الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَفَرًا صَنَعَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا وَجَبَ عَلَيْهِ الِابْتِدَاءُ وَلَا يَنْفَعُهُ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَلَا لِشُهُودِ جِنَازَةٍ وَلَا لِأَدَاءِ شَهَادَةٍ فَإِنْ فَعَلَ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ قَبْلَهُ: وَاخْتُلِفَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَهُوَ فِي مَكَان وَكَرِهَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي الْمَعُونَةِ إجَازَتُهُ وَيُؤْخَذُ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ وَتَأَمَّلْهُ هَلْ يَصِحُّ الْأَخْذُ مِنْهُ أَوْ لَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَتَرَتُّبِهِ لِلْإِمَامَةِ)
ش: هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَحَكَى فِي الْإِكْمَالِ عَنْهُ قَوْلَيْنِ هَذَا وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْجَوَازُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي الرِّسَالَةِ وَاللَّخْمِيُّ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ.
ص (وَإِخْرَاجُهُ لِحُكُومَةٍ إنْ لَمْ يَلُدَّ بِهِ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ خَرَجَ يَطْلُبُ حَدًّا أَوْ دَيْنًا أَوْ أَخْرَجَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ دَيْنٍ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ: إنْ أَخْرَجَهُ قَاضٍ لِخُصُومَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَارِهًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ اعْتِكَافَهُ وَإِنْ بَنَى أَجْزَأَهُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ إخْرَاجُهُ لِخُصُومَةٍ أَوْ غَيْرِهَا حَتَّى يُتِمَّ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ إنَّمَا اعْتَكَفَ لَدَدًا فَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ، انْتَهَى. مِنْ التَّهْذِيبِ. إلَّا قَوْلَهُ لِخُصُومَةٍ أَوْ غَيْرِهَا الثَّانِي فَإِنَّهُ مِنْ ابْنِ يُونُسَ.
ص (وَجَازَ إقْرَاءُ قُرْآنٍ)
ش: قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكْتُبَ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنْ يَقْرَأَ أَوْ يُقْرِئَ غَيْرَهُ الْقُرْآنَ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعِهِ انْتَهَى وَنَقَلَهُ الشَّارِحُ وَزَادَ مَا نَصُّهُ: يُرِيدُ وَإِنْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مِنْ الْأَذْكَارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَاصِدَ التَّعْلِيمِ فَلَا، انْتَهَى. وَكَذَا قَيَّدَهُ فِي الشَّامِلِ وَهَذَا التَّقْيِيدُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِهِ التِّلِمْسَانِيُّ كَلَامَ الْجَلَّابِ وَجَعَلَ صَاحِبُ الطِّرَازِ مَا فِي الْجَلَّابِ خِلَافَ الْمَذْهَبِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَشْتَغِلُ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَشَاغَلَ بِتَدْرِيسِ الْعِلْمِ وَلَا يُدَرِّسُهُ وَلَا بِإِقْرَاءِ الْقُرْآنِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَنْبَلٍ وَفِي التَّفْرِيعِ لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتُبَ فِي الْمَسْجِدِ وَيُقْرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاعْتِكَافَ عِبَادَةٌ شُرِعَ لَهَا الْمَسْجِدُ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إقْرَاءُ الْقُرْآنِ وَتَدْرِيسُ الْعِلْمِ، انْتَهَى. وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: الْمُعْتَكِفُ دَخَلَ عَلَى الْتِزَامِ نَوْعٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ مِمَّا شُرِعَ لَهُ الْمَسْجِدُ وَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَالذِّكْرُ وَالتَّسْبِيحُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ ثُمَّ قَالَ: فَلَيْسَ لَهُ قَطْعُ مَا الْتَزَمَهُ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَتَعَلُّمِهِ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الِاعْتِكَافِ، انْتَهَى. فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْغَيْرِ وَسَمَاعُهُ مِنْ الْغَيْرِ
ص (وَتَطَيُّبُهُ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَيَّبَ الْمُعْتَكِفُ قَالَ فِي الطِّرَازِ: ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَتَطَيَّبَ وَلَا يَلْبَسَ الرَّفِيعَ مِنْ الثِّيَابِ، انْتَهَى. وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا ذَكَرَ صَاحِبُ الشَّامِلِ أَنَّ الصَّائِمَ لَا يَشُمُّ الرَّيَاحِينَ وَالْمُعْتَكِفَ لَا يَكُونُ إلَّا صَائِمًا وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الصَّوْمِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَخُورٌ
ص (وَأَخْذُهُ إذَا خَرَجَ لِكَغُسْلِ جُمُعَةٍ ظُفْرًا أَوْ شَارِبًا)
ش: فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ جَوَازَهُ لِخُرُوجِهِ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ عَلَى جَوَازِ خُرُوجِهِ لِلْعِيدِ وَرَدَّهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْجَلَّابِ: وَلَا يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مُخَاطَبٌ بِالْغُسْلِ، انْتَهَى. وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الطِّرَازِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجَ لِيَغْسِلَ مَا أَصَابَهُ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ دَفْعِ الْحَاجَةِ.
