الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَدْرِ فَهْمِهِ خَاصَّةً فَتُلْغَى، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ بَيْعِهَا وَعَلَى الْمَنْعِ فَهِيَ كَالْعَدَمِ وَعَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْكَرَاهَةِ، فَقَالَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ: فَلَا نَمْنَعُهُ مِنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ وَلَا تُبَاعُ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَالشَّرْعُ لَا يُجْبِرُ عَلَى مَكْرُوهٍ الْبُرْزُلِيُّ وَلَعَلَّهَا تَجْرِي عَلَى مَسْأَلَةِ تَزْوِيجِ أُمِّ وَلَدِهِ فِي غَيْبَتِهِ وَعَدَمِ وُجُودِ مَا يُنْفَقُ عَلَيْهَا، انْتَهَى. وَفِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ لِلْجُزُولِيِّ الشَّيْخُ، وَإِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ كُتُبٌ هَلْ يُعْطَى أَوْ تُبَاعُ عَلَيْهِ؟ .
فَإِنْ كَانَتْ كُتُبَ التَّارِيخِ تُبَاعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلطِّبِّ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ طَبِيبٌ غَيْرُهُ بِيعَتْ عَلَيْهِ وَلَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ طَبِيبٌ لَا تُبَاعُ عَلَيْهِ وَيُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْفِقْهِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ تُرْجَى إمَامَتُهُ أُعْطِيَ مِنْ الزَّكَاةِ وَلَا تُبَاعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تُرْجَى إمَامَتُهُ تُبَاعُ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ بَيْعِهَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ لَا تُبَاعُ وَيُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ، انْتَهَى. وَقَالَ الثَّعَالِبِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، ذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَالْقِيَاسُ عَلَى مَنْ لَهُ دَارٌ وَخَادِمٌ وَفَرَسٌ أَنَّهُ يَأْخُذُ، وَهَذَا فِيمَنْ كَانَتْ فِي عَقْلِهِ فَضْلَةٌ، وَكَانَ مُدَرِّسًا فَقِيهًا لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا وَالْأَحْسَنُ فِي هَذَا أَنْ يَأْخُذَ، وَأَمَّا كُتُبُ النَّحْوِ وَالْأَدَبِ فَلَيْسَتْ مِثْلَهَا، انْتَهَى. ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ بِلَفْظِهِ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: وَهُوَ حَسَنٌ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أُصُولِ الْمَذْهَبِ
[فَرْعٌ الْيَتِيمَةَ تُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مَا تَصْرِفُهُ فِي ضَرُورِيَّاتِ النِّكَاحِ]
(فَرْعٌ) تَقَدَّمَ عَنْ الْبُرْزُلِيِّ أَنَّ الْيَتِيمَةَ تُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مَا تَصْرِفُهُ فِي ضَرُورِيَّاتِ النِّكَاحِ وَالْأَمْرِ الَّذِي يَرَاهُ الْقَاضِي حَسَنًا فِي حَقِّ الْمَحْجُورِ فَعَلَى هَذَا فَمَنْ لَيْسَ مَعَهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالْحُلِيِّ مَا هُوَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ النِّكَاحِ تُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[تَنْبِيه السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ لِمَنْ لَهُ أُوقِيَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ]
