المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطريقة وعلاقتها بأسس المنهج وعناصره: - مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها

[على أحمد مدكور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌تقديم

- ‌سلسلة المراجع في التربية وعلم النفس:

- ‌مقدمة:

- ‌الفصل الأول: المفاهيم الأساسية لمناهج التربية

- ‌مدخل

- ‌مفهوم المنهج وخصائصه:

- ‌مفهوم الدين وعلاقته بمناهج التربية:

- ‌مفهوم العبادة وعلاقته بمناهج التربية:

- ‌مفهوم التربية:

- ‌مفهوم الفلسفة وعلاقته بمناهج التربية:

- ‌اللغة العربية ومناهج التربية:

- ‌الخلاصة:

- ‌الفصل الثاني: أسس مناهج التربية

- ‌مدخل

- ‌طبيعة المعرفة:

- ‌مصادر المعرفة

- ‌مدخل

- ‌الوحي مصدر المعرفة:

- ‌الكون هو المصدر الثاني للمعرفة:

- ‌العلم والمعرفة ومفهوم التعلم:

- ‌التطبيق غاية العلم والمعرفة

- ‌العلم والمعرفة وقيادة الإنسانية

- ‌الفصل الثالث: الطبيعة الإنسانية وطبيعة المتعلم

- ‌الإنسان والفطرة الإنسانية

- ‌مكونات النفس الإنسانية:

- ‌قواعد الفطرة الإنسانية:

- ‌دافع السلوك

- ‌الحاجات الإنسانية:

- ‌النمو والتعلم:

- ‌واجبات المنهج نحو الطبيعة الإنسانية وطبيعة المتعلم:

- ‌الفصل الرابع: طبيعة الحياة والمجتمع

- ‌مفهوم الحياة

- ‌طبيعة المجتمع ومكوناته:

- ‌العلم والمعرفة ومكونات المجتمع:

- ‌العدل بين الأفراد والنظم والمؤسسات:

- ‌العمل أساس التملك:

- ‌الحرية المسئولة أساس العلاقة بين الفرد والمجتمع

- ‌التغير الثقافي والحضاري

- ‌ واجبات المناهج التربوية

- ‌الفصل الخامس: أهداف المناهج

- ‌مدخل

- ‌معايير جودة الأهداف

- ‌أولا: الوضوح

- ‌ثانيا: الشمول

- ‌ثالثا: التكامل

- ‌أهداف منهج التربية

- ‌إدراك مفهوم "الدين" ومفهوم "العبادة" والعمل بمقتضاهما

- ‌ ترسيخ عقيدة الإيمان بالله والأخوة في الله:

- ‌ تحقيق الإيمان والفهم لحقيقة الألوهية:

- ‌ إدراك حقيقة الكون غيبه وشهوده:

- ‌ فهم حقيقة الحياة الدنيا والآخرة:

- ‌ تحقيق وسطية الأمة وشهادتها على الناس:

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌ استعادة تميز الأمة:

- ‌ العمل على تحقيق وحدة الأمة:

- ‌ إعانة الطالب على تحقيق ذاته:

- ‌ إعداد الإنسان للجهاد في سبيل الله:

- ‌ إدراك أهمية العلم وقيمته في إعمار الحياة:

- ‌ تعميق شعور الإيمان بالعدل كقيمة لا تعمر الحياة بدونها:

- ‌ تأكيد شعور الطلاب بأن الحرية فطرة إنسانية:

- ‌ إدراك مفهوم الشورى وتطبيقاته:

- ‌ أن يتأكد لدى الطلاب المفهوم الصحيح للعمل:

- ‌ إدراك مفهوم التغير الاجتماعي:

- ‌ إدراك مصادر المعرفة والعلاقات بينها:

- ‌ إدراك الطلاب الفرق بين الإسلام والتراث الإسلامي:

- ‌ إدراك مفهوم الثقافة والحضارة:

- ‌ إدراك الفرق بين الغزو الثقافي والتفاعل الثقافي:

