الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكَلَامُ، وَفِي الِاسْتِغْنَاءِ: لَا يُكْرَهُ نَوْمُ مَنْ اتَّصَلَ سَهَرُهُ وَقِيَامُهُ مِنْ اللَّيْلِ بِهِ انْتَهَى.
، وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: وَالْكَلَامُ الْمَكْرُوهُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ الْخَوْضُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا فَأَمَّا بِالْعِلْمِ وَبِذِكْرِ اللَّهِ، فَلَا انْتَهَى.
(الثَّالِثُ) قَالَ فِي الْمَدْخَلِ: مَنْ تَرَكَ الْكَلَامَ وَأَقْبَلَ عَلَى الذِّكْرِ أُجِرَ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ عَلَى الذِّكْرِ وَمَنْ تَرَكَ الْكَلَامَ، وَلَمْ يُقْبِلْ عَلَى الذِّكْرِ أُجِرَ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ عِنْدَ مَالِكٍ نَقَلَهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ فُصُولِ الْعَالِمِ عَنْ الْبَيَانِ لِابْنِ رُشْدٍ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ فِي الْبَيَانِ فِي أَثْنَاءِ الرَّسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ، وَنَصُّهُ: فَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ الْكَلَامَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَأَقْبَلَ عَلَى الذِّكْرِ أُجِرَ عَلَى الذِّكْرِ، وَعَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ، وَإِنْ تَرَكَ الْكَلَامَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أُجِرَ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ عِنْدَ مَالِكٍ وَعِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَا يُؤْجَرُ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ، وَإِنَّمَا يُؤْجَرُ عَلَى الذِّكْرِ خَاصَّةً إنْ ذَكَرَ اللَّهَ - تَعَالَى - كَمَا يَقُولُ مَالِكٌ فِي تَرْكِ الْكَلَامِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ انْتَهَى.
ص (وَضِجْعَةٌ بَيْنَ صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ)
ش: أَطْلَقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكَرَاهَةَ، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَتُكْرَهُ الضِّجْعَةُ بَيْنَ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إذَا أُرِيدَ بِهَا فَصْلٌ بَيْنَهُمَا فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَجَائِزٌ انْتَهَى.
ص (وَالْوَتْرُ سُنَّةٌ آكَدُ ثُمَّ عِيدٌ ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ)
ش: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةٍ فِي رَسْمٍ مَرِضَ وَلَهُ أُمُّ وَلَدٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ صَلَاةُ الْوَتْرِ فِي الْفَضْلِ، إذَا قِيلَ: إنَّهَا وَاجِبَةٌ ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ ثُمَّ مَا كَانَ مِنْ الصَّلَاةِ سُنَّةً ثُمَّ مَا كَانَ مِنْهَا فَضِيلَةً ثُمَّ مَا كَانَ مِنْهَا نَافِلَةً انْتَهَى.
وَنَصَّ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي الْجَوَاهِرِ فِي بَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ الرَّوَاتِبَ، وَمَا شُرِعَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا كَالْعِيدَيْنِ وَكُسُوفِ الشَّمْسِ وَالِاسْتِسْقَاءِ فَهِيَ أَفْضَلُ مِمَّا تَقَدَّمَ سِوَى الْوَتْرِ قَالَ: وَآكَدُ هَذِهِ السُّنَنِ الْعِيدَانِ ثُمَّ الْكُسُوفُ انْتَهَى.
