الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى أَنَّ اللَّاهِيَ بِسَفَرِهِ لَا يَقْصُرُ - يَقْتَضِي عَدَمَ التَّقْصِيرِ
ص (وَلَا مُنْفَصِلٌ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً)
ش: مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ مَبْدَأِ سَفَرِهِ إلَى أَمْيَالٍ يَسِيرَةٍ وَنِيَّتُهُ أَنْ لَا يُقِيمَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، وَلَوْ كَانَ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ وَشَكَّ هَلْ يَلْحَقُونَهُ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَمْ لَا أَتَمَّ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.
[فَرْعٌ سَافَرَ الْعَبْدُ بِسَفَرِ سَيِّدِهِ وَالْمَرْأَةُ بِسَفَرِ زَوْجِهَا وَنَوَوْا الْقَصْرَ]
(فَرْعٌ) ، قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ مَا الْجَارِي عَلَى مَذْهَبِنَا فِيمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ إذَا سَافَرَ الْعَبْدُ بِسَفَرِ سَيِّدِهِ وَالْمَرْأَةُ بِسَفَرِ زَوْجِهَا وَالْجُنْدُ بِسَفَرِ الْأَمِيرِ وَلَا يَعْلَمُونَ قَصْدَهُمْ لَمْ يَتَرَخَّصْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَإِنْ عَلِمُوا قَصْدَهُمْ وَنَوَوْا الْقَصْرَ قَصَرُوا، وَهَذَا صَوَابٌ لِقَوْلِنَا: شَرْطُهُ الْعَزْمُ مِنْ أَوَّلِهِ انْتَهَى. وَفِي الْمُوَطَّإِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ صَلَاةِ الْأَسِيرِ فَقَالَ: مِثْلُ صَلَاةِ الْمُقِيمِ انْتَهَى. هَذَا فِي الْأَسِيرِ الْمُقِيمِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُتِمُّ الْأَسِيرُ بِدَارِ الْحَرْبِ إلَّا أَنْ يُسَافَرَ بِهِ فَيَقْصُرَ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ فِي شَرْحِهِ: سَفَرُهُ وَمُقَامُهُ بِاخْتِيَارِ مَنْ يَمْلِكُهُ فَكَانَتْ نِيَّتُهُ مُعْتَبَرَةٌ فِي إتْمَامِهِ وَقَصْرِهِ بِمَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ فِي بَلَدِ الْمُسْلِمِينَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى. وَفِي ابْنِ يُونُسَ فِي الْعَسْكَرِ يُقِيمُ بِهِمْ الْإِمَامُ وَلَا يَدْرُونَ كَمْ يُقِيمُ يَقْصُرُونَ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّهُ يُقِيمُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ أَنْ يُعْلِمَهُمْ انْتَهَى.
ص (وَقَطَعَهُ دُخُولُ بَلَدِهِ، وَإِنْ بِرِيحٍ) ش، قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: الدُّخُولُ فِي هَذِهِ بِالرُّجُوعِ وَبَلَدُهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهِ إقَامَةٌ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ وَطَنِهِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالدُّخُولُ فِي الَّتِي بَعْدَهَا الْمُرُورُ وَوَطَنُهُ أَخَصُّ مِنْ بَلَدِهِ وَالرِّيحُ فِي هَذِهِ أَلْجَأَتْهُ لِدُخُولِ الرُّجُوعِ، وَفِي الَّتِي بَعْدَهُ أَلْجَأَتْهُ لِدُخُولِ الْمُرُورِ انْتَهَى.
