الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَقْصُودَةٌ أَمْ لَا؟ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ جَلَسَ فَإِنْ كَانَ جَلَسَ أَوَّلًا خَرَّ سَاجِدًا مِنْ جُلُوسٍ اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
(قُلْت) مَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْدَهُ فِيهَا: عَرَضْتُهُ عَلَى بَعْضِ شُيُوخِنَا مِنْ الْقَرَوِيِّينَ فَاعْتَرَضَهُ، وَقَالَ: إنَّهُ وَإِنْ أَتَى بِالْجُلُوسِ فِي تَشَهُّدِهِ فَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْحَطَّ لِلسَّجْدَةِ مِنْ جُلُوسٍ فَإِنْ أَخَّرَ وَلَمْ يَجْلِسْ فَقَدْ أَسْقَطَ الْجُلُوسَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَفْعَلَ السَّجْدَةَ مِنْهُ، وَهَذَا الَّذِي قَالَ كَذَا عِنْدِي لَهُ وَجْهٌ، انْتَهَى. وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَصَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ يَنْحَطُّ فِيهَا مِنْ قِيَامٍ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) فَإِنْ ذَكَرَ السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ أَوْ كَانَ تَرَكَ الرُّكُوعَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَانْحَطَّ لِسُجُودِهَا فَذَكَرَ سَجْدَتَيْ الْأُولَى وَهُوَ سَاجِدٌ فَذَكَرَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ وَتَهْذِيبِهِ وَفِي التَّعْقِيبِ عَلَى التَّهْذِيبِ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِلْقِيَامِ لِيَأْتِيَ بِالسَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ مُنْحَطٌّ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ عَلَى حَالِهِ يَعْنِي مِنْ جُلُوسٍ أَوْ سُجُودٍ فَقَدْ نَقَصَ الِانْحِطَاطَ فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ إذَا تَرَكَ ذَلِكَ سَهْوًا وَنَقَلَهُ فِي التَّهْذِيبِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَنَقَلَهُ فِي النُّكَتِ وَالتَّعْقِيبِ عَنْ بَعْض شُيُوخِهِ الْقَرَوِيِّينَ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَاخْتُلِفَ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ إلَّا وَهُوَ رَاكِعٌ فِي الثَّانِيَةِ هَلْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ لِيَخِرَّ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ لَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحَرَكَاتِ هَلْ هِيَ مَقْصُودَةٌ أَمْ لَا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ ذَكَرَ فِي خَفْضِ رُكُوعِهِ سُجُودًا فَفِي انْحِطَاطِهِ لَهُ مِنْهُ أَوْ بَعْدَ قِيَامِهِ نَقْلًا اللَّخْمِيُّ، وَرَجَّحَ الثَّانِيَ وَالْأَوَّلَ سَمَاعُ الْقَرِينَيْنِ، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّعْقِيب وَفِي كِتَابِ التَّهْذِيبِ أَيْضًا: إنَّهُ إذَا نَسِيَ السَّجْدَتَيْنِ مِنْ الْأُولَى ثُمَّ تَذَكَّرَ وَهُوَ رَاكِعٌ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ بِنِيَّةِ إصْلَاحِ الْأُولَى فَيَنْحَطُّ لِلسَّجْدَتَيْنِ مِنْ قِيَامٍ وَلَا يَضُرُّهُ رَفْعُ رَأْسِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَلَا يَكُونُ عَقْدًا لَهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَفَعَهُ بِنِيَّةِ إصْلَاحِ الْأُولَى فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَهَا عَنْ ذَلِكَ وَانْحَطَّ لِلسَّجْدَتَيْنِ مِنْ رُكُوعِهِ فَلْيَسْجُدْ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ ذَلِكَ الْقِيَامَ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الِانْحِطَاطَ لِلسَّجْدَتَيْنِ مِنْ الْقِيَامِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَأَنَّهُ لَوْ انْحَطَّ أَوَّلًا لِلسُّجُودِ ثُمَّ سَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ مِنْ جُلُوسٍ أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْجُزُولِيُّ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عَمْرٍو الْأَقْفَهْسِيُّ وَغَيْرُهُمْ فِي شَرْحِ قَوْلِ الشَّيْخِ فِي الرِّسَالَةِ ثُمَّ تَهْوِي سَاجِدًا لَا تَجْلِسُ إنَّهُ إذَا جَلَسَ ثُمَّ سَجَدَ فَإِنْ كَانَ عَامِدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَإِنْ كَانَ سَهْوًا فَقِيلَ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَقِيلَ لَا يَسْجُدُ، وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق هَذَا الْجُلُوسُ إنْ وَقَعَ سَهْوًا وَلَمْ يَطُلْ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ طَالَ سَجَدَ لَهُ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا اُخْتُلِفَ فِيهِ وَالْمَشْهُورُ إنْ لَمْ يَطُلْ لَمْ يَضُرَّ وَالْمُتَأَوِّلُ عَلَى تَأْوِيلِهِ، انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ سَهْوًا وَلَمْ يَطُلْ لَمْ يَضُرَّ، غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ لِتَرْكِهِ الِانْحِطَاطَ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ لَا لِلْجُلُوسِ فَتَأَمَّلْهُ وَصَرَّحَ كَرَامُو فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ جُلُوسَهُ قَبْلَ السُّجُودِ مَكْرُوهٌ وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْفَاكِهَانِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[تَنْبِيه قِيَامِ الْإِمَامِ لِلْقُنُوتِ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ]
