الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ بُسِطَتْ يَدُهُ، وَيُثَابُ وَلِيُّ الْأَمْرِ سَدَّدَهُ اللَّهُ وَوَفَّقَهُ عَلَى إزَالَةِ هَذَا الْمُنْكَرِ وَيَنَالُ بِهِ عِنْدَ اللَّهِ الدَّرَجَاتِ الْعَلِيَّةَ وَيُؤْجَرُ، وَكُلُّ مَنْ قَامَ فِي ذَلِكَ فَلَهُ الْأَجْرُ الْوَافِرُ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ عَلِمَ هَذِهِ الْبِدْعَةَ السُّكُوتُ عَلَيْهَا، بَلْ وَلَا عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ طَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَذَلِكَ جُرْحَةٌ فِي شَهَادَتِهِ وَقَادِحٌ فِي إمَامَتِهِ فَلَمَّا أَجَابَ سَيِّدِي الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِهَذَا الْجَوَابِ فِي سَنَةِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ اجْتَمَعَ الْقُضَاةُ الْأَرْبَعَةُ وَنَائِبُ جُدَّةَ وَمَلِكُ النَّجَّارِ وَأَئِمَّةُ فِي الْحَطِيمِ وَاتَّفَقَ أَمْرُهُمْ عَلَى أَنَّ الْحَنَفِيَّ يَشْرَعُ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الشَّافِعِيِّ وَإِذَا قَامَ الْحَنَفِيُّ لِرَكْعَتِهِ الثَّالِثَةِ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ شَرَعَ الشَّافِعِيَّةُ فِي إقَامَةِ الصَّلَاةِ وَالْإِحْرَامِ، وَيُطِيلُ الشَّافِعِيُّ الْقِرَاءَةَ حَتَّى لَا يَرْكَعَ فِي الْأَوَّلِ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْحَنَفِيِّ وَاسْتَمَرَّ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ سَنَةَ سِتٍّ، ثُمَّ أَمَرَ بَعْضُ نُوَّابِ جُدَّةَ أَئِمَّةَ الشَّافِعِيَّةِ أَلَّا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا يَشْرَعُوا فِي الْإِقَامَةِ حَتَّى يُسَلِّمَ الْحَنَفِيُّ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَلَمْ يُمْكِنْ مُخَالَفَتُهُ فَخَفَّتْ الْبِدْعَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ وَاسْتُمِرَّ عَلَى ذَلِكَ إلَى وَقْتِنَا هَذَا فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: وَجَمْعُهُمْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ كُلُّ جِهَةٍ بِإِمَامٍ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ كُلُّ جِهَةٍ كَأَنَّهَا مَسْجِدٌ لِاخْتِصَاصِ إمَامٍ بِهَا، وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ لَا يُصَلِّي فِيهِ إلَّا إمَامٌ وَاحِدٌ، وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا - حَفِظَهُ اللَّهُ - يَعْنِي الْبُرْزُلِيَّ غَيْرُ هَذَا فَقَدْ وَهِمَ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ الْمَنْعُ، وَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ، وَهُوَ الَّذِي شَاهَدْت شَيْخَنَا يُفْتِي بِهِ انْتَهَى.
(قُلْت) وَالْعَجَبُ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَيْثُ يَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ وَمَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ وَجَدَ مَسْجِدًا قَدْ جَمَعَ أَهْلُهُ، فَإِنْ طَمِعَ فِي إدْرَاكِ جَمَاعَةٍ فِي مَسْجِدٍ خَرَجَ، فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَجْمَعُوا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلْيُصَلُّوا فِيهِ أَفْذَاذًا انْتَهَى. وَلَمْ يَقُلْ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّهُمْ يَتَحَوَّلُونَ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ وَيُصَلُّونَ جَمَاعَةً، وَلَا يُقَالُ: إنَّ جَمْعَهُمْ الْآنَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَتَقْرِيرِهِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمٍ إذْ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ لَا يُفِيدُ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ إذْنَ الْإِمَامِ فِي الْمَكْرُوهِ أَوْ الْحَرَامِ لَا يُبِيحُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَهُوَ الْمُوَفِّقُ.
