الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ قُلْت وَالْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا لِقَوْلِهَا لَا يُصَلَّيَانِ فِي الْحِجْرِ كَالْفَرْضِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يَتَنَفَّلَ عَلَى الْأَرْضِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَيُصَلِّي فِي السَّفَرِ الَّذِي يُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ عَلَى دَابَّتِهِ أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ الْوِتْرَ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالنَّافِلَةَ، انْتَهَى. ابْنُ نَاجِي أَقَامَ بَعْضُ التُّونُسِيِّينَ مِنْ هُنَا أَنَّ الْوِتْرَ يُصَلَّى جَالِسًا اخْتِيَارًا وَأَقَامَ بَعْضُهُمْ عَكْسَهُ مِنْ قَوْلِهَا لَا يُصَلِّي فِي الْكَعْبَةِ الْفَرِيضَةَ وَلَا الْوِتْرَ وَلَا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْفَجْرَ لَا يُصَلَّى جَالِسًا؛ لِأَنَّهُ قَرَنَهُ بِالْفَرِيضَةِ وَالْوِتْرِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَاخْتَلَفَتْ فَتْوَى الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَأَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الرَّمَّاحِ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِالْمَنْعِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِوُجُوبِهِ، انْتَهَى.
[فَرْعٌ يَسْقُطُ عَنْ الْمَرِيضِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ مَا عَجَزَ عَنْهُ]
(فَرْعٌ) يَسْقُطُ عَنْ الْمَرِيضِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ مَا عَجَزَ عَنْهُ وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ مَا أُكْرِهَ الشَّخْصُ عَلَى تَرْكِهِ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ: وَتَتَغَيَّرُ أَحْكَامُ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ وَصُوَرُهَا بِعَشْرَةِ أَسْبَابٍ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِالْقَصْرِ وَالْجَهْرِ وَلِصَلَاةِ الْخَوْفِ فِي جَمَاعَةٍ بِتَفْرِيقِ صَلَاتِهَا وَلِصَلَاةِ الْمُسَايِفِ كَيْفَمَا أَمْكَنَهُ وَبِالتَّقْصِيرِ فِي السَّفَرِ وَبِعُذْرِ الْمَرَضِ الْمَانِعِ مِنْ اسْتِيفَاءِ أَرْكَانِهَا فَيَفْعَلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَبِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ وَالْمَنْعِ فَيَفْعَلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَبِالْجَمْعِ لِلْمُسَافِرِ يَجِدُّ بِهِ السَّيْرُ فَيَجْمَعُ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ وَسَطَهُ أَوْ آخِرَهُ بِحَسْبِ سَيْرِهِ وَالْجَمْعُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ لِلْعِشَاءَيْنِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، وَالْجَمْعُ لِلْحَاجِّ بِعَرَفَةَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَوَّلَ الزَّوَالِ وَبِمُزْدَلِفَةَ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَالْجَمْعُ لِلْمَرِيضِ يَخَافُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ أَرْفَقَ بِهِ فَوَسَطُهُ، انْتَهَى.
قَالَ الْقَبَّابُ: قَوْلُهُ وَبِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ هَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ مَنْ مَنَعَهُ وَقَهَرَهُ عَلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ وَقَهْرٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا يُسْقِطُ عَنْهُ مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَيَفْعَلُ سَائِرَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ إحْرَامٍ وَقِرَاءَةٍ وَإِيمَاءٍ كَمَا يَفْعَلُ الْمَرِيضُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا سِوَاهُ، انْتَهَى.
(قُلْت) وَيَدُلُّ لِذَلِكَ صَلَاةُ الْمُسَايَفَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ الْمُصَلِّي جَالِسًا إذَا دَنَا مِنْ رُكُوعِهِ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي جَالِسًا إذَا دَنَا مِنْ رُكُوعِهِ أَنْ يَقُومَ فَيَقْرَأَ نَحْوَ الثَّلَاثِينَ آيَةً ثُمَّ يَرْكَعَ قَائِمًا التِّلِمْسَانِيُّ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ صلى الله عليه وسلم «يُصَلِّي جَالِسًا فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ قَامَ فَقَرَأَهَا وَهُوَ قَائِمٌ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ» . قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: فَاسْتَحَبَّ لَهُ مَالِكٌ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِهِ عليه الصلاة والسلام قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَلِأَنَّ فِعْلَ الرُّكُوعِ مِنْ الْقِيَامِ أَوْلَى مِنْ فِعْلِهِ مِنْ الْجُلُوسِ، انْتَهَى.
ص (ثُمَّ اسْتِنَادٌ لَا لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتٍ ثُمَّ جُلُوسٌ)
ش: مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الِاسْتِنَادِ وَالْجُلُوسِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَذَكَرَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَالشَّيْخُ زَرُّوق أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ ذَكَرَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ فَانْظُرْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتٍ اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ هَلْ الضَّرُورِيُّ أَوْ الْمُخْتَارُ؟ وَالظَّاهِرُ الضَّرُورِيُّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: ذَهَبَ أَكْثَرُ شُيُوخِنَا إلَى أَنَّ عِلَّةَ الْإِعَادَةِ كَوْنُ الْمُصَلِّي بَاشَرَ نَجَاسَةً فِي أَثْوَابِهَا فَكَانَ كَالْمُصَلِّي عَلَيْهَا، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَتَرَبُّعٌ كَالْمُتَنَفِّلِ)
ش: قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ
لَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ وَقَعَدَ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الْقُعُودِ هَيْئَةٌ لِلصِّحَّةِ وَلَكِنَّ الْإِقْعَاءَ مَكْرُوهٌ وَهُوَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى وَرِكَيْهِ نَاصِبًا فَخِذَيْهِ وَالْمَشْهُورُ أَنْ يَتَرَبَّعَ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ.
ص (وَلَوْ سَقَطَ قَادِرٌ بِزَوَالِ عِمَادٍ بَطَلَتْ)
ش: هَذَا إنْ فَعَلَهُ مُتَعَمِّدًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَوْ فَعَلَهُ سَهْوًا بَطَلَتْ رَكْعَتُهُ الَّتِي فَعَلَ فِيهَا ذَلِكَ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا حَكَى هَذَا فَانْظُرْهُ انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ فِي الْأَلْغَازِ أَنَّ الَّذِي أَنْكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا أَنْكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ قَوْلُهُ.
وَقَدْ يُقَالُ: يُجْزِئْهُ؛ لِلِاخْتِلَافِ فِي الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ هَلْ هُوَ فَرْضٌ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ: لَمْ أَقْدِرْ أَنْ أَقِفَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْقِيَامِ إلَّا مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ، انْتَهَى. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ فَظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَانْظُرْ الطِّرَازَ فَإِنَّهُ قَالَ: الظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّهُ يُجْزِئُهُ وَأَسَاءَ.
وَظَاهِرُهُ فِي الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ " وَلَا يَتَوَكَّأُ فِي الْمَكْتُوبَةِ عَلَى عَصَى أَوْ حَائِطٍ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي النَّافِلَةِ " ابْنُ نَاجِي لَفْظُ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ لَا يُعْجِبُنِي وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْكَرَاهَةِ وَمَحِلُّهُ حَيْثُ يَكُونُ الِاتِّكَاءُ خَفِيفًا بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ لَمَا سَقَطَ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ إذَا كَانَ فِي قِيَامِ الْفَاتِحَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي قِيَامِ السُّورَةِ فَالْجَارِي عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ لَهَا سُنَّةٌ فَمَنْ تَرَكَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَا زِلْتُ أَذْكُرُهُ فِي دَرْسِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ اللَّهُ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ وَقَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْأَقْرَبُ أَنَّ الْقِيَامَ لِلسُّورَةِ فَرْضٌ لِمَنْ أَرَادَهَا كَالْوُضُوءِ لِلنَّافِلَةِ خِلَافُ الْمَذْهَبِ، انْتَهَى.
ص (وَإِنْ خَفَّ مَعْذُورٌ انْتَقَلَ لِلْأَعْلَى) ش لِأَنَّهُ لَمَّا زَالَ الْعُذْرُ عَنْهُ وَجَبَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْأَصْلِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَخَرَجَ قَوْلٌ بِأَنَّهُ يَبْتَدِئُ وَلَا قَائِلَ بِأَنَّهُ يُتِمُّهَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَإِنَّمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ لِتَوَقُّفِ بَعْضِ النَّاسِ فِيهِ قَائِلًا: مَنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ؟ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى نَصٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَانْظُرْ الْجَوَاهِرَ فَإِنَّهُ فَرَّعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي رَسْمٍ يُوصِي لِمُكَاتَبِهِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَعْرِضُ لَهُ الْمَرَضُ فَيُصَلِّي قَاعِدًا ثُمَّ يَذْهَبُ ذَلِكَ عَنْهُ وَهُوَ فِي الْوَقْتِ هَلْ يُعِيدُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ ص (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ فَاتِحَةٍ قَائِمًا جَلَسَ)
ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْفَاتِحَةِ قَائِمًا فَالْمَشْهُورُ الْجُلُوسُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: اُنْظُرْ كَيْفَ صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْقِيَامِ أَتَى بِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِقْدَارَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ خَاصَّةً أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إنَّمَا هُوَ الْقِيَامُ مَعَ الْقِرَاءَةِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْقِيَامِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَتَى بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ وَسَقَطَ عَنْهُ مَا بَقِيَ، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ يَعْنِي إذَا عَجَزَ عَنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ قَائِمًا وَلَمْ يَعْجِزْ عَنْهَا فِي حَالِ الْجُلُوسِ لِدَوْخَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَأْتِي بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقِيَامُ لِلْبَاقِي وَيَأْتِي بِهِ فِي حَالِ الْجُلُوسِ.
