المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل من تكره إمامته] - مواهب الجليل في شرح مختصر خليل - جـ ٢

[الحطاب]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ الْعَاجِزُ عَنْ قِيَامِ السُّورَةِ لِلصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ يَسْقُطُ عَنْ الْمَرِيضِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ مَا عَجَزَ عَنْهُ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُصَلِّي جَالِسًا إذَا دَنَا مِنْ رُكُوعِهِ]

- ‌[فَرْعٌ صَلَاةَ الْجَالِسِ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُصَلِّي فِي الْمَحْمَلِ أَيْنَ يَضَعُ يَدَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاءُ فَائِتَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَجَرَ نَفْسَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ مَنْسِيَّاتٍ يَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْحَضَرِيَّةِ]

- ‌[فَصَلِّ السَّهْوِ عَنْ بَعْضِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ سَهَا فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ نَسِيَ سَهْوَهُ]

- ‌[تَنْبِيه السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ]

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يُعِدْ التَّشَهُّدَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا]

- ‌[فَرْعٌ شَكَّ فِي بَعْضِ وُضُوئِهِ وَقَدْ كَانَ تَيَقَّنَ غَسْلَهُ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ هَلْ يَنْوِي بِتَكْبِيرَةِ الْهُوِيِّ الْإِحْرَامَ أَمْ لَا]

- ‌[تَنْبِيهٌ تَشَهَّدَ بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ]

- ‌[فَرْعٌ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ فِي صَلَاتِهِ قَبْلَ السَّلَامِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَكَّ فِي فَرْضٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَمْ يَدْرِهِ بِعَيْنِهِ]

- ‌[فَرْعٌ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ حَتَّى سَلَّمَ]

- ‌[تَنْبِيه كَرَّرَ أُمَّ الْقُرْآنِ سَهْوًا]

- ‌[فَائِدَة أَبْكَمَ أَشَارَ فِي صَلَاتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ خَافَ تَلَفَ مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَكَانَ كَثِيرًا وَهُوَ يُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ أَتَاهُ أَبُوهُ لِيُكَلِّمَهُ وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يَقُومُ الْمَسْبُوقُ لِلْقَضَاءِ إثْرَ سَلَامِ الْإِمَامِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ سَلَّمَ يَعْنِي الْمَأْمُومَ وَانْصَرَفَ لِظَنِّ]

- ‌[فَرْعٌ قَامَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ ثُمَّ رَجَعَ الْإِمَامُ بَعْدَ اسْتِوَائِهِ]

- ‌[فَرْعٌ انْتَصَبَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَذُكِّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَصِبَ فَرَجَعَ]

- ‌[تَنْبِيه قِيَامِ الْإِمَامِ لِلْقُنُوتِ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ]

- ‌[تَنْبِيه يَقْعُدُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَيَنْعَسُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ نَعَسَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ رُكُوعِهِ]

- ‌[فَصْلٌ سُجُود التِّلَاوَة بِشَرْطِ الصَّلَاةِ بِلَا إحْرَامٍ]

- ‌[فَصَلِّ مَا زَادَ عَلَى الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ مِنْ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ ذَكَرَ صَلَاةً بَقِيَتْ عَلَيْهِ]

- ‌[فَرْعٌ مَا كَانَ مِنْ الصَّلَاةِ تَبَعًا لِلْفَرْضِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ]

- ‌[فَرْعٌ صَلَّى التَّحِيَّةَ ثُمَّ خَرَجَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ رَجَعَ بِالْقُرْبِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّرَاوِيحُ لِمَنْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ]

- ‌[فَرْعٌ افْتَتَحَ الرَّكْعَة الَّتِي يَخْتِم بِهَا بِالْفَاتِحَةِ ثُمَّ أَرَادَ إِن يبدأ بِسُورَةِ الْبَقَرَة]

- ‌[فَرْعٌ يُرِيدُ أَنْ يُطَوِّلَ التَّنَفُّلَ فَيَبْدَأَ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي رَكْعَتَيْ الشَّفْعِ أَنْ يَخُصَّهُمَا بِالنِّيَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَوْتَرَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ]

- ‌[فَصَلِّ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَرْعٌ صَلَّوْا الصُّبْحَ جَمَاعَةً وَارْتَحَلُوا وَلَمْ يَنْزِلُوا إلَّا بَعْدَ الْعِشَاء]

- ‌[فَرْعٌ تَعَمَّدَ الْإِمَامُ قَطْعَ صَلَاتِهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَنْ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ صَلَّى جَمَاعَتَانِ بِإِمَامَيْنِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ]

- ‌[الثَّانِي أَهْلُ السَّفِينَةِ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَفْتَرِقُوا عَلَى طَائِفَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الثَّالِث يُصَلُّونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِإِمَامَيْنِ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ]

- ‌[فَرْعٌ الْمَرَاوِحِ أَيُكْرَهُ أَنْ يُرَوَّحَ بِهَا فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَائِدَة خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَبِيَدِهِ حَصْبَاءُ نَسِيَهَا أَوْ بِنَعْلِهِ]

- ‌[فَرْعٌ دَخَلَ مَعَ قَوْمٍ فِي صَلَاةِ عَلَى أَنَّهَا الظُّهْرُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا الْعَصْرُ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُوقِنَ إذَا ائْتَمَّ بِالشَّاكِّ]

- ‌[فَرْعٌ ائْتِمَامِ نَاذِرِ رَكْعَتَيْنِ بِمُتَنَفِّلٍ]

- ‌[فَرْعٌ وَيُحْرِمُ الْإِمَامُ بَعْدَ اسْتِوَاءِ الصُّفُوفِ]

- ‌[فَرْعٌ تَقْدِيمُ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ لِحُسْنِ صَوْتِهِ]

- ‌[فَصَلِّ رَجُلَيْنِ أَمَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ يُحْدِثُ الْإِمَامُ فَيَسْتَخْلِفُ صَاحِبَهُ]

- ‌[فَرْعٌ رَأَى الْمَأْمُومُ نَجَاسَةً فِي ثَوْبِ الْإِمَامِ]

- ‌[فَرْعٌ أحرم وَالْإِمَام رَاكِع فِي الْجُمُعَةَ فِي الثَّانِيَة فَاسْتَخْلَفَهُ قَبْل أَنْ يركع الدَّاخِل]

- ‌[فَصَلِّ صَلَاةُ السَّفَرِ]

- ‌[فَرْعٌ سَافَرَ مَسَافَة تقصر فِيهَا الصَّلَاةُ ثُمَّ اسلم فِي أَثْنَائِهَا أَوْ احتلم]

- ‌[فَائِدَتَانِ الْمِيلِ هَلْ هُوَ أَلْفَا ذِرَاعٍ وَشُهِرَ أَوْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ قَصَرَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْبُيُوتِ]

- ‌[الثَّانِي الْقَوْمِ يَبْرُزُونَ مِنْ مَكَّة إلَى ذِي طُوًى يُرِيدُونَ الْمَسِيرَ أَيَقْصُرُونَ]

- ‌[الثَّالِث صَلَاة الْقَصْر لِمَنْ سَافَرَ فِي الْبَحْر]

- ‌[الرَّابِع بَانَ الْمُسَافِرُ عَنْ أَهْلِهِ ثُمَّ نَوَى الرَّجْعَةَ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَنَوَى السَّفَرَ]

- ‌[فَرْعٌ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ نَهْرٌ جار مجاور مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ فَهَلْ يُقَصِّر]

- ‌[فَرْعٌ خَرَجَ إلَى الْحَجِّ مِنْ أَهْلِ الْخُصُوصِ]

- ‌[فَرْعٌ سَافَرَ الْعَبْدُ بِسَفَرِ سَيِّدِهِ وَالْمَرْأَةُ بِسَفَرِ زَوْجِهَا وَنَوَوْا الْقَصْرَ]

- ‌[فَرْعٌ عَزَمَ الْقَصْر بَعْدَ نِيَّةِ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ عَلَى السَّفَرِ]

- ‌[فَرْعٌ نَوَى الْمُسَافِرُ أَنْ يُقِيمَ بِمَوْضِعٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ بِنِيَّةٍ]

- ‌[فَرْعٌ دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْقَوْمِ وَيَظُنُّهُمْ مُقِيمِينَ]

- ‌[فَرْعٌ جَمَعَ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِشِدَّةِ السَّيْرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَقَامَ بِمَكَانِهِ]

- ‌[فَرْعٌ جَمَعَ فِي السَّفَرِ فَنَوَى الْإِقَامَةَ فِي أَثْنَاءِ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّنَفُّلُ فِي السَّفَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَمْعِ الْبَادِيَةِ فِي وَسَطِ النَّزْلَةِ]

- ‌[فَرْعٌ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ثُمَّ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ]

- ‌[فَصَلِّ شَرْطُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[تَنْبِيه أَخَّرَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ الصَّلَاةَ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عذر]

- ‌[فَائِدَة لِمَ سُمِّيَتْ الْجُمُعَةَ بِالْجُمُعَةِ]

- ‌[فَرْعٌ ذِكْرِ خَطِيبِ الصَّلَاةِ فِي خُطْبَتِهِ الصَّحَابَةَ وَالسُّلْطَانُ]

- ‌[فَرْعٌ الصَّلَاةُ فِي أَيَّامِ مِنًى بِمِنًى]

- ‌[فَرْعٌ الْأَذَانُ بَيْنَ يَدِي الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ صَلَاةُ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصَلِّ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصَلِّ صَلَاةُ الْكُسُوفِ]

- ‌[فَرْعٌ فَاتَتْهُ مَعَ الْإِمَامِ صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌[فَصَلِّ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[تَنْبِيه الْخُرُوجَ إلَى الصَّحْرَاءِ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصَلِّ غُسْلِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّكْفِين بِثَوْبِ غَسَلَ بِمَاء زَمْزَم]

- ‌[الصلاة على الميت]

