الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلسَّاعِي قَبْضُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمَيِّتِ أَبُو الْحَسَنِ كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْلُكَ بِهَا مَسْلَكَ الزَّكَاةِ فَلِذَلِكَ صُرِفَتْ مَصْرِفَهَا، قَالَ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ أَمْ لَا، قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَعْنَاهُ كَأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ مِنْ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَوْجَبْت عَلَيَّ زَكَاةَ مَاشِيَتِي؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ حَالَ عَلَيَّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التَّطَوُّعَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يُنَفِّذُوا وَصِيَّتَهُ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ وُجُوبَهَا مُعَلَّقٌ بِمَجِيءِ السَّاعِي وَهَذَا الْجَوَابُ فِيمَنْ لَهُ سُعَاةٌ، وَأَمَّا مَنْ لَا سُعَاةَ لَهُمْ فَإِنَّهُ يَجْرِي الْجَوَابُ فِيهَا عَلَى زَكَاةِ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ فَتَخْرُجُ الزَّكَاةُ مِنْهَا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَصَّى بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ أَوْ لَمْ يُوَصِّ، انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ظَاهِرٌ
ص (وَلَا تَجْزِي)
ش: أَيْ إذَا أَخْرَجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَهَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالتَّفْرِيعِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي أَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي شَرْطُ وُجُوبٍ بَلْ وَعَلَى مُقَابِلِهِ أَيْضًا فِي أَنَّهُ شَرْطُ أَدَاءً؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَ قَبْلَ حُصُولِ شَرْطِ الْأَدَاءِ لَغْوٌ، وَقَدْ بَحَثَ هَذَا الْبَحْثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْآتِي بِالتَّطَوُّعِ عَنْ الْوَاجِبِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ سِوَى مَا ذُكِرَ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُخَرَّجَ الْخِلَافُ فِي تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَعَلَّلَهُ الْقَرَافِيُّ بَعْلَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ كَدَفْعِ مَالِ السَّفِيهِ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ.
(الثَّانِي) هَذَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ فَلْيَضَعْهَا مَوَاضِعَهَا إنْ خَفِيَ لَهُ ذَلِكَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَهْرَبَ بِهَا عَنْهُمْ إنْ قَدَرَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَجْزَأَهُ مَا أَخَذُوا ابْنُ عَرَفَةَ، وَإِنْ خَافَ أَخْذَهُ انْتَظَرَهُ.
[ذَبَحَ الشَّاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ وَصَدَّقَهَا لَحْمًا]
(الثَّالِثُ) لَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ وَصَدَّقَهَا لَحْمًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُجْزِيهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَوَّازِ تُجْزِيهِ نَقَلَهُ الْبِسَاطِيُّ عَنْ النَّوَادِرِ، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي زَكَاةِ غَنَمِهِ فَذَبَحَهَا وَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَقَالَ: لَا تُجْزِئُهُ لِذَبْحِهِ إيَّاهَا فَكَيْفَ إنْ أَمَرَ رَجُلًا فَقَالَ لَهُ: اذْبَحْهَا وَتَصَدَّقْ بِهَا؟ قُلْت: فَظَاهِرُهُ لَا تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ يَدَ وَكِيلِهِ كَيَدِهِ بِدَلِيلِ مَا فِي الرُّهُونِ، انْتَهَى.
ص (كَمَرِّهِ بِهَا نَاقِصَةً ثُمَّ رَجَعَ، وَقَدْ كَمُلَتْ)
ش: أَيْ بِوِلَادَةٍ أَوْ بِإِبْدَالِهَا بِنِصَابٍ مِنْ نَوْعِهَا فَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ، وَأَمَّا لَوْ كَمُلَتْ بِفَائِدَةٍ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ إرْثٍ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ حِينَئِذٍ.
