الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ كَبِيرًا لَمْ يَجُزْ عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الزَّكَاةِ، وَالْمَذْهَبُ اشْتِرَاطُهَا، قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، انْتَهَى. يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إذَا لَمْ يُعْلَمْهُ الْأَبُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الزَّكَاةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ تَطَوَّعَ عَنْهُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ غَيْرُهُ وَهُوَ مُوسِرٌ وَمَسْأَلَةُ سَنَدٍ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي التَّنْبِيهِ السَّابِعِ مِنْ شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ بِقَرَابَةٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ إذَا أَرَادَتْ أَنْ تُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ نَفْسِهَا وَأَبَى زَوْجُهَا ذَلِكَ وَهُوَ مُوسِرٌ وَمَسْأَلَةُ سَنَدٍ الْمُتَقَدِّمَةُ، وَالظَّاهِرُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْإِجْزَاءُ وَسُقُوطُ الزَّكَاةِ عَنْ الْمُخْرَجِ عَنْهُمْ إذَا أَعْلَمَهُمْ الْمُخْرِجُ بِذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعْلِمْهُمْ بِذَلِكَ فَلَا تُجْزِئُ لِفُقْدَانِ النِّيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الزَّكَاةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَوَجَبَ نِيَّتُهَا فِي كَلَامِ الْقَرَافِيِّ فِيمَنْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَغَيْرِ إذْنِهِ فِي ذَلِكَ وَكَلَامِ الْمَازِرِيِّ أَيْضًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ أَرَادَ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ أَهْلِهِ أَوْ أَرَادَ أَهْلُهُ أَنْ يُزَكُّوا عَنْهُ]
(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ أَهْلِهِ أَخْرَجَ مِنْ الصِّنْفِ الَّذِي يَأْكُلُونَهُ، وَإِنْ أَخْرَجُوا عَنْهُ فَمِنْ الصِّنْفِ الَّذِي يَأْكُلُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا أَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ الصِّنْفِ الَّذِي يَأْكُلُ مِنْهُ أَهْلُ الْبَلَدِ أَوْ يَأْكُلُهُ هُوَ لَا لِشُحٍّ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ أَهْلِهِ أَوْ أَرَادَ أَهْلُهُ أَنْ يُزَكُّوا عَنْهُ، هَلْ الْمُعْتَبَرُ مَوْضِعُهُ أَوْ مَوْضِعُ أَهْلِهِ؟ قَوْلَانِ، انْتَهَى.
ص (وَآصُعٍ لِوَاحِدٍ)
ش: آصُعٌ بِهَمْزَةٍ ثُمَّ أَلِفٍ ثُمَّ صَادٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُخَفَّفَةٍ جَمْعُ صَاعٍ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ فِي الْقَامُوسِ وَلَا فِي الصِّحَاحِ، فَقَدْ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الصَّاعُ وَالصُّوَاعُ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ وَالصَّوْعُ وَبِضَمٍّ الَّذِي يُكَالُ بِهِ وَتَدُورُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَالَ: الْجَمْعُ أَصْوُعٌ وَأَصْؤُعٌ وَأَصْوَاعٌ وَصُوَعٌ بِالضَّمِّ وَصِيعَانٌ، وَهَذَا جَمْعُ صُوَاعٍ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ: جَمْعُهُ أَصْوُعٌ، وَقَدْ تُبْدَلُ الْوَاوُ الْمَضْمُومَةُ هَمْزَةً لَكِنْ وَقَعَتْ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي كِتَابِ تَحْرِيرِ أَلْفَاظِ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ صَحِيحٌ، وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ فَإِنَّ جَمْعَ صَاعٍ أَصْوُعٌ ثُمَّ قُلِبَتْ الْوَاوُ هَمْزَةً ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى مَوْضِعِ الْأَلِفِ فَصَارَ أَأْصُعٌ ثُمَّ أُبْدِلَتْ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ أَلِفًا فَصَارَ آصُعَ، قَالَ: وَأَنْكَرَ ابْنُ مَكِّيٍّ هَذَا الْجَمْعَ، وَقَالَ: إنَّهُ مِنْ لَحْنِ الْعَوَامّ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ مَكِّيٍّ خَطَأٌ صَرِيحٌ وَذُهُولٌ بَيِّنٌ، لَفْظَةُ آصُعٍ صَحِيحَةٌ فَصِيحَةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، انْتَهَى مُخْتَصَرًا، وَإِنَّمَا قُلِبَتْ الْوَاوُ هَمْزَةً فِي أَصْوُعٌ لِثِقَلِ الضَّمَّةِ عَلَى الْوَاوِ، قَالَهُ ابْنُ مَكِّيٍّ