(تَنْبِيهٌ) إذَا عُلِمَ هَذَا فَهُنَا فُرُوعٌ تَقَعُ عِنْدَ قِيَامِ الْإِمَامِ لِلْقُنُوتِ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ لَا سِيَّمَا إذَا قَنَتَ الشَّافِعِيَّةُ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ لِنَازِلَةٍ وَنَحْوِهَا فَيَقَعُ لِلْمَأْمُومِينَ السَّهْوُ فِي ذَلِكَ فَيَسْجُدُونَ قَبْلَ الْإِمَامِ ثُمَّ تَخْتَلِفُ أَحْوَالُهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَنَبَّهُ لِذَلِكَ فَيَرْجِعُ فَيَقِفُ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَسْجُدَ مَعَهُ وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ لَا إنْ خَفَضَ إنَّ الْمَطْلُوبَ اسْتِمْرَارُ الْمَأْمُومِ عَلَى السُّجُودِ حَتَّى يَلْحَقَهُ الْإِمَامُ فَقَدْ بَيَّنَّا هُنَاكَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْإِمَامُ الْإِمَامَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ غَازِيٍّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِرُّ سَاجِدًا حَتَّى يَلْحَقَهُ الْإِمَامُ فَيَسْجُدَ مَعَهُ ثُمَّ يَرْفَعَ بِرَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ، وَهَذَا صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْطَأَ فِي اسْتِمْرَارِهِ عَلَى السُّجُودِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ سُجُودِ الْإِمَامِ وَيَسْتَمِرُّ جَالِسًا حَتَّى يَسْجُدَ الْإِمَامُ فَيُعِيدَ السُّجُودَ مَعَهُ مِنْ جُلُوسٍ وَهَذَا أَيْضًا صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَقَصَ الِانْحِطَاطَ لِلسَّجْدَتَيْنِ مِنْ جُلُوسٍ فَالْإِمَامُ يَحْمِلُ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ
مَنْ يَكْتَفِي بِسُجُودِهِ الَّذِي يَسْجُدُهُ قَبْلَ الْإِمَامِ فَهَذَا لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ السُّجُودُ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا سَبَقَ الْإِمَامَ بِرُكْنٍ وَعَقَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهُ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَإِنْ نَبَّهَهُ أَحَدٌ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ حَتَّى سَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبَطَلَ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ الْأُوَلِ)
ش: وَكَذَا لَوْ تَرَكَ الثَّمَانِ سَجَدَاتٍ فَإِنَّهُ يُصْلِحُ الرَّابِعَةَ وَتَبْطُلُ الثَّلَاثُ رَكَعَاتٍ الْأُوَلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَالتَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِمَا وَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِكَثْرَةِ السَّهْوِ أَمْ لَا؟ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ إنْ لَمْ يَزِدْ مِثْلَهَا، وَهَذَا إذَا تَذَكَّرَ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ سَلَّمَ مِنْ الرَّابِعَةِ فَاتَ التَّدَارُكُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ زَادَ أَرْبَعًا سَهْوًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى بِبُطْلَانِهَا لِفَذٍّ وَإِمَامٍ)
ش: لَمَّا بَيَّنَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ تَرْكَ الرُّكْنِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ إذَا طَالَ، وَأَنَّهُ يَتَدَارَكُهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَلَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً فَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ أَوْ عَقَدَ الرُّكُوعَ فَاتَ التَّدَارُكُ فَإِذَا فَاتَ فَمَا يَفْعَلُ الْمُصَلِّي؟ فَقَالَ: إنْ فَاتَ بِالسَّلَامِ بَنَى إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ بِإِحْرَامٍ وَجَلَسَ لَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ فَبَيَّنَ كَيْفِيَّةَ مَا يَفْعَلُ إذَا فَاتَ التَّدَارُكُ بِعَقْدِ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِي تِلْكَ الرَّكْعَةَ، فَقَالَ: وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى يَعْنِي وَالثَّالِثَةُ ثَانِيَةً وَالرَّابِعَةُ ثَالِثَةً بِبُطْلَانِهَا لِفَذٍّ وَإِمَامٍ يَعْنِي أَنَّ انْقِلَابَ الرَّكَعَاتِ إنَّمَا هُوَ لِلْإِمَامِ وَالْفَذِّ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا تَنْقَلِبُ الرَّكَعَاتُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ بَلْ إذَا فَاتَتْ الْأُولَى يَصِيرُ كَالْمَسْبُوقِ كَمَا سَيَقُولُهُ الْمُصَنِّفُ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ وَقَضَى رَكْعَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ)(شَكَّ) ش: الْمُصَلِّي. ص (فِي سَجْدَةٍ لَمْ يَدْرِ مَحِلَّهَا)
ش: وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ تَرَكَهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَذَّكَّرَ وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ فِي قِيَامِ الثَّالِثَةِ أَوْ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ أَوْ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ يَسْجُدَهَا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ.