- ‌[تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ الطَّهَارَة لِصَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الثَّانِي اشْتِرَاط الْجَمَاعَة فِي صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الثَّالِث ذِكْر مَنْسِيَّة فِي صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الرَّابِع صلوا الْجِنَازَة قُعُود]

- ‌[الْخَامِس قَهْقَهَ أَوْ تَكَلَّمَ عَمْدًا فِي صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[السَّادِس صَلَّى عَلَيْهَا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ قَبْلَ الدَّفْنِ]

- ‌[السَّابِع نوي الْإِمَام الصَّلَاةَ عَلَيَّ احدي الْجِنَازَتَيْنِ وَمنْ خَلْفه يَنْوِيهِمَا]

- ‌[مسائل متعلقة بالغسل والدفن والصلاة]

- ‌[فَرْعٌ غُسِلَتْ الْمَيِّتَةُ ثُمَّ وُطِئَتْ]

- ‌[غسل الزوجين للآخر]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَتْ فَأَرَادَ زَوْجُهَا دَفْنَهَا فِي مَقْبَرَتِهِ وَأَرَادَ عَصَبَتُهَا دَفْنَهَا فِي مَقْبَرَتِهِمْ]

- ‌[فَرْعٌ صَلَّيْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَدِمَ رَجُلٌ لَمْ يُغَسِّلْهُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ لَيْسَ بِشَرْطٍ]

- ‌[تبين أَنَّهُ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[مَا يُدْعَى بِهِ لِلْمَيِّتِ وَالدُّعَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ]

- ‌[الدُّعَاء لِلْمَيِّتِ إِن كَانَ رَجُلًا بِلَفْظِ التَّذْكِيرِ وَالْإِفْرَادِ]

- ‌[صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ عَلَى أَنَّهَا امْرَأَةٌ فَوَجَدَ الْمَيِّتَ ذَكَرًا]

- ‌[الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ الْمَيِّت]

- ‌[تُصَفَّ الْجَمَاعَةُ عَلَى الْجِنَازَةِ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ]

- ‌[فَرْعٌ يَسْتَعِدَّ لِلْكَفَنِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ الْقَبْرُ]

- ‌[فَرْعٌ كَيْفِيَّة الْغُسْلِ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ الْبَخُور عِنْد غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الثَّانِي مَا يَجِب عَلَيَّ الْغَاسِل]

- ‌[فَرْعٌ أَوْصَى بِأَنْ لَا يُزَادَ عَلَى ثَوْبٍ فَزَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ آخَرَ]

- ‌[فَرْعٌ الْقِيَام فِي صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[فَرْعٌ تَقَدُّمُ الْمُصَلِّي عَلَى الْإِمَامِ وَالْجِنَازَةِ]

- ‌[فَرْعٌ سُنَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ]

- ‌[الْأَوَّلُ الْجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ]

- ‌[الثَّانِي مَحَلِّ التَّعْزِيَةِ]

- ‌[الثَّالِث مَنْ عَلَيْهِ التَّعْزِيَة]

- ‌[الرَّابِع التَّعْزِيَةِ بِالنِّسَاءِ وَالْقَرِينِ الصَّالِحِ]

- ‌[الْخَامِس تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ وَالْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِ أَوْ بِالْكَافِرِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ لِمَنْ يَدْخُلُ الْقَبْرَ بِالْمَيِّتِ عَدَدٌ مَحْصُورٌ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ]

- ‌[ضَرْبُ الْفُسْطَاطِ عَلَى قَبْرِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[يَحْفِرَ قَبْرًا لِيُدْفَنَ فِيهِ]

- ‌[دُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ غَيْره مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ]

- ‌[الْمُعَلَّاةَ وَالشَّبِيكَةَ مِنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ الْمُسَبَّلَةِ]

- ‌[مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى الْجُلُوسُ عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[الثَّانِيَة اتِّخَاذُ الْقُبُورِ وَطَنًا]

- ‌[فَرْعٌ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ أَوْلَى مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ الْجِنَازَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ مَعْزٌ وَأَعْطَى ضَأْنًا]

- ‌[فَرْعٌ وَجَبَتْ بِنْتُ اللَّبُونِ فَلَمْ تُوجَدْ وَوُجِدَ حِقٌّ]

- ‌[فَرْعٌ أَخَذَ الْمُصَدِّقُ أَفْضَلَ مِنْ الْوَاجِبِ وَأَعْطَى عَنْ الْفَضْلِ ثَمَنًا]

- ‌[فَرْعٌ الْمَاشِيَة صِنْفَيْنِ تَوَافَرَتْ فِي أَحَدهمَا شُرُوط الزَّكَاةِ وَلَمْ تَتَوَافَر فِي الْآخِر]

- ‌[نَزَلَ بِهِ السَّاعِي فَقَالَ لَهُ إنَّمَا أَفَدْت غَنَمِي مُنْذُ شَهْرٍ]

- ‌[لَا يَحِلُّ لِلسَّاعِي أَنْ يَسْتَضِيفَ مَنْ يَسْعَى عَلَيْهِ]

- ‌[لِكُلِّ أَمِيرِ إقْلِيمٍ قَبْضُ صَدَقَاتِ إقْلِيمِهِ]

- ‌[حَالَ الْحَوْلُ وَالْإِبِلُ فِي سَفَرٍ]

- ‌[تَخْرُجُ السُّعَاةُ لِلزَّرْعِ وَالثِّمَارِ عِنْدَ كَمَالِهَا]

- ‌[دُعَاء السَّاعِي لِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ الصَّدَقَةَ]

- ‌[ذَبَحَ الشَّاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ وَصَدَّقَهَا لَحْمًا]

- ‌[فَرْعٌ ضَلَّ بَعِيرٌ مِنْ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ]

- ‌[تَنْبِيه أَتَى السَّاعِي بَعْدَ غَيْبَة سِنِينَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مَعَهُ أَلْفُ شَاة أَخَذْتهَا مِنِّي]

- ‌[تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ هَلَكَ الْمَال الَّذِي تجب فِيهِ الزَّكَاة]

- ‌[الثَّانِي عَدَّ نِصْفَ الْمَاشِيَةِ الَّتِي تجب فِيهَا الزَّكَاةُ وَمَنَعَهُ مِنْ عَدِّ بَاقِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ عَزَلَ مِنْ مَاشِيَةٍ شَيْئًا لِلسَّاعِي فَوَلَدَتْ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ بَاعَ الْمُسْلِمُ أَرْضًا لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا لِذِمِّيٍّ]

- ‌[الثَّانِي مَنَحَ أَرْضَهُ صَبِيًّا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ أَكْرَاهَا]

- ‌[الثَّالِث وَلَا زَكَاةَ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْجِبَالِ مِنْ كَرْمٍ وَزَيْتُونٍ وَتَمْرٍ]

- ‌[فَرْعٌ عَجَّلَ إخْرَاجَ زَكَاتِهِ أَوْ أَخَّرَهَا]

- ‌[تَنْبِيهَانِ مَاتَ قَبْلَ الْإِزْهَاءِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ ذِمَّتَهُ]

- ‌[فَرْعٌ وَهَبَ الزَّرْعَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ]

- ‌[فَرْعٌ الزَّرْعُ فَلَا يَجُوزُ خَرْصُهُ عَلَى الرَّجُلِ الْمَأْمُونِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْمُخَاطَبُ بِزَكَاةِ مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ]

- ‌[السَّفِيهُ الْبَالِغُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَالِهِ]

- ‌[الْوَصِيَّ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُنَمِّيَ مَالَ الْيَتِيمِ]

- ‌[فَرْعٌ زَكَاة مَا جُعِلَ فِي ثِيَابِ الرَّجُلِ أَوْ الْجُدُرِ مِنْ الْوَرِقِ]

- ‌[فَرْعٌ زَكَاة مَا تحلي بِهِ الْكَعْبَة وَالْمَسَاجِد]

- ‌[فَرْعٌ وَرِثَ حُلِيًّا لَمْ يَنْوِ بِهِ تِجَارَةً وَلَا قُنْيَةً]

- ‌[فَرْعٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى الرَّجُلِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَزَلَهَا الْمُتَصَدِّقُ فَأَقَامَتْ سِنِينَ]

- ‌[تَجَرَ فِي الْمَالَيْنِ فَرَبِحَ فِيهِ سِتَّةَ دَنَانِيرَ ثُمَّ لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا هُوَ فَكَيْف يُزْكِيه]

- ‌[فَرْعٌ لَهُ دَنَانِيرُ فِيهَا الزَّكَاةُ فَاشْتَرَى عَرْضًا لَلْهُرُوبَ مِنْ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ يَبِيعُ الْعَرْضَ بِالْعَرْضِ وَلَا يَنِضُّ لَهُ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ عَيْنٌ فَمَا حُكْم زَكَاته]

- ‌[فَرْعٌ أَخْرَجَ الْمُحْتَكِرُ زَكَاتَهُ قَبْلَ بَيْعِ الْعَرْضِ]

- ‌[فَرْعٌ بَعَثَ الْمُدِيرُ بِضَاعَةً وَجَاءَ شَهْرُ زَكَاتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ فَحَالَ حَوْلُهُ وَزَكَّى مَا بِيَدِهِ ثُمَّ قَدِمَ مَالُهُ الْغَائِبُ سِلَعًا]

- ‌[فَرْعٌ أَخَّرَ الزَّكَاةَ انْتِظَارًا لِلْمُحَاسَبَةِ فَضَاعَ]

- ‌[فَرْعٌ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى الْمَالِ بِيَدِ الْعَامِلِ وَهُوَ عَيْنٌ قَبْلَ أَنْ يَسْتَغِلَّهُ]

- ‌[فَرْعٌ وَلَا يَضُمُّ الْعَامِلُ مَا رَبِحَ إلَى مَالٍ لَهُ آخَرَ لِيُزَكِّيَ]