- ‌ ترسيخ مفاهيم العدل والسلام في عقول الطلاب:

- ‌ الاهتمام بالسيطرة على مهارات اللغة العربية:

- ‌ إدراك أهمية التفكير العلمي وفهم مناهجه، والتدريب على أساليبه:

- ‌ إدراك الطلاب لمفهوم الفن والأدب:

- ‌ بناء الشخصية القوية الكادحة لا الشخصية المترفة:

- ‌ فهم النظرية التاريخية:

- ‌ فهم الطلاب لطبيعة المجتمع:

- ‌ فهم أساسيات النظام السياسي:

- ‌ فهم أساسيات النظام الاقتصادي:

- ‌ إدراك الطلاب لأهمية نظام الأسرة:

- ‌ إدراك الطلاب لمهمة الإعلام الحقيقية في المجتمع:

- ‌ الاهتمام بالمدخل الحضاري في تعليم الكبار:

- ‌ تنمية شعور الطلاب وإدراكهم للمسئولية الاجتماعية:

- ‌الفصل السادس: محتوى مناهج التربية

- ‌مفهوم المحتوى ومصادره

- ‌طرائق اختيار المحتوى

- ‌أنواع المحتوى:

- ‌معايير جودة المحتوى:

- ‌الفصل السابع: طرائق وأساليب التدريس

- ‌عملية التدريس ومراحلها

- ‌الطريقة وعلاقتها بأسس المنهج وعناصره:

- ‌الوسائل التعليمية:

- ‌طرائق التدريس

- ‌مدخل

- ‌طريقة القدوة:

- ‌طريقة المحاضرة:

- ‌طريقة المناقشة:

- ‌طريقة حل المشكلات:

- ‌طريقة الملاحظة والتجربة:

- ‌تفريد التعليم:

- ‌التدريس بالفريق

- ‌التدريس المصغر

- ‌الفصل الثامن: طرائق وأساليب التقويم

- ‌مفهوم التقويم:

- ‌أسس التقويم:

- ‌أنواع التقويم ومستوياته

- ‌الاختبارات التحصيلية:

- ‌تفسير الدرجات:

- ‌الخلاصة:

- ‌الفصل التاسع: تطوير المناهج

- ‌بين التغيير والتحسين والتطوير

- ‌تطوير المنهج:

- ‌مراحل تطوير المنهج

- ‌مرحلة وضع المبررات لمشروع التطوير

- ‌ مرحلة تحديد الأهداف:

- ‌ مرحلة اختيار المحتوى ومنهجيات التعلم البديلة:

- ‌ مرحلة الاختبار الميداني:

- ‌ مرحلة المراجعة:

- ‌ مرحلة التنفيذ:

- ‌المراجع:

- ‌ المحتوى

الفصل: ‌الطريقة وعلاقتها بأسس المنهج وعناصره:

‌الطريقة وعلاقتها بأسس المنهج وعناصره:

إن طريقة التدريس ذات صلة وثيقة بأسس المنهج السابق ذكرها، كما أن صلتها وثيقة أيضا بعناصر المنهج التي سبق الحديث عنها وما سوف يأتي منها، فالمنهج وحدة متكاملة البناء، ذات أجزءا مختلفة، ولكن بينها علاقات ذات تأثير وتأثر متبادل.

إن تحديد أهداف المنهج بطريقة مناسبة، واختيار المحتوى المناسب لهذه الأهداف، واختيار أفضل الطرائق للتعلم، كل هذا يعتمد على دراسة أسس المنهج ومصادر اشتقاقه، إن تربية الأطفال والشباب لا تتم في فراغ، وإنما تأخذ مكانها في مجتمع معين؛ ولهذا فإن بناء المنهج لا بد أن يعتمد على دراسة ثلاثة عوامل:

1-

طبيعة المعرفة The Nature of Knowledge

2 طبيعة الفرد في المجتمع The Nature of Man

3-

طبيعة المجتمع The Nature of Society وحاجاته ومشكلاته.

