الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهِمَا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ الْبُرْزُلِيُّ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ، وَنُقِلَ عَنْ السُّيُورِيِّ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ اُنْظُرْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ مُحْدِثًا إنْ تَعَمَّدَ أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ)
ش: هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ: وَإِذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ أَنَّهُ جُنُبٌ أَعَادَ وَحْدَهُ، وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ تَامَّةٌ فَإِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ صَلَاتِهِ اسْتَخْلَفَ فَإِنْ تَمَادَى بَعْدَ ذِكْرِهِ جَاهِلًا أَوْ مُسْتَحْيِيًا أَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ ثُمَّ تَمَادَى أَوْ ابْتَدَأَ بِهِمْ الصَّلَاةَ ذَاكِرًا لِجَنَابَتِهِ فَقَدْ أَفْسَدَ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَيْهِمْ وَتَلْزَمُ مَنْ خَلْفَهُ الْإِعَادَةُ مَتَى عَلِمُوا أَوْ مَنْ عَلِمَ بِجَنَابَتِهِ مِمَّنْ خَلْفَهُ، وَالْإِمَامُ نَاسٍ لِجَنَابَتِهِ فَتَمَادَى مَعَهُ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ يُعِيدُهَا أَبَدًا انْتَهَى.
ابْنُ نَاجِي، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ: إنَّهَا بَاطِلَةٌ قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ ابْنُ الْجَهْمِ: إنْ قَرَءُوا خَلْفَهُ أَجْزَأَتْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَءُوا لَمْ تَجْزِهِمْ وَيَجْرِي فِيهَا قَوْلٌ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ، وَإِنْ قَرَءُوا قِيَاسًا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا إذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ مَنْسِيَّةً انْتَهَى بِالْمَعْنَى، وَقَالَ فِي الطِّرَازِ بَعْدَ ذِكْرِهِ قَوْلَ ابْنِ الْجَهْمِ، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يُجْزِئُهُمْ مَنْ قَرَأَ وَمَنْ لَمْ يَقْرَأْ؛ لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ مِنْ طَهَارَةِ الْإِمَامِ إنَّمَا يَنْبَنِي فِي حَقِّهِمْ عَلَى حُكْمِ اعْتِقَادِهِمْ فَإِنْ اعْتَقَدُوا فَسَادَ طَهَارَتِهِ ثُمَّ ائْتَمُّوا بِهِ لَمْ تُجْزِهِمْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ طَهَارَتُهُ صَحِيحَةً فَكَذَا إذَا اعْتَقَدُوا صِحَّتَهَا تُجْزِيهِمْ صَلَاتُهُمْ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الطِّرَازِ أَيْضًا فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي إمَامَةِ صَاحِبِ السَّلَسِ: إنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، وَقَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي إمَامَةِ الْجُنُبِ: اُخْتُلِفَ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ هَلْ هِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ أَمْ لَا؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ مَتَى فَسَدَتْ عَلَيْهِ فَسَدَتْ عَلَيْهِمْ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ.
الثَّانِي: أَنَّ كُلَّ مُصَلٍّ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ الثَّالِثُ: قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ إلَّا فِي سَهْوِ الْأَحْدَاثِ.
الشَّيْخُ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ نَقْضٌ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي سَهْوِ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ صَلِّي بِثَوْبٍ نَجِسٍ سَاهِيًا أَجْزَأَتْ مَنْ خَلْفَهُ انْتَهَى.
وَأَمَّا لَوْ نَسِيَ الْإِمَامُ النِّيَّةَ أَوْ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَمْ تُجْزِهِمْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ يَدْخُلُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ فِي نِسْيَانِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَقَالَ: لَوْ ذَكَرَ الْإِمَامُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ أَعَادَ هُوَ وَمَنْ خَلْفَهُ أَبَدًا، وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْقِرَاءَةَ مِنْ نَفْسِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ، وَأَيْضًا، فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ يَحْمِلُهَا عَنْهُمْ، وَلَا يَحْمِلُ الطَّهَارَةَ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إنْ كَانَ مَا أَفْسَدَ صَلَاةَ الْإِمَامِ أَفْسَدَ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ وَخَرَجَ بِالسُّنَّةِ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ بَقِيَ مَا عَدَاهُ (فَرْعٌ) وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْإِمَامِ يُصَلِّي بِثَوْبٍ نَجِسٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ هُوَ، وَلَا مَنْ خَلْفَهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَيَخْتَلِفُ فِي إعَادَتِهِمْ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْإِعَادَةِ خَلْفَ الْجُنُبِ فَعَلَى الْمَشْهُورِ: لَا يُعِيدُونَ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْجَهْمِ: يُعِيدُونَ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَءُوا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يُعِيدُونَ لَكِنَّ الْإِعَادَةَ هُنَا فِي الْوَقْتِ انْتَهَى بِالْمَعْنَى مِنْ اللَّخْمِيِّ.
، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ بِالنَّجَاسَةِ هُوَ أَوْ أَحَدُ الْمَأْمُومِينَ فَمَنْ عُلِمَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ تَعَمَّدَ الصَّلَاةَ بِالنَّجَاسَةِ اُنْظُرْ رَسْمَ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلَ وَقَعَتْ فِي فَتَاوَى بَعْضِ الْإِفْرِيقِيِّينَ: مَسْأَلَةٌ إمَامٌ ذَكَرَ فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً، الْجَارِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَقْطَعُ وَيَقْطَعُونَ، وَقِيلَ: يَسْتَخْلِفُ كَذَاكِرِ الْحَدَثِ انْتَهَى.
[فَرْعٌ تَعَمَّدَ الْإِمَامُ قَطْعَ صَلَاتِهِ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا تَعَمَّدَ الْإِمَامُ قَطْعَ صَلَاتِهِ أَفْسَدَ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ، وَمَنْ أَحْدَثَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ السَّلَامِ أَعَادَ الصَّلَاةَ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ تَعَمَّدَ إمَامٌ قَطْعَ صَلَاتِهِ أَوْ خُرُوجَهُ مِنْهَا يُرِيدُ بِكَلَامٍ أَوْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ عَمِلَ بِهِمْ شَيْئًا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ فَفِي بُطْلَانِهَا عَلَيْهِمْ نَقْلَا اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ انْتَهَى.
بِالْمَعْنَى، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ، وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ فِي رَسْمِ نَذَرَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إمَامٍ أَحْدَثَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ فَتَمَادَى حَتَّى سَلَّمَ مُتَعَمِّدًا أَرَى أَنْ تُجْزِئَ مَنْ خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ قَالَ عِيسَى: يُعِيدُ وَيُعِيدُونَ ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا: أَنَّ الْإِمَامَ إذَا
أَحْدَثَ فَتَمَادَى بِالْقَوْمِ أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُسْتَجِيبًا فَقَدْ أَفْسَدَ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةَ وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ إعَادَتُهَا فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي قَوْلِهِمَا: إنَّ صَلَاتَهُمْ جَائِزَةٌ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ صَلَاةً سَقَطَتْ عَنْهُمْ بِأَدَائِهِمْ لَهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَمَرُوا وَحَصَلَ هُوَ ضَامِنًا لَهَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: الْإِمَامُ ضَامِنٌ لَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ صَلَاتَهُمْ غَيْرُ مُرْتَبِطَةٍ بِصَلَاتِهِ؛ إذْ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي أَنَّ صَلَاةَ الْقَوْمِ مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاةِ إمَامِهِمْ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَيَتَمَادَى: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ مُرَاعَاةً لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ: إنَّ الرَّجُلَ إذَا جَلَسَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَخَرَجَ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ هُوَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي أَنَّ السَّلَامَ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ سَمَاعِ مُوسَى مَعْلُومُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ: أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَطَعَ صَلَاتَهُ مُتَعَمِّدًا أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا مُتَعَمِّدًا أَوْ تَمَادَى فِيهَا بَعْدَ حَدَثِهِ مُتَعَمِّدًا إنَّهُمْ بِمَنْزِلَتِهِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ حَاشَا أَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَإِنَّهُمَا ذَهَبَا إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ مُتَعَمِّدًا أَوْ أَحْدَثَ وَتَمَادَى مُتَعَمِّدًا أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ مَضَى وَجْهُهُ فِي رَسْمِ نَذَرَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَتَفْرِقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ أَنْ يُحْدِثَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ أَوْ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ انْتَهَى.
وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ الْبُرْزُلِيِّ مَسْأَلَةٌ: مَنْ سَقَطَ ثَوْبُهُ فَرَدَّهُ فِي الْحَالِ فِي صَلَاتِهِ قَوْلَانِ انْتَهَى.
ص (وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ)
ش: مَسْأَلَةٌ: مَنْ كَبِرَ فَانْحَنَى ظَهْرُهُ حَتَّى صَارَ كَالرَّاكِعِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ، وَقَدْ وَقَعَتْ فَأَجْرَيْنَاهَا عَلَى إمَامَةِ صَاحِبِ السَّلَسِ انْتَهَى. وَالْمَشْهُورُ: أَنَّ إمَامَتَهُ مَكْرُوهَةٌ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ
ص (أَوْ عَلِمَ)
ش: قَالَ الشَّبِيبِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ اخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ لِجَهْلِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَعَلَى ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فِي صِحَّةِ الِائْتِمَامِ بِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق: الْمَشْهُورُ: صِحَّةُ صَلَاتِهِ ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ بَابِ صِفَةِ الْعَمَلِ
ص (إلَّا كَالْقَاعِدِ بِمِثْلِهِ فَجَائِزٌ)
ش:
يُفْهَمُ مِنْ عُمُومِ كَلَامِهِ جَوَازُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ الْمُضْطَجِعِ بِالْمَرْضَى الْمُضْطَجِعِينَ، وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ مَسْأَلَةِ أَوَاخِرِ سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَسْتَطِيعُوا الْقُعُودَ، وَكَانَ إمَامُهُمْ لَا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ، فَلَا أَعْرِفُ هَذَا، وَلَا إمَامَةَ فِيهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَأَمَّا إمَامَةُ الْمُضْطَجِعِ الْمَرِيضِ بِالْمُضْطَجِعِينَ الْمَرْضَى فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ، وَالْقِيَاسُ: أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا اسْتَوَتْ حَالُهُمْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُمْ لَا يُمْكِنُهُمْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ فِعْلَهُ لِأَجْلِ اضْطِجَاعِهِمْ فَيَكُونُ لِذَلِكَ وَجْهٌ فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَأَعَادَ الْقَوْمُ قَالَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ، وَهُوَ مُبَيِّنٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى.
وَرُبَّمَا يُقَالُ: إنَّهُ يُمْكِنُهُمْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ بِسَمَاعِ تَكْبِيرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: قَالَ فِي حَوَاشِي الْجُبَّائِيُّ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: إنْ فَهِمُوا عَنْهُ بِالْإِشَارَةِ جَازَ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَرَوَى مُوسَى مَنْعَ إمَامَةِ مُضْطَجِعٍ لِمَرْضَى مِثْلِهِ ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ: جَوَازُهُ إنْ أَمْكَنَ الِاقْتِدَاءُ الْمَازِرِيُّ، وَعَلَى إمَامَةِ الْجَالِسِ، قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَؤُمُّ مُومِئٌ؛ إذْ لَا يَأْتَمُّ ذُو رُكُوعٍ وَسُجُودٍ بِمَنْ لَا يَفْعَلُهُمَا كَفَرْضٍ بِجِنَازَةٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت: مَفْهُومُهُ لَوْ اسْتَوَيَا جَازَ كَابْنِ رُشْدٍ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) إذَا صَلَّى قَاعِدٌ بِمِثْلِهِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: فَإِذَا صَحَّ بَعْضُ الْمُقْتَدِينَ فِيمَا يَفْعَلُ قَوْلَانِ قِيلَ: يَقُومُ يُتِمُّ لِنَفْسِهِ فَذًّا لِأَنَّهُ افْتَتَحَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ، وَلَا يَصِحُّ إتْمَامُهُ مُقْتَدِيًا وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُتِمُّ مَعَهُ الصَّلَاةَ، وَهُوَ قَائِمٌ، وَهُوَ تَعْوِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ أَوَّلًا وَمُرَاعَاةٌ لِلْخِلَافِ وَيَجْرِي قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ كَالْأَمَةِ تُعْتَقُ فِي الصَّلَاةِ وَلَيْسَ مَعَهَا مَا يَسْتُرُ عَوْرَةَ الْحُرَّةِ انْتَهَى.
