الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، انْتَهَى، وَقَوْلُهُ عَنْ أَصْلِهِ لَعَلَّهُ عَلَى أَصْلِهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصَلِّ مصارف الزَّكَاةِ]
ص (فَصْلٌ وَمَصْرِفُهَا فَقِيرٌ وَمِسْكِينٌ وَهُوَ أَحْوَجُ)
ش: (فَرْعٌ) إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فَالْإِجْمَاع عَلَى أَنَّهَا تُعْطَى لَهُمْ وَتُجْزِئُ، وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الْأَصْنَافُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهَا بَلْ لَوْ أُعْطِيت لِصِنْفٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ نَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ: صَرْفُهَا فِي أَحَدِهَا غَيْرِ الْعَامِلِ مُجْزِئٌ عَلَى إطْلَاقِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالشَّامِلِ وَالْقَرَافِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّنْبِيهِ الرَّابِعِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنُدِبَ إيثَارُ الْمُضْطَرِّ دُونَ عُمُومِ الْأَصْنَافِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَصُدِّقَا إلَّا لِرِيبَةٍ)
ش: قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَصُدِّقَ مَنْ ادَّعَاهُمَا أَيْ الْفَقْرَ وَالْمَسْكَنَةَ إلَّا لِرِيبَةٍ وَبَيَّنَ ذَهَابَ مَالٍ عُرِفَ بِهِ، وَإِنْ ادَّعَى عِيَالًا لِيَأْخُذَ لَهُمْ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَكَانِ كَشَفَ عَنْهُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِنْ ادَّعَى دَيْنًا بِبَيِّنَةٍ مَعَ عَجْزِهِ عَنْهُ، انْتَهَى. وَفِي الذَّخِيرَةِ فِي الْحُكْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَحْكَامِ الصَّرْفِ فِي الْإِثْبَاتِ، وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا خَفِيَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ كَالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ صُدِّقَ مَا لَمْ يَشْهَدْ ظَاهِرُهُ بِخِلَافِهِ، أَوْ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْمَوْضِعِ وَيُمْكِنُ الْكَشْفُ عَنْهُ فَيُكْشَفُ، وَالْغَازِي مَعْلُومٌ بِفِعْلِهِ فَإِنْ أُعْطِيَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُوَفِّ اسْتَرَدَّ وَيُطَالِبُ الْغَارِمَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ وَالْعُسْرِ إنْ كَانَ مِنْ مُبَايَعَةٍ إلَّا إذَا كَانَ طَعَامَ أَكْلِهِ، وَابْنُ السَّبِيلِ يُكْتَفَى فِيهِ بِهَيْئَةِ الْفَقْرِ، انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ أَصْلُهُ لِلَّخْمِيِّ وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَعَدَمُ كِفَايَةٍ بِقَلِيلٍ أَوْ إنْفَاقٍ أَوْ صَنْعَةٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَنْ يَكُونَ عَادِمًا لِلْكِفَايَةِ: إمَّا بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ أَصْلًا وَلَا لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ صَنْعَةٌ، أَوْ
يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ قَلِيلٌ لَا يَكْفِيهِ أَوْ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ نَفَقَةً لَا تَكْفِيهِ أَوْ لَهُ صَنْعَةٌ لَا كِفَايَةَ لَهُ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْهَا، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا أَيْ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ اتِّفَاقًا وَأَنْ لَا يَكُونَ مِمَّنْ تَلْزَمُ نَفَقَتُهُ مَلِيًّا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ لَا تَلْزَمُ وَلَكِنَّهُ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي أَنَّهُ يَلْحَقُ الْمُلْتَزِمَ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ بِمَنْ تَلْزَمُهُ فِي الْأَصْلِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْتِزَامُهُ لَهَا صَرِيحًا أَوْ بِمُقْتَضَى الْحَالِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ قَرَابَتِهِ أَوْ لَا، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ انْقَطَعَتْ النَّفَقَةُ أَوْ الْكِسْوَةُ عَنْ أَحَدِ الشَّخْصَيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ لَهُ مِنْ الزَّكَاةِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَلِيءُ يُجْرِيهَا عَلَيْهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ بِالْحُكْمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا لَوْ كَانَ الْمَلِيءُ لَا يُمْكِنُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَوْ تَعَذَّرَ الْحُكْمُ، انْتَهَى. وَفِي الْبُرْزُلِيِّ عَنْ السُّيُورِيِّ: مَنْ لَهُ وَلَدٌ غَنِيٌّ وَأَبَى مِنْ طَلَبِ نَفَقَتِهِ مِنْهُ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ الْبُرْزُلِيُّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالْحُكْمِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى الْعَكْسِ فَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، انْتَهَى. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا كَانَ رَجُلٌ فَقِيرٌ وَلَهُ أَبٌ غَنِيٌّ لَا يَنَالُهُ رِفْقُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَ يَنَالُهُ رِفْقُهُ فَغَيْرُهُ مِمَّنْ لَا يَنَالُهُ رِفْقُ أَحَدٍ أَوْلَى أَنْ يُؤْثَرَ، انْتَهَى. فَقَوْلُهُ " أَوْلَى أَنْ يُؤْثَرَ يَدُلُّ " عَلَى أَنَّهُ يُعْطَى وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " يَنَالُهُ رِفْقُهُ " يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ مُلْتَزِمًا لَهُ بِالْكِفَايَةِ فَلَوْ الْتَزَمَ لَهُ بِالْكِفَايَةِ لَمْ يُعْطَ.
(الثَّانِي) ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ مَنْ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيَكْسُوهُ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى ضَرُورِيَّاتٍ أُخَرَ لَا يَقُومُ لَهُ بِهَا الْمُنْفِقُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْطَى بِقَدْرِ مَا يَسُدُّ بِهِ ضَرُورِيَّاتِهِ الشَّرْعِيَّةَ فَقَدْ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَسُئِلَ السُّيُورِيُّ عَنْ كَافِلِ يَتِيمَةٍ تَخْدُمُهُ وَهُوَ يُطْعِمُهَا وَيَكْسُوهَا، هَلْ تُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مَا تَرْتَفِقُ بِهِ فِي كِسْوَتِهَا أَوْ تَتَجَمَّلُ بِهِ فِي الْعِيدِ أَوْ مَتَى تَزَوَّجَتْ؟ فَقَالَ لِلسَّائِلِ لَيْسَ عَنْ مِثْلِ هَذَا تَسْأَلُنِي مَعَ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي عِنْدَك فَلَعَلَّهَا مَعْلُومَةٌ، وَمَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ مَوْجُودٌ عِنْدَكَ الْبُرْزُلِيُّ لَمْ يُعْطِهِ جَوَابًا وَأَحَالَهُ عَلَى مَا قَيَّدَهُ، وَاَلَّذِي سَمِعْت عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا وَأَظُنُّ أَنَّى قَيَّدْتُهُ مِنْهُ أَنَّهَا تُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مَا يَصْلُحُهَا مِنْ ضَرُورِيَّاتِ النِّكَاحِ، وَالْأَمْرِ الَّذِي يَرَاهُ الْقَاضِي حَسَنًا فِي حَقِّ الْمَحْجُورِ، قَالَ: وَالصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمَفْرُوضَةِ أَنَّهُ إنْ قَابَلَ بِشَيْءٍ مِنْ الزَّكَاةِ خِدْمَتَهَا فَلَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ يَصُونُ بِهَا مَالَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقَابِلْ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَخْدُمْهُ لَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا فَلَا تُعْطَى أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ غَيْرُهَا أَشَدَّ حَاجَةً مِنْهَا فَلَا يُعْطِيهَا، وَإِنْ اسْتَوَتْ الْحَاجَةُ فَغَيْرُهَا مِمَّنْ يَصْرِفُهَا فِي أَهَمِّ مِمَّا تَصْرِفُهُ هِيَ فِيهِ خَيْرٌ، وَإِنْ اشْتَدَّتْ حَاجَتُهَا عَنْ غَيْرِهَا أُعْطِيت مَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ مِنْ أَسْبَابِ النِّكَاحِ، انْتَهَى. وَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ النَّوَادِرِ فِي قَوْلِهِ " وَدَفَعَ أَكْثَرَ مِنْهُ ".