[فَرْعٌ ضَلَّ بَعِيرٌ مِنْ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ]
(فَرْعٌ) لَوْ ضَلَّ بَعِيرٌ مِنْ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَمَرَّ بِهِ السَّاعِي نَاقِصًا فَلَا زَكَاةَ ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ بَعْدَهُ فَهَلْ يُزَكِّيهِ حِينَئِذٍ وَلَا يَنْتَظِرُ السَّاعِي، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْظُرَ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ أَيِسَ مِنْهُ فَلْيَجْعَلْ السَّنَةَ مِنْ يَوْمِ يَجِدُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ عَلَى رَجَاءٍ فَلْيَتْرُكْهُ مَعَ الْأَرْبَعَةِ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ كَ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْ الْعَبْدِ الْآبِقِ يَعْنِي يُزَكِّيهِ قَبْلَ أَنْ يَجِدَهُ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَفِيهَا نَظَرٌ وَاخْتَارَ أَنْ يَنْظُرَ فَإِنْ كَانَ رَاجِيًا لَهُ زَكَّاهُ حِينَ يَجِدُهُ، وَإِنْ كَانَ يَائِسًا مِنْهُ اسْتَقْبَلَ بِهِ كَالْفَائِدَةِ، قَالَهُ فِي رَسْمٍ لَمْ يُدْرَكْ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ الثَّلَاثَةَ الْأَقْوَالِ وَنَصَّهُ، وَلَوْ ضَلَّ بَعْضُ
النِّصَابِ بَعْدَ حَوْلِهِ فَمَرَّ بِهِ السَّاعِي نَاقِصًا ثُمَّ وُجِدَ بَعْدَهُ فَفِي زَكَاتِهِ وَانْتِقَالِ حَوْلِهِ لَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْتَظِرُ السَّاعِيَ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي أَوْ إنْ أَيِسَ مِنْهُ، وَالْمُرْجَى عَلَى حَوْلِهِ الْأَوَّلِ ثَالِثُهَا الْمَرْجُوُّ عَلَى حَوْلِهِ وَالْمَيْئُوسُ مِنْهُ فَائِدَةٌ فَلَا زَكَاةَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ وَابْنِ رُشْدٍ، انْتَهَى.
ص (فَإِنْ تَخَلَّفَ وَأُخْرِجَتْ أَجْزَأَ عَلَى الْمُخْتَارِ)
ش: يَعْنِي إذَا كَانَ السُّعَاةُ مَوْجُودِينَ وَشَأْنُهُمْ الْخُرُوجُ وَتَخَلَّفُوا فِي بَعْضِ الْأَعْوَامِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ سُعَاةٌ أَصْلًا فَإِنَّهَا تَجِبُ بِمُرُورِ الْحَوْلِ اتِّفَاقًا كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ إنْ كَانَ وَبَلَغَ وَاكْتَفَى الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ كَانَ وَبَلَغَ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ كَالْمَنْطُوقِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ شَأْنُ السُّعَاةِ الْخُرُوجَ وَتَخَلَّفُوا فِي بَعْضِ السِّنِينَ فَهَلْ يَجُوزُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ ابْتِدَاءً أَمْ لَا؟ لَمْ يُصَرِّحْ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِهِ، وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: إنْ كَانَ ذَلِكَ اخْتِيَارَ الْغَيْرِ عُذِرَ فَإِنَّهُمْ يُخْرِجُونَ زَكَاتَهُمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا فَعَلُوهُ وَلَا يَنْبَغِي دُخُولُ الْخِلَافِ فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنْ كَانَ اضْطِرَارَ الْفِتْنَةِ فَهَلْ يُخْرِجُونَهَا وَهُوَ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ أَوْ لَا يُخْرِجُونَهَا، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ، انْتَهَى. وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ - جَوَازُ التَّأْخِيرِ وَعَزَاهُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ، وَأَنَّهُ إنْ أَخْرَجَهَا لَمْ تُجْزِهِ، وَالثَّانِي - أَنَّهُ لَمْ يَنْتَظِرْ، وَيُزَكِّيهَا أَرْبَابُهَا وَعَزَاهُ لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ، وَنَصَّ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي إجَازَةِ تَأْخِيرِهَا، وَلَوْ أَعْوَامًا لِمَجِيئِهِ وَإِيجَابِهِ إيَّاهَا، ثَالِثُهَا - لَا يَنْتَظِرُ لِرِوَايَةِ اللَّخْمِيِّ مَعَ نَقْلِهِ إنْ أَتَاهُ السَّاعِي بَعْدَ إخْرَاجِهَا لِتَخَلُّفِهِ أَجْزَأَ، وَنَقَلَهُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا تُجْزِئُهُ وَاخْتَارَهُ مُحْتَجًّا بِأَنَّ السَّاعِيَ وَكِيلٌ قُلْت فِي النَّوَادِرِ: رَوَى مُحَمَّدٌ مَنْ تَخَلَّفَ سَاعِيهِ انْتَظَرَهُ، وَكَذَا إنْ حَلَّ حَوْلُهُ بَعْدَ نُزُولِهِ بِيَسِيرٍ إنْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا وَإِلَّا أَخْرَجَ لِحَوْلِهِ إنْ خَفِيَ لَهُ، وَإِنْ خَافَ أَخْذَهُ انْتَظَرَهُ، انْتَهَى. وَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ تَأَخَّرَ السَّاعِي، قَالَ مَالِكٌ: انْتَظَرَهُ، انْتَهَى. وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حَمْلُ صَدَقَاتِهِمْ وَلْتُؤْخَذْ مِنْهُمْ فِي حَوَائِطِهِمْ، وَكَذَلِكَ أَرْبَابُ الزَّرْعِ، وَعَلَى السُّعَاةِ أَنْ يَأْتُوا أَرْبَابَ الْمَاشِيَةِ عَلَى مِيَاهِهِمْ وَلَا يَقْعُدُونَ فِي قَرْيَةٍ وَيَبْعَثُونَ إلَيْهِمْ، وَأَمَّا مَنْ بَعُدَ مِنْ الْمِيَاهِ الَّتِي يَمُرُّ بِهَا السَّاعِي فَعَلَيْهِ جَلْبُ مَاشِيَةٍ فَإِنْ ضَعُفَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَتَّفِقُوا عَلَى قِيمَتِهَا وَلَا بَأْسَ بِالْقِيمَةِ فِي مِثْلِ هَذَا، انْتَهَى. يُرِيدُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِمَحِلِّهِمْ فُقَرَاءُ، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَالرَّجْرَاجِيُّ وَغَيْرُهُمَا
ص (وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى الزَّيْدِ وَالنَّقْصِ فِي الْمَاضِي بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُنْقِصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ، فَيُعْتَبَرُ)
ش: يَعْنِي، وَإِنْ تَخَلَّفَ السَّاعِي يُرِيدُ وَالْمَاشِيَةُ نِصَابٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَتَخَلُّفِهِ عَنْ أَقَلَّ وَلَمْ تَخْرُجْ الزَّكَاةُ فِي مُدَّةِ تَخَلُّفِهِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ فِي الْمَاشِيَةِ عَلَى مَا يَجِدُهَا أَيْ يُزَكِّيهَا لِمَاضِي السِّنِينَ عَلَى مَا يَجِدُهَا مِنْ النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يَضْمَنُ زَكَاةَ مُدَّةِ تَخَلُّفِهِ وَلَا نَقْصَهَا، وَلَوْ بِذَبْحٍ أَوْ بَيْعٍ الْبَاجِيُّ مَا لَمْ يُرِدْ فِرَارًا، انْتَهَى. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ رَجَعَتْ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ فَلَا صَدَقَةَ فِيهَا، انْتَهَى. وَيُزَكِّيهَا لِمَاضِي السِّنِينَ عَلَى زِيَادَتِهَا ابْنُ يُونُسَ عَرَفَ عَدَدَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ، وَقَوْلُهُ " بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ " يَعْنِي: أَنَّهُ يُزَكِّي مَا وَجَدَهُ عَنْ أَوَّلِ سَنَةٍ ثُمَّ عَنْ الثَّانِيَةِ ثُمَّ عَنْ الثَّالِثَةِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَا خِلَافَ فِيمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي أَنَّهُ يَبْتَدِئُ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْهَارِبِ، وَقَوْلُهُ " إلَّا أَنْ يُنْقِصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ
أَوْ الصِّفَةَ " فَيُعْتَبَرُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ " عَمِلَ عَلَى الزَّيْدِ وَالنَّقْصِ لِمَاضِي السِّنِينَ " يَعْنِي: أَنَّهُ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ عَمَّا وَجَدَهُ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ مُبْتَدِئًا بِالْأَوَّلِ إلَّا إذَا نَقَصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ النَّقْصُ وَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ حِينَئِذٍ، وَإِذَا نَقَصَ الْأَخْذُ صِفَةَ الْوَاجِبِ اُعْتُبِرَ وَأَخَذَ غَيْرَهُ، وَلَوْ قَالَ: " فَإِذَا نَقَصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ اُعْتُبِرَ " كَانَ أَوْضَحَ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) لَا إشْكَالَ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهَا عَلَى مَا فَارَقَهَا عَلَيْهِ أَنَّهُ يُزَكِّيهَا لِمَاضِي السِّنِينَ عَلَى مَا وَجَدَهَا مُبْتَدِئًا بِالْأَوَّلِ فَإِذَا نَقَصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ اُعْتُبِرَ كَمَا لَوْ غَابَ عَنْ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ شَاةً أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ وَجَدَهَا كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهَا أَرْبَعًا، وَلَوْ كَانَتْ أَرْبَعِينَ حِينَ غَابَ وَوَجَدَهَا كَذَلِكَ لَأَخَذَ وَاحِدَةً وَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ فِي بَاقِي السِّنِينَ.
(الثَّانِي) إذَا غَابَ عَنْهَا السَّاعِي وَهِيَ نِصَابٌ ثُمَّ نَقَصَتْ عَنْ النِّصَابِ ثُمَّ عَادَتْ إلَى النِّصَابِ ثُمَّ أَفَادَ إلَيْهَا فَائِدَةٌ أُخْرَى حَتَّى صَارَتْ أَلْفًا فَإِنْ كَانَ عَوْدُهَا إلَى النِّصَابِ بِوِلَادَةٍ أَوْ بِإِبْدَالٍ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تُزَكَّى الْأَلْفُ لِجَمِيعِ الْأَعْوَامِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا آخُذَ بِهَذَا بَلْ يَأْخُذُ مِنْهَا مِنْ يَوْمِ تَمَّتْ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ وَيَسْقُطُ مَا قَبْلَهُ، قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَوْدُهَا لِلنِّصَابِ إنَّمَا هُوَ بِفَائِدَةٍ فَإِنَّمَا تُزَكَّى مِنْ يَوْمِ بَلَغَتْ النِّصَابَ إلَى مَجِيءِ السَّاعِي اتِّفَاقًا، نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ يُونُسَ وَأَصْلُهُ فِي النَّوَادِرِ وَسَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ.
(الثَّالِثُ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ غَابَ السَّاعِي عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ أَتَى فَيَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسَ شِيَاهٍ؛ لِأَنَّ زَكَاةَ الْإِبِلِ هُنَا مِنْ غَيْرِهَا، زَادَ اللَّخْمِيُّ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْفَرْضُ، وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا وَلَا يَجِدُ مَا يُزَكِّي عَنْهَا إلَّا أَنْ يَبِيعَ بَعِيرًا فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا بِخَمْسِ شِيَاهٍ، انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ.