ص (سَجَدَهَا)
ش: أَيْ فِي أَيِّ صُورَةٍ كَانَ ثُمَّ لَا يَخْلُو فَإِنْ كَانَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ قَامَ فَأَتَى بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَتَكُونُ ثَانِيَةً لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ السَّجْدَةُ مِنْ الْأُولَى فَتَبْطُلُ وَتَصِيرُ الثَّانِيَةُ أُولَى وَهَذِهِ الَّتِي أَتَى بِهَا ثَانِيَةً فَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُؤَلِّفُ وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الصُّوَرِ فَقَالَ:
ص (وَفِي الْأَخِيرَةِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ)
ش: يَعْنِي فَإِنْ ذَكَرَ السَّجْدَةَ فِي الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ الرَّابِعَةِ، ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ لِرُجُوعِ الثَّانِيَةِ أُولَى، وَالثَّالِثَةِ ثَانِيَةً، وَالرَّابِعَةِ ثَالِثَةً، وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ. هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ: يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، ثُمَّ قَالَ:
ص (وَقِيَامُ ثَالِثَتِهِ بِثَلَاثٍ)
ش: أَيْ وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي قِيَامِ ثَالِثَةٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ قِيَامٍ إنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ جَلَسَ وَإِلَّا جَلَسَ ثُمَّ سَجَدَهَا قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَسَجْدَةً، يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَلَا يَجْلِسُ وَلَا يَتَشَهَّدُ فَيَأْتِي بِثَلَاثٍ الْأُولَى مِنْهُنَّ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ اثْنَتَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: يَسْجُدُ السَّجْدَةَ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَأْتِي بِثَلَاثٍ، وَقِيلَ: لَا يَسْجُدُ بَلْ يَبْنِي عَلَى رَكْعَةٍ فَقَطْ وَيَأْتِي بِثَلَاثٍ، ثُمَّ قَالَ
ص (وَرَابِعَتِهِ بِرَكْعَتَيْنِ وَتَشَهُّدٍ)
ش: يَعْنِي وَإِنْ ذَكَرَ السَّجْدَةَ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُهَا
وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ مِنْ الثَّالِثَةِ الَّتِي صَارَتْ ثَانِيَةً قَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَعَنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ سَحْنُونٌ.
ص (وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً) ش: أَيْ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَسَهَا عَنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ. ص (وَقَامَ لَمْ يُتْبَعْ)
ش: أَيْ لَا يَتَّبِعُهُ مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ الْمَأْمُومِينَ.
ص (وَسُبِّحَ بِهِ)
ش: لِيَرْجِعَ.
ص (فَإِذَا خِيفَ عَقْدُهُ)
ش: لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ.
ص (قَامُوا)
ش: أَيْ الْمَأْمُومُونَ وَاتَّبَعُوهُ.
ص (فَإِذَا جَلَسَ) ش: فِي الثَّانِيَةِ عَلَى زَعْمِهِ وَهِيَ الْأُولَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَهُ وَلِلْمَأْمُومِينَ.
ص (قَامُوا)
ش: وَكَانَ كَإِمَامٍ جَلَسَ فِي الْأُولَى فَلَا يُتْبَعُ، وَيَنْتَظِرُونَهُ قِيَامًا حَتَّى يَقُومَ إلَى الثَّالِثَةِ فِي زَعْمِهِ فَيُصَلُّونَهَا مَعَهُ فَإِذَا قَامَ إلَى الرَّابِعَةِ فِي زَعْمِهِ وَهِيَ الثَّالِثَةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَامُوا مَعَهُ وَاتَّبَعُوهُ وَلَمْ يَجْلِسُوا وَإِنْ كَانَ هَذَا مَحِلُّ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ كَمَا إذَا قَامَ الْإِمَامُ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَجْلِسْ فَإِنَّ الْمَأْمُومِينَ يَتَّبِعُونَهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ.
