الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَعُودُ وَلَا يَكُونُ فِي مُعْتَكَفِهِ حَتَّى يَصِحَّ مِنْهُ الصَّوْمُ فَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إذَا مَرِضَ فَأَقَامَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى اعْتِكَافِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ مِنْ الضَّعْفِ فَيُفْطِرُ فَقَالَ: يَعْتَكِفُ وَهُوَ مُفْطِرٌ لَيْسَ هَذَا اعْتِكَافًا وَلَكِنْ يَخْرُجُ ثُمَّ يَقْضِي وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ: لَا يَخْرُجُ إلَّا لِمَرَضٍ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ الْمَقَامَ وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ فِي بَعْضِ يَوْمٍ رَجَعَا حِينَئِذٍ. فَاخْتُلِفَ فِيهِ قَوْلُهُ فَقَالَ فِيمَنْ أَتَى عَلَيْهِ يَوْمُ الْفِطْرِ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ اعْتِكَافِهِ بَقِيَّةٌ هَلْ يَخْرُجُ لِأَجْلِ أَنَّهُ مُفْطِرٌ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي مُعْتَكَفِهِ عَلَى اعْتِكَافِهِ؟
وَهَذَا كُلُّهُ أَصْلٌ وَاحِدٌ فَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يَعُودُ الْمَرِيضُ وَلَا الْحَائِضُ إذَا طَهُرَتْ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَيَكُونُ الْآخَرُ يَوْمَ الْعِيدِ فِي بَيْتِهِ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْمَرِيضِ وَالْحَائِضِ يَعُودَانِ فِي بَعْضٍ وَيَكُونَانِ عَلَى اعْتِكَافِهِمَا وَهُمَا مُفْطِرَانِ لَا يَخْرُجُ الْمَرِيضُ إذَا غَلَبَ عَلَى الصَّوْمِ وَلَا يَخْرُجُ الْآخَرُ يَوْمَ الْعِيدِ وَهَذَا أَصْوَبُهُمَا لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ إذَا أَصْبَحَ» ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِكَافِ بِغَيْرِ صَوْمٍ وَلِقَوْلِ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ بِغَيْرِ صَوْمٍ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ الْأَخِيرَةَ يَعْتَكِفُهَا وَلَا يَصُومُ صَبِيحَتَهَا وَلِقَوْلِ سَحْنُونٍ فِي الْحَائِضِ إذَا خَرَجَتْ لَا تَتَصَرَّفُ وَهِيَ عَلَى الِاعْتِكَافِ وَكَذَا أَرَى أَنْ لَا يُمْنَعَ مَنْ كَانَ صَحِيحًا عَاجِزًا عَنْ الصَّوْمِ، انْتَهَى. وَمَا قَالَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ: إنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى ذَلِكَ اعْتَمَدَ فِي الْمُخْتَصَرِ حَيْثُ قَالَ: كَأَنْ مُنِعَ مِنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ عِيدٍ.
ص (وَلَوْ نَذْرًا)
ش: أَيْ الِاعْتِكَافُ كَمَا قَالَ فِي الْوَسَطِ وَالْكَبِيرِ أَيْ وَلَوْ كَانَ الِاعْتِكَافُ مَنْذُورًا وَهَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ فِي الصَّغِيرِ: وَلَوْ نَذَرَ أَيْ الصَّوْمَ وَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْمَنْذُورَ لَا يَكْفِي فِيهِ مُطْلَقُ الصَّوْمِ فَلَا يَصِحُّ فِي رَمَضَانَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمَسْجِدٍ)
ش: أَيْ فِي صِحَّتِهِ بِمُطْلَقِ مَسْجِدٍ أَيْ مَسْجِدٍ مُبَاحٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الِاعْتِكَافُ فِي مَسَاجِدِ الْبُيُوتِ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَ مَالِكٍ لِرَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ خِلَافَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا، انْتَهَى. مِنْ رَسْمِ مَرَضٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ
[فَرْعٌ الِاعْتِكَافُ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ]
(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ: يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ؛ لِأَنَّهُ مَسْجِدٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إلَّا الْمَسْجِدَ. وَلِجَوَازِ النَّافِلَةِ فِيهَا وَلَا يَضُرُّ أَنْ يَرْقَى إلَيْهَا بِدَرَجٍ كَالْمَسْجِدِ يُرْقَى إلَيْهِ كَذَلِكَ وَهُوَ جَائِزٌ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِي الْبَيْتِ تَحْجِيرًا خَاصًّا وَهُوَ غَلْقُهَا فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلْفَرْضِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْفَرْضِ فِيهَا يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَقَاصِيرِ الْمُعَدَّةِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ لِلْأُمَرَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ وَكَذَا عِنْدِي يَجْرِي الْخِلَافُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِيهَا أَيْ عَلَى الْكَعْبَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْفَرْضِ وَعَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهَا وَمِنْ هَذَا النَّظَرِ بَيْتُ الْقَنَادِيلِ وَالصَّوْمَعَةِ وَظَهْرُ الْمَسْجِدِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَفِي الِاعْتِكَافِ فِي بَعْضِهَا خِلَافٌ وَكَذَلِكَ صُعُودُ الْمَنَارِ وَالسَّطْحِ وَاخْتُلِفَ فِي الْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ؛ لِأَنَّهُ يَمْشِي لِمُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ وَكَذَا مَنْ فِي الْكَعْبَةِ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَالصَّلَاةِ خَارِجَهَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَمْنَعُ الْفَرْضَ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الْمَسْجِدَ وَهُوَ ابْنُ لُبَابَةَ وَالشَّافِعِيُّ يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي الْكَعْبَةِ بِالْإِطْلَاقِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّ لِلْمَسْجِدِ خُصُوصِيَّةً فِي الِاعْتِكَافِ لِذِكْرِهِ فِيهِ
ص (وَتَجِبُ بِهِ)
ش: قَالَ الشَّارِحُ: الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الِاعْتِكَافِ أَيْ لِمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ وَنَوَى اعْتِكَافًا تَجِبُ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ زَمَنِهِ بِالْجَامِعِ، انْتَهَى. فَتَقْدِيرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى فِي وَأَنَّ مَجْرُورَهَا عَائِدٌ لِلِاعْتِكَافِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِهِ أَيْ تَجِبُ فِي زَمَنِ اعْتِكَافِهِ.
ص (وَإِلَّا خَرَجَ وَبَطَلَ)
ش: اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ هَلْ يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِعِصْيَانِهِ أَوْ لَا يَبْطُلُ؟
غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ آثِمٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ)
ش: أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لِعِيَادَتِهِمَا أَوْ عِيَادَةِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ مَرَضَ الْأَبَوَيْنِ لَا يَخْرُجُ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ لِعِيَادَةِ أَبَوَيْهِ إذَا مَرِضَا وَيَبْتَدِئُ اعْتِكَافَهُ وَرَأَى ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ لِبِرِّهِمَا، انْتَهَى. وَقَالَ سَنَدٌ: أَرَى أَنَّ ذَلِكَ يَجِبُ لِإِبْرَارِهِمَا وَوُجُوبِهِ بِالشَّرْعِ فَوْقَ وُجُوبِ الِاعْتِكَافِ بِالنَّذْرِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الِاعْتِكَافِ وَلَا مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي لَا انْفِكَاكَ لِأَحَدٍ عَنْهَا وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخُرُوجُ لِعَارِضٍ هُوَ كَالْخُرُوجِ لِتَخْلِيصِ الْغُرَمَاءِ أَوْ الْهَرَمِيِّ فَإِنَّ ذَلِكَ يَجِبُ وَيَفْسُدُ الِاعْتِكَافُ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ مَنْ صَلَّى نَهَارًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ إلَيْهِمَا مِنْ بِرِّهِمَا وَبِرُّهُمَا فَرْضٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَهُوَ آكَدُ مِمَّا دَخَلَ فِيهِ مِنْ الِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ يَقْضِيهِ وَمَا فَاتَهُ مِنْ بِرِّ أَبَوَيْهِ لَا يَسْتَدْرِكُهُ وَلَا يَقْضِيهِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْرُجُ لِمَرَضِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَيَبْتَدِئُ اعْتِكَافَهُ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ وَبِرُّهُمَا يَفُوتُ، انْتَهَى.
وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِعِيَادَةِ غَيْرِهِمَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ وَأَنَّهُ إنْ خَرَجَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ فَهَذَا يُقَيِّدُ إطْلَاقَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي كَعِيَادَةٍ وَجِنَازَةٍ.
