المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تنبيهات ركوب البحر على ثلاثة أقسام] - مواهب الجليل في شرح مختصر خليل - جـ ٢

[الحطاب]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ الْعَاجِزُ عَنْ قِيَامِ السُّورَةِ لِلصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ يَسْقُطُ عَنْ الْمَرِيضِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ مَا عَجَزَ عَنْهُ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُصَلِّي جَالِسًا إذَا دَنَا مِنْ رُكُوعِهِ]

- ‌[فَرْعٌ صَلَاةَ الْجَالِسِ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُصَلِّي فِي الْمَحْمَلِ أَيْنَ يَضَعُ يَدَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاءُ فَائِتَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَجَرَ نَفْسَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ مَنْسِيَّاتٍ يَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْحَضَرِيَّةِ]

- ‌[فَصَلِّ السَّهْوِ عَنْ بَعْضِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ سَهَا فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ نَسِيَ سَهْوَهُ]

- ‌[تَنْبِيه السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ]

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يُعِدْ التَّشَهُّدَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا]

- ‌[فَرْعٌ شَكَّ فِي بَعْضِ وُضُوئِهِ وَقَدْ كَانَ تَيَقَّنَ غَسْلَهُ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ هَلْ يَنْوِي بِتَكْبِيرَةِ الْهُوِيِّ الْإِحْرَامَ أَمْ لَا]

- ‌[تَنْبِيهٌ تَشَهَّدَ بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ]

- ‌[فَرْعٌ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ فِي صَلَاتِهِ قَبْلَ السَّلَامِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَكَّ فِي فَرْضٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَمْ يَدْرِهِ بِعَيْنِهِ]

- ‌[فَرْعٌ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ حَتَّى سَلَّمَ]

- ‌[تَنْبِيه كَرَّرَ أُمَّ الْقُرْآنِ سَهْوًا]

- ‌[فَائِدَة أَبْكَمَ أَشَارَ فِي صَلَاتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ خَافَ تَلَفَ مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَكَانَ كَثِيرًا وَهُوَ يُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ أَتَاهُ أَبُوهُ لِيُكَلِّمَهُ وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يَقُومُ الْمَسْبُوقُ لِلْقَضَاءِ إثْرَ سَلَامِ الْإِمَامِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ سَلَّمَ يَعْنِي الْمَأْمُومَ وَانْصَرَفَ لِظَنِّ]

- ‌[فَرْعٌ قَامَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ ثُمَّ رَجَعَ الْإِمَامُ بَعْدَ اسْتِوَائِهِ]

- ‌[فَرْعٌ انْتَصَبَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَذُكِّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَصِبَ فَرَجَعَ]

- ‌[تَنْبِيه قِيَامِ الْإِمَامِ لِلْقُنُوتِ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ]

- ‌[تَنْبِيه يَقْعُدُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَيَنْعَسُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ نَعَسَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ رُكُوعِهِ]

- ‌[فَصْلٌ سُجُود التِّلَاوَة بِشَرْطِ الصَّلَاةِ بِلَا إحْرَامٍ]

- ‌[فَصَلِّ مَا زَادَ عَلَى الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ مِنْ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ ذَكَرَ صَلَاةً بَقِيَتْ عَلَيْهِ]

- ‌[فَرْعٌ مَا كَانَ مِنْ الصَّلَاةِ تَبَعًا لِلْفَرْضِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ]

- ‌[فَرْعٌ صَلَّى التَّحِيَّةَ ثُمَّ خَرَجَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ رَجَعَ بِالْقُرْبِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّرَاوِيحُ لِمَنْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ]

- ‌[فَرْعٌ افْتَتَحَ الرَّكْعَة الَّتِي يَخْتِم بِهَا بِالْفَاتِحَةِ ثُمَّ أَرَادَ إِن يبدأ بِسُورَةِ الْبَقَرَة]

- ‌[فَرْعٌ يُرِيدُ أَنْ يُطَوِّلَ التَّنَفُّلَ فَيَبْدَأَ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي رَكْعَتَيْ الشَّفْعِ أَنْ يَخُصَّهُمَا بِالنِّيَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَوْتَرَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ]

- ‌[فَصَلِّ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَرْعٌ صَلَّوْا الصُّبْحَ جَمَاعَةً وَارْتَحَلُوا وَلَمْ يَنْزِلُوا إلَّا بَعْدَ الْعِشَاء]

- ‌[فَرْعٌ تَعَمَّدَ الْإِمَامُ قَطْعَ صَلَاتِهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَنْ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ صَلَّى جَمَاعَتَانِ بِإِمَامَيْنِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ]

- ‌[الثَّانِي أَهْلُ السَّفِينَةِ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَفْتَرِقُوا عَلَى طَائِفَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الثَّالِث يُصَلُّونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِإِمَامَيْنِ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ]

- ‌[فَرْعٌ الْمَرَاوِحِ أَيُكْرَهُ أَنْ يُرَوَّحَ بِهَا فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَائِدَة خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَبِيَدِهِ حَصْبَاءُ نَسِيَهَا أَوْ بِنَعْلِهِ]

- ‌[فَرْعٌ دَخَلَ مَعَ قَوْمٍ فِي صَلَاةِ عَلَى أَنَّهَا الظُّهْرُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا الْعَصْرُ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُوقِنَ إذَا ائْتَمَّ بِالشَّاكِّ]

- ‌[فَرْعٌ ائْتِمَامِ نَاذِرِ رَكْعَتَيْنِ بِمُتَنَفِّلٍ]

- ‌[فَرْعٌ وَيُحْرِمُ الْإِمَامُ بَعْدَ اسْتِوَاءِ الصُّفُوفِ]

- ‌[فَرْعٌ تَقْدِيمُ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ لِحُسْنِ صَوْتِهِ]

- ‌[فَصَلِّ رَجُلَيْنِ أَمَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ يُحْدِثُ الْإِمَامُ فَيَسْتَخْلِفُ صَاحِبَهُ]

- ‌[فَرْعٌ رَأَى الْمَأْمُومُ نَجَاسَةً فِي ثَوْبِ الْإِمَامِ]

- ‌[فَرْعٌ أحرم وَالْإِمَام رَاكِع فِي الْجُمُعَةَ فِي الثَّانِيَة فَاسْتَخْلَفَهُ قَبْل أَنْ يركع الدَّاخِل]

- ‌[فَصَلِّ صَلَاةُ السَّفَرِ]

- ‌[فَرْعٌ سَافَرَ مَسَافَة تقصر فِيهَا الصَّلَاةُ ثُمَّ اسلم فِي أَثْنَائِهَا أَوْ احتلم]

- ‌[فَائِدَتَانِ الْمِيلِ هَلْ هُوَ أَلْفَا ذِرَاعٍ وَشُهِرَ أَوْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ قَصَرَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْبُيُوتِ]

- ‌[الثَّانِي الْقَوْمِ يَبْرُزُونَ مِنْ مَكَّة إلَى ذِي طُوًى يُرِيدُونَ الْمَسِيرَ أَيَقْصُرُونَ]

- ‌[الثَّالِث صَلَاة الْقَصْر لِمَنْ سَافَرَ فِي الْبَحْر]

- ‌[الرَّابِع بَانَ الْمُسَافِرُ عَنْ أَهْلِهِ ثُمَّ نَوَى الرَّجْعَةَ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَنَوَى السَّفَرَ]

- ‌[فَرْعٌ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ نَهْرٌ جار مجاور مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ فَهَلْ يُقَصِّر]

- ‌[فَرْعٌ خَرَجَ إلَى الْحَجِّ مِنْ أَهْلِ الْخُصُوصِ]

- ‌[فَرْعٌ سَافَرَ الْعَبْدُ بِسَفَرِ سَيِّدِهِ وَالْمَرْأَةُ بِسَفَرِ زَوْجِهَا وَنَوَوْا الْقَصْرَ]

- ‌[فَرْعٌ عَزَمَ الْقَصْر بَعْدَ نِيَّةِ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ عَلَى السَّفَرِ]

- ‌[فَرْعٌ نَوَى الْمُسَافِرُ أَنْ يُقِيمَ بِمَوْضِعٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ بِنِيَّةٍ]

- ‌[فَرْعٌ دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْقَوْمِ وَيَظُنُّهُمْ مُقِيمِينَ]

- ‌[فَرْعٌ جَمَعَ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِشِدَّةِ السَّيْرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَقَامَ بِمَكَانِهِ]

- ‌[فَرْعٌ جَمَعَ فِي السَّفَرِ فَنَوَى الْإِقَامَةَ فِي أَثْنَاءِ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّنَفُّلُ فِي السَّفَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَمْعِ الْبَادِيَةِ فِي وَسَطِ النَّزْلَةِ]

- ‌[فَرْعٌ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ثُمَّ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ]

- ‌[فَصَلِّ شَرْطُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[تَنْبِيه أَخَّرَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ الصَّلَاةَ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عذر]

- ‌[فَائِدَة لِمَ سُمِّيَتْ الْجُمُعَةَ بِالْجُمُعَةِ]

- ‌[فَرْعٌ ذِكْرِ خَطِيبِ الصَّلَاةِ فِي خُطْبَتِهِ الصَّحَابَةَ وَالسُّلْطَانُ]

- ‌[فَرْعٌ الصَّلَاةُ فِي أَيَّامِ مِنًى بِمِنًى]

- ‌[فَرْعٌ الْأَذَانُ بَيْنَ يَدِي الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ صَلَاةُ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصَلِّ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصَلِّ صَلَاةُ الْكُسُوفِ]

- ‌[فَرْعٌ فَاتَتْهُ مَعَ الْإِمَامِ صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌[فَصَلِّ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[تَنْبِيه الْخُرُوجَ إلَى الصَّحْرَاءِ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصَلِّ غُسْلِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّكْفِين بِثَوْبِ غَسَلَ بِمَاء زَمْزَم]

- ‌[الصلاة على الميت]

- ‌[تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ الطَّهَارَة لِصَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الثَّانِي اشْتِرَاط الْجَمَاعَة فِي صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الثَّالِث ذِكْر مَنْسِيَّة فِي صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الرَّابِع صلوا الْجِنَازَة قُعُود]

- ‌[الْخَامِس قَهْقَهَ أَوْ تَكَلَّمَ عَمْدًا فِي صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[السَّادِس صَلَّى عَلَيْهَا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ قَبْلَ الدَّفْنِ]

- ‌[السَّابِع نوي الْإِمَام الصَّلَاةَ عَلَيَّ احدي الْجِنَازَتَيْنِ وَمنْ خَلْفه يَنْوِيهِمَا]

- ‌[مسائل متعلقة بالغسل والدفن والصلاة]

- ‌[فَرْعٌ غُسِلَتْ الْمَيِّتَةُ ثُمَّ وُطِئَتْ]

- ‌[غسل الزوجين للآخر]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَتْ فَأَرَادَ زَوْجُهَا دَفْنَهَا فِي مَقْبَرَتِهِ وَأَرَادَ عَصَبَتُهَا دَفْنَهَا فِي مَقْبَرَتِهِمْ]

- ‌[فَرْعٌ صَلَّيْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَدِمَ رَجُلٌ لَمْ يُغَسِّلْهُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ لَيْسَ بِشَرْطٍ]

- ‌[تبين أَنَّهُ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[مَا يُدْعَى بِهِ لِلْمَيِّتِ وَالدُّعَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ]

- ‌[الدُّعَاء لِلْمَيِّتِ إِن كَانَ رَجُلًا بِلَفْظِ التَّذْكِيرِ وَالْإِفْرَادِ]

- ‌[صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ عَلَى أَنَّهَا امْرَأَةٌ فَوَجَدَ الْمَيِّتَ ذَكَرًا]

- ‌[الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ الْمَيِّت]

- ‌[تُصَفَّ الْجَمَاعَةُ عَلَى الْجِنَازَةِ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ]

- ‌[فَرْعٌ يَسْتَعِدَّ لِلْكَفَنِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ الْقَبْرُ]

- ‌[فَرْعٌ كَيْفِيَّة الْغُسْلِ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ الْبَخُور عِنْد غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الثَّانِي مَا يَجِب عَلَيَّ الْغَاسِل]

- ‌[فَرْعٌ أَوْصَى بِأَنْ لَا يُزَادَ عَلَى ثَوْبٍ فَزَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ آخَرَ]

- ‌[فَرْعٌ الْقِيَام فِي صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[فَرْعٌ تَقَدُّمُ الْمُصَلِّي عَلَى الْإِمَامِ وَالْجِنَازَةِ]

- ‌[فَرْعٌ سُنَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ]

- ‌[الْأَوَّلُ الْجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ]

- ‌[الثَّانِي مَحَلِّ التَّعْزِيَةِ]

- ‌[الثَّالِث مَنْ عَلَيْهِ التَّعْزِيَة]

- ‌[الرَّابِع التَّعْزِيَةِ بِالنِّسَاءِ وَالْقَرِينِ الصَّالِحِ]

- ‌[الْخَامِس تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ وَالْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِ أَوْ بِالْكَافِرِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ لِمَنْ يَدْخُلُ الْقَبْرَ بِالْمَيِّتِ عَدَدٌ مَحْصُورٌ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ]

- ‌[ضَرْبُ الْفُسْطَاطِ عَلَى قَبْرِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[يَحْفِرَ قَبْرًا لِيُدْفَنَ فِيهِ]

- ‌[دُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ غَيْره مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ]

- ‌[الْمُعَلَّاةَ وَالشَّبِيكَةَ مِنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ الْمُسَبَّلَةِ]

- ‌[مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى الْجُلُوسُ عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[الثَّانِيَة اتِّخَاذُ الْقُبُورِ وَطَنًا]

- ‌[فَرْعٌ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ أَوْلَى مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ الْجِنَازَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ مَعْزٌ وَأَعْطَى ضَأْنًا]

- ‌[فَرْعٌ وَجَبَتْ بِنْتُ اللَّبُونِ فَلَمْ تُوجَدْ وَوُجِدَ حِقٌّ]

- ‌[فَرْعٌ أَخَذَ الْمُصَدِّقُ أَفْضَلَ مِنْ الْوَاجِبِ وَأَعْطَى عَنْ الْفَضْلِ ثَمَنًا]

- ‌[فَرْعٌ الْمَاشِيَة صِنْفَيْنِ تَوَافَرَتْ فِي أَحَدهمَا شُرُوط الزَّكَاةِ وَلَمْ تَتَوَافَر فِي الْآخِر]

- ‌[نَزَلَ بِهِ السَّاعِي فَقَالَ لَهُ إنَّمَا أَفَدْت غَنَمِي مُنْذُ شَهْرٍ]

- ‌[لَا يَحِلُّ لِلسَّاعِي أَنْ يَسْتَضِيفَ مَنْ يَسْعَى عَلَيْهِ]

- ‌[لِكُلِّ أَمِيرِ إقْلِيمٍ قَبْضُ صَدَقَاتِ إقْلِيمِهِ]

- ‌[حَالَ الْحَوْلُ وَالْإِبِلُ فِي سَفَرٍ]

- ‌[تَخْرُجُ السُّعَاةُ لِلزَّرْعِ وَالثِّمَارِ عِنْدَ كَمَالِهَا]

- ‌[دُعَاء السَّاعِي لِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ الصَّدَقَةَ]

- ‌[ذَبَحَ الشَّاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ وَصَدَّقَهَا لَحْمًا]

- ‌[فَرْعٌ ضَلَّ بَعِيرٌ مِنْ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ]