وهذا يشمل فيما يشمل، طبيعة المادة، وطبيعة عملية التعلم وكيفية حدوثه، وعلى هذا فإن تطوير المنهج -كما سنشير إلى ذلك في الفصل الأخير من هذا الكتاب- لا بد أن ينطلق من دراسة هذه الطبائع الثلاثة وعوامل التغيير واتجاهاته فيها.

إن مخطط المنهج مجبر على مسح وتفسير طبيعة مجتمعه، وقيمه الأساسية الثابتة والعناصر المتغيرة فيه، إن أية محاولة ناجحة لتخطيط منهج في فترة تغير اجتماعي سريع لا بد أن تفهم حاضر المجتمع وواقعه الذي هو عليه واتجاهاته نحو المستقبل، ولأن حاضر المجتمع متأثر بماضيه، إذ فلا بد من فهم الأسس الفلسفية والأحداث التاريخية التي أثرت في وجدان هذا المجتمع وساهمت في تكوين أنماطه السلوكية، إن تخطيط المنهج وتنفيذه بناء على هذا، سوف يتأثر إلى حد كبير بعقيدة المجتمع، وبالقيم الاجتماعية وبالحاجات الاجتماعية والمشكلات الاجتماعية، إن تحليل ماضي المجتمع، وحاجاته ومشكلاته الحاضرة وتطلعاته نحو المستقبل سوف يعين مخطط المنهج ومنفذيه على تحديد أي الأهداف يجب التأكيد عليها وأيها يمكن تركها،

ص: 226

وأي الخبرات ضروري وأيها يمكن تركه، وأي القيم يجب تدعيمه وأيها يجب إرساؤه، وأيها يجب القضاء عليه، وهذا يعني أي طرائق التدريس أكثر مناسبة لكل من الأهداف والمحتوى المختار، إن دراسة المجتمع لا بد أن تأخذ في اعتبارها الواقع كما هو عليه، وما يجب أن يكون عليه.

أساس آخر يجب أخذه في الاعتبار عند تحديد الأهداف التعليمية واختيار المحتوى وطرق التدريس المناسبة، هو طبيعة المتعلم، حاجات نموه، نتائج نموه، خبراته واهتماماته، ودوافعه، وطموحاته، وعلاقاته الاجتماعية، إن المنهج هو خطة للتعلم، ولهذا فإن معرفة المتعلم يجب أن تحدد أي الأهداف يمكن تحقيقها وتحت أي ظروف، يجب أيضا معرفة متى تصبح العملية التعليمية أكثر فاعلية وتحت أي شروط، وما العوامل التي يجب توافرها لإنجاحها.

أساس ثالث هو طبيعة الثقافة، وطبيعة المعرفة ومصادر المعرفة، والسمات الخاصة للإسهامات الفريدة للمواد الدراسية في تكوين محتوى المنهج، فالنظم التعليمية تختلف باختلاف ثقافاتها، وباختلاف فهمها لطبيعة المعرفة، والأهمية التي تعطيها للمواد الدراسية المختلفة، إن المواد الدراسية تختلف في تركيبها وطبيعة تكوينها وبالتالي تختلف في إسهاماتها في المناهج الدراسية، كما أنها تختلف في إسهامها في المنهج حسب الأهمية المعطاة لها في المجتمع، إن كل مادة دراسية تساهم بقدر مختلف في النمو العقلي والاجتماعي والجسماني للفرد، إننا اليوم بخاصة في عصر التدفق المعرفي بحاجة إلى إعادة دراسة المواد الأساسية التي تتكون منها موضوعات الدراسة للتأكد من المفاهيم التي تنظم حولها المواد الدراسية، وللتأكد من أنها تتفق مع التطورات في هذه المواد، وهكذا نرى أن هناك علاقات أساسية بين أساسيات المنهج وعناصره، ومنها طرق التدريس.