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّمْهِيدِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الثَّانِي عَشَرَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ» الْحَدِيثُ فِيهِ أَنَّ السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ لِمَنْ لَهُ أُوقِيَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَالْأُوقِيَّةُ إذَا أُطْلِقَتْ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَا الْفِضَّةُ دُونَ الذَّهَبِ وَغَيْرِ، هَذَا قَوْلُ الْعُلَمَاءِ، وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَمَنْ سَأَلَ وَلَهُ هَذَا الْحَدُّ وَالْعَدَدُ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فَهُوَ مُلْحِفٌ، وَالْإِلْحَافُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْإِلْحَاحُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي ذَلِكَ، وَالْإِلْحَاحُ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ مَذْمُومٍ، فَقَالَ: مَدَحَ اللَّهُ قَوْمًا، فَقَالَ {لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] ، وَلِهَذَا قُلْت: إنَّ السُّؤَالَ لِمَنْ مَلَكَ هَذَا الْقَدْرَ مَكْرُوهٌ، وَلَمْ أَقُلْ إنَّهُ حَرَامٌ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَحِلُّ يَحْرُمُ الْإِلْحَاحُ فِيهِ وَغَيْرُ الْإِلْحَاحِ، وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَمَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الزَّكَاةِ، وَهَذَا مَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَلَا تَحِلُّ الزَّكَاةُ لِغَنِيٍّ إلَّا لِخَمْسَةٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ رَبِيعَةَ،، وَأَمَّا غَيْرُ الزَّكَاةِ مِنْ التَّطَوُّعِ فَجَائِزٌ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، ثُمَّ قَالَ: الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِهِ يَعْنِي مَالِكًا أَنَّهُ لَا يُحَدُّ فِي الْغَنِيِّ حَدًّا لَا يُتَجَاوَزُ إلَّا عَلَى قَدْرِ الِاجْتِهَادِ الْمَعْرُوفِ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ، وَكَذَلِكَ يُرَدُّ مَا يُعْطَى لِلْمِسْكِينِ الْوَاحِدِ مِنْ الزَّكَاةِ إلَى الِاجْتِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ، ثُمَّ أَطَالَ فِي ذَلِكَ فَانْظُرْهُ وَانْظُرْ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَيْضًا «أَعْطُوا السَّائِلَ، وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ» وَهُوَ الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الثَّالِثِ مِنْ أَحَادِيثِ رَبِيعَةَ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا لِخَمْسَةٍ» يُرِيدُ: الصَّدَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَغَيْرُ مُحَرَّمَةٍ عَلَى أَحَدٍ غَيْرِ مَنْ ذَكَرْنَا عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْنَا فِي هَذَا الْبَابِ، إلَّا أَنَّ التَّنَزُّهَ عَنْهَا حَسَنٌ وَقَبُولُهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ لَا بَأْسَ بِهِ، وَمَسْأَلَتُهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ بُدًّا، انْتَهَى.
وَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ مُحْرِزٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَصَّارُ: مَنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَقُومُ بِهِ لِأَدْنَى عَيْشٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ فَالْمَسْأَلَةُ لَهُ حَلَالٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى فِي دُفْعَةٍ وَاحِدَةٍ مَا يَقُومُ بِعَيْشِهِ إلَى آخِرِ عُمْرِهِ (قُلْت) وَالْأَصْلُ فِي هَذَا حَدِيثُ «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ فَقَدْ سَأَلَ إلْحَافًا» فَمَنَعَ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ عِنْدَهُ أُوقِيَّةٌ مِنْ السُّؤَالِ وَلَعَلَّهَا لَا تَكُونُ غَنَاءٌ لِمِثْلِهِ، وَأَمَّا إعْطَاؤُهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ لِكُلِّ فَقِيرٍ وَلَا تَحِلُّ لِلْأَغْنِيَاءِ فَمَنْ كَانَ غَنِيًّا مُتَكَفِّفًا لَمْ
