الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«منائح الألطاف في مدائح الأشراف» . جاء في إحدى مدائحه النبوية [من الكامل] :
«وإذا وصلت إلى معاهد طيبة
…
وبدا لعينك نور تلك الأربع «1»
فادخل لذي الجاه الرفيع وكن على
…
حذر وسل بتأدب وتضرّع
واغنم سويعات هناك سعيدة
…
ما بين منبره وأفضل مضجع
واستقبل القبر الشريف وناده
…
يا من يؤمّل للكروب إذا دعي
يا من له الجاه العريض ومن به
…
يبرا السقيم من السقام المفظع
واذكر هناك تشوّقي وتشوّفي
…
وتلهّفي وتولّعي وتوجّعي «2»
واسأل أهيل الحيّ عن قلبي فمذ
…
فارقت طيبة لم أجد قلبي معي
تلك الديار فأين يوجد مثلها
…
طيبا وأيّ علا لها لم يرجع
حيث النبوة والرسالة والهدى
…
ولوامع الفضل الأعزّ الأمنع
سرّ الوجود وقطب دائرة الشهو
…
د وذو اللّوا المعقود يوم المفزع «3»
أزكى الورى وأجلّ من وطىء الثّرى
…
قدرا وأكرم شافع ومشفّع»
«4»
179 عبد الله بن يحيى الشقراطيسي
نسبة إلى قلعة قديمة كانت بالقرب من قفصة في تونس تسمى شقراطس. ولد في توزر جنوبي تونس. تلقى العلم على والده ثم على مشايخ المنطقة. في عام 429 هـ/ 1037 م رحل إلى المشرق فحج وزار المدينة المنورة. وخلال مروره بمصر صادف نزول الصليبيين في هذا القطر فاشترك مع المصريين في مقاتلتهم، وأبلى البلاء الحسن. ثم عاد إلى توزر
(1) معاهد: منازل. والأربع: مفردها الربع: المنزل.
(2)
تشوف: تطلع. تلهف: تحسر.
(3)
يوم المفزع: يوم القيامة.
(4)
النبهاني، المجموعة النبهانية 2/ 365- 368؛ البغدادي، هدية 1/ 483؛ الزركلي، الأعلام 4/ 130؛ كحالة، معجم 6/ 124.
فأفتى فيها ودرّس. وكانت وفاته في ثامن ربيع الأول عام 466 هـ/ 11/ 11/ 1073 م. برع في النثر والشعر، واشتهر ببديعية، قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، عرفت بلامية الشقراطيسي، تبلغ نحو 133 بيتا؛ أورد فيها شيئا من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم وبعض معجزاته وغزواته، وذكر فيها شيئا ممن صفاته.
وقد اهتم بهذه القصيدة كثير من الشعراء، فشطروها أو خمسوها أو شرحوها أو انتقدوا ما فيها من أوجه البلاغة والصناعة اللفظية. جاء فيها [من البسيط] : كرم من يمشى على قدم]
«الحمد لله منّا باعث الرسل
…
هدى بأحمد منّا أحمد السّبل
خير البرية من بدو ومن حضر
…
وأكرم الخلق من حاف ومنتعل
توراة موسى أتت عنه فصدّقها
…
إنجيل عيسى بحقّ غير مفتعل
ضاءت بمولده الآفاق واتصلت
…
بشرى الهواتف في الإشراق والطّفل
خرّت لمبعثه الأوثان وانبعثت
…
ثواقب الشّهب ترمي الجنّ بالشّعل
دعوت للخلق عام المحل مبتهلا
…
أفديك في الخلق من داع ومبتهل
صعّدت كفّيك إذ كفّ الغمام فما
…
صوّبت إلا بصوب الواكف الهطل
أعجزت بالوحي أرباب البلاغة في
…
عصر البيان فضلّت أوجه الحيل
أرحت بالسيف ظهر الأرض من نفر
…
أزحت بالصدق منهم كاذب العلل
ويوم مكة إذ أشرفت في أمم
…
يضيق منها فجاج الوعث والسهل
عاذوا بظلّ كريم العفو ذي لطف
…
مبارك الوجه بالتوفيق مشتمل
فجدت عفوا بفضل العفو منك ولم
…
تلمم ولا بأليم اللوم والعذل
وأصبح الدين قد حفّت جوانبه
…
بعزّة النصر واستولى على الملل
يا صفوة الخلق قد أصفيت فيك صفا
…
صفو الوداد بلا شوب ولا دخل
ألست أكرم من يمشي على قدم
…
من البرية فوق السهل والجبل
وأزلف الخلق عند الله منزلة
…
إذ قيل في مشهد الأشهاد والرّسل
قم يا محمد فاشفع في العباد وقل
…
تسمع وسل تعط واشفع عائدا وسل»
«1»
(1) فروخ، تاريخ الأدب 4/ 610- 614؛ الزركلي، الأعلام 4/ 114- 115؛ النويري، نهاية الأرب 18/ 347- 359.