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ تَقْدِيمُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى الْوَتْرِ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: مِمَّا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى تَرْكِ الْمَنْدُوبَاتِ الْمُؤَكَّدَةِ كَالْوَتْرِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فِي تَفْسِيقِ تَارِكِ الْوَتْرِ، قَالَ: لِاسْتِخْفَافِهِ بِالسُّنَّةِ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ وَمَنْ اسْتَخَفَّ بِالسُّنَّةِ فُسِّقَ، فَإِنْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ بَلَدٍ حُورِبُوا انْتَهَى.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَ حَدِيثِ ضِمَامٍ مِنْ كِتَابِ الْإِيمَانِ مَنْ تَرَكَ التَّطَوُّعَاتِ، وَلَمْ يَعْمَلْ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَقَدْ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ رِبْحًا عَظِيمًا وَثَوَابًا جَسِيمًا، وَمَنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ السُّنَنِ كَانَ ذَلِكَ نَقْصًا فِي دِينِهِ، وَقَدْ حَافَى عَدَالَتَهُ فَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ تَهَاوُنًا بِهَا وَرَغْبَةً عَنْهَا كَانَ ذَلِكَ فِسْقًا يَسْتَحِقُّ بِهِ ذَمًّا، وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَوْ أَنَّ أَهْلَ بَلْدَةٍ تَوَاطَئُوا عَلَى تَرْكِ سُنَّةٍ لَقُوتِلُوا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْجِعُوا انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: ثُمَّ كُسُوفٌ يَعْنِي كُسُوفَ الشَّمْسِ، كَمَا هُوَ فِي كَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي مَحِلِّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (فَائِدَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الْهُمَامِ الْحَنَفِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ فِي بَابِ النَّوَافِلِ: إنَّ سُنَّةَ الْفَجْرِ أَقْوَى السُّنَنِ حَتَّى رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ صَلَّاهَا قَاعِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ، وَقَالُوا: الْعَالِمُ إذَا صَارَ مَرْجِعًا لِلْفَتْوَى جَازَ لَهُ تَرْكُ سَائِرِ السُّنَنِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى السُّنَنِ انْتَهَى.
ص (وَوَقْتُهُ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَشَفَقٍ لِلْفَجْرِ)
ش: قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَوَقْتُ الْعِشَاءِ الْمُخْتَارُ شَرْطُهُ أَيْ الْوَتْرِ فَلَوْ صُلِّيَتْ فِي الضَّرُورِيِّ بِالتَّقْدِيمِ فَالْمَشْهُورُ تُؤَخَّرُ إلَى مُخْتَارِهَا، وَهُوَ مَغِيبُ الشَّفَقِ، وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ لَيْلَةَ الْجَمْعِ، وَأَمَّا الضَّرُورِيُّ بِالتَّأْخِيرِ فَأَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَمْتَدُّ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ انْتَهَى.
[فَرْعٌ أَوْتَرَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَوْتَرَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ أَوْ بَعْدَ أَنْ صَلَّاهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَعَادَهُ بَعْدَهَا انْتَهَى.
وَنَقَلَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ مَسَائِلِ ابْنِ قَدَّاحٍ: مَسْأَلَةٌ مَنْ ذَكَرَ الظُّهْرَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَأَوْتَرَ صَلَّاهَا، وَأَعَادَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَفِي
إعَادَةِ الْوَتْرِ قَوْلَانِ، وَقَالَ بَعْدَهُ بِنَحْوِ وَرَقَتَيْنِ فِي مَسَائِلِ بَعْضِ الْعَصْرِيِّينَ مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ الْوَتْرِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ سَلَّمَ مِنْ ثَلَاثٍ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَيُعِيدُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ لِلتَّرْتِيبِ، وَفِي إعَادَةِ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قَوْلَانِ لِسَحْنُونٍ وَيَحْيَى بْنِ عُمَرَ سَبَبُهُ تَعَارُضُ عُمُومِيَّيْنِ قَوْلِهِ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وَتْرًا» وَقَوْلِهِ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» انْتَهَى.
، وَلَمْ يَذْكُرْ إعَادَةَ الْمَغْرِبِ وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يُعِيدُهَا أَيْضًا ثُمَّ قَالَ: مَسْأَلَةٌ جَالِسٌ فِي الْوَتْرِ فَذَكَرَ سَجْدَةً، وَلَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ الصَّلَوَاتِ هِيَ أَعَادَ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا وَيَشْفَعُ وَيُوتِرُ انْتَهَى.
وَفِي النَّوَادِرِ فِي بَابِ إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي بَيْتِهِ أَوْتَرَ، فَلَا يُعِيدُهَا فِي جَمَاعَةٍ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ فَعَلَ فَلْيُعِدْ الْوَتْرَ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: لَا يُعِيدُ الْوَتْرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ ذَكَرَ الْمَغْرِبَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَأَوْتَرَ فَلْيُصَلِّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ يُعِيدُ الْعِشَاءَ وَالْوَتْرَ انْتَهَى.