(الثَّالِثُ) يُعْطَى الْمَحْجُورُ مِنْ الزَّكَاةِ وَتُدْفَعُ لِوَلِيِّهِ وَيُدْفَعُ لَهُ الْقَدْرُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي وَقْتِهِ، قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَسُئِلَ السُّيُورِيُّ عَنْ فَقِيرٍ خَالَطَ عَقْلَهُ شَيْءٌ هَلْ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ؟ ، وَكَذَا قَلِيلُ الصَّلَاةِ؟ فَأَجَابَ مَنْ فَقَدَ عَقْلَهُ سَقَطَتْ الصَّلَاةُ عَنْهُ وَيُعْطَى لِوَلِيِّهِ مِنْ الزَّكَاةِ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي عَقْلِهِ فَيُعَادُ السُّؤَالُ عَلَيْهِ، وَقَلِيلُ الصَّلَاةِ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ الْبُرْزُلِيُّ لَمْ تَجِبْ عَلَى مَنْ يَفْقِدْ عَقْلَهُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، وَجَوَابُهُ إنْ كَانَتْ حَالَتُهُ وَقْتَ الصَّحْوِ كَحَالَةِ الصَّحِيحِ الرَّشِيدِ فَيُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلَا يُضْرَبُ عَلَى يَدَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَضْبِطُ مَالَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَحْجُورِ يُعْطَى الْقَلِيلُ الَّذِي يُضْطَرُّ إلَيْهِ فِي الْحَالِ، وَلِوَلِيِّهِ الْكَثِيرُ يَصْرِفُهُ إلَيْهِ فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَةِ، وَأَمَّا جَوَابُهُ فِي مُضَيِّعِ الصَّلَاةِ فَعَلَى وَجْهِ الشِّدَّةِ، وَلَوْ أَعْطَاهُ لَمَضَى انْتَهَى.
(الرَّابِعُ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَرَوَى الْمُغِيرَةُ لَا يُجْرِيهَا عَلَى الْأَيْتَامِ الْبُرْزُلِيُّ قَيَّدْنَا عَنْ شَيْخِنَا الْإِمَامِ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يُخْرِجَهَا لَهُمْ كِسْوَةً وَطَعَامًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إخْرَاجِ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ، وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَهَا
بِعَيْنِهَا وَعَيَّنَهَا لَهُمْ صَحَّ لَهُ صَرْفُهَا عَلَيْهِمْ، انْتَهَى.
(الْخَامِسُ) قَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى: يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ أَهْلُ الْهَوَى الْخَفِيفِ الَّذِي يُبَدَّعُ صَاحِبُهُ وَلَا يُكَفَّرُ كَتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ الْمُضِلَّةِ كَالْقَدَرِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ وَمَا أَشْبَهَهُمْ فَمَنْ كَفَّرَهُمْ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ لَمْ يُجِزْ أَنْ يُعْطَوْا مِنْ الزَّكَاةِ، وَمَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُمْ أَجَازَ أَنْ يُعْطَوْا مِنْهَا إذَا نَزَلَتْ بِهِمْ حَاجَةٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَمِنْ الْبِدَعِ مَا لَا يُخْتَلَفُ فِي أَنَّهُ كُفْرٌ، كَمَنْ يَقُولُ: إنَّ عَلِيًّا هُوَ النَّبِيُّ وَأَخْطَأَ جِبْرِيلُ.
