الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
إن خطة تغيير المنهج تتطلب أيضا خلق الظروف، وتحديد العلاقات بين العاملين، وتحديد ما إذا كانوا سيعملون كلجان، أو جماعات، أو تجارب فردية، وتحديد كيفية تتابع الخطوات المختلفة.
3-
إن التغير الفعال للمنهج يتطلب قدرا كبيرا من التعليم والتدريب، فهناك معارف ومفاهيم وتعميمات ومهارات جديدة مطلوب تعلمها، كما أن هناك أساليب جديدة للتفكير تحتاج إلى التدرب عليها، وهناك تجارب مطلوب إجراؤها، كل هذا يتطلب أن تكون هناك مبادئ نظرية يجري العمل على هديها.
4-
إن التغير، كما قلنا يتضمن قدرا كبيرا من العوامل الإنسانية، كتغيير أفكار الناس، وعلى الأخص المهتمون بشئون التعليم، نحو دور المنهج في العملية التربوية، وكيفية تنفيذه، وهذا ربما يتطلب هدما لبعض العادات والممارسات القديمة، وتدريبا على الأساليب الحديثة.
5-
إن تغيير المنهج عملية معقدة، تتطلب الكثير من الخبرات والمهارات في كل خطوة من خطوات العمل، وعلى هذا فتوفر الخبراء والمتخصصين من البداية أمر هام، كما أن توزيع الأدوار، والنقطة التي يبدأ منها كل خبير أمر هام أيضا، إن الأمر يحتاج إلى إداريين، وخبراء في التصميم، وآخرين في تحديد المحتوى وتنظيمه، ولا يصح أن يشارك كل الخبراء في كل شيء دفعة واحدة.
6-
إن تغيير المناهج يتطلب قيادة ماهرة، كما يتطلب أيضا توزيع القيادة في كل جزء من أجزاء العمل وفي كل مجال من مجالاته.
تطوير المنهج:
التطور هو التغير التدريجي الآلي الذي يحدث في بنية الكائنات الحية وسلوكها، ويطلق أيضا على التغير التدريجي الذي يحدث في تركيب المجتمع أو العلاقات أو النظم أو القيم السائدة فيه، أما التطوير فهو التغيير المتعمد لتحقيق أهداف معينة، وعلى هذا فإن التطوير هو تغيير على أساس علمي موضوعي ودراسة لكل العوامل المؤثرة والمتأثرة به، فالتطوير يستلزم التغيير الواعي، بينما التغيير قد يؤدي أو لا يؤدى إلى التطوير1، كما أن التغيير قد يحدث بإرادة الإنسان، وقد يحدث دون إرادته، وذلك عندما تكون العوامل المؤدية إليه خارجة عن إرادة الإنسان وليس له دخل في إحداثها، أما التطوير فلا يمكن أن يحدث إلا بإرادة الإنسان ورغبته، والتغيير قد يكون جزئيا ينصب على جانب معين أو مظهر خاص، بينما تطوير
1 حلمي أحمد الوكيل، تطوير المناهج، القاهرة، الأنجلو المصرية، الطبعة الأولى، 1977، ص10.
المنهج عملية شاملة لجميع جوانبه1، فتطوير المنهج عملية تهدف إلى الوصول به إلى الصورة التي تمكنه من تحقيق أهدافه على أفضل وجه في أقصر وقت وأقل جهد.
والتطوير عملية شاملة ترتبط أشد الارتباط لا بما تقدمه المدرسة إلى التلميذ فحسب، بل تشمل التلميذ وبيئته وظروف حياته والمجتمع الذي توجد فيه المدرسة، كما أن التطوير عملية ديناميكية لأن العوامل التي تدخل فيها في تفاعل، وكل عامل يؤثر في العوامل الأخرى ويتأثر بها، ولذلك فإن الحركة والتأثير لا ينقطعان، وهذا بدوره يؤدي إلى تغير مستمر، والتغيير السليم هو الذي يؤدي إلى التطوير2.
لكن المنهج له عدة أسس تعتبر مصادر يشتق منها أهدافه ومحتواه، والتغيرات التي تحدث في هذه المصادر تعتبر قوة محركة وعاملا يستلزم ضرورة تطوير المنهج ليوائم هذه التغيرات التي حدثت في مصادره، هذا وإلا أصبح المنهج شيئا منفصلا عن جذوره وأسسه، وأهم هذه الأسس هي:
1-
طبيعة المعرفة.
2-
الطبيعة الإنسانية وطبيعة التعلم.
3-
طبيعة المجتمع والحياة.