[فَرْعٌ الْمُعْتَكِف إذَا اصْبَحْ جنبا]
(فَرْعٌ) ثُمَّ قَالَ: وَيَخْرُجُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ إجْمَاعًا وَلَا يُؤَخِّرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ وَلَمْ يَجِدْ لَهُ سَبِيلًا يُتِمُّ لِاسْتِبَاحَةِ
اللُّبْثِ وَاسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَهَلْ يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ أَوْ لَا يَخْرُجُ وَلَا يَمْشِي فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يَتَيَمَّمَ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا فِي التَّيَمُّمِ ((قُلْتُ)) وَتَقَدَّمَ الْأَرْجَحُ عَدَمُ التَّيَمُّمِ ثُمَّ قَالَ: وَهَلْ يَذْهَبُ إلَى الْحَمَّامِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي الْمُعْتَكِفِ فِي الشِّتَاءِ يَحْتَلِمُ وَيَخَافُ الْمَاءَ الْبَارِدَ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْحَمَّامَ وَهَذَا إذَا وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ بُدًّا أَوْ أَمْكَنَهُ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ الْحَمَّامِ وَيَتَطَهَّرُ فِي بَيْتِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ جَازَ لَهُ بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ الْجُنُبُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ: إذَا احْتَاجَ الْمُعْتَكِفُ إلَى قَصِّ أَظْفَارِهِ وَشَارِبِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ وَيُدْنِيَ رَأْسَهُ لِمَنْ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَيُصْلِحُهُ وَلَا يَخْرُجُ فِي ذَلِكَ إلَى بَيْتِهِ وَلَا إلَى دُكَّانِ حَجَّامٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ: وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ وَيَنْتِفَ إبِطَهُ وَيَحْلِقَ عَانَتَهُ فِي بَيْتِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إذَا خَرَجَ إلَى غُسْلِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ كَمَالِ التَّنْظِيفِ وَمُتَعَلِّقٌ بِالْغُسْلِ ثُمَّ قَالَ: وَلَا تَجُوزُ لَهُ الْحِجَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا الْفَصَادَةُ وَإِنْ جُمُعَةً كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْبَوْلُ وَالتَّغْوِيطُ فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ خَرَجَ وَإِنْ فَعَلَهُ فِي الْمَسْجِدِ يُخْتَلَفُ فِيهِ فَمَنْ رَاعَى فِي ارْتِكَابِهِ مَا نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يَكُونَ كَبِيرَةً لَمْ يُبْطِلْهُ وَمَنْ لَمْ يُرَاعِ أَبْطَلَهُ ثُمَّ قَالَ: وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَسْتَاكَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ أَجْلِ مَا يُلْقِيهِ مِنْ فِيهِ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَخْذُهُ إذَا خَرَجَ لِكَغُسْلِ جُمُعَةٍ ظُفْرًا، أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِذَلِكَ مُسْتَقِلًّا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ سَنَدٌ فِي كَلَامِهِ هَذَا وَانْظُرْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنَ عَرَفَةَ وَكَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ
ص (وَانْتِظَارُ غَسْلِ ثَوْبِهِ وَتَجْفِيفِهِ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَنْتَظِرُ غَسْلَ ثَوْبِهِ وَتَجْفِيفَهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: لِلشُّيُوخِ هُنَا تَأْوِيلَانِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَنْتَظِرُ وَاحِدًا مِنْ الْأَمْرَيْنِ لَا الْغُسْلَ وَلَا التَّجْفِيفَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ مَعْنَاهُ يَنْتَظِرُ التَّجْفِيفَ وَأَمَّا الْغُسْلُ فَإِنَّهُ يَغْسِلُهُ، انْتَهَى. وَفَهِمَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَالَ: لَا يَنْتَظِرُ غَسْلَ ثَوْبِهِ وَلَا تَجْفِيفَهُ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الثَّانِي لِقَوْلِهِ وَفِيهَا لَا يَنْتَظِرُ فِي خُرُوجِهِ لِغُسْلِ جَنَابَتِهِ جَفَافَ ثَوْبِهِ، انْتَهَى.
ص (وَمُكْثُ لَيْلَةِ الْعِيدِ)
ش: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ مُكْثَهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ مُسْتَحَبٌّ فَلَوْ خَرَجَ فِيهَا لَمْ يَفْسُدْ اعْتِكَافُهُ عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ قَالَهُ فِي رَسْمٍ شَكَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ أَيْضًا بِفِعْلِهِ مَا يُضَادُّ الِاعْتِكَافَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ.
ص (وَبِآخِرِ الْمَسْجِدِ)
ش: قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَطْلُبَ فَضِيلَةَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، انْتَهَى.
