الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير ذلك من الأشكال.
8 -
القرآن الكريم فى حياة المسلمين وفكرهم:
قائمة مصادر ومراجع الأقسام من 1 - 8.
9 -
ترجمة معانى القرآن الكريم:
أ- المذهب الصحيح.
ب- ترجمات معانى القرآن إلى بعض اللغات.
1 - أصل كلمة "قرآن" ومترادفاتها
(أ) اشتقاق كلمة قرآن والاستخدام القرآنى لها:
كان أول استخدام موثق للكلمة (قرآن) فى القرآن الكريم نفسه، فقد وردت سبعين مرة بمعان مختلفة. ويقبل معظم الباحثين الغربيين الآن ما ذهب إليه الباحث ف. شفالى F. Schwally وغيره من أن كلمة قرآن مأخوذة من الكلمة السريانية "قِرْيانا" التى تعنى قراءة الكتاب المقدس أو درسًا من دروسه، وهى بهذا المعنى فى الطقوس الدينية المسيحية (انظر على سبيل المثال مخطوطات القرن السادس الميلادى السريانية فى المتحف البريطانى، فيما جاء فيها على سبيل المثال قِرْيانا د - يوم باعْوَاتا وتعنى مجموعة نصوص تُتْلى فى يوم المغفرة أو الابتهال).
هذا عن رأى الباحثين الغربيين، أما رأى المؤلفين المسلمين فينحصر -ببساطة- فى أن كلمة قرآن مشتقة من الفعل قرأ (المترجم: ففى لسان العرب مثلًا: قرأ القرآن الكريم أى التنزيل العزيز. . . قرأه يقرؤه، بفتح الراء ويقرُؤه، بضم الراء والأخيرة من الزجّاج قراءة وقرءا وقرآنًا. .) وكلتا النظرتين تجد بعض الدّعم من القرآن الكريم، حيث إن الفعل (يقرأ) لا يتردد كثيرًا مثل الفعل (يتلو)، فعبارة (تلاوة القرآن) أكثر استخدامًا من قراءة القرآن (1).
(1) (بالرجوع للمعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم الذى أعده محمد فؤاد عبد الباقى نجد أن الآيات التالية قد استخدم فيها لفظ التلاوة وما اشتق منها فى جميع الآيات الدالة على ذلك.
{قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ. .} يونس آية 16، {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ. .} الأنعام آية 151، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا} الكهف آية 83، {. . وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ =
وفى المخطوطات الكوفية الأولى نجد كلمة قرآن تكتب بدون همزة مما جعل بعض المؤلفين مثل قتادة وأبى عبيدة يقولون بأن كلمة قرآن مشتقة بين قَرَنَ بمعنى جمع الشئ (انظر مبحث ف. شفالى F. Schwally الآنف ذكره عن تاريخ القرآن).
(المترجم: ورد فى لسان العرب لابن منظور وهو أوسع المعاجم العربية التقليدية على الاطلاق فى مادة قرن: ". . والقرآن لمن لم يهمزه جعله من الفعل قرن لاقتران آياته. قال ابن سيده: وهو عندى على تخفيف الهمز. . ") إلا أن ما ينقض هذا الرأى الأخير وهو كون القرآن مشتق من الفعل قرن أن حذف
= مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ. . .} النمل آية 92، {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا. . .} يونس آية 61، {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ. .} العنكبوت آية 48، {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ. .} البقرة، آية 44 {نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى. .} القصص آية 3، {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} آل عمرآن آية 58، {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ. .} البقرة آية 252، {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ. .} آل عمران آية 108، {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ. .} الجاثية آية 6، {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ} البقرة آية 129، {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا} البقرة آية 151، {إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} آل عمران آية 164، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا. .} القصص آية 59، {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} الجمعة آية 2، {رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ} الطلاق آية 11، {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً} البينة آية 3، {. . . وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ. . .} البقرة آية 113؛ {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ. .} آل عمران آية 113، {. .يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا. .} الحج آية 72، {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} فاطر آية 29، {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ} الزمر آية 71، {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ. .} البقرة آية 121 {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ. .} المائدة آية 27، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا. .} الأعراف آية 175، {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ. .} الكهف آية 27، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ} الشعراء آية 69، {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ} العنكبوت آية 45، {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} آل عمران آية 93، {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} الأنفال، آية 2 {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ. .} آل عمران آية 101، {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا. .} الأنفال آية 31، {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ. .} يونس آية 15، {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} مريم آية 58، {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا. .} مريم آية 73، {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ. .} الحج آية 72 {قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ} المؤمنون آية 66، {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} المؤمنون آية 105، {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا. .} لقمان آية 7، {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا =
الهمزة هو أحد خصائص لهجة أهل مكة (المكرمة) كما أنه هو ما دأبت عليه المصاحف الكوفية الأولى المخطوطة، وأن كلمة قرآن مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالفعل (قرأ) فى النص القرآنى نفسه. والنتيجة الراسخة التى نخرج بها هى أن كلمة "قرآن" ترجع إلى القرآن ذاته. إنها كلمة قرآنية. . . قرآنية تمثل الكلمة السريانية قريانا Keryana لكنها اشتقاق على وزن فُعلان من الفعل قرأ (1).