- ‌[تَنْبِيه أَتَى السَّاعِي بَعْدَ غَيْبَة سِنِينَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مَعَهُ أَلْفُ شَاة أَخَذْتهَا مِنِّي]

- ‌[تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ هَلَكَ الْمَال الَّذِي تجب فِيهِ الزَّكَاة]

- ‌[الثَّانِي عَدَّ نِصْفَ الْمَاشِيَةِ الَّتِي تجب فِيهَا الزَّكَاةُ وَمَنَعَهُ مِنْ عَدِّ بَاقِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ عَزَلَ مِنْ مَاشِيَةٍ شَيْئًا لِلسَّاعِي فَوَلَدَتْ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ بَاعَ الْمُسْلِمُ أَرْضًا لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا لِذِمِّيٍّ]

- ‌[الثَّانِي مَنَحَ أَرْضَهُ صَبِيًّا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ أَكْرَاهَا]

- ‌[الثَّالِث وَلَا زَكَاةَ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْجِبَالِ مِنْ كَرْمٍ وَزَيْتُونٍ وَتَمْرٍ]

- ‌[فَرْعٌ عَجَّلَ إخْرَاجَ زَكَاتِهِ أَوْ أَخَّرَهَا]

- ‌[تَنْبِيهَانِ مَاتَ قَبْلَ الْإِزْهَاءِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ ذِمَّتَهُ]

- ‌[فَرْعٌ وَهَبَ الزَّرْعَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ]

- ‌[فَرْعٌ الزَّرْعُ فَلَا يَجُوزُ خَرْصُهُ عَلَى الرَّجُلِ الْمَأْمُونِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْمُخَاطَبُ بِزَكَاةِ مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ]

- ‌[السَّفِيهُ الْبَالِغُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَالِهِ]

- ‌[الْوَصِيَّ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُنَمِّيَ مَالَ الْيَتِيمِ]

- ‌[فَرْعٌ زَكَاة مَا جُعِلَ فِي ثِيَابِ الرَّجُلِ أَوْ الْجُدُرِ مِنْ الْوَرِقِ]

- ‌[فَرْعٌ زَكَاة مَا تحلي بِهِ الْكَعْبَة وَالْمَسَاجِد]

- ‌[فَرْعٌ وَرِثَ حُلِيًّا لَمْ يَنْوِ بِهِ تِجَارَةً وَلَا قُنْيَةً]

- ‌[فَرْعٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى الرَّجُلِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَزَلَهَا الْمُتَصَدِّقُ فَأَقَامَتْ سِنِينَ]

- ‌[تَجَرَ فِي الْمَالَيْنِ فَرَبِحَ فِيهِ سِتَّةَ دَنَانِيرَ ثُمَّ لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا هُوَ فَكَيْف يُزْكِيه]

- ‌[فَرْعٌ لَهُ دَنَانِيرُ فِيهَا الزَّكَاةُ فَاشْتَرَى عَرْضًا لَلْهُرُوبَ مِنْ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ يَبِيعُ الْعَرْضَ بِالْعَرْضِ وَلَا يَنِضُّ لَهُ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ عَيْنٌ فَمَا حُكْم زَكَاته]

- ‌[فَرْعٌ أَخْرَجَ الْمُحْتَكِرُ زَكَاتَهُ قَبْلَ بَيْعِ الْعَرْضِ]

- ‌[فَرْعٌ بَعَثَ الْمُدِيرُ بِضَاعَةً وَجَاءَ شَهْرُ زَكَاتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ فَحَالَ حَوْلُهُ وَزَكَّى مَا بِيَدِهِ ثُمَّ قَدِمَ مَالُهُ الْغَائِبُ سِلَعًا]

- ‌[فَرْعٌ أَخَّرَ الزَّكَاةَ انْتِظَارًا لِلْمُحَاسَبَةِ فَضَاعَ]

- ‌[فَرْعٌ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى الْمَالِ بِيَدِ الْعَامِلِ وَهُوَ عَيْنٌ قَبْلَ أَنْ يَسْتَغِلَّهُ]

- ‌[فَرْعٌ وَلَا يَضُمُّ الْعَامِلُ مَا رَبِحَ إلَى مَالٍ لَهُ آخَرَ لِيُزَكِّيَ]

- ‌[فَرْعٌ الزَّكَاةُ فِيمَا رِبْحه الْعَامِل إِذَا ضَمّ إلَيْهِ مَال رَبّ الْمَال]

- ‌[فَرْعٌ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الْمَالِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ رِبْحِهِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ زَكَاةَ الرِّبْحِ فَتَفَاصَلَا قَبْلَ الْحَوْلِ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم مُقَارَضَة النَّصْرَانِيَّ]

- ‌[فَرْعٌ الزَّكَاةُ عَلَى الْمَسَاكِينِ]

- ‌[أَوْصَى بِمَالٍ لِشَخْصٍ يَشْتَرِي بِهِ أَصْلًا وَيُوقَفُ فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ قَبْلَ الشِّرَاءِ]

- ‌[فَرْعٌ الزَّكَاة فِي غلة الدُّورُ إذَا وُقِفَتْ]

- ‌[فَرْعٌ تَلِفَ مَا خَرَجَ مِنْ النَّيْلِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَهَلْ يُضَمُّ مَا خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَيْهِ]

- ‌[فَرْعٌ مَا أَصَابَهُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ مِنْ رِكَازٍ]

- ‌[فَرْعٌ مَا كَانَ فِي جِدَارٍ مِنْ ذَهَبَ أَوْ فِضَّةٍ]

- ‌[فَرْعٌ رِكَاز الْأَرْضِ إذَا بِيعَتْ]

- ‌[فَرْعٌ مَا غُسِلَ مِنْ تُرَابِ سَاحِلِ بَحْرٍ وُجِدَ بِهِ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةُ مَعْدِنٍ]

- ‌[فَرْعٌ أَسْلَمَ دَابَّتَهُ فِي سَفَرٍ آيِسًا مِنْهَا فَأَخَذَهَا مَنْ أَخَذَهَا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَعَاشَتْ]

- ‌[فَصَلِّ مصارف الزَّكَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُعْطِي الْفَقِيه مِنْ الزَّكَاةِ إذَا كَانَتْ لَهُ كَتَبَ يَحْتَاج إلَيْهَا]

- ‌[فَرْعٌ الْيَتِيمَةَ تُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مَا تَصْرِفُهُ فِي ضَرُورِيَّاتِ النِّكَاحِ]

- ‌[تَنْبِيه السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ لِمَنْ لَهُ أُوقِيَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ]

- ‌[فَرْعٌ صَرْف الزَّكَاةِ فِي كفن مَيِّت أَوْ بِنَاء مَسْجِد أَوْ لِكَافِرِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْغَارِمِينَ الْمُصَادَرُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ وَجَبَ جُزْءُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَأَخْرَجَ أَدْنَى أَوْ أَعْلَى بِالْقِيمَةِ]

- ‌[الثَّانِي إخْرَاجُ الْعَرَضِ وَالطَّعَامِ عَنْ الْوَرَقِ أَوْ الذَّهَبِ فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[الثَّالِث وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فَاشْتَرَى بِهَا ثِيَابًا أَوْ طَعَامًا وَتَصَدَّقَ بِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَغَيْرِ إذْنِهِ]

- ‌[الفرع الثَّانِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِي مَالِهِ فَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِهِ]

- ‌[الفرع الثَّالِث عَزَلَ زَكَاتَهُ بَعْدَ وَزْنِهَا لِلْمَسَاكِينِ وَدَفَعَهَا لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَادِمُونَ إلَى بَلَدٍ هَلْ يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ]

- ‌[مسالة لِلْإِمَامِ تَأْخِيرُ الزَّكَاةِ إلَى الْحَوْلِ الثَّانِي]

- ‌[فَصَلِّ زَكَاةُ الْفِطْرِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ قَدَرَ عَلَى إخْرَاجِ صَاعٍ عَنْ نَفْسِهِ وَبَعْضِ صَاعٍ عَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌[الثَّانِي تَعَدَّدَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا صَاعًا وَاحِدًا أَوْ بَعْضَ صَاعٍ]

- ‌[الثَّالِث قَدْرُ الصَّاعِ]

- ‌[فَصَلِّ مَنْ تجب عَلَيْهِ الزَّكَاةُ]

- ‌[فَرْعٌ زَكَاة الْفِطْرِ هَلْ يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ مَنْ أَعْتَقَ صَغِيرًا فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَالزَّكَاةُ عَنْهُ]

- ‌[الْمُكَاتَبُ وَالْمُخَدِّمُ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ عَنْهُمَا زَكَاةَ الْفِطْرِ]

- ‌[لِلْكَافِرِ عَبْد مُسْلِم فَهَلْ تجب عَلَيْهِ زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[ارْتَدَّ مُسْلِمٌ فَدَخَلَ وَقْتُ الزَّكَاةِ وَهُوَ مُرْتَدٌّ ثُمَّ تَابَ]

- ‌[جَنَى عَبْدٌ جِنَايَةً عَمْدًا فِيهَا نَفْسُهُ فَلَمْ يُقْتَلْ إلَّا بَعْدَ الْفِطْرِ]

- ‌[الزَّوْجُ فَقِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[صَبِيٌّ فِي حِجْرِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إيصَاءٍ وَلَهُ بِيَدِهِ مَالٌ]

- ‌[أَمْسَكَ عُبَيْدَ وَلَدِهِ الصِّغَارَ لِخِدْمَتِهِمْ وَلَا مَالَ لِلْوَلَدِ سِوَاهُمْ]

- ‌[تَنْبِيه عِنْدَهُ قَمْحٌ فِي مَنْزِلِهِ وَأَرَادَ شِرَاءَ الْفِطْرَةِ مِنْ السُّوقِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْأَبِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ وَلَدِهِ الْغَنِيِّ أَمْ لَا]

- ‌[فَرْعٌ أَرَادَ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ أَهْلِهِ أَوْ أَرَادَ أَهْلُهُ أَنْ يُزَكُّوا عَنْهُ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[بَاب مَا يَثْبُت بِهِ رَمَضَان]

- ‌[بَابٌ الِاعْتِكَافُ]

- ‌[فَرْعٌ الِاعْتِكَافُ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ]

- ‌[فَرْعٌ نَذَرَ الصَّوْمَ بِمَكَّة أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ]

- ‌[فَرْعٌ نَذَرَ صَوْمًا بِغَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ وَغَيْرِ رِبَاطٍ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ اعْتَكَفَ بِمَكَّةَ]

- ‌[فَرْعٌ وَتَرْقِيعُ ثَوْبِهِ وَقْت الِاعْتِكَاف]

- ‌[فَرْعٌ الْمُعْتَكِف إذَا اصْبَحْ جنبا]

- ‌[بَابُ الْحَجِّ]

- ‌[فَائِدَة أَحْكَامَ الْحَجِّ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ أَحْرَمَ الصَّبِيُّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَلَمْ يَعْلَم إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ حَجُّ مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَشْيِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ رُكُوبُ الْبَحْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ خَرَجَ لِحَجٍّ وَاجِبٍ بِمَالٍ فِيهِ شُبْهَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ]

- ‌[فَرْعٌ أَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إهْدَاء الْقُرَبِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَرْعٌ قَرَنَ يَنْوِي الْعُمْرَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَالْحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ]

الفصل: ‌[تنبيهات ركوب البحر على ثلاثة أقسام]

بِصَلَاتِهِ جَالِسًا وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ كَلَامَ سَنَدٍ بِاخْتِصَارِهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ التَّادَلِيُّ وَفَهِمَ مِنْهُ عَكْسَ الْمَقْصُودِ لِأَنَّهُ قَالَ عَقِبَهُ: وَقَدْ يُقَالُ وَإِنْ كَانَ السُّجُودُ آكَدَ فَقَدْ تُرُخِّصَ فِيهِ فَلَأَنْ يُتَرَخَّصَ فِي الْقِيَامِ أَوْلَى لِكَوْنِهِ دُونَهُ انْتَهَى. وَالْمُوجِبُ لِذَلِكَ الِاخْتِصَارِ، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إنَّهُ يُخْتَلَفُ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقِيَاسِ عَلَى الرُّخَصِ عَلَى مَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي كَلَامِهِ وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَيُكْرَهُ رُكُوبُ الْبَحْرِ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّلَاةِ إلَّا جَالِسًا انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا لَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْحَجِّ بِذَلِكَ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ لِكَوْنِهِ قَالَ: رُكْنُ صَلَاةٍ فَأَطْلَقَ فِي ذَلِكَ وَإِطْلَاقُهُ مُوَافِقٌ لِمَا نَسَبَهُ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ لِمَالِكٍ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ رُكُوبُ الْبَحْرِ يُؤَدِّي إلَى الْإِخْلَالِ بِالسُّجُودِ فَإِنَّهُ لَا يَرْكَبُهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَجُّ وَإِنْ رَكِبَهُ وَصَلَّى أَعَادَ أَبَدًا هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ وَإِنْ أَدَّاهُ إلَى الصَّلَاةِ جَالِسًا فَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَإِطْلَاقِ الْبُرْزُلِيِّ وَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ: وَقِيَاسُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ فَرْحُونٍ ذَلِكَ عَلَى السُّجُودِ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَكَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ وُجُوبَ الْحَجِّ وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْقِيَامَ فِي السَّفِينَةِ يُصَلِّي جَالِسًا وَسَيَأْتِي كِلَاهُمَا فِي التَّنْبِيهِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[تَنْبِيهَاتٌ رُكُوبُ الْبَحْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) رُكُوبُ الْبَحْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ مُعَلَّى وَغَيْرُهُمْ جَائِزٌ فِي حَقِّ مَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَمِيدُ وَلَا يُضَيِّعُ الصَّلَاةَ وَمَمْنُوعٌ فِي حَقِّ مَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ تَضْيِيعَ الصَّلَاةِ وَمَكْرُوهٌ فِي حَقِّ مَنْ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فَصْلٌ: وَرُكُوبُ الْبَحْرِ لِلْأَسْفَارِ مُبَاحٌ عَلَى الْجُمْلَةِ مَا لَمْ يَعْرِضْ عَارِضٌ يَمْنَعُ مِنْ رُكُوبِهِ وَمِنْ الْعَوَارِضِ الْإِخْلَالُ بِالصَّلَاةِ لِلْمَيْدِ فَمَنْ عَلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَمِيدُ حَتَّى تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ فِي أَوْقَاتِهَا أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهَا جُمْلَةً فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ رُكُوبُهُ وَلَا إلَى حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ وَهَذَا لِأَنَّهُ يَطْلُبُ فَرْضًا فَيُضَيِّعُ فُرُوضًا آكَدَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْأَدَاءِ بِإِخْلَالِ فَرْضٍ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ وَالِانْتِقَالِ عَنْهُ إلَى بَدَلٍ كَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي قَائِمًا هَذَا إنْ وَجَدَ عَنْهُ مَنْدُوحَةً لَمْ يَرْكَبْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَقَدْ يُخْتَلَفُ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقِيَاسِ عَلَى الرُّخَصِ فَمَنْ قَالَ بِهِ أَجَازَ رُكُوبَهُ كَمَا لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ طَهَارَةِ الْمَاءِ إلَى التُّرَابِ فِي السَّفَرِ فِي الْمَفَازَاتِ وَإِنْ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ مُجَرَّدُ طَلَبِ الدُّنْيَا وَمَنْ مَنَعَ الْقِيَاسَ عَلَيْهَا مَنَعَهُ إذَا أَدَّى لِلْإِخْلَالِ بِبَعْضِ الْفُرُوضِ وَإِنْ شَكَّ فِي أَمْرِهِ هَلْ يَسْلَمُ مِنْ الْمَيْدِ أَمْ لَا فَقَدْ قَالُوا: يُكْرَهُ لَهُ الرُّكُوبُ وَلَا يُمْنَعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْأَدَاءِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ كَمَا لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ طَهَارَةِ الْمَاءِ إلَى التُّرَابِ فِي السَّفَرِ قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ وَالْقِيَامَ رُكْنٌ وَالشَّرْطُ خَارِجٌ وَالرُّكْنُ دَاخِلٌ وَفِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي.