ص (وَمِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ إلَّا الشُّحَّ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْوَاجِبَ إخْرَاجُهَا مِنْ أَغْلَبِ قُوتِ أَهْلِ بَلَدِهِ، وَيُسْتَحَبُّ إخْرَاجُهَا مِنْ قُوتِهِ إنْ كَانَ أَغْلَى فَإِنْ كَانَ قُوتُهُ أَدْوَنَ فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ شُحٍّ فَيَجْزِيهِ، وَإِنْ كَانَ لِشُحٍّ فَلَا يَجْزِيهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُهَا مِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ يَقْتَاتُ الْأَدْوَنَ لِشُحٍّ، سَوَاءٌ كَانَ يَقْتَاتُهُ لِفَقْرٍ أَوْ لِعَادَةٍ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ كَالْبَدْوِيِّ يَأْكُلُ الشَّعِيرَ بِالْحَاضِرَةِ وَهُوَ مَلِيءٌ، قَالَ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَلَمْ يَحْكِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ - وَهُوَ مَنْ اقْتَاتَ الْأَدْنَى لِفَقْرٍ - خِلَافًا فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فَلِذَلِكَ أَطْلَقَ هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ لِمُفَرِّقٍ؟ تَأْوِيلَانِ)
ش: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ قَوْلٌ مَشْهُورٌ وَالْأَرْجَحُ الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: قِيلَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، انْتَهَى. وَقَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ تَشْهِيرَ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَى الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا الْأَكْثَرُ، وَقَالَهُ الْقَرَافِيُّ أَيْضًا وَفِي كَلَامِهِ تَضْعِيفٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْإِجْزَاءِ لِلْمُفَرِّقِ فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) ، وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا أَتْلَفَهَا الْفَقِيرُ قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ، قَالَ اللَّخْمِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا قَائِمَةٌ بِيَدِ مَنْ أَخَذَهَا إلَى الْوَقْتِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ أَجْزَأَتْ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ لِدَافِعِهَا إنْ كَانَتْ لَا تُجْزِئُ أَنْ يَنْتَزِعَهَا فَإِذَا تَرَكَهَا كَانَ كَمَنْ ابْتَدَأَ دَفْعَهَا حِينَئِذٍ وَلِأَنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ بِبَقَائِهَا عَنْ طَوَافِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص
وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ أَخَّرَهَا الْوَاجِدُ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا لِمَاضِي السِّنِينَ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ: وَمَنْ فَرَّطَ فِيهَا سِنِينَ وَهُوَ وَاجِدٌ لَهَا أَخْرَجَهَا عَمَّا فَرَّطَ مِنْ السِّنِينَ عَنْهُ وَعَمَّنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا عَنْهُ فِي كُلِّ عَامٍ بِقَدْرِ مَا كَانَ يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى مَالِهِ إذَا كَانَ صَحِيحًا، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا وَأَوْصَى بِهَا أُخْرِجَتْ مِنْ ثُلُثِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِذَا أَخْرَجَهَا فِي وَقْتِهَا فَضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا ضَمِنَ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلَوْ تَلِفَ مَالُهُ وَبَقِيَتْ لَزِمَهُ إخْرَاجُهَا، انْتَهَى. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: وَحَيْثُ تَعَيَّنَتْ ثُمَّ ذَهَبَتْ أَوْ ذَهَبَ مَالُهُ أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ وَجَدَهَا، قَالَ سَنَدٌ: قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُنَفِّذُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَهْلِ الدَّيْنِ كَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ فِي أَنَّ مَنْ أَخَّرَ الْأُولَى وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ سَدُّ الْخَلَّةِ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَالْمَقْصُودَ فِي الْأُضْحِيَّةِ إظْهَارُ الشَّعَائِرِ، وَقَدْ فَاتَ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ مِنْ خَوَاصِّ الْوَاجِبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنَّمَا تُدْفَعُ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ)