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا يَأْتِي، وَفِي مَرِيضٍ اقْتَدَى بِمِثْلِهِ فَصَحَّ قَوْلَانِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى الْإِيمَاءِ، فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ بِوَجْهٍ انْتَهَى.
ص (أَوْ بِأُمِّيٍّ إنْ وُجِدَ قَارِئٌ)
ش: قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَالْأُمِّيُّ، إنْ وُجِدَ قَارِئٌ لَا إنْ لَمْ يُوجَدْ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، قَوْلُهُ: فِيهِمَا أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُمَا مَسْأَلَةُ مَا إذَا وُجِدَ قَارِئٌ، وَمَسْأَلَةُ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ قَارِئٌ، وَاعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ الْكَلَامَ فِي إمَامَتِهِمْ لِأَمْثَالِهِمْ، فَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَشَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ وُجُودِ الْقَارِئِ، وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَهُمَا أَنْ يُصَلِّيَا خَلْفَ الْقَارِئِ، فَلَا، قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ قَالَ سَنَدٌ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ إذَا أَمْكَنَهُ الِائْتِمَامُ بِالْقَارِئِ فَلَمْ يَفْعَلْ، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِائْتِمَامُ بِقَارِئٍ كَالْمَرِيضِ الْجَالِسِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتَمَّ بِقَائِمٍ (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: سُمِّيَ الْأُمِّيُّ أُمِّيًّا لِبَقَائِهِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي وَلَدَتْهُ أُمُّهُ عَلَيْهَا فَلَمْ يُحْسِنْ قِرَاءَةً، وَلَا كِتَابَةً انْتَهَى.
ص (أَوْ قَارِئًا بِكَقِرَاءَةٍ ابْنِ مَسْعُودٍ)
ش: وَكَذَا مَنْ قَرَأَ بِمَا
نُسِخَ لَفْظُهُ، قَالَهُ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فِي قَوْلِهِ: وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي تُسَرُّ فِي الصَّلَوَاتِ، وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَا تَصِحُّ خَلْفَ قَارِئٍ بِشَاذِّ ابْنِ مَسْعُودٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَقَوْلُهُ:" غَيْرِهِ " أَيْ مِنْ الشَّوَاذِّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَابْنَ عَرَفَةَ وَالْبَرْزَلِيُّ
ص (وَبِغَيْرِهِ تَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ تَجْزِ)
ش: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَفِي الْمُخْتَصَرِ: جَوَازُهُ زَادَ أَشْهَبُ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي قِيَامِ رَمَضَانَ ابْنُ نَاجِي عَلَى الرِّسَالَةِ، وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا بِأَفْرِيقِيَّةَ اسْتَمَرَّ عَلَى جَوَازِهِ فِي التَّرَاوِيحِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَؤُمُّ الصَّبِيُّ فِي النَّافِلَةِ فَمَا ذَكَرَهُ هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ ابْنُ يُونُسَ، وَرَوَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَؤُمُّ فِي النَّافِلَةِ (قُلْت) هُوَ ظَاهِرُ سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَهُوَ نَصُّ الْجَلَّابِ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِأَفْرِيقِيَّةَ انْتَهَى.