وَقَوْلُهُ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَمِيدُ لَا يَنْبَغِي فِيهِ مُسَامَحَةٌ بَلْ لَا يَجُوزُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَالَ ابْنُ مُعَلَّى: لَا يَخْلُو رَاكِبُ الْبَحْرِ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَمِيدُ بِحَيْثُ لَا يُصَلِّي فَيُمْنَعُ أَوْ لَا فَيَجُوزُ أَوْ يَشُكُّ فَقَوْلَانِ: الْجَوَازُ وَالْكَرَاهَةُ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَالْأَظْهَرُ الْكَرَاهَةُ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ بَشِيرٍ فِيمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي قَاعِدًا وَقَالَ إثْرَهُ: قَالَ بَعْضُ حُذَّاقِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَمَّا لَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا فَلَا قِيَاسَ لِأَنَّ الِاضْطِجَاعَ بَدَلٌ عَنْ الْقُعُودِ الَّذِي هُوَ بَدَلٌ عَنْ الْقِيَامِ انْتَهَى. وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ ابْنِ قَدَّاحٍ: مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَمِيدُ فِي الْبَحْرِ لَمْ يَجُزْ لَهُ السَّفَرُ فِيهِ الْبُرْزُلِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ أَوْ سُقُوطِ بَعْضِ أَرْكَانِهَا انْتَهَى. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ: قَالَ مَالِكٌ: يُكْرَهُ رُكُوبُ الْبَحْرِ لِمَا يَدْخُلُ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ نَقْصٍ فِي صَلَاتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ الشَّيْخُ يَعْنِي نَفْسَهُ رُكُوبُ الْبَحْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: جَائِزٌ إذَا كَانَ يَعْلَمُ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ يَأْتِي بِفَرْضِهِ قَائِمًا وَلَا يَمِيدُ، وَمَكْرُوهٌ إذَا لَمْ تَتَقَدَّمْ لَهُ عَادَةٌ بِرُكُوبِهِ وَلَا يَعْلَمُ إذَا رَكِبَهُ هَلْ يَمِيدُ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا وَلَا يُقَالُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْغَالِبَ

ص: 515

السَّلَامَةُ وَمَمْنُوعٌ إذَا كَانَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَمِيدُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهَا لِكَثْرَةِ الرُّكَّابِ أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ، قَالَ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَرْكَعَ أَوْ يَسْجُدَ إلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ فَلَا يَرْكَبُ لِحَجٍّ وَلَا لِعُمْرَةٍ أَيَرْكَبُ حَيْثُ لَا يُصَلِّي وَيْلٌ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَيُكْرَهُ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّلَاةِ إلَّا جَالِسًا وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: مَنْ أَرَادَ رُكُوبَ الْبَحْرِ وَقْتَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَأَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ قَائِمًا لِمَا يَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ الْبَحْرِ وَأَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِيهِ قَائِمًا قَالَ: يَجْمَعُهُمَا فِي الْبَرِّ قَائِمًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي وَقْتِهَا قَاعِدًا، وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْقِيَامِ قَعَدُوا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي هَذَيْنِ السُّؤَالَيْنِ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ مَنْ رَكِبَ أَوْ عَزَمَ عَلَى رُكُوبِهِ لَيْسَ عَلَى مَا يَخْتَارُهُ لَهُمْ مِنْ الرُّكُوبِ أَوْ التَّرْكِ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمَبْسُوطِ يُوَافِقُ مَا قَالَهُ: إنَّهُ يَكْرَهُ رُكُوبَهُ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ إلَّا جَالِسًا وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَهُوَ فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَنَصُّهُ: وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا قَالَ: بَلْ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا فَقُعُودًا قِيلَ: وَيَؤُمُّهُمْ قُعُودًا؟ قَالَ نَعَمْ إذَا لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَقُومُوا، قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ كَمَا قَالَهُ لِأَنَّ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ فُرُوضِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا مَنْ يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا كَانُوا كَالْمَرْضَى وَجَازَ أَنْ يَؤُمَّهُمْ الْإِمَامُ قُعُودًا وَهُوَ قَاعِدٌ انْتَهَى. وَفِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسُئِلَ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنْ الْقَوْمِ فِي الْمَرْكَبِ يُصَلُّونَ جُلُوسًا وَهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْقِيَامِ قَالَ: يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّهُمْ إمَامُهُمْ وَهُمْ جُلُوسٌ قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ فَمَنْ تَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَإِنْ أَمْكَنَ مَنْ كَانَ فِي السَّفِينَةِ الْخُرُوجُ إلَى الشَّاطِئِ خَرَجَ إلَيْهِ فَإِنْ أَدَّى الصَّلَاةَ فِي السَّفِينَةِ عَلَى الْإِكْمَالِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِالشَّاطِئِ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ وَآمَنُ مِنْ طَرَيَانِ الْمُفْسِدِ فَإِنْ صَلَّى فِي السَّفِينَةِ وَأَكْمَلَ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَخَلَّ بِفَرْضٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخُرُوجِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ صَحَّتْ انْتَهَى. وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ صَلَّى فِي السَّفِينَةِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا أَجْزَأَهُ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فَلَا يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ فِيهَا قَاعِدًا قَالَ ابْنُ نَاجِي: مَفْهُومُهُ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ صَلَّى جَالِسًا الْمَغْرِبِيُّ وَنَحْوُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ ثُمَّ وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَيَدُورُونَ إلَى الْقِبْلَةِ كُلَّمَا دَارَتْ السَّفِينَةُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ عَنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ: وَهَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ السُّجُودَ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ فِي السَّفِينَةِ أَنْ يَسْجُدَ إلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ رُكُوبُهَا فِي حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ فَإِنْ فَعَلَ وَصَلَّى وَسَجَدَ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ أَعَادَ أَبَدًا عَلَى قَوْله لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ كَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي يُقْدَحُ الْمَاءُ مِنْ عَيْنِهِ فَيُصَلِّي إيمَاءً أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَكَذَا نَقُولُ فِي الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الزِّحَامِ أَنْ يَسْجُدَ إلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ إلَّا فِي الْوَقْتِ وَذَلِكَ أَنَّ الْفَرْضَ انْتَقَلَ عَنْهُ إلَى الْإِيمَاءِ مِنْ أَجْلِ الزِّحَامِ فَكَانَ كَالْمَرِيضِ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ فَرَفَعَ إلَى جَبْهَتِهِ شَيْئًا فَسَجَدَ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافُ الْمَرِيضِ يُعِيدُ أَبَدًا إنْ لَمْ يَسْجُدْ إلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ أَوْ إيمَاءً فَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ إلَّا إيمَاءً أَوْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ سَجَدَ مَا لَمْ يَعْقِدْ الْإِمَامُ عَلَيْهِ الرَّكْعَةَ الَّتِي تَلِيهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ سَجَدَ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ أَوْ مَا لَمْ يَطُلْ الْأَمْرُ بَعْدَ سَلَامِهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي سَلَامِ الْإِمَامِ هَلْ هُوَ كَعَقْدِ رَكْعَةٍ أَمْ لَا انْتَهَى.

(الثَّانِي) عُلِمَ مِنْ النُّصُوصِ الْمَذْكُورَةِ حُكْمُ رُكُوبِهِ ابْتِدَاءً عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَمِنْ أَثْنَاءِ الْكَلَامِ حُكْمُ رُكُوبِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ

ص: 516

مُجْمَلًا وَتَحْصِيلُهُ أَنَّهُ إذَا رَكِبَ الْبَحْرَ فَهُوَ مَطْلُوبٌ بِالصَّلَاةِ فِيهِ عَلَى أَيِّ حَالٍ قَدَرَ عَلَيْهَا فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي إعَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَخَلَّ بِبَعْضِ الْأَرْكَانِ فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْجَائِزِ وَهُوَ مَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ السَّلَامَةَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مَنَعَهُ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى وَجْهِهَا وَلَا يُشَكُّ فِي عَدَمِ إعَادَتِهِ وَهَذَا ظَاهِرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الْقِسْمِ الثَّالِثِ الْمَكْرُوهِ وَهُوَ مَنْ شَكَّ فِي أَمْرِهِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْدِمْ عَلَى الْإِخْلَالِ بِالصَّلَاةِ وَلَا شَيْءٍ مِنْهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْقِيَامِ فِي السَّفِينَةِ قَعَدُوا وَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي السَّفِينَةِ وَأَخَلَّ بِفَرْضٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْبَرِّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ صَحَّتْ وَأَمَّا الْقَسَمُ الْمَمْنُوعُ وَهُوَ مَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ تَضْيِيعَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ حُكْمِهِ وَأَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) مَنْ كَانَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ إذَا رَكِبَ الْبَحْرَ حَصَلَ لَهُ مَيْدٌ يَغِيبُ عَقْلُهُ مِنْهُ وَيُغَمَّى عَلَيْهِ فَيَتْرُكُ الصَّلَاةَ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ جَوَازِ رُكُوبِهِ وَمَنْ كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَخُرُوجُهُ لِلْحَجِّ إنَّمَا هُوَ شَهْوَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ بَلْ نَزْعَةٌ شَيْطَانِيَّةٌ، قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَلَقَدْ حَكَى شَيْخُنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الشَّبِيبِيُّ عَنْ طَالِبٍ مِنْ الْمَغَارِبَةِ أَنَّهُ يُقَالُ اخْتَصَمَ شَيَاطِينُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ غَوَايَةً فَقَالَ شَيَاطِينُ الْمَشْرِقِ لِشَيَاطِينِ الْمَغْرِبِ: نَحْنُ أَشَدُّ مِنْكُمْ غَوَايَةً لِأَنَّا نَحْمِلُ الْمَرْءَ عَلَى الْمَعَاصِي وَارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ فِي مَقَامَاتِ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام فَقَالَ شَيَاطِينُ الْمَغْرِبِ: نَحْنُ أَشَدُّ لِأَنَّا نَجِدُ الرَّجُلَ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ يُؤَدِّي الْفَرَائِضَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ فِي رَاحَةٍ وَمَلَائِكَتُهُ مَعَهُ كَذَلِكَ مِنْ قِلَّةِ التَّبِعَاتِ فَإِذَا قَالَ الْقَوَّالُ فِي التَّشْوِيقِ إلَى أَرْضِ الْحِجَازِ نَنْخُسُهُ بِسِكِّينٍ فَيَبْكِي وَنَحْمِلُهُ عَلَى الْخُرُوجِ فَيَخْرُجُ فَمِنْ يَوْمِ يَخْرُجُ نَحْمِلُهُ عَلَى تَرْكِ الْفَرَائِضِ وَارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ مِنْ يَوْمِ خُرُوجِهِ إلَى يَوْمِ دُخُولِهِ إلَى أَهْلِهِ فَخَسِرَ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَدِينِهِ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَغَرْبِهَا فَسَلَّمَ شَيَاطِينُ الْمَشْرِقِ لِشَيَاطِينِ الْمَغْرِبِ شِدَّةَ الْغَوَايَةِ. قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَقَدْ شَاهَدْت فِي سَفَرِي لِلْحَجِّ بَعْضَ هَذَا انْتَهَى. نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ.

وَانْظُرْ إذَا حَصَلَ لَهُ مَيْدٌ حَتَّى غَابَ عَنْ عَقْلِهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَخَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَهُوَ غَائِبُ الْعَقْلِ هَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَفِي الْوَجْهِ الْجَائِزِ وَالْمَكْرُوهِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَفِي الْمَمْنُوعِ يَقْضِي الصَّلَاةَ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا قِيَاسًا عَلَى السَّكْرَانِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا يُؤَدِّي إلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِغْمَاءُ لِمَرَضٍ غَيْرِ الْمَيْدِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ) إذَا رَكِبَهُ فِي الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ فَهَلْ يُطْلَبُ بِالرُّجُوعِ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطْلَبُ بِالنُّزُولِ مِنْهُ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ أَمْكَنَهُ النُّزُولُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَتَرَجَّحُ الْبَرُّ الْمُوَصِّلُ مِنْ عَامِهِ عَلَى الْبَحْرِ الْمُبَاحِ الْمُوَصِّلِ فِي عَامٍ آخَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِ فَإِنْ تَسَاوَيَا جَرَى عَلَى أَيِّهِمَا أَحَبَّ انْتَهَى بِالْمَعْنَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالتَّادَلِيُّ وَالْبَرْزَلِيُّ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ إثْرَهُ: وَالظَّاهِرُ رُجْحَانُ الْبَرِّ بِكَوْنِهِ أَكْثَرَ نَفَقَةً وَلِمَرْجُوحِيَّةِ رُكُوبِ الْبَحْرِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ انْتَهَى.

وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ أَسْرَعَ تَعَيَّنَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِ.

(السَّادِسُ) قَالَ ابْنُ مُعَلَّى: يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ لَا يُقْدِمَ عَلَى مَا يَتَسَاهَلُ فِيهِ النَّاسُ مِنْ السَّفَرِ مَعَ الْكَفَرَةِ فَإِنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ إبَاحَةِ السَّفَرِ مَعَهُمْ لِمُجَرَّدِ التِّجَارَةِ خِلَافُ الْمَذْهَبِ انْتَهَى. قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: جَرَتْ الْعَادَةُ عِنْدَنَا الْيَوْمَ بِالسَّفَرِ فِي مَرَاكِبِ النَّصَارَى وَرُبَّمَا يَكُونُ الِاسْتِيلَاءُ لَهُمْ وَرُبَّمَا قَدَرُوا فَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ يَحْكِي أَنَّهُ كَالتِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ وَفِيهَا يَعْنِي التِّجَارَةَ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ تَشْدِيدِ الْكَرَاهَةِ وَهَلْ هِيَ جُرْحَةٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: وَالصَّوَابُ الْيَوْمَ أَنَّهُ خِلَافٌ فِي حَالٍ

ص: 517

فَإِنْ كَانَ أَمِيرُ تُونُسَ قَوِيًّا يَخَافُ مِنْهُ النَّصَارَى إذَا غَدَرُوا أَوْ أَسَاءُوا الْعِشْرَةَ فَهُوَ خَفِيفٌ وَإِلَّا كَانَ خَطَرًا وَفِي عُرْضَةٍ أُخْرَى قَالَ: الصَّوَابُ أَنَّهُ خَطَرٌ وَرَأَيْت بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ سَافَرَ مَعَهُمْ وَرَآهَا ضَرُورَةً لِتَعَذُّرِ طَرِيقِ الْبَرِّ. قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: كَانَ يُذْكَرُ عَنْ الْقَبَّاب أَحَدِ فُقَهَاءِ فَاسَ، وَابْنُ إدْرِيسَ أَحَدُ فُقَهَاءِ بِجَايَةَ وَاشْتُهِرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ سَافَرَ مَعَهُمْ. وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا مِنْ تَقَابُلِ الضَّرَرَيْنِ فَيُنْفَى الْأَصْغَرُ لِلْأَكْبَرِ كَمَا قَالَ عليه السلام فَيَنْظُرُ مَا يَتَرَتَّبُ مِنْ الْمَفَاسِدِ فِي رُكُوبِهِ وَمَا يَحْصُلُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ فَكُلَّمَا عَظُمَ الْمَكْرُوهُ اُعْتُبِرَ وَمَتَى قَلَّ انْتَفَى ثُمَّ قَالَ عَنْ الْمَازِرِيِّ الَّذِي تَقَدَّمَتْ أَجْوِبَتِي إذَا كَانَتْ أَحْكَامُ أَهْلِ الْكُفْرِ جَارِيَةً عَلَى مَنْ يَدْخُلُ بِلَادَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ السَّفَرَ لَا يَحِلُّ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ بْنُ هِلَالٍ فِي مَنْسَكِهِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ السَّفَرِ فِي مَرَاكِبِ النَّصَارَى عَلَى حَالِهِمْ مِنْ كَوْنِهِمْ يَقْدِرُونَ أَحْيَانَا فَكَانَ الشَّيْخُ ابْنُ عَرَفَةَ يَقُولُ: إنَّهُ كَالتِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ ثُمَّ قَالَ أَيْضًا إنْ كَانَ أَمِيرُ إفْرِيقِيَّةَ يَخَافُ النَّصَارَى مِنْهُ إذَا غَدَرُوا أَوْ أَسَاءُوا عِشْرَةً فَهُوَ خَفِيفٌ وَإِلَّا كَانَ خَطَرًا.

