الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَصَحِيحَةٌ وَمِثْلُ هَذَا مَا إذَا صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي الْمَغْرِبِ رَكْعَةً وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ فَرَوَى سَحْنُونٌ: صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ قَالَ فِي الطِّرَازِ: وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ تُعِيدُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَقَطْ وَنَصُّ كَلَامِ سَحْنُونٍ عَلَى مَا فِي النَّوَادِرِ وَقَالَ سَحْنُونٌ.
(قُلْت) : وَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي الْحَضَرِ بِأَرْبَعِ طَوَائِفَ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً أَنَّ صَلَاتَهُ وَصَلَاةَ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ تَامَّةٌ وَتَفْسُدُ عَلَى الْبَاقِينَ وَقَالَ سَحْنُونٌ بَلْ تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً جَهْلًا أَوْ عَمْدًا فَصَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ سُنَّتَهَا وَكَذَلِكَ إنْ صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ لِوُقُوفِهِ فِي مَوْضِعِ غَيْرِ قِيَامٍ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصَلِّ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ]
ص (فَصْلٌ سُنَّ لِعِيدٍ رَكْعَتَانِ لِمَأْمُورِ الْجُمُعَةِ)
ش: هَذَا الْفَصْلُ يُذْكَرُ فِيهِ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَالْعِيدُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَوْدِ وَهُوَ الرُّجُوعُ وَالتَّكَرُّرُ؛ لِأَنَّهُ مُتَكَرِّرٌ فِي أَوْقَاتِهِ، وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ أَيَّامَ الْأُسْبُوعِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَشَهْرَ رَمَضَانَ تُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ.
(قُلْت) وَلَا يَلْزَمُ اطِّرَادُ وَجْهِ التَّسْمِيَةِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: لِعَوْدِهِ بِالْفَرَحِ وَالسُّرُورِ عَلَى النَّاسِ وَقِيلَ: تَفَاؤُلًا بِأَنْ يَعُودَ مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْ النَّاسِ.
وَالْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَقِيلَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اخْتَارَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا لِنَقْلِ الْمَازِرِيِّ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَقَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ: لَا يَبْعُدُ كَوْنُهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّهَا إظْهَارٌ لِأُبَّهَةِ الْإِسْلَامِ، وَقَوْلُ ابْنِ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ عَقَلَ الصَّلَاةَ مِنْ النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالْمُسَافِرِينَ إلَّا أَنَّهُ لَا خُطْبَةَ عَلَيْهِمْ ظَاهِرٌ فِي وُجُوبِهَا، وَالْإِجْمَاعُ يَمْنَعُهُ؛ إذْ هُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيِّ إلَّا أَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا عَلَى أَهْلِ الْقُرَى الْبَعِيدَةِ عَنْ الْحَوَاضِرِ انْتَهَى.
(قُلْت) مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ صَحِيحٌ نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَنَصُّهُ: وَأَمَّا السُّنَّةُ فَخَمْسُ صَلَوَاتٍ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوِتْرُ وَصَلَاةُ الْخَوْفِ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَالْعِيدَانِ وَقَدْ قِيلَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ: إنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ بِالسُّنَّةِ عَلَى الْكِفَايَةِ وَإِلَى هَذَا كَانَ يَذْهَبُ شَيْخُنَا الْفَقِيهُ ابْنُ رِزْقٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ عَلَى الْأَعْيَانِ انْتَهَى.
وَقَوْلُ ابْنِ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: إنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا يَقْتَضِي الْخِلَافَ هَلْ هُمَا سُنَّتَانِ عَلَى الْأَعْيَانِ أَوْ سُنَّتَانِ عَلَى الْكِفَايَةِ لَا أَنَّهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ - بَعِيدٌ وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ عَرَضَهُ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي مَهْدِيِّ فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (لِمَأْمُورِ الْجُمُعَةِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ
صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ إنَّمَا هِيَ سُنَّةٌ فِي حَقِّ مَنْ يُؤْمَرُ بِالْجُمُعَةِ يُرِيدُ وُجُوبًا وَأَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الصِّغَارِ وَالْمُسَافِرِينَ وَالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَمَنْ عَقَلَ الصَّلَاةَ مِنْ الصِّبْيَانِ فَلَيْسَتْ فِي حَقِّهِمْ سُنَّةً وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُمْ إقَامَتُهَا كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِقَامَةُ مِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَلَوْ تَرَكُوا الْجُمُعَةَ وَهِيَ عَلَيْهِمْ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا الْعِيدَ بِخُطْبَةٍ وَجَمَاعَةٍ انْتَهَى.
وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ: لِمَأْمُورِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَيَنْزِلُ إلَيْهَا مَنْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ انْتَهَى.
وَخَرَجَ مِنْهُ الْحَاجُّ بِمِنًى إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ دُخُولُهُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِقَامَةُ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا وَهِيَ لَا تُشْرَعُ لِلْحَاجِّ بِمِنًى قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي مَنَاسِكِهِ: مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَيْسَ عَلَى الْحَاجِّ بِمِنًى صَلَاةُ الْعِيدِ يَوْمَ النَّحْرِ كَمَا يُصَلِّي أَهْلُ الْآفَاقِ، وَإِنَّمَا صَلَاتُهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وُقُوفُهُمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَذَلِكَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: صَلَاتُهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ وُقُوفُهُمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَا أَرَى لِأَهْلِ مِنًى الْمُقِيمِينَ بِهَا مِمَّنْ لَمْ يَحُجَّ أَنْ يُطَوِّلَ الْعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ لِبِدْعَةِ ذَلِكَ بِمِنًى وَلَوْ صَلَّاهَا مُصَلٍّ لِنَفْسِهِ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا انْتَهَى.
وَقَالَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى أَهْلِ مَكَّةَ صَلَاةُ الْعِيدِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ مِنًى انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ: وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَا تُشْرَعُ لِلْحَاجِّ بِمِنًى كَصَلَاةِ الْعِيدِ انْتَهَى.
(وَقَالَ) الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ وَلَا يُجْزِي نَحْرُ الْهَدْيِ إلَّا نَهَارًا بَعْدَ الْفَجْرِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ بِمِنًى وَلَوْ قَبْلَ الْإِمَامِ وَقَبْلَ الشَّمْسِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ مَا نَصُّهُ: وَقْتُ الرَّمْيِ يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ.
قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الْإِمَامِ إلَى آخِرِهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي الْعِيدِ لَمَّا كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ نَاسَبَ أَنْ يَتَوَقَّفَ الذَّبْحُ عَلَى ذَبْحِهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ إلَّا صَلَاةَ عِيدٍ عَلَيْهِمْ انْتَهَى.
