الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُسْتَحَبُّ لِلْقَائِمِ مِنْ اللَّيْلِ أَنْ يَقْرَأَ عِنْدَ انْتِبَاهِهِ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران: 190] الْآيَاتُ آخِرُ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَرَدَ بِذَلِكَ الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَنَصَّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ.
[فَرْعٌ يُرِيدُ أَنْ يُطَوِّلَ التَّنَفُّلَ فَيَبْدَأَ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي جَامِعِ الْقَوْلِ فِي صَلَاةِ النَّوَافِلِ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قِيلَ لِمَالِكٍ فِيمَنْ يُرِيدُ أَنْ يُطَوِّلَ التَّنَفُّلَ فَيَبْدَأَ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ: يَرْكَعُ كَيْفَ شَاءَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ هَذَا شَأْنَ مَنْ يُرِيدُ طُولَ التَّنَفُّلِ فَلَا انْتَهَى.
وَانْظُرْ الْأَبِيَّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ التَّهَجُّدِ (فَرْعٌ) قِيلَ لِمَالِكٍ: أَيَتَنَفَّلُ الرَّجُلُ وَيَقُولُ إنْ كُنْتُ ضَيَّعْت فِي حَدَاثَتِي فَهَذَا قَضَاءُ تِلْكَ؟ قَالَ: مَا هَذَا مِنْ عَمَلِ النَّاسِ انْتَهَى.
اُنْظُرْ شَرْحَ الرِّسَالَةِ لِسَيِّدِي أَحْمَدَ زَرُّوق
ص (وَلَمْ يُعِدْهُ مُقَدِّمٌ ثُمَّ صَلَّى وَجَازَ) ش تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَلَوْ أَرَادَ التَّنَفُّلَ بَعْدَ وَتْرِهِ أَوَّلَ اللَّيْلِ لِنِيَّةٍ حَدَثَتْ لَهُ جَازَ وَيُكْرَهُ بِلَا فَاصِلٍ عَادٍ انْتَهَى.
ص (وَعَقِيبَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ بِسَلَامٍ)
ش: الْأَفْصَحُ فِي عَقِيبٍ تَرْكُ الْيَاءِ قَالَهُ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْوِتْرُ عَقِبَ شَفْعٍ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الشَّفْعَ قَبْلَهُ لِلْفَضِيلَةِ لَا لِلصِّحَّةِ، وَهُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَعَطَفَ مُقَابِلَهُ بِقِيلَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَشَهَرَ الْبَاجِيُّ أَنَّهُ لِلصِّحَّةِ.
[فَرْعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي رَكْعَتَيْ الشَّفْعِ أَنْ يَخُصَّهُمَا بِالنِّيَّةِ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَفِي كَوْنِهِ لِأَجْلِهِ قَوْلَانِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي رَكْعَتَيْ الشَّفْعِ أَنْ يَخُصَّهُمَا بِالنِّيَّةِ أَوْ يَكْتَفِي بِأَيِّ الرَّكْعَتَيْنِ كَانَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ؟ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ لِأَجْلِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَتَى بِشَفْعٍ يَخْتَصُّ بِهَا، وَإِنْ شَاءَ أَتَى بِهَا بَعْدَ نَافِلَةٍ غَيْرِ مُخْتَصَّةٍ بِهَا انْتَهَى.
مِنْ تَصْحِيحِ ابْنِ الْحَاجِبِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: ثُمَّ شَرَطَ فِي اتِّصَالِهِ قَوْلَانِ: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَيْسَ مُرَتَّبًا عَلَى أَنَّهُ لِأَجْلِهِ بَلْ هُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ، وَإِذَا قُلْنَا بِتَقْدِيمِ شَفْعٍ، وَلَا بُدَّ، فَهَلْ يَلْزَمُ اتِّصَالُهُ بِالْوَتْرِ أَوْ يَجُوزُ، وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ قَوْلَانِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ: مَسْأَلَةٌ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْ الشَّفْعِ ثُمَّ اُشْتُغِلَ بِشُغْلٍ خَفِيفٍ ثُمَّ أَوْتَرَ صَحَّ ذَلِكَ، وَإِنْ تَطَاوَلَ أَعَادَ الشَّفْعَ وَصَلَّى الْوَتْرَ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: قُلْت: هَذَا بَيِّنٌ عَلَى وُجُوبِ الِاتِّصَالِ وَأَقَرَّهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ الِاتِّصَالُ فَعَلَى هَذَا لَا يُعِيدُ الشَّفْعُ مُطْلَقًا انْتَهَى.