- ‌[فَرْعٌ الزَّكَاةُ فِيمَا رِبْحه الْعَامِل إِذَا ضَمّ إلَيْهِ مَال رَبّ الْمَال]

- ‌[فَرْعٌ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الْمَالِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ رِبْحِهِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ زَكَاةَ الرِّبْحِ فَتَفَاصَلَا قَبْلَ الْحَوْلِ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم مُقَارَضَة النَّصْرَانِيَّ]

- ‌[فَرْعٌ الزَّكَاةُ عَلَى الْمَسَاكِينِ]

- ‌[أَوْصَى بِمَالٍ لِشَخْصٍ يَشْتَرِي بِهِ أَصْلًا وَيُوقَفُ فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ قَبْلَ الشِّرَاءِ]

- ‌[فَرْعٌ الزَّكَاة فِي غلة الدُّورُ إذَا وُقِفَتْ]

- ‌[فَرْعٌ تَلِفَ مَا خَرَجَ مِنْ النَّيْلِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَهَلْ يُضَمُّ مَا خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَيْهِ]

- ‌[فَرْعٌ مَا أَصَابَهُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ مِنْ رِكَازٍ]

- ‌[فَرْعٌ مَا كَانَ فِي جِدَارٍ مِنْ ذَهَبَ أَوْ فِضَّةٍ]

- ‌[فَرْعٌ رِكَاز الْأَرْضِ إذَا بِيعَتْ]

- ‌[فَرْعٌ مَا غُسِلَ مِنْ تُرَابِ سَاحِلِ بَحْرٍ وُجِدَ بِهِ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةُ مَعْدِنٍ]

- ‌[فَرْعٌ أَسْلَمَ دَابَّتَهُ فِي سَفَرٍ آيِسًا مِنْهَا فَأَخَذَهَا مَنْ أَخَذَهَا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَعَاشَتْ]

- ‌[فَصَلِّ مصارف الزَّكَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُعْطِي الْفَقِيه مِنْ الزَّكَاةِ إذَا كَانَتْ لَهُ كَتَبَ يَحْتَاج إلَيْهَا]

- ‌[فَرْعٌ الْيَتِيمَةَ تُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مَا تَصْرِفُهُ فِي ضَرُورِيَّاتِ النِّكَاحِ]

- ‌[تَنْبِيه السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ لِمَنْ لَهُ أُوقِيَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ]

- ‌[فَرْعٌ صَرْف الزَّكَاةِ فِي كفن مَيِّت أَوْ بِنَاء مَسْجِد أَوْ لِكَافِرِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْغَارِمِينَ الْمُصَادَرُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ وَجَبَ جُزْءُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَأَخْرَجَ أَدْنَى أَوْ أَعْلَى بِالْقِيمَةِ]

- ‌[الثَّانِي إخْرَاجُ الْعَرَضِ وَالطَّعَامِ عَنْ الْوَرَقِ أَوْ الذَّهَبِ فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[الثَّالِث وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فَاشْتَرَى بِهَا ثِيَابًا أَوْ طَعَامًا وَتَصَدَّقَ بِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَغَيْرِ إذْنِهِ]

- ‌[الفرع الثَّانِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِي مَالِهِ فَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِهِ]

- ‌[الفرع الثَّالِث عَزَلَ زَكَاتَهُ بَعْدَ وَزْنِهَا لِلْمَسَاكِينِ وَدَفَعَهَا لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَادِمُونَ إلَى بَلَدٍ هَلْ يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ]

- ‌[مسالة لِلْإِمَامِ تَأْخِيرُ الزَّكَاةِ إلَى الْحَوْلِ الثَّانِي]

- ‌[فَصَلِّ زَكَاةُ الْفِطْرِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ قَدَرَ عَلَى إخْرَاجِ صَاعٍ عَنْ نَفْسِهِ وَبَعْضِ صَاعٍ عَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌[الثَّانِي تَعَدَّدَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا صَاعًا وَاحِدًا أَوْ بَعْضَ صَاعٍ]

- ‌[الثَّالِث قَدْرُ الصَّاعِ]

- ‌[فَصَلِّ مَنْ تجب عَلَيْهِ الزَّكَاةُ]

- ‌[فَرْعٌ زَكَاة الْفِطْرِ هَلْ يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ مَنْ أَعْتَقَ صَغِيرًا فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَالزَّكَاةُ عَنْهُ]

- ‌[الْمُكَاتَبُ وَالْمُخَدِّمُ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ عَنْهُمَا زَكَاةَ الْفِطْرِ]

- ‌[لِلْكَافِرِ عَبْد مُسْلِم فَهَلْ تجب عَلَيْهِ زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[ارْتَدَّ مُسْلِمٌ فَدَخَلَ وَقْتُ الزَّكَاةِ وَهُوَ مُرْتَدٌّ ثُمَّ تَابَ]

- ‌[جَنَى عَبْدٌ جِنَايَةً عَمْدًا فِيهَا نَفْسُهُ فَلَمْ يُقْتَلْ إلَّا بَعْدَ الْفِطْرِ]

- ‌[الزَّوْجُ فَقِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[صَبِيٌّ فِي حِجْرِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إيصَاءٍ وَلَهُ بِيَدِهِ مَالٌ]

- ‌[أَمْسَكَ عُبَيْدَ وَلَدِهِ الصِّغَارَ لِخِدْمَتِهِمْ وَلَا مَالَ لِلْوَلَدِ سِوَاهُمْ]

- ‌[تَنْبِيه عِنْدَهُ قَمْحٌ فِي مَنْزِلِهِ وَأَرَادَ شِرَاءَ الْفِطْرَةِ مِنْ السُّوقِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْأَبِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ وَلَدِهِ الْغَنِيِّ أَمْ لَا]

- ‌[فَرْعٌ أَرَادَ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ أَهْلِهِ أَوْ أَرَادَ أَهْلُهُ أَنْ يُزَكُّوا عَنْهُ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[بَاب مَا يَثْبُت بِهِ رَمَضَان]

- ‌[بَابٌ الِاعْتِكَافُ]

- ‌[فَرْعٌ الِاعْتِكَافُ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ]

- ‌[فَرْعٌ نَذَرَ الصَّوْمَ بِمَكَّة أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ]

- ‌[فَرْعٌ نَذَرَ صَوْمًا بِغَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ وَغَيْرِ رِبَاطٍ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ اعْتَكَفَ بِمَكَّةَ]

- ‌[فَرْعٌ وَتَرْقِيعُ ثَوْبِهِ وَقْت الِاعْتِكَاف]

- ‌[فَرْعٌ الْمُعْتَكِف إذَا اصْبَحْ جنبا]

- ‌[بَابُ الْحَجِّ]

- ‌[فَائِدَة أَحْكَامَ الْحَجِّ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ أَحْرَمَ الصَّبِيُّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَلَمْ يَعْلَم إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ حَجُّ مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَشْيِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ رُكُوبُ الْبَحْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ خَرَجَ لِحَجٍّ وَاجِبٍ بِمَالٍ فِيهِ شُبْهَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ]

- ‌[فَرْعٌ أَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إهْدَاء الْقُرَبِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَرْعٌ قَرَنَ يَنْوِي الْعُمْرَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَالْحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ]

الفصل: ‌[فصل من تكره إمامته]

طَبْعًا كَبَعْضِ الْأَعَاجِمِ وَجُفَاةِ الْأَعْرَابِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ، أَوْ لِضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ التَّعْلِيمِ مَعَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الِائْتِمَامِ بِمَنْ لَا يُلْحِنُ فِي الْوَجْهَيْنِ فَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِي نَفْسِهِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَاللُّكْنَةِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي صَلَاةِ الْمُقْتَدَى بِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّعَلُّمِ وَإِمْكَانِهِ وَإِمْكَانِ الِاقْتِدَاءِ فَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي صَلَاتِهِ هُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ عَجَزَ عَنْ الْفَاتِحَةِ وَقَدَرَ عَلَى الِائْتِمَامِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ وَأَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ الْبُطْلَانُ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ إلَى هَذَا وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ يُمْكِنُهُ التَّعَلُّمُ كَالْجَاهِلِ فِي الْبَابَيْنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يُرِيدُ بِالْبَابَيْنِ اللَّحَّانَ وَالْأَلْكَنَ، وَيَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَعَلَّمَ فَهُوَ غَيْرُ مَعْذُورٍ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ خِلَافٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي صَلَاةِ مَنْ اقْتَدَى بِمَنْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ، وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي كَلَامِ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ أَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ بَلْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ بِالْبُطْلَانِ فِي ذَلِكَ إلَّا الْقَابِسِيُّ وَالشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَعَنْهُمَا نَقَلَ الْبُطْلَانَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ خِلَافً لِتَصْحِيحِ ابْنِ يُونُسَ وَعَبْدِ الْحَقِّ لِقَوْلِ الْقَابِسِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنَّ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ هُنَا أَقْوَى لِحِكَايَةِ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) لَا إشْكَالَ فِي صِحَّةِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ بِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمُقْتَدَى بِهِ وَكَذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْقَابِسِيِّ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ فِيمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يَسْتَوِيَ حَالُهُمَا وَهَذَا مَعَ الْعَجْزِ عَنْ التَّعَلُّمِ، وَالِاقْتِدَاءُ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَأَمَّا مَعَ إمْكَانِ ذَلِكَ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، وَالظَّاهِرُ فِي هَذَا أَنَّهُ مِنْ اللَّحْنِ الْخَفِيِّ وَأَنَّهُ لَا تَبْطُلُ بِهِ إلَّا مَعَ تَرْكِ ذَلِكَ عَمْدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اللَّحْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) قَالَ الْقَاضِي أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مَكِّيٍّ الصَّقَلِّيُّ فِي كِتَابِ تَثْقِيفِ اللِّسَانِ فِي بَابِ مَا يَغْلَطُ فِيهِ قُرَّاءُ الْقُرْآنِ وَهُوَ كِتَابٌ جَلِيلٌ يَنْقُلُ عَنْهُ الْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُمْ مَا نَصُّهُ: " سَأَلْت أَبَا عَلِيِّ الْجَلُولِيَّ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ يُظْهِرُ النُّونَ الْخَفِيفَةَ وَالتَّنْوِينَ عِنْدَ الْيَاءِ وَالْوَاوِ فَقَالَ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ وَقَرَأَ بِمَا لَمْ يَقْرَأْ بِهِ أَحَدٌ، وَقَالَ لَنَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ: رَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ اللَّحْنَ الَّذِي لَا يَجُوزُ مِثْلُ إظْهَارِ هَذِهِ النُّونِ الْخَفِيفَةِ وَالتَّنْوِينِ عِنْدَ الْيَاءِ وَالْوَاوِ وَتَبْدِيلِ الضَّادِ ظَاءً وَالظَّاءِ ضَادًا أَوْ أَشْبَاهِ ذَلِكَ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ أُمِّ الْقُرْآنِ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْقَارِئِ لِذَلِكَ جَائِزَةٌ قَالَ وَمَنَعَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ مِنْ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ وَإِنْ كَانَ لَحْنُهُ فِي غَيْرِ أُمِّ الْقُرْآنِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا غَيَّرَ الْقُرْآنَ كَانَ مُتَكَلِّمًا فِي الصَّلَاةِ، إذْ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَلْحُونٍ فَلَيْسَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ كَلَامَ اللَّهِ وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُهُ فَصَارَ كَمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ مُتَعَمِّدًا انْتَهَى.