((قُلْتُ)) : وَلِلشَّيْخِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ الْقَبَّابَ فِي نَوَازِلِهِ مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا مَرْكَبٌ يَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِ لِلنَّصَارَى فَيَجْرِي الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى مَا شُهِرَ مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّفْصِيلِ فِي السَّفَرِ لِأَرْضِ الْعَدُوِّ. قَالَ: وَأَكْثَرُ الشُّيُوخِ عَلَى النَّظَرِ فِيمَا يُنَالُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يُكْرَهَ عَلَى سُجُودٍ لِصَنَمٍ أَوْ إذْلَالٍ لِلْإِسْلَامِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا كُرِهَ. قَالَ: وَهَذَا الْقَدْرُ لَمْ تَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ فِي مَرَاكِبِهِمْ لَكِنِّي رَأَيْت النَّجَاسَةَ فِيهَا لَا يَتَأَتَّى مِنْهَا التَّحَفُّظُ أَصْلًا وَأَمَّا شُرْبُ الْخَمْرِ فَلَيْسَ رُؤْيَةُ ذَلِكَ فِيهِمْ مُنْكَرًا وَأَمَّا كَشْفُ الصُّورَةِ فَإِنْ كَانَ يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ وَلَا يَتَأَتَّى الرُّكُوبُ إلَّا بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ رُكُوبُهُ وَإِنْ كَانَ يَخْشَى رُؤْيَةَ عَوْرَةِ غَيْرِهِ فَقَالَ: عِنْدِي أَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّحَفُّظُ مِنْ ذَلِكَ غَالِبًا وَإِنْ وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا بِغَيْرِ قَصْدِهِ لَمْ يَضُرَّهُ انْتَهَى. وَقَالَ الْقَلْشَانِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَتُكْرَهُ التِّجَارَةُ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ وَبِلَادِ السُّودَانِ: الْكَرَاهَةُ قِيلَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَقِيلَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَدَّدَ مَالِكٌ الْكَرَاهَةَ فِي التِّجَارَةِ إلَى بَلَدِ الْحَرْبِ بِجَرْيِ أَحْكَامِ الْكُفْرِ عَلَيْهِمْ قَالَ عِيَاضٌ: إنْ تَحَقَّقَ جَرْيُ أَحْكَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِمْ حُرِّمَ وَيَخْتَلِفُ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ هَلْ يُحَرَّمُ أَوْ يُكْرَهُ؟ قَالَهُ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ الْغُبْرِينِيُّ وَعَلَيْهِ السَّفَرُ مَعَهُمْ فِي مَرَاكِبِهِمْ يَجْرِي عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ قَالَ عِيَاضٌ: وَتَأَوَّلَ الشُّيُوخُ مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ جَوَازِ شَهَادَةِ التِّجَارَةِ إلَى بِلَادِ الْحَرْبِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ تَابُوا وَقِيلَ غَلَبَتْهُمْ الرِّيحُ وَقَوْلُهُ بِلَادِ السُّودَانِ أَيْ الْكُفَّارِ مِنْهُمْ انْتَهَى.

(السَّابِعُ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ يَضِيعُ يَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالتَّخْفِيفِ فَيَكُونُ ثُلَاثِيًّا مِنْ ضَاعَ يَضِيعُ وَبِرَفْعِ رُكْنٍ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ أَوْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ ثَالِثِهِ فَيَكُونُ رُبَاعِيًّا مِنْ ضَيَّعَ يُضَيِّعُ وَبِنَصَبِ رُكْنِ صَلَاةٍ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ إلَّا فِي بَعِيدِ مَشْيٍ وَرُكُوبِ بَحْرٍ إلَّا أَنْ تُخَصَّ بِمَكَانٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْمَرْأَةِ كَحُكْمِ الرَّجُلِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا مَرَّةً فِي الْعُمْرِ وَسُنِّيَّةِ الْعُمْرَةِ كَذَلِكَ وَفِي فَوْرِيَّةِ الْحَجِّ وَتَرَاخِيهِ وَشُرُوطِ صِحَّتِهِ وَشُرُوطِ وُجُوبِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِدُخُولِهَا فِي عُمُومِ - قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] وَقَوْلِهِ عليه السلام «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» الْحَدِيثَ إلَّا أَنَّهَا لِضَعْفِهَا وَعَجْزِهَا اعْتَبَرَ الشَّرْعُ فِي حَقِّهَا شُرُوطًا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: إلَّا فِي بَعِيدِ مَشْيٍ إلَى آخِرِهِ أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ مَاشِيَةً مِنْ الْمَكَانِ الْبَعِيدِ لِخَوْفِ عَجْزِهَا وَلَيْسَتْ كَالرَّجُلِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَحُجَّ فِي الْبَرِّ لِخَوْفِ الِانْكِشَافَ بَلْ يُكْرَهُ لَهَا الْخُرُوجُ فِي الصُّورَتَيْنِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حَدَّ الْقُرْبِ الَّذِي يَلْزَمُهَا الْمَشْيُ مِنْهُ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ مِثْلُ مَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا وَنَصُّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ فِي

ص: 518

الْمَوَّازِيَّةِ كَرَاهَةُ الْمَشْيِ لَهُنَّ قَالَ: لِأَنَّهُنَّ عَوْرَةٌ فِي مَشْيِهِنَّ إلَّا الْمَكَانَ الْقَرِيبَ مِثْلَ مَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا انْتَهَى. وَمِثْلُهُ فِي النَّوَادِرِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَصْبَغَ وَلَفْظُهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حُكْمَ الرِّجَالِ: وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ فِي الْمَشْيِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ قَوِينَ لِأَنَّهُنَّ عَوْرَةٌ فِي مَشْيِهِنَّ إلَّا الْمَكَانَ الْقَرِيبَ مِثْلَ أَهْلِ مَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا وَمَا قَرُبَ مِنْهَا إذَا أَطَقْنَ الْمَشْيَ انْتَهَى. وَذَكَرَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ حَكَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَصْبَغَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مِثْلُ مَكَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَنَصُّهُ: قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: لَا أَرَى عَلَيْهَا مَشْيًا وَإِنْ قَوِيَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَشْيَهُنَّ عَوْرَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَكَانُ الْقَرِيبُ مِثْلَ مَكَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ انْتَهَى.

(قُلْت) : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَنِسَاءُ الْبَادِيَةِ لَسْنَ كَنِسَاءِ الْحَاضِرَةِ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَكَانُ قَرِيبًا وَقَوِينَ عَلَى ذَلِكَ يَرَى عَلَيْهِنَّ الْمَشْيَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمَوَّازِيَّةِ لَفْظُ الْكَرَاهَةِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَهَا مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّ مَشْيَهُنَّ عَوْرَةٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ فِيهِ انْكِشَافَ الْعَوْرَةِ لَكِنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِنَّ الضَّعْفُ وَالْعَجْزُ فَيَئُولُ بِهَا الْحَالُ إلَى التَّعَبِ الْمُؤَدِّي إلَى انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِهَا الْمَشْيَ مِنْ الْمَكَانِ الْبَعِيدِ هُوَ الْمَنْصُوصُ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَالْقَوْلُ بِلُزُومِ الْمَشْيِ لَهَا وَلَوْ كَانَ الْمَكَانُ بَعِيدًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ خَرَّجَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَشْيِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْحَانِثِ وَالْحَانِثَةِ: وَالْمَشْيُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سَوَاءٌ انْتَهَى. قَالَ فِي تَبْصِرَتِهِ: لِأَنَّ الْوَفَاءَ بِحَجَّةِ الْفَرِيضَةِ آكَدُ مِنْ النَّذْرِ انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَوْ كُلِّفَتْ بِالْمَشْيِ فِي الْحَجِّ لَزِمَ مِنْهُ عُمُومُ الْفِتْنَةِ وَالْحَرَجِ بِخِلَافِ النَّذْرِ فَإِنَّهَا صُورَةٌ نَادِرَةٌ وَقَدْ أَلْزَمَتْ نَفْسَهَا بِيَمِينِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا قُوتُ يَوْمِ الْفِطْرِ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَلَوْ نَذَرَ إخْرَاجَهُ لَزِمَهُ انْتَهَى.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْمَشْيُ مِنْ الْمَكَانِ الْبَعِيدِ وَلَوْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى إطْلَاقِ كَلَامِ مَالِكٍ الْمُتَقَدِّمِ وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ: لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ إذَا اسْتَطَاعَتْ وَأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُهُ فِي الِاسْتِطَاعَةِ عَلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا إلَّا أَنَّ الْحَجَّ لَا يَلْزَمُهَا إذَا قَدَرَتْ عَلَى الْمَشْيِ عِنْدَنَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ لِأَنَّ مَشْيَهَا عَوْرَةٌ إلَّا فِيمَا قَرُبَ مِنْ مَكَّةَ انْتَهَى. فَظَاهِرُهُ أَيْضًا الْإِطْلَاقُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ التَّخْرِيجَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَذَكَرَ بَعْدَهُ كَلَامَ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مَا نَصُّهُ: وَهَذَا يَحْسُنُ فِي الْمَرْأَةِ الرَّائِعَةِ وَالْجَسِيمَةِ وَمَنْ يُنْظَرُ لِمِثْلِهَا عِنْدَ مَشْيِهَا وَأَمَّا الْمُتَجَالَّةُ وَمَنْ لَا يَؤُبْهُ بِهَا مِنْ النِّسَاءِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا كَالرَّجُلِ انْتَهَى فَيَكُونُ قَوْلُهُ هَذَا ثَالِثًا وَكَذَا جَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ: وَفِي كَوْنِ مَشْيِهَا مِنْ بَعْدُ كَالرَّجُلِ أَوْ عَوْرَةً ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ جَسِيمَةٍ وَرَائِعَةٍ لِلَّخْمِيِّ عَنْ قَوْلِهِ فِيهَا نَذْرُ الْمَشْيِ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ وَرِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَاللَّخْمِيِّ وَرَدَّ ابْنُ مُحْرِزٍ الْأَوَّلَيْنِ لِلثَّالِثِ انْتَهَى، فَيَكُونُ وِفَاقًا وَكَذَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ: يُحْتَمَلُ الْوِفَاقُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قُلْت: أَخَذَ اللَّخْمِيُّ مِنْهَا خِلَافَ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ هُوَ مُنَاقَضَتُهَا ابْنَ الْكَاتِبِ بِهَا وَيُرَدُّ إلَى أَنَّ مَعْنَاهَا الْمَشْيُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ أَيْ فِي إكْمَالِهِ وَالْعَوْدِ لِتَلَافِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ مَشْيَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْوُجُوبِ فَلَفْظُ عَلَيْهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِنَذْرٍ لَا بِسَوَاءٍ انْتَهَى.

وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا فَكَأَنَّهُ يَقُولُ أَنَّ الْمَشْيَ فِي النَّذْرِ يَجِبُ عَلَيْهِمَا فَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الْحَجِّ بَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالنَّذْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ فَرْقًا فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَرُدُّ عَلَى اللَّخْمِيِّ لِأَنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يَأْخُذْ الْوُجُوبَ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْمَشْيُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ إيجَابِهِ الْمَشْيَ عَلَيْهَا فِي النَّذْرِ فَقَالَ: الْفَرْضُ أَوْلَى فَمَا يَحْسُنُ الرَّدُّ عَلَيْهِ إلَّا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالنَّذْرِ وَالْفَرْقُ الَّذِي تَقَدَّمَ عَنْ التَّوْضِيحِ حَسَنٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ رُكُوبِهَا الْبَحْرَ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ هُوَ

ص: 519

قَوْلُ مَالِكٍ الْمَنْصُوصُ لَهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ كَرَاهَةُ سَفَرِ النِّسَاءِ فِي الْبَحْرِ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ: نَهَى مَالِكٌ عَنْ حَجِّ النِّسَاءِ فِي الْبَحْرِ انْتَهَى. وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى مَا نَقَلَ اللَّخْمِيُّ: وَأَمَّا حَجُّهَا فِي الْبَحْرِ فَقَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: مَا لَهَا وَلِلْبَحْرِ الْبَحْرُ هُوَ شَدِيدٌ وَالْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ وَأَخَافُ أَنْ تَنْكَشِفَ وَتَرْكُ ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ، قَالَ الشَّيْخُ يَعْنِي نَفْسَهُ: وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِجَوَازِ رُكُوبِ النِّسَاءِ فِي الْبَحْرِ فِي حَدِيثِ أُمِّ حَرَامٍ فَرُكُوبُ النِّسَاءِ فِي الْبَحْرِ جَائِزٌ إذَا كَانَتْ فِي سَرِيرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا تَسْتَتِرُ فِيهِ وَتَسْتَغْنِي فِيهِ عَنْ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ وَعِنْدَ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَمُنِعَتْ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي رُكُوبِهَا الْبَحْرَ قَوْلَانِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ.

وَيُخْتَلَفُ فِي إلْزَامِهَا الْحَجَّ مَعَ عَدَمِ الْمَحْرَمِ وَإِذَا وَجَدَتْ رُفْقَةً مَأْمُونَةً وَمَعَ الْحَاجَةِ إلَى الْبَحْرِ أَوْ الْمَشْيِ انْتَهَى. وَلَمْ يَعْزُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا الْمُصَنِّفُ وَلَا ابْنُ فَرْحُونٍ الْقَوْلَ الثَّانِي لِأَحَدٍ وَلَا ذَكَرُوا مَنْ ذَكَرَهُ وَإِنَّمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَأُخِذَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ رُكُوبِهِنَّ الْبَحْرَ مِمَّا وَرَدَ فِي السَّنَةِ بِجَوَازِ رُكُوبِهِنَّ الْبَحْرَ فِي الْجِهَادِ ثُمَّ قَالَ وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ انْتَهَى.