لَكِنَّ الِاتِّصَالَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَعَلَى هَذَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ اُسْتُحِبَّ إعَادَةُ الشَّفْعِ، وَقَالَهُ فِي أَوَاخِرِ الرَّسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ فِيمَنْ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَيُصَلِّي بَعْدَهَا رَكَعَاتٍ ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَنْ يُوتِرَ أَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ أَمْ يُصَلِّي اثْنَتَيْنِ قَبْلَهَا؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ لَهُ سِعَةٌ فِي أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ، وَلَا يُصَلِّي قَبْلَهَا إذَا كَانَ رَكَعَ بَعْدَ الْعِشَاءِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ: يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، وَإِنْ طَالَ مَا بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ
وَالْوَاحِدَةُ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي اللَّيْلِ قَبْلَ الْفَجْرِ صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَفْصِلَ مَا بَيْنَ الْوَتْرِ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الشَّفْعِ بِسَلَامٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي آخِرِ رَسْمٍ لَمْ يُدْرَكْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَخِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ إذَا كَانَ الْأَمْرُ قَدْ طَالَ وَوَجْهُ هَذَا مُرَاعَاةُ قَوْلِ مَنْ يَرَى الْوَتْرَ ثَلَاثًا تِبَاعًا بِغَيْرِ سَلَامٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَرَكَعَ بَعْدَ الْعِشَاءِ لَأَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ عَلَى مَا فِي رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى قَوْلًا وَاحِدًا لِمَا جَاءَ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ انْتَهَى.
(قُلْت) يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ الْأَوْلَى وَالْمُسْتَحَبُّ، وَمَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ عَلَى الْإِجْزَاءِ، فَلَا يَكُونُ خِلَافًا، وَمَا حَكَاهُ مِنْ الِاتِّفَاقِ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ)
ش: (تَنْبِيهٌ) إذَا كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يُصَلِّي الشَّفْعَ بِالْوَتْرِ وَأَدْرَكَهُ الْمَأْمُومُ فِي الْوَتْرِ فَإِنَّهُ يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ سَلَامِهِ قَالَهُ فِي رَسْمٍ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى فَتُجْعَلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لُغْزًا يُقَالُ: شَخْصٌ وَيُصَلِّي الْوَتْرَ قَبْلَ الشَّفْعِ فَتَأَمَّلْهُ.
ص (وَنَظَرٌ بِمُصْحَفٍ فِي فَرْضٍ وَأَثْنَاءِ نَفْلٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فِي الْمُصْحَفِ فِي الْمَسْجِدِ فَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ مِنْ مُخْتَصَرِ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ تَكُنْ الْقِرَاءَةُ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْمُصْحَفِ أَمْرَ النَّاسِ الْقَدِيمَ، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ الْحَجَّاجُ وَأَكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ فِي الْمُصْحَفِ فِي الْمَسْجِدِ انْتَهَى.