[فَصَلِّ مَنْ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ]

(فَصْلٌ وَكُرِهَ أَقْطَعُ وَأَشَلُّ)

ش: لَمَّا فَرَغَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ بَيَانِ شُرُوطِ الْإِمَامِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ شَرَعَ يُبَيِّنُ الْأَوْصَافَ الْمَكْرُوهَةَ بِذِكْرِ مَنْ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ كَمَا فَعَلَ فِي شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَاسْتَطْرَدَ بَعْدَ ذَلِكَ لِذِكْرِ مَسَائِلَ مَكْرُوهَةٍ وَلَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ الْإِمَامَةِ، ثُمَّ إنَّ مَنْ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ قِسْمَانِ: قِسْمٌ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا رَاتِبًا أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَقِسْمٌ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ إمَامًا رَاتِبًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاتِبًا فَلَا تُكْرَهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فَمِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْأَقْطَعُ وَالْأَشَلُّ، وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ: إنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَاقْتَصَرَ ابْنُ الْجَلَّابِ عَلَى نَفْيِ الْكَرَاهَةِ، قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ: وَلَا يَؤُمُّ الْأَشَلُّ وَلَا الْأَقْطَعُ وَلَا الْأَعْرَجُ الَّذِي لَا يَثْبُتُ قَائِمًا انْتَهَى.

ص: 103

وَقَالَ الشَّبِيبِيُّ فِي الْمَكْرُوهَاتِ: أَوْ أَقْطَعُ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي إمَامَةِ الْأَقْطَعِ وَالْأَعْرَجِ وَصَاحِبِ السَّلَسِ وَغَيْرِهِمْ، وَمِنْهُ مَسْأَلَةُ مَنْ انْحَنِي لِكِبَرٍ حَتَّى صَارَ كَالرَّاكِعِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ فَنَقَصَ قِيَامُهُ كَثِيرًا، وَقَدْ وَقَعَتْ وَأَجْرَيْنَاهَا عَلَى هَذَا وَجَوَّزَهُ لِي شَيْخُنَا الْإِمَامُ وَاخْتَارَ الْجَوَازَ فِي الْقَضِيَّةِ الْوَاقِعَةِ وَكَانَ يُصَلِّي خَلْفَهُ لِكِبَرِ سِنِّهِ وَصَلَاحِهِ وَقِدَمِ هِجْرَتِهِ فِي الطَّلَبِ انْتَهَى. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ إمَامَةَ صَاحِبِ السَّلَسِ مَكْرُوهَةٌ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَذُو سَلَسٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَذُو سَلَسٍ)

ش: قَالَ سَنَدٌ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ: وَتُكْرَهُ فَإِنْ صَلَّى أَجْزَأَتْهُمْ، قَالَ: كَانَ الْمُسْتَنْكِحُ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَمْ لَا ذَكَرَهُ فِي الطَّهَارَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُسْتَنْكِحِ فِي إمَامَتِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ بِالْإِمَامَةِ وَعَدَمِهَا، وَالثَّالِثُ لَا يَؤُمُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَالِحًا مِثْلَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، وَكَرَّرَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْقُرْحَةِ وَانْظُرْ التَّنْبِيهَاتِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ.

ص (وَإِمَامَةُ مَنْ يُكْرَهُ)

ش: قَالَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مَا نَصُّهُ: وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَتَقَدَّمُ قَوْمًا فِي الصَّلَاةِ فَيَقُولُ لَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَهُمْ: أَتَأْذَنُونَ، فَقَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، فَقِيلَ لَهُ: وَذَلِكَ أَحَبُّ إلَيْك أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمْ، فَقَالَ: إنْ خَافَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَكْرَهُهُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ فَلِيَسْتَأْذِنَّهُمْ رُبَّمَا تَقَدَّمَ الْحُرُّ بِقَوْمٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْرَهُ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خَفَّفَ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ رَأَى تَرْكَهُ الِاسْتِئْذَانَ أَحْسَنَ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَكْرَهُهُ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ، إذْ قَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا إلَّا بِإِذْنِهِمْ» ، وَوَجْهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ مَعَ قَوْمٍ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ وَعَلِمَ أَنَّهُمْ مُقِرُّونَ لَهُ بِالتَّقَدُّمِ وَالْفَضْلِ وَأَنَّ سُكُوتَهُمْ عَلَى تَقَدُّمِهِ بِهِمْ إذْنٌ مِنْهُمْ لَهُ فِي ذَلِكَ فَاسْتُحْسِنَ أَنْ لَا يَفْسَخَ بِاسْتِئْذَانِهِمْ فِي ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إفْصَاحِهِمْ بِتَقْدِيمِهِ وَتَفْضِيلِهِ فَيَصِيرُ مُتَعَرِّضًا لِثَنَائِهِمْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَكْرَهُهُ فَلَا يَكْتَفِي بِسُكُوتِهِمْ حَتَّى يُصَرِّحُوا لَهُ بِالْإِذْنِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ قَدْ حَصَلَ إمَامًا فِي مَسْجِدٍ أَوْ فِي مَوْضِعٍ بِتَقْدِيمِ أَهْلِهِ إيَّاهُ فَطَرَأَتْ جَمَاعَةٌ فَخَشِيَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَنْ يَكْرَهُ إمَامَتَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمْ؛ لِأَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَحَقُّ بِالتَّقَدُّمِ مِنْهُمْ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ جَمَاعَتَهُ أَوْ أَكْثَرَهَا أَوْ ذَا النُّهَى وَالْفَضْلِ مِنْهَا كَارِهُونَ لِإِمَامَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْإِمَامَةِ بِهِمْ لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «خَمْسَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ» فَذَكَرَ فِيهِمْ الَّذِي يَؤُمُّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ لَأَنْ أَقْرَبَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي إلَى أَنْ تَتَغَيَّرَ نَفْسِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَؤُمَّ قَوْمًا وَهُمْ لِي كَارِهُونَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكْرَهْ إمَامَتَهُ مِنْ جَمَاعَتِهِ إلَّا النَّفَرُ الْيَسِيرُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ التَّقَدُّمِ بِهِمْ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى.

، وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ إذَا خَافَ أَنَّ فِي الْجَمَاعَةِ مَنْ يَكْرَهُ إمَامَتَهُ فَتَرْكُهَا إذْ ذَاكَ أَفْضَلُ لَهُ وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ عَلَى مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ حَذَرَ أَنْ تَكُونَ كَرَاهَةَ إمَامَتِهِ لِحَظٍّ دُنْيَوِيٍّ أَوْ نَفْسَانِيٍّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ شَرْعِيَّةً فَلَا يَتَقَدَّمُ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ ثَلَاثًا رَجُلًا أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ وَامْرَأَةً بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ وَرَجُلًا سَمِعَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَلَمْ يُجِبْ»

ص: 104

انْتَهَى.

، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ لَمَّا تَكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ عَلَى الْمَعْرُوفِ عِنْدَهُمْ قَدِيمًا وَحَدِيثًا: مَنَعَ إمَامَةَ قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِهَا وَالْأَنْكِحَةِ إمَامَةُ الْجَامِعِ الْأَعْظَمِ، وَإِنَّ بَعْضَهُمْ عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ مَظِنَّةٌ لِعَدَمِ طِيبِ نَفْسِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّي إلَى إمَامَةِ الْإِمَامِ لِمَنْ هُوَ لَهُ كَارِهٌ، قَالَ الْبُرْزُلِيُّ قُلْت: إنْ كَانَتْ كَرَاهَتُهُمْ لِأَجْلِ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ بِالْحَقِّ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ بَلْ هَذَا يُوجِبُ كَمَالَ الْعَدَالَةِ وَكَوْنَهُ أَحَقَّ مَنْ أَمَّ وَعَنْ أَبِي عِمْرَانَ إذَا كَرِهَ الْجَمَاعَةُ إمَامَهُمْ لِأَجْلِ الدُّنْيَا فَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ وَلَا يُوجِبُ عَزْلًا انْتَهَى.