وَمَنْ يَقُولُ: فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولَانِ نَاطِقٌ وَصَامِتٌ وَكَانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم نَاطِقًا وَعَلِيٌّ صَامِتًا، وَمَنْ يَقُولُ: الْأَئِمَّةُ أَنْبِيَاءٌ يَعْلَمُونَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، فَهَؤُلَاءِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ لَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ بِإِجْمَاعٍ لِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُعْطَى تَارِكُ الصَّلَاةِ مِنْ الزَّكَاةِ، وَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ مَنْ فَعَلَهُ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ أَنَّهُ كَافِرٌ وَهُوَ بَعِيدٌ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ، وَلَمْ يُجِزْ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يُعْطَاهَا تَارِكَ الصَّلَاةِ، وَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ مَنْ فَعَلَهُ، وَهَذَا قَوْلٌ انْفَرَدَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ أَوْلَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَوْا إذَا كَانَ فِيهِمْ الْحَاجَةُ الْبَيِّنَةُ، انْتَهَى. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ جَمِيعَ ذَلِكَ مُخْتَصَرًا، وَنَصَّهُ الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَصْبَغَ: لَا يُعْجِبُنِي إعْطَاؤُهَا ذَا هَوًى إلَّا خَفِيفَهُ الْإِخْوَانُ لَا يُعْطَى ذَا هَوًى وَمَنْ فَعَلَ أَسَاءَ وَأَجْزَأَتْهُ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: يُعْطَى أَهْلُ الْأَهْوَاءِ إنْ احْتَاجُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّ خَفَّ هَوَاهُمْ كَتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى الصَّحَابَةِ وَالْقَدَرِيُّ وَالْخَارِجِيُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَكْفِيرِهِمْ.
وَمَنَعَهَا ابْنُ حَبِيبٍ غَيْرَ الْمُصَلِّي عَلَى أَصْلِهِ " الشَّيْخُ الْمُصَلِّي أَوْلَى مِنْهُ وَيُعْطَى إنْ كَانَ ذَا حَاجَةٍ بَيِّنَةٍ " وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْبُرْزُلِيِّ فِي جَوَابِ السُّيُورِيِّ فِي التَّنْبِيهِ الثَّالِثِ فِي قَلِيلِ الصَّلَاةِ: إنَّهُ لَا يُعْطَى عَلَى وَجْهِ الشِّدَّةِ، وَلَوْ أُعْطِيَ لَمَضَى، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ إثْرَ هَذَا الْكَلَامِ: وَمِثْلُهُ أَهْلُ الْمُجُونِ وَالْمَعَاصِي إذَا كَانُوا يَصْرِفُونَ الزَّكَاةَ فِي مَحِلِّهَا مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِمْ، وَلَوْ كَانُوا يَصْرِفُونَهَا حَيْثُ لَا تُرْضَى غَالِبًا فَلَا تُعْطَى لَهُمْ، وَلَا تُجْزِئُ مَنْ أَعْطَاهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إلَى الْمَعْصِيَةِ وَلَا يُحِلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مَا نَهَى عَنْهُ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُكَفِّرُ تَارِكَ الصَّلَاةِ فَلَا تُجْزِئُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ، وَأَهْلُ الْأَهْوَاءِ يُسْلَكُ بِهِمْ هَذَا الْمَسْلَكُ الَّذِي أَصَّلْنَاهُ.
وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ أَصْبَغَ وَنَقَلَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ بَعْدَ هَذَا: وَدَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى الْأَصْلَحِ حَالًا أَوْلَى مِنْ دَفْعِهَا إلَى سَيِّئِ الْحَالِ إلَّا أَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ الْمَوْتُ فَيُعْطَى، وَإِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْمُعْطَى يُنْفِقُهَا فِي الْمَعْصِيَةِ فَلَا يُعْطَى وَلَا تُجْزِئُ إنْ وَقَعَتْ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي مَسَائِلِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ فِي أَيْتَامٍ تَحِلُّ لَهُمْ زَكَاةٌ لَهُمْ خَادِمٌ غَيْرُ مُصَلٍّ وَلَا مُنْفِقَ فَيُحْرَمُونَ مِنْ أَجْلِهِ؟ فَأَجَابَ يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ وَيَأْكُلُ خَادِمُهُمْ مِنْهَا بِالْإِجَارَةِ، وَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا كَيْفَ شَاءُوا، انْتَهَى.