يَجُزْ أَنْ يُعْطَى مِنْهَا وَالْغِنَى فِي النَّاسِ مُخْتَلِفٌ فَمِنْهُمْ مِنْ يُغْنِيهِ الْقَلِيلُ لِقِلَّةِ عِيَالِهِ وَخِفَّةِ مُؤْنَتِهِ، وَمِنْهُمْ مِنْ لَا يُغْنِيهِ إلَّا الْكَثِيرُ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ وَشِدَّةِ مُؤْنَتِهِ فَهَذَا مِمَّا يُجْتَهَدُ فِيهِ، وَأَمَّا إعْطَاءُ الْفَقِيرِ مَا يُغْنِيهِ أَوْ يَزِيدُ عَلَى غِنَاهُ فَإِنَّ ذَلِكَ سَائِغٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ مَا أَخَذَ كَانَ فَقِيرًا، وَالصَّدَقَةُ مُبَاحَةٌ لِلْفُقَرَاءِ، وَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْنَا فِيهَا حَدٌّ مَعْلُومٌ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ، وَقَالَ فِي الْعَارِضَةِ فِي بَابِ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ مَا نَصُّهُ - الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - وَقَدْ يَكُونُ السُّؤَالُ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَمَّا وُجُوبُهُ فَلِلْمُحْتَاجِ، وَأَمَّا الْمَنْدُوبُ فَأَنْ يَعْنِيَهُ وَتَتَبَيَّنَ حَاجَتُهُ إنْ اسْتَحْيَا هُوَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ بَيَانُهُ أَنْفَعَ وَأَنْجَحَ مِنْ بَيَانِ السَّائِلِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُ لِغَيْرِهِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، انْتَهَى. وَرَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْمَغَارِبَةِ مَا صُورَتُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ الْإِنْسَانُ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَخْذِ الصَّدَقَةِ عَلَى قِسْمَيْنِ: طَالِبٌ لَهَا، وَغَيْرُ طَالِبٍ فَالطَّالِبُ لَهَا عَلَى قِسْمَيْنِ: مُحْتَاجٌ، وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ فَالْمُحْتَاجُ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا وَغَيْرُ الْمُحْتَاجِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ مُطْلَقًا، وَأَعْنِي بِالْمُطْلَقِ سَوَاءٌ كَانَ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ وَاجِبًا عَلَيْهِ كَالزَّكَاةِ أَوْ تَطَوُّعًا، وَأَعْنِي بِغَيْرِ الْمُحْتَاجِ مَنْ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى طَلَبِ التَّطَوُّعِ أَوْ قُوتُ سَنَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى طَلَبِ الْوَاجِبِ وَالْمُحْتَاجُ عَلَى عَكْسِهِ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ غَيْرُ الطَّالِبِ لَهَا عَلَى قِسْمَيْنِ أَيْضًا: مُحْتَاجٌ، وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ فَالْمُحْتَاجُ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ وَغَيْرُ الْمُحْتَاجِ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ التَّطَوُّعِ دُونَ الْوَاجِبِ، وَأَمَّا قَدْرُ الْمَأْخُوذِ لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ فَلَا حَدَّ لَهُ وَلَا غَايَةَ، انْتَهَى. مَا رَأَيْتُهُ وَهُوَ حَسَنٌ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَعْزُوٍّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَدَفْعُ أَكْثَرَ مِنْهُ وَكِفَايَةُ سَنَةٍ) ش، قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَإِذَا أُعْطِيَ الْمُحْتَاجُ فَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ: ذَلِكَ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَيُعْطِيهِ قُوتَ سَنَةٍ بِقَدْرِ الْمَقْسُومِ، وَقَدْ تَقِلُّ الْمَسَاكِينُ وَتَكْثُرُ، وَرَوَى الْمُغِيرَةُ لَا يُعْطَى نِصَابًا، وَقَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ لِوَصْفِ الْفَقْرِ فَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُعْطِيهِ قُوتَ السَّنَةِ، وَإِنْ اتَّسَعَ الْمَالُ زَادَهُ ثَمَنَ الْعَبْدِ وَمَهْرَ الزَّوْجَةِ، وَفِي الْجَوَاهِرِ يُعْطَى الْغَارِمُ قَدْرَ دَيْنِهِ وَالْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ كِفَايَتَهُمَا وَكِفَايَةَ عِيَالِهِمَا وَالْمُسَافِرُ قَدْرَ مَا يُوصِلُهُ إلَى مَقْصِدِهِ أَوْ مَوْضِعِ مَالِهِ وَالْغَازِي قَدْرَ مَا يَقُومُ بِهِ حَالَةَ الْغَزْوِ وَالْمُؤَلَّفُ بِالِاجْتِهَادِ وَالْعَامِلُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ، وَمَنْ جَمَعَ صِنْفَيْنِ اسْتَحَقَّ سَهْمَيْنِ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ بِالِاجْتِهَادِ، قَالَ سَنَدٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُعْطَى مِنْهَا الْعَامِلُ بِقَدْرِ كَثْرَةِ عَمَلِهِ وَقِلَّتِهِ وَكَثْرَةِ التَّحْصِيلِ وَقِلَّتِهِ، انْتَهَى. وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي دَفْعِهَا جَمِيعِهَا لِلْعَامِلِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَنُدِبَ إيثَارُ الْمُضْطَرِّ، وَفِي النَّوَادِرِ رَوَى عَلِيٌّ وَابْنُ نَافِعٍ كَمْ أَكْثَرُ مَا يُعْطَى الْفَقِيرُ مِنْهَا وَالصَّدَقَةُ وَاسِعَةٌ؟ قَالَ لَا حَدَّ فِيهِ وَذَلِكَ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِ مُتَوَلِّيهَا، قِيلَ: فَيُعْطِي قَاسِمُهَا لِلْفَقِيرِ قُوتَ سَنَةٍ ثُمَّ يَزِيدُهُ الْكِسْوَةَ، قَالَ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَرَى مِنْ كَثْرَةِ الْحَاجَةِ وَقِلَّتِهَا، ثُمَّ سُئِلَ عَنْهَا وَالْمُسَدِّدُ لَهُ قُوتُ شَهْرٍ يُعْطَى تَمَامَ قُوتِ سَنَةٍ؟ قَالَ: يُعْطَى بِالِاجْتِهَادِ، وَقَدْ يَكُونُ أَفْقَرَ مَنْ يُوجَدُ فَيُعْطَى وَقَدْ يَكُونُ غَيْرُهُ أَحْوَجَ فَيُؤْثَرُ الْأَحْوَجُ، ثُمَّ سُئِلَ عَنْهَا، قِيلَ: وَالْفَقِيرُ يُعْطَى مِنْهَا الشَّيْءَ الْكَثِيرَ، مِثْلُ الْعَبْدِ أَوْ مَا يَنْكِحُ بِهِ، قَالَ: إنْ كَانَ يَبِيعُ ذَلِكَ لِلْمَسَاكِينِ فَيُعَانُوا بِذَلِكَ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا وَلَكِنْ أَكْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا حَظَّ مَسَاكِينَ كَثِيرَةٍ بِهَذَا التَّفْصِيلِ الْوَاسِعِ، انْتَهَى. وَفِي الْبُرْزُلِيِّ سَأَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ شَيْخٍ زَمِنٍ لَهُ بَيْتٌ يُكْرِيهِ بِنَحْوِ الدِّرْهَمَيْنِ فِي الشَّهْرِ وَغُرْفَةٌ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ وَهُوَ يَسْكُنُ مَعَهُ أَتَرَى أَنْ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَعِيشُ بِهِ إلَّا مِنْ كِرَاءِ ذَلِكَ الْبَيْتِ وَلَا يَكْفِيهِ؟ فَأَجَابَ: إذَا كَانَ كَسْبُ الشَّيْخِ مَا ذَكَرْت فَهُوَ فِي عِدَادِ الْفُقَرَاءِ فَيَأْخُذُ الزَّكَاةَ وَالْكَفَّارَةَ وَالْفُطْرَةَ الْبُرْزُلِيُّ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ بَيْعَ الْبَيْتِ وَأَكْلَهَا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ لَا يَكْفِيهِ فَأَشْبَهَ الْفَقِيرَ الَّذِي لَهُ الْقَلِيلُ، انْتَهَى. وَيَأْتِي عَنْ النَّوَادِرِ فَرْعٌ مِنْ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ جَازَ إخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ
ص (وَفِي جَوَازِ دَفْعِهَا لِمَدِينٍ ثُمَّ أَخَذَهَا تَرَدُّدٌ)
ش: هَذَا إذَا لَمْ يُوَاطِئْهُ عَلَى رَدِّهَا فَإِنْ وَاطَأَهُ لَمْ يَجُزْ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا مَعَ