فَانْظُرْهُ لَمْ يَحْكِ فِي مَسَائِلِ إعَادَةِ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ إلَّا أَنَّهُ يُعِيدُ الْوِتْرَ، وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ قَدَّاحٍ وَبَعْضِ الْعَصْرِيِّينَ الْقَوْلَيْنِ، وَلَمْ يَحْكِهِمَا فِي النَّوَادِرِ إلَّا عَنْ إعَادَةِ الْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يَحْكِيَا الْقَوْلَيْنِ إلَّا فِي إعَادَةِ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ وَكَذَلِكَ حَكَاهُمَا ابْنُ رُشْدٍ فِي آخِرِ مَسَائِلَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَعَلَّلَ قَوْلَ سَحْنُونٍ بِأَنَّهُ لَمَّا اُحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ فَرْضَهُ فَقَدْ بَطَلَ فَرْضُهُ فَيُعِيدُ احْتِيَاطًا وَعَلَّلَ قَوْلَ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بِأَنَّهُ لَمَّا اُحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى صَلَاتَهُ لَمْ تَبْطُلْ بِالشَّكِّ وَلِئَلَّا يَقَعَ وَتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ انْتَهَى.
وَلَمْ يَعْزُ الْأَوَّلَ إلَّا لِسَحْنُونٍ، وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ وَمَسْأَلَةُ إعَادَةِ الصَّلَاةِ لِلْفَوَائِتِ سَوَاءً لَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ: أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يُعِيدُ الْوَتْرَ إذَا أَعَادَ الْعِشَاءَ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا لَهُ مُخَالِفًا إلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ قَدَّاحٍ وَمَنْ مَعَهُ وَمِثْلُهُ مَنْ أَعَادَ الْعِشَاءَ لِصَلَاتِهِ إيَّاهَا بِنَجَاسَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْت مَالِكًا فِيمَنْ أَوْتَرَ فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُوتِرْ فَأَوْتَرَ مَرَّةً أُخْرَى ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ أَوْتَرَ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: أَرَى أَنْ يَشْفَعَ وَتْرَهُ الْآخَرَ، وَيَجْتَزِئَ بِالْأَوَّلِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ فَيَشْفَعُ وَتْرَهُ الْآخَرَ يُرِيدُ إذَا كَانَ بِقُرْبِ ذَلِكَ، وَتَكُونُ نَافِلَةً؛ إذْ يَجُوزُ لِمَنْ أَحْرَمَ بِوَتْرٍ أَنْ يَجْعَلَهُ شَفْعًا كَمَا يَجُوزُ لِمَنْ صَلَّى مِنْ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ رَكْعَةً ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ صَلَّاهَا أَنَّهُ يُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى، وَتَكُونُ لَهُ نَافِلَةً، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ شَفْعٍ أَنْ يَجْعَلَهَا وَتْرًا، وَلَا يَبْنِيَ عَلَيْهَا فَرْضًا؛ لِأَنَّ نِيَّةَ السُّنَّةِ أَوْ الْفَرْضِ مُقْتَضِيَةٌ لِنِيَّةِ النَّفْلِ، وَلَا يَقْتَضِي نِيَّةَ السُّنَّةِ، وَلَا الْفَرْضِ، وَهَذَا كُلُّهُ بَيِّنٌ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى.
(قُلْت) ، وَقَدْ حَكَى سَنَدٌ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ خِلَافًا اُنْظُرْهُ.