مِنْ تَرْجَمَةِ الدُّعَاءِ وَذِكْرِ اللَّهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ بَعْدَ فَصْلِ السَّمَاعِ فِي الْقِرَاءَةِ بِالْإِلْحَانِ وَنَقَلَ بَعْضَهُ فِي فَضْلِ الْإِمَامِ وَوَضْعِ الْكَرَاسِيِّ فِي الْمَسْجِدِ، وَنَقَلَ ذَلِكَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي يَنْبَغِي أَنْ تُنَزَّهَ الْمَسَاجِدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا وَعَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الْمُصْحَفِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّة فِي أَعْلَامِ السَّاجِدِ بِأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَسَاجِدِ: الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ: قَالَ مَالِكٌ: لَمْ تَكُنْ الْقِرَاءَةُ فِي الْمُصْحَفِ بِالْمَسْجِدِ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ الْحَجَّاجُ، وَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ فِي الْمُصْحَفِ بِالْمَسْجِدِ وَأَرَى أَنْ يُقَامُوا مِنْ الْمَسَاجِدِ إذَا اجْتَمَعُوا لِلْقِرَاءَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قُلْت، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْخَلَفُ وَالسَّلَفُ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْمِيرِهَا بِالذِّكْرِ، وَفِي الصَّحِيحِ فِي قَضِيَّةِ الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ إنَّمَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَقَالَ تَعَالَى {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36] ، وَهَذَا عَامٌّ فِي الْمَصَاحِفِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى.
(قُلْت) أَمَّا نَقْلُهُ عَنْ السَّلَفِ اسْتِحْبَابَ ذَلِكَ فَمُعَارَضٌ بِنَقْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ وَمَالِكٌ أَعْلَمُ بِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ السَّلَفُ
ص (وَجَمْعٌ كَثِيرٌ لِنَفْلٍ أَوْ بِمَكَانٍ اُشْتُهِرَ)
ش: يُرِيدُ وَكَذَلِكَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِالْجَمْعِ لِلنَّافِلَةِ فِيهَا، وَصَرَّحَ الْعُلَمَاءُ بِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي بَابِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: يُصَلِّي النَّافِلَةَ جَمَاعَةٌ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ مُرَادُهُ: الْجَمْعُ الْقَلِيلُ خُفْيَةً كَثَلَاثَةٍ لِئَلَّا يَظُنَّهُ الْعَامَّةُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَرَائِضِ؛ وَلِذَلِكَ أَشَارَ أَبُو الطَّاهِرِ يَعْنِي ابْنَ بَشِيرٍ، وَقَالَ
لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي كَرَاهَةِ الْجَمْعِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَلَيْلَةَ عَاشُورَاءَ وَيَنْبَغِي لِلْأَئِمَّةِ الْمَنْعُ مِنْهُ انْتَهَى.
ص (وَكَلَامٌ بَعْدَ صَلَاةِ صُبْحٍ لِقُرْبِ الطُّلُوعِ)
ش: قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَيُسْتَحَبُّ إثْرَ صَلَاةِ الصُّبْحِ التَّمَادِي فِي الذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ إنَّمَا كَانَ مُسْتَحَبًّا لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ - تَعَالَى - حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّتَيْنِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
(قُلْت) : وَيَظْهَرُ أَنَّ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي هَذَا الْوَقْتِ يَحْصُلُ لَهُ الشَّرَفُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَشْرَفِ الْأَذْكَارِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَا قَالَ الشَّيْخُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَرَأَى بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي قَوْلِهِ: الذِّكْرُ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: وَالِاسْتِغْفَارُ زَاعِمًا أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَيُكْرَهُ بَعْدَهَا إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قُرْبَ طُلُوعِهَا، وَكَانَ مَالِكٌ يَتَحَدَّثُ، وَيُسْأَلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ ثُمَّ لَا يُجِيبُ مَنْ يَسْأَلُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ بَلْ يُقْبِلُ عَلَى الذِّكْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَالَ التَّادَلِيُّ فَيَقُومُ مِنْهَا أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ وَالذِّكْرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْعِلْمِ فِيهِ قَالَ الْأَشْيَاخُ: تَعَلُّمُ الْعِلْمِ فِيهِ أَوْلَى.
