الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قواعد الفطرة الإنسانية:
تقوم الفطرة الإنسانية على مجموعة من القواعد أهمها ما يلي:
1-
أن الإنسان مفطور على الإيمان بربوبية الله ووحدانيته.
2-
أن الفطرة الإنسانية ذات تكوين مزدوج.
3-
أن الإنسان مخلوق باستعدادات متساوية للخير والشر.
4-
أن الإنسان مزود بقدرة واعية كامنة فيه، قادرة على الاختيار الحر للخير والشر سواء.
5-
أن الإنسان حر، لذلك فتبعة أعماله ومسئولياته تقع عليه وحده.
6-
أن النفس الإنسانية هي جماع شخصية الإنسان.
الذي لا شك فيه، أن الإنسان خلق مفطورا على الإيمان، وحب الخير، فالله سبحانه أحسن كل شيء خلقه:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين: 4-6] .
فالحقيقة الرئيسية في هذه الآيات، هي حقيقة الفطرة القويمة التي فطر الله الإنسان عليها، واستقامة طبيعتها مع طبيعة الإيمان، والوصول بها إلى كمالها المقدور لها، وهبوط الإنسان وسفوله حين ينحرف عن سواء الفطرة واستقامة الإيمان.
وتتضح نفس هذه الحقيقة في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172] .
فحقيقة التوحيد مركوزة في الفطرة الإنسانية، يخرج بها كل مولود إلى الوجود، فلا يميل عنها إلا أن يفسد فطرته عامل خارجي عنها، عامل يستغل الاستعداد البشري للهدى والضلال، وهو استعداد كامن تخرجه إلى حيز الوجود الملابسات والظروف التي ينشأ فيها الإنسان، كما يوضح هذا صراحة قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم:"كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تولد بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟ ""رواه البخاري ومسلم".
والفطرة الإنسانية في الإسلام ذات تكوين مزودج: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [ص: 71، 72] .
فالإنسان مخلوق من طين الأرض، ومن عناصرها تكون، لكن النفخة العلوية هي التي جعلت منه إنسانا، وصنفته ضمن مخلوقات الملأ الأعلى.
فالإنسان -إذن- مكون من جسم ومن روح، والجسم مكون من جميع الأجهزة والأعضاء، بما في ذلك السمع، والبصر، والعقل.. نعم العقل، فالعقل ما هو إلا جهاز من الأجهزة التي خلقها الله في الجسم؛ لتقوم بوظيفة من وظائف الجسم مثله في ذلك مثل جهاز السمع، وجهاز البصر، وجهاز النطق، وجهاز الهضم، إلى آخره. إلا أن هذا الجهاز مسيطر ومنظم لأجهزة الجسم الأخرى، ومع ذلك فأداؤه لوظيفته يتأثر بمدى صحة الأجهزة الأخرى وكفاءتها في العمل.
ولقد نفخ الله فيه من روحه؛ لأن إرادته اقتضت أن يكون خليفة لله في الأرض، وأن يتسلم مقاليد هذا الكوكب في الحدود التي قدرها الله له، وتتطلبها مقتضيات العمارة من قوى وطاقات.
والإنسان يرتقي في معرفته وفي إعماره للكون، كلما اتصل بمصدر النفخة العلوية فيه، واهتدى به في استقامة، أما حين ينحرف عن ذلك المصدر فإن تيارات المعرفة في كيانه وفي حياته لا تتناسق، بل وتصبح خطرا على سلامة اتجاهه، وتقوده إلى نكسة في خصائصه الإنسانية، مهما تضخمت علومه وتجاربه في الحياة.
ولقد خلق الله الإنسان مزودا باستعدادات متساوية للخير والشر، كما خلقه مزودا بقدرات كامنة فيه قادرة على توجيهه إلى الخير وإلى الشر سواء، وجعل تبعة أعماله ومسئولياته تقع عليه وحده، ولقد أكد القرآن هذه القاعد في كثير من الآيات:
{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ، وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ، وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 8-10] .
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3] .
{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 7-10] .
من خلال الآيات السابقة يتضح لنا ما يأتي:
أن الإنسان كائن مخلوق مزدوج الفطرة، مزدوج الاستعداد، مزدود الاتجاه.
أنه بطبيعة تكوينه المزدوجة "من طين الأرض، ومن نفخة الله فيه من روحه" مزود باستعدادات متساوية للخير والشر، والهدى والضلال.
أنه قادر على التمييز بين ما هو خير وما هو شر، كما أنه قادر على توجيه نفسه إلى الخير والشر سواء، وأن هذه القدرة على التمييز والتوجيه كامنة في كيانه،