الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ النَّاسِ، وَبَعْدَ أَنْ لَا يَجِدَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِمَّنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ: إنَّهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ إلَّا بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَانْظُرْ شَرْحَ قَوَاعِدِ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ وَقَوْلُهُ: بِفَرْضٍ اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ النَّوَافِلِ وَالسُّنَنِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ، وَهُوَ مُقْتَضَى لَفْظِهِ أَمَّا إخْرَاجُ النَّوَافِلِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تُطْلَبُ فِيهَا إلَّا فِي قِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ، وَأَمَّا السُّنَنُ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْعِيدَيْنِ وَكُسُوفِ الشَّمْسِ وَالِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: غَيْرُ جُمُعَةٍ اسْتِثْنَاءٌ لِلْجُمُعَةِ مِنْ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّهَا أَيْ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَاَلَّذِي يُفْهَمُ فِي الْجُمُعَةِ أَنَّهَا غَيْرُ سُنَّةٍ فَقَطْ (فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ عَزْمٍ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ قَالَ عِيَاضٌ فِي تَرْتِيبِ الْمَسَالِكِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ يَلْزَمُ إقَامَتُهَا أَهْلَ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى الْمُجْتَمَعَةِ وَأَرْكَانُهَا: أَرْبَعَةٌ مَسْجِدٌ مُخْتَصٌّ بِالصَّلَاةِ، وَإِمَامٌ يَؤُمُّ فِيهَا وَمُؤَذِّنٌ يَدْعُو إلَيْهَا، وَجَمَاعَةٌ يَجْمَعُونَهَا أَمَّا الْمَسْجِدُ فَيُبْنَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى الْجَمَاعَةِ بِنَاؤُهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيُجْبَرُونَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إحْيَاءَ السُّنَنِ الظَّاهِرَةِ، فَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا، وَإِنْ وُجِدَ مُتَبَرِّعٌ بِالْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِمْ اسْتِئْجَارُهُمَا، وَقِيلَ: ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ، وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ، فَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ الِاجْتِمَاعِ أُجْبِرُوا عَلَى إحْضَارِ عَدَدٍ يَسْقُطُ بِهِ الطَّلَبُ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ، وَلَا يُكْتَفَى بِاثْنَتَيْنِ هُنَا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ الْجَمْعِ؛ إذْ لَا يَقَعُ بِهِمَا شُهْرَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ مِنْ الْقَرَارِ وَكَثْرَةِ الْعَدَدِ بِحَيْثُ يُخَاطَبُونَ بِالْجُمُعَةِ تَأَكَّدَ الْأَمْرُ لِكَوْنِهَا وَاجِبَةً وَحُضُورُهَا وَاجِبٌ وَيُطْلَبُ مِنْهُمْ عَدَدٌ تَقُومُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَالْمَسْجِدُ وَالْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ انْتَهَى.
، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ: وَالْإِمَامَةُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُسَارِعَ إلَيْهَا، وَلَا يَتْرُكَهَا رَغْبَةً عَنْهَا، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ جَمَاعَةً تَرَادُّوا الْإِمَامَةَ بَيْنَهُمْ فَخُسِفَ بِهِمْ انْتَهَى.
[فَرْعٌ صَلَّوْا الصُّبْحَ جَمَاعَةً وَارْتَحَلُوا وَلَمْ يَنْزِلُوا إلَّا بَعْدَ الْعِشَاء]
(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ مَسْأَلَةٌ مُسَافِرُونَ صَلَّوْا الصُّبْحَ جَمَاعَةً وَارْتَحَلُوا فَلَمْ يَنْزِلُوا إلَّا بَعْدَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ، وَلَمْ يُصَلُّوا فَإِنَّهُمْ يُجْمِعُونَ مَا تَرَكُوا مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَلَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً لِاتِّحَادِهَا عَلَيْهِمْ فَتُطْلَبُ مِنْهُمْ الْجَمَاعَةُ كَمَا لَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً انْتَهَى.
وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رَسْمٍ شَكَّ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ص (وَلَا تَتَفَاضَلُ)
ش: قَالَ الْقَرَافِيُّ لَا نِزَاعَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الصُّلَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ لِشُمُولِ الدُّعَاءِ وَسُرْعَةِ الْإِجَابَةِ وَكَثْرَةِ الرَّحْمَةِ وَقَبُولِ الشَّفَاعَةِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي زِيَادَةِ الْفَضِيلَةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِعَادَةَ فَالْمَذْهَبُ: أَنَّ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ لَا تَزِيدُ، وَإِنْ حَصَلَتْ فَضَائِلُ أُخَرُ لَكِنْ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى جَعْلِهَا سَبَبًا لِلْإِعَادَةِ وَابْنُ حَبِيبٍ يَرَى ذَلِكَ انْتَهَى.
وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ تَنْبِيهٌ: أَظُنُّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْجَمَاعَةُ لَا تَتَفَاضَلُ أَنَّ مَنْ صَلَّى مَعَ أَقَلِّ الْجَمَاعَةِ لَا يُعِيدُ مَعَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى مَعَ فُسَّاقٍ ثَلَاثَةٍ كَمَنْ صَلَّى مَعَ مِائَةٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ انْتَهَى.
فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ الذَّخِيرَةِ
ص (وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُهَا بِرَكْعَةٍ)
ش: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَحَدُّ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَنْ يُمَكِّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَسَنَدٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَفُوتَ الرَّكْعَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ عَقْدَ الرَّكْعَةِ بِتَمْكِينِ الْيَدَيْنِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْجَمَاعَةِ بِأَقَلَّ مِنْ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَدُّهَا إمْكَانُ يَدَيْهِ بِرُكْبَتَيْهِ قَبْلَ رَفْعِ إمَامِهِ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ أَدْرَكَ الْقَوْمَ رُكُوعًا يَعْتَدُّ بِهَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ أَشْهَبَ (قُلْت) لَعَلَّهُ لَازِمُ قَوْلِهِ: عَقْدُ الرَّكْعَةِ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ.
(قُلْت) : لَوْ زُوحِمَ عَنْ سُجُودِ الْأَخِيرَةِ مُدْرِكُهَا حَتَّى سَلَّمَ إمَامُهُ فَأَتَى بِهِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي كَوْنِهِ فِيهَا فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً قَوْلَانِ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي مِثْلِهِ فِي جُمُعَةٍ يُتِمُّهَا ظُهْرًا أَوْ جَمَاعَةً الصَّقَلِّيُّ وَابْنُ رُشْدٍ يُدْرِكُ فَضْلَهَا بِجُزْءٍ قَبْلَ
سَلَامِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْقَوَانِينِ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ: مَنْ رَكَعَ فَمَكَّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ - فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ عِنْدَ الْأَرْبَعَةِ انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ النَّفْلِ: وَإِنْ أُقِيمَتْ الصُّبْحُ، وَهُوَ بِمَسْجِدٍ لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّ فَضْلَهَا يَحْصُلُ بِإِدْرَاكِ الْجُلُوسِ، وَفِي بَابِ قَضَاءِ الْمَأْمُومِ مِنْ النَّوَادِرِ قَالَ: وَمِنْ الْمُخْتَصَرِ وَمَنْ وَجَدَ الْإِمَامَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ جَالِسًا فَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يُكَبِّرَ وَيَجْلِسَ فَإِنْ وَجَدَهُ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ وَأُخْرَى يَرْكَعُ بِهَا وَيَسْجُدُ انْتَهَى.
، وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ أَيْضًا فِي بَابِ الْإِمَامِ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ، قَالَ سَحْنُونٌ: وَمَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ الْآخِرَ فَضَحِكَ الْإِمَامُ فَأَفْسَدَ فَأَحَبُّ إلَيَّ لِمُدْرِكِ التَّشَهُّدِ أَنْ يَبْتَدِئَ احْتِيَاطًا، أَلَا تَرَاهُ أَنَّهُ قَدْ عَقَدَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ اتِّبَاعًا لَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَاسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ فَأَتَمَّ بِهِمْ قَامَ يَقْضِي لِنَفْسِهِ فَضَحِكَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ الْقَوْمُ احْتِيَاطًا، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ انْتَهَى.
وَبِالْأُولَى مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ رَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ فِي قَوْلِهِ: بِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْجُلُوسِ وَنَصَّهُ الصَّقَلِّيُّ وَابْنُ رُشْدٍ يُدْرِكُ فَضْلَهَا بِجُزْءٍ قَبْلَ سَلَامِهِ.
(قُلْت) : نَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ سَحْنُونٍ مَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ فَضَحِكَ الْإِمَامُ فَأَفْسَدَ فَأُحِبُّ لِلْمُدْرِكِ أَنْ يَبْتَدِئَ صَلَاتَهُ احْتِيَاطًا خِلَافَهُ انْتَهَى.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا حُكْمُ الْإِمَامَةِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ، وَأَمَّا الْفَضْلُ فَيَحْصُلُ لِمَا وَرَدَ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ لِصَلَاتِهِ فَضْلًا عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَدُّ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ بِأَنَّ كَلَامَ النَّوَادِرِ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُدْرِكُ حُكْمَ الْإِمَامَةِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ رَكْعَةً، وَدَخَلَ مَعَهُمْ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُنْفَرِدِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ قَالَ: إذَا لَمْ يُدْرِكْ مِنْ الصَّلَاةِ مَا يَدْخُلُ بِهِ فِي حُكْمِ الْإِمَامِ انْتَهَى.
وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يُؤْتَمُّ بِهِ حِينَئِذٍ فِي صَلَاتِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُقْتَدَى بِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ لِلْقَضَاءِ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَانْظُرْ آخِرَ السَّهْوِ مِنْ التَّوْضِيحِ (الثَّانِي) قَالَ فِي النَّوَادِرِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَمَنْ أَحْرَمَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ، وَلَمْ يَعْلَمْ ثُمَّ عَلِمَ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ، وَلَا يَبْتَدِئْهَا ثُمَّ إنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ سُجُودَ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ بَعْدَ أَنْ طَالَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ، وَلَمْ تَبْطُلْ عَلَى هَذَا انْتَهَى.
(الثَّالِثُ) : قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَمَعْنَى فَضْلِهَا أَنْ يَكُونَ لَهُ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَانْظُرْ مَنْ فَاتَهُ أَوَّلَهَا اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا أَمَّا إذَا مَنَعَهُ مَانِعٌ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ قَالَ الْحَفِيدُ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ إلَّا بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ إلَّا إذَا فَاتَهُ بَاقِيهَا لِمَانِعٍ، وَأَمَّا إذَا فَاتَهُ ذَلِكَ عَنْ اخْتِيَارٍ وَتَفْرِيطٍ، فَلَا يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ إلَّا بِإِدْرَاكِ الصَّلَاةِ كُلِّهَا، وَانْظُرْ مَا قَالَهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ، وَلَكِنْ يُنْظَرُ مَا قَالَهُ الْحَفِيدُ وِفَاقًا لِلْمَذْهَبِ انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ يَعْنِي أَدْرَكَ فَضْلَهَا وَحُكْمَهَا فَيَكُونُ لَهُ ثَوَابُ مَنْ حَضَرَهَا مِنْ أَوَّلِهَا كَامِلًا وَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ، وَلَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ، وَيَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ لِسَهْوِهِ قَبْلَ السَّلَامِ وَبَعْدَهُ، وَسَلَامُهُ كَسَلَامِ الْمَأْمُومِ وَيَبْنِي فِي الرُّعَافِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ انْتَهَى.
ص (وَنُدِبَ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَهُ إعَادَتُهَا فِي جَمَاعَةٍ انْتَهَى.
وَقَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ: هُنَا مَسْأَلَةٌ لَا أَعْلَمُهَا مَنْصُوصَةٌ لِأَهْلِ الْفُرُوعِ بَلْ لِأَئِمَّةِ الْأُصُولِ، وَهِيَ لَوْ صَلَّى وَحْدَهُ مَثَلًا ظُهْرَ يَوْمِ الْأَحَدِ ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةُ بِعَيْنِهَا مِنْ يَوْمِهَا فَقَدْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ، وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ لَهُمْ قَضَاؤُهَا جَمَاعَةَ يَوْمٍ اتِّفَاقًا، وَمِنْ يَوْمَيْنِ قَوْلَانِ، فَهَلْ يَصِحُّ لَهُ إعَادَتُهَا مَعَهُمْ ظَاهِرُ الْكِتَابِ: يَجُوزُ وَعَرَضْتُهُ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ فَقَالَ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قُلْت، وَاَلَّذِي
عِنْدِي: أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ قَالَ: لِأَنَّ تَعْلِيلَهُمْ الْإِعَادَةَ بِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْإِعَادَةِ بِالْوَقْتِ الْمَشَذَّالِيُّ إنَّمَا عَلَّلُوا الْإِعَادَةَ بِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَذَلِكَ مُقْتَضَى الْإِعَادَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَفْرُوضَةِ انْتَهَى.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْإِعَادَةُ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْتِ أَمَّا لَوْ صَلَّى شَخْصٌ فِي الْوَقْتِ وَحْدَهُ ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ تِلْكَ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوَقْتِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ بِالْإِعَادَةِ مَعَهُمْ فَكَذَلِكَ مَنْ صَلَّى ظُهْرَ يَوْمِ الْأَحَدِ ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ تِلْكَ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ السَّلَامَ مِنْ الْفَائِتَةِ يُخْرِجُ وَقْتَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَانْظُرْ قَوْلَهُ: يَصِحُّ لَهُمْ قَضَاؤُهَا جَمَاعَةً ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَا يُطْلَبُونَ بِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْبُرْزُلِيُّ بِأَنَّهُمْ يُطْلَبُونَ بِذَلِكَ فِي رَسْمٍ ضَاعَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ رَأَيْت لِسَنَدٍ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ مُخْتَصَّةٌ بِالْوَقْتِ ذَكَرَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ وَنَصُّهُ إثْرَ قَوْلِ الْإِمَامِ: مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، فَلَا يُعِيدُ، أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ رحمه الله: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ إعَادَةَ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ مُرَغَّبُ فِيهِ فِي الشَّرْعِ، وَلَهُ إعَادَةُ الْفَذِّ فِي جَمَاعَةٍ مَا دَامَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَلَا يُعِيدُ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ انْتَهَى.
، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْمَذْهَبُ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً أَنْ يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ لَا غَيْرِهَا انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ فِي الْحَدِيثِ التَّاسِعَ عَشَرَ لِزَيْدٍ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مَالِكٍ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ صَلَّاهَا فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ فَذًّا إنَّهُ لَا يُعِيدُهَا فِي جَمَاعَةٍ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ بَشِيرٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ فَقَطْ قُصُورٌ وَإِلْزَامٌ، اللَّخْمِيُّ عَلَيْهِ إعَادَةُ جَامِعٍ فِي غَيْرِهَا فَذًّا فِيهَا يُرَدُّ بِأَنَّ جَمَاعَتَهَا أَفْضَلُ مِنْ فَذِّهَا وَتَمَسَّكَ الْمَازِرِيُّ مَعَهُ بِقَوْلِهِ فِيهَا: مَنْ أَتَى أَحَدَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ، وَقَدْ جُمِعَ فِيهِ رَاجِيًا جَمَاعَةً فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ فَذًّا فِيهِ أَفْضَلَ مِنْهَا جَمَاعَةً فِي غَيْرِهِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْجِيحِ فِعْلٍ مَفْضُولٍ عَنْهُ جَوَازُ إعَادَتِهِ بَعْدَ فِعْلِ مَفْضُولِهِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مَضَى كَتَرْجِيحِ جَمَاعَةٍ كُبْرَى عَلَى صُغْرَى، وَإِمَامٍ فَاضِلٍ عَلَى مَفْضُولٍ بَلْ اللَّازِمُ أَحْرَوِيَّةُ إعَادَةِ فَذٍّ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَذَّ يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ فِي غَيْرهَا انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي وَقَيَّدَ بِهِ الْمُدَوَّنَةَ، وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ كُلِّ مُخَالِفٍ وَمُوَافِقٍ أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا فِي جَمَاعَةٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْمُضْعِفَةِ، فَإِذَا كُنَّا نَقُولُ: إنْ صَلَّاهَا فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ فَذًّا أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا فِي جَمَاعَةٍ فِي غَيْرِهَا، فَإِذَا صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ أَوْلَى فَإِنْ صَلَّاهَا فِي ثَلَاثَةٍ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ ثُمَّ أَدْرَكَ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ، فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يُعِيدُهَا؛ لِأَنَّا نَأْمُرُهُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْجَمَاعَةِ إذَا صَلَّى فَذًّا لِيَحْصُلَ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً فَكَيْفَ لَا نَأْمُرُهُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْجَمَاعَةِ إذَا صَلَّى فَذٌّ لِيَحْصُلَ لَهُ الْأَلْفُ وَالْمِئُونَ فَإِنْ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَدْرَكَهَا فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ، فَهَلْ يُعِيدُهَا فَهَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ، فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَدَاوُد إلَى أَنَّهُ يُعِيدُ انْتَهَى.
قَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَمِنْ مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَمَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ أَوْ غَيْرِ بَيْتِهِ مَعَ رَجُلٍ فَصَاعِدًا ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ هُوَ وَاَلَّذِي صَلَّى مَعَهُ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلْيَخْرُجْ، وَلَا يُصَلِّيهَا مَعَهُمْ، وَكَذَلِكَ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِ مَسْجِدٍ لَمْ يُعِدْهَا فِي جَمَاعَةٍ إلَّا تَكُونُ الَّتِي صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بِإِيلْيَاءَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَوَجَدَهُمْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ، وَذَلِكَ لِفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا عَلَى غَيْرِهَا وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ ثُمَّ دَخَلَ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ، وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ أَيْضًا فِيمَنْ أَتَى مَسْجِدًا فَوَجَدَ أَهْلَهُ قَدْ فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاةِ فَطَمِعَ أَنْ يُدْرِكَهَا فِي مَسْجِدٍ آخَرَ أَوْ فِي جَمَاعَةِ يَجْمَعُهَا مَعَهُمْ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجَ إنْ أَحَبَّ وَيَذْهَبَ إلَى
حَيْثُ يَرْجُو إدْرَاكَ الصَّلَاةِ فِيهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ الْمُفَضَّلَةِ، فَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا وَلِيُصَلِّ وَحْدَهُ فِيهَا فَإِنَّ صَلَاتَهُ فِيهَا فَذًّا خَيْرٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا انْتَهَى.
، وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ مَنْ صَلَّى مَعَ الْوَاحِدِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ لِفَضْلِ تِلْكَ الْبِقَاعِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: خِلَافُهُ انْتَهَى.
