الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ يَلِيهَا وَلَا مَنْ يَحْرُسُهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْهَا الْمُجَاهِدُونَ، وَأَكْثَرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا تُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ هُنَا أَنَّهَا لَا تُعْطَى لِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَلَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهِمْ وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُمْ كُفَّارٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيُعْطَى مِنْهَا ابْنُ السَّبِيلِ إذَا كَانَ فَقِيرًا بِمَوْضِعِهِ، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَغْنُوهُمْ عَنْ طَوَافِ هَذَا الْيَوْمِ» ، وَهَذَا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ ذَلِكَ وَانْظُرْ، هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا الرَّقِيقَ، وَيُعْتِقَ إذَا فَضَلَ عَنْ حَاجَةِ فُقَرَاءِ بَلَدِهَا أَوْ لَمْ يُوجَدْ بِهِ فَقِيرٌ أَمْ لَا وَيَنْقُلَ مَا فَضَلَ إلَى غَيْرِهِمْ وَهَلْ يُعْطَى الْغَارِمُ مِنْهَا أَمْ لَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ إجَازَةُ جَمِيعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَمَصْرِفُهَا كَالزَّكَاةِ أَيْ فَتُصْرَفُ فِي الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمَنْعَ مَقْصُورٌ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْعَبِيدِ وَالْغَنِيِّ عَلَى تَقْيِيدِ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُهَا لِغَيْرِهِمْ فَانْظُرْهُ مَعَ كَلَامِ الشَّيْخِ، انْتَهَى. كَلَامُ الشَّارِحِ.
(قُلْتُ) : أَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي ابْنِ السَّبِيلِ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُخِذَ حِينَئِذٍ بِوَصْفِ الْفَقْرِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى مَا يُوصِلُهُ إلَى بَلَدِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهَا لَا تُصْرَفُ لَهُ، وَأَنَّهَا لَا تُصْرَفُ فِي شِرَاءِ رَقِيقٍ وَلَا لِغَارِمٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي اللُّبَابِ، وَنَصُّهُ: وَالْمُخْرَجُ إلَيْهِ مَنْ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ الْفُقَرَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ: الْفَقِيرُ الَّذِي لَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا فِي يَوْمِهِ، انْتَهَى. قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَلَا تُدْفَعُ إلَّا إلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ، وَأَمَّا كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي صَرْفُهَا لِغَيْرِ الْفَقِيرِ، وَأَمَّا كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ فَمُعْتَرَضٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ اعْتَمَدَ الشَّارِحُ فِي شَامِلِهِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ لَكِنَّهُ حَكَاهُ بِقِيلِ، فَقَالَ وَمَصْرِفُهَا حُرٌّ مُسْلِمٌ فَقِيرٌ، وَقِيلَ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ وَهُوَ ظَاهِرُهَا لَا لِغَنِيٍّ وَعَبْدٍ وَمُؤَلَّفٍ، انْتَهَى. فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ، وَقِيلَ إلَى مَا قَالَهُ: إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِّ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) قَالَ الشَّارِح فِي الْكَبِيرِ نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " فَقِيرٌ " عَلَى أَنَّهَا تُدْفَعُ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ بَابِ أَوْلَى لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ أَشَدُّ حَاجَةً مِنْ الْفَقِيرِ، انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ أَنَّهُ قَالَ: أَكْثَرُ عِبَارَاتِهِمْ أَنَّهَا تُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَهَكَذَا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعُ) قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَا بَأْسَ بِدَفْعِهَا لِأَهْلِهِ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى الْأَظْهَرِ وَلِلْمَرْأَةِ دَفْعُهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ دَفْعُهَا لَهَا وَلَوْ كَانَتْ فَقِيرَةً؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا تَلْزَمُهُ وَمَنْع أَيْسَرَ بَعْدَ أَعْوَامٍ لَمْ يَقْبِضْهَا، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.
(الْخَامِسُ) الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ - أَعْنِي قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم أَغْنُوهُمْ - يُغْنِي الْمَسَاكِينَ عَنْ طَوَافِ هَذَا الْيَوْمِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرُوِيَ «أَغْنُوهُمْ عَنْ الطَّلَبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ» ، وَرُوِيَ «أَغْنُوهُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ» ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى.