[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ صَلَّى جَمَاعَتَانِ بِإِمَامَيْنِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ]
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) لَوْ صَلَّى جَمَاعَتَانِ بِإِمَامَيْنِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ أَسَاءُوا وَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي فَصْلِ الِاسْتِخْلَافِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الثَّانِي أَهْلُ السَّفِينَةِ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَفْتَرِقُوا عَلَى طَائِفَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]
(الثَّانِي) قَالَ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَسُئِلَ عَنْ الْقَوْمِ يَكُونُونَ فِي السَّفِينَةِ فَيَنْزِلُ بَعْضُهُمْ وَيَبْقَى بَعْضُهُمْ فَيُقِيمُ الَّذِينَ بَقُوا فِي السَّفِينَةِ الصَّلَاةَ فَيُصَلُّونَ، ثُمَّ يَجِيءُ الَّذِينَ كَانُوا نَزَلُوا يَجْمَعُونَ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي السَّفِينَةِ فَقَالَ بِرَأْسِهِ لَا، فَرُوجِعَ فِيهَا فَقَالَ: إنَّمَا مِثَالُ الْجَمْعِ فِيهَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ بِرَأْسِهِ لَا، قَالَ الْقَاضِي، وَهَذَا أَبْيَنُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ إذَا كَانَتْ بِمَوْضِعٍ فَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَفْتَرِقَ فِي طَائِفَتَيْنِ فَتُصَلِّي كُلُّ جَمَاعَةٍ مِنْهَا بِإِمَامٍ عَلَى حِدَةٍ لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 107] أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُبِحْ ذَلِكَ لِلْغُزَاةِ مَعَ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَشَرَعَ لَهُمْ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ السَّفِينَةِ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَفْتَرِقُوا عَلَى طَائِفَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ كُرِهَ لِلَّذِينَ نَزَلُوا إذَا جَاءُوا أَنْ يَجْمَعُوا الصَّلَاةَ لِأَنْفُسِهِمْ إذَا كَانَ الَّذِينَ بَقُوا قَدْ جَمَعُوا تِلْكَ الصَّلَاةَ لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى مَا لَا يَجُوزُ مِنْ تَفَرُّقِ الْجَمَاعَةِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الَّذِينَ بَقُوا إنَّمَا جَمَعَ بِهِمْ إمَامٌ رَاتِبٌ لَهُمْ وَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُصَلِّيَ الَّذِينَ فَوْقَ سَقْفِ السَّفِينَةِ بِإِمَامٍ وَاَلَّذِينَ تَحْتَهُ بِإِمَامٍ؛ لِأَنَّهُمَا مَوْضِعَانِ فَلَيْسَ بِخِلَافٍ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى بِلَفْظِهِ.
[الثَّالِث يُصَلُّونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِإِمَامَيْنِ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ]
(الثَّالِثُ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ فِي سُؤَالِ قَصْرِ الْمَسِيرِ وَجَوَابِ أَبِي مُحَمَّدٍ لِأَهْلِهِ فَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ: وَأَمَّا الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي وَقْتٍ
وَاحِدٍ بِإِمَامَيْنِ وَيَتْبَعُ كُلَّ إمَامٍ طَائِفَةٌ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فَيُشْكِلُ عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ هَلْ يَتْبَعُونَ إمَامَهُمْ أَوْ غَيْرَهُ فِيمَا يَسْمَعُونَ مِنْ التَّكْبِيرِ وَغَيْرِهِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ وَصَلَاةُ مَنْ صَلَّى مِمَّنْ صَارَ فِي شَكٍّ هَلْ اتَّبَعَ إمَامَهُ أَوْ غَيْرَهُ فَاسِدَةٌ، وَلَوْ أَيْقَنَ أَنَّهُ اتَّبَعَ إمَامَهُ إلَّا أَنَّهُ فِي شُغْلٍ عَنْ مُرَاعَاةِ ذَلِكَ قَدْ شَغَلَهُ التَّكَلُّفُ فِيهِ فَهَذَا لَا يَنْبَغِي، وَلِكُلِّ إمَامٍ أَنْ يَتَحَرَّجَ مِنْ هَذَا إنْ تَعَيَّنَ بِفِعْلِهِ فِي فَسَادِهِ لِصَلَاةِ النَّاسِ وَلَكِنْ يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا فَيُصَلِّي قَبْلَ الْآخَرِ، ثُمَّ يُصَلِّي الْآخَرُ إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ ضِيقٌ مِثْلُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَكَانَ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ وَلْيَنْضَمُّوا إلَى إمَامٍ وَاحِدٍ وَيَنْحَاشُوا إلَى الْمَسْجِدِ الْكَبِيرِ الْقَدِيمِ وَلَا تُدْخِلْ نَفْسَك فِيمَا تَشُكُّ انْتَهَى، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَخَرَجُوا إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ) ش تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ لِفَضْلِهَا.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ: تَضْعِيفُ الصَّلَاةِ بِمَسْجِدِ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام خَاصٌّ بِالرِّجَالِ، قَالَهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي تَرْغِيبِ النِّسَاءِ فِي الصَّلَاةِ فِي بُيُوتِهِنَّ نَاقِلًا لَهُ عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَنَصُّهُ بَعْدَ «قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِأُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ صَلَاتُكِ فِي قَعْرِ بَيْتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي» وَبَوَّبَ عَلَيْهِ ابْنُ خُزَيْمَةَ بَابَ اخْتِيَارِ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ فِي حُجْرَتِهَا عَلَى صَلَاتِهَا فِي دَارِهَا وَصَلَاتِهَا فِي مَسْجِدِ قَوْمِهَا عَلَى صَلَاتِهَا فِي مَسْجِد النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ» إنَّمَا أَرَادَ بِهِ صَلَاةَ الرِّجَالِ دُونَ صَلَاةِ النِّسَاءِ هَذَا كَلَامُهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى.