وَقَالَ سَنَدٌ فِي بَابِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْفَجْرِ مَا نَصُّهُ: وَقْتُ الرَّمْيِ يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَكَذَلِكَ الذَّبْحُ إلَّا أَنَّ الرَّمْيَ يُسْتَحَبُّ ضَحْوَةً فَكَذَلِكَ الذَّبْحُ.
وَيُخَالِفُ الْهَدْيُ الْأُضْحِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ وَلَا تُصَلَّى الْعِيدُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ بِخِلَافِ الْهَدْيِ وَلَا عِيدَ عَلَى أَهْلِ مِنًى انْتَهَى.
وَقَالَ فِي آخِرِ بَابِ الْهَدْيِ: وَالضَّحَايَا مُتَعَلِّقَةٌ بِصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْحَاجُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ صَلَاةِ الْعِيدِ انْتَهَى.
فَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ لَا تُشْرَعُ لِلْحَاجِّ بِمِنًى لَا سُنَّةً وَلَا اسْتِحْبَابًا انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ: لَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنْ يَؤُمَّ الْعَبْدُ وَلَا الْمُسَافِرُ فِي الْجُمُعَةِ وَلَا فِي الْعِيدِ وَلَا أَنْ يَسْتَخْلِفَهُمَا الْإِمَامُ فِيهِمَا بَعْدَ إحْرَامِهِمَا؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا الْجُمُعَةُ انْتَهَى.
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُؤْمَرَانِ بِهِمَا عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَتَقَدَّمَ حُكْمُ إمَامَتِهِمَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْجُمُعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) قَالَ فِي رَسْمِ الْمُحْرِمِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُسَافِرُ بَعْدَ الْفَجْرِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ فَقِيلَ: لَهُ فَمَا الْعُذْرُ؟ قَالَ: غَيْرُ شَيْءٍ وَاحِدٍ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مَعْنَى مَا تَكَلَّمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُسَافِرُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَكَرِهَ ذَلِكَ لَهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ إذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِشُهُودِ الْعِيدِ بَعْدُ، وَلَوْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَحَانَتْ الصَّلَاةُ لَمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ لِسَفَرٍ وَيَدَعَ الْخُرُوجَ لِشُهُودِ صَلَاةِ الْعِيدِ انْتَهَى بِلَفْظِهِ.
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَعْنَاهُ وَلَفْظِهِ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُعْجِبُنِي السَّفَرُ بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ قَبْلَ صَلَاتِهِ إلَّا لِعُذْرٍ ابْنُ رُشْدٍ: لَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ حَرُمَ سَفَرُهُ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ قُلْت الصَّوَابُ حَمْلُ الرِّوَايَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا لِأَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ سُنَّةٌ وَالْجُمُعَةُ فَرْضٌ انْتَهَى.
(قُلْت) وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ يَقْتَضِي إثْمُ مَنْ تَرَكَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ يُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجَمْعِ، وَلَمْ أَرَ
مَنْ قَالَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَا يُنَادِي الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ)
ش: قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الَّذِي تَلَقَّيْنَاهُ مِنْ شُيُوخِنَا: إنَّ مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ بِدْعَةٌ لِعَدَمِ وُرُودِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَإِنْ كَانَتْ بِدْعَةً. وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فِي قَوْلِهِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ: كَوْنُهَا بِغَيْرِ أَذَانٍ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ خَوَاصِّ الْفَرَائِضِ وَلَكِنْ يُنَادِي فِيهَا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَظَاهِرُ الرِّسَالَةِ خِلَافُهُ انْتَهَى.
وَفِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلُ وَالْجُزُولِيُّ أَنَّهُ يُنَادِي الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ قَالَ فِي الشَّامِلِ بِخِلَافِ الْكُسُوفِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ: هَذَا ظَاهِرٌ وَصَحَّ أَنَّهُ عليه السلام نَادَى فِيهَا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ انْتَهَى.
ص (وَافْتَتَحَ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ بِالْإِحْرَامِ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ وَالْأُولَى مِنْهُنَّ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ وَالتَّلْقِينِ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ بَيِّنٌ.
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ: قَالَ أَشْهَبُ وَإِنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ فِي الْأُولَى أَكْثَرَ مِنْ سَبْعٍ وَفِي الثَّانِيَةِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسٍ لَمْ يُتْبَعْ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَحْكِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ سَوَاءٌ زَادَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ سَنَدٍ وَنَصُّهُ إذَا زَادَ لَا يُتْبَعُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَوَابٍ وَالْخَطَأُ لَا يُتْبَعُ فِيهِ انْتَهَى.
(الثَّانِي) لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى أَنَّ التَّكْبِيرَ دُونَ السَّبْعِ فِي الْأُولَى وَدُونَ الْخَمْسِ فِي الثَّانِيَةِ هَلْ يَتْبَعُهُ الْمَأْمُومُ أَوْ يُكْمِلُ التَّكْبِيرَ؟ .
لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا صَرِيحًا وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ لَوْ جَهِلَ إمَامٌ أَوْ سَهَا أَوْ حُصِرَ فَلَمْ يُكَبِّرْ السَّبْعَ وَالْخَمْسَ لَوَجَبَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يُكَبِّرُوا انْتَهَى.
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَأْمُومَ يُكْمِلُ التَّكْبِيرَ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْعَرِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى لَمَّا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْمَسْبُوقِ بِالتَّكْبِيرِ هَلْ يُكَبِّرُ السَّبْعَ أَوْ وَاحِدَةً وَذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ السَّبْعَ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يَحْمِلُ التَّكْبِيرَ وَيَعْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ كَبَّرَ هُوَ أَيْضًا وَلَا يُنْصِتُ كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ وَرَأَيْت فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَقِفُ فِي تَكْبِيرِ صَلَاةِ الْعِيدِ هُنَيْهَةً قَدْرَ مَا يُكَبِّرُ لِلنَّاسِ وَلَيْسَ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ دُعَاءٌ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَأَمَّا تَكْبِيرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَمَا أَسْتَحْسِنُ فِيهِ شَيْئًا مِنْ التَّرَبُّصِ، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَ الْعِيدَيْنِ؛ وَلِأَنَّهُ فِي الْعِيدَيْنِ مَنْ تَابَعَ التَّكْبِيرَ خَلَطَ عَلَى الْقَوْمِ.
وَأَمَّا تَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ فَكُلٌّ يُكَبِّرُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ يُعْتَبَرُ فِيهِ لِلْإِمَامِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ لَكَبَّرَ الْقَوْمُ وَأَمَّا تَكْبِيرُ الْعِيدِ فَلَا يُكَبِّرُوا إلَّا بِتَكْبِيرِهِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي حَالِ الصَّلَاةِ مَعَهُ لَا يُخَالِفُونَهُ فَاعْلَمْ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَظَاهِرُ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا تَرَكَ بَعْضَ التَّكْبِيرِ لَا يُكَبِّرُ الْمَأْمُومُ فَتَأَمَّلْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُمْ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالتَّكْبِيرِ بَلْ يَتْبَعُونَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) فَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى التَّكْبِيرَ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ كَالْحَنَفِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَأْمُومَ يُؤَخِّرُ التَّكْبِيرَ تَبَعًا لِلْإِمَامِ كَمَا إذَا أَخَّرَ الْقُنُوتَ أَوْ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ.