وَنَصُّ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ قَالَ: مَالِكٌ: كُلُّ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إلَّا وَاحِدٌ، فَلَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إلَّا أَنْ يَكُونَ صَلَّى جَمَاعَةً بِمَكَّةَ أَوْ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي مَعَهُمْ، وَذَلِكَ لِفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا عَلَى غَيْرِهَا، وَحُكِيَ مِثْلُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: يُخَالِفُ مَا قَالَ، فَإِنَّهُ يَمْنَعُ إعَادَةَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ الْمَذْهَبِيَّةِ، وَلَا يَسْتَفْصِلُ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّلَاةَ فُرَادَى فِي هَذِهِ الْمَسَاجِدِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِيمَنْ تَفُوتُهُ جَمَاعَةُ الْمَسْجِدِ: إنَّهُ يَخْرُجُ إلَى جَمَاعَةٍ أُخْرَى إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، فَلَا يَبْعُدُ فِي هَذَا أَنْ يُعِيدَهَا فِي جَمَاعَةٍ مَنْ جَمَعَ فِي غَيْرِهَا، وَلَهُ وَجْهٌ بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ لَمَّا تَضَاعَفَتْ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً أُعِيدَتْ صَلَاةُ الْفَذِّ فِي جَمَاعَةٍ لِتَحْصِيلِ هَذَا التَّضْعِيفِ فَكَيْفَ بِمَا يُضَاعَفُ أَلْفَ ضِعْفٍ انْتَهَى.
فَانْظُرْ قَوْلَ الْقَاضِي سَنَدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَكَذَا اللَّخْمِيُّ مَعَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ فِي ذَلِكَ لِمَالِكٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَالنَّوَادِرِ وَلِذَا اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ بَشِيرٍ وَمَنْ تَبِعَهُ لِعَزْوِهِمْ ذَلِكَ لِابْنِ حَبِيبٍ مَعَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ فِي الْأُمِّ، وَإِنَّمَا هُوَ رَأْيُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَصُّهَا قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَتَى الرَّجُلُ الْمَسْجِدَ، وَقَدْ صَلَّى أَهْلُهُ، وَطَمِعَ أَنْ يُدْرِكَ جَمَاعَةً أُخْرَى مِنْ النَّاسِ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ أَوْ غَيْرِ مَسْجِدٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى تِلْكَ الْجَمَاعَةِ قَالَ، وَإِنْ أَتَى قَوْمٌ، وَقَدْ صَلَّى أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ الْمَسْجِدِ فَيُجْمِعُوا، وَهُمْ جَمَاعَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدَ الرَّسُولِ، فَلَا يَخْرُجُوا وَلْيُصَلُّوا وُحْدَانًا؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمَسْجِدَ الرَّسُولِ أَعْظَمُ أَجْرًا لَهُمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ فِي الْجَمَاعَةِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَرَى مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مِثْلَهُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُجَبَّرِ قَالَ دَخَلْت مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَسْجِدَ الْجُحْفَةَ، وَقَدْ فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاةِ فَقَالُوا: أَلَا نُجْمِعَ الصَّلَاةَ فَقَالَ سَالِمٌ: لَا تُجْمَعُ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ فِي مَسْجِدٍ مَرَّتَيْنِ انْتَهَى.
لَفْظُ الْأُمِّ (الثَّانِي) قَالَ عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ: قَالَ شُيُوخُنَا: مَعْنَاهُ لِمَنْ قَدْ دَخَلَ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا لِمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا، وَكَذَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ مَسْجِدَ الرَّسُولِ حَتَّى صَلَّى أَهْلُهُ لَهُ أَنْ يُجْمِعَ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى مَنْ دَخَلَ انْتَهَى.
، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي (قُلْت) ظَاهِرُ قَوْلِهِ: فَلْيُصَلُّوا فِيهِ أَفْذَاذًا، وَهُوَ أَعْظَمُ لِأَمْرِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّ الدُّخُولَ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ، وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إلَيْهِ وَيُصَلِّي فِيهِ مُنْفَرِدًا، وَلَا يُصَلِّي دُونَهُ فِي جَمَاعَةٍ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَهَا انْتَهَى.
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: أَنْ يَخْرُجُوا انْتَهَى.
(الثَّالِثُ) قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ: لَوْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ فَإِنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ صَحِيحَةٌ، وَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ إعَادَتُهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَأْمُومَ مُحْدِثٌ، فَهَلْ يُعِيدُ الْإِمَامُ فِي جَمَاعَةٍ أَمْ لَا قَوْلَانِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْجُزُولِيُّ إذَا ذَكَرَ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ صَلَّى بِلَا وُضُوءٍ فَإِنَّ الْإِمَامَ يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ، وَبَعْضُهُمْ تَوَقَّفَ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ السَّهْوِ: وَإِنْ بَعْدَ شَهْرٍ هَلْ مَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَنْ يُعِيدَ مُفَوِّضًا
مَأْمُومًا) ش هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَقْوَالِ كَذَا شَهَرَهُ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَمَعَ التَّفْوِيضِ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ: أَنَّ نِيَّةَ التَّفْوِيضِ لَا يُنْوَى بِهَا فَرْضٌ، وَلَا غَيْرُهُ، وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَإِذَا أَعَادَ لَا يَتَعَرَّضُ لِتَخْصِيصِ نِيَّةٍ أَوْ يَنْوِي الْفَرْضَ أَوْ النَّفَلَ أَوْ إكْمَالَ الْفَرِيضَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ انْتَهَى.
وَقَالَ أَيْضًا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ: قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: الْمُعِيدُ لِصَلَاتِهِ فِي جَمَاعَةٍ، وَالصَّبِيُّ لَا يَتَعَرَّضَانِ لِفَرْضٍ، وَلَا نَفْلٍ انْتَهَى.
وَانْظُرْ كَلَامَ سَنَدٍ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَرْطُ الْجُمُعَةِ وُقُوعُ كُلِّهَا بِالْخُطْبَةِ، وَقَالَ فِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ قَالَ مُحَمَّدٌ: سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَمَّنْ صَلَّى الْعَصْرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ الْقَوْمَ، وَلَمْ يُصَلُّوا هَلْ يَتَنَفَّلُ؟ قَالَ: إنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الصَّلَاةَ، فَلَا يَتَنَفَّلُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْصَرِفَ فَلْيَنْصَرِفْ ابْنُ رُشْدٍ، وَهَذَا كَمَا قَالَ لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ لِلْغُرُوبِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ، وَهَذَا فِي النَّوَافِلِ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنَّمَا يُعِيدُ الْعَصْرَ فِي جَمَاعَةٍ بَعْدَ أَنْ صَلَّى وَحْدَهُ بِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ، وَلَا يَدْرِي أَيَّتُهُمَا صَلَاتُهُ، وَمَنْ جَعَلَ الْأُولَى صَلَاتَهُ، وَالثَّانِيَةَ نَافِلَةً لَا يُجِيزُ لَهُ إعَادَةَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ؛ إذْ لَا نَافِلَةَ بَعْدَهُمَا انْتَهَى.
فَتَأَمَّلْ فَوَائِدَ هَذَا الْكَلَامِ. وَنَحْوُ هَذَا مَا قَالَهُ سَنَدٌ فِي آخِرِ الْبَابِ الْعَاشِرِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ الْأَوَّلِ، وَنَصُّهُ فَرْعٌ، وَمَنْ صَلَّى الْعَصْرَ وَحْدَهُ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ جَاءَ لِيَطُوفَ ثُمَّ وَجَدَ الْإِمَامَ لَمْ يُصَلِّ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ مَعَهُمْ، وَإِنْ طَافَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ لَا يَرْكَعُ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَهُوَ بَيِّنٌ عَلَى أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الرُّكُوعِ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ ابْتِدَاءً قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُ وَإِنَّمَا أَعَادَ الْفَرْضَ فَقَطْ بِالسُّنَّةِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي رَسْمِ أَسْلَمَ وَلَهُ بَنُونَ صِغَارٌ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيَجِدُ النَّاسَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فَيُصَلِّي مَعَهُمْ فَيَذْكُرُ عِنْدَ فَرَاغِهِ أَنَّ الَّتِي صَلَّاهَا فِي الْبَيْتِ صَلَّاهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، وَلَمْ يَعْمِدْ صَلَاحَ تِلْكَ بِهَذِهِ الَّتِي صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ فَقَالَ: صَلَاتُهُ الَّتِي صَلَّى عَلَى الطُّهْرِ مُجْزِئَةٌ عَنْهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةٌ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مِثْلَ هَذَا فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ سَحْنُونٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَزَادَ فِيهِ أَنَّ مَالِكًا قَالَهُ وَلِأَشْهَبَ أَنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ، وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ مَعَ الْإِمَامِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ وَإِنَّمَا دَخَلَ مَعَهُ بِنِيَّةِ الْإِعَادَةِ لِصَلَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا فَوَجَبَ أَنْ تُجْزِئَهُ إنْ بَطَلَتْ الْأُولَى، وَأَنْ تُجْزِئَهُ الْأُولَى إذَا بَطَلَتْ هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّاهُمَا جَمِيعًا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ كَالْمُتَوَضِّئِ يَغْسِلُ وَجْهَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَعُمَّ فِي بَعْضِهَا أَجْزَأَهُ مَا عَمَّ بِهِ مِنْهُمَا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِلَّذِي سَأَلَهُ أَيُّهُمَا يَجْعَلُ صَلَاتَهُ: أَوَأَنْتَ تَجْعَلُهَا إنَّمَا ذَلِكَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُمَا جَمِيعًا لَهُ صَلَاتَانِ فَرِيضَتَانِ، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ مَالِكٍ: إنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ فِي جَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَعَادَهَا كَانَتْ شَفْعًا، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ: أَنَّ جَعْلَ الْأُولَى صَلَاتَهُ إذْ إنَّمَا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ مَعَ مَا قَدْ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا لَهُ نَافِلَةٌ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِجَارٍ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ إذْ لَوْ كَانَتْ الْأُولَى هِيَ صَلَاتَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالثَّانِيَةُ نَافِلَةً لَمَا جَازَ لِمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ أَوْ الْعَصْرَ وَحْدَهُ أَنْ يُعِيدَهَا فِي جَمَاعَةٍ؛ إذْ لَا يُتَنَفَّلُ بَعْدَهُمَا، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ إذَا أَعَادَ فِي جَمَاعَةٍ، وَدَخَلَ فِيهَا فَقَدْ بَطَلَتْ الْأُولَى، وَحَصَلَتْ هَذِهِ صَلَاتَهُ فَإِنْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ لَزِمَهُ إعَادَتُهَا، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهَا لَا تَبْطُلُ عَلَيْهِ الْأُولَى حَتَّى يَفْعَلَ مِنْ الثَّانِيَةِ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى.
