الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إجْرَاءَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ مُشْكِلٌ فَتَأَمَّلْهُ فَتَحْصُلُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ مِنْ الِاقْتِدَاءِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ الرَّاجِحُ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ فِيمَا نَقَلَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى نَقْلِ كَلَامِهِ فَقَطْ وَنَصَّهُ فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ الصَّقَلِّيِّ وَفِي الْمَنْسِيِّ اتِّحَادُ يَوْمِهَا انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرَّاحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِذَا كَانَ عَلَى رَجُلَيْنِ ظُهْرَانِ فَإِنْ كَانَ مِنْ يَوْمَيْنِ لَمْ يَأْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَيُخْتَلَفُ إنْ فَعَلَا هَلْ يُجْزِئُ الْمَأْمُومَ أَمْ لَا؟ وَإِنْ كَانَا مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ جَازَ انْتَهَى.
ص (إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَنْعَ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ مَا نَصَّهُ الْمَازِرِيُّ، وَعَكْسُهُ جَائِزٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ أَوْ فِي السَّفَرِ انْتَهَى. وَالتَّنَفُّلُ بِأَرْبَعٍ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضًا ذَكَرَ فِي قَوَاعِدِهِ أَنَّ مِنْ مُسْتَحَبَّاتِ النَّافِلَةِ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي التَّلْقِينِ وَالِاخْتِيَارِ فِي النَّفْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ النَّافِلَةِ مَا نَصُّهُ: وَصَلَاةُ النَّافِلَةِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى، قَالَ ابْنُ نَاجِي هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَعَدَدُ النَّوَافِلِ رَكْعَتَانِ لَيْلًا وَنَهَارًا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ إلَى مَذْهَبِ الْمُخَالِفِ فِي جَوَازِ مَثْنَى مَثْنَى وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ يَعْنِي السُّنَّةَ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ انْتَهَى، وَانْظُرْ اللَّخْمِيَّ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ الْأُوَلِ، أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَفِيفٌ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ، وَقَدْ قَالَ سَنَدٌ فِي أَوَاخِرِ فَصْلِ الصِّيَامِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ فِيمَنْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ مَعَ الْإِمَامِ وَنِيَّتُهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ فِي بَيْتِهِ: إنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُ الْوِتْرَ، ثُمَّ يَشْفَعَ بِأُخْرَى، قَالَ وَلَا يَضُرُّهُ جُلُوسُهُ عَلَى رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِحُكْمِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ كَمَا يَتَنَفَّلُ خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ فَيُصَلِّي أَرْبَعًا بِحُكْمِ الْمُتَابَعَةِ انْتَهَى.
[فَرْعٌ ائْتِمَامِ نَاذِرِ رَكْعَتَيْنِ بِمُتَنَفِّلٍ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَازِرِيُّ تَرَدَّدَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي ائْتِمَامِ نَاذِرِ رَكْعَتَيْنِ بِمُتَنَفِّلٍ وَخَرَّجَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَلَى إمَامَةِ الصَّبِيِّ وَرُدَّ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ انْتَهَى.
ص (كَالْعَكْسِ)
ش: يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَائِلِ: إنَّ الْإِمَامَ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ عُذْرٌ، وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ وَأَتَمَّ الْمَأْمُومُونَ أَفْذَاذًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَا؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومِينَ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُتِمُّوا أَفْذَاذًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمُتَابَعَةٌ فِي إحْرَامٍ وَسَلَامٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ (فَائِدَةٌ) تَقَدَّمَ فِي فَرَائِضِ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَجَهَرَ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ فَقَطْ عَنْ النَّوَادِرِ وَالْقَاضِي عِيَاضٍ: إنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَجْزِمَ تَحْرِيمَهُ وَتَسْلِيمَهُ وَلَا يَمْطُطْهُمَا لِئَلَّا يَسْبِقَهُ بِهِمَا مَنْ وَرَاءَهُ، وَمَعْنَى الْجَزْمِ الِاخْتِصَارُ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَيَخْطَفُ الْإِمَامُ إحْرَامَهُ وَسَلَامَهُ لِئَلَّا يُشَارِكَهُ الْمَأْمُومُ فَتَبْطُلَ صَلَاتُهُ.
(قُلْت) وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا فِقْهُ الْإِمَامِ وَثَانِيَتُهَا تَقْصِيرُ الْجُلُوسِ الْوَسَطُ وَثَالِثَتُهَا دُخُولُ الْإِمَامِ الْمِحْرَابَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِقَامَةِ انْتَهَى مِنْ شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يَرْفَعُ أَحَدٌ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ.