ص (وَلَا جِنَازَتِهِمَا مَعًا)
ش: أَيْ فَلَا يَخْرُجُ لِجِنَازَةِ أَبَوَيْهِ إذَا مَاتَا مَعًا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَبِلَهُ الْبَاجِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ قَالَ الْبَاجِيُّ: إذَا كَانَا حَيَّيْنِ لَزِمَهُ طَلَبُ مَرْضَاتِهِمَا وَاجْتِنَابُ مَا يُسْخِطُهُمَا فَيَخْرُجُ لَهُمَا وَلَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ لِجِنَازَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَعْرِفَانِ بِحُضُورِهِ فَيُرْضِيهِمَا وَلَا بِتَخَلُّفِهِ فَيُسْخِطُهُمَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ إذْ لَيْسَ فِي تَرْكِ شُهُودِ جِنَازَتِهِمَا عُقُوقٌ لَهُمَا، انْتَهَى. وَلَمْ يَرْتَضِ صَاحِبُ الطِّرَازِ مَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَهُ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ يَعُودُهُمَا إذَا مَرِضَا وَيُصَلِّي عَلَيْهِمَا إذَا مَاتَا وَلَعَلَّ مَالِكًا إنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِجِنَازَتِهِمَا فِي اعْتِكَافِهِ أَيْ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ إذَا خَرَجَ لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي عِيَادَتِهِمَا وَيَكُونُ خُرُوجُهُ فِي الْعِيَادَةِ مُبْطِلًا لِعُكُوفِهِ إلَّا أَنَّهُ أَصْوَنُ لِقَضَاءِ حَقِّهِمَا وَكَذَلِكَ فِي الْجِنَازَةِ وَمَا يُعَلِّلُ بِهِ الْبَاجِيُّ يَلْزَمُهُ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ تَخَلُّفَهُ عَنْهُ مِمَّا يُسْخِطُ الْآخَرَ وَلَا يَرْضَاهُ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَفْعَلُ بِهِ كَذَلِكَ فَيَسُوءُهُ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَمَا أَلْزَمَهُ مِنْ خُرُوجِهِ لِمَوْتِ أَحَدِهِمَا مُلْتَزَمٌ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ حَيٌّ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ لِمَا يَخْشَى مِنْ عُقُوقِ الْحَيِّ وَغَضَبِهِ عَلَيْهِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ بِشَيْءٍ وَنَصُّهُ: وَفِي الْمُوَطَّإِ لَا يَخْرُجَ لِجِنَازَتِهِمَا ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ عُقُوقٍ، انْتَهَى. .
ص (وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ)
ش: قَالَ الشَّيْخُ بَهْرَامُ فِي الْكَبِيرِ: قَوْلُهُ كَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ كَالْحَيْضِ وَالْوَطْءِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مَغْلُوبًا وَكَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ نَهَارًا مُتَعَمِّدًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ أَفْطَرَ يَوْمًا نَاسِيًا فَلْيَقْضِهِ وَاصِلًا بِاعْتِكَافِهِ فَإِنْ أَفْطَرَ يَوْمًا عَامِدًا أَوْ جَامَعَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ أَوْ لَامَسَ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَابْتَدَأَهُ فَأَوْجَبَ الِاسْتِئْنَافَ لِجَمِيعِهِ مَعَ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَمَّا كَانَتْ سُنَّتُهُ التَّتَابُعَ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي إذَا فَسَدَ جُزْؤُهَا فَسَدَتْ كُلُّهَا بِخِلَافِ نِسْيَانِ الْأَكْلِ فَإِنَّهُ وَجَبَ مَعَهُ الْقَضَاءُ مُتَّصِلًا بِآخِرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَرَضَ وَالْحَيْضَ الَّذِي لَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ فِيهِ خِيرَةٌ، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْوَسَطِ: يُرِيدُ كَالْحَيْضِ وَالْوَطْءِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مَغْلُوبًا وَكَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ نَهَارًا مُتَعَمِّدًا وَقَالَهُ كُلَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الصَّغِيرِ: أَيْ فَيَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ لِبُطْلَانِ شَرْطِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ إذْ الصَّوْمُ شَرْطٌ وَمُبْطِلُ الشَّرْطِ مُبْطِلٌ لِلْمَشْرُوطِ، انْتَهَى. وَنَحْوُهُ
لِلْأَقْفَهْسِيِّ.
وَأَمَّا ابْنُ الْفُرَاتِ فَنَقَلَ بَعْضَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى حِلِّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُنَبِّهْ ابْنُ غَازِيٍّ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا بَطَلَ الصَّوْمُ بِأَيِّ مُبْطِلٍ بَطَلَ الِاعْتِكَافُ وَكَلَامُ الشَّيْخِ بَهْرَامَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْبِسَاطِيِّ وَالْأَقْفَهْسِيِّ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا كَلَامُهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ فَكَالْمُتَدَافَعِ وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سَقَطَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَيْءٌ وَأَصْلُهُ وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ عَمْدًا بِغَيْرِ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ مِنْ الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مَفْسَدَةٌ لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ مَفْسَدَةٌ أَيْ عَمْدًا لَا سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ بِجَمِيعِهِ بِالْمُفْسِدِ عَمْدًا وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِغَيْرِهِ.
وَالْبِنَاءُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: يَعْنِي أَنَّ مُفْسِدَ الِاعْتِكَافِ إذَا فُعِلَ عَلَى سَبِيلِ الْعَمْدِ مُبْطِلٌ لِجَمِيعِ الِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ سُنَّتُهُ التَّتَابُعَ تَنَزَّلَ بِذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ فَلِذَلِكَ كُلِّهِ يَفْسُدُ صَوْمُهُ بِفَسَادِ جُزْئِهِ. وَقَوْلُهُ وَبِغَيْرِهِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَمْدًا بِأَنْ كَانَ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ مُتَّصِلًا بِآخِرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْقُبْلَةَ وَالْمُبَاشَرَةَ بَلْ وَالْوَطْءَ سَهْوًا مِمَّا يَقْضِي فِيهِ وَيَبْنِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ جَامَعَ فِي لَيْلِهِ أَوْ نَهَارِهِ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ أَوْ لَامَسَ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَابْتَدَأَهُ ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَإِنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فِي التَّطَوُّعِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهِ مَنْ أَكَلَ يَوْمًا مِنْ اعْتِكَافِهِ نَاسِيًا يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ فَعُمِّمَ وَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا يَقْضِي فِيهِ بِالنِّسْيَانِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ حَبِيبٍ عِيَاضٌ وَهُوَ أَصَحُّ.
وَانْظُرْ عَلَى الْأَوَّلِ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ، انْتَهَى. وَفَرَّقَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ أَنَّ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ بِعَيْنِهَا فَمَرِضَ فِيهَا أَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تَقْضِي الِاعْتِكَافَ وَلَا تَقْضِي الصَّوْمَ قَالَ: لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ أَشْبَهَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِهِ بِالْمَسْجِدِ وَتَحْرِيمِ الْمُبَاشَرَةِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَجِبُ اتِّصَالُ أَيَّامِهِ وَابْتِدَاءُ كُلِّهِ بِإِفْسَادِ بَعْضِهِ عَمْدًا مُطْلَقًا وَنِسْيَانًا بِغَيْرِ فِطْرِ الْغِذَاءِ وَبِهِ يَقْضِي بَانِيًا إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ الْبَاجِيُّ أَوْ وَاجِبٍ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْلٍ فَفِي عَدَمِ قَضَائِهِ نَقَلَ الْبَاجِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ وَرِوَايَةُ ابْنِ زَرْقُونٍ مَعَ ظَاهِرِهَا عِنْدَهُ وَابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَائِلًا بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ الصَّقَلِّيُّ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ لَا قَضَاءَ خِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ وَيُحْتَمَلُ الْوِفَاقُ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ سَهْوُ غَيْرِ الْأَكْلِ كَالْأَكْلِ وَهْمٌ وَمَا مَرِضَ فِيهِ مِنْ نَذْرٍ مُبْهَمٍ أَوْ رَمَضَانَ قَضَاهُ وَمِنْ غَيْرِهِ فِي قَضَائِهِ ثَالِثُهَا إنْ مَرِضَ بَعْدَ دُخُولِهِ، انْتَهَى.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالْأَكْلِ أَنَّ الْأَكْلَ لَيْسَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الِاعْتِكَافِ وَلِهَذَا يَأْكُلُ الْمُعْتَكِفُ فِي غَيْرِ زَمَنِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ مِنْ مَحْظُورَاتِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ جَامَعَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ نَاسِيًا أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ أَوْ لَامَسَ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَابْتَدَأَهُ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَفِي إلْحَاقِ الْكَبَائِرِ بِهِ تَأْوِيلَانِ)
ش: فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الصَّغَائِرَ لَا تُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الصَّغِيرَةُ مُبْطِلَةً لِلصَّوْمِ كَالنَّظَرِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ إذَا وَالَاهُ حَتَّى أَمْذَى فَيَنْبَغِي أَنْ يُبْطِلَ اعْتِكَافَهُ، انْتَهَى. وَهَذَا ظَاهِرٌ بَلْ دَاخِلٌ فِي مُبْطِلِ الصَّوْمِ
ص (وَقُبْلَةٌ بِشَهْوَةٍ)
ش: قَالَ الشَّارِحُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ جَامَعَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ نَاسِيًا أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ أَوْ لَامَسَ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ، وَابْتَدَأَهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ يُرِيدُ إنْ قَصَدَ اللَّذَّةَ أَوْ وَجَدَهَا، انْتَهَى.
