الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} . وقوله: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: 152]، وقوله:{يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26] . وهذه الآية الأخيرة تدل على أن العدل واجب حتى على الأنبياء، والعدل واجب حتى للأعداء، وهذه من أعظم فضائل الإسلام، وقد ورد النص على ذلك صريحا في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8] .
3-
والطاعة من المحكومين للحكام واجبة إذا سار الحكام وفق منهج الله وشريعته، وحكموا بالعدل المفروض عليهم:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] . فإذا لم يعترف الحكام بأن الحاكمية لله، ولم ينفذوا شريعة الله، سقطت طاعتهم، ولم يجب لأمرهم النفاذ.
4-
والشورى بين الحكام والمحكومين هي الأساس الرابع لنظام الإسلام في الحكم قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 195] . {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38] . فلأن الإسلام دين ودولة، ونظام كامل للحياة، فقد كفل لأتباعه حريتهم السياسية، وهي أن يكون لكل إنسان قادر الحق في الاشتراك في توجيه سياسة أمته، ومراقبة السلطة فيها. وقد كفل الإسلام للإنسان هذا الحق حين جعل نظام الحكم قائما على الشورى.
30-
فهم أساسيات النظام الاقتصادي:
وتقوم السياسة الاقتصادية في الإسلام على ثلاثة أسس:
أولا: إن المال مال الله، والناس مستخلفون فيه:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: 7]، ويقول الله في شأن المكاتبين من الأرقاء:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] .
ثانيا: كراهية أن يحبس المال في أيدي فئة قليلة من الناس يتداول بينهم بينما يمنع عن الآخري: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7] ، حتى إن الإسلام قد أجاز للحاكم بشريعة الله أن يأخذ بعض المال من الأغنياء ويملكه للفقراء، وذلك عندما يرى أن المجتمع قد اختل توازنه بظهور آفة الغنى إلى حد الترف الشديد
في جانب، والفقر المدقع في جانب آخر، وهذا ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام حين أعطى فيء بني النضير كله للمهاجرين.
ومن أجل منع المال من أن يحبس في أيدي فئة قليلة، لجأ الإسلام إلى وسائل أهمها الزكاة، والإرث، والصدقات، والمال العام أو الملكية العامة، وتربية الضمير الإنساني.
ثالثا: الملكية الفردية، فالمال مال الله، والناس مستخلفون في ملكية التصرف فيه والانتفاع به، لكنه التصرف والانتفاع الذي لا يصل إلى السفه، والناس يملكون المال بالعمل والكسب:{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32]، وبالإرث:{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} [النساء: 7] .
العدالة بين الفرد والمجتمع:
كما أن الفرد كل له أجزاء فهو أيضا جزء من كل هو المجتمع، وقد جسم الرسول عليه الصلاة والسلام العلاقة بين الفرد والجماعة في حديثه الشريف.
"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى""أخرجه الشيخان".
فالعدالة تقتضي أن يسهم الفرد في حركة عمارة المجتمع وترقيته، لأنه لن يصلح أمر الفرد إذا ساءت أحوال المجتمع، وحركة العمارة في حياة المجتمع ليست واحدة، فالمجتمع لا يريد أفراده أطباء أو مهندسين أو قضاة أو مدرسين أو عمالا أو مزارعين، بل يريد كل هؤلاء، ومن رحمة الله بالناس أن جعل لهم مواهب وميولا ومهارات واهتمامات مختلفة ومتعددة، لأن حركة المجتمع تحتاج إلى هذا التنوع والاختلاف في الاهتمامات والمهارات والقدرات حتى تتكامل الحركة فيه، فحركة الأجزاء في المجتمع الواحد، كحركة الأعضاء في الجسد الواحد، فلكل فرد مهمة، كما أن لكل عضو مهمة، وبتكامل عمل الأعضاء يصح الإنسان ويقوى، وكذلك الحال في المجتمع.
أما فيما يتصل بحركة كل فرد ونوعيتها، وعلاقتها بغيرها داخل المجتمع، فيصورها القرآن تصويرا دقيقا في قوله تعالى:{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32] .