وَيُشِيرُ إلَى الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَمَالَ الْبَاجِيُّ إلَى رُكُوبِ الْبَحْرِ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَضْيِيعِ بَعْضِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ اُنْظُرْ شَرْحَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَوْ يَضِيعُ رُكْنُ صَلَاةٍ. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ الْمَوَّازِيَّةِ الْمُتَقَدِّمِ: وَقِيلَ لَا يُمْنَعُ وَالْخِلَافُ فِي حَالٍ انْتَهَى. وَالْمَوْجُودُ فِي الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْمُتَقَدِّمُ وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ الَّذِي أَخَذَاهُ مِنْ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي كَوْنِ الْمَرْأَةِ فِيهِ كَالرَّجُلِ وَسُقُوطِهِ بِهَا عَنْهَا قَوْلَا اللَّخْمِيِّ وَسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَتِهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ كَلَامِ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَأَشَارَ اللَّخْمِيُّ إلَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَحْسُنُ فِي الشَّابَّةِ وَمَنْ يُؤْبَهُ بِهَا وَأَمَّا الْمُتَجَالَّةُ وَمَنْ لَا يُؤْبَهُ بِهَا فَهِيَ كَالرَّجُلِ انْتَهَى.

وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ لَمْ أَرَهُ هُنَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَشْيِ الْبَعِيدِ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُ هُنَاكَ.

(الثَّانِي) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَقَيَّدَ عِيَاضٌ مَا وَقَعَ لِمَالِكٍ بِمَا صَغُرَ مِنْ السَّفَرِ لِعَدَمِ الْأَمْنِ حِينَئِذٍ مِنْ انْكِشَافِ عَوْرَاتِهِنَّ لَا سِيَّمَا عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ قَالَ: وَرُكُوبُهُنَّ فِيمَا كَبُرَ مِنْ السُّفُنِ وَحَيْثُ يُخْصَصْنَ بِأَمَاكِنَ يَسْتَتِرْنَ فِيهَا جَائِزٌ انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي الْمَنَاسِكِ إنَّهُنَّ إذَا خُصِصْنَ بِأَمَاكِنَ وَجَبَ عَلَيْهِنَّ الْحَجُّ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْبِسَاطِيُّ فِي شَرْحِهِ وَكَذَلِكَ الْأَقْفَهْسِيُّ أَيْضًا فِي شَرْحِهِ قَائِلًا فَإِنَّهَا تَصِيرُ كَالرِّجَالِ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ انْتَهَى. وَنَصُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي مَنَاسِكِهِ: وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ إلَّا فِي الْمَشْيِ مِنْ الْمَكَانِ الْبَعِيدِ وَرُكُوبِ الْبَحْرِ فَاخْتُلِفَ فِي إلْزَامِهَا ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ اللُّزُومِ فِيهَا قَالَ عِيَاضٌ إلَّا فِي الْمَرَاكِبِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي يُخْصَصْنَ فِيهَا بِأَمَاكِنَ انْتَهَى.

فَمَفْهُومُ كَلَامِهِ هَذَا أَوْ صَرِيحُهُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَشَرَحَهُ عَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ وَالْأَقْفَهْسِيُّ وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ عِيَاضٍ الْمُتَقَدِّمِ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ فِي التَّنْبِيهِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا إنَّمَا هُوَ انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ حِينَئِذٍ فَقَطْ مِنْ جَوَازِ الرُّكُوبِ وَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ هُوَ فِي الْإِكْمَالِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أُمِّ حَرَامٍ وَنَصُّهُ: وَرُكُوبُهُنَّ فِيمَا كَبُرَ مِنْ السُّفُنِ وَحَيْثُ يُخْصَصْنَ بِأَمَاكِنَ يَسْتَتِرْنَ فِيهَا جَائِزٌ انْتَهَى. وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ الصَّغِيرِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ الْقَاضِي عِيَاضٍ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تُخَصَّ بِمَكَانٍ أَيْ فَتَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ انْتَهَى. وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ الْوُجُوبَ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي حَيْثُ جَعَلَ رُكُوبَهُنَّ حِينَئِذٍ جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ جَائِزًا صَارَ الْبَحْرُ طَرِيقًا لَهُنَّ يَجِبُ سُلُوكُهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِنَّ الْحَجُّ فَتَأَمَّلْهُ.

(الرَّابِعُ) هَذِهِ الْحَالُ الَّتِي ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُنَّ رُكُوبُ الْبَحْرِ فِيهَا جَعَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ هِيَ مَحِلُّ الْكَرَاهَةِ قَالَ فِي رَسْمِ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ: سُئِلَ مَالِكٌ

ص: 520

عَنْ حَجِّ النِّسَاءِ فِي الْبَحْرِ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ: لَا أُحِبُّهُ وَعَابَهُ عَيْبًا شَدِيدًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا كَرِهَهُ مِنْ نَاحِيَةِ السِّتْرِ مَخَافَةَ أَنْ يَنْكَشِفْنَ لِأَنَّهُنَّ عَوْرَةٌ وَهَذَا إذَا كُنَّ فِي مَعْزِلٍ عَنْ الرِّجَالِ لَا يُخَالِطْنَهُمْ عِنْدَ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَفِي سَعَةٍ يَقْدِرُونَ عَلَى الصَّلَاةِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنَّ فِي مَعْزِلٍ عَنْ الرِّجَالِ أَوْ كُنَّ فِي ضِيقٍ يَمْنَعُهُنَّ مِنْ إقَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى وَجْهِهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَحْجُجْنَ ثُمَّ قَالَ: وَفِي دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ حَرَامٍ أَنْ يَجْعَلَهَا مِنْهُمْ لِسُؤَالِهَا إيَّاهُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ رُكُوبِهِ لِلنِّسَاءِ وَذَلِكَ عَلَى الصِّفَةِ الْجَائِزَةِ انْتَهَى.

وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَبْلَ التَّنْبِيهَاتِ.

(الْخَامِسُ) رَأَيْت فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِابْنِ فَرْحُونٍ عَزْوَ كَلَامِ الْمَوَّازِيَّةِ الْمُتَقَدِّمِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَكَأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْ النَّاقِلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسُ) قَالَ فِي الشَّامِلِ فِي الْمَكْرُوهَاتِ وَرُكُوبِهَا الْبَحْرَ: وَهَلْ إنْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً أَوْ مَا لَمْ تُخَصَّ بِمَكَانٍ بِسَفِينَةٍ عَظِيمَةٍ تَأْوِيلَانِ انْتَهَى. فَأَطْلَقَ التَّأْوِيلَ عَلَى غَيْرِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَكَانَ التَّأْوِيلُ عِنْدَهُ لَيْسَ خَاصًّا بِالْمُدَوَّنَةِ وَيُسْقِطُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً لَفْظَةُ غَيْرٍ وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ كَلَامَ التَّوْضِيحِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يَذْكُرْ الْمُتَجَالَّةَ فِي هَذَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي الْمَشْيِ الْبَعِيدِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَزِيَادَةُ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ كَرُفْقَةٍ أُمِنَتْ بِفَرْضٍ)

ش: يَعْنِي وَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ أَيْضًا وُجُودُ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَحْرَمٌ وَلَا زَوْجٌ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ لِلْحَجِّ فِي الْفَرْضِ فِي رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَرَوَى مَالِكٌ فِي جَامِعِ الْمُوَطَّإِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِرِوَايَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ عَلَى جِهَةِ التَّغْلِيظِ يُرِيدُ أَنَّ مُخَالَفَةَ هَذَا لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَيَخَافُ عِقَابَهُ فِي الْآخِرَةِ قَالَ الْبَاجِيُّ: وَالْعِلَّةُ فِي مَنْعِهَا مِنْ السَّفَرِ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ كَوْنُهَا عَوْرَةً يَجِبُ عَلَيْهَا التَّسَتُّرُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا التَّبَرُّجُ حَيْثُ الرِّجَالُ مَخَافَةَ الْفَضِيحَةِ وَالِاخْتِلَاطِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِحُدُودِ الشَّرِيعَةِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَاسَ الْعُلَمَاءُ الزَّوْجَ عَلَى الْمَحْرَمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى انْتَهَى.

((قُلْتُ)) وَفِي كَلَامِهِ هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَرَدَ النَّصُّ عَلَى الزَّوْجِ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْمَحْرَمُ يَشْمَلُ النَّسَبَ وَالرَّضَاعَ وَالصِّهْرَ لَكِنْ كَرِهَ مَالِكٌ سَفَرَهَا مَعَ رَبِيبِهَا إمَّا لِفَسَادِ الزَّمَانِ لِضَعْفِ مَدْرَكِ التَّحْرِيمِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَعَلَى هَذَا فَيُلْحَقُ بِهِ مَحَارِمُ مَحْرَمِ الصِّهْرِ وَالرَّضَاعِ وَإِمَّا لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَدَاوَةِ فَسَفَرُهَا مَعَهُ تَعْرِيضٌ لِضَيْعَتِهَا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَصَاحِبُ التَّلْقِينِ بِجَوَازِ سَفَرِ الْمَرْأَةِ مَعَ مَحْرَمِهَا مِنْ الرَّضَاعِ فِي بَابِ الرَّضَاعِ انْتَهَى. وَتَأَمَّلْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مَدْرَكِ التَّحْرِيمِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إمَّا لِفَسَادِ الزَّمَانِ فَلَا تَقْوَى الْحُرْمَةُ إذَا كَانَ التَّحْرِيمُ طَارِئًا انْتَهَى وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ مَالِكٍ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ كَرِهَهُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا كَرِهَهُ إذَا كَانَ أَبُوهُ قَدْ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ وَنَصُّهُ فِي رَسْمِ حَلَفَ: لَيَرْفَعَنَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ سَفَرِ الرَّجُلِ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ أَتُرَاهُ ذَا مَحْرَمٍ فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - {أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: 23] فَأَتَمَّ الْآيَةَ وَقَالَ هَؤُلَاءِ ذُو الْمَحْرَمِ.

فَأَمَّا الرَّجُلُ يَكُونُ أَبُوهُ قَدْ طَلَّقَ الْمَرْأَةَ وَتَزَوَّجَتْ أَزْوَاجًا ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُسَافِرَ مَعَهَا فَلَا أُحِبُّ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُسَافِرَ بِهَا فَارَقَهَا أَبُوهُ أَوْ لَمْ يُفَارِقْهَا وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مِنْ مَالِكٍ حُجَّةً وَلَمْ أَرَهُ يُعْجِبُهُ ابْنُ رُشْدٍ.

احْتِجَاجُ مَالِكٍ بِالْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا» عَلَى عُمُومِهِ فِي جَمِيعِ ذَوِي الْمَحَارِمِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ وَكَرَاهِيَتُهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا إذَا كَانَ أَبُوهُ قَدْ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ الْأَزْوَاجَ اسْتِحْسَانٌ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَتْ فِي تِلْكَ الْحَالِ زَوْجَةً لِأَبِيهِ

ص: 521

وَكَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا فَارَقَهَا أَبُوهُ أَوْ لَمْ يُفَارِقْهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَوِي مَحَارِمِهَا مِنْ النَّسَبِ دُونَ الصِّهْرِ فَقَوْلُ مَالِكٍ فِي حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْعُمُومِ أَظْهَرُ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْوَطُ انْتَهَى.

وَمَا فَهِمَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يُوَافِقُ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ وَفِي رَسْمِ الْحَجِّ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ مَا نَصُّهُ: وَسَمِعْتُهُ سُئِلَ أَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ الْحَجَّ مَعَ خَتَنِهَا فَقَالَ تَخْرُجُ فِي جَمَاعَةِ النَّاسِ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرَ أَنْ تَخْرُجَ مَعَ خَتَنِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا إذَا كَانَتْ لَهُ حَلَالًا قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَتَهَا وَمِثْلُ هَذَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ السَّفَرَ لِلرَّجُلِ مَعَ زَوْجَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ وَحَمَلَ مَالِكٌ رحمه الله الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى السَّفَرِ الْمُبَاحِ وَالْمَنْدُوبِ إلَيْهِ دُونَ الْوَاجِبِ بِدَلِيلِ إجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَسْلَمَتْ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ لَزِمَهَا الْخُرُوجُ مِنْهَا إلَى بَلَدِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ خِلَافًا لِأَهْلِ الْعِرَاقِ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّ فَرْضَ الْحَجِّ يَسْقُطُ عَنْهَا بِعَدَمِ الْمَحْرَمِ.

وَقَوْلُ مَالِكٍ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ يُخَصِّصُ مِنْ عُمُومِ الْحَدِيثِ الْهِجْرَةَ مِنْ بَلَدِ الْحَرْبِ بِالْإِجْمَاعِ وَحَجَّ الْفَرِيضَةِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْإِجْمَاعِ انْتَهَى، وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ جَامِعِ الْجَلَّابِ وَأَمَّا سَفَرُ الْحَجِّ فَإِنَّهَا تُسَافِرُ مَعَ جَمَاعَةِ النِّسَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَحْرَمٌ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: لِأَنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَوَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَكَذَا إذَا أُسِرَتْ وَأَمْكَنَهَا أَنْ تَهْرُبَ مِنْهُمْ يَلْزَمُهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ فَكَذَلِكَ يَلْزَمُهَا أَنْ تُؤَدِّيَ كُلَّ فَرْضٍ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْ حَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِهِ أَيْضًا وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الزِّنَا عَلَى الْقَوْلِ بِتَغْرِيبِ الْمَرْأَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ تَخْرُجُ فِي جَمَاعَةِ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ كَحَجِّ الْفَرْضِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: كَرُفْقَةٍ أُمِنَتْ بِفَرْضٍ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَحْرَمٌ وَلَا زَوْجٌ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ لِلْحَجِّ الْفَرْضِ فِي رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي حَقِّهَا وُجُودُ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ أَوْ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ فَمَنْ وُجِدَ مِنْ الثَّلَاثَةِ خَرَجَتْ مَعَهُ، وَظَاهِرُ النُّقُولِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا أَنَّهَا إنَّمَا تَخْرُجُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ عِنْدَ عَدَمِ الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ أَوْ امْتِنَاعِهِمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ فِي الصَّرُورَةِ مِنْ النِّسَاءِ الَّتِي لَمْ تَحُجَّ قَطُّ إنَّهَا إنْ لَمْ يَكُنْ ذُو مَحْرَمٍ يَخْرُجُ مَعَهَا أَوْ كَانَ لَهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَيْهَا فِي الْحَجِّ وَلْتَخْرُجْ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ النِّسَاءِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ أَبَى أَوْ لَمْ يَكُنْ فَرُفْقَةٌ مَأْمُونَةٌ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَغَيْرِهِمَا وَسَيَأْتِي كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) إذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ أَوْ الْمَحْرَمُ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ فَهَلْ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ أَوْ تَخْرُجُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ: إنَّ مُقْتَضَى مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْأُجْرَةَ تَلْزَمُهَا.