وَلِهَذَا قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ الْقُبْلَةَ بِقَوْلِهِ بِشَهْوَةٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ عِيَاضٌ
تَقْبِيلُهُ مُكْرَهًا لَغْوٌ إنْ لَمْ يَلْتَذَّ، انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ إنَّ وَطْءَ الْمُكْرَهَةِ كَالْمُخْتَارَةِ الصَّقَلِّيُّ وَالنَّائِمَةِ كَالْيَقْظَانَةِ وَالِاحْتِلَامُ لَغْوٌ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وُجُودُ اللَّذَّةِ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ وَشَرَطَ اللَّخْمِيُّ وُجُودَ اللَّذَّةِ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَ الْمَغْرِبِيُّ قَوْلَهُمَا فَقَالَ: يُرِيدُ إذَا وَجَدَ اللَّذَّةَ أَوْ قَصَدَهَا، انْتَهَى.
ص (وَأَتَمَّتْ مَا سَبَقَ مِنْهُ أَوْ عِدَّةً) ش يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا اعْتَكَفَتْ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهَا مَا يُوجِبُ الْعِدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ فَإِنَّهَا تُتِمُّ اعْتِكَافَهَا وَلَا تَخْرُجُ لِأَجْلِ الْعِدَّةِ وَأَمَّا إنْ سَبَقَ مُوجِبُ الْعِدَّةِ فَلَا تَعْتَكِفُ حَتَّى تُتِمَّ الْعِدَّةَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ أَبَانَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا لَمْ تَخْرُجْ حَتَّى تُتِمَّ اعْتِكَافَهَا ثُمَّ تُتِمَّ بَاقِيَ عِدَّتِهَا فِي بَيْتِهَا. رَبِيعَةُ. وَإِنْ حَاضَتْ فِي الْعِدَّةِ قَبْلَ أَنْ يَنْقَضِيَ اعْتِكَافُهَا خَرَجَتْ فَإِذَا طَهُرَتْ رَجَعَتْ لِتَمَامِ اعْتِكَافِهَا فَإِنْ سَبَقَ الطَّلَاقُ الِاعْتِكَافَ فَلَا تَعْتَكِفُ حَتَّى تَحِلَّ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) إذَا حَاضَتْ الْمُعْتَكِفَةُ فَخَرَجَتْ لِلْحَيْضِ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ لِلْمَسْجِدِ إذَا طَهُرَتْ لِتُكْمِلَ اعْتِكَافَهَا كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا وَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَهُ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ (الثَّانِي) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إذَا سَبَقَ الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ الِاعْتِكَافَ أَوْ الْإِحْرَامَ لَمْ يَصِحَّ لَهَا أَنْ تَعْتَكِفَ وَلَا أَنْ تُحْرِمَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَزِمَتْهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْقُضَهَا، انْتَهَى. مِنْ رَسْمِ مَرَضٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ وَالِاعْتِكَافِ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ إثْرَهُ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: إذَا أَحْرَمَتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا نَفَذَتْ وَهِيَ عَاصِيَةٌ فَانْظُرْهُ مَعَ كَلَامِ صَاحِبِ الْبَيَانِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ فِي الْبَيَانِ لَا يَصِحُّ عَلَى مَعْنًى لَا يَجُوزُ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إذَا نَذَرَتْ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ الشَّهْرُ فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ فِي عِدَّتِهَا وَمَبِيتِهَا فِي بَيْتِهَا وَتَصُومُ ذَلِكَ الشَّهْرَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا لِلِاعْتِكَافِ ظَهَرَ لِي هَذَا أَوَّلًا ثُمَّ ظَهَرَ لِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تَخْرُجَ إلَى الْمَسْجِدِ فَتَعْتَكِفَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ كَانَ لَازِمًا لَهَا قَبْلَ الْعِدَّةِ وَهِيَ كَمَنْ نَوَتْ الِاعْتِكَافَ وَدَخَلَتْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ فِي الِاعْتِكَافِ يُوجِبُ مَا نُوِيَ مِنْهُ وَالنَّذْرُ يُوجِبُ مَا نُذِرَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِيهِ فَالدُّخُولُ فِيهِ وَالنِّيَّةُ كَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، انْتَهَى. وَمَا ظَهَرَ لِي أَوَّلًا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ
ص (وَإِنْ مَنَعَ عَبْدَهُ نَذْرًا فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ)
ش: قَالَ الشَّارِحُ: يُرِيدُ إنْ كَانَ مَضْمُونًا وَأَمَّا الْأَيَّامُ الْمُعَيَّنَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ مَنَعَهُ الِاعْتِكَافَ فِيهَا، انْتَهَى.
