد ثابت غير ناضل
وأيّده ربّ العباد بنصره
…
وأظهر دينا حقّه غير زائل
حدبت بنفسي دونه وحميته
…
ودافعت عنه بالذّرى والكلاكل»
وهي قصيدة مطولة ينكر أكثرها بعض أهل العلم بالشعر؛ قال ابن