وَانْظُرْ آخِرَ رَسْمِ الْمُحَرَّمِ، وَيَجْعَلُ خِرْقَةً مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَآخِرَ رَسْمٍ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، وَفِي أَثْنَاءِ سَمَاعِ سَحْنُونٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَحَقِيقَةُ التَّفْوِيضِ أَنْ يَنْوِيَ بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ، وَيُفَوِّضَ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فِي الْقَبُولِ، وَقَدْ وَقَعَ لِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ مَا يُشِيرُ إلَى هَذَا انْتَهَى.
وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ
وَمَنْ صَلَّى وَأَعَادَ فِي الْجَمَاعَةِ فَلَيْسَ يَحْتَاجُ إلَى عِلْمِ النَّافِلَةِ مِنْهَا وَذَلِكَ جَزَاؤُهُ بِيَدِ اللَّهِ سبحانه وتعالى انْتَهَى.
ص (وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ)
ش: قَالَ الْجُزُولِيُّ وَاخْتُلِفَ هَلْ يُعِيدُ مَعَ وَاحِدٍ؟ الْمَشْهُورُ لَا يُعِيدُ مَا لَمْ يَكُنْ إمَامًا رَاتِبًا فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَعَادَ بِلَا خِلَافٍ انْتَهَى.
وَصَرَّحَ بِالْإِعَادَةِ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: عُوِّلَ فِي الْإِعَادَةِ مَعَ الْوَاحِدِ غَيْرِ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ عَلَى صَاحِبِ اللُّبَابِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحُفَّاظَ لَمْ يَجِدُوهُ فِي الْمَذْهَبِ حَتَّى اُنْتُقِدَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ جَعْلَهُ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ تُعَادُ مَعَ وَاحِدٍ، وَلَا أَعْرِفُهُ انْتَهَى.
فَإِنْ قِيلَ الِاثْنَانِ إذَا كَانَا فِي جَمَاعَةٍ وَجَبَ أَنْ يُعِيدَ مَعَ وَاحِدٍ وَالْأَوْجَبُ أَنْ يُعِيدَ مَنْ صَلَّى مَعَ الْوَاحِدِ جَوَابُهُ: هُمَا جَمَاعَةٌ إذَا كَانَا مُفْتَرِضَيْنِ، وَالْمُعِيدُ لَيْسَ بِمُفْتَرَضٍ انْتَهَى. مِنْ الذَّخِيرَةِ
ص (وَإِلَّا شَفَعَ)
ش: يَعْنِي، وَإِنْ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ يَشْفَعُهَا وَيُسَلِّمُ، وَانْظُرْ هَلْ يَشْفَعُهَا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ رَكْعَةً الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ الثَّانِيَةَ وَانْظُرْ الطِّرَازَ فَإِنَّهُ قَالَ: يُصَلِّي الثَّانِيَةَ مَعَ الْإِمَامِ، وَيُسَلِّمُ قَبْلَهُ
ص (وَأَعَادَ مُؤْتَمٌّ بِمُعِيدٍ أَبَدًا أَفْذَاذًا)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا يَؤُمُّ مُعِيدٌ، وَفِي إعَادَةِ مَأْمُومِهِ أَبَدًا مُطْلَقًا أَوْ مَا لَمْ يُطِلْ لِابْنِ حَبِيبٍ مَعَهَا وَسَحْنُونٍ اللَّخْمِيِّ إنْ نَوَى الْفَرْضَ صَحَّتْ عَلَى الْفَرْضِ وَالتَّفْوِيضِ صَحَّتْ أَمْ بَطَلَتْ الْأُولَى، وَالنَّفَلُ صَحَّتْ عَلَى إمَامَةِ الصَّبِيِّ، وَفِي رَدِّ الْمَازِرِيِّ بِأَنَّهُ يَنْوِي الْفَرْضَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ بَلْ يَنْوِي عَيْنَهَا فَقَطْ انْتَهَى.
وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَنْوِي الْفَرْضَ فَانْظُرْ لَوْ تَبَيَّنَ عَدَمَ الْأُولَى أَوْ فَسَادَهَا هَلْ يَلْزَمُهُ وَالْمَأْمُومِينَ إعَادَةٌ؟ وَفَهِمَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمَ الْأُولَى عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ، وَأَمَّا إمَامَةُ غَيْرِ الْبَالِغِ مِمَّنْ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ فِي الْفَرِيضَةِ، فَلَا تَجُوزُ فَإِنْ وَقَعَتْ فَفِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ بُطْلَانُهَا لِسُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْ الصَّبِيِّ وَوُجُوبِهِ عَلَى الْبَالِغِ، وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ قَالَ الْبَاجِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوْلُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ لِكَوْنِ الصَّبِيِّ مُعْتَقِدَ الْوُجُوبِ فَلَمْ يَكُنْ اقْتِدَاءَ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ انْتَهَى.
ص (وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ لِدَاخِلٍ)
ش: قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: وَلَا يُطِيلُ الْإِمَامُ لِإِدْرَاكِ أَحَدٍ قَالَ
فِي النَّوَادِرِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَلَا يَنْتَظِرُ الْإِمَامُ مَنْ رَآهُ أَوْ أَحَسَّهُ مُقْبِلًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذَا كَانَ رَاكِعًا، فَلَا يُمِدُّ فِي رُكُوعِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَمَنْ وَرَاءَهُ أَعْظَمُ عَلَيْهِ حَقًّا مِمَّنْ يَأْتِي انْتَهَى.
وَجَوَّزَ سَحْنُونٌ الْإِطَالَةَ وَاخْتَارَهُ عِيَاضٌ وَحَدِيثُ مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا وَتَخْفِيفُهُ عليه الصلاة والسلام مِنْ أَجْلِ بُكَاءِ الصَّغِيرِ وَالْوُقُوفُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ لِأَجْلِ إدْرَاكِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ يَدُلُّ لَهُ وَانْظُرْ هَلْ تَجُوزُ إطَالَةُ الصَّلَاةِ كُلِّهَا لِهَذَا أَمْ لَا انْتَهَى.
كَلَامُ التَّوْضِيحِ فَفَهِمَ الشَّيْخُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ حَبِيبٍ مُفَسِّرٌ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ وَفِي مَدِّ الْإِمَامِ رُكُوعَهُ لِمَنْ أَحَسَّ بِدُخُولِهِ نَقَلَ الصَّقَلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ فِي السُّلَيْمَانِيَّة قَائِلًا، وَلَوْ طَالَ، وَالشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ مَعَ سَمَاعِهِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفَسَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالْكَرَاهَةِ، قَالَ: وَأَجَازَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَضُرُّ بِمَنْ مَعَهُ (قُلْت) وَيُقَوِّي الْأَوَّلَ إنْ كَانَتْ الْأَخِيرَةَ انْتَهَى.
وَفَهِمَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَصَرَّحَ بِهَا فِي شَامِلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ فِيمَنْ يَرَى رَجُلًا مُقْبِلًا يُرِيدُ الدُّخُولَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَيُطِيلُ الْقِرَاءَةَ، أَوْ يُبْطِئُ بِهَا، وَلَوْلَا انْتِظَارُهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي فِعْلِهِ، وَلَا يُعِيدُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ، قَالَ الْبُرْزُلِيُّ الْمَسْأَلَةُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا هِيَ مَنْ أَتَى، وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ، وَأَحَسَّ بِهِ هَلْ يُطِيلُ فِي رُكُوعِهِ حَتَّى يُدْرِكَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونٍ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ، وَلَوْ طَالَ، وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، وَهُوَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَنْتَظِرُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمَحْمَلُهُ عِنْدِي عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَأَجَازَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَضُرُّ بِمَنْ مَعَهُ، وَحَمَلَ الْمَازِرِيُّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى الْمَنْعِ، وَاخْتَارَ إنْ كَانَتْ الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةَ جَازَ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَخَرَّجَ هَذَا الْخِلَافُ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ مِنْ بَابِ أَحْرَى؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ لَيْسَ بِمَحَلِّ الْإِطَالَةِ فَإِذَا جَازَ فِيهِ، فَهُوَ فِي حَالِ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ أَجْوَزُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَخَرَّجَ الْخِلَافُ فِيهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ مَنْ أَنْصَتَ لِمُخَبِّرٍ يُخْبِرُهُ، وَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ انْتَهَى.
وَالْمَسْأَلَةُ فِي آخِرِ رَسْمِ تَأْخِيرُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ
ص (وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ كَجَمَاعَةٍ) ش: يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ، وَيُصَلِّي فِي وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ، وَقَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ، وَغَيْرُهُ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: يَعْنِي بِالرَّاتِبِ الْمُنْتَصِبَ لِلْإِمَامَةِ الْمُلَازِمَ لَهَا، وَكَوْنُهُ مَقَامَ الْجَمَاعَةِ أَيْ فِي الْفَضِيلَةِ وَالْحُكْمِ فَلَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ وَحُكْمُهَا بِحَيْثُ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى، وَلَا يُصَلَّى بَعْدَهُ فِي مَسْجِدِهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ وَيُعِيدُ مَعَهُ مَنْ أَرَادَ الْفَضْلَ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَيَجْمَعُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ انْتَهَى.
وَذَكَرَ ابْنُ نَاجِي هَذَا الْأَخِيرَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْقَاسِمِ الْغُبْرِينِيِّ، وَقَالَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَلَا يَزِيدُ رَبُّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَسَلَّمَ لَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ مُعَاصِرًا لَهُ مِنْ شُيُوخِنَا الْأُولَى، وَخَالَفَهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَرَأَى أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا قَالَ: وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي هُوَ الْأَوَّلُ انْتَهَى.
وَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: يُرِيدُ إذَا صَلَّى فِي مَسْجِدٍ لَا فِي دَارِهِ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ يُرِيدُ إذَا نَوَى أَنَّهُ إمَامٌ فَجَعَلَهُ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ فِيهَا الْإِمَامَةَ لِيَحْصُلَ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ، وَقَوْلُهُ الرَّاتِبُ سَوَاءٌ كَانَ فِي جَمِيعِهَا أَوْ بَعْضِهَا انْتَهَى.
وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: يُرِيدُ إذَا صَلَّى فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُصَلِّ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ، فَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْجَمَاعَةِ، وَزَادَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ وَانْتَصَبَ لِلْإِمَامَةِ فَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ لِصَلَاتِهِ بِحُكْمِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ انْتَهَى.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ زَرُّوق كَلَامَ الْبَاجِيِّ وَكَلَامَ عَبْدِ الْوَهَّابِ
ص (، وَلَا تُبْتَدَأُ صَلَاةٌ بَعْدَ الْإِقَامَةِ)
ش: اُنْظُرْ هَلْ النَّهْيُ عَلَى جِهَةِ الْمَنْعِ أَوْ الْكَرَاهَةِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَإِذَا أُقِيمَتْ بِمَوْضِعِ صَلَاةٍ مُنِعَ فِيهِ ابْتِدَاءُ غَيْرِهَا، وَالْجُلُوسُ فِيهِ انْتَهَى.
هَذَا هُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالتَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي بَاب صَلَاةِ النَّافِلَةِ، وَإِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ كُرِهَ التَّنَفُّلُ حِينَئِذٍ ابْنُ نَاجِي مِثْلُهُ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ، وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ، وَمَا يَقُولُهُ
أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي تَفَارِيعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْقَطْعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِذِكْرِ الْمُتَنَفَّلِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ صَلَاتِهِ فَرْضٌ آخَرُ غَيْرُ الَّذِي أُقِيمَ وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ: إذَا أُقِيمَتْ إذَا أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ، وَهَكَذَا لَفْظُ الْأُمِّ كَمَا اخْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ انْتَهَى.
وَفِي الْمُوَطَّإِ فِي بَابِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَالَ: «سَمِعَ قَوْمٌ الْإِقَامَةَ فَقَامُوا يُصَلُّونَ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَصَلَاتَانِ مَعًا؟ أَصَلَاتَانِ مَعًا؟ وَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ» قَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام أَصَلَاتَانِ؟ مَعًا يَمْنَعُ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ فَاتَتْهُ مَعَ الْإِمَامِ، وَالنَّاسُ فِي صَلَاةِ الْإِشْفَاعِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا وَرَدَ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِنَافِلَةٍ عَنْ فَرِيضَةٍ تُقَامُ فِي الْجَمَاعَةِ وَالْمَسَاجِدُ إنَّمَا بُنِيَتْ لِلْفَرَائِضِ لَا لِلنَّوَافِلِ فَاَلَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعِشَاءِ أَحَقُّ بِإِقَامَتِهَا فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الْمُصَلِّينَ فِيهِ جَمَاعَةً نَافِلَةَ الْإِشْفَاعِ كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا، وَعَلَى مَا قُلْت: جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ لَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.
وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّنْ يُصَلِّي الصُّبْحَ حَالَةَ كَوْنِ الْإِمَامِ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَيَلْحَقُهُ فِي الظُّهْرِ وَكُلُّهُ بِالْمَسْجِدِ، وَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ جَوَابُهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ، وَالْإِمَامُ فِي غَيْرِهِ لَا فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا فِي أَفْنِيَتِهِ الَّتِي تُصَلَّى فِيهَا الْجُمُعَةُ (قُلْت) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام أَصَلَاتَانِ مَعًا إنْكَارًا لِذَلِكَ.
، وَأَمَّا صَلَاةُ الْفَرْضِ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ جَوَازُهُ، وَأَمَّا صَلَاةُ الْوَتْرِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ فَحَكَى الزَّنَاتِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلتَّهْذِيبِ قَوْلَيْنِ عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ لِقُرْبِ الدَّرَجَةِ فِي الْمَنْدُوبَاتِ انْتَهَى.
فَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لَا يَنْبَغِي لَعَلَّهُ يُرِيدُ الْمَنْعَ، وَإِلَّا فَلْيَتَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ قَوْمٍ صَلَّوْا فِي مَسْجِدٍ بِإِمَامَيْنِ قَوْمٌ فِي دَاخِلِهِ وَقَوْمٌ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ صَحْنِهِ فَقَالَ: صَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ، وَلَا يُعِيدُونَ (قُلْت) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إمَامٌ رَاتِبٌ فَيَجُوزُ كَيْفَمَا فَعَلَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ فَاخْتَلَطَ مَعَهُ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ مَنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ إمَّا مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً، فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ، وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ فِي ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ هَذَا انْتَهَى.
، وَقَالَ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِ أَوَّلِ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ أَوَّلُ الصَّلَاةِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْمَمْنُوعَةِ: فَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي فَرْضٍ، فَلَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يُصَلِّيَ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَذًّا، وَلَا فِي جَمَاعَةٍ، وَلَا أَنْ يُصَلِّيَ فَرِيضَةً غَيْرَهَا، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَإِنْ فَعَلَ أَسَاءَ، وَتُجْزِئْهُ قَالَهُ فِيمَنْ يُصَلِّي فَذًّا مَا يُصَلِّي الْإِمَامُ جَمَاعَةً انْتَهَى.
، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ لَمْ أَرَهُ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْقَوَاعِدِ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ عَدَّ مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ إقَامَةَ الْإِمَامِ عَلَى الْمُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى فَتَأَمَّلْهُ، وَفِي الْأَبِيِّ شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِهِ: صلى الله عليه وسلم «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةُ» مَا نَصُّهُ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ نَفَى الْكَمَالَ لَا الْإِجْزَاءَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ الْمُصَلِّيَ بِالْإِعَادَةِ انْتَهَى بِالْمَعْنَى.
وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ فِي فَصْلِ الِاسْتِخْلَافِ بِالْإِجْزَاءِ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْبَاجِيِّ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ: وَكَذَا لَوْ أَتَمَّ بَعْضُهُمْ وُحْدَانًا، وَنَصُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: وُحْدَانًا بِمَنْزِلَةِ جَمَاعَةٍ وَجَدُوا جَمَاعَةً يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ بِإِمَامٍ فَقَدَّمُوا رَجُلًا مِنْهُمْ، وَصَلَّوْا قَالَ الْبَاجِيُّ قَالُوا: وَلَوْ هُمْ قَدَّمُوا رَجُلًا إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ صَلَّى فَذًّا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَجْزِيهِ صَلَاتُهُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ وَجَدَ جَمَاعَةً تُصَلِّي بِإِمَامٍ فَصَلَّى وَحْدَهُ فَذًّا انْتَهَى.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْبُرْزُلِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ هَلْ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ نَافِلَةً وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي نَافِلَةً كَقِيَامِ رَمَضَانَ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا وَرَأَيْتُ فِي طُرَّةِ كِتَابٍ وَسُئِلَ أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَوَّادٍ شَيْخُ الْقَاضِي عِيَاضٍ عَنْ الرَّجُلِ يُصَلِّي الشَّفْعَ وَالْوَتْرَ، وَالْإِمَامُ يُصَلِّي الْإِشْفَاعَ، فَقَالَ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ انْتَهَى.
تَأَمَّلْ كَلَامَ ابْنِ الْجَلَّابِ فِيمَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ الْإِشْفَاعِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا انْتَهَى.
مِنْ ابْنِ فَرْحُونٍ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ الزَّنَاتِيِّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ.
ص (، وَإِنْ أُقِيمَتْ، وَهُوَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ إنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ)
ش: يَعْنِي يَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَيُعِيدُ الصَّلَاتَيْنِ لِلتَّرْتِيبِ إنْ كَانَ الَّتِي كَانَ فِيهَا فَرِيضَةً غَيْرَ الَّتِي قَامَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الَّتِي قَطَعَهَا نَافِلَةً، فَلَا يُعِيدُهَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ قَطْعَهَا، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ: وَمَنْ قَطَعَ نَافِلَةً عَمْدًا لَزِمَهُ إعَادَتُهَا بِخِلَافِ الْمَغْلُوبِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إنَّمَا لَزِمَهُ إعَادَتُهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ عِنْدَنَا، وَلَا عُذْرَ لَهُ (فَائِدَةٌ) هَذِهِ إحْدَى الْأَشْيَاءِ السَّبْعِ الَّتِي تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ، وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَالِائْتِمَامُ وَالطَّوَافُ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ
صَلَاةٌ وَصَوْمٌ ثُمَّ حَجٌّ وَعُمْرَةٌ
…
يَلِيهَا طَوَافٌ وَاعْتِكَافٌ وَائْتِمَامٌ
يُعِيدُهُمْ مَنْ كَانَ لِلْقَطْعِ عَامِدًا
…
يُعِيدُهُمْ فَرْضًا عَلَيْهِ وَإِلْزَامُ
وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْإِعَادَةِ فِي الِائْتِمَامِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ لُزُومِهِ انْتَهَى. وَهُوَ كَذَلِكَ يَعْنِي بِهِ الدُّخُولَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِقَالُ عِنْدَنَا، لَكِنَّهُ إذَا قَطَعَ لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ مَعَ الْإِمَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ تَوَقَّفَ أَوَّلُهَا عَلَى آخِرِهَا يَجِبُ إتْمَامُهَا أَصْلُهُ الْحَجُّ فَيَجِبُ إتْمَامُهُ وَالْعُمْرَةُ وَالصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ وَالطَّوَافُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَنَحْوِهَا انْتَهَى.