ص (كَقُعُودِهِ لِثَالِثَتِهِ)
ش: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِثَالِثَةٍ بِغَيْرِ ضَمِيرٍ وَهِيَ أَحْسَنُ إلَّا أَنَّهُ إذَا قَعَدَ فِي الثَّالِثَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ الَّتِي هِيَ الرَّابِعَةُ فِي اعْتِقَادِهِ فَإِنَّهُمْ يَقُومُونَ كَمَا يَفْعَلُونَهُ مَعَهُ فِي جُلُوسِهِ الْأَوَّلِ وَفِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ كَقُعُودِهِ بِثَانِيَتِهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ كَذَلِكَ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَلَا مَعْنًى لَهُ وَالْمَوْجُودُ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ جُلُوسِهِ قَامَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسَجَدَ بِهِمْ قَبْلَ السَّلَامِ.
(فَإِذَا)
ش: لَمْ يَتَذَكَّرْ
وَصِّ (سَلَّمَ)
ش: لَمْ يَتَّبِعُوهُ فِي السَّلَامِ
وَص (وَأَتَوْا بِرَكْعَةٍ وَأَمَّهُمْ)
ش: فِيهَا.
ص (أَحَدُهُمْ)
ش: وَإِنْ صَلَّوْهَا أَفْذَاذًا أَجْزَأَتْهُمْ.
ص (وَسَجَدُوا قَبْلَهُ)
ش: أَيْ قَبْلَ السَّلَامِ، وَسَلَامُ الْإِمَامِ هُنَا عَلَى السَّهْوِ بِمَنْزِلَةِ الْحَدَثِ، انْتَهَى. كَلَامُ سَحْنُونٍ أَوَّلُهُ بِالْمَعْنَى وَآخِرُهُ بِاللَّفْظِ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ بِمَنْزِلَةِ الْحَدَثِ أَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ طَالَ أَوْ لَمْ يَطُلْ وَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ طُرُوُّ الْحَدَثِ عَلَى الْإِمَامِ فَيَسْتَخْلِفُ الْمَأْمُومُونَ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ الصَّلَاةَ أَوْ يُتِمُّونَ أَفْذَاذًا، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ سَلَّمَ أَتَمَّ بِهِمْ أَحَدُهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ، ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، يَعْنِي هَلْ يُتِمُّ بِهِمْ أَحَدُهُمْ؟ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا.
وَهُوَ الْأَصَحُّ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّهُ يُتِمُّ بِهِمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأُولَى إذَا بَطَلَتْ رَجَعَتْ الثَّانِيَةُ عِوَضًا مِنْهَا فَيَكُونُونَ مُؤَدِّينَ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدُهُمْ وَيُتِمُّونَهَا أَفْذَاذًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأُولَى إذَا بَطَلَتْ لَمْ تَرْجِعْ الثَّانِيَةُ عِوَضًا عَنْهَا بَلْ تَبْقَى ثَانِيَةً فَيَكُونُونَ قَاضِينَ لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَوَّلِهَا إنَّمَا هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْمَشْهُورِ وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَيَتَّبِعُونَهُ؛ لِأَنَّ جُلُوسَ الْإِمَامِ يَكُونُ فِي مَحِلِّهِ، وَكَذَلِكَ قِيَامُهُ وَلَا سُجُودَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنَّمَا يَسْجُدُ بَعْدَهُ لِتَحَقُّقِ الزِّيَادَةِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْخَلَلُ، وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ فَالسُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَحَقُّقِ النُّقْصَانِ فِي السُّورَةِ مِنْ رَكْعَةٍ وَالْجُلُوسُ الْوَسَطُ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ إنْ تَرَكَ هَذَا السُّجُودَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ، انْتَهَى.
وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ سَحْنُونٍ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْإِتْيَانِ بِالرَّكْعَةِ بِإِمَامٍ أَوْ أَفْذَاذٍ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، ثُمَّ قَالَ: وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ هَارُونَ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُمْ يَأْتُونَ بِالْأَفْعَالِ بِنَاءً وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَقْوَالِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ يَأْتُونَ بِهَا أَيْضًا بِنَاءً بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ فِيهَا وَعَلَى هَذَا يَكُونُ سُجُودُهُمْ قَبْلَ السَّلَامِ لِإِسْقَاطِ الْجُلُوسِ الْوَسَطِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ سَحْنُونٍ بِالتَّخْيِيرِ وَاقْتِضَاءُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَتَمَّ بِهِمْ أَحَدُهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ وُجُوبُ ذَلِكَ وَمَنْعُهُ لَا أَعْرِفُهُ، وَتَوْجِيهُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِكَوْنِ الْفَائِتَةِ أَدَاءً أَوْ قَضَاءً يُرَدُّ بِأَنَّ الْقَضَاءَ الْمَانِعَ مِنْ الْجَمَاعَةِ مَا فَاتَ الْمَأْمُومِينَ دُونَ إمَامِهِمْ لَا مَا فَاتَ جَمِيعَهُمْ، وَتَخْرِيجُهُ جُلُوسُهُمْ بِجُلُوسِهِ وَسُجُودُهُمْ بَعْدَ سَلَامِهِ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ قَضَاءٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَحِلِّهِ يُرَدُّ بِمَا مَرَّ وَبِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ قَضَاءً فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِمْ لِلُزُومِيَّةِ الْقَضَاءِ حَمَلَ الْإِمَامُ زِيَادَتَهُمْ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَا
زِيَادَةَ لَهُمْ بَعْدَهَا، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَبْلَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِسَحْنُونٍ وَفِيهَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَعَمِّدُونَ لِإِبْطَالِ الْأُولَى بِتَرْكِهِمْ السُّجُودَ وَمَنْ تَعَمَّدَ إبْطَالَ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاتِهِ بَطَلَ جَمِيعُهَا، وَلَوْ قِيلَ: إنَّهُمْ يَسْجُدُونَ سَجْدَةً وَيُدْرِكُونَ الثَّانِيَةَ مَعَهُ فَتَصِحُّ لَهُمْ الرَّكْعَتَانِ لِمَا بَعْدُ (فَإِنْ قُلْت) ذَلِكَ مُخَالَفَةٌ عَلَى الْإِمَامِ وَقَضَاءٌ فِي حُكْمِهِ فَالْجَوَابُ: أَمَّا الْمُخَالَفَةُ فَلَازِمَةٌ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَائِمٌ وَهُمْ جُلُوسٌ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ فِي حُكْمِ الْإِمَامِ فَقَدْ أُجِيزَ مِثْلُهُ فِي النَّاعِسِ وَالْمَزْحُومِ خَوْفًا مِنْ إبْطَالِ الرَّكْعَةِ فَكَذَلِكَ هُنَا، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ النَّاعِسَ وَمَنْ مَعَهُ فَعَلَ السَّجْدَةَ أَمَامَهُمْ وَهَذَا لَمْ يَفْعَلْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ الْآتِيَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَاخِرِ كَلَامِهِ: هَذَا مَذْهَبُ سَحْنُونٍ، وَالْمَحْكِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُمْ يَسْجُدُونَ إذَا خَافُوا عَقْدَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الَّتِي تَلِيهَا، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا أَعْرِفُهُ دُونَ اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ، انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ فِي رَسْمٍ بَاعَ شَاةً مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا، أَنْ يَسْهُوَ الْإِمَامُ عَنْ السَّجْدَةِ وَحْدَهُ فَلَا يَخْلُو مَنْ خَلْفَهُ إمَّا أَنْ يَسْجُدُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ يَتَّبِعُونَهُ عَالِمِينَ بِسَهْوِهِ فَإِنْ سَجَدُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يَرْجِعْ الْإِمَامُ إلَى السَّجْدَةِ حَتَّى فَاتَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا بِعَقْدِ الرَّكْعَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فَرَكْعَةُ الْقَوْمِ صَحِيحَةٌ بِاتِّفَاقٍ، وَيَقْضِي الْإِمَامُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ الَّتِي أَسْقَطَ مِنْهَا السَّجْدَةَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ وَهُمْ جُلُوسٌ، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَاخْتُلِفَ إذَا تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ فَرَجَعَ إلَى السُّجُودِ هَلْ يَسْجُدُونَ مَعَهُ ثَانِيَةً؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَأَمَّا إنْ اتَّبَعُوهُ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ عَالِمِينَ بِسَهْوِهِ فَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ بِاتِّفَاقٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَسْهُوَ الْإِمَامُ هُوَ وَبَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ السَّمَاعِ فَلَا يَخْلُو مَنْ لَمْ يَسْهُ إمَّا أَنْ يَسْجُدُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ يَتَّبِعُوهُ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ عَالِمِينَ بِسَهْوِهِ، فَإِنْ سَجَدُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يَرْجِعْ الْإِمَامُ إلَى السُّجُودِ حَتَّى فَاتَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ بِعَقْدِ الرَّكْعَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا، قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: إنَّ السَّجْدَةَ تُجْزِئُهُمْ وَتَصِحُّ لَهُمْ الرَّكْعَةُ وَيُلْغِيهَا الْإِمَامُ وَمَنْ سَهَا مَعَهُ، فَإِنْ أَكْمَلَ الْإِمَامُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ قَامَ وَمَنْ سَهَا مَعَهُ إلَى الرَّابِعَةِ وَقَعَدُوا حَتَّى يُسَلِّمَ وَيُسَلِّمُوا بِسَلَامِهِ وَيَسْجُدَ بِهِمْ جَمِيعًا سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ وَهُوَ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ لِاعْتِدَادِهِمْ بِالسَّجْدَةِ وَهُمْ إنَّمَا فَعَلُوهَا فِي حُكْمِ الْإِمَامِ وَمُخَالَفَتُهُمْ إيَّاهُ فِي أَعْيَانِ الرَّكَعَاتِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ تَبْقَى عَلَى نِيَّتِهَا وَتَصِيرُ لِلْإِمَامِ وَمَنْ سَهَا مَعَهُ الثَّانِيَةُ أُولَى وَهَكَذَا، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الرِّوَايَةِ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَوْ أَعَادُوا الصَّلَاةَ وَإِنَّمَا يَسْجُدُ الْإِمَامُ بِهِمْ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُهَا أُولَى وَيَأْتِي بِالثَّانِيَةِ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ فِيهَا فَيَكُونُ سَهْوُهُ كُلُّهُ زِيَادَةً
وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى صَلَّى الثَّالِثَةَ أَوْ رَفَعَ مِنْ رُكُوعِهَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي اجْتِمَاعِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا ثَانِيَةً؛ لِأَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَقَامَ وَلَمْ يَجْلِسْ، وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ فَرَجَعَ إلَى السَّجْدَةِ هَلْ يَسْجُدُونَ مَعَهُ ثَانِيَةً أَمْ لَا؟ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إنَّ صَلَاتَهُمْ فَاسِدَةٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ مُخَالَفَةِ نِيَّتِهِمْ نِيَّةَ إمَامِهِمْ فِي أَعْيَانِ الرَّكَعَاتِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، وَالثَّالِثُ: إنَّ السُّجُودَ لَا يُجْزِئُهُمْ وَتَبْطُلُ عَلَيْهِمْ الرَّكْعَةُ كَمَا بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ وَيَتَّبِعُونَهُ فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا وَتُجْزِئُهُمْ. حَكَى هَذَا الْقَوْلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ فِي كِتَابِهِ، وَأَمَّا إنْ اتَّبَعُوهُ عَلَى تَرْكِ السَّجْدَةِ عَالِمِينَ بِسَهْوِهِ فَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ: إنَّ صَلَاتَهُمْ مُنْتَقَضَةٌ، وَيُخَرَّجُ عَلَى مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنْ تَبْطُلَ عَلَيْهِمْ الرَّكْعَةُ وَلَا تُنْتَقَضُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ السَّجْدَةَ إذَا كَانَتْ عَلَى مَذْهَبِهِ لَا يُجْزِئُهُمْ فِعْلُهَا فَلَا يَضُرُّهُمْ تَرْكُهَا، انْتَهَى.