(قُلْت) تَفْسِيرُهُ الدُّخُولَ فِي الْأُولَى بِالرُّجُوعِ ظَاهِرٌ إذْ الْمُرَادُ بِهِ مِنْ حِينِ الْأَخْذِ فِي الرُّجُوعِ لَكِنَّهُ أَجْمَلَ فِيهِ إذْ لَمْ يُبَيِّنْ مَبْدَأَ الرُّجُوعِ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا رَجَعَ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَإِنَّ رُجُوعَهُ يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَيُتِمُّ الصَّلَاةَ حِينَئِذٍ فِي رُجُوعِهِ وَبَعْدَ وُصُولِهِ الْبَلَدَ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَا رَاجِعَ لِدُونِهَا، وَلَوْ بِشَيْءٍ نَسِيَهُ، وَإِنَّمَا كَرَّرَهَا الْمُصَنِّفُ لِيُنَبِّهَ عَلَى مَسْأَلَةِ الرِّيحِ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الرِّيحِ فَنَصَّ عَلَيْهَا اللَّخْمِيُّ، قَالَ: اُخْتُلِفَ فِيمَنْ خَرَجَ مُسَافِرًا فِي الْبَحْرِ فَسَارَ أَمْيَالًا، ثُمَّ رَدَّتْهُ الرِّيحُ فَقَالَ مَالِكٌ: يُتِمُّ الصَّلَاةَ يُرِيدُ فِي رُجُوعِهِ، وَفِي الْبَلَدِ الَّذِي أَقْلَعَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَطَنًا إذَا كَانَ يُتِمُّ الصَّلَاةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ رَفْضُهُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: يَقْصُرُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنًا يُرِيدُ مَا لَمْ يَكُنْ رُجُوعُهُ بِاخْتِيَارِهِ فَكَانَ كَالْمُكْرَهِ انْتَهَى. وَتَفْسِيرُ ابْنِ غَازِيٍّ الْبَلَدَ وَالْوَطَنَ ظَاهِرٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّ الْوَطَنَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا أَعْنِي قَوْلَهُ إلَّا مُتَوَطَّنٌ كَمَكَّةَ بِمَعْنَى الْوَطَنِ فِي قَوْلِهِ وَقَطَعَهُ دُخُولُ وَطَنِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ التَّوَطُّنَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ الْمُرَادُ بِهِ طُولُ الْإِقَامَةِ وَالْوَطَنُ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ الْمَحِلُّ الَّذِي يَسْكُنُهُ الشَّخْصُ بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَّا مُتَوَطَّنٌ كَمَكَّةَ إلَى أَنَّ مَنْ سَافَرَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ
ثُمَّ رَجَعَ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ أَوْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ، وَهُوَ عَازِمٌ عَلَى السَّفَرِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ فِي رُجُوعِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَفِي الْبَلَدِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَطَنَهُ وَلَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةٍ أَيَّامٍ فِيهِ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَوْطَنَهَا، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجُحْفَةِ لِيَعْتَمِرَ، ثُمَّ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ وَيُقِيمَ بِهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَخْرُجَ مِنْهَا فَقَالَ مَالِكٌ يُتِمُّ فِي يَوْمَيْهِ، ثُمَّ، قَالَ يَقْصُرُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَجْهُ الْإِتْمَامِ أَنَّهُ لَمَّا أَوْطَنَهَا وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ بِهَا صَارَ لَهَا حُكْمُ الْوَطَنِ فَكَأَنَّهُ رَجَعَ إلَى وَطَنِهِ، وَوَجْهُ قَوْلِهِ:" يَقْصُرُ " أَنَّهَا لَيْسَتْ وَطَنَهُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا أَتَمَّ بِنِيَّةِ الْفِعْلِ لَمَّا نَوَى الْإِقَامَةَ، وَأَمَّا وَطَنُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إذَا رَجَعَ إلَيْهِ إلَى نِيَّةِ الْإِقَامَةِ فَمَا كَانَ لَا يُتِمُّ فِيهِ إلَّا بِنِيَّةٍ أَضْعَفَ مِمَّا يُتِمُّ فِيهِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، وَقَدْ سَافَرَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ سَفَرَ قَصْرٍ فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ عَلَى نِيَّةِ سَفَرِهِ حَتَّى يَنْوِيَ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ اعْتِمَارُهُ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَوْ التَّنْعِيمِ أَوْ مَا لَا يَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَكَّةَ وَنَوَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لَأَتَمَّ فِي ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى نِيَّتِهِ الْأُولَى فِي الْإِتْمَامِ فَلَا يُزِيلُهَا إلَّا خُرُوجُهُ إلَى سَفَرِ الْقَصْرِ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ اللَّخْمِيُّ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلْقَصْرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ كَوْنُهُ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ سَافَرَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ، وَالْمُوجِبُ لِعَدَمِهِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَوْنُهُ لَمْ يُسَافِرْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ مَا حَكَمَ بِهِ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ " وَقَطَعَهُ دُخُولُ بَلَدِهِ " وَبَيْنَ مَا اسْتَثْنَاهُ لَكِنْ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ بِمَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ أَتَى بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَمَكَّةَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لَمْ تَكُنْ وَطَنَهُ