ص (وَهَلْ بِلَاحِنٍ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْفَاتِحَةِ وَبِغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ خِلَافٌ)
ش: ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ، وَذَكَرَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا خِلَافًا أَيْ قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ أَشَارَ إلَى الْأُولَى مِنْهُمَا بِقَوْلِهِ: وَهَلْ بِلَاحِنٍ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْفَاتِحَةِ أَيْ: وَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالِاقْتِدَاءِ بِاللَّاحِنِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَحْنُهُ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَسَوَاءٌ غَيَّرَ لَحْنُهُ الْمَعْنَى أَمْ لَا، أَوْ إنَّمَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالِاقْتِدَاءِ بِاللَّاحِنِ فِي الْفَاتِحَةِ، وَأَمَّا اللَّاحِنُ فِي غَيْرِهَا، فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ، وَقَدْ حَكَى اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيَّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمْ فِي إمَامَةِ اللَّحَّانِ
أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَفِي إمَامَةِ مَنْ يَلْحَنُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: فَقِيلَ جَائِزَةٌ، وَقِيلَ: مَمْنُوعَةٌ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ لَحْنُهُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا جَازَ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَصَّارُ إنْ كَانَ لَا يُغَيِّرُ مَعْنَى جَازَتْ إمَامَتُهُ، وَإِنْ كَانَ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى فَيَقُولُ: إيَّاكِ نَعْبُدُ، وَأَنْعَمْت عَلَيْهِمْ، فَيَجْعَلُ الْكَافَ لِلْمُؤَنَّثِ، وَالْإِنْعَامَ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ، وَقَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَأَمَّا الْأَعْجَمِيُّ الَّذِي يَلْفِظُ بِالضَّادِ ظَاءً، وَالْأَلْثَغُ الَّذِي يَلْفِظُ بِالرَّاءِ خَفِيفَ الْغَيْنِ طَبْعًا فَتَصِحُّ إمَامَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ إحَالَةُ مَعْنًى، وَإِنَّمَا هُوَ نُقْصَانُ حُرُوفٍ، وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ ابْتِدَاءً إذَا وُجِدَ غَيْرُهُ أَحْسَنُ، إذَا كَانَ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُقَيِّمُ قِرَاءَتَهُ فَإِنْ أَمَّ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ مَضَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّ لَحْنَهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ قُرْآنًا، وَمَعَ أَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِقُرْآنٍ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ كَلَامًا فِي صَلَاتِهِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ تَكَلَّمَ جَهْلًا هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَيْفَ بِهَذَا، وَاللَّحْنُ لَا يَقَعُ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْغَالِبِ إلَّا فِي أَحْرُفٍ يَسِيرَةٍ؟ وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَلِّي عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يُسْلِمُهُ مِنْ اللَّحْنِ لَأَجْزَأَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يُغَيِّرُ مَعْنَى أُمِّ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْقَارِئَ لَا يَقْصِدُ مُوجِبَ ذَلِكَ اللَّحْنِ، وَلَا يَعْتَقِدُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا يَعْتَقِدُهُ مَنْ لَا لَحْنَ عِنْدَهُ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ ابْتِدَاءً إلَى آخِرِهِ رَاجِعٌ إلَى اللَّحَّانِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ، وَكَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَنَصَّهُ اللَّخْمِيُّ فِي جَوَازِ إمَامَةِ اللَّحَّانِ ثَالِثُهَا: إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، وَرَابِعُهَا: لِلْقَاضِي مَعَ ابْنِ الْقَصَّارِ إنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى، وَالْأَحْسَنُ الْمَنْعُ إنْ وُجِدَ غَيْرُهُ، فَإِنْ أَمَّ لَمْ يُعِدْ مَأْمُومُهُ انْتَهَى.
فَيَكُونُ اخْتِيَارُهُ خَامِسًا: وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ إمَامَتِهِ ابْتِدَاءً إذَا وُجِدَ غَيْرُهُ فَإِنْ أَمَّ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ رَسْمِ الصَّلَاةِ: الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الَّذِي يُحْسِنُ الْقُرْآنَ أَيْ يَحْفَظُ، وَلَا يُحْسِنُ قِرَاءَتَهُ وَيُلْحِنُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُلْحِنْ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ إذَا كَانَ يُلْحِنُ فِي سِوَاهَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَأْوِيلًا عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ، وَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ فِيهَا بَيْنَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ بَعِيدٌ فِي التَّأْوِيلِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي النَّظَرِ، وَالثَّانِي: أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ جَائِزَةٌ إذَا كَانَ لَا يُلْحِنُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ، وَلَا تَجُوزُ إذَا كَانَ يُلْحِنُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ غَيْرُ جَائِزَةٍ إذَا كَانَ لَحْنُهُ يَتَغَيَّرُ مِنْهُ الْمَعْنَى مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: إيَّاكِ بِكَسْرِ الْكَافِ، وَأَنْعَمْت بِرَفْعِ التَّاءِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ إذَا كَانَ لَحْنُهُ لَا يَتَغَيَّرُ مِنْهُ الْمَعْنَى مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: الْحَمْدِ لِلَّهِ بِكَسْرِ الدَّالِ مِنْ " الْحَمْدُ " وَرَفْعِ الْهَاءِ مِنْ " لِلَّهِ "، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ، وَالرَّابِعُ: أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ مَكْرُوهَةٌ فَإِنْ وَقَعَتْ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّ الْقَارِئَ لَا يَقْصِدُ مَا يَقْتَضِيه اللَّحْنُ بَلْ يَعْتَقِدُ بِقِرَاءَتِهِ مَا يَعْتَقِدُ بِهَا مَنْ لَا يُلْحِنُ فِيهَا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمِنْ الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَمَرَّ بِالْمَوَالِي، وَهُمْ يَقْرَءُونَ وَيَلْحَنُونَ، فَقَالَ: نِعْمَ مَا يَقْرَءُونَ، وَمَرَّ بِالْعَرَبِ، وَهُمْ يَقْرَءُونَ، وَلَا يَلْحَنُونَ، فَقَالَ هَكَذَا أُنْزِلَ» ، وَأَمَّا الْأَلْكَنُ الَّذِي لَا تَتَبَيَّنُ قِرَاءَتُهُ، وَالْأَلْثَغُ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى لَهُ النُّطْقُ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ، وَالْأَعْجَمِيُّ الَّذِي لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الظَّاءِ وَالضَّادِ وَالسِّينِ وَالصَّادِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ ائْتَمَّ بِهِمْ، وَإِنْ كَانَ الِائْتِمَامُ بِهِمْ مَكْرُوهًا إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ يُرْضَى بِهِ سِوَاهُمْ انْتَهَى.
، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ، وَأَمَّا اللَّحَّانُ فَاخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَقِيلَ: لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَلَوْ كَانَ لَحْنُهُ فِي غَيْرِ أُمِّ الْقُرْآنِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ لَحْنُهُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ، لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَتْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ قَالَهُ ابْنُ اللَّبَّادِ وَوَافَقَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَرَأَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ أَيْضًا، وَقِيلَ: إنْ كَانَ لَحْنُهُ لَا يُغَيِّرُ مَعْنًى صَحَّتْ إمَامَتُهُ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ فَتَفْسُدُ بِتَعَمُّدِهِ، وَإِنْ كَانَ لَحْنُهُ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَمْ تَصِحَّ إمَامَتُهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْقَاضِيَانِ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ قَوْلًا رَابِعًا، وَهُوَ
الْجَوَازُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِيمَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَمْ يَلْحَنْ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ فَلْيُعِدْ يُرِيدُ إلَّا أَنْ تَسْتَوِيَ حَالُهُمْ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْقَابِسِيُّ: قَالَ هُوَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ: وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ الظَّاءَ مِنْ الضَّادِ، وَإِنْ لَحَنَ فِيمَا عَدَا أُمَّ الْقُرْآنِ فَذُكِرَ عَنْ ابْنِ اللَّبَّادِ وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَابْنِ شَبْلُونٍ أَنَّهُ تُجْزِئُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيِّ: لَا تُجْزِئُهُ وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا قَالَ: وَهُوَ وَاضِحٌ كَمَنْ تَرَكَ السُّورَةَ عَامِدًا انْتَهَى.
وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ حَكَى عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ وَأَبِي الْحَسَنِ فِيمَنْ يَلْحَنُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ أَنَّ صَلَاتَهُ وَصَلَاةَ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ فَاسِدَةٌ، قَالَا: وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ الظَّاءَ مِنْ الضَّادِ أَنَّهُ يُعِيدُ، وَرَأَيْت فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ لِلْقَرَوِيِّينَ فِيمَنْ يَلْحَنُ فِيمَا عَدَا أُمَّ الْقُرْآنِ، قَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ: تُجْزِئُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَابْنُ شَبْلُونٍ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ: لَا تُجْزِئُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ، وَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَلَا بَيْنَ غَيْرِهَا، قَالَ الشَّيْخُ: قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ عِنْدِي أَصَحُّ، وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ احْتَجَّ بِأَنَّ أُمَّ الْقُرْآنِ تُجْزِئُ عَنْ غَيْرِهَا، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَشَدَّ حَالًا مِمَّنْ تَرَكَ مَا عَدَا أُمَّ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ بِاللَّحْنِ، وَمَا لَا يَجُوزُ لَيْسَ مِنْ الْقُرْآنِ الَّذِي يَحِلُّ أَنْ يَتْلُوَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَأَشْبَهَ الْكَلَامَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا، وَقَدْ قَالَ فِي الْكِتَابِ: إنَّ الَّذِي لَا يُحْسِنُ أَشَدُّ مِمَّنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ، وَهَذَا عِنْدِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الَّذِي قَرَأَ، وَلَا يُحْسِنُ مَا يَقْرَأُ هُوَ يُشْبِهُ الْمُتَكَلِّمَ كَمَا ذَكَرْت، فَالتَّارِكُ أَيْسَرُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي نَاسِي أُمِّ الْقُرْآنِ: هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ انْتَهَى.