الطريقة كعنصر من عناصر المنهج:

يجب أن نبادر بالقول بأن الفصل بين المناهج وطرق التدريس هو فصل مصطنع، قصد به التنظيم وإتاحة الفرصة لدراسة طرق التدريس المختلفة وإستراتيجياتها وفلسفاتها، إن تحديد طريقة التدريس المناسبة تعتمد على وضوح العلاقات الأساسية بينها وبين كافة عناصر المنهج الأخرى، وبدون وضوح لهذه العلاقات تصبح طريقة التدريس مجرد جهد يبذله المدرس دون جدوى، والطريقة كعنصر من عناصر المنهج لها أهمية متميزة، فنحن حينما نقول إن هناك مستويين للمنهج أحدهما تخطيطي والآخر تنفيذي فإننا نقصد أن تناول المنهج على المستوى التخطيطي تقترن به عمليات التصميم والبناء وهو الأمر الذي يحمل الخبراء

ص: 227

مسئولية، كما نقصد بالمستوى التنفيذي مجموع المواقف التعليمية التي يشترك فيها المعلم مع تلاميذه في تنفيذ المنهج في الاتجاه المرغوب فيه، أي: في اتجاه ما حدد للمنهج من أهداف.

وعلى ذلك فإنه لمن الصعوبة بمكان أن نفصل محتوى المنهج عن الطرق المتبعة في تدريسه، كأن نقول هنا ينتهي المحتوى وتبدأ الطريقة، فمثلا لو أن التلاميذ يناقشون بعض الموضوعات، فإن الموضوعات وما يقوله التلاميذ أو المدرس عنها يعتبر محتوى، بينما المناقشة هي الطريقة المتبعة في هذا الموقف التعليمي، إن المحتوى والطريقة أو الطرق تأتي سويا مع التلاميذ والمدرس في الموقف التعليمي الذي يمكن أن يوصف بأنه علاقة مخططة ومحكمة بين التلاميذ والمدرس والمادة التعليمية، والوسائل المعينة وعوامل البيئة الاجتماعية بقصد تعديل سلوك التلاميذ في الاتجاه المرغوب إن الطريقة، كعنصر في الموقف التعليمي، تشمل العلاقات بين التلاميذ، والمدرس، والمواد التعليمية، وتنظيم محتوى المنهج، وطريقة عرض هذا، المحتوى إلى التلاميذ، والأنشطة التي يقوم بها المدرس والتلاميذ.

ومن الصعوبات الكبيرة التي تواجه المدرس في موقف تعليمي أنه لا يوجد تلميذان يكتسبان نفس الخبرة التعليمية بالضبط، فحتى عندما يتحدث المدرس مباشرة إلى التلاميذ، فإن بعضهم سوف يسمع أشياء مختلفة، وبعضهم سوف يفسر ما سمع بطريقة مختلفة، وبعضهم سوف يبقي على أشياء مما سمع ويحرص عليها تختلف عن الآخرين، إن كل تلميذ سوف يساهم في الموقف التعليمي بقدر وبطريقة تختلف عن الآخرين، وإن مسئولية المدرس هنا هي أن يلائم بين هذه الخبرات المختلفة ويوجهها بطريقة تؤدي إلى تحقيق الأهداف المرغوبة والمحددة سابقا، إن الطفل الذي جاء من بيئة غنية اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا سوف يساهم في الخبرات التعليمية بطريقة تختلف تماما عن الطفل الذي جاء من بيئة فقرة.

إن اختلاف التلاميذ باختلاف بيئاتهم وشخصياتهم يتطلب تنوعا في المحتوى التعليمي والخبرات المثيرة والطرق المناسبة أو ما يراه المدرس مناسبا، إن مناسبة المحتوى أو الخبرات أو طريقة التدريس أو عدم مناسبتها يمكن الحكم عليها عندما يقيس المدرس المخرجات التعليمية، أو عندما يكتب أو يقرأ أو يعمل أو يتكلم التلميذ، عندئذ سوف يحكم المدرس على مدى مناسبة طريقته أو مدى فاعلية الخبرات التي يعلمها للتلاميذ.