[فَرْعٌ وَيُحْرِمُ الْإِمَامُ بَعْدَ اسْتِوَاءِ الصُّفُوفِ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ وَيُحْرِمُ الْإِمَامُ بَعْدَ اسْتِوَاءِ الصُّفُوفِ وَيَرْفُقُ بِهِمْ وَيُشْرِكُهُمْ فِي دُعَائِهِ، قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِهِ أَمَّا إحْرَامُهُ بَعْدَ اسْتِوَاءِ الصُّفُوفِ فَمُسْتَحَبٌّ، فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَرَكَ الْمُسْتَحَبَّ فَقَطْ، وَأَمَّا رِفْقُهُ بِهِمْ فَلِأَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام بِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ وَأَمَرَ عليه الصلاة والسلام أَنْ يُشْرِكَهُمْ فِي دُعَائِهِ، وَرُوِيَ " إنْ لَمْ يُشْرِكْهُمْ فِيهِ فَقَدْ خَانَهُمْ " انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق أَيْضًا - خَاتِمَةٌ - مِنْ جَهْلِ الْإِمَامِ الْمُبَادَرَةُ لِلْمِحْرَابِ قَبْلَ تَمَامِ الْإِقَامَةِ وَالتَّعَمُّقُ فِي الْمِحْرَابِ بَعْدَ دُخُولِهِ وَالتَّنَفُّلُ بِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَكَذَا الْإِقَامَةُ بِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا خِلَافَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الدُّعَاءِ خَلْفَ الصَّلَاةِ فَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام -
«أَسْمَعُ الدُّعَاءِ جَوْفُ اللَّيْلِ وَإِدْبَارُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ» .
وَخَرَّجَ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «لَا يَجْتَمِعُ قَوْمٌ مُسْلِمُونَ فَيَدْعُو بَعْضُهُمْ وَيُؤَمِّنُ بَعْضُهُمْ إلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى دُعَاءَهُمْ» ، وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ كَوْنَ الدُّعَاءِ بَعْدَهَا عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَعْهُودَةِ مِنْ تَأْمِينِ الْمُؤَذِّنِ بِوَجْهٍ خَاصٍّ وَأَجَازَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ، وَقَدْ أَلَّفَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيُّ فِيهِ وَرَامَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَصْحَابُهُ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ، وَذَكَرَ ابْنُ نَاجِي الْكَرَاهَةَ عَنْ الْقَرَافِيِّ.
ثُمَّ قَالَ وَاسْتَمَرَّ الْعَمَلُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِأَفْرِيقِيَّةِ، وَكَانَ بَعْضُ مَنْ لَقِيتُهُ يَنْصُرُهُ، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْجَامِعِ وَسُئِلَ عِزُّ الدِّين عَنْ الْمُصَافَحَةِ عَقِبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ أَمُسْتَحَبَّةٌ أَمْ لَا؟ وَالدُّعَاءُ عَقِيبَ السَّلَامِ مُسْتَحَبٌّ لِلْإِمَامِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أَمْ لَا؟ وَعَلَى الِاسْتِحْبَابِ فَهَلْ يَلْتَفِتُ وَيَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ أَمْ يَدْعُو مُسْتَقْبِلًا لَهَا؟ وَهَلْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ أَوْ يَخْفِضُ؟ وَهَلْ يَرْفَعُ الْيَدَ أَمْ لَا فِي غَيْرِ الْمَوَاطِنِ الَّتِي ثَبَتَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَهُ فِيهَا؟ (فَأَجَابَ) الْمُصَافَحَةُ عَقِيبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ مِنْ الْبِدَعِ إلَّا لِقَادِمٍ يَجْتَمِعُ بِمَنْ يُصَافِحُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمُصَافَحَةَ مَشْرُوعَةٌ عِنْدَ الْقُدُومِ، وَكَانَ عليه الصلاة والسلام يَأْتِي بَعْدَ السَّلَامِ بِالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ وَيَسْتَغْفِرُ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ:«رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ» .
وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي اتِّبَاعِ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام، وَقَدْ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْصَرِفَ عَقِبَ السَّلَامِ انْتَهَى. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي: قَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ: إذَا نَزَلَ بِالنَّاسِ نَائِبَةٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ بِالدُّعَاءِ وَرَفْعِ الْأَيْدِي انْتَهَى.