وقد ورد الفعل (قرأ) فى القرآن الكريم سبع عشرة مرة، وعادة ما يكون بمعنى رتّل لكنه. أحيانًا يكون بمعنى القراءة الجهرية، (أى بصوت مسموع غير مهموس)، وحينما يكون الفعل
= رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ. .} سبأ آية 43، {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا. .} الجاثية آية 8، {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} الجاثية آية 25، {. . أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ} الجاثية آية 31، {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} آية 7 الأحقاف، {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} القلم آية 15، {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} المطففين آية 13، {. .قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} النساء آية 127، {. .أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ. .} المائدة آية 1، {. .إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} الإسراء آية 107، {. .وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ. .} الحج، آية 30 {وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا. .} القصص آية 53، {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ. .} العنكبوت آية 51، {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} الأحزاب آية 34 {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ} الصافات آية 3، 4 {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ. .} البقرة آية 121. والمطالع للآيات الكريمة التى أوردناها آنفًا يجد أن لفظ تلاوة ليس قصرًا على القرآن الكريم فقط فقد أشارت الآيات الكريمة إلى تلاوة التوراة أيضًا، وتلاوة آيات اللَّه البينات بشكل عام، وتلاوة الأخبار أو الأنباء {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ} أو نبأ نوح. . إلخ، لذلك نرى أن ما ذهب إليه هنا المستشرق من ارتباط التلاوة بالقرآن الكريم أكثر من ارتباطه بمادة قرأ فيه شئ من المبالغة ليخلص إلى أن كلمة قرآن سريانية وليست عربية من قرأ.
وقد ورد فى المقال ما ذكرته المعاجم العربية عن مادة قرأ.
من هذه النصوص التى سقناها يتضح أن كلمة "قرآن" كلمة عربية أصيلة، وأن القرآن الكريم ارتبط بالقراءة والتلاوة على سواء، وليس من مبرر لتلمس أصول أجنبية للكلمة سواء سريانية أو غير سريانية، والتشابه بين قرآن العربية، وقريانا السريانية لا يمكن تفسيره سوى بأن اللغتين من أصل واحد فكلاهما سامى "مجموعة اللغات السَّاميّة".
(1)
أشار المؤلف إلى قراءة القرآن وتلاوة القرآن لكنه لم يشر إلى ترتيل القرآن وقد استخدم فعل الترتيل أيضًا فى القرآن الكريم ذاته فى سورة الفرقان آية 32 {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} وسورة المزمل آية 4 {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} ومعنى الترتيل كما ورد فى لسان العرب لابن منظور "الرِّتل =
(قرأ) يعنى بشكل واضح (رتل) فعادة ما يكون المرتل هو محمد [صلى الله عليه وسلم] كما فى سورة القيامة آية 18.
والنحل آية 98 {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} وسورة الإسراء، آية 45 {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} وآية 106 {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} . . إلخ، ولكننا نجد فى بعض الآيات التى نزلت فى الفترة الأولى ما يشير إلى أن اللَّه سبحانه هو الذى يقرأ الوحى (القرآن) بنفسه، كما فى سورة القيامة، آية 18 {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} (1).