(الرَّابِعُ) فَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُؤَخِّرُ تَكْبِيرَ الثَّانِيَةِ وَيَنْقُصُ مِنْهُ وَقُلْنَا: يَتْبَعُهُ فِي التَّكْبِيرِ وَكَانَ يَنْقُصُ مِنْهُ فَهَلْ يَتْبَعُهُ فِي النَّقْصِ أَيْضًا؟ الْأَمْرُ فِيهِ مُحْتَمَلٌ.
(الْخَامِسُ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلْيَجْهَرْ مَنْ خَلْفَهُ بِالتَّكْبِيرِ جَهْرًا يُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ: وَأَمَّا جَهْرُ الْمَأْمُومِ بِالتَّكْبِيرِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجْهَرُ النَّاسُ بِالتَّكْبِيرِ جَهْرًا يُسْمِعُ مِنْ يَلِيهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَزِيدَ فِي جَهْرِهِ لِيُسْمِعَ مَنْ يَقْرُبُ مِمَّنْ لَا يَسْمَعُ الْإِمَامَ وَيَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ انْتَهَى.
(السَّادِسُ) قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ أَيْضًا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إذَا نَسِيَ تَكْبِيرَةً مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ لَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ وَذَكَرَ أَنَّ مَالِكًا وَأَبَا ثَوْرٍ قَالَا يَسْجُدُ وَاحْتَجَّ عَلَيْنَا بِأَنَّهَا
هَيْئَةٌ مِنْ هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ فَلَا يَسْجُدُ بِتَرْكِهَا كَوَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ شَعْبَانَ: مَنْ سَهَا فِي الْعِيدِ فَزَادَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَلَمْ يُرَاعِ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ خِفَّةَ السَّهْوِ انْتَهَى. فَانْظُرْهُ
ص (ثُمَّ بِخَمْسٍ غَيْرِ الْقِيَامِ)
ش: الْأُولَى هِيَ تَكْبِيرَةُ الْقِيَامِ قَالَهُ فِي التَّلْقِينِ وَالْجَوَاهِرِ.
(فَائِدَةٌ) اتَّفَقَتْ عِبَارَةُ الشُّيُوخِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِمْ: فِي الْأُولَى سَبْعُ تَكْبِيرَاتٍ بِالْإِحْرَامِ وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ غَيْرِ الْقِيَامِ قَالَ ابْنُ نَاجٍ: وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِمَا قَالُوا فِي الْأُولَى أَنْ يَقُولُوا: يُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ بِالْقِيَامِ أَوْ يَقُولُوا: يُكَبِّرُ السِّتَّ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ.
قَالَ: وَكَانَ شَيْخُنَا يُجِيبُ بِأَنَّ سِرَّ ذَلِكَ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ لَمَّا كَانَ يُؤْتَى بِهَا فِي حَالِ الْقِيَامِ صَارَتْ كَالْمُغَايِرَةِ لِمَا بَعْدَهَا فَلِذَلِكَ قَالُوا فِيهَا: غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ، بِخِلَافِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مَعَ مَا بَعْدَهَا انْتَهَى.
ص (مُوَالٍ إلَّا بِتَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ)
ش: قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ: تَنْبِيهٌ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَإِنَّهُ يُتَابِعُ التَّكْبِيرَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يَتَرَبَّصُ خَشْيَةَ التَّخْلِيطِ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ انْتَهَى.
ص (وَكَبَّرَ نَاسِيهِ إنْ لَمْ يَرْكَعْ وَسَجَدَ بَعْدَهُ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُهُ مَا لَمْ يَرْكَعْ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى رَكَعَ فَإِنَّهُ يُفَوِّتُ التَّكْبِيرَ بِالرُّكُوعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ لِلسَّائِلِ الَّتِي عَقَدَ الرَّكْعَةَ فِيهَا بِالِانْحِنَاءِ وَإِذَا كَبَّرَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ. وَاكْتَفَى الْمُصَنِّفُ بِذَكَرِ السُّجُودِ عَنْ ذِكْرِ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ بِسَبَبِ إعَادَتِهَا وَلِلَّهِ دَرُّهُ مَا أَلْطَفَ اخْتِصَارَهُ، وَلَمْ يُقَيِّدْ السُّجُودَ بِغَيْرِ الْمُؤْتَمِّ هُنَا كَمَا قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا تَرْتِيبُ السُّجُودِ عَلَى الْمُؤْتَمِّ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ فِيهَا عَلَى إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ وَالْمُؤْتَمُّ لَا تُطْلَبُ مِنْهُ الْقِرَاءَةُ وَهَذَا وَاضِحٌ
ص (وَإِلَّا تَمَادَى وَسَجَدَ غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ قَبْلَهُ)
ش: أَيْ وَإِنْ رَكَعَ تَمَادَى فَأَحْرَى إنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَمَنْ سَهَا عَنْ شَيْءٍ مِنْ التَّكْبِيرِ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَلَا يَقْضِي تَكْبِيرَ رَكْعَةٍ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى انْتَهَى.
وَقَيَّدَ السُّجُودَ هُنَا بِغَيْرِ الْمُؤْتَمِّ لِمَا تَقَدَّمَ وَرُبَّمَا يُقَالُ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْ قَوْلِهِ: غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ بِمَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ السَّهْوِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمُدْرِكُ الْقِرَاءَةِ يُكَبِّرُ)
ش: فَأَحْرَى مَنْ أَدْرَكَ بَعْضَ التَّكْبِيرِ فَإِنَّهُ يُكْمِلُ التَّكْبِيرَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَالْخِلَافُ فِي الْفَرْعَيْنِ سَوَاءٌ وَالْمَشْهُورُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يُكَبِّرُ وَمُقَابِلُهُ لَا يُكَبِّرُ مَا فَاتَهُ وَإِنَّمَا يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ فِي حُكْمِ الْإِمَامِ وَعَزَاهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَعَزَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِابْنِ وَهْبٍ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لَهُمَا وَلِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَنَقَلَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَحَكَى فِي التَّوْضِيحِ فِيهِ الْخِلَافَ
ص (فَمُدْرِكُ الثَّانِيَةِ يُكَبِّرُ خَمْسًا)
ش: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَعُدُّ فِي الْخَمْسِ تَكْبِيرَاتٍ الْإِحْرَامَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُخْتَلَفُ إذَا وَجَدَهُ فِي الثَّانِيَةِ هَلْ يُكَبِّرُ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا فَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّ مَا أَدْرَكَ هُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ؛ يُكَبِّرُ خَمْسًا وَيَقْضِي سَبْعًا، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الَّذِي أَدْرَكَ أَوَّلَهَا؛ يُكَبِّرُ سَبْعًا وَيَقْضِي خَمْسًا انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ - وَسَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ
فِي الثَّانِيَةِ كَبَّرَ خَمْسًا وَفِي الْقَضَاءِ سَبْعًا وَعَنْهُ أَيْضًا سِتًّا ابْنُ حَبِيبٍ سِتًّا فِيهَا وَفِي الْقَضَاءِ وَالسَّابِعَةِ تَقَدَّمَتْ فِي الْإِحْرَامِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ وَجَدَهُ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ فَلْيُكَبِّرْ خَمْسًا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَا يُكَبِّرُ إلَّا وَاحِدَةً وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ أَدْرَكَهُ فِي قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ كَبَّرَ خَمْسًا غَيْرَ الْإِحْرَامِ، وَإِذَا قَضَى كَبَّرَ سِتًّا وَالسَّابِعَةُ قَدْ كَبَّرَهَا لِلْإِحْرَامِ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: فَإِنْ كَانَ فِي قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ كَبَّرَ خَمْسًا وَقَضَى رَكْعَةً بِسَبْعٍ بِالْقِيَامِ وَقِيلَ: يُكَبِّرُ سِتًّا وَيَقْضِي رَكْعَةً بِسِتٍّ انْتَهَى.
فَظَاهِرُ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَصَاحِبِ الشَّامِلِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ خِلَافٌ لِلْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُرَادَهُ مِنْ قَالَ: يُكَبِّرُ خَمْسًا أَنْ لَا يَعُدَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا جَعْلُ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَصَاحِبِ الشَّامِلِ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُكَبِّرُ سِتًّا خِلَافًا لِلْأَوَّلِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقُولُ: يُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا سِتًّا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ يَصِيرُ التَّكْبِيرُ الْوَاقِعُ فِي الْأُولَى أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ فَقَطْ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَسْبُوقُ هَلْ الرَّكْعَةُ أُولَى أَوْ ثَانِيَةٌ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا
ص (ثُمَّ سَبْعًا بِالْقِيَامِ)
ش: هَذَا خِلَافُ أَصْلِهِ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ أَنَّ مَنْ جَلَسَ مَعَ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ جُلُوسٍ أَنَّهُ يَقُومُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ فَاتَتْ قَضَى الْأُولَى بِسِتٍّ)
ش: أَيْ فَإِنْ فَاتَتْ الثَّانِيَةُ أَيْضًا فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَجْلِسُ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ يَقْضِي الْأُولَى بِسِتٍّ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُهَا وَذَكَرَ فِي الطِّرَازِ فِي اسْتِحْبَابِ قَطْعِهَا وَابْتِدَائِهَا بِإِحْرَامٍ قَوْلَيْنِ ثُمَّ تَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ سِتًّا غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ.
ص (وَنُدِبَ إحْيَاءُ لَيْلَتِهِ)
ش: قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ لِلشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ السُّيُوطِيّ «مَنْ أَحْيَا لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ وَلَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» قَالَ: رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ كُرْدُوسٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَفْظٌ آخَرُ: «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَلَيْلَةَ الْأَضْحَى لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» قَالَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَلَفْظٌ آخَرُ: «مَنْ أَحْيَا اللَّيَالِيَ الْأَرْبَعَ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ لَيْلَةَ الْعَرُوبَةِ وَلَيْلَةَ عَرَفَةَ وَلَيْلَةَ النَّحْرِ وَلَيْلَةَ الْفِطْرِ» رَوَاهُ الدَّيْلَمِيُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ وَابْنُ النَّجَّارِ عَنْ مُعَاذٍ وَلَفْظٌ آخَرُ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْعِيدِ مُحْتَسِبًا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ الْمَحْفُوظُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَكْحُولٍ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْفُرَاتِ: اُسْتُحِبَّ إحْيَاءُ لَيْلَةِ الْعِيدِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الطَّاعَاتِ لِلْحَدِيثِ «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» وَرُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ لَكِنَّ أَحَادِيثَ الْفَضَائِلِ يُتَسَامَحُ فِيهَا.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْيَاءُ؛ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ وَقِيلَ: يَحْصُلُ بِسَاعَةٍ انْتَهَى.
وَأَصْلُهُ لِلنَّوَوِيِّ فِي الْأَذْكَارِ رَوَاهُ ابْنُ الْحَاجِّ فِي مَدْخَلِهِ وَالْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ بِلَفْظِ «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ أَحْيَا اللَّهُ قَلْبَهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» وَبِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيُّ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لَكِنْ قَالَ الدَّمِيرِيُّ إثْرَهُ: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي عِلَلِهِ قَالَ: وَالْمَحْفُوظُ وَقْفُهُ عَلَى مَكْحُولٍ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا بِعَنْعَنَةِ بَقِيَّةَ انْتَهَى.
فَتَأَمَّلْ مَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّيُوطِيّ فَإِنَّهُمَا اتَّفَقَا فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَاخْتَلَفَا فِي لَفْظِهِ.
وَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ مُوَافِقٌ لِمَا لِلنَّوَوِيِّ فِي الْأَذْكَارِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَم
ص (وَغُسْلٌ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْغُسْلَ لِلْعِيدَيْنِ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهَكَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ غُسْلَ الْعِيدَيْنِ مُسْتَحَبٌّ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ انْتَهَى.
(قُلْت) وَرَجَّحَ اللَّخْمِيُّ وَصَاحِبُ الطِّرَازِ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فِي بَابِ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ: إنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ سُنَّةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَمَنْ كَانَ ذَا رِيحٍ وَأَحَبَّ شُهُودَ الْعِيدِ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ لِإِزَالَةِ ذَلِكَ
ص (وَبَعْدَ الصُّبْحِ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَيْضًا فِي غُسْلِ الْعِيدَيْنِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَإِنْ اغْتَسَلَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَدْ فَاتَهُ هَذَا الِاسْتِحْبَابُ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ فَإِنْ اغْتَسَلَ لِلْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَذَلِكَ وَاسِعٌ قَالَ سَنَدٌ: وَإِذَا قُلْنَا يَجُوزُ قَبْلَ الْفَجْرِ فَهَلْ يَجُوزُ فِي جَمِيعِ اللَّيْلِ؟ يُخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِي وَقْتِ أَذَانِ الصُّبْحِ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاتِّصَالُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْغُسْلُ ابْنُ حَبِيبٍ أَفْضَلُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَفِي الْمُخْتَصَرِ وَسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ هُوَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَاسِعٌ ابْنُ زَرْقُونٍ ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَدَا بَعْدَ الْفَجْرِ ابْنُ رُشْدٍ: لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ اتِّصَالُهُ بِالْغُدُوِّ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ مَسْنُونٍ ثُمَّ قَالَ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ دَخَلَ مَنْزِلَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لَمْ يُجْزِهِ قِيَاسًا عَلَى الْجُمُعَةِ انْتَهَى.
(قُلْت) : وَالْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ.
ص (وَتَطَيُّبٌ وَتَزَيُّنٌ وَإِنْ لِغَيْرِ مُصَلٍّ) ش جَعَلَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ وَإِنْ لِغَيْرِ مُصَلٍّ رَاجِعٌ إلَى التَّطَيُّبِ وَالتَّزَيُّنِ فَقَطْ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْجُزُولِيُّ فِي بَابِ جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ فَقَالَ: اُنْظُرْ هَلْ الْغُسْلُ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِلْيَوْمِ؟ .
ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ: الْغُسْلُ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَغْتَسِلُ إلَّا مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَأَمَّا الطِّيبُ وَالزِّينَةُ فَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ يُصَلِّي وَمَنْ لَا يُصَلِّي وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ؟ انْتَهَى.
(قُلْت) وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ هُوَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَنَصُّهُ: وَيَغْتَسِلُ مَنْ يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ لِلصَّلَاةِ وَمَنْ لَا يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ لِلْيَوْمِ لَا لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ انْتَهَى.
وَخِلَافِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَنَصُّهُ: وَفِي حَوَاشِي الْبُخَارِيِّ الْغُسْلُ يُؤْمَرُ بِهِ الْمُصَلِّي وَغَيْرُهُ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ انْتَهَى.
فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لِغَيْرِ مُصَلٍّ عَلَى أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الْغُسْلِ، وَأَيْضًا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ مِنْ كَمَالِ التَّطَيُّبِ وَالتَّزَيُّنِ، بَلْ لَا يَظْهَرُ لِلطِّيبِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَدَنُ نَظِيفًا فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) وَهَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ النِّسَاءِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ إذَا خَرَجْنَ فَإِنَّهُنَّ لَا يَتَزَيَّنَّ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الطِّرَازِ وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَالَ فِي الطِّرَازِ: إذَا خَرَجَ النِّسَاءُ فَيَخْرُجْنَ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَلَا يَلْبَسْنَ الْحَسَنَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَا يَتَطَيَّبْنَ لِخَوْفِ الِافْتِتَانِ بِهِنَّ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْعَجُوزُ وَغَيْرُ ذَوَاتِ الْهَيْئَةِ يَجْرِي ذَلِكَ فِي حُكْمِهَا انْتَهَى.
(فَائِدَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: هَذِهِ سُنَّةٌ فِي إظْهَارِ الزِّينَةِ فِي الْأَعْيَادِ بِالطِّيبِ وَالثِّيَابِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ زُهْدًا وَتَقَشُّفًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَيَرَى أَنَّ تَرْكَهُ أَحْسَنُ لِمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ رَغْبَةً عَنْهُ فَذَلِكَ بِدْعَةٌ مِنْ صَاحِبِهَا انْتَهَى.
ص (وَمَشْيٌ فِي ذَهَابِهِ)
ش: قَالَ سَنَدٌ: اتَّفَقَ الْكَافَّةُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْمَشْيِ إلَى الْمُصَلَّى ثُمَّ قَالَ: إلَّا أَنَّ الرُّكُوبَ فِي الْعِيدِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ؛ وَلِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالزِّينَةِ وَذَلِكَ يَوْمُهَا انْتَهَى.
ص (وَفِطْرٌ قَبْلَهُ فِي الْفِطْرِ)
ش: قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَطْعَمَ يَوْمَ الْفِطْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ شَيْئًا مِنْ الْحُلْوِ إنْ أَمْكَنَ قَبْلَ صُعُودِهِ الْمُصَلَّى انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ الْبَاجِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فِطْرُهُ عَلَى تَمَرَاتٍ لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ» زَادَ الْبَغَوِيّ فِيهِ وَيَأْكُلهُنَّ وِتْرًا انْتَهَى.
ص (وَتَأْخِيرُهُ فِي النَّحْرِ)
ش: نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُهُ فِي النَّحْرِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ وَنَحْوُهُ فِي التَّلْقِينِ وَالْجَوَاهِرِ وَكَلَامُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ لَا يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَهُ لِقَوْلِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فِي الْأَضْحَى.
ص (وَخُرُوجٌ بَعْدَ الشَّمْسِ)
ش: هَذَا فِي حَقِّ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ قَرِيبًا قَالَ ابْنُ نَاجِي، وَأَمَّا مَنْ بَعُدَ فَيَأْتِي بِحَيْثُ يَكُونُ وُصُولُهُ قَبْلَ وُصُولِ الْإِمَامِ نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا فِي حَقِّ الْمَأْمُومِينَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَغُدُوُّ الْإِمَامِ رَوَى أَبُو عُمَرَ: قَدْرَ مَا يَصِلُ إلَى الْمُصَلَّى وَقَدْ بَرَزَتْ الشَّمْسُ وَرَوَى اللَّخْمِيُّ: قَدْرَ مَا يَصِلُ لَهُ حَلَّتْ الصَّلَاةُ ابْنُ حَبِيبٍ: إذَا حَلَّ النَّفَلُ وَفَوْقَهُ إذَا كَانَ فِيهِ رِفْقٌ بِالنَّاسِ انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّبِيبِيُّ وَالسُّنَّةُ فِي وَقْتِ الْخُرُوجِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَتَحِلُّ
النَّافِلَةُ وَقَبْلَ ذَلِكَ قَلِيلًا إنْ كَانَ ذَلِكَ أَرْفَقَ بِالنَّاسِ، وَأَمَّا الْمُصَلُّونَ فَبِحَسَبِ قُرْبِ مَنَازِلِهِمْ وَبُعْدِهَا، وَإِنْ كَانَ مَنْزِلُ الْإِمَامِ بَعِيدًا مِنْ الْمُصَلَّى أُمِرَ بِالْخُرُوجِ بِقَدْرِ مَا إذَا وَصَلَ حَانَتْ الصَّلَاةُ انْتَهَى.
ص (وَتَكْبِيرٌ فِيهِ حِينَئِذٍ)
ش: يَعْنِي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَمَنْ خَرَجَ قَبْلَهُ لَا يُكَبِّرُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: لَا قَبْلَهُ، وَقَالَ الشَّبِيبِيُّ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: فَمَنْ كَانَ خُرُوجُهُ مِنْهُمْ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ كَبَّرَ فِي حَالِ ذَهَابِهِ مُعْلِنًا بِهِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِهَا لَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يُكَبِّرُ مُطْلَقًا انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي ابْتِدَائِهِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ الْإِسْفَارِ أَوْ انْصِرَافِ صَلَاةِ الصُّبْحِ.
رَابِعُهَا وَقْتُ غُدُوِّ الْإِمَامِ تَحَرِّيًا. الْأَوَّلُ اللَّخْمِيُّ عَنْهُمَا، وَالثَّانِي لِابْنِ حَبِيبٍ، وَالثَّالِثُ لِرِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ، وَالرَّابِعُ لِابْنِ مَسْلَمَةَ انْتَهَى.
وَرِوَايَةُ الْمَبْسُوطِ هِيَ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَصُحِّحَ خِلَافُهُ؛ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ قَوْلًا لِمَالِكٍ أَنَّهُ يُكَبِّرُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ: هُوَ الْأَوْلَى لَكِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ ابْتِدَاءَهُ، وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ
ص (وَجَهْرٌ بِهِ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ: فَيُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ، وَقَالَ بَعْدَهُ أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى يَعْقِرَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحْدَثٌ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَعْقِرَ حَلْقَهُ مِنْ الْبِدَعِ؛ إذْ لَمْ يَرِدْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا مَا ذُكِرَ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِذَلِكَ يُخْرِجُ عَنْ حَدِّ السَّمْتِ وَالْوَقَارِ.
وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ أَعْنِي فِي التَّكْبِيرِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُؤَذِّنًا أَوْ غَيْرَهُمَا فَإِنَّ التَّكْبِيرَ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّهِمْ أَجْمَعِينَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَصْفُهُ إلَّا لِلنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تُسْمِعُ نَفْسَهَا لَيْسَ إلَّا بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ الْيَوْمَ فَكَأَنَّ التَّكْبِيرَ إنَّمَا شُرِعَ فِي حَقِّ الْمُؤَذِّنِ، فَتَجِدُ الْمُؤَذِّنِينَ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَسْتَمِعُونَ لَهُمْ وَلَا يُكَبِّرُونَ وَيَنْظُرُونَ إلَيْهِمْ كَأَنَّ التَّكْبِيرَ إنَّمَا شُرِعَ لَهُمْ وَهَذِهِ بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ، ثُمَّ إنَّهُمْ يَمْشُونَ عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ وَذَلِكَ بِدْعَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ أَنْ يُكَبِّرَ كُلُّ إنْسَانٍ لِنَفْسِهِ وَلَا يَمْشِي عَلَى صَوْتِ غَيْرِهِ.
ص (وَإِيقَاعُهَا بِهِ)
ش: أَيْ بِالْمُصَلَّى وَالْمُرَادُ بِهِ الْفَضَاءُ وَالصَّحْرَاءُ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ الْمُتَّخَذُ فِيهِ فَبِدْعَةٌ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ يَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَ الْمَوْضِعُ مَكْشُوفًا لَا بِنَاءَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إزَالَةِ هَذَا الْمُنْكَرِ فَيَتْرُكُ الصَّلَاةَ فِيمَا حَوَاهُ الْبُنْيَانُ وَيُصَلِّي خَارِجَهُ فِي الْبَرَاحِ فَهُوَ الْأَفْضَلُ، وَالْأَوْلَى فِي حَقِّهِ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ الْيَوْمَ.
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي الْمَدْخَلِ أَيْضًا: فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ إلَى الصَّحْرَاءِ وَخَطَبَ فَلْيَكُنْ عَلَى الْأَرْضِ لَا عَلَى الْمِنْبَرِ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَا يَخْرُجُ إلَيْهَا بِمِنْبَرٍ انْتَهَى.
وَهَذَا خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَنَصُّهُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ إنْ كَانَ هُنَاكَ مِنْبَرٌ وَالْأَوْلَى فِي الِاسْتِسْقَاءِ أَنْ يَخْطُبَ بِالْأَرْضِ لِقَصْدِ الذِّلَّةِ وَالْخُضُوعِ وَلَا بَأْسَ فِي الْعِيدَيْنِ بِاِتِّخَاذِ الْمِنْبَرِ كَمَا
فَعَلَهُ عُثْمَانُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا إقَامَةُ أُبَّهَةِ الْإِسْلَامِ انْتَهَى.
(الثَّانِي) قَالَ فِيهِ أَيْضًا: وَصَلَاتُهَا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ رحمه الله بِدْعَةٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّ ضَرُورَةٌ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ بِبِدْعَةٍ ثُمَّ عَلَّلَ كَوْنَهُ بِدْعَةً بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفْعَلْهُ وَلَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بَعْدَهُ؛ وَلِأَنَّهُ أَمَرَ النِّسَاءَ أَنْ يَخْرُجْنَ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَأَمَرَ الْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ أَنْ يَخْرُجْنَ فَقَالَتْ إحْدَاهُنَّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ فَقَالَ: تُعِيرُهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا لِيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا شَرَعَ لَهُنَّ الْخُرُوجَ وَشَرَعَ الصَّلَاةَ فِي الْبَرَاحِ؛ لِإِظْهَارِ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَلِيَحْصُلَ لَهُمْ مَا قَدْ أَمَرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ مِنْ قَوْلِهِ عليه السلام «بَاعِدُوا بَيْنَ أَنْفَاسِ النِّسَاءِ وَأَنْفَاسِ الرِّجَالِ» فَمَا أُمِرْنَ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَعَلَهُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَكَانَ النِّسَاءُ بَعِيدًا مِنْ الرِّجَالِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَصَلَاتِهِ جَاءَ إلَى النِّسَاءِ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ فَلَوْ كُنَّ قَرِيبًا لَسَمِعْنَ الْخُطْبَةَ، وَلَمَا احْتَجْنَ إلَى تَذْكِيرِهِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ هَذَا وَجْهٌ. وَوَجْهٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَسْجِدَ وَلَوْ كَبُرَ فَهُمْ مَحْصُورُونَ فِي الْخُرُوجِ مِنْ أَبْوَابِهِ وَقَدْ يَجْتَمِعُ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ عِنْدَ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ فَتُتَوَقَّعُ الْفِتْنَةُ فِي مَوَاضِعِ الْعِبَادَاتِ بِخِلَافِ الْبَرَاحِ وَهَذَا بِعَكْسِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ الْيَوْمَ وَهُوَ أَنَّ الْمَسْجِدَ عِنْدَهُمْ كَبِيرٌ وَالْأَبْوَابُ شَتَّى لَا يَخْرُجُونَ إلَى الْبَرَاحِ؛ لِكَوْنِهِ أَوْسَعَ وَهُوَ السُّنَّةُ وَبَنَوْا فِي ذَلِكَ الْبَرَاحِ مَوْضِعًا يَكُونُ فِي الْغَالِبِ قَدْرَ صَحْنِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ أَوْ أَصْغَرَ، وَجَعَلُوا لَهُ بَابَيْنِ لَيْسَ إلَّا فَيَجْتَمِعُ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ عِنْدَ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَتَقِفُ الدَّوَابُّ وَالْخَيْلُ عَلَى الْبَابَيْنِ وَالْغَالِبُ أَنَّ النِّسَاءَ إذَا خَرَجْنَ لِغَيْرِ الْعِيدِ يَلْبَسْنَ الْحَسَنَ مِنْ الثِّيَابِ وَيَسْتَعْمِلْنَ الطِّيبَ وَيَتَحَلَّيْنَ فَمَا بَالُكَ بِالْعِيدِ. وَالرِّجَالُ أَيْضًا يَتَجَمَّلُونَ فَيَقَعَ الضَّرَرُ وَتَتَلَوَّثَ الْقُلُوبُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنَزَّهَ الْمَوْضِعُ عَنْ هَذَا وَيُتْرَكَ مَكْشُوفًا لَا بِنَاءَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْدَرُ عَلَى إزَالَةِ مَا فِيهِ مِنْ الْبِنَاءِ فَيَتْرُكُ الصَّلَاةَ فِيمَا حَوَاهُ الْبِنَاءُ وَيُصَلِّي خَارِجًا عَنْهُ فِي الْبَرَاحِ وَهُوَ الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ الْيَوْمَ كَمَا تَقَدَّمَ.