(الرَّابِعُ) ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا، وَإِنْ غَابَ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ أَتَى فَلْيَأْخُذْ لِعَامٍ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ سِتَّ عَشْرَةَ شَاةً أَبُو الْحَسَنِ، ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَخْذُ بِنْتِ الْمَخَاضِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ ابْنُ يُونُسَ فَقَالَ يُرِيدُ قَوْلَهُ سِتَّ عَشْرَةَ أَيْ أَرْبَعَ شِيَاهٍ لِكُلِّ سَنَةٍ عَنْ عِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ، وَالْأَرْبَعُ الْبَاقِيَةُ وَقَصٌ سَوَاءٌ أَخَذَهَا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إنَّمَا هَذَا إذَا أَخَذَهَا مِنْ عَدَدِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا فَلْيَأْتِ فِي الْعَامِ الثَّانِي بِمِثْلِ مَا أَخَذَ مِنْهُ فِي الْأُولَى الشَّيْخُ وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ خِلَافٌ وَهَكَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: اُخْتُلِفَ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ فَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ، انْتَهَى. وَلِلَّخْمِيِّ فِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ اخْتَارَهُ يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بِنْتُ الْمَخَاضِ مَوْجُودَةً فِي الْإِبِلِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ وَعَزَلَهَا لِلْمَسَاكِينِ أَوَّلًا ابْنُ عَرَفَةَ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ إنْ تَخَلَّفَ عَنْ أَرْبَعِينَ تَيْسًا وَحْدَهُ سِنِينَ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ شَاةٌ، وَلَا حُجَّةَ لِلسَّاعِي أَنَّ زَكَاتَهَا مِنْ غَيْرِهَا قُلْت؛ لِأَنَّهَا مِنْ نَوْعِهَا فَلَا يُشْكِلُ تَصَوُّرُهَا بِأَنَّ بَقَاءَهَا يَنْقُلُهَا عَنْ سِنِّهَا لِجَوَازِ بَدَلِهَا كُلَّ عَامٍ بِأَصْغَرَ مِنْهَا، انْتَهَى. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ تَلِفَ مِنْ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ بَعِيرٌ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي لَمْ يُزَكِّ إلَّا بِالْغَنَمِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ أَوْ الضَّمَانَ إنَّمَا يَتَقَرَّرُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى بِمَجِيئِهِ، انْتَهَى.
(الْخَامِسُ) إذَا غَابَ عَنْهُ السَّاعِي، وَعِنْدَهُ نِصَابٌ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ جَاءَ السَّاعِي بَعْدَ أَعْوَامٍ فَإِنْ كَانَ بَاعَهُ بِدُونِ نِصَابٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ بِنِصَابٍ فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي الثَّمَنَ عِنْدَ كُلِّ سَنَةٍ كَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُزَكِّيَ الْمَاشِيَةَ عَنْهَا إلَّا أَنْ يَنْقُصَ الثَّمَنُ عَنْ النِّصَابِ، وَقِيلَ: إنَّمَا يُزَكِّيهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ كَذَا نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ الْأَوَّلَ لِلْقَرِينَيْنِ وَالثَّانِي لِمُحَمَّدٍ وَنَصُّهُ: وَلَوْ بَاعَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ سَاعِيهِ بِسِنِينَ غَنَمَ تَجْرٍ بِنِصَابِ عَيْنٍ فَفِي زَكَاتِهِ لِعَامٍ أَوْ لِكُلِّ عَامٍ تُزَكَّى لَهُ لَوْ بَقِيَتْ مُسْقِطًا مِنْ كُلِّ عَامٍ زَكَاةَ مَا قَبْلَهُ مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ نِصَابٍ نَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ الْقَرِينَيْنِ وَمُحَمَّدٌ، انْتَهَى.
(السَّادِسُ) ، قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي الْأَسِيرِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ يَكْسِبُ مَالًا وَمَاشِيَةً وَلَا يَحْضُرُهُ فُقَرَاءُ مُسْلِمُونَ فَلْيُؤَخِّرْ الْعَيْنَ حَتَّى يَخْلُصَ أَوْ يُمْكِنَهُ بَعْثُهَا إلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ فِي الْمَاشِيَةِ كَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي لَا يَضْمَنُ فَإِنْ تَخَلَّصْ بِهَا أَدَّى لِمَاضِي السِّنِينَ إلَّا مَا نَقَصَتْ