وَفِي النَّوَادِرِ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَتُكْرَهُ إمَامَةُ اللَّحَّانِ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَصْوَبُ قِرَاءَةً مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَرْضِيُّ الْحَالِ، فَاللَّحَّانُ الْأَلْكَنُ، وَالْأُمِّيُّ الَّذِي مَعَهُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا يُغْنِيهِ فِي صَلَاتِهِ أَوْلَى مِنْ قَارِئٍ لَا يُرْضَى حَالُهُ، وَقَالَ لَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ اللَّبَّادِ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَلْحَنُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ فَلْيُعِدْ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَسْتَوِيَ حَالُهُمْ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.
فَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي صَلَاةِ الْمُقْتَدِي بِاللَّحَّانِ سِتَّةَ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ كَانَ لَحْنُهُ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَسَوَاءٌ غَيَّرَ الْمَعْنَى أَوْ لَا، وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَابِسِيِّ وَأَنَّهُ تَأَوَّلَهُ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ: إنَّهُ أَصَحُّ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ: وَفِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَالشَّاذُّ الصِّحَّةُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ الْبُطْلَانُ لَكِنْ لَا أَعْلَمُ.
مَنْ صَرَّحَ بِتَشْهِيرِهِ نَعَمْ قَالَ الْقَابِسِيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يُصَلِّي مَنْ يُحْسِنُ خَلْفَ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ، وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ تَرْكِهَا قَالَ، وَلَمْ يُفَرِّقْ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَ فَاتِحَةٍ وَغَيْرِهَا، وَلَا بَيْنَ مَنْ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَغَيْرِهِ انْتَهَى.
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ نَقَلَ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ ابْنِ الْقَابِسِيِّ وَزَادَ فِيهِ إنْ لَمْ تَسْتَوِ حَالُهُمَا.
(قُلْت) ، وَلَمْ أَقِفْ فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي قَوْلِ ابْنِ اللَّبَّادِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مُعْتَمِدًا عَلَى تَصْحِيحِ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ يُونُسَ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ رُشْدٍ قَدْ ضَعَّفَهُ وَرَدَّهُ (الْقَوْلُ الثَّانِي) : إنْ كَانَ لَحْنُهُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَحْنُهُ فِي غَيْرِهَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ اللَّبَّادِ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ شَبْلُونٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهَذَا كَانَ كَثِيرُ مَنْ أَدْرَكَنَا يُفْتِي انْتَهَى.
(قُلْت) : قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: وَشَاهَدْت شَيْخَنَا الشَّبِيبِيَّ يُفْتِي بِهِ بِالْقَيْرَوَانِ، وَكَذَلِكَ أَفْتَى بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى.
وَقَيَّدَهُ ابْنُ يُونُسَ بِأَنْ لَا تَسْتَوِيَ حَالُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (الْقَوْلُ الثَّالِثُ) : إنْ كَانَ لَحْنُهُ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى صَحَّتْ إمَامَتُهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَالْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ (وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ) : أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ مَكْرُوهَةٌ ابْتِدَاءً فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهُ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ كَمَا تَقَدَّمَ (الْقَوْلُ الْخَامِسُ) أَنَّ إمَامَتَهُ مَمْنُوعَةٌ ابْتِدَاءً مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ
فَإِنْ أَمَّ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ، وَهَذَا اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ (الْقَوْلُ السَّادِسُ) أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ اللَّحَّانِ جَائِزَةٌ ابْتِدَاءً، وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَنْكَرَهُ الْمَازِرِيُّ، وَقَالَ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ الْمَازِرِيُّ: نَقْلُ اللَّخْمِيِّ الْجَوَازَ مُطْلَقًا لَا أَعْرِفُهُ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قُلْت عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِابْنِ حَبِيبٍ وَاخْتَارَهُ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِيمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَزَا لِابْنِ حَبِيبٍ الْكَرَاهَةَ انْتَهَى.