وَظَاهِرُ إطْلَاقِ مَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ عَنْ سَحْنُونٍ وَاقْتَصَرُوا عَلَيْهِ مُخَالِفٌ لِمَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ إنْ
سَهَا الْإِمَامُ وَحْدَهُ عَنْ السَّجْدَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى عَقَدَ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَعْدَ رَكْعَتِهَا إنَّ الْقَوْمَ يَسْجُدُونَهَا وَتُجْزِئُهُمْ، وَإِنَّهُمْ إنْ اتَّبَعُوهُ عَلَى تَرْكِ السَّجْدَةِ عَالِمِينَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَمُخَالِفٌ لَهُ أَيْضًا فِيمَا إذَا سَهَا مَعَ الْإِمَامِ بَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ إنْ اتَّبَعَهُ مَنْ لَمْ يَسْهُ فِي تَرْكِ السَّجْدَةِ فَالرِّوَايَةُ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ وَجَعْلُ الْقَوْلِ بِصِحَّتِهَا إنَّمَا هُوَ تَخْرِيجٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ نَعَمْ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ يُسَاعِدُ مَا حَكَاهُ الْجَمَاعَةُ وَنَصُّهُ وَاخْتُلِفَ إنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ فِي تَشَهُّدِ الرَّابِعَةِ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ فِي الْأُولَى وَكَانَ سَجَدَهَا مَنْ خَلْفَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ تَمُتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ وَيَقْضِي الْإِمَامُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ كَمَا فَاتَتْهُ بِعَيْنِهَا وَلَا يَتَّبِعُهُ فِيهَا أَحَدٌ دَخَلَ مَعَهُ تِلْكَ السَّاعَةَ، وَصَارَ الْإِمَامُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَخْلِفِ بَعْدَ رَكْعَةٍ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ لَا تُجْزِئُهُمْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ الَّتِي سَجَدُوا فِيهَا دُونَهُ وَلَا يُحْتَسَبُ جَمِيعُهُمْ إلَّا بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، وَيَأْتِي الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ وَيَتَّبِعُونَهُ فِيهَا وَاخْتُلِفَ إذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي الثَّانِيَةِ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى وَقَدْ سَجَدَهَا مَنْ خَلْفَهُ فَقِيلَ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ خَلْفَهُ أَنْ يُعِيدُوا سُجُودَهَا مَعَهُ، وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ رَفَعَ مِنْ الرَّكْعَةِ أَوْ السَّجْدَةِ قَبْلَ إمَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مَعَ الْإِمَامِ أَجْزَأَتْهُ رَكْعَتُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْجُدُوهَا مَعَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَسْجُدُونَهَا مَعَهُ وَسَجْدَتُهُمْ الْأُولَى تُجْزِئُهُمْ فَإِذَا أَتَمُّوا قَامَ الْإِمَامُ وَمَنْ سَهَا بِسَهْوِهِ فَصَلَّوْا رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا يَؤُمُّهُمْ فِيهَا الْإِمَامُ قَالَ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ الَّذِينَ سَجَدُوا دُونَ الْإِمَامِ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ آمُرَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا ثَانِيَةً فَيَزِيدُوا فِي صَلَاتِهِمْ مُتَعَمِّدِينَ أَوْ يَقُومُوا مَعَهُ وَلَا يَسْجُدُوا فَيَكُونُوا قَدْ صَلَّوْا خَمْسًا انْتَهَى.
وَمَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا مُحَمَّدٍ ذَكَرَهُ عَنْهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْهُ فَلَعَلَّ لَهُ قَوْلَيْنِ وَنَقَلَ الْهَوَّارِيُّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَقَبِلَهُ وَقَالَ:
الْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَهَا عَنْ فَرْضٍ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ لَمْ يَلْزَمْ الْمَأْمُومَ سَهْوُهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ دُونَ الْإِمَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَيَلْزَمُهُ فِي قَوْلِ سَحْنُونٍ: وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا عَدَا النِّيَّةَ وَتَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ انْتَهَى، وَذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَقَبِلَهُ، وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ قِيَامِ الْإِمَامِ لِخَامِسَةٍ - آخِرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَعَزَاهُ لِلْمَازِرِيِّ مَعَ اللَّخْمِيِّ، وَذَكَرَ كَلَامَ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَقَالَ بَعْدَهُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْهُ عَنْهَا أَحَدٌ مِمَّنْ خَلْفَهُ وَسَجَدُوا وَلَمْ يَرْجِعْ الْإِمَامُ حَتَّى فَاتَهُ الرُّكُوعُ أَنَّ رَكْعَةَ الْقَوْمِ صَحِيحَةٌ بِاتِّفَاقٍ وَحَكَى فِيمَا إذَا سَهَا بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَسْهُ الْبَعْضُ وَسَجَدَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ مَعَ فَوَاتِ التَّدَارُكِ أَيْضًا فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَلَا يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَازِرِيِّ بَلْ نَصُّهُ حُصُولُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَسْهُ عَنْهَا أَحَدٌ مِمَّنْ خَلْفَهُ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى الْبُطْلَانِ فِي الْأُولَى إذَا اتَّبَعُوهُ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ عَالِمِينَ بِسَهْوِهِ وَلَمْ يَحْكِ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ فَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ انْتَهَى، وَالْعَجَبُ أَنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةِ تَرْكِ الْإِمَامِ السَّجْدَةَ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْكَلَامِ بَلْ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ وَبَحَثَ فِيهِ بِمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: اسْتِشْكَالُ التَّوْضِيحِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا تَرَكَ السَّجْدَةَ وَحْدَهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَخْلِفِ الْمُدْرِكِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ نَحْوَهُ فِي إمَامٍ ذَكَرَ فِي تَشَهُّدِ الرَّابِعَةِ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى، وَكَانَ الْقَوْمُ سَجَدُوهَا، وَقَالَ فَصَارَ الْإِمَامُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَخْلِفِ بَعْدَ رَكْعَةٍ، وَفِي الْأَجْوِبَةِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا شَارَكَهُ الْقَوْمُ أَوْ بَعْضُهُمْ فِي إسْقَاطِهَا فَهُوَ كَالْفَذِّ فِي الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَكَالْمَأْمُومِ فِي الْقَضَاءِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ.