ص (وَضَرُورِيَّةٌ لِلصُّبْحِ)
ش: ابْنُ عَرَفَةَ، فَلَا يَقْضِي بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ اتِّفَاقًا، وَقَالَهُ اللَّخْمِيُّ
ص (وَنُدِبَ قَطْعُهَا لِفَذٍّ لَا مُؤْتَمٍّ، وَفِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْوَتْرَ فَإِنْ كَانَ فَذًّا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ صَلَاةَ الصُّبْحِ لِأَجْلِ الْوَتْرِ ثُمَّ يُصَلِّيَ الشَّفْعَ وَالْوَتْرَ إنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا، وَهَذَا ظَاهِرٌ ثُمَّ يُعِيدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ، فَلَا يَقْطَعُ الصُّبْحَ لِأَجْلِ الْوَتْرِ بَلْ يَسْتَمِرُّ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ وَهَذِهِ إحْدَى مَسَاجِينِ الْإِمَامِ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِمَامِ هَلْ يَقْطَعُ الصُّبْحَ لِأَجْلِ الْوَتْرِ أَمْ لَا فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ أَيْ فِي اسْتِحْبَابِ الْقَطْعِ وَالْبِنَاءِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنِ الْفَذِّ وَغَيْرِهِ هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا، وَإِذَا كَانَ خَلْفَ إمَامٍ فِي الصُّبْحِ أَوْ وَحْدَهُ فَذَكَرَ الْوَتْرَ فَقَدْ اسْتَحَبَّ لَهُ مَالِكٌ أَنْ يَقْطَعَ وَيُوتِرَ ثُمَّ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ؛ لِأَنَّ الْوَتْرَ سُنَّةٌ، وَهُوَ لَا يَقْضِي بَعْدَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَرْخَصَ مَالِكٌ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَتَمَادَى انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَالَ فِي الطِّرَازِ: إذَا قُلْنَا: لَا يَقْطَعُ الْمَأْمُومُ بِخِلَافِ الْفَذِّ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ فَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ لِقَطْعِهِ وَتْرَهُ تَفُوتُهُ جَمَاعَةُ
الصُّبْحِ فَلَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْهَا قَطَعَ وَكَانَ كَالْفَذِّ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَلَوْ مُنِعَ مِنْ الْقَطْعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا حُرْمَةُ الْمَكْتُوبَةِ فَقَطْ، وَحُرْمَةُ الْمَكْتُوبَةِ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ الْفَذِّ، وَلَا تَمْنَعُهُ مِنْ الْقَطْعِ انْتَهَى.
(الثَّانِي) : زَادَ فِي الْأُمِّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَلَكِنَّ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ بِهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ أَنْ يَقْطَعَ، وَإِنْ كَانَ خَلْفَ إمَامٍ فِيمَا رَأَيْتُهُ وَوَقَفْت عَلَيْهِ فَرَأَيْت ذَلِكَ أَحَبَّ إلَيْهِ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَأَسْقَطَهُ الْبَرَاذِعِيّ فِي اخْتِصَارِهِ (الثَّالِثُ) قَالَ فِي الطِّرَازِ رَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الْوَتْرَ فَلْيَقْطَعْ كَانَ إمَامًا أَوْ وَحْدَهُ أَوْ مَأْمُومًا إلَّا أَنْ يُسْفِرَ جِدًّا وَرَوَى مِثْلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ انْتَهَى.
وَالْقَصْدُ مِنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْقَطْعِ مَا لَمْ يُسْفِرْ جِدًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعُ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمُ أَنَّ الْفَذَّ يَقْطَعُ سَوَاءٌ رَكَعَ أَوْ لَمْ يَرْكَعْ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَفِي التَّفْرِقَةِ فِي عَقْدِ رَكْعَةٍ قَوْلَانِ قَالَ الْقَابِسِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ الَّذِي قَدَّمَهُ ابْنُ بَشِيرٍ: الْقَطْعُ مُطْلَقًا عَقَدَ أَمْ لَمْ يَعْقِدْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ وَالشَّامِلِ وَالْقَرَافِيِّ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَرْكَعَ أَمْ لَا وَعَزَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ لِبَعْضِ شُيُوخِهِ، وَقَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ: إنَّمَا الْخِلَافُ مَا لَمْ يَرْكَعْ فَإِنْ رَكَعَ تَمَادَى فَذًّا كَانَ أَوْ إمَامًا (قُلْت) وَعَزَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ لِبَعْضِ النَّاسِ، ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي التَّهْذِيبِ انْتَهَى.
كَلَامُ ابْنِ نَاجِي وَفُهِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَطْعُ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (الْخَامِسُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ: يَقْطَعُ الصُّبْحَ لِذِكْرِ الْوَتْرِ إلَّا أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَالصَّحِيحُ عَنْهُ: أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ قَالَ: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْطَعُ لِذِكْرِ الْوَتْرِ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ نَاجِي: تَعَقَّبَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ بِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: إنَّ الْمَأْمُومَ يَقْطَعُ انْتَهَى.