(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إذَا كَانَ الْمَطَرُ وَالطِّينُ وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَخْرُجُوا إلَى الْمُصَلَّى فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلُّوا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ عَلَى سُنَّةِ الْعِيدِ فِي الْمُصَلَّى انْتَهَى.
مِنْ ابْنُ فَرْحُونٍ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ.
(الرَّابِعُ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا تُصَلَّى فِي مَوْضِعَيْنِ قَالَ سَنَدٌ: يُرِيدُ أَنَّهَا لَا تُقَدَّمُ بِخُطْبَةٍ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي الْمِصْرِ الْوَاحِدِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَسْقَطَهَا الْبَرَاذِعِيّ مِنْ تَهْذِيبِهِ وَقَالَهُ الْقَرَافِيُّ وَنَصُّهُ وَفِي الْكِتَابِ وَلَا تُصَلَّى فِي الْمِصْرِ فِي مَوْضِعَيْنِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ قِيَاسًا عَلَى الْجُمُعَةِ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَسَمَاعُهُمَا)
ش: يَعْنِي أَنَّ سَمَاعَ الْخُطْبَتَيْنِ مُسْتَحَبٌّ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ: وَالسُّنَّةُ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ بَعْدَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْمَعُهَا وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ قَالَهُ مَالِكٌ انْتَهَى.
وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْإِنْصَاتَ فِيهِمَا مُسْتَحَبٌّ، وَفِي رَسْمِ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ قَالَ مَالِكٌ: يُنْصِتُ النَّاسُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ كَمَا يُنْصِتُونَ فِي الْجُمُعَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهَا خُطْبَةٌ مَشْرُوعَةٌ لِلصَّلَاةِ عِنْدَهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْخُطْبَةِ فِي الْإِنْصَاتِ لَهَا.
وَذَهَبَ الطَّحَاوِيُّ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ إلَى أَنَّهَا لِلتَّعْلِيمِ لَا لِلصَّلَاةِ كَخُطْبَةِ الْحَجِّ فَلَا يُنْصَتُ لَهَا وَدَلِيلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: «شَهِدْت الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: إنَّا نَخْطُبُ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ إلَى الْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ» وَكَذَلِكَ خُطْبَةُ الِاسْتِسْقَاءِ؛ إذْ لَا صَلَاةَ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْخُطْبَةِ فِي الْإِنْصَاتِ لَهَا يَعْنِي أَنَّهُ يُطْلَبُ الْإِنْصَاتُ لَهَا كَمَا يُطْلَبُ الْإِنْصَاتُ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ اُخْتُلِفَ أَيْضًا فِيهِمَا.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ: يُنْصَتُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ كَالْجُمُعَةِ
وَرَوَى الْقَرِينَانِ وَابْنُ وَهْبٍ وَعَلِيٌّ: لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا كَالْجُمُعَةِ وَإِنْ أَحْدَثَ فِيهَا تَمَادَى وَفِي تَكْبِيرِهِمْ بِتَكْبِيرِهِ قَوْلَا مَالِكٍ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ حَبِيبٍ وَيَذْكُرُ فِيهَا فِي الْفِطْرِ سُنَّةَ زَكَاتِهِ وَيَحُضُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَفِي الْأَضْحَى الْأُضْحِيَّةَ وَالذَّكَاةَ انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ: الْخُطَبُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يُنْصَتُ فِيهِ وَهُوَ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ، وَقِسْمٌ لَا يُنْصَتُ فِيهِ وَهُوَ خُطَبُ الْحَجِّ كُلِّهَا، وَقِسْمٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَهُوَ خُطَبُ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ.
وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ الْإِنْصَاتَ فِيهِمَا انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ إذَا أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ تَمَادَى وَهَكَذَا قَالَ فِي تَهْذِيبِ الْبَرَاذِعِيّ وَنَصُّهُ: وَإِنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ تَمَادَى وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا أَحْدَثَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ لَا يَخْطُبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَفْظُ الْأُمِّ قُلْت أَرَأَيْت الْإِمَامَ إذَا أَحْدَثَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بَعْدَ مَا صَلَّى أَيَسْتَخْلِفُ أَمْ يَخْطُبُ بِهِمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ؟ .
قَالَ: أَرَى أَنْ لَا يَسْتَخْلِفَ وَأَنْ يُتِمَّ بِهِمْ الْخُطْبَةَ انْتَهَى.
ص (وَأُعِيدَتَا إنْ قُدِّمَتَا)
ش: فَإِنْ لَمْ يُعِدْهُمَا أَجْزَأَتْهُ أَيْ أَجْزَأَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ
ص (وَإِقَامَةُ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا أَوْ فَاتَتْهُ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا تَجِبُ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ عَلَى النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَلَا يُؤْمَرُونَ بِالْخُرُوجِ إلَيْهَا وَمَنْ حَضَرَهَا مِنْهُمْ لَمْ يَنْصَرِفْ إلَّا بِانْصِرَافِ الْإِمَامِ وَإِذَا لَمْ يَخْرُجْنَ النِّسَاءُ؛ فَمَا عَلَيْهِنَّ بِوَاجِبٍ أَنْ يُصَلِّينَ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُنَّ أَنْ يُصَلِّينَ أَفْذَاذًا وَلَا تَؤُمُّهُنَّ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ انْتَهَى.
قَالَ سَنَدٌ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ رَجُلٌ صَلَّيْنَ أَفْذَاذًا فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ تَخَلَّفَ لِعُذْرٍ فَهَلْ يَجْمَعُ بِهِنَّ يُخْتَلَفُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ مَنَعَهُ الْعُذْرُ أَنْ يَجْمَعَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْعِيدَيْنِ هَلْ يَجْمَعُ دُونَهُ؟ وَسَيَأْتِي، ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ انْتَهَى.
قَالَ سَنَدٌ: إنْ جَاءَ مَنْ فَاتَتْهُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ وَلَا يُصَلِّي وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْمُصَلَّى أَوْ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ فَاتَتْ جَمَاعَةٌ فَأَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا بِجَمَاعَتِهِمْ فَهَلْ يَجُوزُ؟ .
يُخْتَلَفُ فِيهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ فَاتَتْهُ الْعِيدُ لَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَهَا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا أَرَى أَنْ يَجْمَعُوا وَإِنْ أَحَبُّوا صَلَّوْا أَفْذَاذًا ثُمَّ قَالَ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ لَا يَخْطُبُونَ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُصَلِّيهَا أَهْلُ الْقُرَى كَأَهْلِ الْحَضَرِ فَحَمَلَهُ سَنَدٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَهْلُ الْقُرَى الصِّغَارِ الَّذِينَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا ثُمَّ قَالَ: إذَا قُلْنَا لَا تَجِبُ فِي غَيْرِ مَوْطِنِ اسْتِيطَانٍ وَيُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يُقِيمُوهَا فَهَلْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خُطْبَةٍ قَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ شَاءَ مَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوهَا بِإِمَامٍ فَعَلُوا وَلَكِنْ لَا خُطْبَةَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ خَطَبُوا فَحَسَنٌ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ عِيسَى هُوَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهِ هُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي رَسْمِ الْعِيدَيْنِ آخِرَ سَمَاعِ أَشْهَبَ وَقَالَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ الْمُشَارِ إلَيْهِ: لَمْ يَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَيْنِ فِي جَمَاعَةٍ وَخُطْبَةٍ وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ فِي الرِّوَايَة انْتَهَى.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إقَامَةُ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا أَوْ فَاتَتْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَهَلْ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ أَفْذَاذًا؟ .
قَوْلَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ جَمْعُهَا، قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَإِقَامَتُهَا لِمَنْ فَاتَتْهُ وَلِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ فَذًّا وَكَذَلِكَ جَمَاعَةً عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا انْتَهَى.
وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ تَرْجِيحُ جَوَازِ الْجَمْعِ
وَعَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ لِمَنْ فَاتَتْهُ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ لَا يَخْطُبُ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا لِعُذْرٍ وَكَذَلِكَ الْعَبِيدُ وَالْمُسَافِرُونَ وَاخْتُلِفَ فِي أَهْلِ الْقُرَى الصِّغَارِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعَانِ الْأَوَّلُ) فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَهَا مَنْ فَاتَتْهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي الْمُصَلَّى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ مَنْ فَاتَهُ الْعِيدُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَ مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِهِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) يُسْتَحَبُّ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي حُضُورِ الْعِيدِ
ص (وَتَكْبِيرُهُ إثْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةٍ) ش لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ لِبَيَانِ صِفَةِ التَّكْبِيرِ فِي الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ: قَدْ مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ أَهْلَ الْآفَاقِ يُكَبِّرُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي أَيَّامِ إقَامَةِ الْحَاجِّ بِمِنًى فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاةِ الْفَرْضِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ كَبَّرَ تَكْبِيرًا يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ، وَكَبَّرَ الْحَاضِرُونَ بِتَكْبِيرِهِ كُلُّ وَاحِدٍ يُكَبِّرُ لِنَفْسِهِ لَا يَمْشِي عَلَى صَوْتِ غَيْرِهِ عَلَى مَا وُصِفَ مِنْ أَنَّهُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ. فَهَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ الْيَوْمَ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ كَبَّرَ الْمُؤَذِّنُونَ عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِنْ زَعَقَاتِهِمْ وَيُطَوِّلُونَ فِيهِ وَالنَّاسُ يَسْتَمِعُونَ إلَيْهِمْ وَلَا يُكَبِّرُونَ فِي الْغَالِبِ وَإِنْ كَبَّرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَهُوَ يَمْشِي عَلَى أَصْوَاتِهِمْ وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ الْبِدَعِ وَفِيهِ إخْرَامُ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ وَالتَّشْوِيشِ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَالتَّالِينَ وَالذَّاكِرِينَ انْتَهَى.
ص (وَكَبَّرَ نَاسِيهِ إنْ قَرُبَ)
ش: قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَوْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ لَكَبَّرَ بِالْقُرْبِ، وَالْقُرْبُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَجْلِسِ فَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ قَالَ سَنَدٌ: وَأَمَّا حَدُّ الطُّولِ فِي ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ: يُكَبِّرُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ فَإِذَا قَامَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْكَلَامُ هُنَا كَالْكَلَامِ فِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَمَا مَنَعَ الْبِنَاءَ فِيهِ مَنَعَ التَّكْبِيرَ هُنَا وَمَا لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ لَمْ يَمْنَعْهُ انْتَهَى.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ وَهُوَ بِالْقُرْبِ رَجَعَ فَكَبَّرَ وَإِنْ بَعُدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ نَاجِي مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ تَقَدَّمَ الشَّاذُّ أَنَّهُ يُكَبِّرُهُ وَإِنْ بَعُدَ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ وَإِنْ قَامَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ حَكَاهُ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَالْمَازِرِيِّ أَبُو إبْرَاهِيمَ قَوْلُهُ: رَجَعَ. يَعْنِي: بِالْقَوْلِ، وَلَا يَرْجِعُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ كَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ وَمِثْلُهُ لِلْمَغْرِبِ وَمَا ذَكَرَاهُ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي وَاضِحَتِهِ.
وَمَنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ مُصَلَّاهُ جَلَسَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَكَبَّرَ عَلَى سُنَّةِ ذَلِكَ وَإِنْ تَبَاعَدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَانَ شَيْخُنَا يَنْقُلُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ سَحْنُونَ بْنَ سَعِيدٍ جَرَى لَهُ ذَلِكَ فَكَبَّرَ بَعْضَ التَّكْبِيرِ قَائِمًا وَبَعْضَهُ جَالِسًا، وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْقُرْبِ هَلْ الَّذِي يَصِحُّ مِنْهُ الْبِنَاءُ أَوْ هُوَ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى.
(قُلْت) الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (ثُمَّ تَكْبِيرَتَيْنِ)
ش: يُرِيدُ وَتَكُونُ التَّكْبِيرَةُ الثَّانِيَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى التَّهْلِيلَةِ بِالْوَاوِ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ.
ص (وَكُرِهَ تَنَفُّلٌ بِمُصَلًّى قَبْلَهَا