الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} ويعد هذان الهدمان من الأحداث الحاسمة فى تاريخ بنى اسرائيل، فالرأى الإسلامى السائد هو أن المسجد الأقصى إنما يشير إلى القدس، ونرى عكس هذا فيما يقولونه من أنه لم يكن يوجد ثم بناء يقوم على موقع الهيكل زمن الرسول [صلى الله عليه وسلم]. وأن "الأرض المقدسة"، تسمى فى القرآن "بالأدنى" فى قوله تعالى {غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} وليس بالأقصى الذى أريد به المسجد كما جاء فيما اقتبسناه من قبل سورة الإسراء آية 1 (*).
ومجمل القول أن الآية تعطى انطباعًا عن خبر عروج ليلى إلى قدس من الأقداس السماوية، ولكن معرفة حال موقع الهيكل فى التعريف الجغرافى لم تكن تدخل فى نطاق اهتمامات النبى [صلى الله عليه وسلم]. كذلك يتشابه الموقف هنا بالموقف المتعلق بالقِبلة حيث جاء قوله تعالى:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} . فهنا لا نجد نصًا صريحًا يذكر فيه كلمة القدس، ولكن الرأى الإسلامى أنها هى المقصودة "القبلة الأولى" وهو أمر صحيح لاشك فيه.
الفتح:
بعد وقعة أجنادين (فى صيف 13 هـ = 634 م) أصبح جنوب فلسطين متاحًا أمام المسلمين، ولم تكابد القدس أى حصار وقد جاءت أخبار ذلك فى الخطبة التى ألقاها ليلة عيد الميلاد سنة 634 م "سفرونيوس" البطرك العجوز وكانت قد مضت أربع سنوات منذ فتح المسلمين لفلسطين إلى دخول القدس
(*) ليس هناك تناقض فى التعبير القرآنى "الأقصى" و"الأدنى" لأن الكلمتين ليستا متضادتين أو متقابلتين، فالأقصى بمعنى البعيد إذا قورن بالكعبة المشرفة. فالكعبة هى الأقرب والقدس هى الأقصى، أما كلمة "الأدنى" فلا تعنى الأقرب وإنما الدُّنيا أى الأكثر انخفاضًا "من الناحية الجغرافية" وبالفعل فقد غلبت الروم فى "أدنى الأرض" أى أكثرها انخفاضًا، وهذا ما تؤكده المصادر الجغرافية والجيولوجية فمنطقة وادى الأردن هى أدنى الأرض أى أكثرها انخفاضًا. انظر على سبيل المثال أطلس العالم الذى أعده شارل جورج، صفحة قبل لوحة (1):"وأدنى نقطة على سطح الأرض هى ضفاف البحر الميت 393 هـ دون سطح البحر" أى تحت سطح البحر، وكل المراجع الجغرافية والجيولوجية التى تناولت البحر الميت ووادى الأردن تؤكد هذا.
د. عبد الرحمن الشيخ
الذى وقع فى مطلع عام 638 م (نهاية سنة 16 هـ) أو مستهل التى بعدها، وذلك بعد معركة اليرموك الفاصلة فى (رجب 15 هـ = اغسطس 636 م).
ويُمكن تقسيم الأخبار المتعلقة بسقوط القدس إلى ثلاث مجموعات، فأقدم الأخبار وأصدقها تقرر أن الاستلام تم مع خالد بن ثابت الفهمى أحد القادة القليلين الذين لا نعرف عنهم الكثير.
وكان من شروط تسليم القدس أن تصبح تابعة للمسلمين على ألَّا تمس المدينة بسوء ما دام أهلها يدفعون الجزية المفروضة عليهم (راجع البلاذرى، ص 139)، ومع ذلك فلا نرى إشارة إلى عقد أى اتفاقية.
أما الصورة الثانية فنطالعها فى مرجعين، أحدهما اليعقوبى جـ 1 ص 167، والآخر فى حوليات جـ 1 ص 17، حيث ذكر كل منهما اتفاقية شديدة الإيجاز وإن لم يختلف مضمونها اختلافا كبيرًا عما هو وارد فى رواية البلاذرى.
ثم نجد أخيرًا شروطًا مشابهة لهذه أضيفت لما اتفق عليه مع السلطات البيزنطية فى مصر، كما أن هناك بعض المؤلفين المسيحيين (وليس كلهم) يضيفون الشرط التالى "إنه لا يؤذن أن يعيش معهم بالقدس أى يهودى" ونصادف هذا الشرط أيضًا فى الطبرى تاريخ، جـ 1 ص 405، الذى نقل عنه كثير من المسلمين ممن جاءوا بعده، غير أننا نلاحظ أن المصدر الذى استمد منه الطبرى هذا الخبر هو سيف بن عمر الذى ثبت منذ زمن بعيد عدم إمكانية الاعتماد عليه فيما يقول.
ومثال ذلك ما يخبرنا به نقلًا عن (الطبرى تاريخ، جـ 1 ص 2404)، عن فتح الرملة وهى المدينة التى أتاها ولى العهد سليمان بن عبد الملك بعد ذلك بثمانى سنوات، وإن نظرة عابرة إلى الاتفاقية التى أوردها سيف بن عمر وإلى تاريخها الخطأ وشهودها العجيبين لتبين لنا أنها لا تستحق الاعتبار، ذلك أنه من الطبيعى فى أزمنة الاضطراب كما حدث فى سنة (879 هـ = 1474 م) حين أمر السلطان المملوكى بإعادة بناء هيكل يهودى فى القدس، أن هذه الاتفاقية كانت تخدم هدفًا معينًا. أما من وجهة النظر المسيحية فمن المفهوم أن بعض الكتّاب أرادوا أن يبقوا