(قُلْت) وَيُتَعَقَّبُ أَيْضًا قَوْلُهُ: الصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ بِأَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّادِسُ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: وَأَمَّا لَوْ ذَكَرَ الْوَتْرَ فِي الْفَجْرِ فَاَلَّذِي كُنْتُ أَقُولُ بِهِ إنَّهُ يَقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَقْطَعُ فِي الصُّبْحِ فِي قَوْلٍ فَأَحْرَى أَنْ يَقْطَعَ هُنَا، وَلَا يُخْتَلَفُ فِيهِ، وَكَانَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْبُرْزُلِيَّ لَا يَرْتَضِي ذَلِكَ مِنِّي، وَيَعْتَلُّ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْطَعْ فِي الصُّبْحِ فَاتَ الْوَتْرُ، وَهَا هُنَا إذَا تَمَادَى عَلَى الْفَجْرِ لَا يَفُوتُ بَلْ يُعِيدُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ فِيمَنْ ذَكَرَ مَنْسِيَّةً بَعْدَ أَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا وَيُعِيدُ الْفَجْرَ حَسْبَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ بَعْدُ، وَكَانَ شَيْخُنَا - حَفِظَهُ اللَّهُ - يَحْمِلُهُ عَلَى خِلَافِ الْمَذْهَبِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا تُعَادُ الْفَرَائِضُ فِي التَّرْتِيبِ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ انْتَهَى.
(قُلْت) : مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ ذَكَرَهُ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا، وَنَصَّهُ سَحْنُونٌ وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً بَعْدَ أَنْ رَكَعَ الْفَجْرَ صَلَّاهَا، وَأَعَادَ رَكْعَتَيْ الْفَجْر انْتَهَى.
وَقَبِلَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا بَعْدَ أَنْ رَكَعَ الْفَجْرَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إذَا صَلَّى الْمَنْسِيَّةَ كَمَا يُعِيدُ الصُّبْحَ إذَا صَلَّاهَا فَأَعْطَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ حُكْمَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي التَّرْتِيبِ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهَا انْتَهَى.
وَذَكَرَهُ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ أَيْضًا لَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ، وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ مَنْ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ ذَكَرَ الْوَتْرَ أَنَّهُ يُصَلِّي الْوَتْرَ، وَيُعِيدُ الْفَجْرَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِصَلَاةِ سُنَّةٍ انْتَهَى.
مِنْ آخِرِ بَابِ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ، وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ إنَّمَا يَقَعُ بَيْنَ الْفَرَائِضِ انْتَهَى.
وَانْظُرْ ابْنَ نَاجِي الْكَبِيرَ (السَّابِعُ) : إذَا قُلْنَا يَقْطَعُ الْإِمَامُ، فَهَلْ يَقْطَعُ الْمَأْمُومُ كَمَا إذَا ذَكَرَ الْمَأْمُومُ صَلَاةً قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ فَإِذَا قَطَعَ صَلَاتَهُ بِالْكَلَامِ فَصَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ صَحِيحَةٌ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ انْتَهَى.
ص (وَإِنْ لَمْ
يَتَّسِعْ الْوَقْتُ إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ تَرَكَهُ لَا لِثَلَاثٍ)
ش: الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ: الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ نَسِيَ الْوَتْرَ أَوْ نَامَ عَنْهُ حَتَّى أَصْبَحَ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُوتِرَ وَيَرْكَعَ لِلْفَجْرِ، وَيُصَلِّيَ الصُّبْحَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى الْوَتْرِ وَالصُّبْحِ صَلَّاهُمَا، وَتَرَكَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى الصُّبْحِ صَلَّاهَا، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلْوَتْرِ، وَإِنْ أَحَبَّ رَكَعَ الْفَجْرَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَإِنَّ أَصْحَابَ الْأَعْذَارِ إذَا صَلَّوْا فِيهِ كَانُوا مُؤَدِّينَ قَالَ: وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَقِيلَ: قَاضٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: مُؤَدٍّ عَاصٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَقِيلَ: مُؤَدٍّ وَقْتَ كَرَاهَةٍ وَرَدَّهُ اللَّخْمِيُّ بِنَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى التَّأْثِيمِ وَرَدَ بِأَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنْ يَرْكَعَ الْوَتْرَ، وَإِنْ فَاتَتْ رَكْعَةٌ مِنْ الصُّبْحِ انْتَهَى.
وَكَلَامُهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ وَلِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِهَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمَّا أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْمَحَلِّ: وَقَوْلُهُ: وَرَدَ بِأَنَّ الْمَنْصُوصَ إلَى آخِرِهِ أَيْ رَدَّ الْإِجْمَاعَ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَّا رَكْعَتَانِ، وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الْوَتْرَ أَنَّهُ يُصَلِّي الْوَتْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَرَكْعَةً خَارِجَهُ، وَلَوْ كَانَ الْإِجْمَاعُ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ لَلَزِمَ تَقْدِيمُ الصُّبْحِ حَتَّى لَا يَحْصُلَ الْإِثْمُ، وَيُتْرَكَ الْوَتْرُ الَّذِي لَا إثْمَ فِيهِ، وَالْعَجَبُ مِنْهُ كَيْفَ قَالَ هُنَا: وَفِي بَابِ الْوَتْرِ الْمَنْصُوصُ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: تَقْدِيمُ الصُّبْحِ وَإِنَّمَا الَّذِي ذَكَرَهُ قَوْلُ أَصْبَغَ انْتَهَى.
وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي بَابِ الْوَتْرِ، وَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ إلَّا عَنْ رَكْعَةٍ فَالصُّبْحُ، وَإِذَا اتَّسَعَ لِثَانِيَةٍ فَالْوَتْرُ عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَيَلْزَمُ الْقَائِلَ بِالتَّأْثِيمِ تَرْكُهُ انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ الْمَنْصُوصِ فِي كَلَامِهِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَوْقَاتِ أَنَّهُ قَوْلُ أَصْبَغَ وَأَنَّ مُقَابِلَهُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَفِي كَلَامِهِ نَظَرٌ وَيُقَالُ: إنَّ مُتَقَدِّمِي الشُّيُوخِ كَانُوا إذَا نُقِلَتْ لَهُمْ مَسْأَلَةٌ مِنْ غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَهِيَ فِيهَا مُوَافِقَةٌ لِمَا فِي غَيْرِهَا عَدُّوهُ خَطَأً فَكَيْفَ إذَا كَانَ الْحُكْمُ فِي غَيْرِهَا مُخَالِفًا انْتَهَى.
ص (وَلِخَمْسٍ صَلَّى الشَّفْعَ، وَلَوْ قَدَّمَ)
ش: عَزَا هَذَا الْقَوْلَ فِي التَّوْضِيحِ لِأَصْبَغَ، وَلَمْ يَعْزُ مُقَابِلَهُ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا رَكْعَتَانِ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ، وَأَدْرَكَ الصُّبْحَ بِوَاحِدَةٍ، وَإِنْ بَقِيَ أَرْبَعٌ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ، وَأَدْرَكَ الصُّبْحَ بِوَاحِدَةٍ، وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَقَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى فِي رَسْمٍ أَسْلَمَ إنْ ذَكَرَ الْوَتْرَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَإِنْ كَانَ رَكَعَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ شَفَعَ ابْنُ رُشْدٍ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ» وَقَالَ فِي أَوَاخِرِ أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَأَمَّا لَوْ ذَكَرَ الْوَتْرَ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَكَانَ رَكَعَ بَعْدَ الْعِشَاءِ لَأَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ عَلَى مَا فِي رَسْمٍ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ عِيسَى قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِمَا جَاءَ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى.
، وَمَا حَكَاهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالِاتِّفَاقِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَيْنِ وَعَزَاهُمَا لِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ وَذَكَرَ مَسْأَلَةَ سَمَاعِ عِيسَى لَكِنَّهُ عَزَاهَا لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَيْسَتْ فِيهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ، وَقَدْ ظَهَرَ قُوَّةُ الْقَوْلِ أَنَّهُ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ لِحِكَايَةِ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ
ص (وَلِسَبْعٍ زَادَ الْفَجْرَ)
ش: هَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ قَوْلُ أَصْبَغَ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَدْ تَنَفَّلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ لَا يُعِيدُ الشَّفْعَ فَتَأَمَّلْهُ
ص (وَهِيَ رَغِيبَةٌ تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا)
ش: وَرَوَى أَبُو دَاوُد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي سُنَنِهِ فِي بَابِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا تَدَعُوهُمَا، وَإِنْ طَرَدَتْكُمْ الْخَيْلُ» وَمَعْنَى طَرَدَتْكُمْ الْخَيْلُ أَيْ تَبِعَتْكُمْ الْخَيْلُ وَكَانَتْ فِي أَثَرِكُمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ فِي الصِّحَاحِ مَرَّ فُلَانٌ يَطْرُدُهُمْ أَيْ يَشَلُّهُمْ وَيَكْسُوهُمْ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي بَابِ السَّلَامِ شَلَلْت الْإِبِلَ أَشَلُّهَا شَلًّا إذَا
طَرَدْتهَا انْتَهَى.