(قُلْت) ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ كَانَ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ يُفْتِي، وَلَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا الْيَوْمَ لِقِلَّةِ الْحَامِلِينَ لَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَسُمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً: صَلَاةُ النَّافِلَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ، وَمَرَّةً: الْعِنَايَةُ بِالْعِلْمِ بِنِيَّةٍ أَفْضَلُ (قُلْت) وَبِهَذَا الْقَوْلِ أَقُولُ، وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «إذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، وَصَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ» فَتَعْلِيمُ الْعِلْمِ مِمَّا يَبْقَى بَعْدَهُ كَمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام انْتَهَى.
، وَقَالَ الْجُزُولِيُّ وَيُكْرَهُ النَّوْمُ إذْ ذَاكَ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ نَفْسَهُ مِنْ الْفَضِيلَةِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «الصُّبْحَةُ تَمْنَعُ الرِّزْقَ» وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ فَقِيلَ الرِّزْقُ الْمُرَادُ هُنَا الْفَضْلُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كِتَابُ الرِّزْقِ انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا خَاصٌّ بِمَنْ قَعَدَ فِي مَوْضِعِ صَلَاتِهِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَالْقِيَامُ أَوْ يَحْصُلُ لَهُ الْفَضْلُ، وَلَوْ قَامَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ قَالَ سَيِّدِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِهِ الَّذِي اخْتَصَرَهُ مِنْ الْبُخَارِيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ» وَهُنَا بَحْثٌ فِي قَوْلِهِ فِي مُصَلَّاهُ هَلْ يَعْنِي بِهِ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَوْقَعَ فِيهِ الصَّلَاةَ أَوْ الْبَيْتَ أَوْ الْمَنْزِلَ الَّذِي جَعَلَهُ لِمُصَلَّاهُ فَالْجُمْهُورُ: أَنَّهُ مَوْضِعُ سُجُودِهِ وَقِيَامِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ، وَأَظُنُّهُ الْقَاضِيَ عِيَاضًا: إنَّهُ الْبَيْتُ الَّذِي اتَّخَذَهُ مَسْجِدًا لِصَلَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ فِي الْمَوْضِع الَّذِي أَوْقَعَ فِيهِ الصَّلَاةَ، مِثَالُهُ: أَنَّهُ إذَا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ إنَّهُ يَبْقَى، تَدْعُو لَهُ الْمَلَائِكَةُ، وَكَثِيرٌ مُجْمِعٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُ وَاحِدٌ انْتَهَى.
بِلَفْظِهِ، وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يُحْدِثْ أَيْ الْحَدَثَ الَّذِي يُنْقِضُ الطَّهَارَةَ وَالظَّاهِرُ: أَنَّ هَذَا فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهَا نَكِرَةً قَالَ، وَهَذَا أَيْضًا فِي حَقِّ الْمُصَلِّيَ الصَّلَاةَ الشَّرْعِيَّةَ الْمُثَابَ عَلَيْهَا لَا الَّتِي تَلْعَنُهُ وَمَنْ قُبِلَ بَعْضُ صَلَاتِهِ، وَلَمْ يُقْبَلْ الْبَعْضُ الظَّاهِرُ: أَنَّهُ يُرْجَى لَهُ ذَلِكَ بِبَرَكَةٍ دُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِخَلَلٍ وَقَعَ، وَقَوْلُهُمْ: ارْحَمْهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ عَمَلًا يُوجِبُ الرَّحْمَةَ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَضِيلَةِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهَا يُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ الْمَلَائِكَةِ تَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ فِي شُغْلٍ آخَرَ مَا دَامَ فِي مَوْضِعِ إيقَاعِهَا، وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ يُفَضِّلُ الصَّالِحِينَ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي أَشْغَالِهِمْ، وَالْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُمْ انْتَهَى.
مِنْهُ بِالْمَعْنَى (الثَّانِي) يُكْرَهُ النَّوْمُ فِي هَذَا الْوَقْتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْجُزُولِيُّ، وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ يُسْتَحَبُّ بِإِثْرِ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَيُكْرَهُ النَّوْمُ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَالْكَلَامُ فِيهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ: لَا يُكْرَهُ