وَانْظُرْ الذَّخِيرَةَ فِي الْبَابِ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا قَالَ فِيهِ: أَمَّا لَوْ شَرَعَ فِي تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ نَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ قَطْعَهُ لَا يُوجِبُ قَضَاءً، وَكَذَلِكَ الشُّرُوعُ فِي الصَّدَقَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقُرُبَاتِ انْتَهَى.
وَفِي كِتَابِ الصَّوْمِ مِنْ الذَّخِيرَةِ لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ السَّبْعَةَ قَالَ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ وَالسَّفَرِ لِلْجِهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ السَّبْعَ الْأُولَى بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ وَالسَّفَرِ لِلْجِهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَهُ الشَّيْخُ عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ: فَعَلَى هَذَا إذَا سَافَرَ لِلْجِهَادِ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ بِشَيْءٍ وَاخْتُلِفَ إذَا خَرَجَ بِكِسْرَةِ خُبْزٍ لِلسَّائِلِ فَلَمْ يَجِدْهُ هَلْ لَهُ أَكْلُهَا أَمْ لَا؟ قِيلَ يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ مُعَيَّنًا أَكَلَهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيِّنٍ لَمْ يَأْكُلْهَا انْتَهَى.
وَنَظَمْت النَّظَائِرَ السَّبْعَ الْمَذْكُورَةَ فَقُلْت
قِفْ وَاسْتَمِعْ مَسَائِلًا قَدْ حَكَمُوا
…
بِكَوْنِهَا بِالِابْتِدَاءِ تَلْزَمُ
صَلَاتُنَا وَصَوْمُنَا وَحَجُّنَا
…
وَعُمْرَةٌ لَنَا كَذَا اعْتِكَافُنَا
طَوَافُنَا مَعَ ائْتِمَامِ الْمُقْتَدِ
…
فَيَلْزَمُ الْقَضَاءُ بِقَطْعِ عَامِدِ
ص (وَإِلَّا أَتَمَّ النَّافِلَةَ أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَهَا)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَحْرَمَ فِي نَافِلَةٍ ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ صَلَّاهَا، وَدَخَلَ مَعَهُ، وَإِلَّا قَطَعَ بِسَلَامٍ، وَدَخَلَ
مَعَهُ، وَلَا يَقْضِي النَّافِلَةَ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ قَطْعَهَا ابْنُ نَاجِي زَادَ فِي الْأُمِّ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا، وَيَرْكَعُ وَكَذَلِكَ اخْتَصَرَهَا ابْنُ يُونُسَ، وَيَقُومُ مِنْهَا أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ ثُمَّ صَعِدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَنَّهُ يَتَمَادَى، وَيُخَفِّفُ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ وَنَحْوِهِ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ فِي التَّشَهُّدِ سَلَّمَ، وَلَمْ يَدْعُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُطِيلُ فِي دُعَائِهِ مَا أَحَبَّ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ يَدْعُو مَا دَامَ الْأَذَانُ انْتَهَى.
وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُتِمُّ النَّافِلَةَ إذَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ سَوَاءٌ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَلِكَ الْفَرِيضَةُ الَّتِي هِيَ غَيْرُ الصَّلَاةِ الَّتِي أُقِيمَتْ يُتِمُّهَا إذَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ عَقَدَ رَكْعَةً أَوْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَصَرَّحَ بِهَذَا أَعْنِي أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ السَّيِّدُ الْقَابِسِيُّ فِي تَصْحِيحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَصَرَّحَ فِي الشَّامِلِ بِتَشْهِيرِهِ فَسَقَطَ قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُتِمُّ النَّافِلَةَ وَالْفَرِيضَةَ، وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً وَالْعَقْدُ مُشْتَرَكٌ فِي الْكُلِّ انْتَهَى.
ص (وَإِلَّا انْصَرَفَ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ شَفْعٍ كَالْأُولَى إنْ عَقَدَهَا)
ش: ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَغْرِبَ أَوْ غَيْرَهَا، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ عَرَفَةَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ كَانَتْ الْمَغْرِبَ قَطَعَ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا، وَإِنْ صَلَّى اثْنَتَيْنِ أَتَمَّهَا ثَلَاثًا وَخَرَجَ، وَإِنْ صَلَّى ثَلَاثًا سَلَّمَ وَخَرَجَ، وَلَمْ يُعِدْهَا انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الْمَغْرِبِ يَقْطَعُ، وَقِيلَ: كَغَيْرِهَا فَإِنْ أَتَمَّ رَكْعَتَيْنِ فَالْمَشْهُورُ: يُتِمُّ وَيَنْصَرِفُ كَمَا لَوْ قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ أَوْ كَانَ أَتَمَّهَا انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَثَرُ قَوْلِهِ: وَفِي الْمَغْرِبِ يَقْطَعُ، وَقِيلَ: كَغَيْرِهَا أَيْ يَقْطَعُ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّنَفُّلِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ بِنِيَّةِ الْوَتْرِ، فَلَا يُسَلِّمُ عَلَى شَفْعٍ، وَفِي هَذَا الْأَصْلِ خِلَافٌ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَرَأَى أَنَّ الْأَحْكَامَ جَرَتْ إلَيْهِ، وَقَالَ إثْرَ قَوْلِهِ: فَإِنْ أَتَمَّ رَكْعَتَيْنِ إلَى آخِرِهِ يَعْنِي إذَا أَتَمَّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُضِيفُ إلَيْهَا ثَالِثَةً، وَيُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ يَصِيرُ مُتَنَفِّلًا قَبْلَ الْمَغْرِبِ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا فِي الْمَجْمُوعَةِ يُسَلِّمُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ فِي إتْمَامِهَا مُخَالَفَةً عَلَى الْإِمَامِ وَإِيقَاعَ صَلَاتَيْنِ، وَقَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَامَ إلَى ثَالِثَةٍ ظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ إذَا قَامَ إلَى ثَالِثَةٍ عَلَى الْإِتْمَامِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ حَكَى اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ بَشِيرٍ وَغَيْرُهُمْ الْخِلَافَ إذَا رَكَعَ فِي الثَّالِثَةِ، وَلَمْ يَرْفَعْ وَيَنْوِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرَّفْعِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إثْرَ قَوْلِهِ: فَإِنْ أَتَمَّ رَكْعَتَيْنِ يَعْنِي مِنْ الْمَغْرِبِ فَالْمَشْهُورُ: أَنَّهُ يُتِمُّهَا ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَيَنْصَرِفُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَادُ فِي جَمَاعَةٍ كَمَا يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَامَ إلَى ثَالِثَةٍ، أَوْ كَانَ أَتَمَّهَا يَعْنِي إنَّهُ إذَا قَامَ إلَى ثَالِثَةٍ مِنْ الْمَغْرِبِ، أَوْ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا كُلَّهَا فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ، وَلَا يَقْطَعُ إنْ كَانَ لَمْ يُسَلِّمْ أَوْ قَامَ إلَى ثَالِثَةٍ وَوَافَقَ الشَّاذُّ الَّذِي خَالَفَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى ذَلِكَ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ فَصَلَ الْمُؤَلِّفُ مَسْأَلَةَ تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ عَمَّا بَعْدَهَا، وَإِلَّا فَكَانَ يَكْتَفِي بِحُكْمِ الرَّكْعَتَيْنِ عَمَّا بَعْدَهُمَا، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِ مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْإِمَامِ، وَهُوَ فِي صَلَاةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْمَغْرِبَ، فَلَا شَكَّ عَلَى قَوْلِ الْمُغِيرَةِ: إنَّهَا كَغَيْرِهَا، وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَرْكَعْ قَطَعَ، وَإِنْ رَكَعَ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ: أَنَّهُ يَقْطَعُ، وَالشَّاذُّ أَنَّهُ يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى، وَإِنْ رَكَعَ الثَّانِيَةَ فَقَوْلَانِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ وَيُضِيفُ ثَالِثَةً وَيَنْصَرِفُ، وَالشَّاذُّ أَنَّهُ يُسَلِّمُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ، وَإِنْ قَامَ إلَى ثَالِثَةٍ، فَلَا شَكَّ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّهُ يُتِمُّ الثَّالِثَةَ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْجُلُوسِ ثُمَّ يُسَلِّمُ، وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ، وَإِنْ رَكَعَ، وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، فَاخْتُلِفَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُسَلِّمُ مِنْ اثْنَتَيْنِ هَلْ يُتِمُّ هَهُنَا أَوْ يَرْجِعُ إلَى الْجُلُوسِ؟ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَقْدِ الرَّكْعَةِ هَلْ هُوَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ أَوْ رَفْعُ الرَّأْسِ؟ انْتَهَى.
، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَإِذَا أُقِيمَتْ الْمَغْرِبُ
عَلَى مَنْ فِي أُولَاهَا قَطَعَ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا (قُلْت) لِلَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ يُتِمُّهَا نَفْلًا، قَالَ: وَفِي ثَانِيَتِهَا فِي قَطْعِهِ وَإِتْمَامِهَا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَتِهِ وَابْنُ حَبِيبٍ مَعَ رِوَايَةِ سَحْنُونٍ عَنْهُ وَبَعْدَ إتْمَامِ الثَّانِيَةِ فِي قَطْعِهِ وَإِتْمَامِهَا رِوَايَةُ سَحْنُونٍ وَابْنِ حَبِيبٍ عَنْهُ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهَا وَبَعْدَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ أَتَمَّهَا اتِّفَاقًا انْتَهَى.
وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ أَتَمَّ رَكْعَتَيْنِ هَلْ مُرَادُهُ بِسَجْدَتَيْهَا أَمْ لَا؟ وَانْظُرْ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ كَالْأُولَى إنْ عَقَدَهَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُنَا: وَالْعَقْدُ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ انْتَهَى.
وَذَكَرَ فِي بَابِ السَّهْوِ عَنْ الْبَيَانِ إنْ عَقْدَ الرَّكْعَةِ هُنَا أَتَمَّهَا بِسَجْدَتَيْهَا ذَكَرَهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى عَقْدِ الرَّكْعَةِ، وَقَالَ قَبْلَهُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي وَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا أَشْهَبَ عَلَى أَنَّ عَقْدَهُ الرَّكْعَتَيْنِ يَكُونُ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ، وَمِنْهَا مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْمَغْرِبُ، وَهُوَ فِيهَا قَدْ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ فَرَآهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَوْتًا فِي الْمَجْمُوعَةِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَفِي عَقْدِهَا بِالرُّكُوعِ أَوْ الرَّفْعِ مِنْهُ اخْتِلَافٌ، وَقَوْلُهُ: خِلَافٌ يُوهِمُ كَوْنَهُ الْمَعْرُوفَ مِنْ قَوْلَيْ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَزَا الصَّقَلِّيُّ هُنَا الْأَوَّلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَأَشْهَبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالثَّانِي لَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ انْتَهَى.
وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَإِلَّا انْصَرَفَ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ شَفْعٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيَجْلِسُ وَيَنْصَرِفُ عَنْ شَفْعٍ (تَنْبِيهٌ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ الثَّالِثَةَ وَقُلْنَا يَشْفَعُهَا فَإِنَّمَا يَشْفَعُهَا بِنِيَّةِ كَمَالِهَا لَا أَنَّهُ يَجْعَلُهَا نَافِلَةً فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ صَلَّى ثَالِثَةً صَلَّى رَابِعَةً، وَلَا يَجْعَلُهَا نَافِلَةً وَسَلَّمَ وَدَخَلَ مَعَهُ انْتَهَى.
وَلَفْظُ الذَّخِيرَةِ: فَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ قَالَ فِي الْكِتَابِ: يُكْمِلُهَا وَيَدْخُلُ مَعَهُ، وَلَا يَجْعَلُ الْأُولَى نَافِلَةً انْتَهَى.
ص (وَإِلَّا لَزِمَتْهُ)
ش: ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ صَلَّى مَا قَبْلَهَا أَمْ لَمْ يُصَلِّ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ الْهَوَّارِيُّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ: يَخْرُجُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْجَارِي عَلَى مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ، وَهُوَ فِي صَلَاةِ فَرِيضَةٍ غَيْرِهَا وَخَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَى مَنْ بِهِ، وَعَلَيْهِ مَا قَبْلَهَا فَفِي لُزُومِهَا بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَخُرُوجِهِ لِمَا عَلَيْهِ نَقْلَا ابْنُ رُشْدٍ عَنْ أَحَدِ سَمَاعَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْآخَرُ مَعَ قَوْلِهِ فِيهَا: وَلَا يَتَنَفَّلُ مَنْ عَلَيْهِ فَرْضٌ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ ابْنُ رُشْدٍ يَضَعُ الْخَارِجُ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ لِسَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْخَارِجِ لِإِقَامَةِ مَا لَا يُعَادُ انْتَهَى.
ص (وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءٍ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا)
ش: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَشُرُوطُ الْإِمَامِ الْوَاجِبَةِ عَشْرَةٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ ذَكَرٌ مُسْلِمٌ صَالِحٌ قَارِئٌ فَقِيهٌ بِمَا يَلْزَمُهُ فِي صَلَاتِهِ فَصِيحُ اللِّسَانِ وَيُزَادُ فِي الْجُمُعَةِ حُرٌّ مُقِيمٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الذُّكُورِيَّةِ وَالصَّلَاحِ وَالْبُلُوغِ انْتَهَى.
ص (أَوْ مَجْنُونًا)
ش: عَبَّرَ عَنْهُ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ بِالْمَعْتُوهِ، وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ
ص (أَوْ فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ)
ش: اُخْتُلِفَ فِي إمَامَةِ الْفَاسِقِ بِالْجَوَارِحِ فَقَالَ ابْنُ بَزِيزَةَ الْمَشْهُورُ إعَادَةُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ صَاحِبُ كَبِيرَةٍ أَبَدًا، وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ هَذَا إذَا كَانَ فِسْقُهُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَالزِّنَا وَتَرْكِ الطَّهَارَةِ، وَإِنْ كَانَ
بِتَأْوِيلٍ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ فِسْقُهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالصَّلَاةِ كَالزِّنَا وَغَصْبِ الْمَالِ أَجْزَأَتْهُ لَا إنْ تَعَلَّقَ بِهَا كَالطَّهَارَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ صَلَّى خَلْفَ شَارِبِ الْخَمْرِ أَعَادَ أَبَدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَالِي الَّذِي تُؤَدِّي إلَيْهِ الطَّاعَةُ، فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَكْرَانَ حِينَئِذٍ قَالَهُ مَنْ لَقِيتُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ انْتَهَى بِالْمَعْنَى مِنْ التَّوْضِيحِ.
فَحَكَى فِي إمَامَةِ الْفَاسِقِ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ، وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ فِي إمَامَةِ الْفَاسِقِ سِتَّةَ أَقْوَالٍ قَالَ وَيُطْلَبُ فِي الْإِمَامِ عَدَمُ فِسْقِهِ، وَفِي إعَادَةِ مَأْمُومِ الْفَاسِقِ فِي الْوَقْتِ أَوْ أَبَدًا
ثَالِثُهَا إنْ تَأَوَّلَ، وَرَابِعُهَا: إنْ كَانَ وَالِيًا أَوْ خَلِيفَةً لَمْ يُعِيدُوا أَبَدًا، وَخَامِسُهَا: إنْ خَرَجَ فِسْقُهُ عَنْ الصَّلَاةِ أَجْزَأَتْ وَإِلَّا أَبَدًا، وَسَادِسُهَا: لَا إعَادَةَ لِنَفْلِ ابْنِ رَاشِدٍ مَعَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ وَهْبٍ مَعَ مَالِكٍ وَالْأَبْهَرِيِّ وَابْنِ حَبِيبٍ وَاللَّخْمِيِّ وَالْبَاجِيّ مِنْ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ: لَا يُعِيدُ مَأْمُومُ عَاصِرِ خَمْرًا انْتَهَى.
وَحَكَى ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ السِّتَّةَ الْأَقْوَالِ ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الَّذِي يَغْتَابُ النَّاسَ كَغَيْرِهِ، فَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ ابْتِدَاءً، وَإِنْ صَلَّى خَلْفَهُ فَفِيهِ الْخِلَافُ كَغَيْرِهِ وَسُئِلَ عَنْهَا شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي دَارِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ هَلْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ بَاطِلَةٌ أَمْ لَا، وَهَلْ هِيَ جُرْحَةٌ فِي إمَامَتِهِ فَيُعْزَلُ أَمْ لَا؟ فَتَوَقَّفَ لِكَثْرَةِ الْغِيبَةِ فِي النَّاسِ، وَرَأَى إنْ هُوَ أَفْتَى بِجُرْحَتِهِ يُؤَدِّي إلَى عَزْلِ أَئِمَّةٍ مُتَعَدِّدِينَ، فَقَالَ لِلسَّائِلِ: تَرَبَّصْ حَتَّى أَنْظُرَ فِيهَا، وَمَا أَدْرِي مَا أَجَابَهُ انْتَهَى.
قَالَ الشَّبِيبِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَأَمَّا الْفَاسِقُ بِجَوَارِحِهِ فَإِنْ عُلِمَ مَنْ عَادَتُهُ التَّلَاعُبُ بِالصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا، وَعَدَمُ الْقِيَامِ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْتَلِفَ الْمَذْهَبُ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى بُطْلَانِ صَلَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ عَادَتِهِ التَّلَاعُبُ بِالصَّلَاةِ فَفِي الْمَذْهَبِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: مَشْهُورُهَا: الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَقِيلَ: أَبَدًا، وَقِيلَ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَالِي الَّذِي تُؤَدَّى إلَيْهِ الطَّاعَةُ، فَلَا إعَادَةَ حِينَئِذٍ انْتَهَى. وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ.
وَسُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ يَعْمَلُ الْمَعَاصِيَ هَلْ يَكُونُ إمَامًا؟ فَأَجَابَ أَمَّا الْمُصِرُّ وَالْمُجَاهِرُ، فَلَا وَالْمَسْتُورُ الْمُعْتَرِفُ بِبَعْضِ الشَّيْءِ فَالصَّلَاةُ خَلْفَ الْكَامِلِ أَوْلَى وَخَلْفَهُ لَا بَأْسَ بِهَا.
وَسُئِلَ عَمَّنْ يُعْرَفُ مِنْهُ الْكَذِبُ الْعَظِيمُ أَوْ قَتَّاتٌ كَذَلِكَ هَلْ تَجُوزُ إمَامَتُهُ فَأَجَابَ لَا يُصَلَّى خَلْفَ الْمَشْهُورِ بِالْكَذِبِ وَالْقَتَّاتِ وَالْمُعْلِنِ بِالْكَبَائِرِ، وَلَا يُعِيدُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ، وَأَمَّا مَنْ تَكُونُ مِنْهُ الْهَفْوَةُ وَالزَّلَّةُ، فَلَا يَتْبَعُ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَعَنْ مَالِكٍ مَنْ هَذَا الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَيْسَ الْمُصِرُّ وَالْمُجَاهِرُ كَغَيْرِهِ.
