الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهميتها فى فهم تاريخ النص، ولتواريخ النزول أهميتها فى تفهم الفواتح.
5 - الترتيب الزمنى لنزول القرآن:
لم ينزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم دفعة واحدة، بل نزل مفرقًا، فهو يتجاوب فى كل حالة مع الظرف التاريخى، وقد يكون التعبير عن هذا التجاوب مباشرًا فى أحيان كثيرة، فكان الوحى ينزل عليه بما يشجعه فى أوقات الاضطهاد، وبالإجابة عما يسأله عنه أتباعه وخصومه، وبالتعليق على الأحداث الجارية وما إلى ذلك بسبيل. وقد نزل الوحى بالمبادئ الأساسية والقواعد اللازمة لتنظيم المجتمع الإسلامى تدريجيًا، وعلى مراحل، وأحيانًا ما تتطلب التفسير والشرح. وتلوح للعين تناقضات ظاهرية فى عرض العقائد وتقديم القواعد التى تبدو غير متسقة إذ أحيانًا ما تتغير، ولذلك فمن الضرورى الإحاطة بالظروف التاريخية لبعض الآيات، والترتيب الزمنى على الأقل لنزول البعض الآخر حتى نتمكن من فهمها فهمًا كاملًا. وقد أدرك علماء المسلمين الأوائل هذه المشكلة واهتموا بها اهتمامًا كبيرًا فى القرون الأولى للهجرة، حتى وضعوا نظامًا للتاريخ يتسم بالصلابة إلى حد كبير، واكتسب هذا النظام "رخصة" المذهب الصحيح. أما فى العصور الحديثة فقد اقتصرت دراسة الترتيب الزمنى لنزول القرآن تقريبًا على علماء الغرب الذين عجزوا عن التوصل إلى اتفاق حول نظام للتأريخ، أو حتى إلى إمكانية وضع مثل هذا النظام.
أ- الاشارات التاريخية فى القرآن:
يشير القرآن إشارات محددة إلى عدد من الأحداث التاريخية فى حياة محمد صلى الله عليه وسلم ومعاصريه، ولكنه لا يحدد التواريخ ولا يشير أى إشارة محددة إلى الوقت الذى وقعت فيه. ومن المحال فى معظم الحالات. تحديد الظروف الخاصة المشار إليها وتواريخ الآيات التى نزلت فيها، ويصدق ذلك بصفة خاصة على الفترة السابقة للهجرة عام 622 وهى التى تتضمن عددًا محددًا من الأحداث التاريخية التى يمكن تحديد زمن وقوعها، وحتى حين يمكن تحديد تلك الأحداث، فهى لا تفيد كثيرًا فى
تحديد تاريخ الآيات التى تشير إليها. إذ تشير الآيات من 2 - 5 من سورة الروم على سبيل المثال، إلى هزيمة البيزنطيين العسكرية، وقد تكون تلك الإشارة إلى سقوط القدس فى أيدى الفرس فى عام 614 (كما يعتقد أن سورة الفيل تشير إلى حملة عسكرية على مكة فى منتصف القرن السادس). وهناك إشارات كثيرة إلى أحوال الرسول الكريم فى مكة (مثل الاضطهاد الذى تعرض له، واتهامات خصومه له، وحياته المبكرة، ويُتمه) وإلى بعض الممارسات المحددة لأهل مكة، ولكن الآيات التى تتضمن هذه الإشارات لا يمكن تحديدها بأى قدر من الدقة. والفترة المدنية هى التى تتيح لنا التحديد الدقيق لتواريخ نزول الآيات، إلى حد معقول، على أساس الإشارة إلى أحداث تاريخية يمكن تحديد وقت نزولها استنادًا إلى مصادر أخرى، مثل غزوة بدر (ربيع عام 624) وغزوة حنين (أوائل عام 630) اللتين وردتا فى سورة آل عمران فى الآية 123 وفى سورة التوبة فى الآية 25 على الترتيب. ويشير القرآن إلى تغيير القبلة من القدس إلى مكة إما فى أواخر عام 623 أو أوائل 624 إذ يرد ذلك فى سورة البقرة، فى الآيات من 148 - 150. كما يشير القرآن إلى إقرار الشعائر القديمة لفريضة الحج فى وقت وقوع غزوة بدر تقريبًا، فى سورة البقرة، فى الآيتين 158 و 198 وفى سورة المائدة فى الآية 95 وما بعدها، حيث تُذكر الكعبة، والصفا والمروة، وجبل عرفات، ومشعر الحرم (فى مزدلفة) ذكرًا صريحًا. ويذكر القرآن زيد (بن حارثة) الذى كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد تبناه، باسمه الصريح، فى سورة الأحزاب، فى الآية 37 فى إطار الإشارة إلى حادثة وقعت فى ربيع عام 627 كما يشير القرآن إلى أحداث تاريخية دون ذكر اسمها صراحة مثل غزوة أُحد (التى وقعت عام 625) فى الآيات 155 - 174 من سورة آل عمران، وطرد يهود بنى النضير (625) فى سورة الحشر، فى الآيات من 2 - 5، وغزوة الخندق (627) فى سورة الأحزاب (الآيات 9 - 27) وغزوة خيبر (628) فى سورة الفتح، فى الآية 15، وغزوة تبوك (630) فى سورة التوبة