الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبادته، تتلوها ما يسميه "بالفترة القرآنية" والتى تشمل الفترة المكية الأخيرة وعاما أو عامين من الفترة المدنية و"فترة الكتاب" وهى التى تبدأ فى نحو السنة الثانية من الهجرة حتى وفاة الرسول [صلى الله عليه وسلم]. وحاول بيل فى ذلك الكتاب تحديد تاريخ نزول كل آية، مهما كان موقعها من السور.
وقد اختلف الكثيرون مع منهج بيل، بل ربما أساءوا فهمه أو تجاهلوا جهوده لأن المذكرات المستفيضة التى كتبها لم تنشر حتى الآن. وقد تحفظ الكثيرون على ملاحظاته الخاصة بما يبدو من انعدام الترابط بين الآيات بعضها والبعض، بل هاجمه واط W. M. Watt وأنكر افتراضاته وما تخيله من أساليب نسخ النساخ للنص القرآنى، ويبدو لنا أن بيل قد تسرع فى إصدار أحكامه، ولم يكن ملمًا الإلمام الكافى بالصيغ الأدبية العربية، وخصوصًا البلاغة العربية التى ما يزال النص القرآنى مثلها الأعلى، ولذلك لم يكن من تجاهلوه أو هاجموه متجنين عليه.
وما تزال قضية تحديد تواريخ نزول الآيات مثار خلاف، إذ يبدو أن التقسيم التقليدى إلى المكى والمدنى لا يكفى، ريبدو أن الهجرة لم تكن الخط الفاصل الذى يمكننا الاعتماد عليه فى تحديد التواريخ، بل يبدو أن الحد التاريخى الفاصل كان مجموعة من الأحداث المحيطة بغزوة بدر، وما حدث بعد ذلك من خيانة اليهود للعهد وما يسمى "بالخصومة مع اليهود" نتيجة لذلك.
والواقع أنه من أصعب الأمور التفريق بين الآيات التى نزلت فى الفترة المكية الأخيرة وأوائل الفترة المدنية، ولدينا آيات كثيرة يمكن أن ترجع إلى العام الأخير للرسول [صلى الله عليه وسلم] فى مكة أو عامه الأول فى المدينة.
6 - لغة القرآن وأسلوبه
(أ) لغة القرآن
كان معظم علماء المسلمين فى العصور الوسطى يعتقدون أن القرآن نزل بلغة قريش، أى باللغة التى كان النبى [صلى الله عليه وسلم] يتكلمها، وأنها كانت أيضًا اللغة المستعملة فى شعر "العربية
الفصحى" فى عهد محمد [صلى الله عليه وسلم]. وكان يُفترض أن قريشًا وشعراء الفصحى كانوا ما يزالون يستخدمون اللغة النقية للبدو أى للأعراب. وقد وجد العلماء دعمًا لهذه النظرية فى القرآن الكريم نفسه الذى يقول فى سورة النحل {وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} (الآية 103) وفى سورة الشعراء إنه أنزل {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (195) وفى سورة فصلت إنه قرآن "عربى" (الآية 44) وهى الآيات التى فسرها المفسرون بأن لغة القرآن هى العربية النقية، وهو تفسير أقرب للنظرة الدينية منه إلى النظرة اللغوية. وقد تعرضت نظرية لغة قريش المذكورة للانتقاد من جانب كارل فولرز Farl Vollers فى سلسلة من المقالات الموثقة، بدأ نشرها عام 1894 بعنوان Volkssprache und schriftsprache in alten Arabien (أى لغة الكلام واللغة المكتوبة فى بلاد العرب القديمة) وانتهى من نشرها عام 1906، وهو يقول فيها إن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن فى أول الأمر بلهجة عامية (أى بلغة الكلام) دون إعراب (مما يميز بينها وبين الفصحى التى يستخدمها الشعراء العرب) وإن لغة القرآن كما نعرفها الآن قد ضبطها علماء اللغة المتأخرون الذين حاولوا إضفاء الطابع الكلاسيكى عليها، وأن لغة القرآن (المنطوقة) الأصلية لا تظهر إلا فى بعض الخصائص المميزة لرسم المصحف، (مثل حذف الألف فى بعض الكلمات) وفى بعض القراءات غير المعتمدة.
وقد أثارت نظرية فولرز مناقشات كثيرة للغة القرآن، ولكنها لم تحظ بالتأييد خارج ألمانيا، باستثناء عدة مقالات نشرها بول كالى Paul Kahle عام 1949 تتضمن أدلة على أن القرآن كان يقرأ، على الأقل خلال القرن الثانى للهجرة، دون إعراب، وهى خصيصة من خصائص العامية. وقد عجز كالى أيضًا عن إقناع الآخرين. بحجته، وانتهى العلماء إلى تقبل الأدلة التى تثبت خطأ نظرية فولرز وكالى، والتى عرضت عرضًا مسهبًا فى العرض الذى قام به ر. غاير R.Geyer (عام 1909) ونولديكى. وأقام نولديكى وشفالى الحجة على عكس ما ذهب إليه فولرز، إذا أثبتا أن لغة القرآن لم تكن لغة