ص (لَا الْمُسَاوَقَةُ)
ش: قَالَ الشَّارِحُ: الْمُسَاوَقَةُ أَنْ تَكُونَ أَفْعَالُ الْمَأْمُومِ تَابِعَةً لِأَفْعَالِ الْإِمَامِ وَمِنْهُمْ مِنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالْمُلَاحَقَةِ انْتَهَى. وَيُشِيرُ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَيَانِ، وَنَصُّهُ: وَإِنْ ابْتَدَأَهُ بَعْدَهُ فَأَتَمَّهَا مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يُحْرِمَ الْمَأْمُومُ حَتَّى يَسْكُتَ الْإِمَامُ قَالَهُ مَالِكٌ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: إذَا لَمْ يَسْبِقْهُ إمَامُهُ بِحَرْفٍ بَطَلَتْ، ثُمَّ قَالَ قُلْت مَفْهُومُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ: إنْ بَدَأَ بَعْدَ بَدْئِهِ التَّكْبِيرَ صَحَّ، وَإِنْ أَتَمَّ مَعَهُ، وَعُمُومُ مَفْهُومِ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: إنْ لَمْ يَسْبِقْهُ إمَامُهُ بِحَرْفٍ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ فِي التَّمَامِ، وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ كُلُّ التَّكْبِيرِ لَا بَعْضُهُ انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَتَأَخَّرَ عَنْهُ أَيْ تَأَخَّرَ عَنْ الْإِمَامِ الْمَأْمُومُ فِي التَّمَامِ وَمَا قَالَهُ مِنْ الْبُطْلَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْبِسَاطِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا أَتَمَّهَا قَبْلَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِابْتِدَاءَ بَعْدَهُ كَافٍ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي الْجَلَّابِ إنْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ فِي أَضْعَافِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ لَمْ يُجِزْهُ انْتَهَى.
ص (لَكِنَّ سَبْقَهُ مَمْنُوعٌ)
ش: قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الصَّلَاةِ: الْمَنْصُوصُ عِنْدَنَا إنْ سَبَقَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ بِفِعْلِ الرُّكْنِ وَعَقَدَهُ قَبْلَهُ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ، وَإِنْ كَانَ يَلْحَقُهُ الْإِمَامُ قَبْلَ كَمَالِهِ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ الصِّحَّةُ وَهِيَ عِنْدِي تَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحَرَكَةِ إلَى الْأَرْكَانِ هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ لِنَفْسِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا؟ فَلَا تُجْزِئُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي انْتَهَى. وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَتِهِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَفْلَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي تَرْجَمَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ وَالْكَبِيرِ مَا نَصُّهُ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْأَعْمَى يُصَلِّي خَلْفَ الْإِمَامِ فَيَرْكَعُ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ سُجُودِهِ وَيُسَبَّحُ بِهِ فَلَا يَفْطِنُ حَتَّى إذَا قَضَى صَلَاتَهُ أُخْبِرَ بِذَلِكَ، قَالَ يَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ انْتَهَى.
وَمِنْ الْبُرْزُلِيِّ أَيْضًا فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ مَسْأَلَةُ مَنْ ظَنَّ أَنَّ إمَامَهُ رَكَعَ فَرَكَعَ، ثُمَّ رَكَعَ إمَامُهُ فَمَنْ أَعَادَ رُكُوعَهُ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَقِيَ رَاكِعًا حَتَّى لَحِقَهُ الْإِمَامُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ، وَلَمْ يُعِدْ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ.
(قُلْت) لِأَنَّهُ عَقَدَ رُكْنًا فِي نَفْسِ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَهُ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فَإِذَا رَكَعَ قَبْلَهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ مِنْ
الرُّكُوعِ مَعَهُ قَدْرَ الْوَاجِبِ فَهُوَ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُنْتَقَى، فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ إمَامِهِ سَاهِيًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ أَوْ بَعْدَ رُكُوعِهِ، فَإِنْ رَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِهِ فَعَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِاتِّبَاعِ إمَامِهِ إنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ النَّاعِسِ وَالْغَافِلِ يَفُوتُهُ الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ فَيَتْبَعُهُ مَا لَمْ يَفُتْ، فَإِنْ وَقَعَ مِنْ رُكُوعِهِ فَقَدْ تَبِعَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعِهِ بِمِقْدَارِ فَرْضِهِ أَوْ رَفَعَ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ، فَإِنْ رَفَعَ قَبْلَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ عِنْدِي حُكْمُ مَنْ رَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَبِعَ الْإِمَامَ فِي مِقْدَارِ الْفَرْضِ فَرُكُوعُهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبِعَ أَمَامَهُ فِي فَرْضِهِ، ثُمَّ قَالَ - مَسْأَلَةٌ - وَهَذَا فِي الرَّفْعِ، فَأَمَّا الْخَفْضُ قَبْلَ الْإِمَامِ لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الرُّكُوعُ أَوْ السُّجُودُ، فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا مِقْدَارَ فَرْضِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ فِي خَفْضِهِ قَبْلَ الْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا مِقْدَارَ فَرْضِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ لِاتِّبَاعِ إمَامِهِ بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ انْتَهَى.
وَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ قِيلَ لِسَحْنُونٍ: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ فَيَسْجُدُ قَبْلَهُ وَيَرْكَعُ قَبْلَهُ فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا قَالَ صَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَقَدْ أَخْطَأَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَلَوْ بَعْدُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا إذَا سَجَدَ قَبْلَهُ وَرَكَعَ قَبْلَهُ فَأَدْرَكَهُ الْإِمَامُ بِسُجُودِهِ وَرُكُوعِهِ، وَهُوَ رَاكِعٌ وَسَاجِدٌ فَرَفَعَ بِرَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ رَفَعَ قَبْلَهُ، وَأَمَّا إنْ رَكَعَ وَرَفَعَ وَالْإِمَامُ وَاقِفٌ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ وَيَسْجُدَ وَرَفَعَ مِنْ السُّجُودِ أَيْضًا قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ الْإِمَامُ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مَعَ الْإِمَامِ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَفَعَلَ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا فَلَا صَلَاةَ لَهُ، وَاخْتُلِفَ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَقِيلَ: تُجْزِئُهُ الرَّكْعَةُ، وَقِيلَ لَا تُجْزِئُهُ، وَقَدْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ فَيَأْتِي بِهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى.
ص (وَأَمْرُ الرَّافِعِ بِعَوْدِهِ إنْ عَلِمَ إدْرَاكَهُ قَبْلَ رَفْعِهِ لَا إنْ خَفَضَ)
ش: قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: الَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ نُقُولِهِمْ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ إدْرَاكَ الْإِمَامِ فِيمَا فَارَقَهُ مِنْهُ اسْتَوَى فِي ذَلِكَ الرَّافِعُ وَالْخَافِضُ فِي الْأَمْرِ بِالْعَوْدِ وَلَمْ تَخْتَلِفْ الطُّرُقُ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ طَرِيقَةُ الْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ إدْرَاكَهُ بِخِلَافِ مَا تُعْطِيهِ عِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ مِنْ مُسَاوَاةِ الْخَافِضِ لِلرَّافِعِ فِيمَا إذَا عَلِمَ إدْرَاكَ إمَامِهِ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ، قَالَ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَسَأَلْتُهُ عَنْ الَّذِي يَسْبِقُ الْإِمَامَ بِالسُّجُودِ، ثُمَّ يَسْجُدُ الْإِمَامُ، وَهُوَ سَاجِدٌ أَيَثْبُتُ عَلَى سُجُودِهِ أَمْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى يَكُونَ سُجُودُهُ بَعْدَ الْإِمَامِ فَقَالَ: بَلْ يَثْبُتُ كَمَا هُوَ عَلَى سُجُودِهِ إذَا أَدْرَكَهُ الْإِمَامُ، وَهُوَ سَاجِدٌ، قَالَ الْقَاضِي وَمِثْلُ هَذَا الَّذِي يَسْبِقُ الْإِمَامَ بِلَا رُكُوعٍ يَرْجِعُ مَا لَمْ يَرْكَعْ الْإِمَامُ، فَإِنْ رَكَعَ الْإِمَامُ، وَهُوَ رَاكِعٌ ثَبَتَ عَلَى رُكُوعِهِ، وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى يَكُونَ رُكُوعُهُ بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ وَلَا كَلَامَ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ إذَا سَبَقَ الْإِمَامَ بِالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ فَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يَسْبِقُ الْإِمَامَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَرْجِعُ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا حَتَّى يَكُونَ رَفْعُهُ مَعَ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَلْحَقَهُ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ فَيَثْبُتُ مَعَهُ بِحَالِهِ وَلَا يَعُودُ إلَى الرُّكُوعِ وَلَا إلَى السُّجُودِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ الشُّيُوخِ عَلَى أَنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ رَأَيْت لَهُ نَحْوَهُ فِي النَّوَادِرِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى.
(فَائِدَةٌ) وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ» قَالَ الدَّمِيرِيُّ فِي شَرْحِ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ؟ هَذَا التَّحْوِيلُ يَقْتَضِي تَغْيِيرَ الصُّورَةَ الظَّاهِرَةَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَمْرٍ مَعْنَوِيٍّ عَلَى سَبِيلٍ مَجَازِيٍّ فَإِنَّ الْحِمَارَ مَوْصُوفٌ بِالْبَلَادَةِ وَيُسْتَعَارُ هَذَا الْمَعْنَى لِلْجَاهِلِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ، قَالَ وَرُبَّمَا يُرَجِّحُ هَذَا الْمَجَازُ بِأَنَّ التَّحْوِيلَ فِي الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ لَمْ يَقَعْ مَعَ كَثْرَةِ