وَسُئِلَ هَلْ يُصَلِّي خَلْفَ الْقَاتِلِ؟
فَأَجَابَ: أَمَّا الْمُتَعَمِّدُ فَلَا تَنْبَغِي الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، وَإِنْ تَابَ، وَالْمُسْتَحَبُّ عِنْدَنَا إذَا أَمْكَنَ مِنْ نَفْسِهِ، وَعُفِيَ عَنْهُ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ أَنَّهُ يُصَلِّي خَلْفَهُ، وَإِلَّا فَلَا يُصَلِّي خَلْفَهُ، وَلَا إعَادَةَ إذَا فَعَلَ الْبُرْزُلِيُّ فَالْحُصُولُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ فِي إمَامَةِ الْفَاسِقِ خِلَافًا إذَا وَقَعَتْ هَلْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَوْ أَبَدًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ لَا إعَادَةَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ جُلِّ فَتَاوِيهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِسْقُهُ مُتَعَلِّقًا بِالصَّلَاةِ أَوْ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خِلَافًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَبْعَدَ فِيهِ الْخِلَافُ انْتَهَى.
، وَقَالَ قَبْلَ هَذَا سُئِلَ التُّونُسِيُّ عَنْ إمَامَةِ مَنْ يَعْمَلُ بِالرِّبَا، وَيَظْلِمُ النَّاسَ، وَهَلْ يُعِيدُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ أَبَدًا أَوْ لَا فَأَجَابَ: لَا يَنْبَغِي إمَامَةُ مَنْ ذَكَرْت، وَلَا الصَّلَاةُ خَلْفَهُ وَلَهُ مَنْدُوحَةَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَالْأَعْيَادِ لِضَرُورَةِ إقَامَتِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا فَإِنْ وَقَعَتْ صَحَّتْ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ بِدْعَتُهُمْ، وَقِيلَ: تُعَادُ، ذَكَرَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِجَوَازِ إخْلَالِهِمْ بِبَعْضِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَعَدَمِ الثِّقَةِ بِخَبَرِهِمْ وَهُنَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ فِي الْقِيَاسِ وَلِابْنِ حَبِيبٍ مَعْنَى مِنْ هَذَا فِي وُلَاةِ الْجَوْرِ.
وَسُئِلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ الظَّاهِرِ الْجُرْحَةِ؟
فَأَجَابَ: الصَّلَاةُ خَلْفَهُ جَائِزَةٌ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِسْقُهُ مُتَعَلِّقًا بِالصَّلَاةِ مِثْلَ أَنْ يُتَّهَمَ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَنَحْوِهِ فَالْإِعَادَةُ فِي هَذَا أَبَدًا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا.
وَسُئِلَ عَبْدُ الْمُنْعِمِ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ، وَلَا مَأْمُونٍ؟
فَأَجَابَ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: اسْتِحْبَابُ الْإِعَادَةِ وَعَنْ الْأَبْهَرِيِّ يُعِيدُ أَبَدًا، وَظَاهِرُ الْجُرْحَةِ لَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ لِلنَّاسِ، وَإِنْ رَضَوْهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَهْوِينًا عَلَى أَهْلِ الْمَعَاصِي وَتَعْزِيرًا لَهُمْ وَمَتَى صَحَّتْ وِلَايَةُ الْقَاضِي فَالصَّلَاةُ خَلْفَهُ جَائِزَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرَ الْفِسْقِ مَعْرُوفًا بِالِاسْتِهَانَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مُضَيِّعًا لِلصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهَا، فَلَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ، وَالْإِعَادَةُ أَبَدًا انْتَهَى.
ثُمَّ قَالَ: وَسُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفِ عَاقٍّ وَالِدَيْهِ
فَأَجَابَ: الصَّلَاةُ
خَلْفَ غَيْرِهِ أَوْلَى، وَلَا يُعِيدُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ.
وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ أَحَدِ الْمُتَهَاجِرَيْنِ فَأَجَابَ إنْ كَانَ تَهَاجُرُهُمَا لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، فَالصَّلَاةُ خَلْفَ غَيْرِهِمَا أَحَبُّ إلَيَّ، وَلَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ أَحَدِهِمَا.
وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَأَقَامَ مَعَهَا فَقَالَ: هِيَ أَشَدُّ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ انْتَهَى.
، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ مَوَانِعِ الْإِمَامَةِ مَا يَرْجِعُ إلَى الْجَوَارِحِ، وَهُوَ الْفَاسِقُ بِجَوَارِحِهِ كَشَارِبِ الْخَمْرِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَفِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ هَذِهِ حَالُهُ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا ارْتَكَبَ كَبِيرَةً أَمْكَنَ أَنْ يَتْرُكَ مَا يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ وَالثَّانِي صَحَّتْ إمَامَتُهُ؛ لِأَنَّ فِسْقَهُ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ حَالُهُ فَإِنْ كَانَ مِنْ التَّهَاوُنِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضَ الْفُرُوضِ، فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ اضْطَرَّهُ هَوًى غَالِبٌ إلَى ارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ مَعَ بَرَاءَتِهِ مِنْ التَّهَاوُنِ وَالْجُرْأَةِ صَحَّتْ إمَامَتُهُ، وَهَذَا يُعْلَمُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ
ص (أَوْ مَأْمُومًا)
ش: قَالَ الْبِسَاطِيُّ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَأْمُومًا فَظَاهِرٌ، وَيَكُونُ فِي صُوَرٍ إحْدَاهَا: أَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا وَقَامَ لِيَقْضِيَ فَجَاءَهُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ، وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ مَأْمُومًا ثُمَّ ابْتَدَأَ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ إمَامٌ، وَهُوَ مَأْمُومٌ وَصَلَاةُ الْكُلِّ عَلَى الْمَذْهَبِ بَاطِلَةٌ انْتَهَى.
أَمَّا الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ فَنُقِلَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ فِيهَا الْبُطْلَانُ، وَنَصُّهُ: وَمَنْ أَمَّ قَوْمًا فِي سَفَرٍ فَرَأَى قَوْمًا إمَامَهُ يُصَلِّي بِهِمْ رَجُلٌ فَجَهِلَ فَصَلَّى بِهِمْ فَصَلَاتُهُ تُجْزِئُهُ وَيُعِيدُ مَنْ خَلْفَهُ أَبَدًا، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ، وَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ أَرَأَيْت رَجُلًا أَمَّ قَوْمًا فَتَعَيَّا فِي قِرَاءَتِهِ فَفُتِحَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْقَهْ فَتَقَدَّمَ الْفَاتِحُ إلَى الْإِمَامِ فَوَقَفَ فِي مَوْضِعِهِ يَقْرَأُ بِهِمْ حَتَّى فَرَغَ مِنْ السُّورَةِ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ فِي الْقِبْلَةِ مُنْصِتٌ حَتَّى رَكَعَ بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ الْأَوَّلُ الْفَاتِحُ عَلَيْهِ وَمَنْ خَلْفَهُ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ قَالَ مَا أَرَى صَلَاتَهُمْ كُلَّهُمْ الْفَاتِحَ عَلَى الْإِمَامِ وَغَيْرَ الْفَاتِحِ إلَّا فَاسِدَةً قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: لِأَنَّهُمْ ائْتَمُّوا بِمَأْمُومٍ فِي حُكْمِ الْإِمَامِ فَفَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْإِمَامَةُ أَنْ يَتْبَعَ مُصَلٍّ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ غَيْرَ تَابِعٍ غَيْرَهُ وَلِذَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَابْنُ حَبِيبٍ مَنْ ائْتَمَّ بِمَأْمُومٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى.
وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ فِي الِاسْتِخْلَافِ، وَنَصُّهُ الْمَنْصُوصُ فِيمَنْ صَلَّى بِرَجُلٍ يَظُنُّهُ مُنْفَرِدًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُؤْتَمٌّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ انْتَهَى.
مِنْ شَرْحِ قَوْلِهِ فَإِنْ رَفَعُوا مُقْتَدِينَ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ كَلَامِهِ فَحُكْمُهَا وَاضِحٌ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى فَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِيمَا إذَا قَامَ الْمُسْتَخْلَفُ الْمَسْبُوقُ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَائْتَمَّ بِهِ مَسْبُوقٌ مِثْلُهُ قَوْلَيْنِ قَالَ: وَالْأَصَحُّ: الْبُطْلَانُ، وَحَكَاهُمَا ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ فِي رَسْمٍ لَمْ يُدْرِكْ، وَفِي رَسْمٍ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، وَفِي سَمَاعِ مُوسَى، وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَجَعَلَ عِلَّةَ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ كَوْنَهُمْ صَلَّوْا فِي جَمَاعَةٍ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا أَفْذَاذًا، وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ الْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ: وَقَدْ أَشَارَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِإِبْطَالِ الصَّلَاةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُؤْتَمِّينَ بِهِ يَعْنِي بِالْمُسْتَخْلِفِ لَزِمَهُمْ حُكْمُ الْأَوَّلِ وَمِنْ حُكْمِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ لَا يُصَلِّي تِلْكَ الصَّلَاةَ مَعَ إمَامٍ غَيْرِهِ فَصَلَاتُهُ مَا فَاتَ وَرَاءَ الْمُسْتَخْلَفِ كَصَلَاتِهِ وَرَاءَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ يَقْضِيَ فَذًّا، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ مَنْ ائْتَمَّ بِمَأْمُومٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَيُشِيرُ إلَى صِحَّةِ هَذَا التَّعْلِيلِ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ: مَنْ اتَّبَعَ الْمَأْمُومَ فِي الْقَضَاءِ بِمَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُؤْتَمَّ بِمَأْمُومٍ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ يَقْتَضِي بُطْلَانَ صَلَاةِ مَنْ دَخَلَ مُؤْتَمًّا مَعَهُ فِي رَكْعَةِ الْفَوَاتِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ انْتَهَى.
وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ: مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ قَامَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَاتَهُ الْإِمَامُ بِهِمَا فَدَخَلَ رَجُلٌ فَاقْتَدَى بِهِ