((قُلْتُ)) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَإِنْ مَنَعَهُ نَذْرًا فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ مَضْمُونًا قِيلَ: وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: إنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَنَصُّ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ نَذَرَ عَبْدٌ عُكُوفًا فَمَنَعَهُ سَيِّدُهُ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ إنْ أَعْتَقَ وَكَذَلِكَ الْمَشْيُ وَالصَّدَقَةُ إذَا نَذَرَ ذَلِكَ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ فَإِنْ أَعْتَقَ يَوْمًا لَزِمَهُ مَا نَذَرَ مِنْ مَشْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ إنْ بَقِيَ مَالُهُ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ وَهُوَ رَقِيقٌ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ، انْتَهَى. (فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسْقِطَهُ عَنْهُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الدَّيْنِ.
ص (وَلَزِمَ يَوْمٌ إنْ نَذَرَ لَيْلَةً)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ لَزِمَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ فَأَمَّا إنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَزِمَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَيَدْخُلُ اعْتِكَافُهُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَتِهِ وَإِنْ دَخَلَ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَاعْتَكَفَ يَوْمَهُ لَمْ يُجْزِهِ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَيَلْزَمُهُ يَوْمٌ تَامٌّ وَذَلِكَ لَيْلَةٌ وَيَوْمٌ وَأَمَّا إنْ نَوَى اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَدَخَلَ فِيهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَأَجْزَأهُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الطِّرَازِ: فَرْعٌ: فَإِنْ اعْتَكَفَ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ مِنْ قَبْلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ هَلْ يُجْزِئُهُ يُخْتَلَفُ فِيهِ فَقَالَ سَحْنُونٌ
لَا يُجْزِيهِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ يُجْزِيهِ وَلِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ نَحْوُ مَا ارْتَضَاهُ الْقَاضِي.
ص (لَا بَعْضَ يَوْمٍ)
ش: قَالَ سَنَدٌ لَوْ نَذَرَ عُكُوفَ بَعْضِ يَوْمٍ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: لَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ صَوْمٍ وَلَا يَكُونُ عُكُوفًا وَإِنَّمَا يَكُونُ جِوَارًا نَذَرَهُ بِلَفْظِ الْعُكُوفِ وَكَمَا يَلْزَمُ الْعُكُوفُ إذَا قَصَدَ مَعْنَاهُ وَنَذَرَهُ بِلَفْظِ الْجِوَارِ يَلْزَمُ الْجِوَارُ إذَا قَصَدَ مَعْنَاهُ وَنَذَرَهُ بِلَفْظِ الْعُكُوفِ، انْتَهَى.