هل هناك طريقة مثلى؟

إن طرائق التدريس تلقى من العناية أكثر مما يلقى أي عنصر آخر من عناصر المنهج، فالكتب المتخصصة تهتم بها كل في ميدانه، ويتم تدريب المدرس عليها قبل

ص: 228

وأثناء الخدمة، وبالرغم من هذا فهناك سوء فهم للطرائق ووظيفتها ومكانها في المنهج، وربما بسبب الأهمية المعطاة لها في مؤسسات إعداد المعلمين، وفي برامج تدريس المدرسين أثناء الخدمة، فإن بعض المدرسين قد يعتبرونها أهم عنصر في المنهج، كما أن هذا الاتجاه قد قوي أيضا؛ لأن المدرسين الأوائل والموجهين يدخلون الفصول الدراسية ويلاحظون المدرس والطريقة التي يتبعها في عرض الدرس، حقيقة إن طرق التدريس هي أوضح عناصر المنهج عندما تذهب إلى المدرسة، ولكن لا يجب الحكم عليها منفصلة عن بقية العناصر، حيث إن قيمة الطريقة أو الطرق المتبعة تبرز من خلال مدى تحقيقها للأهداف المرغوبة.

إن هناك تعبيرا شائعا عن طرائق التدريس، فقد يقول مدرس أو تربوي: إن هذه الطريقة أفضل من ذاك، وقد يعتقد البعض أن طريقة النشاط، أو طرق الاستكشاف، أو الطرق التقدمية أو الطرق التقليدية أفضل من الطرق الأخرى، وهنا نرى أن الطريقة قد حكم عليها بمعزل عن بقية عناصر المنهج، وكأن لها قيمة في حد ذاتها وليس في علاقتها بنوعية المحتوى التعليمي ونوعية الأهداف المراد تحقيقها، إن هناك أنواعا معينة من الأهداف التعليمية يمكن تحقيقها أفضل وأسرع باستخدام طرق معينة، فمثلا تنمية الاتجاهات والقيم تعتمد في تحقيقها على الطرق المتبعة أكثر من اعتمادها على نوعية المحتوى المختار، وباختصار فإن نوعية الأهداف والمحتوى، ونوعيات التلاميذ، والوسائل التعليمية المتاحة، ونوعية المدرس وطريقة إعداده الأكاديمية والمهنية، وكذلك البيئة المحيطة، كل هذا يؤثر في اختيار الطريقة أو الطرائق.

إننا حتى الآن لم نفهم بطريقة كاملة أي الطرق أفضل في تحقيق أهداف معينة، إن هذه النقطة ما زالت في حاجة إلى بحوث ودراسات. إن كل ما نفعله هو أننا نختار طريقة أو أكثر على افتراض أنها قد تكون هي الأفضل في الأداء من أجل تحقيق أهداف معينة، وفي مرحلة التقويم قد نفهم ما إذا كانت افتراضاتنا صحيحة أم خاطئة.

إن هناك اتجاها لدى بعض المدرسين مؤداه أن طرقا معينة للتدريس قد تكون أفضل بالنسبة لتلاميذ معينين، وهذا نتيجة لاستعمال بعض الطرق كالطريقة غير المباشرة والطرق الحرة مع التلاميذ الضعاف، ولكن هذه الطرق تكون مناسبة لهؤلاء التلاميذ في ظروف معينة، وقد تكون مناسبة أيضا للتلاميذ القادرين.

وهكذا نرى أن تنوع المحتوى والخبرات التعليمية يؤدي إلى تحقيق الأهداف المختلفة، وأن تنوع الطرق يؤدي نفس الغرض، وبطريقة أخرى يمكن القول أن المنهج الذي يحتوي على مجموعة من الأهداف المتنوعة يحتاج من أجل تحقيق هذه الأهداف

ص: 229

إلى تنوع في المحتوى والخبرات وإلى تنوع في الطرق المستخدمة في التدريس إن تنوع طرق التدريس يزيد من اهتمام التلاميذ، ويزيد من احتمال تعلمهم جميعا، حيث إن كل التلاميذ لا يتعلمون بطريقة واحدة.