ص (لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ الْغَالِبَةِ بِهِ وَفِي كَوْنِهَا بِالْعَامِ أَوْ بِرَمَضَانَ خِلَافٌ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ
يُسْتَحَبُّ اعْتِكَافُ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لِأَجْلِ طَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي يَغْلِبُ كَوْنُهَا فِيهِ وَنَحْوُ هَذَا لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَمَّا كَوْنُ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ فَذَلِكَ لِمُوَاظَبَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الِاعْتِكَافِ فِيهِ فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ وَأَمَّا طَلَبُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَإِنَّمَا هُوَ بِالِانْجِرَارِ أَلَا تَرَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَخْتَصُّ بِاللَّيْلِ لَكِنَّ حَدِيثَ: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ» يَشْهَدُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: اُخْتُلِفَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ: إنَّهَا فِي لَيْلَةٍ بِعَيْنِهَا لَا تَنْتَقِلُ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَقِيلَ: إنَّهَا مُبْهَمَةٌ فِي الْعَامِ كُلِّهِ وَقِيلَ: فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ، وَقِيلَ: فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ وَالْأَخِيرِ وَقِيلَ: فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ فَقَطْ، الثَّانِي: إنَّهَا فِي لَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا تَنْتَقِلُ مَعْرُوفَةٍ وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَقِيلَ: إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ: ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ: سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: إنَّهَا لَيْسَتْ فِي لَيْلَةٍ بِعَيْنِهَا وَإِنَّمَا تَنْتَقِلُ فِي الْأَعْوَامِ وَلَيْسَتْ مُخْتَصَّةً بِالْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَالْغَالِبُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ.
وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ، انْتَهَى.
(مَسْأَلَةٌ) تَتَعَلَّقُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ ((قُلْتُ)) وَهَهُنَا مَسْأَلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ تَقِيُّ الدِّينِ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ وَقِيلَ: فِي السَّنَةِ قَالُوا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ فِي رَمَضَانَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهَا السَّنَةُ؛ لِأَنَّ كَوْنَهَا مَخْصُوصَةً بِرَمَضَانَ مَظْنُونٌ وَصِحَّةُ النِّكَاحِ مَعْلُومَةٌ فَلَا تَزَالُ إلَّا بِيَقِينٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا إذَا دَلَّتْ الْأَحَادِيثُ عَلَى اخْتِصَاصِهَا بِالْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ كَانَ إزَالَةُ النِّكَاحِ بِمُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ الْأَحَادِيثُ وَالْأَحْكَامُ الْمُقْتَضِيَةُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ يَجُوزُ بِنَاؤُهَا عَلَى الْأَحَادِيثِ وَيَرْتَفِعُ بِهَا النِّكَاحُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي رَفْعِ النِّكَاحِ وَأَحْكَامِهِ اسْتِنَادُهُ إلَى التَّوَاتُرِ أَوْ قُطِعَ اتِّفَاقًا الْمَشَذَّالِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ تَقِيُّ الدِّينِ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ.
وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ رحمه الله فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَلَا إلَى تَفْصِيلٍ بَلْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مُطْلَقًا الْوَانُّوغِيُّ وَعَلَى أَنَّهَا ارْتَفَعَتْ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ الْمَشَذَّالِيُّ ذَكَرَ صَاحِبُ الِاسْتِغْنَاءِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَمُحَالٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إخْبَارَهَا أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا. وَظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَازِمٌ. الْبُرْزُلِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْإِمَامِ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ الْحَجَرُ وَفِي النَّوَادِرِ تَقْيِيدُ الطَّلَاقِ بِالْمَاضِي كَطَلَاقِهِ فَهُوَ كَظَاهِرِ ابْنِ الْحَاجِبِ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ)
ش: قَالَ فِي شَرْحِ أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَإِذَا طَهُرَتْ الْحَائِضُ فِي بَعْضِ يَوْمِهَا فَرَجَعَتْ إلَى الْمَسْجِدِ فَلَا تُمْسِكُ عَنْ الْأَكْلِ بَقِيَّةَ يَوْمِهَا وَلَا تَعْتَدُّ بِهِ فِي اعْتِكَافِهَا إلَّا أَنْ تَطْهُرَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَتَنْوِيَ صِيَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَتَدْخُلَ مُعْتَكَفَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، انْتَهَى.
ص (وَإِنْ اشْتَرَطَ سُقُوطَ الْقَضَاءِ لَمْ يُعِدْهُ)
ش: وَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَالِاعْتِكَافُ وَقِيلَ: إنْ اشْتَرَطَهُ مِنْ قَبْلِ الدُّخُولِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَالِاعْتِكَافُ وَإِنْ اشْتَرَطَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّ الِاعْتِكَافُ قَالَهُ الْجُزُولِيُّ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يُسْقِطُهُ الِاشْتِرَاطُ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ اشْتَرَطَ فِي الِاعْتِكَافِ مَا يُغَيِّرُ سُنَّةً فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الِاعْتِكَافُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَشَرْطُ مُنَافِيهِ لَغْوٌ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ الْبَغْدَادِيِّينَ لَوْ نَذَرَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا بِدُخُولِهِ فَيَبْطُلُ شَرْطُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَحُكِيَ لَنَا عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ: أَنَّهُ شَرَطَ فِي الِاعْتِكَافِ مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الِاعْتِكَافُ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ: إنْ دَخَلَ فِي الِاعْتِكَافِ بِهَذَا الشَّرْطِ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ اُنْتُقِضَ اعْتِكَافُهُ وَلَزِمَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ اُنْظُرْ النُّكَتَ