ص (كَمُطْلَقِ الْجِوَارِ)
ش: قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: الْجِوَارُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا مِنْ الْمُجَاوَرَةِ مِثْلُ الِاعْتِكَافِ، انْتَهَى. قَالَ سَنَدٌ: مَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ الْمَسْجِدَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عِدَّةَ أَيَّامٍ فَهَذَا نَذْرُ اعْتِكَافٍ بِلَفْظِ الْجِوَارِ فَلَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ قَوْلِهِ أَعْتَكِفُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ أُجَاوِرُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَيَلْزَمُ فِي ذَلِكَ مَا يَلْزَمُ فِي الِاعْتِكَافِ وَيُمْنَعُ فِيهِ مَا يَمْتَنِعُ مِنْ الِاعْتِكَافِ وَاللَّفْظُ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا يُرَادُ لِمَعْنَاهُ وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ اعْتِكَافًا وَلَا جِوَارًا إلَّا أَنَّهُ نَوَى مُلَازَمَةَ الْمَسْجِدِ لِلْعِبَارَةِ أَيَّامًا مُتَوَالِيَةً وَشَرَعَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ سُنَّةُ الِاعْتِكَافِ
ص (لَا النَّهَارُ فَقَطْ فَبِاللَّفْظِ)
ش: قَالَ سَنَدٌ: أَمَّا الْجِوَارُ الَّذِي يَفْعَلُهُ أَهْلُ مَكَّةَ فَإِنَّمَا هُوَ لُزُومُ الْمَسْجِدِ بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ وَذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ سُنَّةِ الِاعْتِكَافِ وَلَا يَمْتَنِعُ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا يَمْتَنِعُ فِي الِاعْتِكَافِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ: لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيُجَامِعَ أَهْلَهُ قَالَ الْبَاجِيُّ وَيَخْرُجَ فِي حَوَائِجِهِ وَلِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَشُهُودِ الْجَنَائِزِ وَيَطَأُ زَوْجَتَهُ وَأَمَتَهُ مَتَى شَاءَ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا وَضَعَ الِاعْتِكَافَ عَلَى وَجْهٍ يَعْسُرُ إقَامَتُهُ عَلَى جُلِّ النَّاسِ شَرَعَ فِي بَابِهِ مَا يُيَسِّرُ إقَامَتَهُ عَلَى جُلِّ النَّاسِ فَشَرَعَ الْجِوَارَ فَالْمُجَاوِرُ يَحْضُرُ الْمَسْجِدَ وَيُكْثِرُ جَمْعَهُ وَلَا يَلْتَزِمُ الْمَسْكَنَ، وَالتَّلَازُمُ كَمَا يَلْزَمُهُ الْمُعْتَكِفُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ مُلَازَمَةَ الْمَسْجِدِ مِنْ نَوَافِلِ الْخَيْرِ وَوُجُوهِ الْقُرْبِ ثُمَّ قَالَ: وَلَا تَحْرُمُ فِيهِ الْمُبَاشَرَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الصَّوْمُ وَلَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ عَلَى الْمُجَاوِرِ وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ حَتَّى لَوْ جَامَعَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَأْثَمْ، انْتَهَى.
مُخْتَصَرًا وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: الْجِوَارُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ مِنْ نَوَافِلِ الْخَيْرِ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ فَبِاللَّفْظِ يَعْنِي أَنَّ الْجِوَارَ يَلْزَمُ إذَا نَذَرَهُ بِلَفْظِهِ وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَأَمَّا عَقْدُهُ بِالْقَلْبِ فَذَلِكَ جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِالْقَلْبِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ فَإِنْ نَوَى يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْيَوْمُ الْمُنْفَرِدُ أَوْ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ فِيمَا إذَا نَوَى أَيَّامًا بِالدُّخُولِ فِيهَا ابْنُ يُونُسَ حَمْلُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى اللُّزُومِ قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ دَخَلَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَزِمَهُ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ: لَا يَلْزَمُهُ هَذَا الْجِوَارُ وَإِنْ دَخَلَ فِيهِ إذْ لَا صَوْمَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَوَى أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ وَالذِّكْرُ يَتَبَعَّضُ، انْتَهَى. وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ
ص (وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ لَهُ تَأْوِيلَانِ)
ش: أَيْ وَفِي لُزُومِ الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ
وَعَدَمِ لُزُومِهِ تَأْوِيلَانِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ أَوَّلًا أَوْ ثَانِيًا أَوْ ثَالِثًا أَوْ غَيْرَهُ فَإِنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْجِوَارَ لَا يَلْزَمُهُ بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا وَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهَا فِعْلٌ وَهُوَ الدُّخُولُ فَمَا بَعْدَ الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ لَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ الدُّخُولِ وَاخْتُلِفَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ هَلْ يَلْزَمُهُ جَمِيعُهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ تَأْوِيلَانِ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى اللُّزُومِ وَكَذَلِكَ عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ فِي النُّكَتِ: إذَا نَوَى عُكُوفَ أَيَّامٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ شُهُورٍ لَزِمَهُ بِالدُّخُولِ فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِاتِّصَالِهِ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ مَنْ نَوَى صَوْمًا هَذَا وَإِنْ نَوَاهُ مُتَتَابِعًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَمَلُ الصَّوْمِ مُتَّصِلًا؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ فَاصِلٌ عَنْ الصَّوْمِ وَالْعُكُوفَ عَمَلُهُ مُتَّصِلٌ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَهُوَ كَالْيَوْمِ الْوَاحِدِ فِي الصَّوْمِ.