، وَقَالَ فِي بَابِ الْهَمْزَةِ كَسَأْتُهُ تَبِعْتُهُ يُقَالُ لِلرَّجُلِ إذَا هُزِمَ الْقَوْمُ فَمَرَّ، وَهُوَ يَطْرُدُهُمْ: مَرَّ فُلَانٌ يَكْسُوهُمْ وَيَكْسَعُهُمْ أَيْ يَتْبَعُهُمْ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهَا رَغِيبَةٌ قَالَ الشَّارِحُ: هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ لِقَوْلِهِ: وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ مِنْ الرَّغَائِبِ، وَقِيلَ: مِنْ السُّنَنِ، وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي لِمَالِكٍ وَبِهِ أَخَذَ أَشْهَبُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى.
(قُلْت) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ ابْنُ غَلَّابٍ فِي وَجِيزِهِ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ السُّنِّيَّةُ انْتَهَى.
وَذَكَرَ ابْنُ نَاجِي أَيْضًا أَنَّهُ وَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهَا سُنَّةٌ
ص (وَلَا تُجْزِئُ إنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إحْرَامِهَا لِلْفَجْرِ، وَلَوْ بِتَحَرٍّ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَحَرَّى طُلُوعَ الْفَجْرِ فَصَلَّاهُمَا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ صَلَّاهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ يُعِيدُهُمَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَعَهُمَا مَعَ التَّحَرِّي إذَا ظَنَّ الْفَجْرَ طَلَعَ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ سَنَدٌ: لِأَنَّهُ إذَا تَحَرَّى الْفَجْرَ مُنِعَ مِنْ النَّفْلِ فِيهِ، فَإِذَا فَعَلَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَقَدْ أَوْقَعَهُمَا فِي وَقْتٍ ثَبَتَ لَهُ بِحُكْمِ التَّبَعِيَّةِ انْتَهَى.
وَهُمَا بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّيهَا حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْوَقْتُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَنَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ)
ش: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يَرْكَعُ التَّحِيَّةَ ثُمَّ يَرْكَعُ انْتَهَى. مِنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشَّيْخِ زَرُّوق
ص (وَإِنْ فَعَلَهَا بِبَيْتِهِ لَمْ يَرْكَعْ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَرْكَعُ وَجَعَلَهُ ابْنُ بَشِيرٍ مَشْهُورًا أَيْضًا قَالَ: وَعَلَيْهِ يَنْوِي بِرُكُوعِهِ النَّافِلَةَ أَوْ إعَادَةَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فَنِيَّةُ النَّافِلَةِ تَعْوِيلٌ عَلَى الْأَمْرِ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَنِيَّةُ الْإِعَادَةِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الرَّفْضِ انْتَهَى.
ص (وَلَا يَقْضِي غَيْرَ فَرْضٍ إلَّا هِيَ فَلِلزَّوَالِ) ش هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ: لَا يَقْضِيهِمَا (تَنْبِيهٌ)، وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ نَامَ عَنْ الصُّبْحِ، قَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلِّيهِمَا مَعَ الصُّبْحِ بَعْدَ الشَّمْسِ، وَمَا بَلَغَنِي أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَضَاهُمَا يَوْمَ الْوَادِي، وَقَالَ أَشْهَبُ بَلَغَنِي وَيَقْضِيهِمَا، وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ وَيُعَضِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا انْتَهَى.
وَقَالَ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ فِي حَدِيثِ الْوَادِي، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الصُّبْحِ هَلْ يُصَلِّي قَبْلَهَا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد إلَى الْأَخْذِ بِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَعَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَا يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الصُّبْحِ الْفَائِتَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ أَخْذًا بِحَدِيثِ
ابْنِ شِهَابٍ وَمَنْ وَافَقَهُ وَلِأَنَّهَا تَزْدَادُ بِصَلَاةِ مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ فَوْتًا انْتَهَى.
وَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَإِذَا نَامَ عَنْ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَلِّي الصُّبْحَ خَاصَّةً ثُمَّ يُصَلِّي الْفَجْرَ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ إنْ صَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ الصُّبْحِ يَكُونُ ذَلِكَ تَأْخِيرًا لِلصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَذْكُرُهَا فَذَلِكَ وَقْتُهَا» ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُصَلِّي الْفَجْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ انْتَهَى.