(تَنْبِيهٌ) وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِيَامُ جُمْلَةً حَتَّى لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا قَامَ لَمْ يَقْدِرْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْجُلُوسِ قَالَهُ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ وَالْقَوْلُ الشَّاذُّ يُصَلِّي قَائِمًا، يُرِيدُ وَلَا يَقْرَؤُهَا فَإِذَا كَانَ فِي الْأَخِيرَةِ جَلَسَ لِيَقْرَأَهَا وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَالثَّانِي يُخَرَّجُ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ فِي رَكْعَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مَنْصُوصٍ انْتَهَى. كَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ وَانْظُرْ التَّوْضِيحَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْقَادِرُ عَلَى قِيَامِ الْفَاتِحَةِ دُونَ قِرَاءَتِهَا يَجْلِسُ ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ جُلِّهَا يَقُومُ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ سَوَاءٌ فِي رَكْعَةٍ أَوْ فِي أَقَلِّهَا، وَفِي غَيْرِهَا يَجْلِسُ لِيَقْرَأَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْفَاتِحَةِ قَائِمًا فَالْمَشْهُورُ الْجُلُوسُ فِي تَصَوُّرِهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي إنْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْقِيَامِ أَوْ الْقِرَاءَةِ سَقَطَ.
(قُلْت) قَدْ صَوَّرَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَنْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ قِيَامِ الْفَاتِحَةِ جَلَسَ لِتَمَامِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(قُلْت) ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ عَجَزَ عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي حَالِ الْقِيَامِ أَوْ قِرَاءَةِ شَيْءٍ وَيَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ قَدْرَ قِرَاءَتِهَا وَعَلَى قِرَاءَتِهَا فِي حَالِ الْجُلُوسِ فَحُكْمُهُ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي رَكْعَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ إلَّا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَجْلِسُ لِيَأْتِيَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ. وَأَمَّا مَنْ قَدَرَ أَنْ يَقْرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ قَائِمًا ثُمَّ يُكْمِلُ بَقِيَّتَهَا فِي حَالِ الْجُلُوسِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْقِيَامِ ثُمَّ يَأْتِيَ بِالْبَاقِي جَالِسًا بَلْ إنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَنْهَضَ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ لِلْقِيَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لِيَأْتِيَ بِالرُّكُوعِ وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَمِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَمِنْ آخِرِ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَمِنْ كَلَامِهِ فِي الْجَوَاهِرِ فَإِنَّهُ قَالَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةِ مَا إذَا خَفَّ الْمَرِيضُ لِحَالَةٍ أَعْلَى مِنْ حَالَتِهِ الْأُولَى: فَإِذَا وَجَدَ الْقَاعِدُ خِفَّةً فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ فَلْيُبَادِرْ إلَى الْقِيَامِ وَإِنْ خَفَّ بَعْدَ فَرَاغِهَا لَزِمَهُ الْقِيَامُ لِلْهُوِيِّ إلَى الرُّكُوعِ وَلَا يَعْتَبِرُ الطُّمَأْنِينَةَ، انْتَهَى.
وَأَمَّا عِبَارَةُ ابْنِ بَشِيرٍ فَأَوَّلُهَا مُشْكِلٌ وَآخِرُهَا يَقْتَضِي مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ إنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ لَكِنْ عَجَزَ عَنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ فَيُصَلِّي بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَالْقِصَارِ مِنْ السُّوَرِ أَوْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ خَاصَّةً فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ لِكَمَالِ أُمِّ الْقُرْآنِ فَهَهُنَا مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الْجُلُوسِ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أُمَّ الْقُرْآنِ فَرْضٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي
رَكْعَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُهُ إلَّا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ لِيَأْتِيَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ لَكِنْ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ هَلْ الْقِيَامُ مَقْصُودٌ بِنَفْسِهِ أَوْ مَقْصُودٌ لِلْقِرَاءَةِ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ الْإِتْيَانُ بِهَا سَقَطَ، وَكَذَا يَجْرِي الْأَمْرُ إنْ قُلْنَا: إنَّ الْقِرَاءَةَ فَرْضٌ فِي الْجُلِّ فَيَخْتَلِفُ فِي الْأَقَلِّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، انْتَهَى.