(قُلْت) مَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي ظَاهِرٌ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَ بِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي بِاللَّحَّانِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ، وَقَالَ: إنَّهُ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ تَرْجِيحُهُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ السَّادِسَ ضَعِيفٌ شَاذٌّ، وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ الْخَمْسَةِ مُرَجَّحَةٌ مُصَحَّحَةٌ وَأَرْجَحُهَا ثَلَاثَةٌ الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْقَوْلُ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَأَرْجَحُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْقَوْلُ الَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ وَعُلِمَ أَيْضًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَالشَّاذُّ الصِّحَّةُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ غَيْرُ شَاذٍّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: وَالشَّاذُّ الْجَوَازُ (الثَّانِي) : تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي بِاللَّحَّانِ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ صَلَاتِهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الشُّيُوخِ لَمْ يَذْكُرُوا حُكْمَ صَلَاتِهِ هُوَ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ نُقُولِهِمْ السَّابِقَةِ، وَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَعَلَى الْقَوْلِ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ، وَعَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الَّذِي حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ جَوَازُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ، وَبَقِيَ النَّظَرُ فِي حُكْمِ صَلَاتِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ، وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ الْقَصَّارِ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ أَنْ يُغَيِّرَ لَحْنُهُ الْمَعْنَى أَوْ لَا، فَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِهِ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّ صَلَاتَهُ هُوَ فِي نَفْسِهِ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي صَلَاةِ مَنْ اقْتَدَى بِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ اللَّبَّادِ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ يَلْحَنُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ، قَالَ: يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَسْتَوِيَ حَالُهُمَا، وَذَكَرَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ الْقَابِسِيِّ بِالْبُطْلَانِ مُطْلَقًا، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَازِرِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَالْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، قَالَ الْمَازِرِيُّ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَلْ يُخْرِجُ اللَّحْنُ الْكَلِمَةَ الْمَلْحُونَ فِيهَا عَنْ كَوْنِهَا قُرْآنًا وَيُلْحِقُهَا بِكَلَامِ الْبَشَرِ أَوْ لَا يَخْرُجُهَا عَنْ كَوْنِهَا قُرْآنًا انْتَهَى.
كَلَامُ عَبْدِ الْحَقِّ السَّابِقُ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ يَنُبْنِي عَلَى أَنَّ اللَّحْنَ هَلْ يُلْحِقُ الْقِرَاءَةَ بِكَلَامِ النَّاسِ وَيُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا أَمْ لَا انْتَهَى.
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنْ يُفَصَّلَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي التَّنْبِيهِ الثَّالِثِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) : إذَا وَقَعَ اللَّحْنُ مِنْ الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ سَهْوًا أَوْ غَيْرَ سَهْوٍ فَإِنْ كَانَ سَهْوًا، فَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ سَوَاءٌ وَقَعَ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا، وَسَوَاءٌ غَيَّرَ الْمَعْنَى أَمْ لَمْ يُغَيِّرْهُ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ سَهْوًا، وَذَلِكَ لَا يُبْطِلُهَا، وَغَايَتُهُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ اللَّاحِنُ أَسْقَطَ مِنْ الْفَاتِحَةِ كَلِمَةً أَوْ كَلِمَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا سَهْوًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ اللَّحْنُ سَهْوًا فِي الْغَالِبِ، وَذَلِكَ لَا يُبْطِلُهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ آيَةً مِنْهَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَكَيْفَ بِالْكَلِمَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فَكَيْفَ بِمَنْ لَمْ يَتْرُكْ ذَلِكَ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ اللَّحْنُ الْوَاقِعُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّهْوِ، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ عَمْدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالصَّوَابِ أَوْ أَتَى بِهِ الْمُصَلِّي لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالصَّوَابِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالصَّوَابِ، فَلَا شَكَّ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ فَاعِلِ ذَلِكَ وَصَلَاةِ مَنْ اقْتَدَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ عَمْدًا، وَالْكَلِمَةُ الْوَاحِدَةُ تُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ اللَّحْنُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالصَّوَابِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِعَجْزٍ عَنْ التَّعْلِيمِ أَمَّا لِعَدَمِ قَبُولِ ذَلِكَ