وَذَكَرَ فِي الشَّامِلِ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَتَمِّ اخْتِصَارٍ فَقَالَ: فَإِنْ فَاتَتَاهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ حَالِ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ لَا بَعْدَهُ، وَلَا فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَهَلْ قَضَاءً أَوْ يَنُوبَانِ عَنْهُمَا قَوْلَانِ، وَعَلَى الْقَضَاءِ فَالْمَشْهُورُ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الصُّبْحِ الْمَقْضِيَّةِ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَقِيلَ: يُقَدِّمُهُمَا وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ انْتَهَى.
وَأَصْلُهُ مِنْ التَّوْضِيحِ الْبَاجِيُّ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ ذَكَرَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَقَالَ مَالِكٌ يُصَلِّي الصُّبْحَ فَقَطْ، وَمَا بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَاهُمَا حِينَ نَامَ عَنْ الصَّلَاةِ، وَقَالَ أَشْهَبُ بَلَغَنِي ذَلِكَ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالصُّبْحِ.
(قُلْت) وَحَكَى ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ ابْنِ زِيَادٍ كَأَشْهَبَ قَالَ: وَرَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «صَلَّاهُمَا حِينَ نَامَ يَوْمَ الْوَادِي ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ» انْتَهَى.
وَكَانَ ابْنُ نَاجِي لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ الْبَاجِيِّ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ عَزَا فِيهِ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُصَلِّي الْفَجْرَ أَوَّلًا ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ لِأَشْهَبَ وَابْنِ زِيَادٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ، وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَلَهُ نَحْوُهُ أَيْضًا فِي تَرْجَمَةِ مَا جَاءَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَنَصُّهُ مَسْأَلَةٌ فَإِذَا ذَكَرَهُمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ نَسِيَ الصُّبْحَ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ جَمِيعًا أَوْ يَكُونَ صَلَّى الْفَرْضَ وَنَسِيَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَإِنْ كَانَ تَرَكَهُمَا فَقَالَ مَالِكٌ: يُصَلِّي الصُّبْحَ دُونَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَمَا بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ حِينَ نَامَ عَنْ الصَّلَاةِ، وَقَالَ أَشْهَبُ بَلَغَنِي وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ وَجَّهَ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ بِنَحْوِ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَنَقَلَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ كَلَامَ الْبَاجِيِّ الْأَخِيرَ وَنَصَّهُ الْبَاجِيُّ (تَنْبِيهٌ) مَنْ ذَكَرَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَقَالَ الْبَاجِيُّ فِي أَوَائِلِ الْمُنْتَقَى فِي تَرْجَمَةِ النَّوْمِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْوَادِي: مَسْأَلَةٌ، وَهَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الصُّبْحِ قَبْلَهَا أَمْ لَا؟ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ حَتَّى تُصَلَّى الْفَرِيضَةُ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» ، وَهَذَا يَنْفِي فِعْلَ صَلَاةٍ قَبْلَهَا وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ يَتَعَيَّنُ وَقْتُهَا بِالذِّكْرِ، وَهُوَ مِقْدَارُ مَا تُفْعَلُ فِيهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ غَيْرَهَا فِيهِ كَمَا لَوْ ضَاقَ وَقْتُهَا الْمُعَيَّنُ لَهَا، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ قَالَ: عَرَّسْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ النَّبِيُّ لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ شَيْطَانٌ قَالَ: فَفَعَلْنَا ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» ، وَقَالَ يَعْقُوبُ ثُمَّ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْغَدَاةَ انْتَهَى.
ص (وَإِنْ أُقِيمَتْ الصُّبْحُ، وَهُوَ بِمَسْجِدٍ تَرَكَهَا، وَخَارِجَهُ رَكَعَهَا إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ (فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي رَسْمٍ شَكَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الَّذِي يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ فَيَقْعُدُ مَعَهُ أَتَرَى أَنْ يُكَبِّرَ حِينَ يَقْعُدُ أَوْ يَنْتَظِرَ حَتَّى يَفْرُغَ فَيَرْكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَالَ: أَمَّا إذَا قَعَدَ مَعَهُ فَأَرَى أَنْ يُكَبِّرَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ ابْنُ رُشْدٍ لِابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ وَيَقْعُدُ مَعَهُ