فَأَوَّلُ كَلَامِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا عَجَزَ عَنْ قِرَاءَةِ جَمِيعِ الْفَاتِحَةِ فِي حَالِ قِيَامِهِ وَيَقْدِرُ عَلَى قِرَاءَةِ بَعْضِهَا وَآخِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ قِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْهَا فِي حَالِ الْقِيَامِ وَيُرَجِّحُ هَذَا الْأَخِيرَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ، وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ دُونَ الْقِرَاءَةِ صَلَّى جَالِسًا انْتَهَى.
ص (وَجَازَ قَدْحُ عَيْنٍ أَدَّى لِجُلُوسٍ لَا اسْتِلْقَاءٍ)
ش: قَالَ فِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِبِ مَسْأَلَةٌ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إذَا كَانَ بِهِ وَجَعٌ فِي عَيْنِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَقْدَحَهُ لِيَزُولَ الْوَجَعُ وَيُصَلِّي عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ بِلَا اخْتِلَافٍ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ وَأَرَادَ قَدْحَ عَيْنَيْهِ لِيَعُودَ إلَيْهِ بَصَرُهُ لَا غَيْرُ فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الِاخْتِلَافِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْقَوَانِينِ مَنْ بِهِ رَمَدٌ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالِاضْطِجَاعِ صَلَّى مُضْطَجِعًا وَاخْتُلِفَ فِي قَادِحِ الْمَاءِ مِنْ عَيْنَيْهِ، انْتَهَى. وَقَالَ أَشْهَبُ إنَّهُ جَائِزٌ قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَالْفَتْوَى عِنْدَنَا بِإِفْرِيقِيَّةَ بِقَوْلِ أَشْهَبَ انْتَهَى.
ص (وَلِمَرِيضٍ سَتْرُ نَجَسٍ بِطَاهِرٍ)
ش: وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَالْمُدَوَّنَةِ: وَنَصُّ مَا فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ " وَيُجْزِئُ عَلَيْهَا إذَا فَرَشَ ثَوْبًا عَلَى حَرِيرٍ وَلَا أَعْرِفُ فِيهِ نَصًّا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَا إجْزَاءَ وَأَجْرَاهُ الْغَزَالِيُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْوَسِيطِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيُّ وَإِنْ كَانَ أَسْفَلَ نَعْلِهِ نَجَاسَةٌ فَنَزَعَهُ وَوَقَفَ عَلَيْهِ جَازَ كَظَهْرِ حَصِيرٍ نَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَبِهِ الْفَتْوَى وَلَا أَعْرِفُ غَيْرَهُ وَعَلَيْهِ صَلَاةُ النَّاسِ عَلَى الْجِنَازَةِ، انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْفَرْعُ لِلشَّيْخِ أَعْنِي قَوْلَهُ أَوْ كَانَتْ أَسْفَلَ نَعْلٍ فَخَلَعَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَلِمُتَنَفِّلٍ جُلُوسٌ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا)
ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ جَالِسًا جَازَ لَهُ الْقِيَامُ فِي بَقِيَّتِهَا بِلَا خِلَافٍ ثُمَّ إنْ شَاءَ الْجُلُوسَ بَعْدَ أَنْ قَامَ جَرَى ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ انْتَهَى.
يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ مَنْ ابْتَدَأَهَا قَائِمًا وَانْظُرْ إذَا افْتَتَحَهَا قَائِمًا ثُمَّ شَاءَ الْجُلُوسَ وَقُلْنَا لَهُ ذَلِكَ فَجَلَسَ ثُمَّ شَاءَ الْقِيَامَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ مِنْ بَابٍ أَحْرَى فَتَأَمَّلْهُ. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَأَمَّا الْعَكْسُ وَهُوَ إذَا صَلَّى جَالِسًا ثُمَّ شَاءَ الْقِيَامَ فَلَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى، انْتَهَى. وَانْظُرْ إذَا الْتَزَمَ الْجُلُوسَ هَلْ لَهُ الْقِيَامُ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ افْتَتَحَ النَّافِلَةَ جَالِسًا ثُمَّ شَاءَ الْقِيَامَ أَوْ افْتَتَحَهَا قَائِمًا ثُمَّ شَاءَ الْجُلُوسَ فَذَلِكَ لَهُ ابْنُ نَاجِي. أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَالِاتِّفَاقُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَاخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ مَا ذَكَرَهُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَجْلِسُ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَقِيلَ إنْ نَوَى الْقِيَامَ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا وَنَصَّ أَبُو عِمْرَانَ عَلَى أَنَّ