الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَالْبَعْلُ مَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَقْيِ سَمَاءٍ وَلَا غَيْرِهَا وَالسَّيْحُ مَا يَشْرَبُ بِالْعُيُونِ وَالْعَثَرِيِّ مَا تَسْقِيهِ السَّمَاءُ وَالْغَرْبُ بِسُكُونِ الرَّاءِ الدَّلْوُ الْكَبِيرُ وَالدَّالِيَةُ أَنْ تَمْضِيَ الدَّابَّةُ فَيَرْتَفِعَ الدَّلْوُ فَيُفَرَّغَ ثُمَّ يَرْجِعَ فَيَنْزِلَ، وَالسَّانِيَةُ الْبَعِيرُ الَّذِي يُسْنَى عَلَيْهِ أَيْ يُسْقَى، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالنَّضْحُ السَّقْيُ بِالْجَمَلِ، وَيُسَمَّى الْجَمَلُ الَّذِي يَجُرُّهُ نَاضِحًا، وَمِثْلُهُ الدَّوَالِيبُ وَالنَّوَاعِيرُ، قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَمَا يُسْقَى بِالْيَدِ بِالدَّلْوِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا يُسْقَى بِالسَّوَانِي وَالرَّزَانِقِ، انْتَهَى. بِالْمَعْنَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ وَالذَّخِيرَةِ وَالتَّنْبِيهَاتِ
ص (وَإِنْ سَقَى بِهِمَا فَعَلَى حُكْمِهِمَا، وَهَلْ يَغْلِبُ الْأَكْثَرُ؟ خِلَافٌ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الزَّرْعَ إذَا سُقِيَ بَعْضُهُ بِالسَّيْحِ وَشِبْهِهِ وَبَعْضُهُ بِالسَّوَانِي وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الزَّكَاةَ عَلَى قَدْرِهِمَا أَيْ تُقَسَّمُ عَلَى زَمَنَيْهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ مُطْلَقٌ أَوْ هَذَا مَعَ التَّسَاوِي، وَأَمَّا فِي غَيْرِ التَّسَاوِي فَيُغَلَّبُ الْأَكْثَرُ؟ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ: أَحَدُهُمَا - شَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ، وَالثَّانِي - شَهَرَهُ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ الْإِرْشَادِ كَذَا نُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَةِ الشَّارِحِ بَهْرَامَ مِنْ التَّوْضِيحِ فَشَهَرَ الثَّانِيَ فَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَتُضَمُّ الْقَطَانِيُّ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتُجْمَعُ الْقَطَانِيُّ كُلُّهَا فِي الزَّكَاةِ كَصِنْفٍ وَاحِدٍ وَلَا تَجْتَمِعُ مِنْ غَيْرِهَا فَمَنْ رَفَعَ مِنْ جَمِيعِهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَلْيُخْرِجْ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِقَدْرِهِ زَادَ ابْنُ يُونُسَ فِي نَقْلِهِ فِي تَفْسِيرِ الْقَطَانِيِّ الْفُولَ وَالْحِمَّصَ وَالْعَدَسَ وَالْجُلْبَانَ وَاللُّوبِيَا وَمَا يَثْبُتُ مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ الْقَطَانِيِّ
ص (كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَمَنْ رَفَعَ مِنْ جَمِيعِهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَلْيَتْرُكْ وَيُخْرِجْ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِقَدْرِهِ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ التُّمُورُ وَالْأَعْنَابُ وَأَنْوَاعُ الزَّيْتُونِ وَكُلٌّ مِنْهَا جِنْسٌ لَا يُضَمُّ لِلْآخَرِ فَالسُّلْتُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ.
ص (وَإِنْ بِبُلْدَانٍ)
ش: اُنْظُرْ رَسْمَ الزَّكَاةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ
ص (إنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ)
ش: مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي فَصْلٍ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ لِاقْتِصَارِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَيْهِ وَتَصْدِيرِ اللَّخْمِيِّ بِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ، وَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ الثَّانِي قُرْبَ حَصَادِ الْأَوَّلِ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إثْرَهُ: وَأَرَى إنْ كَانَتْ زِرَاعَةُ الثَّانِي عِنْدَمَا قَرُبَ حَصَادُ الْأَوَّلِ أَنْ لَا يُضَافَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي مَعْنَى الْمَحْصُودِ، وَإِنْ يَبِسَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا حَصَادُهُ كَانَ ذَلِكَ أَبْيَنُ، انْتَهَى.