ونسبت القراءة للمسلمين فى آية أخرى متأخرة، كما فى سورة (المزمل) فى قوله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ {الْقُرْآنِ} وقوله أيضًا {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} . وارتبطت كلمة (قرأ) فى أربع آيات أو خمس دائمًا بكلمة (كتاب). وفى سورة (الإسراء) آية 93 {. . وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} وتشير آيات ثلاث إلى الكتب المدوّنة التى تقرأ يوم القيامة (يوم الحساب) كما فى سورة (الإسراء) آية 14 {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} وآية 71 {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} وآية أخرى فى سورة (الحاقة) هى الآية رقم 19 {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ
= حُسْنى تناسق الشئ. . ورتَّل الكلام أحسن إبانته وتمهّل فيه، والترتيل فى القراءة الترسُّل فيها والتبيين من غير بَنحى. . قال ابن عباس: ما أعلم الترتيل إلّا التحقيق والتبيين والتمكين، أراد فى قراءة القرآن وقال مجاهد: الترتيل: الترسّل. . قال ابن عباس: ورتل القرآن ترتيلًا أى بينه تبيينًا، قال أبو اسحق والتبيين ألّا يعجل فى القراءة، والتبيين أن يبيّن جميع الحروف ويوفيها حقها من الإشباع. . وفى صفة قراءة النبى [صلى الله عليه وسلم] أنه كان يرتل آية آية، والترتيل ضد العجلة. . . إلخ")
(1)
نفضل هنا أن ننقل ما ذكره المفسرون لهذه الآية الكريمة. يقول ابن كثير فى تفسيره: . . ثم قال تعالى {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} أى فى صدرك وقرآنه أى أن تقرأه، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} إذا تلاه عليك المَلَك عن اللَّه تعالى {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} أى فاستمع له ثم اقرأه كما أقْرأتك. .) [المترجم]
هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} ووردت كلمة (يقرأ) مرة واحدة مقرونة بالكتاب فى سياق الذين يقرأون الكتاب قبل الإسلام وربما كان المقصود بهم اليهود والنصارى المعاصرين لمحمد [صلى الله عليه وسلم]، وذلك فى الآية رقم 94 فى سورة (يونس):{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} وقد رأى بعض الباحثين -على حق- فروقًا دقيقة فى الاستخدام القرآنى للفعل قرأ، لذا فقد ترجم هذا الفعل إلى الألمانية فى السياق القرآنى بكلمات مختلفة مثل:
- Vozitieren - Verlesen - Lesen
- vortragen
ومع هذا فلا توجد فروق كبيرة فى الاستخدام القرآنى لهذا الفعل أكثر من أنه إذا كان بمعنى يتلو فإن ذلك معناه القراءة من صحف مكتوبة، وإذا كان معناه يقرأ فالمقصود هو القراءة بصوت مسموع. ومعظم آيات القرآن الكريم نزلت فى فترة امتدت لسنوات عشر تقريبًا بدأت عندما شرع محمد [صلى الله عليه وسلم] فى أداء الصلاة علنا وانتهت فى زمن مقارب لغزوة بدر سنة 624 م. ومن المحال أن نؤرخ لآيات النص القرآنى بدقة، لكن التطور العام للاستخدام القرآنى لكلمة القرآن واضح الوضوح كله (ويلاحظ أن جميع الملاحظات التى نذكرها عن تاريخه فى هذا المقال هى ما توصل إليه كاتب هذا البحث). وفى معظم الحالات كانت هذه الاستنتاجات والتحليلات متوافقة مع ما ذهب إليه الباحث "رتشارد بل" الذى أرخ لآيات أكثر ما أرخ للسور.
1 -
من بين المعانى الأولى للقرآن الكريم أنه "نص للتلاوة أو نص يتلى" وقد ظهر هذا فى آيتين حيث يخاطب اللَّه سبحانه نبيه [صلى الله عليه وسلم] محمدا قائلا: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} سورة القيامة، وتبين الآيات التالية مدى ارتباط القرآن الكريم بالصلاة فقد جاء فى سورة الإسراء {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} .
2 -
ونجد أن القرآن الكريم يعنى فى بعض الآيات أنه نص مفرد يتلوه محمد [صلى الله عليه وسلم] فقد أخبر اللَّه سبحانه وتعالى نبيه فى سورة (الجن) آية (1) أن نفرًا من الجن استمعوا إليه وهو يقرأ القرآن {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} ، وانظر سورة يونس آية 61 وسورة الرعد آية 31 وكذلك يونس آية 15.
3 -
وفى الغالبية العظمى من الآيات التى تعود فى غالبها إلى الفترة المكية وبدايات الفترة المدنية يصبح للقرآن معنى متشابكا يشتمل على عدة عناصر. فهو (تنزيل) أنزله اللَّه سبحانه على محمد [صلى الله عليه وسلم] وهذا واضح من سورة طه آية رقم 2 وما بعدها وكذلك الآية رقم 23 من سورة الإنسان {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا} . ومن آيات أخرى نفهم أنه نزل مفرّقا (منجّما) وهذا واضح من سورة الإسراء، آية رقم 106 {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} ، ومن سورة الفرقان، آية 32 {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} ويبدو من بعض الآيات أن ثمة قرآنا آخر لم ينزله اللَّه سبحانه على نبيه، فالقرآن الكريم قد أنزل اللَّه منه جزءا على نبيه والباقى عنده سبحانه، وهذا يمكن أن نخلص به من الآية 82 من سورة الإسراء {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} (*).
وفى سياقات أخرى يُقصد بالقرآن مجموع ما أوحى به اللَّه إلى محمد [صلى الله عليه وسلم] ليتلوه، وذلك واضح من سورة (النمل) آية رقم 92 {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ} ، وسورة (النحل) آية 98 {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} وسورة (الإسراء) آية 45 {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} .
(*) الآية الكريمة التى استشهد بها المؤلف لا تعنى الاستنتاج الذى خلص إليه منها. (المترجم)