((قُلْتُ)) : أَمَّا مَعَ عَدَمِ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ فَلَا شَكَّ فِي لُزُومِ ذَلِكَ لَهَا وَأَمَّا مَعَ وُجُودِ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ فَظَاهِرُ النُّصُوصِ لُزُومُ ذَلِكَ لَهَا أَيْضًا لِأَنَّهُمْ لَمْ يُجِيزُوا لَهَا الْخُرُوجَ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ إلَّا عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْخُرُوجِ وَحَيْثُ طَلَبَ الْأُجْرَةَ وَكَانَتْ قَادِرَةً عَلَيْهَا فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ امْتَنَعَ وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْخُرُوجِ مَعَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(الثَّانِي) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَحْرَمَ يَشْمَلُ الْمَحْرَمَ مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ وَالصِّهْرِ وَاخْتُلِفَ فِي عَبْدِهَا فَقِيلَ: إنَّهُ مَحْرَمٌ وَقَالَ ابْنُ الْقِطَّانِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ وَقِيلَ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقِيلَ إنْ كَانَ وَغْدًا وَعَزَاهُ ابْنُ الْقِطَّانِ لِمَالِكٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْقَصَّارِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ عَبْدُهَا مَحْرَمًا يَخْلُو بِهَا وَيُسَافِرُ مَعَهَا؟ فِيهِ قَوْلَانِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ وَغْدًا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؟ ذَهَبَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ وَغَيْرُهُ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ

ص: 522

وَهُوَ الصَّحِيحُ وَذَهَبَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ وَلِلشَّافِعِيَّةِ الْقَوْلَانِ قَالَ الْإسْفَرايِينِيّ: وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ انْتَهَى مِنْ كِتَابِ النَّظَرِ فِي أَحْكَامِ النَّظَرِ لِابْنِ الْقَطَّانِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ مِنْ شَرْحِهِ وَذَكَرَهُ فِي مَنَاسِكِهِ أَيْضًا وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ هُوَ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْهُ.

وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَكَرِهَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا عَبْدُهَا قِيلَ لَهُ إنَّهُ أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ فَلَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْفُرَاتِ: وَقَدْ سَأَلَ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيَّ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْعَبْدِ هَلْ هُوَ مِنْ ذَوِي الْمَحَارِمِ فَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ النَّظَرُ لَهُ أَمْ لَا كَذَا رَأَيْتُهُ فِي وَرَقَةٍ بِخَطِّهِ وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَبْدُهَا وَلَمْ أَرَ جَوَابًا فِي الْوَرَقَةِ وَالْجَوَابُ لَا لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ سَيِّدَتِهِ مَا يَرَاهُ ذُو الْمَحْرَمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَنْظَرٌ فَيُكْرَهُ أَنْ يَرَى مَا عَدَا وَجْهَهَا وَلَهَا أَنْ تُؤَاكِلَهُ إنْ كَانَ وَغْدًا دَيِّنًا يُؤْمَنُ مِنْهُ التَّلَذُّذُ بِهَا بِخِلَافِ الشَّابِّ الَّذِي لَا يُؤْمَنُ فَهَذَا لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمَحْرَمِ فِي أَنَّهُ يُسَافِرُ بِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ السَّفَرَ مَعَ رَبِيبِهَا فَمَا بَالُكِ بِعَبْدِهَا الَّذِي يَحِلُّ لَهَا عِنْدَ زَوَالِ مِلْكِهَا عَنْهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حُرِّمَ بِصِفَةٍ كَأُخْتِ الزَّوْجَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا وَقَدْ ذَكَرَ الْفَاكِهَانِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ عُمْدَةِ الْأَحْكَامِ ضَابِطًا فِي الْمَحْرَمِ الَّذِي يَجُوزُ مَعَهُ سَفَرُ الْمَرْأَةِ وَالْخَلْوَةِ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ كُلُّ مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ لِحُرْمَتِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ فَعَلَى التَّأْبِيدِ احْتِرَازٌ مِنْ عَبْدِ الزَّوْجَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا وَقَوْلُهُمْ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ احْتِرَازٌ مِنْ أُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَحْرَمًا فَإِنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ بِالْإِبَاحَةِ وَقَوْلُهُ لِحُرْمَتِهَا احْتِرَازٌ مِنْ الْمُلَاعَنَةِ فَإِنَّ تَحْرِيمَهَا لَيْسَ لِحُرْمَتِهَا بَلْ تَغْلِيظٌ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ.

وَلَا أَعْلَمُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ عِنْدَنَا انْتَهَى، وَقَدْ نَقَلَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَبْدُهَا مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا الَّذِي يَجُوزُ لَهَا السَّفَرُ مَعَهُ لِأَنَّ حُرْمَتَهَا مِنْهُ لَا تَدُومُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تُعْتِقَهُ فِي سَفَرِهَا فَيَحِلُّ لَهُ تَزْوِيجُهَا بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْبَاجِيُّ تَفْسِيرَ الْمَحْرَمِ فِي جَامِعِ الْمُنْتَقَى بِمَنْ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَى الْمَرْءِ.

(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَأَمَّا الْكَافِلُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو بِمَكْفُولَتِهِ وَيُسَافِرُ مَعَهَا لِأَنَّهُ كَالْأَبِ لَهَا مِنْ الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ نَقَلَهُ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ لِابْنِ عَبْدِ الْغَفُورِ وَحَكَاهُ ابْنُ عَيْشُونٍ انْتَهَى مِنْ مَنَاسِكِهِ. وَنَحْوُهُ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ فِي بَابِ الْحَضَانَةِ إنَّ لِلْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ غَيْرِ الْمَحْرَمَيْنِ أَنْ يُسَافِرَ بِالصَّبِيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَهْلٌ تُخَلَّفُ عِنْدَهُمْ وَكَانَا مَأْمُونَيْنِ وَيُخْتَلَفُ فِيهِ إذَا كَانَ لِلصَّبِيَّةِ أَهْلٌ وَهُوَ مَأْمُونٌ وَلَهُ أَهْلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَانْظُرْ مَنْ أُرْسِلَتْ مَعَهُ أَمَةٌ لِشَخْصٍ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصْحَبَهَا مَعَهُ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إذَا أَمِنَ مِنْ أَنْ يَقَعَ فِي الْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ: لَا تُودَعُ الْمَحْرَمُ لِغَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا لَهُ أَهْلٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَحْرَمٌ» وَأَجَازَ مَالِكٌ لِمَنْ ادَّعَى أَمَةً أَنَّهُ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا أَوْ أَقَامَ خَطًّا وَوَضَعَ الْقِيمَةَ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا إذَا كَانَ مَأْمُونًا وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ. وَالْمَنْعُ أَصْوَبُ لِلْحَدِيثِ لَا يَخْلُوَنَّ وَلِأَنَّ الْخَوْفَ عَلَيْهَا مِنْ الْمُدَّعِي أَشَدُّ لِأَنَّهُ يَقُولُ: هِيَ أَمَتِي وَحَلَالٌ لِي فَهُوَ يَسْتَبِيحُهَا إذَا غَابَ عَلَيْهَا انْتَهَى. وَفِي ابْنِ سَلْمُونٍ وَوَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ أَنَّ الْجَارِيَةَ لَا تُدْفَعُ عَلَيْهِ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ مَأْمُونٌ عَلَيْهَا أَوْ يَأْتِيَ بِأَمِينٍ يَتَوَجَّهُ بِهَا مَعَهُ فَيَسْتَأْجِرُهُ هُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(الرَّابِعُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ السَّفَرِ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَنَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ بَزِيزَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: قِيلَ لَا تُسَافِرُ إلَّا بِأَحَدِهِمَا لِلْحَدِيثِ كَانَتْ صَرُورَةٌ أَمْ لَا، وَقِيلَ تُسَافِرُ مَعَ الرُّفْقَةِ مُطْلَقًا وَالْمَشْهُورُ تُسَافِرُ فِي الْفَرِيضَةِ خَاصَّةً ثُمَّ قَالَ: وَنَقَلَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْمَنْعِ فِي غَيْرِ الْفَرِيضَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ لَيْسُوا مِنْهَا بِمَحْرَمٍ وَهَلْ مُرَادُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ دُونَ النِّسَاءِ فَيَكُونُ وِفَاقًا لِمَا تَقَدَّمَ انْتَهَى. وَحَمَلَ

ص: 523

سَنَدٌ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى الْكَرَاهَةِ انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ سَنَدٍ هُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ بَعِيدٌ إنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَنَصُّهُ: إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَحْرَمَ مُعْتَبَرٌ فَهَلْ تَخْرُجُ مِنْ ثِقَاتِ الرِّجَالِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إلَى آخِرِهِ: وَقَوْلُهُ عِنْدَنَا مَحْمُولٌ عَلَى رِجَالٍ لَا امْرَأَةَ مَعَهُمْ فَيُكْرَهُ لَهَا الْخُرُوجُ مَعَهُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى مُخَالَطَتِهَا لَهُمْ وَكَشْفِهَا عَلَيْهِمْ فِي بَعْضِ الْمَآرِبِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ نِسْوَةٌ تَرْتَفِقُ بِهِنَّ وَتَسْتَنِدُ إلَيْهِنَّ لَمْ يُكْرَهْ ذَلِكَ انْتَهَى. فَحَمَلَ سَنَدٌ وَعِيَاضٌ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى الْوِفَاقِ وَحَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ وَاخْتَارَهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ: قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ دُونَهُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ رِجَالٌ أَوْ نِسَاءٌ لَا بَأْسَ بِهِمْ انْتَهَى، وَنَقَلَ الثَّلَاثَةَ الْأَقْوَالَ الْمُتَقَدِّمَةَ الشَّيْخُ بَهْرَامُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ لَا بِزَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَأَكْثَرَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ شَابَّةً أَوْ مُتَجَالَّةً وَقَيَّدَ الْقَلِيلَ.

(الْخَامِسُ) حُكْمُ سَفَرِهَا الْوَاجِبِ جَمِيعِهِ حُكْمُ سَفَرِهَا لِحَجِّ الْفَرِيضَةِ فِي الْخُرُوجِ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ قَالَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ والتِّلِمْسَانِيِّ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ كَسَفَرِهَا لِحَجَّةِ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ وَكُلِّ سَفَرٍ يَجِبُ عَلَيْهَا وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِفَرْضِ إشَارَةٍ إلَى ذَلِكَ فَعِبَارَتُهُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ إلَّا فِي حَجِّ الْفَرِيضَةِ خَاصَّةً.

(السَّادِسُ) فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِفَرْضِ أَنَّ سَفَرَهَا فِي التَّطَوُّعِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِزَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَأَكْثَرَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ شَابَّةً أَوْ مُتَجَالَّةً وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْبَاجِيُّ بِالْعَدَدِ الْقَلِيلِ وَنَصُّهُ: هَذَا عِنْدِي فِي الِانْفِرَادِ وَالْعَدَدِ الْيَسِيرِ فَأَمَّا فِي الْقَوَافِلِ الْعَظِيمَةِ فَهِيَ عِنْدِي كَالْبِلَادِ يَصِحُّ فِيهَا سَفَرُهَا دُونَ نِسَاءٍ وَذَوِي مَحَارِمَ انْتَهَى، وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْإِكْمَالِ وَقَبِلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ وَذَكَرَهُ الزَّنَاتِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَيُقَيِّدُ بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وَنَصُّ كَلَامِ الزَّنَاتِيِّ إذَا كَانَتْ فِي رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ ذَاتِ عَدَدٍ وَعُدَدٍ أَوْ جَيْشٍ مَأْمُونٍ مِنْ الْغَلَبَةِ وَالْمَحَلَّةُ الْعَظِيمَةِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ سَفَرِهَا مِنْ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ فِي جَمِيعِ الْأَسْفَارِ الْوَاجِبِ مِنْهَا وَالْمَنْدُوبِ وَالْمُبَاحِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَبَيْنَ الْبَلَدِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَابِسِيُّ انْتَهَى.

(السَّابِعُ) قَوْلُهُ يَعْرِضُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ الْمَرْأَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، وَقَالَ الشَّيْخُ بَهْرَامُ: إنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أُمِنَتْ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا كَانَتْ لِرُفْقَةٍ غَيْرِ مَأْمُونَةٍ أَوْ مَأْمُونَةٍ وَهِيَ مُتَطَوِّعَةٌ بِالْحَجِّ فَلَا يُبَاحُ لَهَا ذَلِكَ انْتَهَى مِنْ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ مَأْمُونَةٌ وَهِيَ مُتَطَوِّعَةٌ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْعَدَدِ الْيَسِيرِ، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: قَوْلُهُ بِفَرْضٍ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّشْبِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ أَيْ وَيُشْبِهُ الْمَحْرَمَ رُفْقَةٌ أُمِنَتْ فِي فَرْضٍ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ مُتَعَلِّقٌ بِآمَنْت لَا مَعْنَى لَهُ انْتَهَى فَتَأَمَّلْهُ.

(الثَّامِنُ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَزِيَادَةُ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ لَوْ قَالَ عِوَضَهُ وَاسْتِصْحَابُ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ لَكَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِ لَفْظِ الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ وَزِيَادَةُ اسْتِصْحَابِ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ لِأَنَّهُ صَدَّرَ بِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ فَكَانَ أَمْكَنَ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(التَّاسِعُ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْمَحْرَمِ الْبُلُوغُ أَوْ يَكْفِي فِيهِ التَّمْيِيزُ وَوُجُودُ الْكِفَايَةِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي ذَلِكَ وُجُودُ الْكِفَايَةِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْعَاشِرُ) فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ أَنَّهُ «قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْت فِي غَزْوَةِ كَذَا فَقَالَ: انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِك» قَالَ الْقَاضِي: فِيهِ وُجُوبُ الْحَجِّ عَلَى النِّسَاءِ وَإِلْزَامُ أَزْوَاجِهِنَّ تَرْكُهُنَّ وَنَدْبُهُمْ إلَى الْخُرُوجِ مَعَهُنَّ وَإِنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ خُرُوجِهِ إلَى الْغَزْوِ لِأَنَّ الْمَعُونَةَ عَلَى أَدَاءِ الْفَرِيضَةِ مُؤَكَّدَةٌ وَقَدْ تَكُونُ فَرِيضَةً فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْهُ قَبْلَ قَوْلِهِ مُؤَكَّدَةٌ لَفْظُ سُنَّةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالظَّاهِرُ أَيْضًا نَدْبُ الْمَحْرَمِ

ص: 524

إلَى الْخُرُوجِ مَعَ مَحْرَمِهِ كَالزَّوْجِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْحَادِيَ عَشَرَ) اخْتَلَفَ رُوَاةُ الْحَدِيثِ فِي مُدَّةِ السَّفَرِ الْمَمْنُوعِ فَرُوِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَرُوِيَ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَرُوِيَ مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ وَرُوِيَ يَوْمَانِ وَرُوِيَ مَسِيرَةُ لَيْلَةٍ وَرُوِيَ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَرُوِيَ «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» وَهَذِهِ كُلُّهَا فِي مُسْلِمٍ وَرُوِيَ بَرِيدٌ وَهِيَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالْبَرِيدُ مَسِيرَةُ نِصْفِ يَوْمٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَدْ حَمَلُوا هَذَا الِاخْتِلَافَ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ السَّائِلِينَ وَاخْتِلَافِ الْمَوَاطِنِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُعَلَّقٌ بِأَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّفَرِ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: كَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ تُسَافِرُ ثَلَاثًا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَقَالَ: لَا وَسُئِلَ عَنْ سَفَرِهَا يَوْمَيْنِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَقَالَ: لَا وَسُئِلَ عَنْ سَفَرِهَا يَوْمًا فَقَالَ: لَا وَكَذَلِكَ الْبَرِيدُ فَأَدَّى كُلَّ مَا سَمِعَهُ وَمَا جَاءَ مُخْتَلِفًا عَنْ رَاوٍ وَاحِدٍ فَسَمِعَهُ فِي مَوَاطِنَ، وَكُلُّهُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ فِي هَذَا كُلِّهِ تَحْدِيدٌ لِأَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّفَرِ وَلَمْ يُرِدْ صلى الله عليه وسلم تَحْدِيدَ أَقَلِّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا نَهَى عَنْهُ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ زَوْجٍ وَمَحْرَمٍ سَوَاءٌ كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ يَوْمًا أَوْ بَرِيدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ كَرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُطْلَقَةِ وَهِيَ إحْدَى رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» وَهَذَا شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي كِتَابِ الْحَجِّ.

وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُلَفَّقَ بَيْنَهَا بِأَنَّ الْيَوْمَ الْمَذْكُورَ مُفْرَدٌ أَوْ اللَّيْلَةَ الْمَذْكُورَةَ مُفْرَدَةٌ بِمَعْنَى اللَّيْلَةِ وَالْيَوْمِ الْمَجْمُوعَيْنِ لِأَنَّ اللَّيْلَ مِنْ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَ مِنْ اللَّيْلِ وَيَكُونُ ذِكْرُهُ يَوْمَيْنِ مُدَّةَ مَغِيبِهَا فِي هَذَا السَّفَرِ فِي السَّيْرِ وَالرُّجُوعِ فَأَشَارَ مَرَّةً لِمُدَّةِ السَّفَرِ وَمَرَّةً لِمُدَّةِ الْمَغِيبِ، وَهَكَذَا ذِكْرُ الثَّلَاثِ فَقَدْ يَكُونُ الْيَوْمُ الْوَسَطُ الَّذِي بَيْنَ السَّفَرِ وَالرُّجُوعِ الَّذِي تَقْضِي فِيهِ حَاجَتَهَا فَتَتَّفِقُ عَلَى هَذَا الْأَحَادِيثُ وَقَدْ يَكُونُ هَذَا كُلُّهُ تَمْثِيلًا لِأَقَلِّ الْأَعْدَادِ لِلْوَاحِدِ إذْ الْوَاحِدُ أَوَّلُ الْعَدَدِ وَأَقَلُّهُ الِاثْنَانِ أَوَّلُ الْكَثْرَةِ وَأَقَلُّهَا وَالثَّلَاثُ أَوَّلُ الْجَمْعِ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى مِثْلِ هَذَا فِي قِلَّةِ الزَّمَنِ لَا يَحِلُّ لَهَا السَّفَرُ فِيهِ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ فَكَيْفَ بِمَا زَادَ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا انْتَهَى، وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا سَفَرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا دُونَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَبَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّهَا لَوْ مُنِعَتْ مِنْ السَّفَرِ وَالسَّيْرِ فِي الْأَرْضِ جُمْلَةً إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ لَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَضَاقَ وَأَدَّى إلَى فَوَاتِ أَكْثَرِ حَوَائِجِهَا وَكَأَنَّ الْكَثِيرَ مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ فَاحْتِيجَ إلَى مُدَّةٍ تُضْرَبُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَوَجَدْنَا الْيَوْمَ أَوْ اللَّيْلَةَ أَوَّلَ حَدٍّ ضُرِبَ لِتَغَيُّرِ هَيْئَةٍ مِنْ هَيْئَاتِ السَّفَرِ وَهِيَ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ وَالصَّلَاةُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَاعْتُبِرَ سَفَرُ الْمَرْأَةِ بِهِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: قَوْلُهُ: وَلَا يَنْبَغِي أَيْ لَا يَجُوزُ وَانْظُرْ قَوْلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ هَلْ لَهُ مَفْهُومٌ وَأَنَّهُ إذَا كَانَ أَقَلَّ يَجُوزُ أَنْ تُسَافِرَ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ فَيَكُونَ مُعَارِضًا لِقَوْلِهِ؟ وَلَا يَخْلُو رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ لَيْسَتْ مِنْهُ بِمَحْرَمٍ إلَى آخِرِهِ أَمْ لَا مَفْهُومَ لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو عُمَرَ: إنَّمَا تَكَلَّمَ هُنَا عَلَى الْجَمَاعَةِ، فَقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ تُسَافِرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَيَجُوزُ أَنْ تُسَافِرَ مَعَهُمْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا مَعَ الْوَاحِدِ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا ثُمَّ قَالَ: قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَرَدَ فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ مُخْتَلِفَةٌ فَذَكَرَهَا ثُمَّ قَالَ: اخْتِلَافُ الْجَوَابِ عَلَى اخْتِلَافِ السُّؤَالِ وَالصَّحِيحُ أَنْ لَا تُسَافِرَ مَعَهُ يَعْنِي غَيْرَ الْمَحْرَمِ أَصْلًا، قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: أَمَّا أَقَلُّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَيَجُوزُ أَنْ تُسَافِرَ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ إذَا كَانُوا جَمَاعَةً وَأَمَّا مَعَ الْوَاحِدِ فَلَا انْتَهَى.

وَنَقَلَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَالزَّنَاتِيُّ كَلَامَ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْمُتَقَدِّمَ فَتَحَصَّلَ مِنْ سَفَرِهَا أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ: قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِيَ عَشَرَ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: تَخْرُجُ مِنْهُ الْمُتَجَالَّةُ؛ لِأَنَّهَا كَالرَّجُلِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْخَلْوَةَ بِهَا مَمْنُوعَةٌ انْتَهَى.

ص: 525

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ الْمَرْأَةُ تَدْخُلُ فِيهِ الشَّابَّةُ وَالْمُتَجَالَّةُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: إنْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً أَوْ مِمَّنْ لَا يُؤْبَهُ بِهِ لَمْ تُمْنَعْ مِنْ الْخُرُوجِ يُرِيدُ بِخِلَافِ الشَّابَّةِ ثُمَّ نَقَلَ كَلَامَ التَّوْضِيحِ وَمَا ذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ الرَّدِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِمَا إذَا سَافَرَتْ مَعَ مَنْ تَرْتَفِعُ مَعَهُ الْخَلْوَةُ وَأَمَّا حَيْثُ الْخَلْوَةُ فَذَلِكَ مَمْنُوعٌ بِلَا إشْكَالٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالَ الْقَاضِي قَالَ الْبَاجِيُّ: هَذَا عِنْدِي فِي الشَّابَّةِ وَأَمَّا الْكَبِيرَةُ غَيْرُ الْمُشْتَهَاةُ فَتُسَافِرُ حَيْثُ شَاءَتْ فِي كُلِّ الْأَسْفَارِ بِلَا زَوْجٍ وَلَا مَحْرَمٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْبَاجِيُّ لَا يُوَافِقُ عِلْمَهُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَظِنَّةُ الطَّمَعِ فِيهَا وَمَظِنَّةُ الشَّهْوَةِ وَلَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَقَدْ قَالُوا: لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةٌ وَيَجْتَمِعُ فِي الْأَسْفَارِ مِنْ سَفَلِ النَّاسِ وَسَقَطِهِمْ مَنْ لَا يَرْتَفِعُ عَنْ الْفَاحِشَةِ بِالْعَجُوزِ لِغَلَبَةِ شَهْوَتِهِ وَقِلَّةِ دِينِهِ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبَاجِيِّ إنَّمَا نَقَلَهُ فِي الْإِكْمَالِ عَنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ عَنْ الْبَاجِيِّ الْفَرْعَ الْمُتَقَدِّمَ فِي التَّنْبِيهِ السَّادِسِ وَهُوَ كَوْنُ الْقَوَافِلِ الْعَظِيمَةِ كَالْبَلَدِ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا عَنْ غَيْرِهِ فَقَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ وَهَذَا إلَى آخِرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(الثَّالِثَ عَشَرَ) قَالَ فِي بَابِ الْعِدَّةِ: إذَا خَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا لِحَجِّ الْفَرِيضَةِ فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ نَحْوَهَا إنَّهَا تَرْجِعُ إنْ وَجَدَتْ ثِقَةً ذَا مَحْرَمٍ أَوْ نَاسًا لَا بَأْسَ بِهِمْ وَإِنْ بَعُدَتْ أَوْ كَانَتْ أَحْرَمَتْ أَوْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ وَسَوَاءٌ أَحْرَمَتْ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ لَمْ تَجِدْ رُفْقَةً تَرْجِعُ مَعَهُمْ فَإِنَّهَا تَمْضِي وَلَا شَكَّ أَنَّ حُكْمَ الْمَحْرَمِ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إذَا كَانَتْ الرُّفْقَةُ مَأْمُونَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعَ عَشَرَ) قَالُوا أَيْضًا فِي بَابِ الْعِدَّةِ: إذَا خَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا لِحَجِّ تَطَوُّعٍ أَوْ لِغَزْوٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَمَاتَ عَنْهَا فِي الطَّرِيقِ إنَّهَا تَرْجِعُ لِتُتِمَّ عِدَّتَهَا بِبَيْتِهَا إنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا تَصِلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا إنْ وَجَدَتْ ثِقَةً ذَا مَحْرَمٍ أَوْ رُفْقَةً مَأْمُونَةً وَإِلَّا تَمَادَتْ مَعَ رُفْقَتِهَا وَقِيَاسُهُ فِي الْمَحْرَمِ إذَا مَاتَ عَنْهَا أَنَّهَا إنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا وَلَا رُفْقَةً مَأْمُونَةً أَنْ تَمْضِيَ مَعَ رُفْقَتِهَا بِلَا إشْكَالٍ وَإِنْ وَجَدَتْ الْمَحْرَمَ أَنْ تَرْجِعَ مَعَهُ وَإِنْ وَجَدَتْ رُفْقَةً مَأْمُونَةً وَاَلَّتِي هِيَ فِيهَا أَيْضًا مَأْمُونَةٌ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَا مَضَى مِنْ سَفَرِهَا أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَفِي الْأُولَى تَمْضِي مَعَ رُفْقَتِهَا بِلَا إشْكَالٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مَحِلُّ نَظَرٍ وَالظَّاهِرُ الرُّجُوعُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَا يُعَارِضُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسَ عَشَرَ) إذَا قُلْنَا: تُسَافِرُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَعُودَ مَعَهَا أَيْضًا بَعْدَ قَضَاءِ فَرْضِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ سَافَرَتْ مَعَ مَحْرَمٍ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَعُودَ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ؛ لِأَنَّ فِي إلْزَامِهَا الْإِقَامَةَ بِغَيْرِ بَلَدِهَا مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ لَا سِيَّمَا فِي بِلَادِ الْحِجَازِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسَ عَشَرَ) يُسْتَثْنَى مِمَّا تَقَدَّمَ مَا إذَا وَجَدَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فِي مَفَازَةٍ وَمَقْطَعَةٍ وَخَشِيَ عَلَيْهَا الْهَلَاكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَصْحَبَهَا مَعَهُ وَأَنْ يُرَافِقَهَا وَإِنْ أَدَّى إلَى الْخَلْوَةِ بِهَا لَكِنْ يَحْتَرِسُ جُهْدَهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَضِيَّةُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ: فِيهِ حُسْنُ الْأَدَبِ فِي الْمُعَامَلَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ مَعَ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ لَا سِيَّمَا فِي الْخَلْوَةِ بِهِنَّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا فَعَلَ صَفْوَانُ مِنْ تَرْكِهِ مُكَالَمَةَ عَائِشَةَ وَسُؤَالِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى الِاسْتِرْجَاعِ وَتَقْدِيمِ مَرْكَبِهَا وَإِعْرَاضِهِ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى رَكِبَتْ ثُمَّ تَقَدَّمَهُ يَقُودُ بِهَا وَفِيهِ إغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ وَعَوْنُ الضَّعِيفِ وَإِكْرَامُ مَنْ لَهُ قَدْرٌ كَمَا فَعَلَ صَفْوَانُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّابِعَ عَشَرَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْمَحْرَمِ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا فِي رُفْقَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ هِيَ وَإِيَّاهُ مُتَرَافِقَيْنِ فَلَوْ كَانَ فِي أَوَّلِ الرُّفْقَةِ وَهِيَ فِي آخِرِهَا أَوْ بِالْعَكْسِ بِحَيْثُ إنَّهَا إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ أَمْكَنَهَا الْوُصُولُ بِسُرْعَةٍ كَفَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّامِنَ عَشَرَ) الْخُنْثَى إذَا كَانَ وَاضِحًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصِّنْفِ الَّذِي لُحِقَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ: يَحْتَاطُ فِي الْحَجِّ لَا يَحُجُّ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ لَا مَعَ جَمَاعَةِ الرِّجَالِ فَقَطْ.

((قُلْتُ)) : إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوَارِيَهُ أَوْ ذَوَاتَ مَحَارِمِهِ انْتَهَى. وَانْظُرْ هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ

ص: 526

بَعْضِ التَّعَالِيقِ وَأَقَرَّهُ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ خَاصٌّ بِحَجِّ التَّطَوُّعِ أَمَّا حَجُّ الْفَرْضِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي خُرُوجُهُ مَعَ جَمَاعَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِي الرُّفْقَةِ مَجْمُوعُ الصِّنْفَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ طَالَ الْكَلَامُ بِنَا وَخَرَجْنَا عَنْ الْمَقْصُودِ

فَلْنَرْجِعْ إلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ

ص (وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِنِسَاءٍ أَوْ رِجَالٍ أَوْ بِالْمَجْمُوعِ تَرَدُّدٌ)

