الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي عطافيه أو أثناء بردته
…
ما يعلم الله من دين ومن كرم»
توفي كعب عام 24 هـ/ 1662 م «1» .
291 كعب بن مالك
ولد في يثرب. وكان في الخامسة والعشرين لما شهد بيعة العقبة مع قومه الأنصار، فدخل في الإسلام. آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين الزبير بن العوام. وكان صلى الله عليه وسلم يطلب منه أن ينشده بعض ما قاله في الدفاع عن دين الإسلام، وتأديب المشركين فيستجيب كعب وينشد؛ فيقول له الرسول صلى الله عليه وسلم مستزيدا: إيه. فيعود كعب إلى الإنشاد. ثم يقول له: «لهذا أشدّ عليهم من مواقع النبل» . وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم أحد شعرائه الذين ينافحون عن أعراض المسلمين؛ فكان يجاهد بلسانه وسنانه. يصف كعب حال قومه الأنصار مع الرسول صلى الله عليه وسلم [من الكامل] :
«ويعيننا الله العزيز بقوة
…
منه وصدق الصبر ساعة نلتقي
ونطيع أمر نبيّنا ونجيبه
…
وإذا دعا لكريهة لم نسبق
ومتى ينادي للشدائد نأتها
…
ومتى نرى الحومات فيها نعنق
(1) ابن حجر، الإصابة 3/ 295- 296؛ ابن كثير، البداية والنهاية 4/ 361؛ الطبري، الاستيعاب 3/ 298؛ رضا، محمد رسول الله، ص 316؛ فروخ، تاريخ الأدب 1/ 282- 283؛ السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 19؛ الزركلي، الأعلام 5/ 226؛ كحالة، معجم 8/ 144؛ ابن هشام، السيرة النبوية 2/ 501؛ السبكي، طبقات الشافعية 1/ 122؛ المسلوت، الأدب العربي، ص 100؛ ابن عبد ربه، العقد الفريد 5/ 288؛ الآلوسي، بلوغ الأرب 2/ 130؛ مروة، أحسن الأثر، ص 188؛ الأصفهاني، الأغاني 15/ 149؛ النويري، نهاية الأرب 16/ 429- 437؛ فروخ، التصوف في الإسلام، ص 97؛ أبو الخطاب، جمهرة أشعار العرب، ص 148- 151؛ أحمد عطية الله، القاموس الإسلامي (القاهرة 1963) 1/ 298؛ دائرة المعارف الإسلامية 3/ 528؛ ابن حجر، الدرر الكامنة 3/ 486؛ الفاخوري، تاريخ الأدب، ص 229- 232؛ حاجي خليفة، كشف الظنون 2/ 1329- 1330؛ مبارك، المدائح النبوية، ص 21- 28. ديوان كعب بن زهير. دار الكتب العلمية. بيروت. ط. أولى 1407 هـ/ 1987 م.
من يتّبع قول النبيّ فإنه
…
فينا مطاع الأمر حقّ مصدّق
فبذاك ينصرنا ويظهر عزّنا
…
ويصيبنا من نيل ذاك بمرفق
إنّ الذين يكذّبون محمدا
…
كفروا وضلّوا عن طريق المتّقي»
شهد كعب معظم الغزوات مع الرسول صلى الله عليه وسلم. ففي معركة أحد طلب أبو سفيان بن حرب من الأنصار أن يخلوا بين قريش وبين المهاجرين، أي القرشيين المسلمين، على ألاتتعرض قريش للأنصار، أي مسلمي المدينة. وكاد الأمر يؤدي إلى فتنة حتى نهض كعب يحرّض الأنصار ويذكرهم بالمواثيق والعهود التي قطعوها للنبي صلى الله عليه وسلم. ثم بعث بقصيدة إلى أبي سفيان يبين له تعلق الأنصار بالنبي صلى الله عليه وسلم وتفانيهم في الذبّ عنه. ومطلعها [من الطويل] :
«أبلغ أبا سفيان أن قد أضالنا
…
بأحمد نور من هدى الله ساطع «1»
فلا ترغبن في حربنا أن تكيدنا
…
وألّب وجمّع كلّ ما أنت جامع
ودونك فاعلم أنّ نقض عهودنا
…
أباه الملامنّا الذين تبايعوا»
«2» وفي هذه المعركة أصيب كعب بأحد عشر جرحا بجسمه، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتدت المعركة وأشيع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قتل، فكان كعب أول من شاهد الرسول صلى الله عليه وسلم حيا، فأخذ يصيح يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. لكنه في غزوة تبوك تخلف عن اللحاق بالرسول صلى الله عليه وسلم فقاطعه جمهور المسلمين مدة خمسين يوما حتى قبل الله تعالى توبته.
وفيما عدا ذلك كان يجاهد بالكلمة والمال والروح والنفس حتى وفاته عام 50 هـ/ 670 م بالمدينة المنورة وله سبع وسبعون سنة. له ديوان شعر فيه العديد من المدائح النبوية. منها قصيدة مطولة يرد فيها على هبيرة بن أبي وهب المخزومي، مطلعها [من الطويل] :
«ألا هل أتى غسان عنّا ودونهم
…
من الأرض خرق سيره متنعنع»
(1) أضا لنا: أضاء لنا.
(2)
الملا: الملأ.
ومنها:
«وفينا رسول الله نتبع أمره
…
إذا قال فينا القول لا نتطلّع
تدلّى عليه الروح من عند ربه
…
ينزّل من جوّ السماء ويرفع
نشاوره فيما نريد وقصرنا
…
إذا ما اشتهى أنّا نطيع ونسمع «1»
وقال رسول الله لما بدوا لنا
…
ذروا عنكم هول المنيّات واطمعوا
وكونوا كمن يشري الحياة تقرّبا
…
إلى ملك يحيا لديه ويرجع
ولكن خذوا أسيافكم وتوكّلوا
…
على الله إنّ الأمر لله أجمع»
وفي قصيدة ثانية [من الطويل] :
«عجبت لأمر الله والله قادر
…
على ما أراد ليس لله قاهر
وفينا رسول الله والأوس حوله
…
له معقل منهم عزيز وناصر
شهدنا بأنّ الله لا ربّ غيره
…
وأنّ رسول الله بالحقّ ظاهر»
وفي ثالثة [من الوافر] :
«نذير صادق أدّى كتابا
…
وآيات مبينة تنير
فقالوا ما أتيت بأمر صدق
…
وأنت بمنكر منّا جدير
فقال بلى لقد أدّيت حقّا
…
يصدّقني به الفهم الخبير
فمن يتبعه يهد لكلّ رشد
…
ومن يكفر به يجز الكفور
فلما أشربوا غدرا وكفرا
…
وحاد بهم عن الحقّ النفور
أرى الله النبيّ برأي صدق
…
وكان الله يحكم لا يجور
فأيّده وسلّطه عليهم
…
وكان نصيره نعم النصير»
«2»
(1) قصرنا: غايتنا.
(2)
أحمد الشرباصي، فدائيون في تاريخ الإسلام ص 151- 163؛ ابن هشام، السيرة النبوية 2/ 14 و 199؛ الأصفهاني، الأغاني 15/ 27؛ فروخ، تاريخ الأدب 1/ 323؛ ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق 21/ 189- 193؛ الرافعي، عنوان النجابة، ص 103- 104؛ الزركلي، الأعلام 5/ 228.