(السَّادِسُ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ وَجْهِ إخْرَاجِ الصَّدَقَةِ فِي الْأَصْنَافِ: رَوَى عَلِيٌّ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَرْأَةِ يَغِيبُ عَنْهَا زَوْجُهَا غَيْبَةً بَعِيدَةً فَتَحْتَاجُ وَلَا تَجِدُ مُسَلِّفًا فَلْتُعْطَ مِنْهَا، انْتَهَى. يَعْنِي مِنْ الزَّكَاةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ يُعْلَمُ أَنَّ زَوْجَهَا مُوسِرٌ وَإِلَّا فَتُعْطَى وَلَوْ وَجَدَتْ مَنْ يُسَلِّفهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ مُعْسِرًا لَمْ تَلْزَمْهُ النَّفَقَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّابِعُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْبُرْزُلِيّ حُكْمُ أَهْلِ الْمُجُونِ وَمَنْ يَصْرِفُ الزَّكَاةَ فِي الْمَعَاصِي، قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ لَمْ يُعْطَ بِالْفَقْرِ؛ لِأَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي مِثْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ تُعْلَمَ مِنْهُ تَوْبَةٌ أَوْ يُخَافَ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
ص (وَعَدَمُ بُنُوَّةٍ لِهَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الَّذِي يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ عَادِمًا لِبُنُوَّةِ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ أَيْ لَا يَكُونُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَلَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَعَمَّمْنَا هَذَا الشَّرْطَ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَصْنَافِ، وَكَذَلِكَ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ إلَّا الْمُؤَلَّفَةَ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ فِيهِمْ، وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ " الْمُطَّلِبِ " الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ، وَهُوَ أَخُو هَاشِمٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ حَتَّى اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ بُنُوَّةَ هَاشِمٍ كَافِيَةٌ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، بَلْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ: لَمْ يُعْقَبْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ إلَّا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْآلُ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، هُوَ قَوْلٌ عَزَاهُ فِي الْإِكْمَالِ لِبَعْضِ شُيُوخِ الْمَالِكِيَّةِ، وَذَكَرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ، وَلَمْ يَعْزُهُ، وَاقْتَصَرَ عِيَاضٌ عَلَيْهِ فِي قَوَاعِدِهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْوَغْلِيسِيَّةِ: هُوَ الْمَذْهَبُ وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَلَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ بَنُو هَاشِمٍ فَقَطْ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْوَنْشَرِيسِيُّ فِي الْمِعْيَارِ: وَسُئِلَ سَيِّدِي مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ رَجُلٍ شَرِيفٍ هَلْ يواسى بِشَيْءٍ مِنْ الزَّكَاةِ أَوْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ، وَحَالَةُ هَذَا الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرَفَاءِ عِنْدَنَا لَا سِيَّمَا مَنْ لَهُ عِيَالٌ تَحْتَ فَاقَةٍ، فَالْمُرَادُ مَا نَعْتَمِدُهُ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَتِكُمْ فَإِنِّي وَقَفْت عَلَى جَوَابٍ لِلْإِمَامِ ابْنِ عَرَفَةَ قِيلَ فِيهِ: الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُمْ لَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ، وَبِذَلِكَ احْتَجَجْت عَلَى مَنْ تَكَلَّمْت مَعَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ طَلَبَةِ بَلَدِنَا، فَقَالُوا لِي: إنْ وَقَفْنَا عَلَى هَذَا وَشِبْهِهِ مَاتَ الشُّرَفَاءُ وَأَوْلَادُهُمْ وَأَهَالِيهمْ هُزَالًا فَإِنَّ الْخُلَفَاءَ قَصَّرُوا فِي هَذَا الزَّمَانِ فِي حُقُوقِهِمْ، وَنِظَامُ بَيْتِ الْمَالِ وَصَرْفُ مَالِهِ عَلَى مُسْتَحَقِّيهِ فَسَدَ، وَالْأَحْسَنُ عِنْدِي أَنْ يُرْتَكَبَ فِي هَذَا أَخَفُّ الضَّرَرَيْنِ، وَلَا