وَالْجِوَارُ إذَا كَانَ يَنْقَلِبُ فِيهِ بِاللَّيْلِ إلَى مَنْزِلِهِ مِثْلُ الصَّوْمِ لَا يَلْزَمُهُ بِالنِّيَّةِ وَالدُّخُولِ إلَى أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ بِدُخُولِهِ فِيهِ وَأَمَّا مَا لَا يَنْقَلِبُ فِيهِ فَهُوَ كَالْعُكُوفِ وَبِالدُّخُولِ فِي يَوْمٍ مِنْهُ يَلْزَمُهُ جَمِيعُهُ، انْتَهَى. وَتَأَوَّلَ أَبُو عِمْرَانَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ بِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَبَعَّضُ وَالْجِوَارُ يَصِحُّ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ يَحْصُلُ لِلْمُجَاوِرِ أَجْرُهُ، انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ قَالَ: فَرْعٌ: فَإِنْ نَوَى جِوَارَ يَوْمٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ وَبَعْدَ دُخُولِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ فِيهِ صَوْمٌ فَيُقَدَّرُ بِزَمَانِهِ بَقَاءٌ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ سَاعَاتِ النَّهَارِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَلَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَرْبَابُ الْمَذَاهِبِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: الِاعْتِكَافُ يَجِبُ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا بِالنَّذْرِ وَإِمَّا بِالنِّيَّةِ مَعَ الدُّخُولِ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْجِوَارُ إذَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ الصِّيَامَ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ الصِّيَامَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُجَاوِرَ كَجِوَارِ مَكَّةَ بِغَيْرِ صِيَامٍ فَلَا يَلْزَمُهُ بِالنِّيَّةِ مَعَ الدُّخُولِ فِيهِ مَا نَوَى مِنْ الْأَيَّامِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُهُ مُجَاوَرَةُ الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ مَتَى شَاءَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. إذْ لَمْ يَتَشَبَّثْ بِعَمَلٍ يُبْطِلُ عَلَيْهِ بِقَطْعِهِ، انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ سَنَدٍ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ (فَرْعٌ) فَلَوْ نَوَى جِوَارَ الْمَسْجِدِ مَا دَامَ فِيهِ أَوْ وَقْتًا مُعَيَّنًا لَمْ يَلْزَمْ بِبَقِيَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى مَا قَالَهُ سَنَدٌ وَابْنُ رُشْدٍ وَأَبُو عِمْرَانَ وَكَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ وَعَبْدِ الْحَقِّ فِيمَا يَظْهَرُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمَدْخَلِ فِي أَوَّلِهِ فِي نِيَّةِ الْخُرُوجِ إلَى الْمَسْجِدِ فَقَالَ: وَيَنْوِي الِاعْتِكَافَ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ أَوْ الْجِوَارَ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يَشْتَرِطُ فِي الِاعْتِكَافِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً، انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَالْجِوَارُ كَالِاعْتِكَافِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ فِيهِ إنْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةُ الْفِطْرِ فَلَهُ ذَلِكَ، انْتَهَى. فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ (وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ حِينَئِذٍ صَوْمٌ) ش أَيْ إذَا نَوَى مُجَاوَرَةَ النَّهَارِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِاللَّفْظِ فَإِذَا نَذَرَهُ بِلَفْظِهِ وَلَزِمَهُ حِينَئِذٍ صَوْمٌ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي الْحَاوِي لِأَبِي الْفَرَجِ: إذَا نَذَرَ جِوَارًا فِي أَيِّ مَسْجِدٍ كَانَ فَهُوَ كَالِاعْتِكَافِ وَعَلَيْهِ الصِّيَامُ إلَى أَنْ يَنْوِيَ الرُّجُوعَ إلَى مَنْزِلِهِ لَيْلًا فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ صِيَامٌ، انْتَهَى. وَفِي اللُّبَابِ وَإِذَا نَذَرَ جِوَارَ مَكَّةَ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ صَوْمٌ وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِاللَّيْلِ إلَى مَنْزِلِهِ لِيَبِيتَ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ دُونَ النَّذْرِ إلَّا الْيَوْمُ الْأَوَّلُ فَيَلْزَمُهُ بِالنِّيَّةِ لِدُخُولِهِ فِيهِ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) فُهِمَ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ إذَا نَوَى مُجَاوَرَةَ الْمَسْجِدِ لَيْلًا وَنَهَارًا أَوْ نَوَى مَعَ ذَلِكَ عَدَمَ الصِّيَامِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ بِاللَّفْظِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِتْيَانُ سَاحِلٍ لِنَذْرِ صَوْمٍ بِهِ مُطْلَقًا)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بِسَاحِلٍ