الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حصار الأشعري. (فقتل دريد) قتله ربيعة بن رفيع بن وهبان بن ثعلبة السلمي، أو الزبير بن العوام. (وهزم الله أصحابه) أي: أصحاب دريد. (وبعثني) أي: رسول الله - صلى الله عليه سلم-. (جشمي) أي: رجل جشمي بضم الجيم نسبة إلى بني جشم واسمه: سلمة بن دريد بن الصفة أو أوفى أو العلاء بن الحارث. (مرسل) اسم مفعول من أرمل، أو من رمَّل بالتشديد، أي: منسوج بالرمال: وهي جبال الحصير التي يظفر (1) بها الأسرة.
56 - بَابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ
قَالهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ.
(باب: غزوة الطائف في شوال سنة ثمان) الطائف: بلد كبير مشهور كثير الأعناب والنخيل على ثلاث مراحل أو ثنتين من مكة من جهة المشرق (2).
4324 -
حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، سَمِعَ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدِي مُخَنَّثٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ [أَبِي] أُمَيَّةَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا، فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلانَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ، وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا يَدْخُلَنَّ هَؤُلاءِ عَلَيْكُنَّ" قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَقَال ابْنُ جُرَيْجٍ: المُخَنَّثُ: هِيتٌ، حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ: بِهَذَا، وَزَادَ وَهُوَ مُحَاصِرُ الطَّائِفِ يَوْمَئِذٍ.
[5235، 5887 - مسلم: 2180 - فتح: 8/ 43]
(الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (هشام)
(1) كذا في الأصل، وفي "الفتح""يضفر".
(2)
انظر: "معجم البلدان" 4/ 8.
أي: ابن عروة بن الزبير.
(أبو أمية) في نسخة: "ابن أبي أمية". (أرأيت) أي: أخبرني (فعليك بابنه غيلان) اسمها: بادية ضد الحاضرة، وقيل: بادنة بنون بدل الياء. (فإنها تقبل بأربع) أي: من العكن. (وتدبر بثمان) أي: منها، والعكنة بضم العين: ما انطوى وتثنى من لحم البطن سِمنا، والمراد: إن أطراف العكن الأربع التي في بطنها تظهر في الوراء ثمانية، وإنما شاع حذف الثامن بأربعة وثمانية مع أن الأطراف مذكر لعدم ذكر المعدود. (المخنث: هيت) بكسر الهاء أي: اسمه: هيت.
(محمود) أي: ابن غيلان. (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة.
4325 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي العَبَّاسِ الشَّاعِرِ الأَعْمَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَال: لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الطَّائِفَ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا، قَال:"إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ". فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: نَذْهَبُ وَلَا نَفْتَحُهُ، وَقَال مَرَّةً:"نَقْفُلُ". فَقَال: "اغْدُوا عَلَى القِتَالِ". فَغَدَوْا فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ، فَقَال:"إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ". فَأَعْجَبَهُمْ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَال سُفْيَانُ مَرَّةً، فَتَبَسَّمَ، قَال: قَال الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الخَبَرَ كُلَّهُ.
(سفيان) أي: عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار.
(الخير كله) في نسخة: "بالخير كله".
4326، 4327 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ سَعْدًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَبَا بَكْرَةَ، وَكَانَ تَسَوَّرَ حِصْنَ الطَّائِفِ فِي أُنَاسٍ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالا: سَمِعْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ".وَقَال هِشَامٌ: وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، أَوْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَال: سَمِعْتُ سَعْدًا وَأَبَا بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قَال: عَاصِمٌ قُلْتُ: "لَقَدْ شَهِدَ عِنْدَكَ رَجُلانِ حَسْبُكَ بِهِمَا، قَال: أَجَلْ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَأَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَنَزَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَالِثَ ثَلاثَةٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الطَّائِفِ.
[6766، 6767 - مسلم: 63 - فتح: 8/ 45]
(تسور حصن الطائف) أي: سعد إلى أعلاه. (وأبا بكرة) كني بذلك؛ لأنه تدلى من حصن الطائف ببكرة. (قال: أجل) أي: نعم. (من الطائف) أي: من أهله.
4328 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، قَال: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، وَمَعَهُ بِلالٌ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْرَابِيٌّ فَقَال: أَلا تُنْجِزُ لِي مَا وَعَدْتَنِي؟ فَقَال لَهُ: "أَبْشِرْ" فَقَال: قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنْ أَبْشِرْ، فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِي مُوسَى وَبِلالٍ كَهَيْئَةِ الغَضْبَانِ، فَقَال:"رَدَّ البُشْرَى، فَاقْبَلا أَنْتُمَا" قَالا: قَبِلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَال:"اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا وَأَبْشِرَا". فَأَخَذَا القَدَحَ فَفَعَلا، فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: أَنْ أَفْضِلا لِأُمِّكُمَا، فَأَفْضَلا لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً.
[انظر: 188 - مسلم: 2498 - فتح: 8/ 46]
(عن أبي بردة) هو عامر.
(بالجعرانة بين مكة والمدينة) قيل: هو وهْمٌ، وصوابه: بين مكة والطائف، وبه جزم النووي (1). (ألا تنجز) أي: ألا توفَّ. (لأمكما) تعني: نفسها. ومرَّ الحديث في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم.
4329 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ: لَيْتَنِي أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، قَال: فَبَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ
(1)"تهذيب الأسماء واللغات" 3/ 59.
أُظِلَّ بِهِ، مَعَهُ فِيهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِالطِّيبِ؟ فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى بِيَدِهِ: أَنْ تَعَال، فَجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْمَرُّ الوَجْهِ، يَغِطُّ كَذَلِكَ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَال:"أَيْنَ الَّذِي يَسْأَلُنِي عَنِ العُمْرَةِ آنِفًا" فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ فَأُتِيَ بِهِ، فَقَال:"أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ".
[انظر: 1536 - مسلم: 1180 - فتح: 8/ 47]
(إسماعيل) أي: ابن إبراهيم.
(يغظُّ) أي: يردد صوت نفسه كالنائم من شدة ثقل الوحي. ومرَّ الحديث في كتاب: الحج في باب: غسل الخلوق (1).
4330 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، قَال: لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، قَسَمَ فِي النَّاسِ فِي المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ، فَخَطَبَهُمْ فَقَال:"يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي، وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي، وَعَالةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي" كُلَّمَا قَال شَيْئًا قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، قَال:"مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم". قَال: كُلَّمَا قَال شَيْئًا، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، قَال: "لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا، أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى رِحَالِكُمْ، لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا، الأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ، إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى
(1) سبق برقم (1536) كتاب: الحج، باب: غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب.
تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ".
[7245 - مسلم: 1061 - فتح: 8/ 47]
(وهيب) أي: ابن خالد البصري. (عن عباد) أي: ابن تميم المازني.
(قسم في الناس) أي: المجاهدين. (في المؤلفة قلوبهم) بدل بعض من: (في الناس)(وجدوا) أي: حزنوا. (عالة) أي: فقراء. (لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا) أي: جئتنا مكذبًا فصدقناك ومخذولًا فنصرناك، وطريدًا فأويناك، وعائلًا فواسيناك كما ورد ما يدل على ذلك؛ وإنما قال لهم ذلك تواضعًا منه وإنصافًا وإلا ففي الحقيقة الحجة البالغة والمنة له عليهم. ومرَّ الحديث في فضل الأنصار (1).
4331 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَال: قَال نَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ، حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَفَاءَ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي رِجَالًا المِائَةَ مِنَ الإِبِلِ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، قَال أَنَسٌ: فَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَقَالتِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَال:"مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ"، فَقَال فُقَهَاءُ الأَنْصَارِ: أَمَّا رُؤَسَاؤُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَأَمَّا نَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُمْ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ، وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى رِحَالِكُمْ، فَوَاللَّهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَضِينَا، فَقَال لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "سَتَجِدُونَ أُثْرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ
(1) سبق برقم (3779) كتاب مناقب الأنصار، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم "لولا الهجرة لكنت آمرًا من الأنصار".
وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنِّي عَلَى الحَوْضِ" قَال أَنَسٌ: "فَلَمْ يَصْبِرُوا".
[انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 8/ 52]
(هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد.
(فحدث) بالبناء للمفعول أي: أخبر. (من آدم) أي من جلد مدبوغ. (إلى رحالكم) أي: إلى بيوتكم. (أثرة شديدة) بضم الهمزة وكسرها وسكون المثلثة وبفتحهما من الاستئثار: وهو الافراد بالشيء يعني: ستجدون من ينفرد عنكم بما لكم فيه اشتراك في الاستحقاق، أو يفضل نفسه عليكم في الفيء.
4332 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ، فَغَضِبَتِ الأَنْصَارُ، قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" قَالُوا: بَلَى، قَال:"لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ".
[انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 8/ 53]
(عن أبي التياح) هو يزيد بن حميد. (قالوا بلى) أي: رضينا. ومرَّ الحديث والذي قبله مرارًا (1).
4333 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، التَقَى هَوَازِنُ وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةُ آلافٍ، وَالطُّلَقَاءُ، فَأَدْبَرُوا، قَال:"يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ". قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ لَبَّيْكَ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَال:"أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ".
(1) سبق برقم (3146) كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم. وبرقم (3528) كتاب: المناقب، باب: ابن أخت القوم منهم ومولى القوم منهم. وبرقم (3778) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب الأنصار.
فَانْهَزَمَ المُشْرِكُونَ، فَأَعْطَى الطُّلَقَاءَ وَالمُهَاجِرِينَ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَقَالُوا، فَدَعَاهُمْ فَأَدْخَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ، فَقَال:"أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لاخْتَرْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ".
[انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 8/ 53]
(أزهر) أي: ابن أسعد السماني. (عن ابن عون) هو عبد الله.
(عشرة آلاف) أي: من المهاجرين. (والطلقاء) بالمد جمع طليق: فعيل بمعنى: مفعول، وهم الذين منَّ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة فلم يأسرهم ولم يقتلهم. (لبيك يا رسول الله وسعديك) بنصبها على المصدرية بفعل لا يظهر في الاستعمال كأنك قلت: الباب بعد الباب أي: إجابة بعد إجابة وإسعادًا بعد إسعاد أي: طاعة بعد طاعة، نبه على ذلك ابن الأثير (1). ومرَّ الحديث في الزكاة.
4334 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَال: جَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ فَقَال: "إِنَّ قُرَيْشًا حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَمُصِيبَةٍ، وَإِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَجْبُرَهُمْ وَأَتَأَلَّفَهُمْ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بُيُوتِكُمْ" قَالُوا: بَلَى، قَال:"لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ، أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ".
[انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 8/ 53]
(أن أجبرهم) من الجبر، وفي نسخة:"أن أجيزهم" بتحتية وزاي من الجائزة.
4335 -
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: لَمَّا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قِسْمَةَ حُنَيْنٍ، قَال: رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: مَا أَرَادَ بِهَا وَجْهَ
(1)"النهاية في غريب الحديث"2/ 366.
اللَّهِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَال:"رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى، لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ".
[انظر: 3150 - مسلم: 1062 - فتح: 8/ 55]
(قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود.
(قال رجل من الأنصار) هو معتب بن قشير المنافق.
4336 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَاسًا، أَعْطَى الأَقْرَعَ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى نَاسًا، فَقَال رَجُلٌ: مَا أُرِيدَ بِهَذِهِ القِسْمَةِ وَجْهُ اللَّهِ، فَقُلْتُ: لَأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَال:"رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ".
[انظر: 3150 - مسلم: 1062 - فتح: 8/ 55]
(رحم الله موسى
…
) إلخ. مرَّ في الخمس في باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم (1).
4337 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ وَغَيْرُهُمْ بِنَعَمِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةُ آلافٍ، وَمِنَ الطُّلَقَاءِ، فَأَدْبَرُوا عَنْهُ حَتَّى بَقِيَ وَحْدَهُ، فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا، التَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ فَقَال:"يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ". قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ، ثُمَّ التَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ فَقَال:"يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ" قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ، وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ فَنَزَلَ فَقَال:"أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ". فَانْهَزَمَ المُشْرِكُونَ، فَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ فِي المُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ وَلَمْ يُعْطِ
(1) سبق برقم (3150) كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم.
الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَقَالتِ الأَنْصَارُ: إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةٌ فَنَحْنُ نُدْعَى، وَيُعْطَى الغَنِيمَةَ غَيْرُنَا، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ، فَقَال:"يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ" فَسَكَتُوا، فَقَال:"يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ" قَالُوا: بَلَى، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لَأَخَذْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ" وَقَال هِشَامٌ: قُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ وَأَنْتَ شَاهِدٌ ذَاكَ قَال: "وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْهُ"؟! [انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 8/ 53]
(حتى بقي وحده) أي: متقدما مباشرا لقتال العدو، فلا ينافي الحديث الدال على أنه بقي معه جماعة، فالوحدة بالنسبة لمباشرة القتال والذين بقوا معه كانوا وراءه، وأبو سفيان بن الحارث وغيره كانوا يخدمونه في إمساك البغلة ونحو ذلك. (فنزل) أي: عن بغلته ثم قنص قنصة من تراب، وهذا لا ينافي خبر الحاكم فحادت به بغلته فمال على السرج (1). (فقال) أي: لزمعة ناولني كفًّا من تراب فضرب به وجوهم فامتلأت أعينهم ترابًا لاحتمال أنه أولًا قال لزمعة: ناولني ثم نزل عن بغلته فناوله. فقبضه ورماهم. (فسكتوا) أي: مطلقًا. إن تعددت الواقعة؛ لأنهم أقروا بما قال لهم كما مرَّ في الباب، أو (فسكتوا) ساعة ثم أقروا إن أتحدت الواقعة، أو المراد: فسكت بعضهم. (تحوزونه) في نسخة: "تجبرونه" بتاء مضمومة وجيم وراء. ومرَّ الحديث مرارًا (2).
(1)"المستدرك" كتاب: الجهاد. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، تعقبه الذهبي بقوله: الحارث وعبد الله ذو مناكير، هذا منها، ثم فيه إرسال.
(2)
سبق برقم (3146) كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم. وبرقم (3528) كتاب: المناقب، باب: ابن أخت القوم منهم. وبرقم (3778) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب الأنصار.