يُنْظَرُ فِي حَفَدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَمُوتُوا جُوعًا فَعَارَضَنِي بِمَا (قُلْتُ) لَكُمْ وَبِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ ابْنُ بَشِيرٍ فِي ذَلِكَ فِي الْأَجْوِبَةِ فَأَجَابَ: الْمَسْأَلَةُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا كَمَا عَلِمْتُمْ، وَالرَّاجِحُ عِنْدِي فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يُعْطَى وَرُبَّمَا كَانَ إعْطَاؤُهُ أَفْضَلَ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَازُونِيَّةِ وَعَنْهُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ، وَعَبْدُ مَنَافٍ اسْمُهُ الْمُغِيرَةُ، وَمَنَافٌ اسْمُ صَنَمٍ أُضِيفَ " عَبْدُ " إلَيْهِ وَلَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ أَرْبَعَةٌ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ أَشِقَّاءُ، وَالرَّابِعُ نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَحَسَبٍ عَلَى عَدِيمٍ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ فَقِيرٍ فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَحْسِبَهُ عَلَيْهِ فِي زَكَاتِهِ، قَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّهُ تَاوٍ وَلَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ لَهُ قِيمَةُ دُونٍ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يُجْزِئُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ لَا يُعْجِبُنِي عَلَى الْمَنْعِ، وَقَوْلُ الْغَيْرِ تَفْسِيرٌ وَتَتْمِيمٌ، قَالَ: وَفِي الْحَوَاشِي عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا لَمْ يَكُنْ تَاوِيًا يُحْسَبُ عَلَيْهِ فِي زَكَاتِهِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ دَارٌ وَخَادِمٌ إذْ لَوْ قَامَ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْغَرِيمِ لَبِيعَتْ لَهُ الدَّارُ وَالْخَادِمُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: عَلَى يَتِيمَةٍ رُبْعُ دِينَارٍ يُحْتَسَبُ بِهِ فِي مَهْرِهَا وَيَتَزَوَّجُهَا الشَّيْخُ، وَهَذَا غَيْرُ بَيِّنٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ تَاوِيًا فَإِنَّ قِيمَتَهُ دُونٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ، وَقِيمَتُهُ دُونٌ إذْ هُوَ كَالْعَرْضِ فَلَا يَحْسُبُهُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَهُ عَلَى يَتِيمَةٍ رُبْعُ دِينَارٍ لَا يُحْتَسَبُ بِهِ عَلَيْهَا فِي مَهْرِهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ النِّصَابِ، انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ لِقَوْلِهِ " عَلَى عَدِيمٍ " مَفْهُومٌ لِمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَالتَّاوِي: الْهَالِكُ، وَقَالَ الْمَشَذَّالِيُّ: أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ، وَقَدْ أَخَذَ بِهِ رَهْنًا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ لَهُ فِي زَكَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَاوٍ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَكَذَا عِنْدِي لَوْ أَعَارَ رَجُلٌ شَيْئًا لِمَنْ يَرْهَنُهُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا يَفُكُّ بِهِ مَا أَعَارَهُ وَلَا يُتَّهَمُ أَنَّهُ قَصَدَ نَفْعًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفَيْنِ، انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الشَّيْخ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَا يُحْسَبُ فِي دَيْنٍ عَلَى فَقِيرٍ، وَمَنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ الْمَنْعِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ، انْتَهَى.
ص (وَجَازَ لِمَوْلَاهُمْ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالشَّاذُّ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ نَافِعٍ وَأَصْبَغَ، ثُمَّ قَالَ: وَأَخَذَ اللَّخْمِيُّ بِقَوْلِ أَصْبَغَ لِحَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ:«بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اصْحَبْنِي فِيمَا نُصِيبُ مِنْهَا، فَقَالَ: لَا حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْأَلَهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لَنَا وَلَا لِمَوَالِينَا»