وَمَا قَالَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا اسْتَشْكَلَ حِكَايَةَ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ، وَاللَّخْمِيُّ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ بَلْ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدٍ ذَكَرَ فِي مُقَابَلَتِهِ قَوْلَ سَحْنُونٍ وَكَذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ لَمَّا ذَكَرَهُ عَزَاهُ لِمُحَمَّدٍ فَتَأَمَّلْهُ وَنَصَّ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
(وَالْجَوَابُ) عَنْ السُّؤَالِ السَّادِسِ أَنْ يُقَال: إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ السَّجْدَةَ، وَلَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إصْلَاحِهَا حَائِلٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِإِصْلَاحِهَا بِسَجْدَةٍ وَاخْتُلِفَ فِي
الْمَأْمُومِينَ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِمْ سَحْنُونٌ مُتَابَعَتَهُ فِيهَا وَإِنْ كَانُوا قَدْ سَجَدُوهَا وَقِيلَ لَا يُؤْمَرُونَ بِمُتَابَعَتِهِ فِيهَا، وَهُمْ بِمَثَابَةِ مَنْ رَفَعَ مِنْ الرَّكْعَةِ أَوْ السَّجْدَةِ قَبْلَ الْإِمَامِ فَالْإِجْزَاءُ حَاصِلٌ وَالْمُتَابَعَةُ تُسْتَحَبُّ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَتْبَعُونَهُ فِي السَّجْدَةِ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدُوا، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَسْجُدُوا ثَانِيَةً فَيَزِيدُوا فِي صَلَاتِهِمْ مُتَعَمِّدِينَ وَأَوْلَى مِنْ أَنْ يَتَّبِعُوهُ فِي الرَّكْعَةِ فَتَكُونُ خَامِسَةً، وَإِنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إصْلَاحِهَا حَائِلٌ كَأَنْ يَتَذَكَّرَ فِي تَشَهُّدِ الرَّابِعَةِ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى، وَقَدْ سَجَدَهَا مَنْ خَلْفَهُ فَمَرَّ سَحْنُونٌ عَلَى أَصْلِهِ، وَقَالَ: لَا تُجْزِئُهُمْ الرَّكْعَةُ الَّتِي سَجَدُوا فِيهَا دُونَهُ وَيَأْتِي الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ يَتْبَعُونَهُ فِيهَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَعْتَدُّ الْمَأْمُومُونَ بِهَا، وَيَقْضِي الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ دُونَهُمْ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا اسْتِحْبَابَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْإِعَادَةَ انْتَهَى وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَبَعْضَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَذَكَرَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ كَلَامَ سَحْنُونٍ وَكَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ إذَا سَهَا الْإِمَامُ عَنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَقَامَ وَسَبَّحُوا بِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ فَهَلْ يَسْجُدُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَتُجْزِئُهُمْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ وَلَا يَتَّبِعُونَ الْإِمَامَ فِيهَا إذَا رَجَعَ يَسْجُدُهَا.
وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ عَلَى مَا نَقَلَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ، وَمَذْهَبُ سَحْنُونٍ أَنَّهُمْ لَا يَسْجُدُونَهَا، وَلَوْ سَجَدُوهَا لَمْ يَعْتَدُّوا بِهَا، وَإِذَا سَجَدَهَا الْإِمَامُ اتَّبَعُوهُ فِيهَا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ تَعَمُّدَهُمْ لِسُجُودِهَا لَا يَضُرُّهُمْ وَكَأَنَّهُمْ لِأَجْلِ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَهَا الْإِمَامُ عَنْهَا وَحْدَهُ أَوْ هُوَ وَبَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ.
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَعَلَيْهِ فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْ إنَّمَا الْخِلَافُ إذَا سَهَا عَنْهَا الْإِمَامُ وَبَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ؟ وَأَمَّا إذَا سَهَا وَحْدَهُ فَلَا يَتَّبِعُونَهُ فِيهَا وَيَسْجُدُونَهَا وَتُجْزِئُهُمْ، وَإِنْ اتَّبَعُوا الْإِمَامَ فِي تَرْكِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ بِاتِّفَاقٍ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ مَشَى عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ نَعَسٍ أَوْ نَحْوِهِ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ سُجُودِهَا)
ش: تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