[كِتَابُ الصِّيَامِ]
قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: الصِّيَامُ هُوَ الْإِمْسَاكُ وَالْكَفُّ وَالتَّرْكُ، وَأَمْسَكَ عَنْ الشَّيْءِ وَكَفَّ عَنْهُ وَتَرَكَهُ فَهُوَ صَائِمٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] . أَيْ صَمْتًا وَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْكَلَامِ وَالْكَفُّ عَنْهُ، قَالَ النَّابِغَةُ:
خَيْلٌ صِيَامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ
…
تَحْتَ الْعَجَاجِ وَأُخْرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا
يُرِيدُ بِصَائِمَةٍ وَاقِفَةً مُمْسِكَةً عَنْ الْحَرَكَةِ وَالْجَوَلَانِ، وَقَوْلُهُمْ صَامَ النَّهَارُ مَعْنَاهُ إذَا انْتَصَفَ؛ لِأَنَّ الشَّمْسَ إذَا كَانَتْ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ فَكَأَنَّهَا وَاقِفَةٌ غَيْرُ مُتَحَرِّكَةٍ لِإِبْطَاءِ مَشْيِهَا وَالْعَرَبُ قَدْ تُسَمِّي الشَّيْءَ بِاسْمِ مَا قَرُبَ مِنْهُ، انْتَهَى. وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْقَاضِي عِيَاضٍ: الصِّيَامُ فِي اللُّغَةِ الْإِمْسَاكُ قَالَ تَعَالَى:
{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] . أَيْ إمْسَاكًا، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ: قَالَ الْخَلِيلُ الصِّيَامُ قِيَامٌ بِلَا عَمَلٍ وَالصَّوْمُ الْإِمْسَاكُ عَنْ الطَّعَامِ وَصَامَ الْفَرَسُ أَيْ قَامَ عَلَى غَيْرِ اعْتِلَافٍ وَأَنْشَدَ بَيْتَ النَّابِغَةِ الْمُتَقَدِّمَ وَصَامَ النَّهَارُ صَوْمًا إذَا قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَاعْتَدَلَ وَالصَّوْمُ رُكُودُ الرِّيحِ وَالْبِكْرَاتُ شَرُّهُنَّ الصَّائِمَةُ يَعْنِي الَّتِي لَا تَدُورُ، وقَوْله تَعَالَى {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَمْتًا، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كُلُّ مُمْسِكٍ عَنْ كَلَامٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ سَيْرٍ فَهُوَ صَائِمٌ. وَالصَّوْمُ ذَرْقُ النَّعَامَةِ وَالصَّوْمُ الْبِيعَةُ وَالصَّوْمُ الشَّجَرُ فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ، انْتَهَى.
وَقَالَ غَيْرُهُ: الصَّوْمُ شَجَرٌ عَلَى شَكْلِ شَخْصِ الْإِنْسَانِ كَرِيهُ الْمَنْظَرِ، انْتَهَى. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْبِيعَةُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَاحِدَةُ بِيَعِ الْيَهُودِ. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ الصَّوْمُ فِي اللُّغَةِ الْإِمْسَاكُ عَمَّا تَنْزِعُ إلَيْهِ النَّفْسُ، انْتَهَى. يُسَمَّى الصَّائِمُ سَائِحًا قَالَ فِي جَمْعِ الْأُمَّهَاتِ لِلسَّنُوسِيِّ: وَعَنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يُقَالُ السَّائِحُونَ الصَّائِمُونَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا ذَكَرَ الصَّائِمِينَ لَمْ يَذْكُرْ السَّائِحِينَ وَإِذَا ذَكَرَ السَّائِحِينَ لَمْ يَذْكُرْ الصَّائِمِينَ، انْتَهَى. وَالصَّوْمُ فِي الشَّرْعِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: الْإِمْسَاكُ عَنْ شَهْوَتَيْ الْفَمِ وَالْفَرْجِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا مُخَالَفَةً لِلْهَوَى فِي طَاعَةِ الْمَوْلَى فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ النَّهَارِ وَبِنِيَّةٍ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ مَعَهُ إنْ أَمْكَنَ فِيمَا عَدَا زَمَنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَأَيَّامَ الْأَعْيَادِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الصَّوْمُ رَسْمُهُ عِبَادَةٌ عَدَمِيَّةٌ وَقْتَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى الْغُرُوبِ فَلَا يَدْخُلُ تَرْكُ مَا تَرْكُهُ وَرَعٌ لِعَدَمِ اقْتِضَائِهِ لِذَاتِهِ الْوَقْتَ الْمَخْصُوصَ وَقَدْ يُحَدُّ بِأَنَّهُ كَفٌّ بِنِيَّةٍ عَنْ إنْزَالٍ يَقَظَةً وَوَطْءٍ وَإِنْعَاظٍ وَمَذْيٍ وَوُصُولِ غِذَاءٍ غَيْرِ غَالِبٍ غُبَارٍ وَذُبَابٍ وَفَلْقَةٍ بَيْنَ الْأَسْنَانِ لِحَلْقٍ أَوْ جَوْفٍ زَمَنَ الْفَجْرِ حَتَّى الْغُرُوبِ دُونَ إغْمَاءٍ أَكْثَرَ نَهَارِهِ. وَلَا يَرِدُ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَصُومَنَّ غَدًا فَبَيَّتَ وَأَكَلَ نَاسِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا رُعِيَ لِلَغْوِ الْأَكْلِ نَاسِيًا وَإِلَّا زِيدَ أَثَرُ جَوْفٍ غَيْرِ مَنْسِيَّةٍ فِي تَطَوُّعٍ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إمْسَاكٌ عَنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجِمَاعِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ بِنِيَّةٍ يَبْطُلُ طَرْدُهُ قَوْلُهَا فِيمَنْ صَبَّ فِي حَلْقِهِ مَاءً وَمَنْ جُومِعَتْ نَائِمَةً وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ نَهَارِهِ وَأَمْذَى أَوْ أَمْنَى يَقَظَةً،، انْتَهَى.
(فَائِدَةٌ) أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِ صِيَامِ رَمَضَانَ فَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهُ فَهُوَ مُرْتَدٌّ وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ صَوْمِهِ مَعَ الْإِقْرَارِ بِوُجُوبِهِ قُتِلَ حَدًّا عَلَى الْمَشْهُورِ.
مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: صَوْمُ رَمَضَانَ وَاجِبٌ، جَحْدُهُ وَتَرْكُهُ كَالصَّلَاةِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ: وَالْمُمْتَنِعُ مِنْ صَوْمِهِ يُقْتَلُ وَكَذَلِكَ الْمُمْتَنِعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلَا يَقْتُلُهُ إلَّا السُّلْطَانُ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ بِالْقَتْلِ كُفْرًا فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ أَقْوَى مِنْهُ فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ لَهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ مَا يُوجَدُ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا يُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ الصَّوْمِ إلَّا الْحَكَمَ بْنَ عُيَيْنَةَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ وَافَقَ فِيهَا جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، انْتَهَى.
(قُلْت) فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا، فَقَوْلُ عِيَاضٍ فِي قَوَاعِدِهِ أَنَّهُ يُحْبَسُ وَيُمْنَعُ مِنْ الْإِفْطَارِ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ فَقَدْ صَرَّحَ بِقَتْلِهِ لِتَرْكِ الصَّوْمِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاخْتُلِفَ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قِيلَ عَاشُورَاءُ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، انْتَهَى.
وَذَكَرَ الْمَهْدَوِيُّ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ عَاشُورَاءُ وَثَلَاثَةُ أَيَّام وَذَكَرَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ عَاشُورَاءُ وَاخْتُلِفَ فِي قَوْله تَعَالَى {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] . فَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ رَمَضَانُ وَاَلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْأَنْبِيَاءُ وَأُمَمُهُمْ وَأَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَى مَنْ قَبْلَنَا فَجَاءَ فِي الْحَرِّ فَحَوَّلُوهُ وَزَادُوا فِيهِ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ التَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الصَّوْمِ: وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَدَدُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) أَوَّلُ مَا فُرِضَ رَمَضَانُ خُيِّرَ بَيْنَ صَوْمِهِ وَبَيْنَ الْإِطْعَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] . ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] . وَكَانَ فِي أَوَّلِ