ص (وَأَغْلَفُ)

ش: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَغْلَفَ لَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ تَرَتُّبُهُ لِلْإِمَامَةِ، وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَالَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى أَنْ يَؤُمَّ الْأَغْلَفُ وَلَا الْمَعْتُوهُ، قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ أَمَّهُمْ الْأَغْلَفُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا الْمَعْتُوهُ فَيُعِيدُونَ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْأَغْلَفُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُخْتَتَنْ، وَالْمَعْتُوهُ الذَّاهِبُ الْعَقْلِ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ مُبَيِّنٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ: إنَّ الْمَعْتُوهَ لَا تَصِحُّ مِنْهُ نِيَّةٌ فَيُعِيدُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ أَبَدًا، وَأَمَّا الْأَغْلَفُ فَلَا يُخْرِجُهُ تَرْكُ الِاخْتِتَان عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ مَبْلَغَ التَّفْسِيقِ كَشَارِبِ الْخَمْرِ وَقَاتِلِ النَّفْسِ فَلَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ أَرْفَعُ مَرَاتِبِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَؤُمُّ إلَّا أَهْلُ الْكَمَالِ فَإِنْ أَمَّ لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ عَلَى مَنْ ائْتَمَّ بِهِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ إذَا جَازَتْ لِنَفْسِهِ جَازَتْ لِغَيْرِهِ انْتَهَى.

ص (وَمَجْهُولُ حَالٍ)

ش: (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَأْتَمَّ إلَّا بِمَنْ يَعْرِفُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا انْتَهَى. مِنْ شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِابْنِ فَرْحُونٍ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الزَّاهِي لَا يُؤْتَمُّ بِمَجْهُولٍ، وَقَالَ قَبْلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْتَمَّ بِمَجْهُولٍ إلَّا رَاتِبًا بِمَسْجِدٍ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت إنْ كَانَتْ تَوْلِيَةُ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ لِذِي هَوًى لَا يُقَدَّمُ فِيهَا بِمُوجَبِ التَّرْجِيحِ الشَّرْعِيِّ لَمْ يُؤْتَمَّ بِرَاتِبٍ فِيهَا إلَّا بَعْدَ الْكَشْفِ عَنْهُ وَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ مَنْ أَدْرَكْتُهُ عَالِمًا دَيِّنًا انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَعَبْدٌ بِفَرْضٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ إمَامًا رَاتِبًا فِي الْفَرَائِضِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْكَرَاهَةُ عَامَّةٌ حَتَّى فِي مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَؤُمُّ الْعَبْدُ فِي الْحَضَرِ وَلَا فِي مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ وَلَا فِي جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ فَإِنْ أَمَّهُمْ فِي جُمُعَةٍ أَعَادَ وَأَعَادُوا إذْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَلَا عِيدَ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَاجِي مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَؤُمُّ فِي مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْكَرَاهَةُ هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَقِيلَ: إنَّهَا جَائِزَةٌ، قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ أَصْلَحَهُمْ لَمْ يُكْرَهْ، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَؤُمُّ فِي الْجُمُعَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ التَّحْرِيمُ هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَقِيلَ تَجُوزُ إمَامَتُهُ ابْتِدَاءً، وَقِيلَ إنْ اُسْتُخْلِفَ لِتَمَامِهَا جَازَ وَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَؤُمُّ فِي الْعِيدِ هُوَ الْمَنْصُوصُ وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ جَوَازَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يَعْنِي فِي الْفَرِيضَةِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ لِأَشْهَبَ نَصَّا وَيُرَدُّ التَّخْرِيجُ بِكَثْرَةِ مَنْ يَحْضُرُ الْعِيدَ مِنْ النَّاسِ فَهُوَ إظْهَارٌ لِأَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَمَّ فِي الْجُمُعَةِ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ أَبَدًا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ فِي الْعِيدِ أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ، وَهُوَ خِلَافٌ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تُجْزِئُ وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ أَمَّهُمْ فِي جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ أَعَادُوا وَلَيْسَ فِي التَّهْذِيبِ ذِكْرُ الْعِيدِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيلِ وَفِي نُسَخٍ مِنْ الْبَرَاذِعِيِّ كَابْنِ يُونُسَ وَلَمْ أَقْرَأْهُ، وَقَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَلَيْسَ فِي الْأُمَّهَاتِ أَوْ عِيدٍ ذَكَرَهُ مُعْتَرِضًا عَلَى ابْنِ يُونُسَ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ نَاجِي

(قُلْت) قَوْلُهُ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ فِي الْعِيدِ أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ الْإِعَادَةَ بِالْجُمُعَةِ يَقْتَضِي نَفْيَ الْإِعَادَةِ فِي الْعِيدِ بَلْ لَفْظُ الْأُمِّ أَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ وَنَصُّهَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ، قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ الْعَبْدُ إمَامًا فِي مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ وَلَا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ وَلَا الْأَعْيَادِ، قَالَ: وَلَا يُصَلِّي الْعَبْدُ بِالْقَوْمِ الْجُمُعَةَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ وَأَعَادُوا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا جُمُعَةَ

ص: 105

عَلَيْهِ انْتَهَى. وَذَكَرَهَا فِي الْأُمِّ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي فِي بَابِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ قَالَ وَلَا يُصَلِّي الْعَبْدُ بِالنَّاسِ الْعِيدَ وَلَا الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَلَا عِيدَ انْتَهَى. وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي التَّهْذِيبِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي عَنْ ابْنِ يُونُسَ هُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ مِنْ الْبَرَاذِعِيّ وَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأُمَّهَاتِ، قَالَ، وَذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيلِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُرَادُهُ فِي الْأَوَّلِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَكَأَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ التَّهْذِيبِ كَذَلِكَ وَاعْتَمَدَ عَلَى اخْتِصَارِ ابْنِ يُونُسَ فَنَسَبَ الْإِعَادَةَ فِي الْعِيدِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَنَصَّهُ اللَّخْمِيُّ فِي كَرَاهَتِهِ يَعْنِي الْعَبْدَ فِي السُّنَنِ، قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَخْرِيجُ الْمَازِرِيَّ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْفَرْضِ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت فِيهَا إنْ أَمَّ فِي عِيدٍ أَعَادُوا، وَظَاهِرُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ الْكَرَاهَةُ خِلَافُهُ انْتَهَى.

(قُلْت) : قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْإِعَادَةَ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْأُمِّ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَكَلَامُ الْأُمِّ كَالصَّرِيحِ فَإِنَّ إمَامَتَهُ فِي السُّنَنِ كَتَرَتُّبِهِ فِي الْفَرَائِضِ فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَالَ فِي الطِّرَازِ - فَرْعٌ -: لَوْ أَمَّهُمْ الْعَبْدُ فِي الْعِيدِ هَلْ يُعِيدُونَ مِثْلَ الْجُمُعَةِ؟ جَمَعَ ابْنُ الْجَلَّابِ بَيْنَهُمَا وَاعْتَلَّ بِأَنَّهُ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَلَا عِيدَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْعِيدَ مِنْ النَّوَافِلِ لَا مِنْ الْفَرَائِضِ، وَلَوْ فَاتَهُ الْعِيدُ مَعَ الْإِمَامِ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَهُ وَحْدَهُ فَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ وَحْدَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَؤُمَّ فِيهِ، وَلِأَنَّ إحْرَامَ الْإِمَامِ فِي حُكْمِ إحْرَامِ الْمُنْفَرِدِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ لِتَوَفُّرِ الْجَمْعِ وَوُجُودِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّبِيبِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَكُرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ الْعَبْدُ إمَامًا رَاتِبًا فِي الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ كَالْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّهَا مَوَاضِعُ اجْتِمَاعِ النَّاسِ انْتَهَى. وَقَالَهُ ابْنُ عَزْمٍ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ، وَالْعَشَرَةُ أَوْصَافٍ الْمَكْرُوهَةِ فِي الْإِمَامِ قَدْ زِيدَ عَلَيْهَا إمَامَةُ الْعَبْدِ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ وَمَنْ يَلْحَنُ فِي قِرَاءَتِهِ وَمَنْ يَقْرَأُ بِالشُّذُوذِ وَالْجَالِسِ فَأُجْرِيَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَوْلَانِ، وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الصَّبِيِّ إنَّمَا هُوَ مَعَ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ سِوَاهُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا أَمْثَالُهُ جَازَتْ قَوْلًا وَاحِدًا انْتَهَى.

ص (وَصَلَاةٌ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ)

ش: قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إمَّا لِتَقْطِيعِ الصُّفُوفِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ جَمْعِ النِّعَالِ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ مُحْدَثٌ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ عِنْدَ الضِّيقِ، وَأَمَّا مَعَ السَّعَةِ فَمَكْرُوهٌ لِلْجَمَاعَةِ، وَأَمَّا الْوَاحِدُ فَلَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى.

ص (أَوْ أَمَامَ الْإِمَامِ بِلَا ضَرُورَةٍ)

ش: وَكَذَلِكَ تُكْرَهُ مُحَاذَاتُهُ، قَالَهُ عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ.

(فَرْعٌ) ، وَقَالَ ابْنُ عَزْمٍ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَسُنَّةُ الْإِمَامِ التَّقَدُّمُ وَسُنَّةُ الْمَأْمُومِ التَّأَخُّرُ فَإِنْ عُكِسَ الْأَمْرُ فَالصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ فِي حَقِّهِمَا، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ طَائِفَةٌ فَإِنْ اضْطَرَّتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى إلَى التَّقَدُّمِ جَازَ وَإِلَّا كُرِهَ انْتَهَى.

ص (وَاقْتِدَاءُ مَنْ بِأَسْفَلِ السَّفِينَةِ بِمَنْ أَعْلَاهَا)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ صَلَّى الْإِمَامُ فِي السَّفِينَةِ أَسْفَلُ وَالنَّاسُ فَوْقُ أَجْزَأَهُمْ إذَا كَانَ إمَامُهُمْ قُدَّامَهُمْ وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ فَوْقُ وَهُمْ أَسْفَلُ لَكِنْ يُصَلُّونَ الَّذِينَ فَوْقُ بِإِمَامٍ وَاَلَّذِينَ أَسْفَلُ بِإِمَامٍ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَاجِي قَالَ الْمَغْرِبِيُّ: مَفْهُومُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ قُدَّامَهُمْ لَمْ تُجْزِهِمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ صَلَاتُهُمْ مُجْزِئَةٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قُدَّامَهُمْ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى إذَا كَانَ قُدَّامَهُمْ فَتُجْزِئُهُمْ بِلَا كَرَاهَةٍ، ثُمَّ قَالَ فِي الْقَوْلَةِ الثَّانِيَةِ: أَشَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ لِمُعَارَضَتِهَا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهَا لَا يُصَلِّي الْإِمَامُ عَلَى أَرْفَعَ مِمَّا عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى أَرْدَفَهَا بِقَوْلِهِ، وَقَالَ فِي السَّفِينَةِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا الْكَرَاهَةُ وَذَكَرْت هَذَا فِي دَرْسِ شَيْخِنَا أَبِي مَهْدِيٍّ - أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَقَرَّهُ وَاسْتَحْسَنَهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ السَّفِينَةَ لَيْسَتْ هِيَ مَحِلُّ الْكِبْرِ، قُصَارَى مَا فِي ذَلِكَ الْكَرَاهِيَةُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ: يُعِيدُ الْأَسْفَلُونَ فِي الْوَقْتِ لَيْسَ هُوَ لِمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ وَإِنَّمَا

ص: 106

هُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَوْجِيهِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يُمْكِنْ لَهُمْ مُرَاعَاةُ أَفْعَالِ الْإِمَامِ وَرُبَّمَا دَارَتْ السَّفِينَةُ فَتَخْتَلِطُ عَلَيْهِمْ أَفْعَالُ صَلَاتِهِمْ فَلَيْسَ ذَلِكَ كَالدُّكَّانِ يَكُونُ فِيهَا مَعَ الْإِمَامِ فَوْقُ، قَوْمٌ وَأَسْفَلُ قَوْمٌ فَافْتَرَقَا انْتَهَى.

ص (كَأَبِي قُبَيْسٍ)

ش: يَعْنِي يُكْرَهُ لِمَنْ كَانَ بِأَبِي قُبَيْسٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَقُعَيْقِعَانَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي صَلَاةِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْبُطْلَانِ وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ، فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ مُرَاعَاةُ فِعْلِ الْإِمَامِ صَحَّتْ، وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بَطَلَتْ وَهَذَا يُعْلَمُ بِالْمُشَاهَدَةِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهِ: هَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ يُونُسَ يُرِيدُ لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ مُرَاعَاةَ فِعْلِهِ فِي الصَّلَاةِ.

(قُلْت) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا يُعْجِبَنِي عَلَى التَّحْرِيمِ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إنَّمَا كَرِهَ الصَّلَاةَ لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ فَإِنْ فَعَلَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَكَذَلِكَ رَأَيْت فِي مَسَائِلَ لِأَبِي الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيِّ أَنَّ الصَّلَاةَ تَامَّةٌ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ قَالُوا ذَلِكَ وَالْإِمَامُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ سَهْوٌ لَمْ يَعْرِفْ مِنْ هُنَاكَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ صَلَّى عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَقُعَيْقِعَانَ وَحْدَهُ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَإِنْ كَانَ يَعْلُو الْكَعْبَةَ؛ لِأَنَّ الْكَعْبَةَ مِنْ الْأَرْضِ إلَى السَّمَاءِ انْتَهَى. فَيَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا أَنَّ صَلَاةَ مَنْ كَانَ بِأَبِي قُبَيْسٍ مُقْتَدِيًا بِصَلَاةِ الْإِمَامِ مَكْرُوهَةٌ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ أَفْعَالِ الْإِمَامِ فَلَا شَكَّ فِي الْبُطْلَانِ وَلَيْسَ هَذَا مُعَارِضًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَائِزَاتِ وَعُلُوُّ مَأْمُومٍ، وَلَوْ بِسَطْحٍ لِكَثْرَةِ الْبُعْدِ هُنَا فَتَعْسُرُ الْمُرَاعَاةُ لِأَفْعَالِ الْإِمَامِ، وَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ بِتَكَلُّفٍ وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى شَغْلِ الْبَالِ بِذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَقَالَ فِيهَا: لَا يُعْجِبُنِي عَقِبَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، وَاخْتِيَارُهُ فِيهَا الْجَوَازُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَصَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ وَبِالْعَكْسِ) ش قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ رَوَى مُوسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ، وَإِنْ صَلَّى رَجُلٌ خَلْفَ النِّسَاءِ أَوْ امْرَأَةٌ أَمَامَ الرِّجَالِ كَرِهْتُهُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّبِيبِيُّ لَمَّا عَدَّ مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ فِي بَابِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا: وَصَلَاةُ الرَّجُلِ خَلْفَ صُفُوفِ النِّسَاءِ وَالْمَرْأَةِ أَمَامَ صُفُوفِ الرِّجَالِ، وَصَلَاةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجَنْبِ الْآخَرِ انْتَهَى.

ص (وَإِمَامَةٌ بِمَسْجِدٍ بِلَا رِدَاءٍ)

ش: قَالَ فِي أَوَّل رَسْمٍ مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ فَيُكْرَهُ تَرْكُ الِالْتِحَافِ بِالْعَمَائِمِ فِيهَا، وَيُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مِنْ بَقَايَا عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ انْتَهَى.

ص (وَتَنَفُّلُهُ بِمِحْرَابِهِ)

ش: يُرِيدُ وَجُلُوسُهُ فِيهِ بِلَا صَلَاةٍ كَمَا قَالَ فِي الرِّسَالَةِ

ص: 107

وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَلَا يَثْبُتُ بَعْدَ سَلَامِهِ انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ تَحْوِيلُ الْهَيْئَةِ انْتَهَى. وَسَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ يُتَنَفَّلُ بَعْدَهَا أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، قَالَهُ الشَّبِيبِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الثَّعَالِبِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى " الْعُلُومُ الْفَاخِرَةُ فِي النَّظَرِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فِي بَابِ جَامِعٍ لِأَحْوَالِ الْمَوْتَى، قَالَ فِي أَثْنَائِهِ - بَابٌ - وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ الرُّؤْيَا الطَّوِيلَ، قَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الْفِقْهِ جَوَازُ جُلُوسِ الْإِمَامِ فِي مُصَلَّاهٌ الَّذِي صَلَّى فِيهِ إذَا أَدَارَ وَجْهَهُ إلَى الْجَمَاعَةِ وَإِنَّ هَذَا هُوَ السُّنَّةُ لَا مَا يَرَاهُ بَعْضُ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى التَّشْدِيدِ فِي الدِّينِ مِنْ الْأَئِمَّةِ حَتَّى إنَّهُ يَقُومُ مِنْ حِينِ فَرَاغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ كَأَنَّمَا ضُرِبَ بِشَيْءٍ يُؤْلِمُهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ مِنْ الدِّينِ وَيَفُوتُهُ بِذَلِكَ خَيْرَانِ: - أَحَدُهُمَا اسْتِغْفَارُ الْمَلَائِكَةِ لَهُ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ - الثَّانِي مُخَالَفَتُهُ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي هِيَ نَصُّ الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ «كَانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ لَيْسَ إلَّا» وَلَمْ يَذْكُرْ الْقِيَامَ، وَلَوْ قَامَ لَأَخْبَرُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا مِنْ فِعْلِهِ يُخْبِرُونَ بِهِ وَعَلَى هَذَا أَدْرَكْت بِالْأَنْدَلُسِ كُلَّ مَنْ لَقِيتُ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ يُقْبِلُونَ بِوُجُوهِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ، قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا مَحِيدَ عَنْهُ وَعَلَيْهِ أَدْرَكْنَا الْأَئِمَّةَ فِي الْجَوَامِعِ الْمُعَظَّمَةِ

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» وَهُوَ نَصٌّ جَلِيٌّ يُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ فِي فَضْلِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُغَيِّرُ هَيْئَتَهُ فِي جُلُوسِهِ فِي الصَّلَاةِ فَيُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَتَى بِالسُّنَّةِ لِمَا وَرَدَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ» فَيَحْصُلُ لِفَاعِلِ ذَلِكَ امْتِثَالُ السُّنَّةِ وَبَقَاءُ اسْتِغْفَارِ الْمَلَائِكَةِ لَهُ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ أَنْ لَوْ قَامَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَخَرَجَ فَإِنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ اسْتِغْفَارَ الْمَلَائِكَةِ لَهُ هَذَا إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ أَوْ رَحْلِهِ فِي السَّفَرِ فَلَا بَأْسَ بِجُلُوسِهِ فِيهِ وَتَغْيِيرُ الْهَيْئَةِ أَوْلَى كَذَلِكَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقْعُدُ فِي مُصَلَّاهُ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي صَلَاتِهِ وَذَلِكَ بِدْعَةٌ انْتَهَى. وَانْظُرْ الْأَبِيَّ وَالْإِكْمَالَ وَالْقُرْطُبِيَّ، وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَالْمُسْتَحَبُّ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ أَنْ لَا يَتَنَفَّلَ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْفَرِيضَةَ بَلْ يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَيُصَلِّي فِيهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا حَرَجَ انْتَهَى. وَعَلَى قِيَاسِهِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنَّهُ كُلَّمَا رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ تَحَوَّلَ إلَى مَكَان آخَرَ فَانْظُرْهُ وَانْظُرْ الْبُخَارِيَّ وَانْظُرْ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ.

(فَرْعٌ) وَرَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ عَنْ ابْنِ الْفَخَّارِ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ الْفَخَّارِ: وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ أَوْ يَنْصَرِفَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُومَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لِلنَّافِلَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى رَجُلًا قَامَ بِإِثْرِ فَرَاغِهِ مِنْ الْفَرْضِ إلَى النَّافِلَةِ فَقَامَ إلَيْهِ وَجَذَبَهُ بِثِيَابِهِ وَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ، وَقَالَ لَهُ مَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ إلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَفْصِلُونَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَرَآهُ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعَ مَقَالَتَهُ فَقَالَ لَهُ أَصَابَ اللَّهُ بِكَ يَا عُمَرُ» انْتَهَى. وَذَكَرَ أَنَّ الزُّهْرِيَّ شَارِحَ الرِّسَالَةِ نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْفَخَّارِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فِي إعْلَامِ السَّاجِدِ بِأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَسَاجِدِ: الثَّامِنُ وَالسِّتُّونَ كَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ اتِّخَاذُ الْمَحَارِيبِ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ أَوَّلُ شِرْكٍ كَانَ فِي أَهْلِ الصَّلَاةِ هَذِهِ الْمَحَارِيبُ، وَفِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ صَلَّى وَاعْتَزَلَ الطَّاقَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، وَقَالَ: كَرِهَ الصَّلَاةَ فِي طَاقِ الْمَسْجِدِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَعْمَرٌ، وَالْمُرَادُ بِطَاقِ الْمَسْجِدِ الْمِحْرَابُ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ الْإِمَامُ، وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْحَنَفِيَّةِ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ فِي

ص: 108

الْمَسْجِدِ وَسُجُودُهُ فِي الطَّاقِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُومَ فِي الطَّاقِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ اخْتِلَافَ الْمَكَانَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُكْرَهُ الِانْفِرَادُ انْتَهَى. وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ بِلَا كَرَاهَةٍ وَلَمْ يَزَلْ عَمَلُ النَّاسِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ انْتَهَى.

ص (وَإِعَادَةُ جَمَاعَةٍ بَعْدَ الرَّاتِبِ، وَإِنْ أَذِنَ)

ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ.

(فَرْعٌ) مُهِمٌّ اُخْتُلِفَ فِي جَمْعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي مَقَامَاتِهِمْ الْمَعْهُودَةِ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ إعَادَةِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ فَيَكُونُ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي فِي مَقَامِ إبْرَاهِيمَ، وَهُوَ الْأَوَّلُ وَمَنْ بَعْدَهُ حُكْمُهُ حُكْمُ إعَادَةِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ أَوْ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ فِي الْكَرَاهَةِ بَلْ رُبَّمَا انْتَهَى إلَى الْمَنْعِ لِمَا سَيَأْتِي، أَوْ صَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهَا وَمَقَامَاتُهُمْ كَمَسَاجِدَ مُتَعَدِّدَةٍ فَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُمْ أَفْتَوْا بِأَنَّ صَلَاتَهُمْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ جَائِزَةٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهَا إذْ مَقَامَاتُهُمْ كَمَسَاجِدَ مُتَعَدِّدَةٍ لِأَمْرِ الْإِمَامِ بِذَلِكَ وَإِذَا أَمَرَ الْإِمَامُ بِذَلِكَ فَقَدْ زَالَتْ الْعِلَّةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا كُرِهَ أَنْ تُصَلِّي جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ، وَذَكَرَ أَجْوِبَتَهُمْ بِلَفْظِهَا وَهُمْ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَطَاءِ اللَّهِ شَارِحُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْإِمَامُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْقُرْطُبِيُّ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَعِيدٌ الرَّبَعِيُّ أَحَدُ قُضَاةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَقَاضِي قُضَاةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ رَشِيقٍ، قَالَ وَكَانَ مِمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَالْوَرَعِ وَالتَّقْوَى، وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَرْجَانِيُّ وَالشَّيْخُ حَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ وَالشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الْمَخِيلِيُّ، وَكَانَ الِاسْتِفْتَاءُ الْمَذْكُورُ فِي الْمِائَةِ السَّابِعَةِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَوَقَفْت بِثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة عَلَى تَأْلِيفٍ يُخَالِفُ مَا أَفْتَى بِهِ الْجَمَاعَةُ وَأَنَّ الْإِمَامَ الرَّاتِبَ هُوَ إمَامُ الْمَقَامِ وَلَا أَثَرَ لِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ فِي رَفْعِ الْكَرَاهَةِ الْحَاصِلَةِ فِي جَمْعِ جَمَاعَةٍ بَعْدَ جَمَاعَةٍ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ وَأَلَّفَ فِي ذَلِكَ تَأْلِيفًا، وَلَمْ يَحْضُرْنِي الْآنَ اسْمُ مُؤَلَّفِهِ - رَحِم اللَّهُ الْجَمِيعَ - انْتَهَى.

(قُلْت) قَدْ وَقَفْت عَلَى تَأْلِيفَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَحَدِهِمَا - لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُبَابِ السَّعْدِيِّ الْمَالِكِيِّ، وَالثَّانِي مِنْهُمَا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي إبْرَاهِيمَ الْغَسَّانِيِّ الْمَالِكِيِّ فَأَمَّا الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحُبَابِ فَذَكَرَ أَنَّهُ أَفْتَى فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِمَنْعِ الصَّلَاةِ بِأَئِمَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَجَمَاعَاتٍ مُتَرَتِّبَةٍ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ الْأَرْبَعَةِ.

وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ عُلَمَاءِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة أَفْتَى بِخِلَافِ ذَلِكَ وَهُمْ شَدَّادُ بْنُ الْمُقَدِّمِ وَعَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَتِيقٍ وَأَبُو الطَّاهِرِ بْنُ عَوْفٍ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمْ وَبَالَغَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَجَعَ عَمَّا أَفْتَى بِهِ لَمَّا وَقَفَ عَلَى كَلَامِهِ، وَقَالَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ: قَوْلُهُمْ " إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ جَائِزَةٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهَا " خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا تَجُوزُ، وَإِنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِهَا أَنْ تَكُونَ مَكْرُوهَةً؛ لِأَنَّ الَّذِي اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ فِي مَسْجِدٍ لَيْسَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ أَوْ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ جَمَاعَةً ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ فَأَرَادُوا إقَامَةَ تِلْكَ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً فَهَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ فَأَمَّا حُضُورُ جَمَاعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تُقَامُ الصَّلَاةُ فَيَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ فَيُصَلِّي وَأُولَئِكَ عُكُوفٌ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ تَدْعُوهُمْ إلَى ذَلِكَ تَارِكُونَ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ مُتَشَاغِلُونَ بِالنَّوَافِلِ وَالْحَدِيثِ حَتَّى تَنْقَضِيَ صَلَاةُ الْأَوَّلِ.

ثُمَّ يَقُومُ الَّذِي يَلِيهِ وَتَبْقَى الْجَمَاعَةُ الْأُخْرَى عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ يُصَلُّونَ أَوْ تَحْضُرُ الصَّلَاةُ الْوَاحِدَةُ كَالْمَغْرِبِ فَيُقِيمُ كُلُّ إمَامٍ الصَّلَاةَ جَهْرًا يَسْمَعُهَا الْكَافَّةُ وَوُجُوهُهُمْ مُتَرَائِيَةٌ وَالْمُقْتَدُونَ بِهِمْ مُخْتَلِطُونَ فِي الصُّفُوفِ وَيَسْمَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ قِرَاءَةَ الْآخَرِينَ وَيَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ فَيَكُونُ أَحَدُهُمْ فِي الرُّكُوعِ وَالْآخَرُ فِي الرَّفْعِ مِنْهُ وَالْآخَرُ فِي السُّجُودِ فَالْأُمَّةُ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا تَجُوزُ وَأَقَلُّ أَحْوَالِهَا أَنْ تَكُونَ مَكْرُوهَةً فَقَوْلُ الْقَائِلِ

ص: 109

إنَّهَا جَائِزَةٌ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا " خَرْقٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَالْقَرْنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ وَالسَّادِسِ إلَى حِينِ ظُهُورِ هَذِهِ الْبِدْعَةِ، ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ: وَإِنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ، وَرَدَّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ.

فَأَمَّا أَحْمَدُ فَكَفَانَا فِي الْمَسْأَلَةِ مُهِمَّةٌ فَإِنَّهُ مَنَعَ مِنْ إقَامَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ بِجَمَاعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم

وَقَدْ حُكِيَ لَكَ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْي الَّذِينَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ إنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ إقَامَةَ صَلَاةٍ بِإِمَامَيْنِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ، فَأَمَّا إقَامَةُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ بِإِمَامَيْنِ رَاتِبَيْنِ يَحْضُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْإِمَامَيْنِ فَيَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الَّذِي رُتِّبَ لِيُصَلِّيَ أَوَّلَ وَتَجْلِسُ الْجَمَاعَةُ الْأُخْرَى وَإِمَامُهُمْ عُكُوفًا حَتَّى يَفْرَغَ الْأَوَّلُ ثُمَّ يُقِيمُونَ صَلَاتَهُمْ فَهَذَا مِمَّا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ.