من كل ما سبق تتضح لنا المبادئ العامة التالية:

1-

إن التدريس عملية معقدة لها أصولها العلمية ومهاراتها الفنية، وأنه يمكن أن يتعلم الفرد هذه الأصول ويتدرب على هذه المهارات حتى تزداد فاعليته، فالمدرس الكفء يصنع ولا يولد.

2-

إن عملية التدريس تقتضي أكثر من الإعداد الأكاديمي، فقد يكون الإنسان عالما في مادة ما ولكنه لا يعرف كيف يدرسها، ولذلك لا بد من الإعداد المهني بجانب الإعداد الأكاديمي.

3-

إن التدريس نشاط إنساني، يتكون من خلال علاقات إنسانية بين المدرس والطالب، ولذلك فالمدرس لا يمكن استبداله بآلة أو وسيلة مهما بلغت درجة دقتها وفاعليتها.

4-

إن التدريس عملية دينامية يتفاعل فيها المدرس مع التلميذ، ويسلم كل منهما بأهمية مشاركة الآخر في تحقيق الأهداف.

5-

إن التدريس عملية اتصال، وأن وسيلتها الرئيسية هي اللغة.

دور المدرس Role of the teacher:

إن التغير والتنوع في الطرق طبقا لنوعيات الأهداف وطبيعة المحتوى تخلق مشاكل للمدرسين، وخاصة هؤلاء الذين تعوزهم الخبرة في هذا المجال، وإحدى هذه المشكلات أن يفهم المدرس دوره المختلف حسب مقتضيات كل طريقة، فبينما الطريقة التقليدية تقتضي أن يحتل المدرس وضعا مركزيا، وأن يعرض محتوى المادة التعليمية، وأن يقود ويسيطر على ما يحدث في الفصل الدراسي نجد أن طريقة الاستكشاف Discovery Method تقتضي منه أن يلعب دورا مختلفا تماما، فإذا كانت الأهداف المطلوب تحقيقها تهتم بتعليم مفاهيم معينة، والقدرة على الاستقلال في الدراسة، والقدرة على العمل المنتج مع الآخرين، فإن على المدرس هنا أن يخطط المواقف التعليمية التي تتيح للتلاميذ أن يعملوا باستقلال، وأن ينشدوا المعرفة بأنفسهم، وأن يقوموا أفرادا وجماعات بالتخطيط والعمل، هنا نجد أن المدرس ليس هو محور الارتكاز وليس واسطة بين التلاميذ والمواد والخبرات التعليمية، هو هنا

ص: 230

ليس مفسرا أو متسلطا، وإنما هو مستشار أو ناصح، أو مكتب استشاري للتخطيط والإرشاد والأفكار.

إن العلاقة بين المدرس والتلاميذ سوف تتنوع أيضا حسب أوضاع التلاميذ أنفسهم، وهل هم يعملون في جماعات أم أفرادا، أم هم يكونون فصلا دراسيا، كما أن هذه العلاقة سوف تتنوع أيضا تبعا لمقدار لتوجيه والعناية التي يعطيها المدرس، ففي الموقف التعليمي الذي يسيطر فيه المدرس على مقدرات كل شيء، هنا المدرس ذو سلطان عظيم، وهو مصدر المعرفة الوحيد، فكره وحكمته غير قابلتين للمناقشة، ولكن الموقف يختلف في موقف تعليمي غير تقليدي، فإذا كان الموقف قد خطط كي يتعاون التلاميذ بتوجيه من المدرس على حل مشكلة ما، والبحث عن أساسها، واكتشاف العناصر التي أدت إلى تكوينها وتعقيدها ثم طرح البدائل لحلها، مع الأخذ في الاعتبار حساب النتائج التي قد تترتب على كل حل، في هذا الموقف يناقش المدرس مع تلاميذه عملهم، وقد يقترح عليهم بعض الأفكار، أو الوسائل، مع الأخذ في الاعتبار أن مقترحاته ليست دائما مقبولة، إن المدرس في الموقف التعليمي المرن لا بد أن يعترف بأنه يتعلم بجانب تلاميذه، وأن العملية التعليمية ذات اتجاهين is a tow-way process Learning إن المعلم في هذا الموقف لديه النية على إعطاء تلاميذه مسئولية أكبر في عملية تعلمهم، وعلى تدريبهم على إصدار الأحكام وحرية الاختيار، إن هذا لا يعني أن المدرس سوف يتنازل عن مسئوليته، بل على العكس من ذلك إن عليه دورا إيجابيا وهاما، ولكن ذو نوعية مختلفة، كما أنه سوف تبقى له الكلمة النهائية، ولكن سلطته سوف تكون أقل وضوحا وأقل ضغطا.

الإعداد Preparation:

سبق أن تحدثنا عن أن عملية التدريس ذات مراحل ثلاث، مرحلة الإعداد والتخطيط، ومرحلة التنفيذ والتفاعل، ثم مرحلة التقويم والمتابعة، إن الإعداد للطرائق المختلفة يخلق صعوبات للمدرس، فطبيعة الإعداد تختلف طبقا لاختلاف الطريقة المستخدمة والوقت المستخدمة فيه، فالإعداد للطريقة التقليدية إعداد مسبق للموقف التعليمي، وقد يشتمل هذا على اختيار المستخلصات من الكتب المقررة، واختيار الصور أو الأفلام أو أية وسائل معينة أخرى، كما يتضمن الإعداد هنا أيضا القرارات التي يتخذها المدرس لما سوف يقوم هو والتلاميذ بعمله بالفعل، مثل المناقشة، والقراءة، والكتابة، والتساؤلات والإجابات

إلخ.

قد يحدث الإعداد لطريقة الاستكشاف مقدما أيضا، ومن المحتمل أن يشمل هذا الإعداد التأكد من وجود المواد التعليمية مثل الكتب والمراجع والأفلام والشرائط

ص: 231

والصور وكل الوسائل اللازمة والتي تتيح للمتعلم اكتشاف المفاهيم المرغوبة، إن مناقشة التلاميذ حول ما يجب أن يقوموا به لا يجب أن تحدث إلا بطريقة عامة جدا لا تتعرض للتفصيلات، إن مهمة الدرس هنا هي أن ينظم المواقف التعليمية بطريقة تساعد على تحقيق الأهداف التعليمية.

إن المدرس هنا يستخدم ذاته ويوظف كفاءته ويستخدم مهارته؛ لمساعدة التلاميذ على تحقيق أهدافهم، والعبرة هنا ليست بكمية التدريس أو حجم المادة التعليمية أو الجهد الذي بذله المدرس في عملية التدريس بقدر ما هو نتاج التدريس، وأثره في تحقيق الأهداف التربوية المنشودة، وهنا يجب أن نوضح أن المدرس لا يسبب التعلم بقدر ما يعمل على تسهيل تحقيقه أو مساعدة التلاميذ على تحقيقه، أي: إن التلميذ لا بد أن ينشط ما جانبه وتكون لديه حاجة إلى ما يدرس ودافعية لما يتعلم، وأن المدرس يقوم بعملية التوجيه والإرشاد، والتدريس بهذا المفهوم هو نشاط ملموس ملحوظ يمكن وصفه ويمكن تحليله، كما يمكن قياسه من خلال قياس أثره أو نتائجه بملاحظة التغيرات السلوكية التي يمر بها التلاميذ، وبالتالي فإن التدريس يمكن ضبطه وتقديمه، ويمكن تزويد المدرسين، قبل وأثناء الخدمة، بالحقائق والمفاهيم والتعميمات والمهارات التي تسهل من مهمتهم وتزيد من فاعليتهم.