[فَرْعٌ عَجَّلَ إخْرَاجَ زَكَاتِهِ أَوْ أَخَّرَهَا]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ عَجَّلَ إخْرَاجَ زَكَاتِهِ أَوْ أَخَّرَهَا، قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ زَكَاةُ زَرْعِهِ قَبْلَ حَصَادِهِ وَهُوَ قَائِمٌ فِي سُنْبُلِهِ فَهُوَ يَجْزِيهِ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، انْتَهَى.
ص (فَيُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُمَا)
ش: يَعْنِي فَإِذَا كَانَ
الْمُعْتَبَرُ فِي الضَّمِّ إنَّمَا هُوَ زِرَاعَةُ الثَّانِي قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ فَإِذَا كَانَ الزَّرْعُ فِي ثَلَاثِ أَزْمِنَةٍ فَإِنْ زَرَعَ الثَّالِثَ قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي ضَمَّ الثَّلَاثَةَ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ، وَإِنْ زَرَعَ الثَّانِيَ قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثَ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي ضَمَّ الْوَسَطَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ عَلَى انْفِرَادِهِ فَإِنْ حَصَلَ مِنْ ضَمِّهِ إلَيْهِ نِصَابٌ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ حَصَّلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَسْقَيْنِ وَمِنْ الثَّانِي ثَلَاثَةً فَإِنَّهُ يَضُمُّهَا وَيُزَكِّيهَا فَإِنْ حَصَلَ مِنْ الثَّالِثِ وَسْقَانِ زَكَّاهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا ضَمَّ إلَى الْوَسَطِ حَصَلَ مِنْهُمَا نِصَابٌ فَيُزَكِّي الثَّالِثَ، وَالْوَسَطُ قَدْ زَكَّاهُ مَعَ الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَسْقَيْنِ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الْجَمِيعِ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ ثَلَاثَةً وَالثَّانِي وَسْقَيْنِ، وَالثَّالِثُ وَسْقَيْنِ وَجَبَتْ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَا فِي الثَّالِثِ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ وَسْقَيْنِ وَالثَّانِي وَسْقَيْنِ وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةً وَجَبَتْ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ لَا فِي الْأَوَّلِ، وَخَرَّجَ ابْنُ بَشِيرٍ قَوْلًا مِنْ الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ " إنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ كَالْخَلِيطِ " أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُزَكِّي الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّ الْوَسَطَ خَلِيطٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ الشَّارِحُ: اُنْظُرْ كَيْفَ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمُخَالِفِ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فِي خَلِيطِ الْخَلِيطِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَلَا الْأَصَحُّ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَمَا عَزَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ عَلَى خَلِيطِ الْخَلِيطِ، وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنْهَا، وَإِنَّمَا مَشَى الشَّيْخُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَصَدَّرَ بِهِ اللَّخْمِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرَاهُ عَلَى أَنَّهُ تَخْرِيجٌ بَلْ جَزَمَا بِهِ، وَمَا ذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ إنَّمَا هُوَ تَخْرِيجٌ مِنْهُ اُنْظُرْ هَلْ سَلِمَ لَهُ أَمْ لَا؟ وَإِنْ سَلِمَ فَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَخْرِيجٌ لَيْسَ بِقَوْلٍ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إذَا حَصَّلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَسْقَيْنِ وَمِنْ الثَّانِي ثَلَاثَةً وَقُلْنَا إنَّهُ يُضَمُّ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى مَا حَصَّلَ مِنْ الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ بَاقٍ أَوْ أَنْفَقَهُ، فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا زَكَّى الْجَمِيعَ، وَإِنْ كَانَ أَنْفَقَهُ لَمْ يُزَكِّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْفَائِدَتَيْنِ يَحُولُ حَوْلُ الْأُولَى مِنْهُمَا
وَهِيَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَيُنْفِقُهَا ثُمَّ يَحُولُ حَوْلُ الثَّانِيَةِ وَهِيَ عَشَرَةٌ أَنَّهُ لَا يُزَكِّيهَا وَعَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يُزَكِّي الْعِشْرِينَ يُزَكِّيهِمَا، وَكَذَلِكَ إذَا حَصَّلَ مِنْ الثَّالِثِ وَسْقَيْنِ وَقُلْنَا: إنَّهُ يُضَمُّ لِلْوَسَطِ فَلَا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْوَسَطَ نَقَصَ بَعْدَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِنْهُ عَنْ الثَّلَاثَةِ أَوْسُقٍ فَلَمْ يَبْقَ مَا إذَا ضُمَّ لِلثَّالِثِ حَصَلَ مِنْهُ نِصَابٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) لَوْ زَرَعَ الثَّانِيَ قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ ثُمَّ زَرَعَ الثَّالِثَ بَعْدَ حَصَادِ الثَّانِي وَقَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ إذْ مِنْ الْقَطَانِيِّ مَا يَتَعَجَّلُ وَمِنْهَا مَا يَتَأَخَّرُ لِضَمِّ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي وَلِلثَّالِثِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ، وَلَا يُضَمُّ الثَّانِي إلَى الثَّالِثِ وَيَكُونُ الْأَوَّلُ بِمَنْزِلَةِ الْوَسَطِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ كَالطَّرَفَيْنِ، قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَلَا يُضَمُّ حَمْلُ نَخْلَةٍ إلَى حَمْلِهَا فِي الْعَامِ الثَّانِي، وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ: قَالَ فِي الطِّرَازِ: إذَا كَانَتْ الْكُرُومُ وَالزَّيْتُونُ تُطْعِمُ بُطُونًا مُتَلَاحِقَةً ضَمَّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ إذَا كَانَتْ الْبُطُونُ فِي الصَّيْفِ أَوْ فِي الشِّتَاءِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بَعْضُهَا فِي الشِّتَاءِ وَبَعْضُهَا فِي الصَّيْفِ لَمْ يَضُمَّ، انْتَهَى.
ص (وَالسِّمْسِمُ وَبَزْرُ الْفُجْلِ وَالْقُرْطُمِ كَالزَّيْتُونِ لَا الْكَتَّانِ)
ش: لَيْسَ فِيهِ تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " مِنْ حَبٍّ " بَيَانٌ لِمَا فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ الْحُبُوبِ وَدَخَلَ تَحْتَهُ الزَّيْتُونُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ " كَزَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ " بَيَّنَ فِيهِ صِفَةَ الْمُخْرَجِ فَقَطْ، وَهُنَا تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِ الَّذِي لَهُ زَيْتٌ غَيْرُ الزَّيْتُونِ، فَقَالَ: إنَّ السِّمْسِمَ وَبَزْرَ الْفُجْلِ يَعْنِي الْأَحْمَرَ وَالْقُرْطُمَ حُكْمُهَا كَالزَّيْتُونِ لَا الْكَتَّانِ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ بَهْرَامَ خُصُوصًا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كَالزَّيْتُونِ فِي أَنَّهُ إذَا بَلَغَ كَيْلُ حَبٍّ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أَخْرَجَ مِنْ زَيْتِهِ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَهُ قَلَّ الزَّيْتُ أَوْ كَثُرَ وَلَا يُرِيدُ أَنَّهَا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَتُضَمُّ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ: الزَّيْتُونُ أَجْنَاسٌ، انْتَهَى. وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: وَأَمَّا الْحُبُوبُ الَّتِي يُرَادُ مِنْهَا الزَّيْتُ فَإِنَّهَا أَصْنَافٌ مُخْتَلِفَةٌ وَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ كَالزَّيْتُونِ وَالسِّمْسِمِ وَغَيْرِهِمَا، انْتَهَى. وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْجُلْجُلَانِ فِي الْمُغْرِبِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَّخِذُونَهُ لِلتَّدَاوِي، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ بَلَدٍ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَفِي حَبِّ الْفُجْلِ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ كَيْلُ حَبِّهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْ زَيْتِهِ، وَكَذَلِكَ الْجُلْجُلَانُ، قَالَهُ ابْنُ نَاجِي وَلَفْظَةُ الْكَتَّانِ تَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي حَبِّ الْفُجْلِ زَيْتٌ أَنَّهُ لَا يُزَكِّي، وَهُوَ كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ أَبُو سَعِيدٍ ابْنُ أَخِي هِشَامٍ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ الْمَغْرِبِيِّ إنَّمَا جَعَلَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ كَزَيْتُونٍ لَا زَيْتَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ زَيْتٌ لَمْ يُؤْكَلْ، انْتَهَى. وَيَعْنِي بِالْمَغْرِبِيِّ أَبَا الْحَسَنِ الصَّغِيرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الشَّيْخِ بِمِثْلِ مَا قُيِّدَ فِيهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالسِّمْسِمُ بِكَسْرِ السِّينَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالْبِزْرُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِهَا وَالْأَوَّلُ أَفْصَحُ وَالْفُجْلُ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ هُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَبِضَمِّهَا وَالْقُرْطُمُ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِهَا فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ وَالْكَتَّانُ بِفَتْحِ الْكَافِ، قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ.
ص (وَحُسِبَ قِشْرُ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ) ش: أَيْ فِي جُمْلَةِ النِّصَابِ وَلَا يُزَادُ فِي النِّصَابِ لِأَجْلِهِ، وَنَحْوُ هَذَا لِلشَّارِحِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْوَسَطِ وَالصَّغِيرِ يُحْسَبَانِ لِيَسْقُطَانِ فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ وَالْعَلَسُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ
ص (وَمَا تَصَدَّقَ بِهِ وَاسْتَأْجَرَ قَتًّا)
ش:
أَيْ وَيُحْسَبُ أَيْضًا مَا تَصَدَّقَ بِهِ فَمَا أَكَلَهُ أَوْ عَلَفَهُ دَوَابَّهُ أَوْلَى، وَكَذَا مَا اسْتَأْجَرَ بِهِ مِنْ الْقَتِّ وَهُوَ جَمْعُ قَتَّةٍ وَهِيَ الْحُزَمُ الَّتِي تُعْمَلُ عِنْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَيُحْسَبُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ مَا أَكَلَ أَوْ عَلَفَ أَوْ تَصَدَّقَ بَعْدَ طِيبِهِ ابْنُ يُونُسَ، قَالَ مَالِكٌ: وَيُحْسَبُ عَلَى الرَّجُلِ كُلُّ مَا أَهْدَى أَوْ عَلَفَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْ زَرْعِهِ بَعْدَ مَا أَفْرَكَ إلَّا الشَّيْءَ التَّافِهَ الْيَسِيرَ فَلَا يُحْسَبُ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَكَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا مَا أَكَلَتْ الدَّوَابُّ بِأَفْوَاهِهَا عِنْدَ الدَّرْسِ فَلَا يُحْسَبُ، انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ " بَعْدَ طِيبِهِ " مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ قَبْلَ طِيبِهِ فَلَا يُحْسَبُ وَهُوَ صَحِيحٌ، انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَكَلَ مِنْ الثِّمَارِ قَبْلَ طِيبِهَا كَالْبَلَحِ وَمِنْ الزَّرْعِ قَبْلَ أَنْ يُفْرِكَ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ، قَالَ: وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا أَكَلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَخْضَرَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ بِالْإِزْهَاءِ فِي الثِّمَارِ وَالْإِفْرَاكِ فِي الْحَبِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا - قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْصِيَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُخْرِجَ زَكَاتَهُ، وَالثَّانِي - لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ، وَالثَّالِثُ - يَجِبُ ذَلِكَ فِي الْحُبُوبِ لَا فِي الثِّمَارِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُهُ، قَالَهُ فِي سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ زَكَاةِ الثِّمَارِ، وَقَالَ فِي رَسْمِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا مَا أَكَلَ بَعْدَ يُبْسِهِ أَوْ عَلْفِهِ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْصِيَهُ وَكَذَا مَا تَصَدَّقَ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ التَّافِهِ الْيَسِيرِ أَنَّهُ لَا يُحْتَسَبُ وَكَذَا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: وَهُوَ تَفْسِيرُ الْمُدَوَّنَةِ.
(الثَّانِي) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ " يُحْسَبُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ " قَالُوا مَعْنَاهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الزَّكَاةَ فَيَجْزِيَهُ، وَقَالَ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْبَيَانِ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْسُبَهُ مِنْ زَكَاتِهِ إذَا نَوَى بِهِ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي تَطَوُّعٍ وَلَا زَكَاةَ، انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ يَعْلَمُ كَيْلَهُ وَإِلَّا فَيَقْتَصِرْ مِنْهُ عَلَى الْقَدْرِ الْمُحَقَّقِ.
(الثَّالِثُ) يُحْسَبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَا اسْتَأْجَرَ بِهِ فِي حَصَادِهِ وَدِرَاسِهِ وَجَدَادِهِ، وَلَقَطُ الزَّيْتُونِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ وَيُزَكِّي عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ كَيْلًا مُعَيَّنًا أَوْ جُزْءًا كَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ وَنَحْوِهِ، قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَأَمَّا مَا لَقَطَهُ اللَّقَّاطُ فَلَا يُزَكِّي عَنْهُ إذَا كَانَ رَبُّهُ قَدْ تَرَكَهُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ، وَأَمَّا اللَّقَاطُ الَّذِي مَعَ الْحَصَادِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي عَمَّا لَقَطَهُ اللَّقَّاطُ؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ، انْتَهَى.
ص (لَا أَكْلُ دَابَّةٍ فِي دَرْسِهَا)
ش: ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ غَالِبٌ بِمَنْزِلَةِ مَا أَكَلَتْهُ الْوُحُوشُ أَوْ ذَهَبَ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ، انْتَهَى. مِنْ الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ
ص (وَالْوُجُوبُ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ أَوْ طِيبِ الثَّمَرِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ يَتَعَلَّقُ بِالْحُبُوبِ بِالْإِفْرَاكِ وَفِي الثَّمَرِ وَالزَّبِيبِ بِطِيبِهَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِي الْوَصْفِ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الزَّكَاةُ فِي الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا - وَهُوَ الْمَشْهُورُ: إنَّهُ الطِّيبُ وَطِيبُ كُلِّ نَوْعٍ مَعْلُومٌ فِيهِ، وَالثَّانِي -: إنَّهُ الْجِذَاذُ فِيمَا يُجَذُّ مِنْ الثَّمَرَةِ وَالْحَصَادُ فِيمَا يُحْصَدُ، وَالثَّالِثُ -: إنَّهُ الْخَرْصُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَجِبُ بِالطِّيبِ وَالْإِزْهَاءِ وَالْإِفْرَاكِ، وَقِيلَ بِالْحَصَادِ وَالْجِذَاذِ مَعًا، وَقِيلَ بِالْخَرْصِ فِيمَا يُخْرَصُ الطِّيبُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الثَّمَرَةِ وَالْإِزْهَاءُ خَاصٌّ بِالثَّمَرِ وَهُوَ طِيبٌ أَيْضًا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَالْإِفْرَاكُ فِي الْحَبِّ خَاصَّةً.
وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ فِي الْحُبُوبِ قَوْلَيْنِ وَفِي الثِّمَارِ ثَلَاثَةً: الْأَوَّلُ - قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ: إذَا زَهَتْ النَّخْلُ وَطَابَ الْكَرْمُ وَاسْوَدَّ الزَّيْتُونُ أَوْ قَارَبَ وَأَفْرَكَ الزَّرْعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي -: إنَّهَا لَا تَجِبُ فِي الزَّرْعِ إلَّا بِالْحَصَادِ وَلَا يَجِبُ فِي الثَّمَرِ إلَّا بِالْجِذَاذِ، وَنَسَبَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِابْنِ مَسْلَمَةَ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ خَاصٌّ
بِالثَّمَرَةِ، وَأَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالْخَرْصِ وَهُوَ لِلْمُغِيرَةِ وَرَأَى الْخَارِصَ كَالسَّاعِي، وَتَرْتِيبُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْوُجُودِ هُوَ أَنَّ الطِّيبَ أَوَّلًا ثُمَّ الْخَرْصَ ثُمَّ الْجِذَاذَ، وَأَنَّ الْإِفْرَاكَ أَوَّلًا ثُمَّ الْحَصَادَ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَمَا تَجِبُ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ الطِّيبُ مُبِيحُ الْبَيْعِ الْمُغِيرَةُ الْخَرْصُ ابْنُ مَسْلَمَةَ الْجَذُّ وَالْحَصْدُ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَوْلُهُ: إنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الْحَبِّ بِالْإِفْرَاكِ يُخَالِفُ قَوْلَهُ إنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ بِالطِّيبِ الْمُبِيحِ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ الْمُبِيحَ لِلْبَيْعِ هُوَ الْيُبْسِ، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فَقَالَ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ زَكَاةِ الْحُبُوبِ: إذَا أَفْرَكَ الزَّرْعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ فَقَدْ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَكَذَلِكَ الثَّمَرَةُ إذَا أَزْهَتْ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي رَسْمٍ يَشْتَرِي الدُّورَ وَالْمَزَارِعَ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى أَمَّا مَا أَكَلَ مِنْ حَائِطِهِ بَلَحًا أَوْ مِنْ زَرْعِهِ قَبْلَ أَنْ يُفْرِكَ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَحْسُبُهُ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ بَعْدُ، إذْ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الزَّرْعِ حَتَّى يُفْرِكَ وَلَا فِي الْحَائِطِ حَتَّى يُزْهِيَ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا أُكِلَ مِنْ ذَلِكَ أَخْضَرَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ بِالْإِزْهَاءِ فِي الثِّمَارِ أَوْ بِالْإِفْرَاكِ فِي الْحُبُوبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا - قَوْلُ مَالِكٍ: إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْصِيَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُخْرِجَ زَكَاتَهُ، وَالثَّانِي - إنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] ، وَالثَّالِثُ - تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُبُوبِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الثِّمَارِ «لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ» ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ: إنَّ الْخَارِصَ يَتْرُكُ لِأَهْلِ الْحَوَائِطِ قَدْرَ مَا يَأْكُلُونَ وَيُعْطُونَ، وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ، وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ فِي الثِّمَارِ إلَّا بِالْجِذَاذِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَفَائِدَةُ الْخَرْصِ عَلَى هَذَا مَخَافَةُ أَنْ يَكْتُمَ مِنْهَا شَيْئًا بَعْد الْيُبْسِ أَوْ الْجِذَاذِ، فَإِنْ خَشِيَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الزَّرْعِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُوَكِّلُ الْإِمَامُ مَنْ يَتَحَفَّظُ بِذَلِكَ، وَقِيلَ إنَّهُ يُخْرَصُ إنْ وُجِدَ مَنْ يُحْسِنُ خَرْصَهُ وَهُوَ أَحْسَنُ وَالْمُغِيرَةُ يَرَى الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الثِّمَارِ بِالْخَرْصِ فَفِي حَدِّ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الثِّمَارِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تَجِبُ بِالطِّيبِ
وَالثَّانِي - تَجِبُ بِالْجِذَاذِ، وَالثَّالِثُ - تَجِبُ بِالْخَرْصِ فَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُصَ خُرِصَتْ عَلَى الْوَرَثَةِ إنْ كَانَ فِي حَظِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، انْتَهَى. وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَأَمَّا بَيْعُ الْحَبِّ إذَا أَفْرَكَ عَلَى أَنْ يُتْرَكَ حَتَّى يَيْبَسَ فَلَا اخْتِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهِ إذَا وَقَعَ، فَقِيلَ: إنَّ الْعَقْدَ فِيهِ فَوْتٌ، وَقِيلَ الْقَبْضُ، وَقِيلَ لَا يَفُوتُ بِالْقَبْضِ حَتَّى يَفُوتَ بَعْدَهُ، وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ فِي سَمَاعِ يَحْيَى: إنْ عُلِمَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَيْبَسَ فُسِخَ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَيْبَسَ مَضَى، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وَقْتِ بَيْعِ الزَّرْعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا أَفْرَكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَتَّى يَيْبَسَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَنَا أُجِيزُ الْبَيْعَ إذَا فَاتَ بِالْيُبْسِ لِمَا جَاءَ فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ وَأَرُدُّهُ إذَا عَلِمَ بِهِ قَبْلَ الْيُبْسِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، وَهَذَا إذَا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يَيْبَسَ أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعُرْفَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ تَرْكَهُ وَلَا كَانَ الْعُرْفُ فِيهِ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ فِيهِ جَائِزٌ وَإِنْ تَرَكَهُ مُشْتَرِيهِ حَتَّى يَيْبَسَ، انْتَهَى. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ الْجَوَائِحِ: وَمَضَى بَيْعُ حَبٍّ أَفْرَكَ قَبْلَ يُبْسِهِ بِقَبْضِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ لَمَّا ذُكِّرَ بِهِ: وَالصَّلَاحُ فِي الثِّمَارِ وَفِي الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا وَالْقَطَانِيِّ يُبْسُهَا فَإِنْ بِيعَتْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْإِفْرَاكِ عَلَى السَّكْتِ كُرِهَ وَمَضَى بِالْقَبْضِ عَلَى الْمُتَأَوَّلِ، وَقِيلَ: يُفْسَخُ، وَقِيلَ: يَفُوتُ بِالْيُبْسِ، وَقِيلَ بِالْعَقْدِ، انْتَهَى.
فَعَلَى هَذَا فَيُقَالُ: الْمُرَادُ بِالْإِفْرَاكِ أَنْ يَيْبَسَ الْحَبُّ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمَاءِ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: الزَّكَاةُ تَجِبُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالطِّيبِ فَإِذَا أَزْهَى النَّخْلُ وَطَابَ الْكَرْمُ وَحَلَّ بَيْعُهُ أَوْ أَفْرَكَ الزَّرْعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ وَاسْوَدَّ الزَّيْتُونُ أَوْ قَارَبَ الِاسْوِدَادَ وَجَبَتْ