وَلَا يُمْكِنُ أَحَدٌ أَنْ يَحْكِيَ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ لَا فِعْلًا وَلَا قَوْلًا فَكَيْفَ بِإِمَامَيْنِ يُقِيمَانِ الصَّلَاةَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَيُكَبِّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَهْلُ الْقُدْوَةِ مُخْتَلِطُونَ وَيَسْمَعُ كُلُّ وَاحِدٍ قِرَاءَةَ الْآخَرِ فَهَؤُلَاءِ زَادُوا عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي لِسَلَفِ الْأُمَّةِ وَخَلَفِهَا وَمُخَالَفَةِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَجْهَرُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ» وَاَللَّهِ لَمْ يَرْضَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُتَنَفِّلَيْنِ تَنَفُّلًا فِي الْمَسْجِدِ، بَلْ لَمْ يَرْضَهُ لِمُقْتَدٍ اقْتَدَى بِهِ فَصَلَّى خَلْفَهُ فَكَيْفَ يَرْضَى ذَلِكَ لِإِمَامَيْنِ مُنْفَرِدَيْنِ هَذَا مِمَّا لَا نَعْلَمُ لَهُ نَظِيرًا فِي قَدِيمٍ وَلَا حَدِيثٍ، ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: فَأَمَّا إقَامَةُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَسْتَحْسِنْهَا أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بَلْ اسْتَقْبَحَهَا كُلُّ مَنْ سُئِلَ عَنْهَا وَمِنْهُمْ مِنْ بَادَرَ بِالْإِنْكَارِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا إذْنُ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ فَلَا يُصَيِّرُهُ جَائِزًا كَمَا لَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ لِلْمَالِكِيِّ فِي بَيْعِ النَّبِيذِ أَوْ التَّوَضُّؤِ بِهِ أَوْ فِي أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَلَا يَقْرَأُ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " أَوْ فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيَّ وَالشَّيْخَ يَحْيَى الزَّنَاتِيَّ أَنْكَرَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَإِنَّهُمَا لَمْ يُصَلِّيَا خَلْفَ إمَامِ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْحَرَمِ الشَّرِيفِ رَكْعَةً وَاحِدَةً، قَالَ وَكَانَ إمَامُ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَيْرَ مَغْمُوصٍ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ، وَهُوَ رَزِينٌ فِي أَيَّامِ الزَّنَاتِيِّ وَالْقَابِسِيُّ فِي أَيَّامِ الطُّرْطُوشِيِّ، ثُمَّ قَالَ وَحَالُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ مَشْهُورٌ عَنْ أَقْرَانِنَا وَمَنْ قَبْلَنَا بِيَسِيرٍ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ وَرَدُوا إلَى مَكَّةَ فِي سَنَةِ إحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَإِنَّهُمْ أَنْكَرُوا صَلَاةَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ مُتَرَتِّبِينَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَعْهُودَةِ، وَإِنَّهُ عَرَضَ مَا أَمْلَاهُ فِي عَدَمِ جَوَازِ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَأَنْكَرَ إقَامَتَهَا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّهُمْ وَافَقُوهُ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ انْتَهَى مُخْتَصَرًا غَالِبُهُ بِالْمَعْنَى

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْغَسَّانِيُّ: إنَّ افْتِرَاقَ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ الْإِقَامَةِ عَلَى أَئِمَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ: إمَامٍ سَاجِدٍ وَإِمَامٍ رَاكِعٍ وَإِمَامٍ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يُوجَدْ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَلَا أَذِنَ بِهِ أَحَدٌ بَعْدَ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام لَا مَنْ صَحَّتْ عَقِيدَتُهُ وَلَا مَنْ فَسَدَتْ لَا فِي سَفَرٍ وَلَا فِي حَضَرٍ وَلَا عِنْدَ تَلَاحُمِ السُّيُوفِ وَتَضَامِّ الصُّفُوفِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يُوجَدُ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ لِمَنْ تَقَدَّمَ فَيَكُونُ لَهُ بِهِ أُسْوَةٌ انْتَهَى.

وَسُئِلَ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ بْنُ ظَهِيرَةَ عَنْ إقَامَةِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ الْقَائِلُ فِي السُّؤَالِ: إنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ النُّبُوَّةِ وَلَا الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَلَا فِي زَمَنِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَعَنْ قَوْلِ بَعْضِ فُقَهَاءِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة: إنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ كَأَرْبَعَةِ مَسَاجِدَ، وَإِنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء: 1] وَلِقَوْلِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» وَلَمْ يَقُلْ الْمَسَاجِدَ الْحَرَامَ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صَلَاةَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ الْمَغْرِبَ دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ الْبِدَعِ الْفَظِيعَةِ وَالْأُمُورِ الشَّنِيعَةِ الَّتِي

ص: 110

لَمْ تَزَلْ الْعُلَمَاءُ يُنْكِرُونَهَا فِي الْحَدِيثِ وَالْقَدِيمِ وَيَرُدُّونَهَا عَلَى مُخْتَرِعِهَا الْقَادِمِ مِنْهُمْ وَالْمُقِيمِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ كَلَامِ ابْنِ الْحُبَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَكَلَامِ الْغَسَّانِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ كَفَانَا هَذَانِ الرَّجُلَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِيمَا نَقَلَهُ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا مِنْ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَكَلَامِ الْأَئِمَّةِ كِفَايَةٌ، قَالَ: وَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِالشَّيْخِ الْإِمَامِ الْعَالِمِ الْعَلَّامَةِ عَالِمِ الْمَغْرِبِ فِي وَقْتِهِ الْمُجْمَعِ عَلَى عِلْمِهِ وَدِينِهِ وَفَضِيلَتِهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَرَفَةَ فِي حَجَّتِهِ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى اجْتِمَاعَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا انْتَهَى، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَبَشَاعَةُ ذَلِكَ وَشَنَاعَتُهُ ظَاهِرَةٌ لِمَنْ أُلْهِمَ رُشْدَهُ وَلَمْ تَمِلْ بِهِ عَصَبِيَّةٌ.

وَدَلَائِلُ الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ، وَقَدْ يَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ فِي الْمَوْسِمِ عَلَى الْمُصَلِّينَ مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ وَتَبْطُلُ صَلَاةُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ لِلِاشْتِبَاهِ، وَجَمِيعُ الْبِلَادِ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا هَذِهِ الْجَمَاعَاتُ يَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الشَّافِعِيُّ الرَّاتِبُ الْأَوَّلُ كَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَدِمَشْقَ وَغَيْرِهِمَا وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي يَجِبُ إنْكَارُهَا وَالسَّعْيُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي خَفْضِ مَنَارِهَا وَإِزَالَةِ شِعَارِهَا وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ، وَيُثَابُ وَلِيُّ الْأَمْرِ عَلَى إزَالَةِ هَذَا الْمُنْكَرِ وَيَنَالُ بِهِ عِنْدَ اللَّهِ الدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةَ وَيُؤْجَرُ، وَكُلُّ مَنْ قَامَ فِي ذَلِكَ فَلَهُ الْأَجْرُ الْوَافِرُ وَالْخَيْرُ الْعَظِيمُ الْمُتَكَاثِرُ، وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ فُقَهَاءِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة بِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ كَأَرْبَعَةِ مَسَاجِدَ فَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ سَخِيفٌ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ أَنْ يُتَعَرَّضَ لَهُ بِرَدٍّ لِمُخَالَفَتِهِ الْمَحْسُوسَ وَالْأَدِلَّةَ الظَّاهِرَةَ الْمُتَكَاثِرَةَ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ انْتَهَى.

(قُلْت) وَمَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ إذْ لَا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ الْمَذْكُورَ مُنَاقِضٌ لِمَقْصُودِ الشَّارِعِ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ اجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ تَعُودَ بَرَكَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَأَنْ لَا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى تَفَرُّقِ الْكَلِمَةِ وَلَمْ يَسْمَحْ الشَّارِعُ بِتَفْرِيقِ الْجَمَاعَةِ بِإِمَامَيْنِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ الشَّدِيدَةِ وَهِيَ حُضُورُ الْقِتَالِ مَعَ عَدُوِّ الدِّينِ بَلْ أَمَرَ بِقَسْمِ الْجَمَاعَةِ وَصَلَاتِهِمْ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى رَسُولَهُ بِهَدْمِ مَسْجِدِ الضِّرَارِ لَمَّا اُتُّخِذَ لِتَفْرِيقِ الْجَمَاعَةِ، وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: فِعْلُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ فِي تَفْرِيقِ الْجَمَاعَةِ يُشْبِهُ فِعْلَ مَسْجِدِ أَهْلِ الضِّرَارِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا مَا كَانَ يُفْعَلُ فِي الْمَغْرِبِ فَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي حُرْمَتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ نَرَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي أَدْرَكْنَاهُ اجْتِمَاعَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِيهَا، وَإِنَّمَا كَانَ يُصَلِّيهَا الشَّافِعِيُّ وَالْحَنَفِيُّ، وَكَانَ سَيِّدِي الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُنْكِرُ ذَلِكَ غَايَةَ الْإِنْكَارِ وَأَجَابَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ بِمَا صُورَتُهُ: أَمَّا اجْتِمَاعُ إمَامَيْنِ بِجَمَاعَتَيْنِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَقَدْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْحُبَابِ وَالشَّيْخُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْغَسَّانِيُّ وَالْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ بْنُ ظَهِيرَةَ الشَّافِعِيُّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ سَأَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ مُوسَى الْمُنَاوِيُّ، وَقَالَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ الْفَظِيعَةِ وَالْأُمُورِ الشَّنِيعَةِ الَّتِي لَمْ يَزَلْ الْعُلَمَاءُ يُنْكِرُونَهَا فِي الْحَدِيثِ وَالْقَدِيمِ وَيَرُدُّونَهَا عَلَى مُخْتَرِعِهَا الْقَادِمِ مِنْهُمْ وَالْمُقِيمِ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَمَّا حَجَّ فِي سَنَةِ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَرَأَى اجْتِمَاعَ الْأَئِمَّةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا

قَالَ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ بْنُ ظَهِيرَةَ، وَهَذَا صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَبَشَاعَةُ ذَلِكَ وَشَنَاعَتُهُ ظَاهِرَةٌ لِمَنْ أُلْهِمَ رُشْدَهُ وَلَمْ تَمِلْ بِهِ عَصَبِيَّةٌ وَدَلَائِلُ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ النَّبَوِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ، وَلَقَدْ يَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْمُصَلِّينَ فِي الْمَوْسِمِ مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ وَتَبْطُلُ صَلَاةُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إزَالَةُ هَذِهِ الْبِدْعَةِ الْقَبِيحَةِ الشَّنِيعَةِ وَعَلَى كُلِّ

ص: 111