حفظ السجلات Record Keeping:

إن تصميم سجل خاص بكل تلميذ يصبح أكثر صعوبة في المواقب التعليمية التي تتنوع فيها الطرائق المستخدمة، لأن التنوع يعني وجود قدر عظيم من المرونة والاهتمام بالفرد في الموقف التعليمي، ومع ذلك فإن الاهتمام بعمل سجل خاص بكل تلميذ أمر في غاية الأهمية، إنه مهم لتقويم تقدم التلميذ نحو الأهداف، كما أنه مهم لتوفير الدلائل التي سوف تتخذ القرارات الخاصة بالمنهج في المستقبل بناء عليها، وإذا كان تنوع الطرق وهجر الطريقة التقليدية إلى الطرق التي تركز على المناقشة المضبوطة والاكتشاف والابتكار يزيد من صعوبة عمل سجلات للتلاميذ، فإن لذلك ميزات أيضا، حيث إن المدرس هنا أكثر حرية في ملاحظة الأفراد، وفي مكان أفضل لمعرفة التلميذ جيدا، وبالتالي تقويم مدى تقدمه نحو الأهداف بدقة.

التجميع Grouping:

1-

إن استخدام طرق متنوعة للتدريس من أجل تحقيق الأهداف المختلفة، قد يستلزم تجميع أو تصنيف التلاميذ في مجموعات مختلفة، إن حجم المجموعة يتراوح ما بين اثنين من التلاميذ إلى كل تلاميذ الفصل، وقد يكون التجميع على أساس القدرات المتماثلة أو القدرات المختلفة.

ص: 232

2-

والقاعدة هنا أن طريقة التدريس المتبعة هي التي سوف تستلزم نوعا معينا من التجميع، كما أن أسلوب التجميع قد يكون تحقيقا للأهداف المرغوبة.

3-

وقد يكون طبقا للجنس، أو على أساس الصداقة، أو على أساس المهارات المتكاملة.

4-

والتجميع عادة ما يتم على أساس أفقي، كأن يتم التجميع من فصل واحد، أو من تلاميذ سنة واحدة، ولكن قد يكون التجميع أيضا على أساس رأسي لخدمة بعض الأهداف التربوية، ففي كثير من المدارس الابتدائية يتم التجميع على هذا الأساس، أما التجميع الرأسي في المدارس الثانوية فهو ليس كثيرا، وإن كان من مظاهره النوادي العلمية والجماعات والرحلات والمعسكرات.. إلخ، إن المجموعات يجب أن تظل قائمة حتى ينتهي الغرض منها، ولكن يجب أن تكون هناك مرونة بين المجموعة بحيث تسمح لبعض أعضائها بالانتقال المؤقت أو الدائم إلى مجموعات أخرى إذا اقتضى الأمر ذلك.

إن التنظيم الجيد الهادف أمر في غاية الأهمية بالنسبة للمدرسة والفصل الدراسي، ولكن طبيعة التنظيم قد تختلف طبقا لنوعية الطريقة المستعملة، إن طريقة تنظيم الفصل الدراسي في صورة صفوف هي طريقة غير مجدية في كثير من الأحيان، حيث إن تلاميذ الصفوف الأولى هم الذين يشاركون في معظم الأنشطة والمناقشات، أما تلاميذ الصفوف الخلفية فهم غالبا في حالة ركود، حيث إنهم لا يسمعون حديث المدرس ولا حديث زملائهم، كما أنهم لا يرون إلا مؤخرة رءوس زملائهم، إذا حانت لهم فرصة الكلام اضطر الجميع للدوران نحو الخلف ليروا المتحدث، إن هذا النوع من النظام لا يساعد أبدا على التفاعل واشتراك كل التلاميذ في الأنشطة التعليمية.

ص: 233