وَإِنَّمَا أَقَامَ بِهَا أَيَّامًا فَالْمُرَادُ بِالْوَطَنِ فِي كَلَامِهِ وَكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ طُولُ الْإِقَامَةِ وَمَهَّدَ ابْنُ الْحَاجِبِ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ اسْتِيطَانٌ فَرَجَعَ إلَيْهِ مِنْ الطَّوِيلِ غَيْرُنَا وَإِقَامَةٌ كَمَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ، وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ خَرَجَ وَنِيَّتُهُ الْعَوْدُ فَأَحْرَى مَنْ سَافَرَ، وَلَمْ تَكُنْ نِيَّتُهُ الْعَوْدَ، ثُمَّ عَادَ بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لِأَمْرٍ عَرَضَ لَهُ أَوْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ مَنْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ يَجْرِي عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ رَجَعَ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَتَمَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى نِيَّةِ السَّفَرِ بِأَنْ يَكُونَ إنَّمَا رَجَعَ لِحَاجَةٍ أَوْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ يَقْصُرُ إذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ بَاقِيَةً عَلَى السَّفَرِ فِي رُجُوعِهِ، وَفِي الْبَلَدِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَطَنَهُ، وَأَنَّ مَنْ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ سَافَرَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ يَقْصُرُ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَعَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ يُتِمُّ وَيَقْصُرُ هُنَا عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ: إنَّ الْمُرَادَ بِالدُّخُولِ فِي الثَّانِيَةِ الْمُرُورُ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مُطْلَقَ الْمُرُورِ بِالْوَطَنِ يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ، وَلَوْ حَاذَاهُ، وَلَمْ يَدْخُلْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا اُعْتُرِضَ بِذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَالَ: إنَّمَا يُمْنَعُ الْمُرُورَ بِشَرْطِ دُخُولِهِ أَوْ نِيَّةِ دُخُولِهِ لَا إنْ اجْتَازَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِالدُّخُولِ فِي الثَّانِيَةِ حَقِيقَةُ الدُّخُولِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ يَرْجِعُ مُكْرَهًا يَقْصُرُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فَقَالَ: وَلَوْ رَدَّهُ غَاصِبٌ لَكَانَ عَلَى الْقَصْرِ فِي رُجُوعِهِ وَإِقَامَتِهِ إلَّا إنْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالرِّيحِ وَنَحْوِهِ لِابْنِ فَرْحُونٍ، وَفِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ إشَارَةٌ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَنَّ مَنْ سَافَرَ بِالرِّيحِ شَاكًّا مِنْ أَوَّلِ سَفَرِهِ هَلْ يُتِمُّ أَمْ لَا فَكَانَ قَرِيبًا مِمَّنْ يَنْتَظِرُ صَاحِبًا لَا يَسِيرُ إلَّا بِسَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ مَكَانِ زَوْجَةٍ دَخَلَ بِهَا فَقَطْ)
ش: عَطْفُهُ مَكَانَ الزَّوْجَةِ عَلَى الْوَطَنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي مُسَمَّى الْوَطَنِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُلْحَقٌ بِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْوَطَنَ هُوَ مَحِلُّ السُّكْنَى كَمَا تَقَدَّمَ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ عَنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْوَطَنِ
مَوْضِعُ الزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَالسُّرِّيَّةِ يُرِيدُونَ: وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ سُكْنَاهُ عِنْدَهُمَا انْتَهَى. فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ أَدْخَلَا مَكَانَ الزَّوْجَةِ فِي مُسَمَّى الْوَطَنِ فَالتَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَقَطْ احْتَرَزَ بِهِ مِمَّا لَوْ كَانَ لَهُ بِقَرْيَةٍ وَلَدٌ أَوْ مَالٌ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ وَطَنًا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ بِهِ مَكَانُ السُّرِّيَّةِ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ أَخْرَجَهُ إلَّا الشَّارِحَ فِي الْأَوْسَطِ بَلْ نَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَلَى إلْحَاقِهَا بِالزَّوْجَةِ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْوَطَنُ هُنَا مَا فِيهِ زَوْجَةٌ مَدْخُولٌ بِهَا أَوْ سُرِّيَّةٌ بِخِلَافِ وَلَدِهِ وَخَدَمِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَوْطِنَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْوَطَنُ مَسْكَنُهُ أَوْ مَا بِهِ سُرِّيَّةٌ سَكَنَ إلَيْهَا أَوْ زَوْجَةٌ بَنَى بِهَا لَا مَالُهُ وَوَلَدُهُ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الزَّوْجَةِ يُرِيدُ أَوْ سُرِّيَّةً نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَبِلُوهُ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بِهَا أُمُّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةٌ يَسْكُنُ إلَيْهَا أَتَمَّ، وَلَمْ يَحْكِ خِلَافَهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ص (وَنِيَّةُ دُخُولِهِ)
ش: هُوَ مَعْطُوفُ عَلَى فَاعِلِ قَطَعَهُ فَيَقْتَضِي أَنَّ نِيَّةَ دُخُولِ الْوَطَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا قَرُبَ مِنْ وَطَنِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ، وَحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ وَمَنَعَهُ نِيَّةُ دُخُولِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ سَافَرَ سَفَرَ الْقَصْرِ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَكَانَ طَرِيقُهُ عَلَى وَطَنِهِ وَنَوَى أَنْ يَمُرَّ بِوَطَنِهِ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَطَنِهِ مَسَافَةٌ تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَإِلَّا فَلَا، فَإِذَا وَصَلَ إلَى وَطَنِهِ وَسَافَرَ مِنْهُ اُعْتُبِرَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُنْتَهَى سَفَرِهِ، فَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ قَصَرَ وَإِلَّا فَلَا فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعُ صُوَرٍ يَقْصُرُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ إنْ كَانَ قَبْلَهُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَبَعْدَهُ دُونَهَا وَعَكْسُهُ وَذَلِكَ وَاضِحٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَنِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَيَقْطَعُهُ نِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةٍ أَيَّامٍ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ عِشْرُونَ صَلَاةً، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَيَّامِ تَسْتَلْزِمُ عِشْرِينَ صَلَاةً بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَلَوْ دَخَلَ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَنَوَى أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ فِي