إن تحديد أهداف المنهج، واختيار الخبرات التعليمية المناسبة، واختيار طرائق وأساليب التدريس المناسبة، كل هذا يتوقف على معرفة التلميذ ومرحلة النمو التي يمر بها ومطالب هذه المرحلة، كما أن تحديد أفضل الطرق لإرشاد التلاميذ، وتحديد مجالات النشاط المناسبة لهم، واستغلال طاقاتهم وإمكاناتهم، كل هذا يتوقف على معرفة مخطط المنهج بهؤلاء التلاميذ، إن التلميذ سوف يصير إنسانا أو مواطنا في المجتمع، فإذا لم يؤخذ في الاعتبار صفات المواطنة الصالحة التي يتطلبها المجتمع من أفراده، وإذا لم يؤخذ في الاعتبار المشكلات التي يواجهها التلميذ في حاضره، والآمال التي يرجوها في مستقبله، فإن هذا المنهج سوف يصبح قاصرا عن تحقيق أهدافه.
إن لكل مجتمع طبيعته الخاصة، فلكل مجتمع معاييره وقيمه الخاصة، مثل الأهداف التربوية العامة والنظرية الاقتصادية والرؤية السياسية والمعتقدات الدينية ومفهوم العلاقات والطبقات الاجتماعية الخاصة به، إن لكل مجتمع أيضا مؤسساته سواء كانت مؤسسات اقتصادية أو سياسية أو تربوية أو اجتماعية أو دينية.. إلخ، كما أن لكل مجتمع جغرافيته الخاصة، ومظاهر خاصة للنمو السكاني فيه، وله أيضا مصادره الطبيعية كل هذه الأمور الخاصة بالمجتمع منها ما هو ثابت ومنها ما هو
1 المرجع السابق.
2 المرجع السابق، ص9.
متغير ومتطور وأي تغير أو تطور يطرأ عليها يستلزم بالضرورة تطورا في المنهج الدراسي.
إن طبيعة المعرفة، والفكر السائد في المجتمع، ومدى تأثره بالأفكار التي تفد عليه من الخارج، وطبيعة كل مادة دراسية، كل هذا أيضا يمثل أساسا من أسس المنهج، وأي تطور فيه يستلزم بالضرورة تطورا في المنهج، فالتدفق المعرفي والثورة التكنولوجية في العصر الحديث، والاكتشافات الجديدة في مجال علم النفس، والنظريات التربوية الحديثة التي ظهرت وأثرت على الفكر التربوي في القرن العشرين، كل هذا يشكل أساسا يقوم عليه بناء المنهج، وأي تغيير يطرأ عليه لا بد أن يقابله تغيير مناسب في أهداف المنهج ومحتواه وطرق تعليمه وتقويمه.
ويمكن تلخيص التطوير كما يلي:
1-
الاستناد إلى دراسة علمية للفرد.
2-
الاستناد إلى دراسة علمية للمجتمع1.
3-
الاستناد إلى دراسة طبيعة المعرفة، وطبيعة المادة، وما حدث للمعرفة الإنسانية من تطور، ودراسة انعكاسات هذه التغيرات على المنهج.
إن دراسة طبيعة الفرد وحاجاته ومشكلاته وطبيعة المجتمع وحاجاته ومشكلاته، وطبيعة المعرفة ومصادرها، يكون الأساس الذي يجب الاعتماد عليه في اشتقاق فلسفة تربوية ونظرية منهجية خاصة بكل مجتمع ونابعة منه وعاكسه لسماته وخصائص الأفراد فيه.
بعد تحديد الفلسفة التربوية الخاصة بالمجتمع، يمكن استخلاص مجموعة من المبادئ الخاصة بالفرد في هذا المجتمع، وما يجب مراعاته لإقدار الفرد على مواجهة مشكلات حياته الحاضرة والاستعداد للحياة في المستقبل وما قد يطرأ من تغيرات، كما يمكن استخلاص مجموعة من المبادئ ليهتدي بها المنهج أيضا في إقدار التلاميذ على المساهمة في حل مشكلات مجتمعهم في حاضره ومستقبله، واستخلاص مجموعة من المبادئ الخاصة بطبيعة المعرفة الإنسانية وطبيعة المادة.
إن هذه المبادئ التي تم استخلاصها والخاصة بالفرد والمجتمع والمعرفة تمثل النظرية المنهجية التي يمكن الاسترشاد بها في تطوير الأهداف المنهجية، والمحتوى التعليمي وطرائق التدريس وأساليب التقويم، إن أي تغيير له قيمة في المجتمع أو في
1 الدمرداش سرحان ومنير كامل، مرجع سابق، ص323، 324.