ص (وَجَازَ اقْتِدَاءٌ بِأَعْمَى)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي " رَسْمِ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ " مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا لَمْ يَرَ مَالِكٌ بِكَوْنِ الْأَعْمَى إمَامًا رَاتِبًا بَأْسًا مِنْ أَجْلِ أَنَّ حَاسَّةَ الْبَصَرِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِشَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَلَا سُنَّتِهَا وَلَا فَضَائِلِهَا، ثُمَّ قَالَ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ حَاشَا السَّمْعَ وَالْبَصَرَ فَإِنَّ الْأَصَمَّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَّخَذَ إمَامًا رَاتِبًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْهُو فَيُسَبَّحُ لَهُ فَلَا يَسْمَعُ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِإِفْسَادِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ الْأَعْمَى إمَامًا رَاتِبًا مَنْ كَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ يَتَوَضَّأُ بِمَاءٍ غَيْرِ طَاهِرٍ أَوْ يُصَلِّي بِثَوْبٍ نَجِسٍ، وَأَمَّا نُقْصَانُ الْجَوَارِحِ فَلَهُ تَعَلُّقٌ بِالصَّلَاةِ وَلِذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي إمَامَةِ الْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ، وَقَدْ مَضَى فِي سَمَاعِ زُونَانَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأَلْغَازِ الْأَعْمَى الَّذِي عَرَضَ لَهُ صَمَمٌ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَا تَصِحُّ بِهِ إمَامَتُهُ الْإِمَامَةُ تَصِحُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَهْتَدِي إلَى أَفْعَالِ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مِنْ يُنَبِّهُهُ عَلَى ذَلِكَ هَذَا عَلَى قَوَاعِدِ
الْمَذْهَبِ، وَلَمْ أَنْقُلْهُ انْتَهَى.
ص (وَمُخَالِفٌ فِي الْفُرُوعِ)
ش: قَالَ فِي بَابِ السَّهْوِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي وَمَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَرَى السُّجُودَ فِي النُّقْصَانِ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَا يُخَالِفْهُ ابْنُ نَاجِي زَادَ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ أَشَدُّ وَيُرْوَى أَشَرُّ بِالدَّالِ وَالرَّاءِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُرَابِطِ شَرٌّ، وَكَانَ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ لَا مَفْهُومَ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّصْوِيرِ بَلْ، وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ (قُلْت) وَيَقُومُ عِنْدِي مِنْ قَوْلِهَا إنَّ صَلَاةَ الْمَالِكِيِّ خَلْفَ الشَّافِعِيِّ جَائِزَةٌ، وَلَوْ رَآهُ يَفْعَلُ خِلَافَ مَذْهَبِهِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا كَانَ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَنْقُلُ عَنْ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَيُفْتِي بِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَاهُ، وَأَمَّا مَعَ الرُّؤْيَةِ فَلَا انْتَهَى. وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالشَّرْطُ السَّادِسُ مِنْ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ مُوَافَقَةُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ فِي الْوَاجِبَاتِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَوْ عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لَمْ أُصَلِّ خَلْفَهُ، وَقَالَ أَشْهَبُ عِنْدَ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَا يَرَى الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْقُبْلَةِ يُعِيدُ أَبَدًا، وَقَالَ سَحْنُونٌ: يُعِيدُ فِيهِمَا فِي الْوَقْتِ، قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى تَحَقَّقَ فِعْلُهُ لِلشَّرَائِطِ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا، وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ فَالشَّافِعِيُّ مَسْحُ جَمِيعِ رَأْسِهِ سُنَّةٌ فَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَّ فِي الْفَرِيضَةِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ أَوْ مَسَحَ رِجْلَيْهِ، قَالَ الْمَازِرِيُّ: قَدْ حَكَى الْإِجْمَاعَ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُخَالِفِ فِي الْفُرُوعِ الْمَذْهَبُ، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ فِيمَا عُلِمَ خَطَؤُهُ كَنَقْضِ قَضَاءِ الْقَاضِي، قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَفْرِقَةُ أَشْهَبَ بَيْنَ الْقُبْلَةِ وَمَسِّ الذَّكَرِ انْتَهَى. وَانْظُرْ كَلَامَ الْقَرَافِيِّ فِي الْفَرْقِ السَّادِسِ وَالسَّبْعِينَ فَإِنَّهُ أَجَازَ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْمُخَالِفِ، وَإِنْ رَآهُ يَفْعَلُ مَا يُخَالِفُ مَذْهَبَهُ
ص (وَأَلْكَنُ)
ش: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ إمَامَتَهُ جَائِزَةٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَعَدَمُ إلْصَاقِ مَنْ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ يَسَارِهِ بِمَنْ حَذْوُهُ)
ش: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ تَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الصَّفِّ، قَالَهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَظُنُّهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَقْصُورَةِ.
ص (وَصَلَاةُ مُنْفَرِدٍ خَلْفَ صَفٍّ)
ش: يُرِيدُ مَعَ كَرَاهَةِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: وَرَكَعَ مَنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ دُونَ الصَّفِّ الْمَسْأَلَةَ وَكَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَعَلَى مَنْ رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ.
ص (وَإِسْرَاعٌ لَهَا بِلَا خَبَبٍ)
ش: