الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَرْعٌ خَافَ تَلَفَ مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَكَانَ كَثِيرًا وَهُوَ يُصَلِّي]
فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ خَافَ تَلَفَ مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَكَانَ كَثِيرًا تَكَلَّمَ وَاسْتَأْنَفَ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَإِنْ فَعَلَ أَبْطَلَ عَلَى نَفْسِهِ، انْتَهَى.
[فَرْعٌ أَتَاهُ أَبُوهُ لِيُكَلِّمَهُ وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ التَّسْبِيحِ لِلْحَاجَةِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي عَنْ الْوَاضِحَةِ: وَمَنْ أَتَاهُ أَبُوهُ لِيُكَلِّمَهُ وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ فَلْيُخَفِّفْ وَيُسَلِّمْ وَيُكَلِّمْهُ وَرُوِيَ نَحْوُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَذَلِكَ إنْ نَادَتْهُ أُمُّهُ فَلْيَبْتَدِرْهَا بِالتَّسْبِيحِ وَيُخَفِّفْ وَيُسَلِّمْ انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَطْعُ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ إجَابَةُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَاجِبَةً فَإِتْمَامُ النَّافِلَةِ أَيْضًا وَاجِبٌ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِالْمُبَادَرَةِ بِالتَّسْبِيحِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِهِ وَتَخْفِيفِ مَا هُوَ فِيهِ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ فَيَتَعَارَضُ حِينَئِذٍ وَاجِبَانِ يُقَدَّمُ أَوْكَدُهُمَا وَلَا شَكَّ أَنَّ إجَابَةَ الْوَالِدَيْنِ أَوْكَدُ لِوُجُوبِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِ إتْمَامِ النَّافِلَةِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ جُرَيْجٍ: قَوْلُهُ يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَابِدًا وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا إذْ بِأَدْنَى فِكْرَةٍ يُدْرِكُ أَنَّ صَلَاتَهُ كَانَتْ نَدْبًا وَإِجَابَةَ أُمِّهِ كَانَتْ وَاجِبَةً فَلَا تَعَارُضَ يُوجِبُ إشْكَالًا فَكَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَخْفِيفُ صَلَاتِهِ أَوْ قَطْعُهَا وَإِجَابَةُ أُمِّهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ تَكَرَّرَ مَجِيئُهَا انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ قَطْعُهَا، لَيْسَتْ أَوْ فِيهِ لِلتَّخْيِيرِ بَلْ لِلتَّنْوِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ دَلِيلُ قَوْلِهِ أُمِّي وَصَلَاتِي ظَاهِرُهُ تَعَارُضُ فَرْضَيْنِ وَقَدْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى تَخْفِيفِ ذَلِكَ وَإِجَابَتِهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا كَلَامُهَا لَكِنَّهُ لَعَلَّهُ خَشِيَ أَنْ تَدْعُوَهُ إلَى النُّزُولِ عَنْ صَوْمَعَتِهِ وَكَوْنُهُ مَعَهَا، أَوْ خَشِيَ أَنَّ مُفَاتَحَتَهَا بِالْكَلَامِ يَقْطَعُ عَزْمَهُ وَيُضْعِفُ عَقْدَهُ، وَلَعَلَّ شَرْعَهُ كَانَ يُوَافِقُ ذَلِكَ أَوْ يُخَالِفُهُ، وَلَا شَكَّ عِنْدَنَا أَنَّ بِرَّ أُمِّهِ فَرْضٌ وَالْعُزْلَةُ وَالصَّلَاةُ النَّافِلَةُ طُولَ لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَالْفَرْضُ مُقَدَّمٌ، وَلَعَلَّهُ غَلِطَ فِي إيثَارِ صَلَاتِهِ وَعُزْلَتِهِ فَلِذَلِكَ أَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَهَا، انْتَهَى. وَانْظُرْ الْفَرْقَ الثَّالِثَ وَالْعِشْرِينَ.
(فَرْعٌ) وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَمَنْ نَادَتْهُ أُمُّهُ وَزَوْجَتُهُ فَالزَّوْجَةُ مُقَدَّمَةٌ لِحَقِّهَا؛ لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ
ص (إلَّا لِإِصْلَاحِهَا فَبِكَثِيرِهِ)
ش: غَيْرُ الْمُؤَلِّفِ رحمه الله يُطْلِقُ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا لَا يُبْطِلُ وَالْمُؤَلِّفُ قَيَّدَهُ بِغَيْرِ الْكَثِيرِ، وَقَالَ شَارِحُهُ: إنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى كَلَامِ الْجَوَاهِرِ، وَكَلَامُ الْجَوَاهِرِ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ بَلْ قَالَ مَا نَصُّهُ الْأَوَّلُ مِنْ الْفُرُوعِ أَنَّهُ يَبْنِي إنْ كَانَ قَرِيبًا فَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ وَكَثُرَ الْفِعْلُ وَوَقَعَ اللَّغَطُ بَيْنَهُمْ وَالْمِرَاءُ وَتَرَدَّدَتْ الْمُرَاجَعَةُ بَيْنَهُمْ بَعْضَهُمْ مَعَ بَعْضٍ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَاسْتَأْنَفَهَا وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ بَلْ يَبْنِي وَإِنْ طَالَ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ بَلْ مُرَادُهُ بِهَذَا الْفَرْعِ مَا يَقُولُهُ الْمُؤَلِّفُ بَعْدَ هَذَا وَهُوَ قَوْلُهُ وَبَنَى إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَى آخِرِهِ فَهَذَا هُوَ مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَتَأَمَّلْ وَأَنْصِفْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا قُلْنَا إنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا لَا يُبْطِلُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا تَعَذُّرُ التَّسْبِيحِ وَالثَّانِي عَدَمُ إطَالَةِ الْكَلَامِ وَكَثْرَتِهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ طَالَ التَّرَاجُعُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ بِحَيْثُ يُؤَدِّي إلَى الْمِرَاءِ بَطَلَتْ، انْتَهَى. وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِأَنَّ الْكَلَامَ إذَا كَانَ سَهْوًا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ إذَا كَثُرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبِسَلَامٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ (فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ: مَنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَقَالَ السَّلَامُ وَلَمْ يَزِدْ ثُمَّ ذُكِّرَ فَرَاجَعَ الصَّلَاةَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ يُفْتِي بِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ وَسَمِعْنَا فِي الْمُذَاكَرَاتِ أَنَّهُ لَا سُجُودَ وَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَنْ الْبَاجِيِّ إنْ وَقَعَ سَهْوًا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ كَالْكَلَامِ وَيَتَحَصَّلُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُحْرِمُ مُطْلَقًا وَعَكْسُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقُرْبِ جِدًّا فَمَا فَوْقَهُ، انْتَهَى.
وَمِنْهُ نَقَلَ هَذَا الْكَلَامَ فِي مَسَائِلَ وَقَعَتْ فِي بَعْضِ فَتَاوَى الْإِفْرِيقِيِّينَ مَسْأَلَةِ مَنْ شَرَعَ فِي السَّلَامِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَكَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَ الْعِيدِ بَعْدَ السَّلَامِ فَتَرَكَ بَقِيَّةَ السَّلَامِ حَتَّى كَبَّرَ
مَعَ الْإِمَامِ الثَّلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَعَادَ أَبَدًا.
(قُلْت) يُرِيدُ؛ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِلَفْظِ السَّلَامِ جَاهِلًا قَبْلَ تَمَامِ الصَّلَاةِ فَبَطَلَتْ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَلَوْ كَبَّرَ مَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَلْفِظَ بِشَيْءٍ مِنْ سَلَامِهِ لَأَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ وَلَكِنْ يُكْرَهُ مِنْ بَابِ تَأْخِيرِ السَّلَامِ عَقِيبَ سَلَامِ الْإِمَامِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إذَا اشْتَغَلَ بِالتَّشَهُّدِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ، انْتَهَى.
ص (كَمُسْلِمٍ شَكَّ فِي الْإِتْمَامِ ثُمَّ ظَهَرَ الْكَمَالُ عَلَى الْأَظْهَرِ)
ش: وَمِنْ مَسَائِلَ وَقَعَتْ فِي فَتَاوَى بَعْضِ الْإِفْرِيقِيِّينَ مِنْ مَسَائِلِ الصَّلَاةِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ مَسْأَلَةُ مَنْ سَلَّمَ عَلَى شَكٍّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ كَمَالَهَا بَطَلَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(قُلْت) النَّصُّ فِيهَا الصِّحَّةُ كَمَنْ اعْتَقَدَ امْرَأَةً أَنَّهَا فِي عِدَّتِهَا فَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ خُرُوجُهَا مِنْ الْعِدَّةِ صَحَّ النِّكَاحُ وَغُرَّ وَسَلَّمَ، وَاخْتَارَ التُّونُسِيُّ فِي الْأُولَى الْبُطْلَانَ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بُطْلَانَهَا بِسَلَامِهِ وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَنْسُوبَةِ لِابْنِ قَدَّاحٍ مَنْ شَكَّ أَنَّ فِي جِسْمِهِ نَجَاسَةً فَتَمَادَى حَتَّى سَلَّمَ فَظَهَرَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ انْتَهَى.
ص (وَبِسُجُودِ الْمَسْبُوقِ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدِيًّا أَوْ قَبْلِيًّا إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً)
ش: هَذَا بَيِّنٌ وَلَا يُسْجَدُ لِذَلِكَ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَانْظُرْ الطِّرَازِ فَإِنَّ فِيهِ فُرُوعًا
ص (وَإِلَّا سَجَدَ وَلَوْ تَرَكَ إمَامَهُ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ مُوجِبَهُ)
ش: أَيْ وَإِنْ لَحِقَ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فَإِنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ إلَى آخِرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يَرَى السُّجُودَ كُلَّهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْكَافِي: لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يَرَى السُّجُودَ كُلَّهُ قَبْلَ السَّلَامِ سَجَدَ مَعَهُ ثُمَّ قَضَى مَا عَلَيْهِ انْتَهَى.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ لَا يَرَى السُّجُودَ فِيمَا سَجَدَ لَهُ الْإِمَامُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا لَوْ سَجَدَ الشَّافِعِيُّ لِلْقُنُوتِ فَإِنَّ الْمَالِكِيَّ يَتْبَعُهُ. قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فِي أَوَّلِ بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِيمَا إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا فَإِنَّهُ ذَكَرَ قَوْلَيْنِ: الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ الْمَأْمُومَ يُسَلِّمُ. الثَّانِي، لِابْنِ الْمَاجِشُونِ: أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُ وَلَا يَتَّبِعُهُ. قَالَ: وَاعْتَرَضَ الْأَوَّلَ ابْنُ هَارُونَ بِمَا إذَا قَامَ الْإِمَامُ الْخَامِسَةَ سَهْوًا فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يُسَلِّمَ فَيُسَلِّمُونَ بِسَلَامِهِ، وَاعْتَرَضَ غَيْرُهُ الثَّانِيَ بِأَنَّهُ يَقُولُ: إذَا سَجَدَ الْإِمَامُ لِسَهْوٍ لَا يَرَى الْمَأْمُومُ فِيهِ سُجُودًا فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَذْهَبِهِ (وَأُجِيبَ) بِأَنَّ تَرْكَ السُّجُودِ إظْهَارًا لِلْمُخَالَفَةِ الْمَمْنُوعَةِ بِخِلَافِ تَرْكِهَا فِي التَّكْبِيرِ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تُجْزِئُهُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ الْقَوِيِّ، انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ هَارُونَ رَأَيْتُهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا لَحِقَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً أَنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ أَشْهَبُ: إنَّمَا يَسْجُدُ إذَا قَضَى مَا فَاتَهُ، وَرَوَاهُ ابْنِ عَبْدُوسٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِذَا سَجَدَ مَعَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ ثُمَّ سَهَا بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ إمَامِهِ فَهَلْ يَغْتَنِي بِالسُّجُودِ الْأَوَّلِ؟ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَوْ لَا يَغْتَنِي بِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِنَاءً عَلَى اسْتِصْحَابِ حُكْمِ الْمَأْمُومِيَّةِ أَمْ لَا قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ ثَمَرَةِ هَذَا الْخِلَافِ وُجُوبُ الْقِرَاءَةِ فِيمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَسُقُوطُهَا خَلِيلٌ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَأْمُومِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ حُكْمُ الْمُنْفَرِدِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ لَمْ يَسْهُ ثُمَّ سَهَا الْمَأْمُومُ لَسَجَدَ اتِّفَاقًا وَعَلَى هَذَا فَفِي الْبِنَاءِ الَّذِي ذَكَرَهُ نَظَرٌ، وَلَكِنْ يُقَالُ: لَمْ يَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الِاكْتِفَاءَ بِالسُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ جَابِرٌ فَلَا يَنُوبُ عَنْ سَهْوٍ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ وَرَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ الِاكْتِفَاءَ؛ لِأَنَّ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ لَا يَتَكَرَّرَ فِيهَا السُّجُودُ انْتَهَى.
وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ هَذَا الْفَرْعُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَلَا سَهْوَ عَلَى مُؤْتَمٍّ حَالَةَ الْقُدْوَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفُهِمَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ وُجُوبُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْمَسْبُوقِ فِيمَا يَأْتِي بِهِ وَأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُنْفَرِدِ. قَالَ فِي الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْهَا وَيَنْحَازُ الَّذِي يَقْضِي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ إلَى مَا قَرُبَ مِنْ السَّوَارِي بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ أَوْ خَلْفِهِ وَيُقَهْقِرُ قَلِيلًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ صَلَّى مَكَانَهُ قَالَ ابْنُ نَاجِي عَنْ الْمَغْرِبِيِّ يَقُومُ مِنْهَا أَنَّ الْمُدْرِكَ حُكْمُهُ حُكْمُ
الْفَذِّ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ الْإِمَامِ بِنَفْسِ سَلَامِهِ وَأَمَّا سَلَامُهُ فَكَسَلَامِ الْفَذِّ وَفِيهِ خِلَافٌ (قُلْت) مَا ذَكَرَهُ صَحِيحٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، انْتَهَى.
وَحُكْمُهُ فِي الْقُنُوتِ تَقَدَّمَ وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الصُّبْحِ هَلْ يَقْنُتُ فِي رَكْعَةِ الْقَضَاءِ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ اُنْظُرْ مَا مَذْهَبُ أَبِي مُحَمَّدٍ فَإِنْ قُلْنَا مِنْ الْقِرَاءَةِ يَحْتَاجُ أَنْ لَا يَقْنُتَ إلَّا أَنَّ الْمَشْهُورَ يَقْنُتُ، انْتَهَى.
فَانْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ أَيْضًا اُنْظُرْ سَلَامَهُ كَسَلَامِ الْفَذِّ أَوْ كَلَامِ الْمَأْمُومِ الشَّيْخُ كَلَامُ الْمَأْمُومِ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْفَذِّ؛ لِأَنَّهُ يَدْعُو وَيُؤَمَّنُ عَلَى دُعَائِهِ، انْتَهَى. وَنَقَلَ الْأَخِيرَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَانْظُرْ قَوْلَ التَّوْضِيحِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ أَشْهَبُ إلَى آخِرِهِ مَعَ مَا حَكَاهُ هُوَ فِي بَابِ الِاسْتِخْلَافِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى سُجُودِ الْمَسْبُوقِ مَعَ إمَامِهِ (الثَّانِي) قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ إمَامَهُ أَمَّا إذَا كَانَ السُّجُودُ بَعْدِيًّا فَلَا شَكَّ فِي تَأْخِيرِهِ وَإِنْ كَانَ قَبْلِيًّا فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَعِنْدِي فِي دَلَالَةِ كَلَامِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا تَرَكَ الْإِمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَ قِيَامِهِ نَظَرٌ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ وَهُوَ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الْبَعْدِيَّ أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ قِيَامِهِ، انْتَهَى.
وَقَدْ بَحَثْت عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِينَ فَلَمْ أَجِدْهَا، وَرَأَيْت فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ لِلْمَازِرِيِّ فِي تَعْلِيلِ سُجُودِ الْمَسْبُوقِ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْقَبْلِيِّ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ فِي الْبَعْدِيِّ، وَنَصُّهُ فِي تَعْلِيلِ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ إذْ لَوْ لَمْ يُتَابِعْهُ فِيهِ لَكَانَ مُخَالِفًا عَلَيْهِ وَهُوَ يُتَابِعُهُ فِيمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِثْلُ مَا إذَا أَدْرَكَهُ سَاجِدًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْتَدُّ بِالسُّجُودِ، وَقَالَ فِي تَعْلِيلِ الْآخَرِ: وَإِنْ كَانَ بَعْدَ السَّلَامِ لَمْ يَسْجُدْ إلَّا بَعْدَ قَضَائِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ خَرَجَ بِالتَّسْلِيمِ عِنْدَنَا مِنْ الصَّلَاةِ وَتَحَلَّلَ مِنْهَا فَلَمْ يَكُنْ فِي تَأَخُّرِ الْمَأْمُومِ عَنْ السُّجُودِ مَعَهُ مُخَالَفَةٌ عَلَى الْإِمَامِ لِزَوَالِ الْإِمَامَةِ بِالتَّسْلِيمِ، انْتَهَى.
فَهَذَا يَقْتَضِي تَأْخِيرَهُ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَانْظُرْ إذَا كَانَ عَلَى الْإِمَامِ سُجُودُ سَهْوٍ قَبْلَ السَّلَامِ فَسَهَا عَنْهُ حَتَّى سَلَّمَ وَقَصَدَ إلَى أَنْ يَسْجُدَهُ بَعْدَهُ فَهَلْ يَسْجُدُهُ الَّذِي حَصَلَتْ لَهُ رَكْعَةٌ مَعَهُ اعْتِبَارًا بِأَصْلِهِ أَوْ لَا يَسْجُدُ اعْتِبَارًا بِمَا آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ؟ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ هَذَا السُّجُودُ مِمَّا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ لَوْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ وَإِلَّا فَلَا، انْتَهَى.
وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَزَادَهُ وَذَكَرْتُهُ فِي دَرْسِ شَيْخِنَا أَبِي مَهْدِيٍّ فَاسْتَحْسَنَهُ وَصَوَّبَهُ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ مَعَهُ مُطْلَقًا لِعُمُومِ قَوْلِهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدِيًّا فَلَا يَسْجُدُ وَأَجَبْتُهُ بِأَنَّ مَا فِيهَا إنَّمَا هُوَ فِي الْبَعْدِيِّ الْأَصْلِيِّ أَمَّا الطَّارِئُ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ أَلْبَتَّةَ، انْتَهَى. وَشَيْخُهُ هُوَ الْبُرْزُلِيُّ كَمَا قَرَّرَ فِي اصْطِلَاحِهِ فَهَذَا يُقَوِّي مَا ذَكَرْنَاهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَخْرِيجُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَسْبُوقِ الْمُسْتَخْلَفِ إذَا كَانَ عَلَى إمَامِهِ سُجُودُ سَهْوٍ قَبْلَ السَّلَامِ هَلْ يَسْجُدُ بَعْدَ إكْمَالِ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) وَفِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ مَسْأَلَةُ مَسْبُوقٍ لَمْ يَسْجُدْ مَعَ الْإِمَامِ الْقَبْلِيِّ حَتَّى أَتَمَّ صَلَاتَهُ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ.
(قُلْت) كَانَ يَتَقَدَّمُ لَنَا فِي الْمَجَالِسِ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِمَامِ فِي الْأَفْعَالِ وَهَذَا عَلَى مُرَاعَاةِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ؛ لِأَنَّ مَا أَدْرَكَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَحَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ آخِرَ صَلَاتِهِ يَسْجُدُ مَعَهُ وَإِلَّا أَعَادَ أَبَدًا، انْتَهَى.
مِنْ الْبُرْزُلِيِّ أَيْضًا مِنْ مَسَائِلِ الصَّلَاةِ مَسْأَلَةُ إمَامٍ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ بَعْدَ السَّلَامِ فَسَجَدَهُ فِي مَحِلِّهِ وَسَجَدَهُ الْمَأْمُومُونَ قَبْلَ سَلَامِهِمْ ثُمَّ سَلَّمُوا فَعَنْ اللَّخْمِيِّ تَصِحُّ صَلَاتُهُمْ.
(قُلْت) بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَدَّمَ الْبَعْدِيَّ، وَأَمَّا لَوْ أَخَّرَ الْإِمَامُ الْقَبْلِيَّ وَسَجَدَهُ بَعْدَ السَّلَامِ فَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ إنَّ الْمَأْمُومِينَ يَسْجُدُونَهُ قَبْلَ السَّلَامِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مِمَّا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ الصَّلَاةَ فَكَأَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَهُ فِي السَّلَامِ وَفِي السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ الْقَبْلِيِّ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ قَبْلَهُ، انْتَهَى.
ص