عَدَمِ التَّوَاطُؤِ فَهُوَ مَحِلُّ التَّرَدُّدِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَجُوزُ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيِّ الْمَنْعُ، لَكِنَّ الْجَوَازَ أَظْهَرُ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الزَّكَاةَ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ دَيْنِهِ خَلِيلٌ، وَانْظُرْ هَلْ هَذَا مَعَ التَّوَاطُؤِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَأَمَّا مَعَ التَّوَاطُؤِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يُعْطِ شَيْئًا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ " لَوْ أَعْطَاهُ إيَّاهَا جَازَ أَخْذُهَا مِنْهُ فِي دَيْنِهِ خِلَافُ تَعْلِيلِ الْبَاجِيِّ، وَرَأَيْت ابْنَ حَبِيبٍ مَنَعَ إعْطَاءَ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا بِأَنَّهُ كَمَنْ دَفَعَ صَدَقَتَهُ لِغَرِيمِهِ لِيَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى أَدَاءِ دَيْنِهِ (قُلْت) : الْأَظْهَرُ أَنَّ أَخْذَهُ بَعْدَ إعْطَائِهِ لَهُ طَوْعُ الْفَقِيرِ دُونَ تَقَدُّمِ شَرْطِ إجْزَائِهِ وَكُرِهَ ذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ مَا يُوَارِيه مِنْ عِيشَةِ الْأَيَّامِ، وَإِلَّا فَلَا كَقَوْلِهَا فِي قِصَاصِ الزَّوْجَةِ بِنَفَقَتِهَا فِي دَيْنٍ عَلَيْهَا، وَيُشْتَرَطَ لِمَنْ لَمْ يُعْطِهَا، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَنَصُّهُ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَوْ أَعْطَاهَا لَهُ جَازَ أَخْذُهَا مِنْهُ فِي دَيْنِهِ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ أَخَذَهَا مِنْهُ كَرْهًا وَهُوَ مُكْفَى جَازَ، وَكَذَا إنْ أَعْطَاهَا لَهُ طَوْعًا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَإِنْ أَعْطَاهَا لَهُ بِشَرْطِ رَدِّهَا إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ، انْتَهَى.
ص (وَجَابٍ وَمُفَرِّقٌ)
ش: قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَالْكَاتِبُ وَالْخَارِصُ وَالْقَاسِمُ مِثْلُهُ، انْتَهَى وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي الْخِرَاصَةِ الْعَبْدَ وَالذِّمِّيَّ؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ مَحْضَةٌ، وَنَقَلَهَا فِي التَّوْضِيحِ.
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَلَا أَنْ يُنْفِقَ إنْ كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ وَإِلَّا جَازَ، انْتَهَى.
(الثَّانِي) قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ إخْرَاجِ الصَّدَقَةِ فِي الْأَصْنَافِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُسْتَعْمَلُ عَلَى الصَّدَقَةِ عَبْدٌ وَلَا نَصْرَانِيٌّ فَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ أُخِذَ مِنْهُمَا مَا أَخَذَا وَأُعْطِيَا مِنْ غَيْرِ الصَّدَقَةِ بِقَدْرِ غَنَائِهِمَا، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَوْ اسْتَعْمَلَ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَأُجْرَتُهُمَا مِنْ الْفَيْءِ لَا مِنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَيُرَدُّ مَا أَخَذَا مِنْهَا.
(الثَّالِثُ) قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: (قُلْتُ) : فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ لَهُ عَلَيْهَا مِدْيَانًا أَيَأْخُذُ مِنْهَا مِثْلَ مَا يَأْخُذُ الْغَارِمُونَ؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ السُّلْطَانُ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا قَالَ: أَوْ الْعَامِلُ عَلَى الزَّكَاةِ إذَا كَانَ مِدْيَانًا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا كَمَا يَأْخُذُ الْغَارِمُونَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَقْسِمُهَا فَلَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ، وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ أَجْلِ دَيْنِهِ سِوَى مَا يَجِبُ لَهُ بِعِمَالَتِهِ، انْتَهَى مِنْ سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ.
ص (وَأَخَذَ الْفَقِيرُ بِوَصْفَيْهِ)
ش: وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَمَعَ وَصْفَيْنِ أَخَذَ بِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الذَّخِيرَةِ.
(تَنْبِيهٌ)