ش: لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ أَخَذَ يُفَسِّرُهَا وَيَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ فِيهَا وَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِاخْتِلَافِ الشُّيُوخِ فِي نَقْلِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فَاخْتَصَرَهَا الْبَرَاذِعِيّ وَبِلَفْظِ فَإِنْ أَبَى الْمَحْرَمُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ وَوَجَدَتْ مَنْ تَخْرُجُ مَعَهُ مِنْ رِجَالٍ أَوْ نِسَاءٍ مَأْمُونِينَ فَلْتَخْرُجْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: وَكَذَا اخْتَصَرَهَا ابْنُ يُونُسَ بِالْأَلِفِ وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ بِالْوَاوِ وَلَفْظُهُ قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ الْحَجَّ وَلَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ فَلْتَخْرُجْ مَعَ مَنْ تَثِقُ بِهِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَكَذَا اخْتَصَرَهَا سَنَدٌ وَنَصُّهُ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِلَا وَلِيٍّ إذَا كَانَتْ مَعَ جَمَاعَةٍ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ: لَا بَأْسَ بِحَالِهِمْ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَحُجَّ مَعَهُمْ قَالَ وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ فَأَبَى أَنْ يَحُجَّ مَعَهَا فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَخْرُجَ مَعَ مِثْلِ مَنْ ذَكَرْت لَكَ انْتَهَى.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْأُمَّهَاتِ بِغَيْرِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ وَنِسَاءٍ كَذَا نَقَلَهَا الْقَرَافِيُّ وَنَصُّهُ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ: تَحُجُّ بِلَا وَلِيٍّ مَعَ رِجَالٍ مَرْضِيِّينَ وَإِنْ امْتَنَعَ وَلِيُّهَا وَقَالَ: تَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ الْمَأْمُونَةِ إذَا ثَبَتَ الْمَحْرَمُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَهَلْ تَخْرُجُ مَعَ الرِّجَالِ الثِّقَاتِ، قَالَ سَنَدٌ: مَنَعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ انْتَهَى. قَالَ الْبِسَاطِيُّ: اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ الْوَاوُ عَلَى حَالِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْمَجْمُوعِ أَوْ هِيَ لِلْجَمْعِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْحُكْمُ عَلَى أَحَدِ النَّوْعَيْنِ انْتَهَى، وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ: جَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمَحْرَمَ مِنْ جُمْلَةِ الِاسْتِطَاعَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ دُونَ مَكَّةَ بِثَلَاثِ لَيَالٍ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَيَلْزَمُهَا الْحَجُّ دُونَهُ لَكِنَّ الشَّافِعِيَّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا نِسَاءٌ وَلَوْ كَانَتْ وَاحِدَةً تَقِيَّةً مُسْلِمَةً وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ هَلْ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ أَمْ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ وَأَكْثَرُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ أَصْحَابُنَا اشْتِرَاطُ النِّسَاءِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ لَيْسُوا مِنْهَا بِمَحْرَمٍ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ دُونَ النِّسَاءِ فَيَكُونُ وِفَاقًا لِمَا تَقَدَّمَ عِنْدَنَا وَتَأَوَّلَ صَاحِبُ الطِّرَازِ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ عَلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَحَمَلَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَحَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ وَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا تَخْرُجُ إلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَاخْتَارَهُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي عِيَاضٍ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا اشْتِرَاطُ الْمَجْمُوعِ، الثَّانِي الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِ الْجِنْسَيْنِ، الثَّالِثُ اشْتِرَاطُ النِّسَاءِ سَوَاءٌ كُنَّ وَحْدَهُنَّ أَوْ مَعَ رِجَالٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ كَمَا تَقَدَّمَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ تَكْفِي فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ وَأَمَّا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا قَوْلَانِ: الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِ الْجِنْسَيْنِ، وَاشْتِرَاطُ الْمَجْمُوعِ وَلِذَلِكَ كَرَّرَ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِالْمَجْمُوعِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْإِكْمَالِ أَنَّ هَذِهِ تَأْوِيلَاتٌ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ فَكَانَ الْأَلْيَقُ بِقَاعِدَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: تَأْوِيلَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِالِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِ الْجِنْسَيْنِ كَوْنُ الْبَرَاذِعِيّ وَابْنُ يُونُسَ اخْتَصَرَا الْمُدَوَّنَةَ بِأَوْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِمَا وَتَبِعَهُمَا عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي مُخْتَصَرِهِ الَّذِي اخْتَصَرَ فِيهِ التَّهْذِيبَ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذُو مَحْرَمٍ فَمَعَ جَمَاعَةِ نِسَاءٍ صَوَالِحَ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ ذَا مَحْرَمٍ وَلَا جَمَاعَةً مِنْ النِّسَاءِ جَازَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ الْحُجَّاجِ شَابَّةً كَانَتْ أَوْ عَجُوزًا وَعَلَيْهَا حِفْظُ نَفْسِهَا وَدِينِهَا وَهَذَا فِي حَجِّ الْفَرِيضَةِ انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) لَوْ تَرَكَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ أَوْ بِالْمَجْمُوعِ لَكَانَ أَحْسَنُ لِإِيهَامِ كَلَامِهِ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي التَّرَدُّدِ وَلَا تَرَدُّدَ فِيهِ وَلَوْ قَالَ: وَفِي الِاكْتِفَاءِ

ص: 527

بِنِسَاءٍ أَوْ رِجَالٍ تَرَدُّدٌ أَوْ وَهَلْ رِجَالٌ أَوْ نِسَاءٌ أَوْ الْمَجْمُوعُ تَرَدُّدٌ لَكَانَ أَحْسَنَ وَيَكُونُ ضَمِيرُ هِيَ رَاجِعًا إلَى الرُّفْقَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَفِي كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَصَحَّ بِالْحَرَامِ وَعَصَى)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْحَجَّ يَصِحُّ بِالْمَالِ الْحَرَامِ وَلَكِنَّهُ عَاصٍ فِي تَصَرُّفِهِ فِي الْمَالِ الْحَرَامِ، قَالَ سَنَدٌ: إذَا غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ ضَمِنَهُ وَأَجْزَأَهُ حَجُّهُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ انْتَهَى، وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ، نَعَمْ مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ فَحَجُّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَذَلِكَ لِفِقْدَانِ شَرْطِ الْقَبُولِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ أَثَرَ الْقَبُولِ فِي تَرَتُّبِ الثَّوَابِ، وَأَثَرَ الصِّحَّةِ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: الْحَرَامُ يَشْمَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ الْغَصْبُ وَالتَّعَدِّي وَالسَّرِقَةُ وَالنَّهْبُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ: صَحَّ وَلَمْ يَقُلْ: سَقَطَ لِيَشْمَلَ كَلَامُهُ النَّفَلَ وَالْفَرْضَ، فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ يَشْمَلُهُمَا وَالسُّقُوطُ خَاصٌّ بِالْفَرْضِ وَجَازَ اجْتِمَاعُ الصِّحَّةِ وَالْعِصْيَانِ لِانْفِكَاكِ الْجِهَةِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ أَفْعَالٌ بَدَنِيَّةٌ وَإِنَّمَا يُطْلَبُ الْمَالُ لِيُتَوَصَّلَ بِهِ إلَيْهِ فَإِذَا فَعَلَهُ لَمْ يَقْدَحْ فِيهِ مَا تَقَدَّمَهُ مِنْ التَّوَصُّلِ إلَيْهِ كَمَنْ خَرَجَ مُغَرِّرًا بِنَفْسِهِ رَاكِبًا لِلْمَخَاوِفِ وَحَجَّ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى أَصْلِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنْسَكِهِ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ كَقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ، وَنَقَلَ سَيِّدِي الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوق فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحِلِّ مِنْ الْمُخْتَصَرِ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ رِوَايَةً بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الرِّوَايَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَالَ التَّادَلِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ سَنَدٍ الْمُتَقَدِّمَ عَنْ الْقَرَافِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ لِعَبْدِ الصَّادِقِ وَنَقَلَهُ مِنْ كِتَابِ جُمَلٍ مِنْ أُصُولِ الْعِلْمِ لِابْنِ رُشْدٍ قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَمَّنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ أَتَرَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ وَيَغْرَمُ الْمَالَ لِأَصْحَابِهِ؟ قَالَ: أَمَّا فِي مَذْهَبِنَا فَلَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَأَمَّا فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَيَرُدُّ الْمَالَ وَيَطِيبُ لَهُ حَجُّهُ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ هَذَا أَقْرَبُ إلَى مَذْهَبِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ وَقَالَ: قُلْت: وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الْكُتُبِ لَمْ يَحْضُرْنِي الْآنَ عَنْ مَالِكٍ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ وَأَنَّهُ وَقَفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَنَادَى أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي وَمَنْ لَا يَعْرِفْنِي فَأَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ فَلَيْسَ لَهُ حَجٌّ أَوْ كَلَامٌ هَذَا مَعْنَاهُ انْتَهَى، فَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ كَقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَحَمْلُهَا عَلَى عَدَمِ الْقَبُولِ بَعِيدٌ وَفِي مَنَاسِكِ ابْنِ مُعَلَّى قَالَ الْعُلَمَاءُ: يَجِبُ عَلَى مُرِيدِ الْحَجِّ أَنْ يَحْرِصَ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ حَلَالًا لَا شُبْهَةَ فِيهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَزَوَّدُوا} [البقرة: 197] الْآيَةُ، وَقَوْلُهُ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وَلِقَوْلِهِ عليه السلام «إنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا الطَّيِّبَ» الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ فِي مُسْلِمٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يُفِيدُ أَنَّهُ سَفَرُ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ غَالِبًا لَا يَكُونَانِ إلَّا فِيهِ قَالُوا: فَلَوْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ فَحَجُّهُ صَحِيحٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُجْزِئُهُ وَحَجُّهُ بَاطِلٌ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْمُنْفِقُ مِنْ غَيْرِ حِلٍّ فِي حَجِّهِ جَدِيرٌ بِعَدَمِ الْقَبُولِ وَإِنْ سَقَطَ الْفَرْضُ كَمَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ: أَمَّا عَدَمُ الْقَبُولِ فَلِاقْتِرَانِ الْعَمَلِ بِالْمَعْصِيَةِ وَفِقْدَانِ الشَّرْطِ وَهُوَ التَّقْوَى، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] . وَأَمَّا صِحَّةُ عِبَادَةٍ فِي نَفْسِهَا فَلِوُجُودِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا، قَالَ: وَلَا تَنَاقُضَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ أَثَرَ عَدَمِ الْقَبُولِ يَظْهَرُ فِي سُقُوطِ الثَّوَابِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ، وَأَثَرُ الصِّحَّةِ يَظْهَرُ فِي سُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْهُ وَإِبْرَاءِ الذِّمَّةِ مِنْهُ.

((قُلْتُ)) : وَقَدْ أَشَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى عَدَمِ الْقَبُولِ مِنْهُمْ الْقُشَيْرِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْقَرَافِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ

ص: 528

وَالنَّوَوِيُّ وَنَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَفَى بِهِ حَجَّةً، وَقَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ: آكِلُ الْحَرَامِ مَطْرُودٌ مَحْرُومٌ لَا يُوَفَّقُ لِعِبَادَةٍ وَإِنْ اتَّفَقَ لَهُ فِعْلُ خَيْرٍ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ، وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه شَرِبَ جَرْعَةً مِنْ لَبَنٍ فِيهِ شُبْهَةٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ثُمَّ لَمَّا عَلِمَ اسْتِقَاءَهَا فَأَجْهَدَهُ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ: أَكُلُّ ذَلِكَ فِي شَرْبَةِ لَبَنٍ فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَوْ لَمْ تَخْرُجْ إلَّا بِنَفْسِي لَأَخْرَجْتُهَا، سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» .

((قُلْتُ)) : وَإِذَا كَانَتْ الْحَالُ هَذِهِ فَسَبِيلُ الْمَرْءِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ فِي سِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ وَيُحَافَظَ عَلَى شُرُوطِ قَبُولِ عِبَادَتِهِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ إعْمَالَ الْجَوَارِحِ فِي الطَّاعَاتِ مَعَ إهْمَالِ شُرُوطِهَا ضَحْكَةٌ لِلشَّيْطَانِ لِكَثْرَةِ التَّعَبِ وَعَدَمِ النَّفْعِ، وَقَدْ رُوِيَ «مَنْ حَجَّ مِنْ غَيْرِ حِلٍّ فَقَالَ: لَبَّيْكَ، قَالَ اللَّهُ لَهُ: لَا لَبَّيْكَ وَلَا سَعْدَيْكَ» انْتَهَى، وَهَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ بِرِوَايَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، قَالَ: رُوِيَ عَنْ سَيِّدِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إذَا حَجَّ الرَّجُلُ بِالْمَالِ الْحَرَامِ فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: لَا لَبَّيْكَ وَلَا سَعْدَيْكَ حَتَّى تَرُدَّ مَا فِي يَدَيْك وَفِي رِوَايَةٍ: لَا لَبَّيْكَ وَلَا سَعْدَيْكَ وَحَجُّكَ مَرْدُودٌ عَلَيْك وَفِي رِوَايَةٍ مَنْ خَرَجَ يَؤُمُّ هَذَا الْبَيْتَ بِكَسْبٍ حَرَامٍ شَخَصَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ فَإِذَا بَعَثَ رَاحِلَتَهُ فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، نَادَاهُ مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ: لَا لَبَّيْكَ وَلَا سَعْدَيْكَ كَسْبُك حَرَامٌ وَرَاحِلَتُك حَرَامٌ وَثِيَابُك حَرَامٌ وَزَادُك حَرَامٌ ارْجِعْ مَأْزُورًا غَيْرَ مَأْجُورٍ وَأَبْشِرْ بِمَا يَسُوءُك، وَإِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ حَاجًّا بِمَالٍ حَلَالٍ وَبَعَثَ رَاحِلَتَهُ، وَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، نَادَاهُ مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ أَجَبْت بِمَا تُحِبُّ رَاحِلَتُك حَلَالٌ وَثِيَابُك حَلَالٌ وَزَادُك حَلَالٌ ارْجِعْ مَبْرُورًا غَيْرَ مَأْزُورٍ وَاسْتَأْنِفْ الْعَمَلَ» ، أَخْرَجَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الْأَخِيرَةَ أَبُو ذَرٍّ وَعَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «رَدُّ دَانِقٍ مِنْ حَرَامٍ يَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ سَبْعِينَ حَجَّةً» وَأَنْشَدُوا

إذَا حَجَجْت بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحْتُ

فَمَا حَجَجْت وَلَكِنْ حَجَّتْ الْعِيرُ

لَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا كُلَّ طَيِّبَةٍ

مَا كُلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللَّهِ مَبْرُورُ

، وَقِيلَ: إنَّ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَقِيلَ: إنَّهُمَا لِغَيْرِهِ وَيُرْوَى أَنَّهُ لَمَّا مَرِضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَرْسَلَ إلَى نَاسٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَفِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهم فَقَالَ: إنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِي مَا تَرَوْنَ فَقَالُوا: كُنْتَ تُعْطِي السَّائِلَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَحَفَرْت الْآبَارَ فِي الْفَلَوَاتِ لِابْنِ السَّبِيلِ وَبَنَيْت الْحَوْضَ بِعَرَفَاتٍ فَمَا نَشُكُّ فِي نَجَاتِك وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ سَاكِتٌ فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَا تَتَكَلَّمُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إذَا طَابَتْ الْمُكْسِبَةُ زَكَتْ النَّفَقَةُ وَسَتَرِدُ فَتَعْلَمُ انْتَهَى مِنْ الْبَابِ الثَّانِي، وَقَالَ فِيهِ: وَمَا أَغْبَنَ مَنْ بَذَلَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ عَلَى صُورَةِ قَصْدِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَقَصْدُهُ فِيهِ غَيْرُهُ فَيَبُوءُ بِالْحِرْمَانِ وَغَضَبِ الرَّحْمَنِ انْتَهَى.

وَالرِّوَايَتَانِ الْأُولَيَانِ أَخْرَجَهُمَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَرَجِ فِي مُثِيرِ الْغَرَامِ إلَى زِيَارَةِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قَالَ وَلَكِنْ بِلَفْظِ بِمَالٍ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَبِلَفْظِ هَذَا مَرْدُودٌ عَلَيْك فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: يَؤُمُّ أَيْ يَقْصِدُ، وَقَوْلُهُ: شَخَصَ شُخُوصُ الْمُسَافِرِ خُرُوجُهُ مِنْ مَنْزِلِهِ، وَالسُّحْتُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَإِسْكَانِهَا قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْحَرَامُ وَمَا خَبُثَ مِنْ الْمَكَاسِبِ وَقَدْ نَظَمَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ رُشَيْدٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي فِي الْمَنَاسِكِ الْمُسَمَّاةِ بِالذَّهَبِيَّةِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ:

وَحُجَّ بِمَالٍ مِنْ حَلَالٍ عَرَفْتَهُ

وَإِيَّاكَ وَالْمَالَ الْحَرَامَ وَإِيَّاهُ

فَمَنْ كَانَ بِالْمَالِ الْمُحَرَّمِ حَجُّهُ

فَعَنْ حَجِّهِ وَاَللَّهِ مَا كَانَ أَغْنَاهُ

إذَا هُوَ لَبَّى اللَّهَ كَانَ جَوَابُهُ

مِنْ اللَّهِ لَا لَبَّيْكَ حَجٌّ رَدَدْنَاهُ

ص: 529