ش: خَتَمَ الْبَابَ بِبَيَانِ مَصْرِفِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، فَقَالَ: وَإِنَّمَا تُدْفَعُ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُدْفَعُ لَهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: (الْأَوَّلُ) الْحُرِّيَّةُ، (وَالثَّانِي) الْإِسْلَامُ، (وَالثَّالِثُ) الْفَقْرُ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا فَلَا تُدْفَعُ لِعَبْدٍ وَلَا لِمَنْ فِيهِ شَائِبَةٌ وَلَا لِكَافِرٍ وَلَا لِغَنِيٍّ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يُعْطَاهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ وَلَا الْعَبْدُ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: يُرِيدُ: وَلَا الْأَغْنِيَاءُ فَإِنْ أَعْطَاهَا مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا عَالِمًا بِذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِأَيْدِيهِمْ اسْتَرْجَعَهَا، وَإِنْ أَكَلُوهَا وَصَانُوا بِهَا أَمْوَالَهُمْ ضَمِنُوهَا، وَإِنْ هَلَكَتْ بِسَبَبٍ مِنْ اللَّهِ نُظِرَ فَإِنْ غَرُّوا ضَمِنُوا، وَإِنْ لَمْ يَغِرُّوا لَمْ يَضْمَنُوا، انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الْفَقِيرِ الَّذِي تَحِلُّ لَهُ فَقِيلَ: هُوَ مَنْ تَحِلُّ لَهُ زَكَاةُ الْعَيْنِ، وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ لَا يُعْطَاهَا مَنْ أَخْرَجَهَا وَلَا يُعْطَى فَقِيرٌ أَكْثَرَ مِنْ زَكَاةِ إنْسَانٍ وَهُوَ صَاعٌ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِقَوْلِهِ عليه السلام «أَغْنُوهُمْ عَنْ طَوَافِ هَذَا الْيَوْمِ» فَالْقَصْدُ غَنَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَالْقَصْدُ بِمَا سِوَاهَا مِنْ الزَّكَاةِ مَا يُغْنِيهِ عَمَّا يَحْتَاجُهُ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَقَدْ قِيلَ: يُعْطَى مَا فِيهِ كَفَافٌ لِسَنَةٍ، وَلِذَا قِيلَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى الزَّكَاةَ مَنْ لَهُ نِصَابٌ لَا كِفَايَةَ فِيهِ وَلَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُ لَا يُعْطَى زَكَاةَ الْفِطْرِ مَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا، انْتَهَى. فَأَوَّلُ كَلَامِهِ يُخَالِفُ آخِرَهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ " لَا تَحِلُّ لَهُ زَكَاةُ الْعَيْنِ " يَقْتَضِي جَوَازَ دَفْعِهَا لِمَالِكِ النِّصَابِ، وَقَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ: لَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ أَنَّهَا لَا تُعْطَى لِمَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا إلَّا أَنْ يُقَيَّدَ أَوَّلُ كَلَامِهِ بِآخِرِهِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ آخِرًا فَإِنَّهُ قَالَ: وَاخْتُلِفَ فِي صِفَةِ مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ، وَالثَّانِي - أَنَّهُ الْفَقِيرُ الَّذِي لَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ صَدَقَةٍ إنْسَانٌ وَاحِدٌ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَالذَّخِيرَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رَاشِدٍ فِي الْبَابِ الْآتِي، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي كَوْنِ مَصْرِفِهَا فَقِيرَ الزَّكَاةِ أَوْ عَادِمَ قُوتِ يَوْمِهِ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ، وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: وَخَرَجَ عَلَيْهَا إعْطَاؤُهَا مَنْ مَلَكَ عَبْدًا فَقَطْ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِعَجْزِ قِيمَتِهِ عَنْ نِصَابٍ أَوْ كَوْنِهِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ، انْتَهَى.
فَانْظُرْهُ فَاَلَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْفَقِيرَ الَّذِي تُصْرَفُ لَهُ الْفِطْرَةُ هُوَ فَقِيرُ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ عَلَى مَا قَالَهُ الْجَمَاعَةُ، وَقِيلَ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنْ لَا يَكُونَ مَالِكًا لِلنِّصَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَمَصْرِفُهَا مَصْرِفُ الزَّكَاةِ، وَقِيلَ الْفَقِيرُ الَّذِي لَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا وَعَلَى الْمَشْهُورِ يُعْطَى الْوَاحِدُ عَنْ مُتَعَدِّدٍ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا تُصْرَفُ فِي الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ نَصَّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْهَا