الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَلَوْ سَهَا فِيمَا يَأْتِي بِهِ سَهْوًا يُوجِبُ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ سَجَدَهُ وَحْدَهُ وَلَا يَسْجُدُونَ مَعَهُ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ تَمَّتْ، وَلَوْ سَهَا فِي بَقِيَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ سَجَدَ لِسَهْوِ الْإِمَامِ بِالنَّقْصِ وَكَفَاهُ عَنْ سَهْوِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ سَهْوُ الْإِمَامِ لِزِيَادَةٍ فَلَا يَسْجُدُهَا الْمُسْتَخْلَفُ إلَّا بَعْدَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ، وَإِنْ سَهَا الْمُسْتَخْلَفُ الْمَسْبُوقُ فِيمَا اسْتَخْلَفَهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَوْ فِيمَا يَأْتِي بِهِ قَضَاءً كَانَ سَهْوُهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَجْزَأَهُ سُجُودُهُ لِسَهْوِ الْإِمَامِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ إذَا كَانَ سُجُودُهُ الْأَوَّلُ بِزِيَادَةٍ وَسُجُودُ الْمُسْتَخْلَفِ بِنَقْصٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بِهِمْ قَبْلَ السَّلَامِ وَيَجْزِيهِ لِلسَّهْوَيْنِ، انْتَهَى جَمِيعُهُ مِنْ النَّوَادِرِ بِالْمَعْنَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: إنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَى الْإِمَامِ سُجُودٌ بَعْدِيٌّ، ثُمَّ سَهَا الْمَسْبُوقُ بِنَقْصٍ أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[فَصَلِّ صَلَاةُ السَّفَرِ]
ص (فَصْلٌ سُنَّ لِمُسَافِرٍ غَيْرِ عَاصٍ بِهِ وَلَاهٍ)
ش: قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: السَّفَرُ عِنْدَ الصُّوفِيَّةِ عَلَى قِسْمَيْنِ: سَفَرُ الظَّاهِرِ وَسَفَرُ الْبَاطِنِ فَسَفَرُ الْبَاطِنِ السَّفَرُ فِي نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّفَكُّرِ فِي مَخْلُوقَاتِهِ، وَسَفَرُ الظَّاهِرِ عَلَى قِسْمَيْنِ: سَفَرُ طَلَبٍ وَسَفَرُ هَرَبٍ فَسَفَرُ الْهَرَبِ وَاجِبٌ، وَهُوَ إذَا كَانَ فِي بَلَدٍ يَكْثُرُ فِيهِ الْحَرَامُ وَيَقِلُّ فِيهِ الْحَلَالُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّفَرُ مِنْهُ إلَى بَلَدٍ يَكْثُرُ فِيهِ الْحَلَالُ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهُرُوبُ مِنْ مَوْضِعٍ يُشَاهِدُ فِيهِ الْمُنْكَرَ مِنْ شُرْبِ خَمْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ إلَى مَوْضِعٍ لَا يَشْهَدُ فِيهِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهُرُوبُ مِنْ بَلَدٍ أَوْ مَوْضِعٍ يُذِلُّ فِيهِ نَفْسَهُ إلَى بَلَدٍ أَوْ مَوْضِعٍ يُعِزُّ فِيهِ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُذِلُّ نَفْسَهُ قَالَ الشَّاعِرُ:
إذَا كُنْتَ فِي أَرْضٍ يَذِلُّك أَهْلُهَا
…
وَلَمْ تَكُ ذَا عِزٍّ بِهَا فَتَغَرَّبْ
؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ
…
بِمَكَّةَ حَالٌ فَاسْتَقَامَ بِيَثْرِبِ
، وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْهُرُوبُ مِنْ بَلَدٍ لَا عِلْمَ فِيهِ إلَى بَلَدٍ فِيهِ الْعِلْمُ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْهُرُوبُ مِنْ بَلَدٍ يَسْمَعُ فِيهَا سَبَّ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَلَوْ كَانَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ فَهَذَا سَفَرُ الْهُرُوبِ، وَأَمَّا سَفَرُ الطَّلَبِ فَهُوَ عَلَى أَقْسَامٍ: وَاجِبٌ كَسَفَرِ الْحَجِّ لِلْفَرِيضَةِ وَالْجِهَادِ إذَا تَعَيَّنَ، وَمَنْدُوبٌ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّاعَةِ، وَقُرْبَةٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ كَالسَّفَرِ لِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ أَوْ لِصِلَةِ الرَّحِمِ أَوْ لِلتَّفَكُّرِ فِي مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمُبَاحٌ وَهُوَ سَفَرُ
التِّجَارَةِ، وَمَكْرُوهٌ وَهُوَ سَفَرُ صَيْدِ اللَّهْوِ، وَمَمْنُوعٌ وَهُوَ السَّفَرُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالسَّفَرُ الَّذِي تَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةُ هُوَ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْمُبَاحُ، وَلَا يُبَاحُ الْقَصْرُ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ وَسَفَرِ اللَّهْوِ، وَقِيلَ يُبَاحُ فِيهِمَا، انْتَهَى مِنْ بَابِ صَلَاةِ السَّفَرِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ رحمه الله أَنَّ حُكْمَ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ كَفُّ الْأَهْوَاءِ كَحُكْمِ الْقَصْرِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَيْضًا وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ، قَالَ فِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ وَالْمَمْنُوعِ: اُخْتُلِفَ فِي الْقَصْرِ فِي هَذَيْنِ هَلْ يَجُوزُ أَوْ يُمْنَعُ وَأَرَى أَنْ يَجُوزَ فِي سَفَرِ الصَّيْدِ وَيُمْنَعَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّحْرِيمِ فِي صَيْدِ اللَّهْوِ ثَابِتٌ انْتَهَى. وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ، قَالَ فِيهَا: وَإِنْ كَانَ لِلَّهْوِ فَلَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ، وَلَا آمُرُهُ بِالْخُرُوجِ، قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ بَعْدَ أَنْ قَسَّمَ السَّفَرَ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: أَمَّا الْمَكْرُوهُ فَإِنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى بَيَانِ حُكْمِ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ قُلْنَا: يُكْرَهُ الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ يَعْنِي فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، قَالَ الْبَاجِيُّ: الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةَ، وَرَوَى زِيَادٌ أَنَّهُ يَقْصُرُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: أَمَّا سَفَرُ الْمَعْصِيَةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ صَاحِبُهُ تَحْرِيمًا، وَقِيلَ يَقْصُرُ، رَوَاهُ زِيَادٌ وَحَكَاهُ الْبَاجِيُّ، وَقَالَ قَبْلَهُ: الظَّاهِرُ حَمْلُ قَوْلِهَا لَا أُحِبُّ عَلَى بَابِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْبُرْزُلِيَّ فِي حَمْلِهَا عَلَى بَابِهَا أَوْ عَلَى التَّحْرِيمِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ قَوْلَانِ لِلْأَشْيَاخِ، قَالَ ابْنُ نَاجِي: لَا أَعْرِفُ الْقَوْلَ الثَّانِيَ تَأْوِيلًا عَلَيْهَا انْتَهَى. وَقَالَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ لَمَّا ذَكَرَ مَا ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ: إنَّهُ لَا يَتَرَخَّصُ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمَكْرُوهُ كَصَيْدِ اللَّهْوِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَصَحَّ تَحْرِيمُ الْقَصْرِ، وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَقْصُرَ، فَإِنْ قَصَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ تُحْمَلُ الْمُدَوَّنَةُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مُرَادَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَأَنَّ الْعَطْفَ إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهِ لَا يَقْصُرُ وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ انْتَهَى.
(قُلْت) وَيُقَالُ مِثْلُ هَذَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَبِعَ ظَاهِرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فَتَأَمَّلْهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقْصُرُ فِي الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمُبَاحِ وَلَا يَقْصُرُ فِي الْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ، فَإِنْ قَصَرَ فِي الْمَكْرُوهِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ، قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ إنْ قَصَرَ لَمْ يُعِدْ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ نَحْوُهُ فِي كَلَامِ ابْنِ نَاجِي.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَوْ قَصَرَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ فَانْظُرْ هَلْ يُرَاعَى فِيهِ الْخِلَافُ كَمَا رُوعِيَ فِي الْمَكْرُوهِ أَمْ لَا، وَالصَّوَابُ لَا يُعِيدُ وَيُرَاعَى فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ بِجَوَازِ الْقَصْرِ فِيهِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَبَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ سَفَرُهُ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ، ثُمَّ طَرَأَتْ الْمَعْصِيَةُ قَالُوا: لَمْ يَتَرَخَّصْ؛ لِأَنَّ سَفَرَهُ عَادَ مَعْصِيَةً، وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ مَعْصِيَةً، ثُمَّ طَرَأَتْ التَّوْبَةُ تَرَخَّصَ إذَا صَحَّتْ التَّوْبَةُ؛ لِأَنَّ سَفَرَهُ مِنْ الْآنَ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ، انْتَهَى مِنْ ابْن الْفَاكِهَانِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ص (أَرْبَعَةُ بُرُدٍ)
ش: وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا، وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ ابْتِدَاءً فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ قَصَرَ فِيمَا دُونَ الثَّمَانِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْبَعِينَ، وَإِنْ قَصَرَ فِيمَا دُونَ الْأَرْبَعِينَ إلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فَقِيلَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وَقِيلَ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَصَرَ فِيمَا دُونَ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي آخِرِ أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ: إنْ قَصَرَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ إلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ قَصَرَ فِيمَا دُونَ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ انْتَهَى. وَنُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْهُ أَنَّ مَنْ قَصَرَ